الفصل الاول

Start from the beginning
                                    

وقبل أن تتنفس الصعداء .. أتاها صوته قادما من باب المطبخ يقول بعصبية :- ما الذي تفعلينه هنا ؟

التفتت إليه بتوتر .. وهي تراقبه يتجاوز مدخل المطبخ بصعوبة معتمدا على عصاه الخشبية الثقيلة .. بينما علا القلق وجهه الذي كان وسيما فيما مضى .. أما الآن فقد اكتسى بالشحوب .. وقد غطت لحية خفيفة وجنتيه الغائرتين وذقنه .. بينما أحاطت هالات سوداء عينيه البنيتين

قالت متوترة وهي تشد أصابعها حول حزام حقيبتها العريض :- لقد أخذت إذنا للمغادرة باكرا كي أتمكن من مرافقة أمي إلى المستشفى .. أين هي ؟

من الغريب كيف تنساب الكذبات المتقنة من أفواهنا دون تخطيط عند الحاجة .. بينما كانت تفكر بهذا .. قال بخشونة :- تعرفين بأن مواعيدها تكون عادة في الصباح الباكر .. وأن منى من يرافقها عادة .. لم لا تكفين عن اللف والدوران .. وتقولين الحقيقة مرة واحدة ؟

نظرت إليه باضطراب فأخذ نفسا عميقا وقد خمن وحده ما حدث :- لقد خسرت عملك .. أليس كذلك ؟

صاحت بيأس :- لم يكن ذنبي هذه المرة

تحرك أمامها نحو الصالة .. فراقبت قامته النحيلة والطويلة بالملابس البسيطة التي بدت واسعة عليه ورددت :- لم يكن ذنبي يا عادل

ألقى نفسه على إحدى الأريكتين ممددا ساقه اليمنى أمامه .. مسندا عصاه إلى جانبه قائلا بجفاف :- ما الذي حدث ؟

حكت له ما حدث باختصار دون شرح للتفاصيل وهي تتحاشى النظر إلى عينيه .. فأجفلت عندما ألقى عصاه بعيدا بعنف وهو يشتم بغضب .. هتف من بين أسنانه :- الحقير

اقتربت منه قائلة :- عادل .. أرجوك .. إهدأ

قال بمرارة :- كيف تريدينني أن أهدأ وأنا أرى شقيقتي الصغرى تهان وتحتقر من قبل أشخاص عديمي الضمير والأخلاق .. وأنا عاجز عن حمايتها والانتقام لكرامتها منهم ؟

هزت رأسها قائلة :- لا داعي لهذا .. فقد تركت العمل على الفور .. دون حتى أن أرد عليه .. الأمر لا يستحق أن ...

قاطعها صارخا :- لا يستحق ..!!.. تمس أختي في شرفها وأخلاقها .. ألا يستحق هذا أن أهب لآخذ حقها ؟ لو أنني لم أكن عاجزا وضعيفا ..

هتفت بألم وهي ترى عذابه الشديد :- لا تقل هذا يا عادل

ضحك بسخرية مريرة :- هذه هي الحقيقة يا لندا .. أنا لم أعد رجلا حقيقيا منذ سنوات .. منذ أقعدني عجزي في البيت ومنعني من حماية عائلتي وحتى من إعالتها

أسرعت تقول بحرارة :- أنت تبذل جهدك

أشار نحو الطاولة المهترئة .. والملفات المتناثرة عليه قائلا بازدراء :- هل تسمين قيامي ببعض أعمال المحاسبة المأجورة في البيت عملا ؟ .. بالكاد يكفي ما أجنيه ثمنا للطعام .. الكل يرفض منحي وظيفة حقيقية بسبب إعاقتي وعجزي عن القيام بعمل رجل سليم .. وها أنت تتحملين مسؤولية تفوق قدرة شابة في عمرك تتنقلين من وظيفة إلى أخرى متحملة سوء المعاملة والاستغلال بحثا عن دخل إضافي يساهم في حل مشاكلنا التي لا تنتهي

مرت من هنا الجزء الثانى من سلسلة للعشق فصول لكاتبة بلومىWhere stories live. Discover now