الجزء 3

8.6K 34 1
                                    

كان الباب الخشبي يبعد عن خالد عدة أقدام.. ومازال خالد مُلقى على ظهره من شدة الإعياء حتى انتفض مجددًا، وتحرك بجسده تجاه هذا الباب، يزحف كأنه إحدى الزواحف.. لا يقوى أن يقف على قدميه، وينازع اختناقه كمن ينازع الغرق .. يتحرك بجسده، ويدفع بقدميه، ويستعين بذراعيه.. واضعًا مصباحه بين فكيّه..
يقاوم أكثر وأكثر.. و يحدّث نفسه أنه الأمل ، إنه سرداب فوريك.. حيث الهواء.. حيث الحياة، يهذي بكلمات يق وي بها نفسه.. ويقترب أكثر وأكثر من الباب.. ويدفع بقدمه في قوة.. حتى توقف جسده مرة أخرى بعدما خرّت قواه، ولم يكن يتبقى سوى أقدام قليلة نحو الباب..

تنظر عيناه إلى الباب.. ويحاول أن يمد ذراعه إليه لكنها لا تلمسه وكأنها استسلمت.. حتى صرخ صرخة قوية، وكأنه يجمع ما تبقى لديه من قوة، وقذف بجسده تجاه الباب كصخرة اندفعت نحو باب خشبي أذابه الزمن فانكسرت ألواحه.. واندفع بداخله ليجد جسده يهوى على سلم خشبي مغمضا عينيه يتدحرج كما تتدحرج الكرة حين تسقط على درجات سلم.. ولم يستطع السيطرة على جسده على الإطلاق.. يرتطم بين الحين والآخر.. ويزداد سقوطه أكثر أكثر.. ثم هدأ ارتطامه قليلا حتى توقف.. وقد فتح عينيّه ليجد نفسه في مكان مختلف تمامًا..
***

28

فتح خالد عينيه.. فوجد نفسه مُلقى على إحدى درجات السلم العريضة.. وقد انتعش صدره بالهواء كأنه ارتوى ببئر ماء بعد ظمأ شديد.. وزاد سروره حين وجد نفسه يرى كل شيء دون الاستعانة بمصباحه وقد زال ظلام النفق.. حتى وقف على قدميه، وصرخ:

- أنا في سرداب فوريك.. أنا في سرداب فوريك..

بعدها نظر إلى أسفل حيث لم ينته السلم بعد.. وأسرع إلى أسفل يخطو درجاته في أمل.. لا تعوقه آلام ارتطامه حين سقط.. يريد أن يكتشف كل شيء في وقت قليل قبل أن يختفي البدر.. ويتحدث إلى نفسه أن كل ما ذكره الكتاب حتى الآن قد وجده.. الهواء موجود بالفعل، وإضاءة البدر تنير له طريقه، وكأنها جُمعت لتزداد قوة إضاءتها داخل السرداب.. يالها من براعة هندسية.. ولكن ظل سؤاله إلى نفسه؛ ماذا اكتشف صاحب الكتاب؟!.. حتى انتهى السلم.. ووصل إلى نهايته، فوجد نفسه في السرداب..
***

وجد خالد نفسه أمام نفق كبير أكبر كثيرًا من النفق الذي مربه سابقا.. فارتفاعه يقترب من العشرة أمتار.. واتساعه يبلغ مثل ارتفاعه.. حتى سار به، وينظر إلى جدرانه الضخمة في دهشة كأنه في مزارٍ سياحيّ .. وأخرج قلمه وأوراقه.. وأخذ يكتب بعض السطور عمّا يراه.. ويتقدم أكثر وأكثر، ويسأل نفسه؛ كيف يوجد هذا السرداب الضخم أسفل بلده ولا يعلم عنه سوى صاحب الكتاب المجهول وبعض الأشخاص الذين لن يصدقهم أحد؟!!.. إنه قد يكون أعظم اكتشاف بالعصر الحديث.. وقد يجعل من بلده مزارا سياحيا.. يبدو أن الكاتب قصد باكتشافه، السرداب نفسه.. ويسير منبهرا ويتقدم.. ويضحك بهستيرية ، لقد انتهى الألم.. لعله يجد أحد الكنوز الآن..

ارض زيكولاWhere stories live. Discover now