21 |زيارة غير متوقعة|

Start from the beginning
                                    

"أنا بخير، كيف حالكِ آفيلين؟" سألتُها بابتسامةٍ صغيرة ثم حولتُ نظري لبقية طلابي الذين كانوا ستةً وحسب بينما تجمع عشرة طلابٍ أكبر سناً حول لويس ولمحتُه بعيني يجاهد حتى يتفاعل معهم بشكلٍ طبيعي. 

"لقد قلقنا عليكَ للغاية." 

"الجامعة موحشةٌ بدونك!" قال طالبٌ آخر ولمحتُ في عينيه صدقاً كبيراً لأبتسم له بصدقٍ أيضاً مما دفع آفيلين لتقول "حين دخل الأستاذ البديل عنكَ وأخبرنا أنكَ قمتَ بحادث كان الأمر مرعباً حقاً." 

أنهت كلامها وهي ترجع شعرها الأحمر خلف أذنها لتضيف صديقتها "أجل. كنا قلقين للغاية إن كنتَ قد أصبتَ بشيءٍ خطير، ولم يقبل أحدٌ أن يخبرنا أي تفاصيل، حتى أن آفيلين صارت تبكي." سخرت بجملتها الأخيرة وضربتها آفيلين على كتفها بقوة محاولةً إخفاء إحراجها بينما نظرتُ لها باستغراب وبدا عليها التلعثم ليقاطع شابٌ آخر الموقف "لقد سألناهم عدة مرات عن أحوالك حتى منحونا الإذن بالقدوم وأخبرونا برقم غرفتك، نحن سعداءٌ لأنكَ بخير." 

ابتسمتُ مجدداً وشكرتُ اهتمامهم، ورغم أن الابتسامة على شفتي كانت صغيرةً للغاية ولكن السعادة التي سكنت صدري كانت عميقةً أيضاً، عميقةً لحدٍ لا يمكن لي استيعابه، كنتُ سعيداً بقدومهم، بكلماتهم، بشعوري أني مهمٌ لدى أحدهم، أني غير قابلٍ للاستغناء عنه بهذه السهولة، وشعوري أن هناك شخصٌ يهتم لأجلي، وهناك فتاةٌ تهمني بطريقةٍ ما قد بكت خوفاً علي. 

بدؤوا يحدثوني عن دراستهم، موادهم، الدكتور الذي استلم مكاني وكيف أنهم لا يفهمون على تدريسه، يثرثرون بأشياء كثيرة كلها حول الدراسة لأنها كانت الحديث الوحيد المشترك بيننا، كنتُ أتفاعل معهم، أضحك وأبتسم وأعطيهم كل تركيزي لأني شعرتُ ولو لمرة بالاهتمام الكبير من قبلهم، كان هذا قد ينتهي قريباً بعد أن أشفى، فأردتُ عيش اللحظة بكل تفاصيلها. 

وسط كل ذلك راودني حضورٌ قويٌ استفز أحاسيسي جاعلاً من فوبوس يزمجر بداخلي، تمالكتُ نفسي كي لا يظهر أي شيء على تعابير وجهي، وانتظرتُ لدقائق قبل أن يُطرق الباب ويدخل طالبٌ آخر معهم، كان مشهوراً بما يكفي ليجعل الجميع متجمداً ويسأل ما الذي يفعله هنا، وقد عرفتُ أنه قادمٌ إلي لوجود شيء مشتركٍ عميقٍ بيننا، وتشاركنا فنجان قهوة وطاولة من قبل وحاولنا قتل بعضنا أيضاً، رفعت آفيلين حاجبها وقالت "المغني المشهور." 

"كيف حالكَ أستاذ مارتينوس؟" قالها رونالد متجاهلاً تعليقات الجميع لأرد عليه بهدوء "بخير.. شكراً لزيارتك." 

أغلق باب الغرفة ولمحتُ آلان من وراء الباب ولم أعلق على شيء، نظر رونالد بطرف عينه نحو لويس وقال "دكتور لويس إن لم أكن مخطأً، أتمنى أن تكون بخيرٍ أيضاً، وآسفٌ لما حصل لسيارتك." 

"شكراً لك." قالها لويس بتعبير وجهٍ جامد وربما انزعج قليلاً لأن رونالد ذكر سيارته وهو بهذه الحالة، تقدم رونالد بضع خطواتٍ مني وقال "متى ستخرج من المستشفى؟" 

"غداً صباحاً." 

"ومتى ستعود للجامعة؟" 

"عندما أشفى تماماً." 

"يا لكَ من كاذب." 

همس بها بصوتٍ خافتٍ للغاية حيث لم يسمعها غيري وقلبتُ عيناي لسخافته فهو أكثر شخصٍ يتقن تمثيلية البشر هذه ويعرف كم هي صعبة، اقترب ليضع علبةً حديديةً صغيرة على السرير بجانبي وقال "هديةٌ صغيرةٌ لك، أعتذر على مقاطعة جلستكَ مع طلابك، وداعاً." 

نظرتُ نحو العلبة باستغراب ثم حولت نظري إليه لأجده جاداً تماماً بما يقول مما دفعني لأحرك رأسي برتابة وأرد بذات النبرة الجامدة "شكراً لك رونالد." 

"لنتحدث في وقتٍ لاحق أستاذ مارتينوس." 

غادر الغرفة كما دخل، وتحولت أنظار الجميع إلي لأمرر يدي في شعري وعلى الفور سأل لويس "لم أتوقع أنكَ تعرف هذا الفتى."

"هل يوجد شخصٌ لا يعرفه، إنه يجلب الضجيج والزحام حيث يذهب." 

"على الأقل لم أتوقع أنه يعرفك!" سخر لأتنهد وأرد "حصل هذا وحسب." 

عاد إلى طلابه والتفتُ بدوري إلى طلابي الذين ابتسموا قائلين أنهم ينتظرون عودتي بفارغ الصبر وألا أسمح للأستاذ الجديد بكتابة الأسئلة، ثم اعتذروا لأن الوقت الذي سمحت به الجامعة لهم قد انتهى.

بطرف عيني وقبل أن يغادروا لمحتُ آفيلين المرتبكة تخرج شيئاً من حقيبتها، مغلفٌ صغير، وبدت مشتتة تبحث عن مكانٍ لتضعه به قبل أن تستسلم وتعيده لمكانه، غادر طلاب السنة الرابعة أولاً وبقي الأكبر سناً بينهم يطلب من طلابي المغادرة ليتوجهوا للخارج وقبل أن تخطو آفيلين التي كانت آخر واحدة متجاوزةً الباب ناديتُ اسمها لتلتفت نحوي وأشعر بتوترها المعتاد بسبب نبض قلبها الذي أستمعه بإمعان لأبتسم بخفة وأقول "يمكنكِ إعطاء ذلك الشيء الذي كنتِ تحاولين إخفاءه لي." 

بدا عليها التوتر أكثر من ذي قبل، واحمر وجهها -الأحمر أصلاً- بشدة وبان على ملامحها الاضطراب بوضوحٍ هذه المرة، ربما بسبب مرضها.. وربما لأني وضعتُها في موقفٍ محرج.

اقتربت مني تخرج المغلف الأبيض من حقيبتها وتحاول إخفاء تعابير وجهها بخصلات شعرها المسدل للأمام والذي يصطدم بوجنتيها دون أن تبعده، تخبئ وجهها خلف كف يدها تواري خجلها اللطيف، وسلمتني ذلك الشيء الأبيض الصغير بأصابع مرتجفة ثم ركضت للخارج سريعاً دون قول شيء. 

انفجر صديق لويس الذي كدتُ أنسى وجوده ضاحكاً بصخب على تعابيرها المشتتة وقال وهو يحاول تمالك نفسه "أراهن أنها رسالة حب" وبطريقةٍ ما وجدتُ نفسي أضحك بدوري سائلاً نفسي إن كان هناك فتاةٌ في العالم تعترف بحبها عن طريق رسالة حبٍ في هذا الوقت، وإن كان هناك فتاةٌ ستحبني أصلاً بهذه الشخصية الباردة والمتقلبة التي أتعامل بها معهم! 

«المجد للخجولات، صاحبات الشعر الطويل، العيون الواسعة، والخدود الممتلئة.✨❤»

...

To be continued

R.M

...

في الفصل القادم نتائج فحوصات لويس الطبية🙃

س/موقف محرج مع أحد معلميك؟

تصبحون على سعادة جميعاً❤️

Hybrid | هجينWhere stories live. Discover now