بدأ خالد يعمل بقوة.. لا يشغل تفكيره شيء سوى أن يوّفر ثمن كتابه.. يمر اليوم تلو الآخر، يعلم أن عمله شاق للغاية، ولكنه يدرك أنه العمل الأكثر ربحا في زيكولا.. يحاول أن يحفز نفسه بأن ينافس يامن كل يوم في تكسير تلك الصخور.. ويضحك حين يجد فتاة أو أخرى تنظر إلى جسده القوي اللامع تحت أشعة الشمس.. فيكمل عمله، ويترك يامنا ليداعب تلك الفتيات.. حتى ينتهي من عمله فيذهب إلى ذلك المطعم كي يتناول غذاءه.. ويبتسم حين يجد الكثير من العمال يأكلون الدجاج بينما أصبح هو الوحيد الذي يأكل خبزا.. ثم يعود إلى البحيرة فيلقي بجسده في مائها ثم يستلقى على شاطئها.. ويخرج أوراقه وأقلامه ليسجّل ما حصل عليه من وحدات، وما تبقى له على ثمن الكتاب، وما تبقى له من أيام.. حتى تأتي أسيل فتجلس بجواره لبعض الوقت ثم تعود إلى بيتها بينما يظل هو ساهرا حتى يغلبه النعاس.. فينام حتى صباح اليوم الذي يليه. حتى جاء يوم وانتهى من عمله.. ففوجئ بفتاة تقترب من بعيد ودق قلبه صاخبا حين وجدها تشبه "منى" - الفتاة التي أحبها لسنوات طويلة قبل أن يأتي إلى زيكولا-
156

حتى مرّت بجانبه فوجدها تختلف عنها قليلا.. واندهشت حين وجدته ينظر إليهافي ذهول ، حتى يامن أصابته الدهشة هو الآخر.. فسأله مداعبا له:
- هل تعجبك؟!.. إن كنت تريد أن تتزوجها، أخبرني فقط ..
فضحك خالد:
- لا.. شكرا..
بعدها غادر ، ولم يتجه إلى المطعم تلك الليلة كعادته بل ذهب إلى شاطئ البحيرة، وعقله منشغل بتلك الفتاة التي تشبه منى.. وكأنه تذكر سنوات مضت، و حدث نفسه :
- منى؟! ثم أكمل:
- يا ترى اتجوزتي الدكتور ولا لا؟!
ثم جلس على شاطئ البحيرة أمام نار أوقدها، وأخرج ورقة من أغراضه.. نصفها العلوي مليء بكتاباته.. وبدأ يكتب بنصفها السفلي:
- لم تعد سوى أيام قليلة على إتمامي الشهرين، وأذهب كي آخذ كتابي.. ولكنني قد قابلت اليوم فتاة تشبه منى التي أحببتها ست سنوات.. وكانت أمنية حياتي أن أتزوجها ذات يوم.. لولا أبوها المجنون .. ثم صمت مفكرا قليلا ثم أكمل كتابته:
لا أعلم ما سر أن أجد تلك الفتاة اليوم.. هل لأتذكر منى بعدما لم أفكر بها منذ دخولي زيكولا.. حين انشغل عقلي بالبحث عن كتابي.. لا أعلم..
ثم توقف، ونظر بعيدا إلى البحيرة، وأخذ نفسا عميقا وأخرجه ببطء.. ثم نظر إلى الورقة والتي امتلأت بالكتابة عدا جزءًا صغير بأسفلها، فكتب به:
- ما أعلمه جيدا أنني لم أحب غير منى طوال عمري.
وانتهت الورقة التي يكتب بها، فأخرج ورقة أخرى ونظر إلى الورقة السابقة حيث انتهى ثم أكمل:
157

- لم أحب غيرها طوال عمري قبل أن آتي إلى زيكولا..حتى وجدت أسيلا التي يزداد شعوري كل يوم بحبها لي.. أما أنا فأشعر تجاها ب...
حتى شعر بأقدام تقترب من خلفه..فوجد أسيلا تقترب، فضحك ثم أخفى أوراقه بين أغراضه.. واقتربت منه، وسألته:
- ماذا تفعل؟
فابتسم:
- ولا حاجة..
فصمتت ثم أكملت:
- كنت أتوقع أن أجدك تتناول طعامك بالمطعم.. وذهبت إلى هناك فلم أجدك.. يبدو أنك توّفر طعامك..
فقال ضاحكا: لا.. أنا مش بخيل للدرجة دي.. أنا فضلت إني آجي للبحيرة..
فابتسمت أسيل:
- إن البخل ليس عيبا هنا في زيكولا كما تعلم.. لقد بدأ أهالي زيكولا يدخرون ثرواتهم بالفعل بعدما شعروا باقتراب يوم زيكولا إن كان مولود الحاكم ذكرا.. ربما يكون بعد ثلاثة أشهر أو أكثر بأيام قليلة.. من يدري ؟!
ثم أكملت مبتسمة: لولا تلك الوحدات التي وفرها الكثيرون من آخذي وحدات الحماية لما أكلوا دجاجا حتى انتهاء ذلك اليوم.. وضحكت وأردفت:
- أتوقع أن يكون فقير هذا العام لديه أكثر من مائتي وحدة..
فضحك خالد :
- وأنا نفسي أسيب زيكولا قبل ما أشوف الفقير بيُذبح.. ثم سألها: وانتي مش عايزة تسيبي زيكولا؟
158

ارض زيكولاDonde viven las historias. Descúbrelo ahora