الفصل الأول

1.2K 12 0
                                    

صدمة

سرت كما وجهتني صديقتي ميس نحو إحدى الطاولات في قاعة الكافيتيريا الملحقة بالجامعة، لأقوم بحجزها بينما تشتري هي مع صديقتينا سيرين ولمار وجبة الغداء لنا.

اخترت طاولة قريبة من النافذة من أجل الإطلالة الجميلة على الحديقة الداخلية، ومن فرط حماسي اندفعت نحو النافذة لأفتحها من جهة جلوسي، ودفعتها بكل عنجهية قبل أن أبصر ما حولي، فسمعت صراخا رافقها سقوط هاتف محمول أرضا:

" آآآه يدي!"

التفتّ برأسي إلى الجانب لأتنبه متأخرة إلى أنني أغلقت النافذة من الجهة الثانية على يد شاب كان يقف أمامها متكئا على الجزء المفتوح من ناحيته، شعرت بشحوب يعتريني، هممت إليه بسرعة لألتقط له هاتفه ولساني ينهال عليه بكل عبارات الأسف والاعتذار، فخطف الهاتف من يدي مغتاظا ووضعه على أذنه وقال:

" سأكلمك بعد قليل!"

أنهى المكالمة من فوره، ثم نظر إلي عابسا وهو يدعك يده ونهرني بقوله:

" عمياء! ألا ترين حولك؟ هل لديك مشكلة في دماغك؟"

أسلوبه في استجابته لما حصل لم يكن لائقا حتى لو قمت بإيذائه، فأنا لم أقصد حقا! فلمَ كل هذا الغضب؟ استفزني أسلوبه في الكلام لكنني تحاملت على نفسي وحاولت الاعتذار منه مجددا، قائلة:

" ما بك؟ لم أفعل ذلك عن قصد، قلت لك أنني آسفـ..."

فقاطعني ليقول بغيظ:

" اختصري!"

إلى هنا تصل مساحة سعة صدري، فلست فتاة صبورة عادة، ففقدت القدرة على تمالك أعصابي وثرت به بكلام غير موزون، وتعمدت رفع نبرتي في وجهه لأرد اعتباري:

" أتعرف؟ أسحب اعتذاري أنت لا تستحق اعتذارا وإنما بصقا! وألا أغلق النافذة على يدك فقط، بل وأيضا على لسانك المتورم!"

تجمدت ملامحه متفاجئا من ردي الوقح له، ربما ظن أنني فتاة غبية سهلة البكاء، وأنني سأعتذر منه مرارا وأتوسله ليسامحني، ولم يتوقع البركان الذي ثار أمامه فجأة. لحظة سكون مرت تقدر بثوان قبل أن يقطعها بردة فعله التي صدمتني، فقد انفجر ضاحكا ثم كمّم فمه بيده حتى يتحكم بدرجة صوته، ثارت أعصابي أكثر فهاجمته بقولي:

" أنت أيها المتعجرف! على ماذا تضحك؟ "

ضغط على شاشة هاتفه المحمول بينما يرد علي بقوله:

" يا لك من فتاة فريدة من نوعك؟ في أي سنة أنت؟"

لم أفهم سؤاله فنظرت إليه بحدة متسائلة، وأضاف:

" دعيني أحزر في سنتك الأولى صح؟"

ثم وضع الهاتف على أذنه، واستدار ليخرج، لكنه التفت نحوي أولا وقال وهو يبتسم لي ابتسامة ساخرة:

حب أم حماقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن