الفصل التاسع والثلاثون

14.1K 557 36
                                    

رفعت نظرها إلى ساعة الحائط المعلقة بعدما انتهت من مكالمتها الهاتفية .. وضيقت عيناها بقلق عندما وجدتها أوشكت على الواحدة بعد منتصف الليل .. فنهضت من فراشها وتحركت نحو النافذة تتطلع منها تتفقد وصوله فرأت سيارته بالحديقة بمكانها المخصص في الأسفل .. دار بذهنها ألف سؤال في اللحظة الواحدة .. لقد عاد ! ، أين هو إذا ؟!! .. اندفعت إلى باب غرفتها لتغادر ونزلت الدرج بخطوات شبه سريعة لكن هدأت من سرعة خطواتها تدريجيًا وتوقفت تمامًا عندما رأته يجلس فوق الأريكة الكبيرة واضعًا ساقًا فوق الأخرى ويفرد ذراعيه بجانبه على طول رأس الأريكة من الأعلى ونظراته ثاقبة ومريبة يثبتها أمامه في الفراغ بشكل مربك .. كانت معالم وجهه غريبة ومخيفة للدرجة التي اشعرتها بالقليل من الاضطراب والتذبذب في التقدم إليه وسؤاله عن حاله وماذا حدث ! .
أثرت بالأخير الاقتراب منه وأكملت خطواتها البطيئة تنزل الدرج وسارت نحوه حتى جلست بجواره وهمست بتعجب :
_ عدنان .. إنت كويس ؟!
سمعت صوته الخافت الممتزج ببحة رجولية مهيبة :
_ كنتي ناوية تفضلي مخبية عني لغاية إمتى ؟!!
ارتبكت من نبرته وسؤاله الذي لا تفمهه حتى الآن لتجيب بخفوت :
_ اخبي إيه !!
التفت لها وحدها بنظرة قذفت الرعب في نفسها :
_ إنك كنتي حامل في ابني ونزلتيه
تجمدت مكانها وشعرت بالبرودة ترتفع لكافة أجزاء جسدها .. ازدردت ريقها وقالت بثبات متصنع :
_ أنا منزلتهوش !
انتصب في جلسته وقال بلهجة منذرة وقد تحولت نبرته من الخفوت إلى القوة والوضوح :
_ متكذبيش !!
اشتدت حدة نظراتها وقالت بغضب بسيط تنفي اتهامه لها بالكذب :
_ أنا مبكذبش ياعدنان قولتلك منزلتهوش
استقام واقفًا وصاح بها منفعلًا :
_ واللي أنا سمعته ده كان إيه .. معقول كرهك ليا يوصلك للدرجة اللي تخليكي تقتلي ابنك بنفسك .. دي آخر حاجة كنت أتوقعها منك ياجلنار
وثبت هي الأخرى واقفة بعد أن اثارت كلماته جنونها وجعلتها تصرخ به بهيستريا وغصب هادر :
_ مقتلتهوش
سمعته يصرخ مزمجرًا كالأسد المجروح :
_ لما منزلتهوش امال حصل إيه !!!
سكتت لبرهة تستعيد رباطة جأشها وتجيبه بقوة مزيفة وعينان دامعة :
_ كنت هنزله وفي واحدة صحبتي كانت دكتورة نسا وكانت هتعملي العملية بعد ما أصريت عليها بس قبل ما ادخل العملية وعلى آخر لحظة تراجعت ومقدرتش اقتله .. مقدرتش اعمل كدا فيه .. بس بعدها باسبوع بظبط حسيت بألم شديد في بطني وتعبت جامد ولغاية ما وصلت المستشفى والدكتورة كشفت عليا قالتلي إني  الجنين نزل
هدأت ثورة ملامحه قليلًا وأجابها بعدم استيعاب لما يسمعه :
_ حصل من إمتى الكلام ده وأنا كنت فين !!!!
جلنار بصوت مبحوح :
_ من سنة لما كنت مسافر في لندن لشغل واخدت تلات  أسابيع هناك
عاد لسخطه وجموحه من جديد حيث هتف بشبه صيحة متألمة :
_ وحاجة زي كدا تخبيها عني إزاي ومتقوليش ياجلنار

استاءت بشدة من عصبيته والقائه اللوم عليها وحدها فصاحت به في عصبية وعدم وعي لما تتفوه به :
_ إنت السبب واللي خلتني اعمل كدا واخبي عنك .. وبدل ما إنت بتتعصب عليا وبتلومتي وبتتهمني إني قتلته وبتحاسبني كمان إني خبيت عنك .. روح حاسب مامتك أسمهان هانم اللي حاولت تقتلني واتفقت هي وفريدة لما كنت حامل في هنا وحاولوا اكتر من مرة يسقطوني .. ده غير أفعالها معايا اللي متتعدش وأنا كل ده وكنت ساكتة بس خلاص كفاية مش هسكت اكتر من كدا

رواية امرأة العُقابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن