Part 22 : حين يركع النبلاء

ابدأ من البداية
                                    

" لو أنك توقفت عن العمل معهم...لو توقفت عن تسلم أهم المهام...لو توقفت عن تنفيذ أوامر إبنة كارل الحقيرة و الركوع لها ..لأدركوا جميعا...لأدركوا كم أنك مهم في قيام الفاديتا و أنك زعيم أفضل منها...متى ستفهم هذا....؟..."

بدت والدته يائسة و غاضبة و منزعجة تحاول بشتى الطرق إقناعه بنفس الموضوع للمرة المليون ...و للمرة المليون أيضا هو يتجاهلها حين أعطاها ظهره و بدأ يسير ناحية الباب فشدت هي على قبضتيها بغضب من تجاهله لها و هي تصرخ به :

" إيثان....إيثان أنا أتحدث معك...لا تعطني بظهرك...إيثان.."

ظل إيثان على بروده يتركها خلفه و مد يده يفتح الباب لكن حين فعل و أخذ خطوة ليخرج توقف ...توقف لثوان يحدق بالأرض بهدوء كأنه فكر بشيء ما فجأة قبل أن يعود تلك الخطوة للخلف و يلتفت لها ينطق بكلمات جعلت الدماء تتجمد في عروقها و هي تسمعها منه لأول مرة في حياتها :

" مطالبة اللقيط بعرش الملوك هو أمر لا يجوز في عالمنا ..سواء كنت الأكبر أم لا إلا أنك تنسين دوما حقيقة واحدة و هي أنني لا أحمل لقب فاديتا...على الورق ربما لكنني لست وريثا شرعيا...كلما فهمت و بشكل أسرع هذا...كلما أدركت أن محاولة حثي على التمرد هي خيانة لعشيرتك والدتي العزيزة..."

قالها بهدوء شديد بملامح باردة لكن قبضته على الباب كانت قوية لدرجة أن أنامله كانت بيضاء تماما كشحوب وجه أمه حين صفعها بالحقيقة التي يبدو أنها جاهدت و لسنوات جعل البقية ينسونها لكنه لم يفعل...و لن يفعل...

هكذا فقط غادر يعلق الباب خلفه يترك والدته متصنمة مكانها و بعد شحوبها ارتجفت شفتيها و امتلأت أعينها بدموع رفضت أن تنزلهما و هي تسير ببطء لتستند بكلتا يديها على المكتب و تتنفس كمحاولة بائسة ألا تبكي...

ما قاله ذكرها بحقيقتها...بماضيها و بكل خطأ ارتكبته في حياتها...و الآن ليست الوحيدة من تدفع الثمن ...بل أبناؤها كذلك...

على الطرف الآخر من الباب وقف إيثان و هو يمسح على خصلات شعره الأشقر و رغم برودة ملامحه إلا أن تقضيبة زينت حاجبيه و جعلت أعينه تبدو عميقة و حادة أكثر و هو يدرك أنه ربما استخدم الكلمات الخاطئة مع والدته...

صحيح أنها الحقيقة و أنه منزعج من محاولاتها لدفعه للتمرد و كان مضطرا ليضع حدا لها....لكنه و طوال حياته لم يتفوه بأمر كهذا لها و لعله أذاها الآن....

حقيقة أنه ليس من فاديتا ليس من الصعب أن يكتشفها أحد....فهو من الواضح أنه لا يملك أبا و من الواضح أن والدته هي الفاديتا التي أخذ منها لقبها...و أي ابن يأخذ لقب أمه بدل والده سيناديه الناس باللقيط...

تلك حقيقة تعايش هو معها و لسنوات...مهما اعتبره آل فاديتا منهم لكنه سيظلا شخصا بلا هوية كباقي أبناء عمومته ينتسبون لآباءهم...المضحك في الأمر أنه فعلا و قبل سنوات اعتقد أن سبب عدم تنصيبه راجع لهذا لكن كان و لا بد أن يتقبل حقيقته بنفسه...لن ينتظر من أحد أن يخبره بالواقع...

صراع المافياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن