الفصل الأول

Comincia dall'inizio
                                    

أغمضت عيناها قائلة بألم:
_كلهم شافوه عريس كويس الا انا، م الأول وأنا قلت لبابا بلاش.. مش مرتاحاله، قالي ده صنايعي وكسيب ومامته ست طيبة والحارة كلها تشهد بكدة.. سلمت أمري لله واتجوزته رغم عدم اقتناعي واهي دي النتيجة.

لتفتح عيناها تطالعها مردفة:
_مع الأسف انا شفت اللي جواه من الأول بس مقدرتش أعمل حاجة وهعمل إيه بس بعد الفاس ماوقعت على الراس، قلة تعليمه عملتله مشكلة نفسية لدرجة انه شاف في تعليمي خطر عليه ومنعني اشتغل لغاية لما الديون كترت والورشة اتحجز عليها وقتها بس سمحلي أشتغل عشان اصرف عليه وعلى البيت، صحيح الشغل مش حرام ولا عيب بس أمثال أيمن وأشرف اللي في الراحة والجاية يسموني بكلامهم خلوني بجد أفكر في حل واحد ملوش تاني.

انتفضا على صوت قوي يأتي من خلفهما قائلاً:
_حل إيه ده ياسعاد؟

استدارا ليطالعا شاباً وسيماً أسمر البشرة عيناه كلون ليل سرمدي يطالع سعاد بنظرة ثاقبة تخللها بعض الحنان، للحظة شعرت سعاد بالضعف أمام هذا الرجل الذي لم يكن سوي محمد ابن خالتها وزميلها بالمدرسة، تعلم أنه بات يدرك بدوره ماأخفته سنوات عن العائلة متظاهرة بالسعادة في حياتها الزوجية حتى هدم زوجها كل هذا حين أخرجها البارحة أمام كل أهل الحارة يسبها ويضربها لإنها تأخرت قليلا في المخبز، يطردها من منزلهم بلا رحمة تذوذ عنها حماتها بكل قوتها ولكن لا فائدة ومن يستطيع الوقوف أمامه حين يكون في هذه الحالة، مُتعاط لسم يسري في أوصاله دون أن يدري، يجعله ظالماً قاسياً حتى على أقرب البشر إليه_أمه_ التي دفعها بقسوة لتسقط أرضا ثم كال السباب لهما سوياً ودلف بعدها إلى المنزل يصفع الباب خلفه..توسلت إليها سعاد أن تأتي معها لمنزل ذويها ولكن هذه السيدة الطيبة أبت وأخبرتها أنها ستبيت لدي صديقة وفي الصباح  ستتبدل أحواله مجددا ليأتي ويعيدها، كم هي طيبة القلب الست صفية، مازال لديها أمل في صلاح حال ولدها بينما فقدت سعاد كل أمل في هذا.

أفاقت على سؤال محمد الذي ردده مجددا على مسامعها لتعتدل آخذة نفس عميق قبل أن تقول بثبات:
_ هسيب الشغل في المخبز وهطلب نقلي من هنا، وده قراري النهائي.

شهقت مروة بينما عقد محمد حاجبيه بقوة لتتجاهل نظراته التي تنفذ إلى أعماقها وهي تبتعد عنهما بخطوات ثابتة، تطلع كل من مروة و محمد إلى بعضهما البعض بحزن قبل أن يتابعاها مجدداً بنظراتهما الحزينة.

          __________________

لطالما أحب طاهر  هذا المكان الساحر، يجذبه بدفء فيوقظ حواسه ماإن يدلف من بابه، يُشعره براحة غريبة لا يضاهيها سوي هذه الراحة التي يشعر بها حين يطالع قسمات طفل صغير يبتسم ببراءة، ففي هذه المساحات المفتوحة وتلك الموسيقى المتدفقة الناعمة والوجوه العديدة المختلفة مايطلق العنان لمخيلته فيستطيع إحاكة قصة في خياله تكون نواة لرواية جديدة تضاف لإبداعاته كما يطلق عليها جلال صاحب دار النشر التي يخصها بكتاباته.
لكن في الأشهر الأخيرة وجد شيئاً آخر يجذبه لهذا المكان، لا ينسى اليوم الذي كان يشرب فيه فنجال القهوة الخاص به والذي يفضله دون غيره وتميز هذا المكان بتقديمه بطريقة مثالية.. ليرفع فنجاله إلى ثغره يغمض عيناه ورشفة تبلل شفتيه ثم تداعب حلقه بطعم لا مثيل له يرسله إلى الجنة مع كل قطرة وحين فتح عيونه ونظر إلى الأمام وجدها تقف هناك تتطلع إلى المكان تبحث عن طاولة خالية على الأغلب.. جميلة بل فاتنة لا تضاهيها اي فتاة رآها من قبل تسلب الألباب منذ اللحظة الأولي، وقعت عيناها على الطاولة الخالية البعيدة عنه بعض الشيء تقدمت بإتجاهها وجلست برقة، تقدم منها النادل فأخبرته بطلبها.. ثم ابتعد عنها فأخرجت كتاب أحمر الغلاف وفتحته ثم خطت فيه بقلمها بضع كلمات.. ليأتي النادل ويضع أمامها فنجالاً من القهوة التركية كخاصته، رفعت الفنجال لثغرها وأغمضت عيناها للحظات فرفع هو رايته البيضاء في هذا الوقت وهو يدرك أن سهم الحب أصابه ولا سبيل له سوي الاستسلام للحب.

ذات الكتاب الأحمرDove le storie prendono vita. Scoprilo ora