8- العذاب

769 55 19
                                    

حل العام التالي لاستقالة آيلين، كل الألم و الحيرة و العذاب إليها..

فقدت باستقالتها ثلاثة أرباع مورد رزقها و والدتها..

كان عليها منذ استقالت، أن تبحث عن عمل جديد، يكفل لها بعض الدخل، حتي يمكنها الإنفاق علي مرض والدتها المسكينة..

ذاقت المرار و هي تتنقل من عمل الي عمل، و كلها اعمال تافهة، لا تليق بمؤهلها الجامعي، و لا خبراتها..

عملت بائعة في متجر صغير، ثم لم يلبث صاحبه أن طردها شر طردة، عندما رفضت يوماً التحايل علي أحد زبائن المتجر، و تبيعه ثوباً معيباً.

و عملت محصلة لمتجر صغير للمشروبات، ثم تركته؛ لأن صاحبه كان يغازلها دائماً في وقاحة.

احتملت كل هذا العذاب و المهانات من أجل والدتها المريضة، علي الرغم أن راتبها في هذه الأعمال الصغيرة، كان يكفي الي حد ما لعلاج والدتها، حتي أنها اضطرت للإقلال من وجباتها، و رتق اثوابها القديمة توفيراً للنفقات..

و لكن أكثر المواقف التي آلمتها، و أشعرتها بالمرارة، كان ذلك اليوم الذي التقت فيه بـفيريال.

كانت ترتدي-يومها- ثوباً قديماً، عبث به البلى، فصار رثاً متهالكاً..

و كانت تقف في محل لبيع ادوات الزينة، و هي تخفي ثوبها البالي بمعطف رث يحمل اسم المحل، عندما وجدت نفسها وجهاً لوجه أمام فيريال.

كانت فيريال قد ازدادت بهاءاً و جمالاً، و توّردت وجنتاها بمزيد من الدماء، بفصل تلك الحياة المترفة التي تحياها..

و كانت آيلين قد ازدادت نحولاً و شحوباً، بسبب حياة العذاب و الوهن التي نحياها..

يومها دُهشت كلتاهما للوهلة الأولى، ثم أسرعت آيلين تلملم أطراف معطفها الرث، لتخفي اكبر قدر ممكن من ثوبها القديم المتهالك .. أما فيريال فقد ارتسمت علي شفتيها ابتسامة شرسة شامتة، و تقدمت من آيلين بخطوات مختالة كالطاووس، و أشارت إلي بعض ادوات الزينة، و هي تقول في عجرفة:

- اعطني طلاء شفاه من اللون الوردي الداكن أيتها العاملة.

ضغطت حروف كلمة 'العاملة'، و كأنها تؤكد الفرق الواضح بينهما، إلا أن آيلين أجبرت نفسها علي الابتسام، و هي تقول:

- كيف حالك يا فيريال؟

حدجتها فيريال بنظرة ساخطة، و صاحت في صوت مرتفع، و هي تتعمد أن يسمعها صاحب المتجر:

- ماذا تقولين؟ .. ألم تتعلمي كيف تخاطبين زبائن المتجر أيتها العاملة السخيفة؟

احتنق وجه آيلين، أرادت أن تصيح في وجه فيريال، لولا أن هرع إليها صاحب المتجر، و سأل فيريال في ارتباك:

- ماذا حدث يا آنسة فيريال؟

أشارت فيريال الي آيلين في غطرسة، و قالت في تأفف مصطنع:

A Bird Without Wings | JJKWhere stories live. Discover now