الفصل الاول

4.7K 79 5
                                    

الفصل الأول

( مأساة عائلة )

المحتوى الان غير مخفي
بالكاد تمكنت ليندا من إيقاف الباص في الوقت المناسب أمام مدخل الحارة التي تقيم فيها .. توقف السائق متذمرا من تنبيهها له بعد تجاوزه للموقف بعدة أمتار .. ترجلت بسرعة مخفية حرجها من شرود ذهنها عن الطريق .. وقفت فوق الطريق باضطراب شديد .. في قلب الازدحام المميز لهذه المنطقة الشعبية في هذا الوقت من النهار .. غير واعية لنظرات الناس العابرة لها في تأمل سريع لكيانها الضئيل الذي جعلها تبدو أشبه بطفلة تائهة

لم تكن ليندا بارعة الجمال .. كانت مميزة الشكل فحسب .. بشرة قمحية كانت دائمة التورد ذات يوم .. عينان واسعتان بلون الذهب تشعان في قلب وجهها ببريق حائر يبدو وكأنه يستجدي الحماية من الآخرين .. أنف صغير الحجم وفم ناعم لم يبتسم حقا منذ مدة طويلة .. كلل هذا المظهر شعر فاحم السواد رفعته بعيدا عن وجهها .. وبنية جسدية صغيرة بالكاد تجاوز طولها المائة وسبعة وخمسين سنتيمترا .. حتى ملابسها الرسمية الأنيقة التي اشترتها من متجر للملابس المستعملة .. لم تستطع منح مظهرها الجدية اللازمة .. ماذا عليها أن تفعل الآن ؟ .. هل تعود إلى البيت ؟ .. وكيف ستبرر لعادل مغادرتها مقر عملها قبل ساعات من انتهاء الدوام ؟ .. هل تخبره الحقيقة ؟ .. بأنها قد طردت من عملها .... مجددا ؟

في المرة الأولى التي طردت فيها قبل أكثر من عام .. تمكنت من اختلاق عذر مقنع بدلا من إخباره بالحقيقة المخجلة .. إذ أنه ليس بحاجة إلى المزيد من خيبات الأمل .. هل ستكذب عليه هذه المرة أيضا ؟.. أم تكون صريحة .. وتخبره بان (نادر عزمي) الذي تعمل لديه بالكاد منذ ستة أسابيع .. قد عرض عليها علاوة مجزية مقابل تقديمها له بعض الخدمات الجنسية بعد انصراف باقي الموظفين في نهاية نهار العمل ؟

أغمضت عينيها بقوة للحظات .. ثم فتحتهما .. وجذبت حزام حقيبة يدها الجلدية الصغيرة لتحكم وضعها فوق كتفها ..وسارت تخترق صفوف المارة الذين تدافعوا فوق الرصيف الضيق .. واتجهت عبر بضع شوارع جانبية نحو المبنى الذي تقيم فيه عائلتها منذ أربع سنوات

تجاوزت المدخل الذي تجمعت القاذورات في زواياه .. واعتلت الدرج المهترئ الذي فاحت منه الروائح المختلفة المنبعثة من خلف الأبواب العتيقة .. وأحست بالحسرة وهي تتذكر شقتهم القديمة .. التي كانت رغم بساطتها .. أفضل من عش الفئران الذي قدر لهم الانتقال إليه

مقر إقامة العائلة الحالي .. كان عبارة عن شقة صغيرة إضافية بنيت على السطح .. مكونة من غرفتي نوم .. وصالة صغيرة .. ومرفقات متواضعة .. فتحت الباب المعدني .. فأصدر صريرا وهو يتحرك أمامها .. دعت الله أن يكون عادل خارجا في هذه اللحظة .. ثم تذكرت بأنه نادرا ما يترك الشقة

الصالة المؤثثة بأريكتين قديمتين .. وطاولة صغيرة اعتلاها جهاز تلفزيون قديم الطراز .. ومكتب مهترئ في الزاوية مخصص لعمل عادل .. وقد اكتسى سطحه بأوراقه المبعثرة .. كانت خالية

مرت من هنا الجزء الثانى من سلسلة للعشق فصول لكاتبة بلومىDonde viven las historias. Descúbrelo ahora