الجزء 6

3.7K 20 0
                                    

تساءل خالد في لهفة:
- وانت عرفت ازاي؟
فابتسم يامن:
- إن وجهك أصبح شاحبًا بعض الشيء يا صديقي.. وأكمل :
- كلما قل ذكاؤك زاد شحوب وجهك وبدا عليك المرض.. هكذا نعرف من هو الغني ومن هو الفقير.. كلما تكسب ثروة تكون طبيعيا بل يزداد شبابك.. أما حين تخسر فستجد المرض يتسرب إلى جسدك.. وهكذا حتى يقترب يوم زيكولا فيقوم الجنود بجمع الأكثر مرضا بالمدينة.. ويُعرضونهم على الطبيبة أسيل.. وهي من تحدد المريض حقا والمريض بالفقر.. ثم تختار الثلاثة الأشد فقرا..
فقاطعه خالد:
- لا، دي بلد مجانين.. ثم تركهما وجرى مسرعًا.. وقلبه يدق خوفا، يخشى أن يكون ما قالاه واقعيًا.. وأكمل جريه وسط الزحام - وأهل المدينة يرقصون ويمرحون ، وبلغت الموسيقى ذروتها- يتحرك بصعوبة بينهم، ويحاول أن يخرج من هذا الزحام.. ويصطدم بالفتيان والفتيات دون أن يعتذر.. ما يشغل باله أن يخرج إلى باب زيكولا.. وواصل جريه بعيدا عن أرض الاحتفال.. و يحدث نفسه :
54

- مش معقول يكون ده صحيح.. مش معقول ..
وتعدو قدماه مسرعتين.. حتى اقترب من باب زيكولا، وقد ظهر العرق الغزير على جبينه.. غلق بالفعل فوجده قد أغلق وتواجد أمامه الكثير من الحرّاس.. فاقترب خالد من أحدهم، كان ضخم الجثة.. وقال:
- أنا عايز أخرج..
فضحك الحارس ساخرا:
- تخرج؟ !!
فصاح خالد: أيوة.. أخرج
فضحك الحارس مجددًا.. ثم نظر إلى حارس آخر، و حدثه:
- إننا نترك احتفالات زيكولا ونقف هنا حتى يأتي السكارى .. ويعبثون معنا..
فصاح خالد:
- أنا مش سكران.. أنا هخرج.. ودفع الحارس بيده.. فظهر الغضب على وجهه ثم لكم خالدا لكمة قوية أعادته خطوات للخلف وسقط على الأرض وسالت دماؤه من حاجبه الأيسر.. فنهض على الفور ، وعاد ووقف مرة أخرى أمام الحارس..ولكنه نظر إلى درعه الذي يحمله وكان لامعًا كالمرآة.. وأمعن النظر به إلى صورته المنعكسة..فاتسعت عيناه خوفا، وتسارعت أنفاسه وخفق قلبه بقوة حين رأى وجهه شاحبًا.. حتى قاطع تفكيره صوت الحارس الغليظ:
- عد إلى حيث كنت وإلا سيكون السجن مصيرك..
فنظر إليه خالد خائب الأمل، واضعًا يده على حاجبه.. يريد أن يوقف دماءه..
وأدرك أن هذا الباب لن يُفتح كما أخبره إياد.. وأن حديث يامن إليه ما هو إلا الحقيقة التي خشيها.
***

55

بعدها عاد إلى شوارع المدينة.. يسير هائمًا، يفكر كيف سيعيش عامًا في تلك البلد الملعونة.. ويسأل نفسه: عام؟!.. إنه لم يستطع أن يعيش يومًا واحدا.. وعاد بتفكيره؛ ماذا لو مرّ العام وكان أفقر من بالمدينة؟ .. ماذا لو كان الأغبى؟، وعلا صوته وسأل نفسه:
- وجدّي؟! هيقدر يعيش سنة من غيري ؟.. أنا كنت بقول يومين أو تلاتة وأرجع له.. - سنة؟ !! هعيش هنا سنة؟!
وظل هائمًا هكذا حتى أفاق حين صدمه حصانٌ ، كان الحصان الذي يجر العربة الثرية - عربة أسيل - فصاح به سائقها يعنفه.. وتوقفت العربة، ونزلت منها أسيل على الفور لتطمئن عليه.. ولكنه غادر شاردًا.. ورغم ندائها إليه كثيرا إلا أنه أكمل مسيره دون أن يلتفت.. فعادت إلى عربتها، و حدثت نفسها: حد لو كان شخصًا آخر.. لطلب تعويضا على ذلك.. ثم أمرت السائق أن يتحرك من جديد..
***

ارض زيكولاWhere stories live. Discover now