الفصل الرابع

1.7K 141 21
                                    

الفصل الرابع

عندما نعيش لأنفسنا تبدو تلك الحياة بلا معنى ولكن حين نعيش لغيرنا نبدأ في تذوق هذه الحياة ندرك أنها لن يكون لها أي معنى بغيابهم لذا نبذل قصارى جهدنا من أجل الحفاظ عليهم والنضال من أجلهم فدونهم نعود مجددا لحياة فقدت أجمل مافيها... روحها.

_انت عايز تاخد صلاح مني؟

لم يجبها وإنما فقط تطلع إلى ملامحها المستنكرة بهدوء، لتقول بحدة:
_جايين دلوقتي تاخدوه مني، كنتوا فين من سنة كاملة؟ سنة فقدت فيها أختي وجوزها.. سنة خدته فيها وهو لسة حتة لحمة حمرا مولود قبل أوانه بشهر كامل، كنتوا فين وانا سهرانة جنبه طول الليالي بصارع الموت عشان مياخدوش زي ماخد اختي مني؟ كنتوا فين وأنا بحاول بكل قوتي أوفق بينه وبين شغلي؟ كنتوا فين وانا بتعلق بيه كل يوم اكتر من اللي قبله؟ أنا روحي بقت فيه وعلى جثتي ياماهر بيه، صلاح مش هيفارق حضني ولو فيها موتى.. انت فاهم؟

لا ينكر أن دفاعها كلبوة شرسة عن الصغير أعجبه ولكن بالتأكيد لم يظهر على وجهه أي تعبير فهو يجيد إخفاء مشاعره جيداً، ليقول ببرود:
_احنا مكناش نعرف عنه حاجة...

قاطعته قائلة بحدة:
_مش مشكلتي انا حاولت أقولكم رغم انكوا كنتوا رافضين الجوازة دي ومحملاكم ذنب موتهم  بس ضميري مسمحليش يكون لكم طفل من دمكم وانتوا متعرفوش.. لما اتصلت بيكم عشان أقولكم خدامتكم بلغتني رسالة حضرتك بالحرف.. علاقتكم خلصت خلاص بعيلة نصار وانك شخصياً_ماهر بيه بدران_ مش عايز تلمح أي مخلوق بيجري الاسم في دمه.. مش كدة؟صلاح بيجري في دمه دمنا ياماهر بيه.. ليه دلوقتي عايزينه؟

لأول مرة تتصدع ملامح هذا الرجل الوسيم أمامها وتظهر لمحة من الحزن ربما لم يستطع إخفاؤها للحظات كانت كافية لتلاحظها مروة وتتعجب لها قبل أن يشيح عنها بوجهه مستديرا وهو يقول:
_انتِ متعرفيش ظروفنا في الوقت ده كانت عاملة إزاي، والدتي لما عرفت بخبر موت صلاح جالها جلطة عملتلها شلل وكانت بتصارع الموت وده اللي منعني أنزل القاهرة وقتها عشان آخد أخويا اسكندرية وأدفنه في مقابر العيلة بنفسي،  وبعت مدير أعمالي.

_مقدرتش تفرق بينهم في الحياة بس قدرت تفرق بينهم لما ماتوا وكل واحد اندفن لوحده في مكان بعيد عن التاني لكن أرواحهم هتفضل متعلقة ببعض لحد الجنة ياماهر بيه.

_مش هجادلك في الماضي ولا هبرر لنفسي، اللي حصل حصل واعتبرته انتهى بموت أخويا ولما جالي تليفونك  مكنتش اتخيل إنك عايزانى عشان تقوليلي على صلاح، أنا إفتكرتك....

صمت للحظة فقالت هي بإستنكار:
_افتكرتني طمعانة في فلوسكم مش كدة؟

استدار يواجهها، نبرات صوتها وملامحها الشفافة يؤكدان له انه كان مخطئاً كلية ولكنه كعادته لن يعترف بأخطائه فلن يسمح للضعف أن يتسلل لقلبه مجدداً، لذا فقد نفض عنه مشاعره قائلاً ببرود:
_مش قضيتنا دلوقتي إيه اللي حصل في الماضي، المهم الحاضر والمستقبل.. وحاضر ومستقبل صلاح معانا هيكون أحسن بكل تأكيد.

ذات الكتاب الأحمرWhere stories live. Discover now