الفصل الثاني

429 11 0
                                    

هجمة مرتدة

تمايلت بخصري الرشيق أمام المرآة مزهوة بتصفيفة شعري التي زادتني جمالا؛ قمت بتجديله على شكل ضفيرة فرنسية جملية وذلك من أجل إظهار جمال قرطيّ الجديدين اللذين اشترتهما أمي من أجلي البارحة.

كان القرطان كبيرين وجميلين ومصممين على شكل لوزتين تتوسطهما جواهر مرصعة، أحببتهما كثيرا لأنهما ملفتان وجذابان.

انطلقت لأركب المواصلات العامة لأصل المدرسة من فوري حتى لا أتأخر وأنال العقاب من السيدة إستبرق. ولله الحمد أنني وصلت قبل قرع الجرس صباحا.

لمحتني صديقاتي من بعيد فهتفت لي ميس بفرح كبير تناديني:

" رغد! نحن هنا!"

تحمست كثيرا وجريت لأتجه نحوهن لأتباهى بقرطي الجديدين وأسمع مديحهن عن جمالهما، لكنني فوجئت بقامة طويلة تسد علي الطريق عمدا. كدت أصطدم به لولا توقفي المفاجئ، شحب وجهي وأنا أتأمل هذا الصدر المتين أمامي فقد شككت بهويته، وأخيرا تجرأت ورفعت بصري إلى الأعلى. والتقت عيناي المرتعدتان بعينيه المشتعلتين استياءً. سألته وأنا أحاول ازدراد ريقي:

" أستاذ آدم؟ ما.. ماذا فعلتُ هذه المرة؟ قدمت للتو!"

لم أعلق مع أحد بعد ولم أفتعل شجارا! لماذا أوقفني؟ يا ويلي هل يعقل أنني لم أتقن عملي في الأمس واستقبلني حتى يوبخني؟ أو أن أحمد وشى بي بأنني من وضع اللبان على الكرسي!

وأخيرا أجاب ليخرجني من فقاعة تساؤلي:

" ما تلبسينه في أذنك ملفت جدا، ويتخالف مع قوانين المدرسة وأنت بالتأكيد على علم بذلك!"

مد يده باتجاهي آمرا بحدة:

" سأصادره سلميه لي الآن!"

رمقته بنظرة منزعجة رافضة أمره، فحدجني بنظرة تنم عن قلة صبره، ثم قال مهددا:

" لا تنظري إلي هكذا ولا تؤخريني سلميني القرطين حالا وإلا نزعتهما بيدي!"

وضعت يدي بسرعة على أذني عقب تهديده، هل يمكن أن يتجرأ ويمد يده علي متجاهلا جرأة هذا التصرف؟ شككت بأنه قابل على إقدامه على تصرفه،لأن نظراته المهددة لم تبشر بخير، اقترب أكثر ليبرهن لي ألا شيء يمنعه عن تنفيذ تهديده، وبسرعة هممت بنزع القرط الأيمن بيد مرتجفة، فالغضب المرسوم على ملامحه ينبؤني بأنه سيقتلع أذني مع القرط إن تركته يفعل ذلك.

جعلني خوفي منه أخلع القرطين بسرعة رهيبة لدرجة آلمت أذني، لكنني تحاملت على الألم حتى لا أظهر ضعفي أمامه وألقيتهما في كفه الممدود أمامي.

ما إن ولى ظهره لي حتى خانتني دمعة انسكبت من عيني قهرا، قليلون جدا من يتمكنون من رزع شعور بالهوان في داخلي. أسرعت صديقاتي باتجاهي قبل أن يبتعد أكثر وأخذن يتساءلن عمَّ كان يريد مني، فبكيت وأنا أشرح لهن قائلة:

حب أم حماقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن