الجزء 5

4.8K 22 1
                                    

شعر خالد بالصدمة حين أخبره الفتى أن يوم زيكولا يُذبح به أفقر من يوجد بالمدينة.. و حدّث نفسه بأنه أفقر من بها .. وما معه من نقود لا تفيد بعدما تيقن من مواقفه السابقة أنهم لا يعترفون بها.. وإن كان حديث الفتى صحيحًا سيكون هو الضحية.. حتى قاطع تفكيره الفتى حين أكمل:
- في يوم زيكولا تجرى منافسة بين أفقر ثلاثة أشخاص بالمدينة..
أما غدا للأسف فسيذبح الشخص مباشرة دون منافسة بعدما نجح الآخران في الهرب.. آه لو رأيتهما بعينيّ ..
فتذكر خالد من قابلهما بالصحراء.. وقال بصوت عالٍ :
- المجانين؟ !!
فنظر إليه الفتى فتدارك خالد قوله، وسأله:
- تقصد إن الفقير تم اختياره فعلا؟
رد الفتى:
- نعم..
فتنفس الصعداء، وأخرج زفيرا طويلا، وشكر ربه في سره، وأكمل الفتى:
43

- المعتاد في زيكولا أن يُحبس الفقراء الثلاثة قبلها بأيام.. ثم تقوم بينهم منافسة الغنى والفقر.. الزيكولا.. ومن يخسر منهم يُذبح.. وبالطبع طالما هرب الاثنان سيُذبح الشخص الثالث.. ثم أشار إلى بيت مجاور :
- إنه من منطقتنا.. فنظر خالد إلى البيت، وتعجب:
- ازاي ده بيت فقير؟
بعدها تركه الفتى، ومضى ليلعب مع من معه..
***

جلس خالد مرة أخرى في مكانه.. يفكر بما يحدث له، ويتذكر ماذا حدث له منذ أن وجد نفسه بالصحراء.. وزاد إلحاحُ سؤاله الذي تعمد تجاهله دائمًا.. أين هو؟.. وأين زيكولا تلك التي لم يسمع عنها من قبل.. وعن أهلها المثيرين للدهشة؟.. بعضهم يبدو عاقلا.. والكثيرون لا ينتمون للعقلاء بشيء.. ثم انتفض جسده حين سأل نفسه ماذا لو انتقل به الزمن عبر السرداب إلى الماضي كما كان يقرأ دائمًا في الأدب الأجنبي.. ماذا؟.. هل هذا صحيح؟! (( لا.. لا.. إنه خيال.. إنني لم أسمع عن زيكولا.. ولم أقرأ عنها من قبل )) .. هكذا أجاب نفسه.. ثم علا صوته:
- بس ليه لأ؟
- الأحصنة اللي بتجر العربات.. ولبس الناس هنا.. مش معقول يكون لبس حد في القرن الواحد والعشرين.. الحاجات دي فات عليها قرون.
ثم عاد إلى نفسه: ممكن تكون دي بلد معزولة انت مسمعتش عنها.. وده زيّهم الوطني فعلا ..
فصاح إلى نفسه: بلد إيه.. كل اللي مشيته في السرداب حوالي كيلو أو اتنين بالكتير..
44

- أكيد أنا انتقلت في الزمن.. والدليل إنهم بيتكلموا عربي وميعرفوش مصر.. هو فيه منطقة بتتكلم عربي في العالم كله إلا الوطن العربي؟!!
ثم أمسك رأسه بيديه: أنا حاسس إني مش قادر أفكر.. أنا كنت أذكى من كده.. ثم نظر بعيدا: بس.. ده الدليل إني انتقلت للماضي..
قال ذلك حين وجد جماعة يحملون سيوفا ودروعًا وكأنهم جنود.. ويسيرون في صف واحد.. فوقف على قدميّه.. واتجه مسرعًا إلى الفتى الذي كان يمرح مع أصدقائه.. وجذبه من يده :
- أنا عايز اسألك سؤال واحد.. إحنا في سنة كام؟
فأجابه الفتى متعجلا :
- يبدو أنك تشرب الكثير من الخمر.. إننا في نهاية العام التاسع بعد الألفين يا سيّدي..
فعاد خالد بقدمه للخلف.. ودارت به رأسه حتى سقط و كأنه فقد وعيه.. فضحك الفتى و تحدث إليه :
- نعم سيّدي، أرى أن النوم قد يفيدك، ثم تركه ومضى..
***

ارض زيكولاWhere stories live. Discover now