لا تبكــــي

Por may_smile

227K 2.5K 692

بقلـم : عيووون القمر أولها شوية مملة لكن بعد ال 25 بتبدا القصة و الأحداث و الأكشن ! Mais

1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58

40

4K 49 5
Por may_smile



مشاعل دخلت دورة المياة المكان الوحيد اللي تقدر تلتقط فيه أنفاسها ..
كانت أنفاسها مسمووعة وصداه يرجع لها..ومن حسن حظها ان دورة المياه خالية.. قامت تتنفّس كأنها راكضه لها سنة ..
نظرراااته كانت ثاااقبة ..كانت مركّزه عليها بشككل يرربك... عُقدة حواجبه ذيك خلّتها تشك إنه عرفهااا..
وشلوووون ما فكككرت انه احتمال يكون موجود !!!
غبييييييييية... !!
مو وقته والله !
مو وقتـه تخلينه يعررررفك !!


فكت طرحتها وغسلت وجهها وقلبه يددق بجنون ما تدري ليش !!
وش بيصير لو عرفها ...بيخرب كل مخططها !!؟
لا ..
لا .... ماتبيه يكشفها بهالطريقة السخيفة ..

رفعت راسها للمراية وهي تشوف وجهها يقطر وعيونها تلمع ببريق ..
مستحيييل يكون عرف ...مستحيييل !!
وأنا عارفه انه مو متوقع وجودي أصلا..... ما رح يخطر على باله وجودي !! أبدا أبدا ..
هالفكرة طمّنتها ...

رن تلفونها بشنطتها وانقطعت افكارها..وبيدها المبللة طلعت الجوال : هلا..
رنا بعجلة : ويييينك ؟؟
مشاعل : رحت دورة المياه ..
رنا : طيب كان قلتي ...جلست احوس عليك...ويوم ما لقيتك دخلت عشان القى مكان..يلله ثواني ويفتتحونه..
مشاعل : اوككي...

سكرته وطلعت بسرعة ...وأول واحد قابلته بطريقها سألته عن المكان..
راحت لين وصلت ..باب كبييير ..بني أنيق مفتووح على مصراعيه وعرفت انه مدخل القاعة ..


مشت بسرعة واندفاع ناحية الباب وكل همها انها تلحق على مكانها .. والنتيجة انها تواجهت وياه عند المدخل بالضبط ..شهقت من الروعة وبغت تغوص بحضنه.. لولا انتباهه وفراسته تراجع على ورا وهو مررتاااع بسرعة ويديه تطيح على كتوفها من غير قصد عشان يخفف من اندفاعها ... ثبّتها بحركة اتوماتيكية لا شعورية وهو يناظرها مرتااع من اندفاعها المجنوون..
وقفت غصب وصدرها يطلع ويهبببط بصدمة.. وبتوترر رفعت يدها ومسكت البطاقة اللي على صدرها..واللي تشيل اسمها ..والجهة اللي تتبع لها وهي معهد التمريض..غطّتها بأصابعها تحاول تغطي الاسم قبل لا يقراه ، بحركة ما تحسسه انها تحاول تخبيها .. وعيونها على وجهه القريب اللي يقتلها مليون مررة والعقدة اللي انرسمت بين حواجبه.. ويديه اللي مستقرة على كتوفها من الجهتين سلبتها القوووة.. هاللمسة ما استمرت الا ثانيتين ..بس كان تأثيرها قووي عليها شللع قلبها من مكانه...ما تدري وش تفسر لحظة الصمت هذي .. هي تطالع بعيونه وما فيها تنطق بحرف لانها اذا قالت كلمة بيعرفها مباشرة..

قال بصوته اللي رسم معه ابتسامة اعتذار مؤدبة.. عقب ما امتص درعمتها ..وحط الغلط عليه : اعذريني اختي ما انتبهت !
رمشت كم مرة واشوى انها كانت مغطيه عيونه بطرف الطرحة الخفيف عالاقل يشوّش الرؤية عليه وما يلاحظ انها هي !
هزت راسها نفي بمعنى " عادي" .. وما تدري اذا فهمها .. وهي بس تبيه يبعد وما يطول هاللقاء اللي ينهي كل ذرة ثبات فيها .. قلبها قام يرجف نبضات .. وكرهت هالاستجابة منه !!
يا رب ما يلاحظ انها هي .. يا رب .. يا رب...

لكن انخطف لونها يوم حكى.. وأيقنت ان خالد طول عمره نبيه وهالموقف مو استثناء : طالبة التمريض؟
رفعت عينها بتووتر لعيونه الحاذقة وما نطقت.. يا رب ما ينطق اسمها...يارب... رنا ليه قلتي اسمي قدامه....ليييه !!! مارح تنطق... ما رح تنطق... خله يحس انها طرررماء بس مارح تنطق بكلمة ..
خالد بهدوء وكأن فيه شي شاغله : انتي اللي قبل شوي ؟
فهمت انها لفتت انتباهه يوم هربت قبل دقايق..ولعنت الشيطان.. والبلا ان رنا نادتها بمشاعل..
هزت راسها نفي ولقت نفسها تتكلم من خشمها بصوت غريب غير عن صوتها المعروف : لا !
مرّت لمحة ابتسامة على شفاته الحلوة..حفرت الغمازة العميقة بخده اليسار.. وكأنه كتم ضحكة كانت بتنفجر..بسبب صوتها.... ايييه والله مارح أخليك تعرف اني مشاعل..
خالد تراجع عنها يعتذر بشكل خوّفهاا : شبّهت عليك أسف !!
الله يسترر !!.. سوّت نفسها مو عارفه قصده ... وقررت توهمه انها مايعه وما تحكي الا انجليزي ... هذا ابعد شي عن شخصيتها الحقيقية ..! البنت المايعة...
غيّرت من نبرة صوتها مرة ثانية ..وبشبه دلع : اياااام سووورري (بترقيق الراء) ...(وحاولت تتحرك عشان تمر ) اكسكيوز مي ..؟..
عقد حواجبه للحظة خاطفة من الصوووت النااعم وجرعة الميوعة اللي فيه... ومشاعل حبست انفاسها... ان شاء الله يخق مع صوتها بس ما يعرفها ...
بس خالد أنهى اللحظة ...وابتسم بأدب وكأنه محى هاجس غبي اشغله الدقائق اللي راحت..: تفضلي .. (وهو يفتح لها ذراعه ناحية المدخل عشان تمر )
ما توانت لحظة انها تدخل وتختفي عن عينه..

خالد اللي تابع البنت بعيونه .. استغفر ربه وهز راسه من الهاجس اللى سيطر عليه قبل دقايق ..
مستحيل تظهر لك هنا.. !! وش قاعد تفكر فيه انت..!!
فكرت فيها يا خالد لدرجة تتخيل وجودها في مكان مستحيل تتواجد فيه.. تأنيب الضمير لاعب فيك للحين !!!
جاه رنين جواله.. اتصال من جمال خلاه يتناسى كل هاجس غريب راااوده من دقايق ..وتحررك بسرعة لسيارته بسبب نسيانه لـ سي دي مهم......
وهو يرد عالجوال : دقيقة ورااااجع !
جمال بهبااال : يالداااج يالملكع تقولي بروح أجيب سي دي وأنا اقزززك تحاكي وحدة ورا البيبااان !!
ضحك خالد غصصب وهو يدس يده داخل السيارة : إلــهي صبّرني على هالآدمي !! .. وشلون قززيتني متأكد إني ماخذها ورا الباب على قولك عشان محد يشوفنا ( يجاريه بسخرية)
جمال : قليل خاتممة ... ( رجع لطبيعته) .... يلله تعال
خالد: لا تستعجل .. خطابنا مو بالبداية يبيلنا بعد نص ساعة او ساعة الا ربع.. قدامنا الوقت..
جمال : أنا عارف .. برضو استعجل مو حلوة تدخل وهم بدوا
خالد : بسببك تدري... كنت أقولك انزل والسي دي بيدك وبالأخير تنساه !
جمال يقهره : اقول إلفقه وانت ساكت المفروض تشيله وسط ملفك..مو ملزوم فيك
خالد وهو يتأفف : استغفر الله بس... يلله يلله قفل هذاني راجع..


جلست مشاعل جنب رنا بالمكان المخصص لهم ..وبسبب الظلمة على مكانهم رفعت الطرحة لفوق.. والإضاءة كانت مسلطة على المقدمة اكثر شي حيث صاحب كلمة الافتتاح وعرض البروجيكتر على شاشة كبيرة ..
رنا : تأأخخرتي.. خفت تكونين ضعتي !
مشاعل وقلبها مضطرب وهي تسب خالد مليون مرة بخاطرها عاللي هي فيه... همست بتفرييغ : ..لو تدرين بس !
رنا باهتمام لأن مشاعل قالت الكلمة من غير لا تحس : ايش ؟؟
انتبهت مشاعل على عمرها .. وحاولت ترجع طبيعية : هااا.. ولا شي... بغيت ادعم في واحد عند الباب.. جلست اعتذر له عشان كذا ،
هاللحظة ارتد نظر رنا للباب البعييد الموجود بالأسفل لأنهم جالسين بمكان عالي يشبه المدرج.. وطاحت عينها تحديداً على خالد وهو يدخل من الباب.. وقالت : بغيتي تدعمين بهذاااا ، صح ؟؟
رفعت مشاعل عينها بعفوية لجهة الباب اللي دخلت منه.. وشافت خالد يبتسم للي يعبر من جنبهم باحترام انييق وبيده شي صغير... ارتااااعت : يمه شلون عرفتي ؟!!!!
رنا بابتسامة : مدري طاحت عيني عليه وهو يطلع وانتي تدخلين عقبه... يعني توقعي صح ؟ ترا قلتها صدفة هههههه !
ضحكت مشاعل معها وهي من داخل تررجف وتدعي ما تكون ذيك النظرة مجرد تلاعب فيها .. وهو بالأساس عارفها.. لا تسويها فيني يا خالد.. لا تخليني مثل الغبية .. ان كنت عارفني قولها بوجهي !!
رنا : مشاعل !
مشاعل وهي تتابع خالد بعيونها وبالها شارد : هممم ؟
رنا : شكله دكتور !
ما ردت مشاعل وهي تشوف خالد يجلس بكرسي مخصص له.. بين زميله بالمستشفى اللي نست اسمه .. وواحد كبير كان هو د. نايف.. كان مبتسم لزميله اللي قام يهمس لخالد بشي في اذنه .. خلاه يضحك وهو ينزل راسه للأرض وكأنه يحاول يسيطر على ضحكه !
وبينما كلمة الافتتاح المملة بنظر مشاعل مستمرة .. همست رنا اللي كانت تراقب الوجيه اكثر من الكلمة : حلللمي أتزوج دكتور... اه يا قلبي !
مشاعل باستغراب كبير : ليش؟؟
رنا : مدري من وانا صغيرة أشوف الدكتور شي غير... وكبرت على كذا ... يمكن بالنسبة لك شي غبي !! .. عادي لا تستغربين احلام الناس تتفاوت هههههه !

ابتسمت مشاعل ابتسامة ناعمة.. وبنبرة لطف لها معنـــــى : إبعدي عنهم ! ..
رنا بحيرة : ليش؟؟
مشاعل وعيونها اتوماتييكيا تتجه مثل السهم لمكانه..ما قالت شي غير كلمتين : قلوبهم جامدة ! وما عندهم اهتمام غير الشغل... وش تبين بواحد مثل كذا !
دققت في خالد بدون ادرااك ...كان مستند على مسند الكرسي الجلدي والفاخر على كوعه .. وقبضته تغطي فمه بوضعية أنيقة وكاريزما .. وثقة ما تخفى على احد.. وعيونه وسمعه مركزيين مع صاحب كلمة الافتتاح وإلقائه.. كااان يشد يشششد مثل المغناطيس.. بطريقة عورت قلبها وهي تشوف انها تعجز تكسر هالشعور .. هي اضعف منه.. ولازالت تحاارب وبتستمر لما توصل للهدف اللي هي حددته وبدت فيه..
هاللحظة كأنها تشوف نسخة جديدة من خالد.. بالجدية والتركيز اللي عليه..
شالت عيونها من عليه وسلطت اهتمامها على اللي ينعرض عالشاشة والخطابات اللي تتوالى..


قدامهم بصف واحد.. كانت ياسمين وصديقاتها جالسين يسمعون .. وهند تسأل بحماس : متى دور حبيبنا؟؟
ياسمين ابتسمت وعيونها على خالد اللي كان واضح عليه يستعد لشي : أتوقع الجاي! ..
هند : ابي أشوف وقفته.. هالشي اللي انتظره..
ياسمين : هههههه مارح يطول صبرك.. ( وعفويا توردت خدودها بسبب ذكرى)

انتبهت سناء لوجه صديقتها .. ونغززتها : وش سر هالملامح !؟؟
هند اللي لاحظت احمرار خدود ياسمين... ، قالت بنص عيوون : ياسمينوو أنا اقول من الصبح انتي مو طبيعية .. وش صاير من ورانا ؟؟
ياسمين بنعووومة : مو شي مهم ..
هند بسخرية : أشم ريحة خيانة ..
ضحكت ياسمين : مافيييه وش فيكم !

قالت سناء : I don't believe u ..(ما أصدقك )
هند بهممس : وانا بعععد..
ياسمين : انطمووا خلاص.. رح يقدمون مستشفانا الحين..
سكتوا غصب وهم ينصتوون ..

ومشاعل كانت تسولف مع رنا بالهمس .. القاعة كبيرة مرة ..نصها الخلفي مدرج ..مخصص للجنس الناعم.. وأغلب الحاضرين فيه دكتورات ، وطالبات طب وتمريض .. والبنات جالسين فيه .. مشاعل ورنا ماخذين مكان واضح.. الجزء الأمامي اللي يملاه الرجال كان مثل الأقواس اللي يواجه الستيج وشاشة العرض.. وخالد جالس في قوس جانبي اللي يساعد إنه ينشاف.. كان الملل بدا يسيطر على مشاعل بالتحديد كون الخطابين اللي مروا روتينية وما فيه اللي يحمسها..
رنا بضحك: مااااش الملل وااااضح !
مشاعل وهي غايصه بجلستها كأنها في صالة بيتهم : ما عجبوني .. كله كلام إنشائي .. لولا العرض اللي لهااني كان شخرت من النوم
رنا : ههههههههه لسا تونا في بسم الله..

كانت مشاعل تناظر رنا وتتذمر ..ما توقعت تحس بالطفش بهالسرعة .. سمعت تقديم جديد .. واللي لفت انتباهها اسم المستشفى اللي انذكر...
التفتت لا شعوريا ناحية الستيج البعيد.. وصابها استغرراب ودهشة يوم شافت خالد بشحمه ولحمه يشق طريقه بين الصفوف.. بنفس الهدوء والثقة العجيبة ..
طلع الستيج وهي تتابع بعيون مذهوولة وكأنها مو فاهمه وش بيسوي..
همست رنا بضحكة : اللي بغيتي تدعمينه !!
ما علقت ..وهي مصنمه تناظره وهو يثبت المايك على اذنه ..
وبهمس حيرة تبي تفهم : وش بيسوي الحمار ؟
رنا باستغراب : حمار !! ..... ( ناظرت خالد بابتسامة) .. هالمستشفى سمعته زينة ... بس شكله صغير ولا أنا غلطانة؟ .. تحت الثلاثين شكله؟..حمااااس
مشاعل تملّكها الصممت غصب : .................!

قدامهم بصف واحد..
هند بخقة: لبى قلبك والله !!
سناء باستخفاف : هههه أعصابك !

ياسمين كانت صامتة وهي تسمع غزل هند وتعليق سناء بالمقابل .. وكل اللي تسويه انها تناظره ..بابتسامة ناعمة... وتتذكر اللي صار اليوم الصبح... من غير ما تقول شي.... شعور واحد تحس فيه... الفخر ، وشي ثاني !

بلحظة عفوية ..طاحت عيونها مباشرة بعيون خالد اللي رفع عيونه للحضور عشان يبدأ .. وابتسمت من بعيد تشجعه وكأنها تقول له شي بلغة الصمت .. رد لها خالد الابتسامة من بعييد .. ثم ابتدأ السلام والصلاة على رسول الله بطريقة إلقائه اللي ما يختلف عليه اثنين..
صديقات ياسمين كلهم قدروا يلقطــون ابتسامة خالد المتوجّهة ناحيتهم.. وكلهم ..بشكل عفوي التفتـوا لـ ياسمين اللي حمررت من هجومهم بالنظرات ..
فوقهم بصف... مشاعل لاحظت بالمقابل ابتسامــة خالد اللي كانت ذات معنــى.. والحين بس..، انتبهت ان اللي قدامها بصف ..هي حبيبة خالد وصديقاتها ما غيرهم..
كتمت شعور العلقم الي سيطر عليها وهي توهم نفسها ان اللي شافته ما يمثل الا خيالات وأوهام..وأصلا ما يهمها... وبلعت أوجاع وحافظت على هيئتها اللامبالية بصعوبة...

قدّم خالد نفسه باسمه الكامل ..وتخصصه... ووظيفته... وابتدا عرضه على البروجيكتر بالقاء ما تردد فيه ولا ثانية ...
رنا انتبهت لـ شي ..يوم قال اسمه... التفتت لمشاعل بهدووء واللي كانت جامده بنظراتها وشكلها..!
رنا باستغراب : ... اسم عائلته نفس عائلتك .. تعرفييينه ؟؟
مشاعل بجمود وملل : ..لا ...!
رنا بحيرة : .. أخاف يقرب لك من بعيد ..!
مشاعل بهدوء : .. يمكن ...أول مرة اشوفه !
رنا بفرح : الله ونااااسة ..
مشاعل وهي تناظرها بحيرة : وش اللي يونس ؟.. انهبلتي ؟
رنا بضحكة : هههههه .. معقولة يكون يقرب لك من بعيد ولا تدرين..؟
مشاعل بعصبية خفيفة : .. وان كان يقرب لي من بعيد وش اللي بيخليني اعرفه.. انا يالله اعرف اخواني وعيال عمي .. هذي حدودي..
رنا بضحكة استغراب : ههههههه وش فيك ..امزح..
مشاعل : انتي من شفتي هالدكاتره وانتي مخك مضرووب..
رنا بابتسامة : يحق لي حلمي قرب يتحقق.. ما تبيني انبسط ..
مشاعل : انبسطي ..بس خلينا نسمع ...
وقطعت الحوار ورجعت تتابع خالد بتركيييز مضاااعف..

أما قدامهـم بصف... عند ياسمين وصاحباتها ..وعقب ذيك الابتسامة الغريبة...
قالت هند بحنق : طييييب طييب الوعد عالعشاء.. لازم اعرف قصة الابتسامة ..
ياسمين تحاول تبدد الموقف : مافيه قصة ولا هم يحزنون .. وش فيكم انتوا ؟؟؟
سناء بضحكة : أنا رح اقول ما يهمني الموضوع.. بس الله يعينك على تحقيق هند !!
ياسمين ابتسمت : هههههه مجنونات خلاص أوصص !
هند بتحذير : لا تتوقعين اننا بننسى.. الوعد على طاولة العشاء..
ياسمين وهي تتنهد : هند مافيه شي يستاهل.. خلاص هدوء عن لا نزعج اللي حولنا ..

كان صوت خالد يررن عبر السبيكرات الكبيرة الموجودة بأركان الصالة الفخمة والضخمة ..
خالد اللي كان مسترسل بشرح بعض الصور عالبروجيكتر : من أهم رسائلنا السامية اللي نحاول نصدّرها للمستشفيات الأخرى هو توسيع مفهوم دور المستشفى التقليدي حتى يكون مواكب للتطور في عالم الطب والتقنيات اللي انتشرت في العالم المتقدم ..مثل دول اوروبا وامريكا الشمالية .. (التفت للحضور وهو يبتسم مع ضغطة زر بالريموت اللي بيده انتقلت فيه لصور جديدة من العرض) .. وهدفنا القادم اللي جالسين نعمل عليه هو فتح قسم جديد للأمراض النادرة والمستعصية..وبيكون أول قسم يعنى بهالنوع من الأمراض في المملكة كلها.. مع استيراد تقنيات حديثة ومتطورة لأول مرة تستخدم هنا..وطبعا بوجود كفاءات شابة قادرة على تحمل هالمسؤولية...مع تقليل الاعتماد على العنصر الاجنبي....

بالنسبة لـ مشاعل..كان الخطاب هالمرة مختلف... ما تدري ليش ! ..شاااادّها لأبعد شي..ماخذها التركيز معاه..
ما تدري ..هل لأنه خالد اللي كان يتكلم...ويشرح .. أو لأنه يتكلم عن مستشفى يعتبر هدفها القادم ..!
كان السبب الاثنين سوى ...
بالنسبة لها ..أول مرة بحياتها تشوف خالد..بهالوضعية .. هي تدري انه ناجح وربي معطيه قدرات ما عطاها اياها..لكن ان تشوفها بعيونها حست ان اللي كانت تعرفه عن خالد ولا شي...
تركيزها تضاعف بعد .. لأن خالد كان يشرح امور تتعلق بالمستشفى اللي هي ناويه عليه.. خبراتهم..توجهاتهم..خدماتهم.. ودورهم بالمجتمع.. كله شدها وهي تجمع اكبر معلومات ممكنة بوسط ذاكرة عقلها... هذي فرصة ذهبية ولازم تستفيد منها...
انتهى العرض عقب نص ساعة تخللتها مناقشات من بعض الحضور وآراء مختلفة ... وبالنهاية قدّم خالد الدكتور نايف اللي كان بيلقي كلمة بسيطة على نهاية عرضهم ..
هنا مشاعل ركّزت على الرجال الكبير بالسن اللي طلع الستيج ووقف جنب خالد.... وعرفت اخيرا انه صاحب المستشفى اللي يشتغل فيه خالد...واللي هي قد مرة اتصلت فيه .. يوم ترجّته يعطي خالد اجازة ذاك اليوم ...قبل روحة البر بليلة ...اذا تذكرون !!

هاللحظة مرت ابتساااامة غريبة وسط الجمود على فمها ..وهي تطالع هالرجال اللي الطيبة تنبع من ملامحه...
وايقنت فعلا ان جيّتها هنا اليوم..مارح تطير عبث... لأنها بتقربها لهدفها... وانها لازم ما تضيّع الفرصة.. شلون والدكتور نايف قدامها مباشرة ..،،
وانتهى دور خالد..وبدا غيره..ومن عقبها ومشاعل ما تسمع لشي...وكأنها سمعت اللي يكفيها لحد الآن ..
كان مودها ومزاجها على وشك يزين مع الأفكار الايجابية اللي تحاول تشحن نفسها فيها...بس سوالف وهمسات قروب البنات اللي قدامها رجع يوتّر لها أعصابها .. حبيبة خالد .. وصديقاتها ..!

هند بغرور : لو الموضوع مسابقة كان حبيبنا فاز بالمركز الأول وبجدارة ..
سناء : ههههههه وبعدين معك .. خلاص دوره خلص من ساعة..وانتي تعيدين وتزيدين..
هند : وش اسوي احس بالفخر يختي..
سناء : انا بصراحة ما ادري ليش انتي طايره فيه لهالدرجة ... مافيه زود ترا..اللهم الغمازة وثقة النفس اللي فيه..ذاتس ات ..
هند : وش يدريك بالزين انتي .. وحدة ما تعرف تفصل العربي عن الانقليزي ..خليك بمصيبتك ذي احسن..
سناء عصبت شوي : .. شت يور ماوث ! ...(لفت لـ ياسمين اللي ما كانت تعلق على طقاقهم ) .. ياسسسمين شوفيها !!
هند : ههههه بزر قسم بالله .. ما قلت غلط هذا واقعك المزري للأسف..
لا شعوريا ..سناء كفخت هند على راسهاا ..

ياسمين عصصبت عليهم شوي : هييييه ترانا مو بالبيت.. مو وقته !!
هند بعصبيــة : طيب الوعد على العشاء....


مشاعل اللي طفى الحماس عندها ومن قرقة البنات اللي قدامها .. وشعورها بياسمين بينهم .. اللي ما تدري لأي مدى احتلّت قلب خالد...
شافت ساعة يدها ولقت انه باقي ساعة على نهاية المؤتمر ..ومافيها تجلس اكثر..قامت واقفه بصمت وهي تشيل شنطتها معها ..
رنا بسرعة واستغراب : على وين ؟
مشاعل باختصار : بطلع !
رنا : وين بتروحين ؟
مشاعل : بروح اشم هوا...اختنقت ..مافيني اجلس اكثر..
رنا بقلـق لأن مشاعل كان واضح فيها شي : وش فيك؟..
مشاعل وهي تتحرك وسط الظلمة وقدام صف الجالسين : .. مافيني شي..بس مليت...
وابتعدت بعيد وهي تمشي بحذر.. وما عطت رنا فرصة تسأل...
نزلت المدرج بحذر بينما كان فيه واحد جديد يتحدث على الستيج....وهي تتجه للباب ..اقتربت من القوس الجانبي اللي يجلس فيه خالد وصديقه والدكتور نايف ... كان لازم تمر من وراهم حتى توصل للباب اللي قريب منهم ... كمّلت مشي وهي ما تحاول تناظر خالد اللي تقدر تشوف جانب وجهه .. وهو يتابع العرض باهتمام ويده على رقبته...
رح تمر وتطلع بسلااام... تحتاج اكسجين تعيد فيه التفكير ... لكن خالد التفت ناحيتها بشكل مباغت ..بشكل عفوي ويده على رقبته... ونظراته يعتليها الهدووووء..
لكن مشاعل هاللحظة الأولى فزّت من راسها لساسها ..ونظراتها تتعلق بنظراته وسط العتمة الخفيفة بهالجهة ..ولقت يدها تتعلق بشنطتها أقووى...
قطعت نظراتها فيه .. ورجولها تسرّع بالخطى أكثثرر...
وما وعت على نفسها الا وهي تسب عمرها يوم طلعت من الباب للممر الفاخر المضيء بأنواع الثريات عكس الظلمة داخل...
متى تقدر تسيطر على ردود أفعالها ... ليش خافت كذا.... ما عرفك يا حمارة ما عرفك...!!


داخل القاعة ..
خالد وهو يرد بنظره للستيج ..بهمس فحيح : .. اعوذ بالله من الشيطان !
ناظره جمال باستغراب : وش فيك ؟
خالد وهو يهزّ راسه بيأس....وضيـق : فيه بنت هنا ذكرتني بوحدة أعرفها !
جمال بحواجب مرفوعه : بنت؟ ..وين؟
خالد : اللي مرت ورانا قبل شوي ..
جمال : ما فهمت ..ليش؟
خالد بسخرية : اللي بغيت ادعمها عند الباب وانت صدتني..اتوقع عرفتها الحين ..
جمال ضحك : هههههه..ام شنطة كحلية كبيرة ..
خالد بسخررية : بللل عليك.. قزيتها وانا ما لحقت ..
جمال بضحك : هههههههههه... بلاها ؟
خالد : ما بلاها شي...بس كشّت يوم شافتني..واللي يبدو لي ان طلعتها تحولت لـ هروب..
جمال تنح شوي...بعدين ضحك وهو يحاول يخفض صوته : الله واكبرر... الحين يالمغرور تضايقت إنت عشانها كشت منك...يجوز تكون ما ارتاحت لك... ما حبتك ..كذا من الله..
خالد بنظرة جانبية : .. وليش تكش مني... اعرفها انا يالغبي..؟.
جمال بلؤم : يجوز ما حبت عرضك ونقاشك .. ما دخلت مزاجها ..ما رقت لها... غصب تجوز لها ويا وجهك ..
خالد باستسخاف لحكيه : انا ادري ودك تنرفزني بس حامض على بوزك ..
جمال : هههههههههههههههه..


برا القاعة ..
حاولت مشاعل تبتعد عن القاعة أبععععد شي... والحين اعصابها تزيد توتر .. من صدفت خالد هنا.. ومن طاحت عينه عليها ثلاث مرات .. وهي متوترة .. وجوده متعب متعب ..لأبعد مدددى...
ماتبي مخططها يخترب ..وهي بنص المشوار..ما بعد وصلت للي تبيه.. لا ..مو خالد اللي يعفسه وبسبب صدفة غبية !!
حست بالتعب يزداد وقررت تطلع تشم هوا نقي... بس وين بتروح...أكيد في مكان بهالفندق تقدر تطلع وتجلس فيه ..
ما ترددت كثير... تحركت في المكان والممرات الكثيرة ..وابتعدت عن مكان المؤتمر.. لين شافت لوحة جنب واحد من الاصنصيرات تشير الى مكان حوض السباحة ..ابتسمت لأنها لقت مرادها... ومشت للباب اللي يطلع لبرا ...
طلعت لمكان سحري...جميل .. بأنواره الهاديه مع المساء .. مكان هادي مافي ناس غير عاملين اثنين من الفندق يرتبون بعض الجلسات اللي فيه ... ارتاحت اكثر يوم ما لقت احد.. تقدمت من المسبح الكبيير والصاافي ..كان خالي محد يسبح ..أنوار صفرا تتلألأ من داخل الحوض اللي كان شكله مثل المااسة.. يسسسطع....تشوف عمقه العميق من صفاوته... لا شعوريا نزلت عند الحافة ومدّت يدها للموية اللي توصل للحافة تماما لدرجة ان بعضها يطلع على برا...
لمست سطح الموية بأطراف يدها ..وسرت برودتها في أعصابها ..انتفضضت.. بعذرهم محد يسبح هالوقت..
سمعت صوت عامل وراها يوم شافها شبه جالسه عالحافة : مدام..بي كيرفل ..... (كوني حذرة)
رفعت راسها ..وقامت واقفه بهدوء : سوري..!
العامل شاف البطاقة اللي شايلتها على صدرها ، وفهم إنها من الضيوف اللي تبع المؤتمر ..قال بأدب وبالانجليزي : صالة العشاء ليست هنا.. انها مع الباب التالي لحوض السباحة ..
تلخبطت شوي تحاول تستوعب كلامه ... ولقطت كلمة دينر .. (العشاء) .. فعرفت انه يقصده .. وسألت بالانجليزي بكلمات خفيفة : دينر ؟...وير ؟
اشار لها بيده يحاول يوصف لها ..وفهمت ان فيه باب قريب من هنا ..لازم تدخل منه ..وبيوديها لصالة العشاء ..
شكرته : اوكي ثانكيو..

ابتسمت بأدب : نو بروبلم ...
وراح عنها ..صارت لحالها بهالمكان الهادي... ولقت نفسها مو متحمسه لا لعشاء ولا شئ...كانت الصراحة متحمسه لهالجزء من السهرة ..بس الوضع تغير من بدا الجد... وعلى إنها ما تغدت زين..الا انها مو مشتهيه ونفسها مسدوووده..
اقتربت من المسبح مرة ثانية وهالمرة جلست على مقعد التشمس وعيونها على الانوار الصفرا اللي معطيه المسبح الفاخر منظر خرافي ..انعكست الاضاءات على عيونها وسرحت فيها ..
وجلست تفكر في نفسها.. وفي وضعها...وفيـه..
شهر واحد يفصلها عن الانتهاء من الكورس المكثف اللي تدرسه الحين...شهر واحد هل بتقدر تثبت نفسها فيه..وتنتهي منه بمستوى يخولها انه تدخل ذاك المستشفى اللي يبحث عن الكفاءات ولا غيرها..!!!؟؟
مافيها تفشل..لأنها اذا فشلت...مارح تلوم خالد على النفور منها... وبتقتنع جد انها وحدة غبية ما تنفع لشي غير اللعب والطيش ..! وهي مصره تثبت لخالد غلطه .. وترد له كلامه الجارح اللي تلفظ عليها فيه..
مع وصولها لهالنقطة... نزلت راسها لحضنها وعيونها تدمع من ذيك اللحظات الحااامية اللي انفجر في وجهها..وقال اللي قاله من كلام هزها وجرحها يوم قارنها بوحدة ... هي تكرهها... كلماته تتردد في بالها من ذاك اليوم... بنظره هي غبية ..وبدون طموح..وبدون ثقافة...وبدون هدف...
طول الايام اللي فاتت كلامه الجارح كان الوقود اللي تدفع نفسها فيه لين وصلت لهالمرحلة وغضبها واصل أقصى حد !!
لازالت تنزف من داخل بسبب كلامه ذاك... رغم انه هي اللي اجبرته يقوم ذاك الكلام حسب ما قال...استفزته وعصبّت فيه ..
نزلت اللثمة يوم ما شافت فيه احد حولها .. واكتفت بلفة الحجاب لعلها تتنفس وترووق ...دّنقت للبطاقة المستطيلة اللي تشيل اسمها . وانعكاس النور الأصفر الساطع من الحوض..منعكس على دموعها اللؤلؤية ...


مررت الساعة بسرعة ..وانتهى المؤتمر بكلمة شكر من اللجنة المنظمة للحضور ...على التصفيق من الكل...بما فيهم رنا اللي قامت تصفق بابتسامة وهي تحس انها استفادت وانبسطت...
طلعت الأفواج من القاعة ..متوجهين لصالة العشاء...
رنا يوم طلعت ..فقدت مشاعل اللي صار لها فوق الساعة طالعه...طلعت جوالها واتصلت وهي مستغربه ..
جاها صوتها ..كئيب وكأن الطفش ماليها : ..ها رنا !
رنا باستغراب : وينك ؟؟..
مشاعل : قريبة ..خصلتوا ؟
رنا بحيرة : ايه ..طالعين الحين للعشاء... (وصلت للصالة المخصصة مع العالم اللي تمشي معهم) .. تعالي لأن صالتنا غير صالة الرجال.. بس هم جنب بعض... بتعرفين تدلين ؟
مشاعل تنهدت : .. شكلي مارح اتعشى ...مو مشتهيه !
رنا باستغراب من تبدّل حالها : شفييك...جايه عشان العشاء والحين ما تبين !
مشاعل : الحين مو مشتهيه... روحي تعشي وانبسطي ..
رنا : طيب انتي وين؟؟؟؟ لك ساعة مختفيه ..
مشاعل وهي تتنهد باكتئاب من انتكاس وضعها.. قلبها معصوور من طاحت عينها عليه...ولأنها ماتبي رنا تجي لها...تبي تجلس مع نفسها فترة ..قالت : قريبة لا تخافين..ودي اجلس لحالي شوي...اذا خلصتي عشاء كلميني ...
رنا : وين تجلسين مع نفسك؟؟...وين انتي الحين ؟؟
مشاعل بضيق: خلاص رنا مو بزر انا...روحي تعشي وانبسطي وخذي وقتك...
رنا باستسلام مو فاهمه وش فيها : طيب على راحتك...

سكرت من مشاعل وهي مستغربه...مو كأنها نفسها اللي وصلت للفندق والحماس ماخذها...فيه شي صاير لها...
التفتت بتروح لمدخل صالة العشاء الخاصة للحاضرات .. طاحت عينها على خالد وهو يمشي بابتسامة مع جمال وهم يسولفون بتفاصيل معينة عن العرض الأخير... مروا من قدامها وهي واقفه ..وعفويا قرت اسمه على البطاقة الموجودة على صدره بالجهة اليسرى...وخصوصا اسم العائلة الواضح... ومن جديد راح فكرها لمشاعل ... نفس الاسم !!..بس معقوول ما تعرفه مثل ما تقول !!
ما طال فيها التفكير لأن خالد وجمال دخلوا من الباب الواسع اللي يلي الباب اللي هي بتدخل معه ... دخلت رنا وشافت الحضور من البنات بمختلف الاعمار سواء دكتورات او طالبات .. يملون الصالة اللي طبعا تكون اصغر من قاعة العشاء الرئيسية اللي دخلوها خالد وجمال ..وقررت تتعشا وتروق وبعدين تروح تشوف وين مشاعل...

عند مشاعل اللي لازالت جالسه على كرسي التشمس قريب المسبح .. والشروود ماخذهاا... تلعب بأصابعها وبالها بأبعد نقطة .. ووجهها يحكي عن الاكتئاب اللي ماليها من جوا... عيونها لازالت تلمع من انعكاس النوور على صفحة الموية..
افكارها تروح وتجي... وفكرة وحدة سيطرت عليها...وبدت تتمكن منها..
قدامها شهر واحد بس.... لازم تثبت خلاله اقدامها بذاك المكان...ومارح تنتظر لما يكمل الشهر...لازم تبدا من اليوم..!!
رفعت راسها وهي تزفر هوااا حااار من صدرها ..وشافت المكان للحين هادي...محد حولها... بس وصل لإذنها رنين اشواك وسكاكين قريب .. قامت واقفه بهدووء..وتذكرت ان صالة العشاء قريب من حوض السباحة .. تحركت للجهة الثانية من الحوض ..والاصوات تزداد وضوح.. كان في منطقة شجر مرتبة ومشذبة ..تفصل منطقة الحوض عن حديقة ثانية شكلها تلاصق القاعة الداخلية للعشاء .. سمعت اصوات رجال من ورا الشجر وعرفت انهم يتعشون ..رجعت مكانها وهي متطمنه لأنهم ما يقدرون يعبرون الشجر اللي صاير مثل السور يفصل المنطقتين عن بعض .. واللي بيجي هنا لازم يطلع من القاعة للممر...ويجي مع الباب اللي جت هي منه ... ما اهتمت كثير ..ورجعت مكانها تفكر بوضعها ..مع الجو اللي بدا يبرد ويخدرها..




بعد ثلث ساعة ..
قام جمال من الطاولة عقب ما اكل خفيف... خالد رفع راسه وهو ماسك شوكته باستغراب : خلصت؟؟
جمال : ايه مافيني اكثّر...والفندق اكلهم دسم عز الله قمت بكره والكرش قدامي..
ضحك خالد واضطر يحط قبضته على فمه لا يشرق ..
جمال وهو يتأمل الحديقة اللي هم جالسين فيها ..والملاصقة لقاعة العشاء الرئيسية والمكان مزحووم : بروح اتحرك شوي ..احس اني ثقلت..والمكان هنا زحمة .. بس الجو رايق !
خالد : ما كلت شي عاد عشان تمشي..
جمال : لي فترة عن الدسم أنا .. اذا خلصت لا تنساني ..تراني جاي معك في سيارتك مو توهقني..
خالد بابتسامة : الله يصبرني..


تحرك جمال تارك الحديقة اللي كانت محفوفة الأشجار واللي تضم البوفيه الكبير... وراح لصالة العشاء الداخلية عبر الباب الزجاجي المفتوح ..واللي كانت مليانه نفس برا ..ترك الصالة وطلع للممر وهو وده يتمطط... على انه ما اكل الا لقمتين الا انها عن عشر من ثقلهم .. وعشان يخفف لازم يتنفس هوا نقي..
مشي شوي وتعدى صالات العشاء...لما وصل باب زجاجي ثاني يطلع على برا...ابتسم يوم عرف انه يودي للمسبح ومن غير تردد طلع .. الجوو كان خيالي بعيد عن الزحمة والمكااان هااادي... رغم لفحة البرودة اللي مسيطره عليه ...
اقترب من الحوض اللي كان يسطع بشكل حلوو مع النور الاصفر .. وانحنى يجرب برودة الموية لأن شكلها مغري للسباحة... نثر الموية من اصابعه يوم لقاها باردة بزوود... وعند هاللحظة حس انه ما كان لحاله بهالمكان ... حس بجسم قريب جالس...رفع راسه وهو شبه جالس قريب الحافة ...وطاحت عينه على بنت جالسه على كرسي ومدنقه تناظر بحضنها ..او بالأحرى باصابعها اللي تقلّبهم بشرود ..وواااضح انها بعااالم ثاني ..
تكّى على فخده واستقاام على حيله ... ولقى نفسه يقرب متساءل من وجودها بهالمكان ...
تنحنح بهدووء ... ومشاعل بس سمعت الصووت..طلعت من دائرة الشرود العميق...رفعت راسها بسرعة ناسيه انها فاكه الغطا... طاحت عينها بعين جمال اللي وقف مكانه لما التفتت..وعيونه تمر عليها بسكوت ... تغيّر وجهها ..وتخربطت يوم شافت انه صديق خالد ..!! واستوعبت انه فاكه غطاها... بسرعة وارتباااك رفعت طرف الطرحة وتغطت فيها...وهي متوترررة ...ما تدري من وين طلع ..!!.. صديق خالد !!... قد مرة قال اسمه !!..بس ما تذكر ...جميل؟..او جمال !!
ابتسم جمال يوم لمح وجهها بشكل سريع..وعجبه اللي شافه .. رغم انه لقط انها بحالة مو طبيعية ...وبهدوء : اعذريني اختي ... ما قصدت ازعجك !
قالت بهدوء وهي ما تناظره : ..لا عادي...خذ راحتك ..

نبرة صوتها ..كانت مميزة ..ومألووفة ...وتذكّرها على طوول...يشبه صوت هذيك البنت .. يشبهه كثييير !
وهاجمه فضول يسأل : ..انتي ساكنه الفندق ؟
قامت واقفه تبي تترك المكان...وداهمها توتررر لمجرد انه صديق خالد..يعني خطرر عليها ..!! ونست تغطي بطاقتها اللي وضحت لـ عيون جمال : ايه ساكنه بالفندق ...( ومشت بتروح)
لكن كذبتها مااا طافت عليه ... وعقد حواجبه...وداهمها بسرعة : ..مشاعل ؟
ناظرته برعب ..لقت انه يطالع مكان صدرها ..وحواجبه معقودة باهتمام..وتحديداً يطالع البطاقة اللي تبرز اسمها بكل وضوح ... لا شعوريا ارتفعت يدها لصدرها تخفي الاسم وهي منعفسة وانفاسها تلخبطت .. وجمال لاحظ ردة فعلها بدقة !!
قالت من غير تفكير : غلطان !
زادت حيرته من حركاتها .. هو قرى الاسم الكامل بوضوح.. ومستحيل يغلط...
جمال بتساؤل : انتي مشاعل؟.....بنت عم خالد ؟
شوي وتصيييح .. هذاااا من وين طلع لي !!! .. هزت راسها نفي مثل المجنوونة تبيه يصدقهااا...
وجمال مو فاهم سبب هالإنكار .. قال بهدوء : انتي مشاركه معنا بالمؤتمر ...؟؟
قامت ترمي خيط وخيط : أي مؤتمر ؟؟ ..انا ما شاركت في شي... انا ساكنه هنا ...
جمال ما فهم...وحركاتها المتوترة ..وهي شوي وتنهبل... من ويييين طلع لي هذا !!!
جمال لاحظ انها تحاول تخفي البطاقة اللي خلاه يستغرب من تصرفها...لكنه ابتسم يوم حس انها تحاول تخفي شي : ليش جالسه هنا ؟... صالة العشاء داخل ..
بلعت ريقها : أي عشاء ؟
ابتسم على جنب يوم حس انها مصرة تنكر : .. اختي انا قريت اسمك ... انتي مشاعل ..بنت عم الدكتور خالد..والبطاقة اللي لابستها معناتها انك جايه معنا...

سكتت مافيها تنكرر.. وهو يأكد لأنه قرى اسمها بوضووح ..وشلون بتنكر !!
قالت بتردد وهي مو عارفه وش تسوي : ..أنا ...
عقد حواجبه : ايش؟؟

مالقت الا حل واحد...لازم تقوله يسسسسكت وما يعلم خالد : .. انا ..جيت....بس... خالد ما يدري اني جايه...
سكت جمال وهو مو فاهم وش تقصد ..بس اللي لفت انتباهه التوتر اللي ماخذها ...
قالت تحاول تجمع شجاعتها : انت...صديق خالد...صح ؟
ابتسـم يحاول يشجعها : ايوه... دكتور جمال ..اذا نسيتي ..

ايه صح..!..تذكرت اسمه..!..جمال..
بس ما تدري شلون تقوله ..أو تثق فيه...أو حتى شلون تطلب منه ما يقول لـ خالد !!
خنقتها العبرة من الموقف اللي هي فيه...يوم ابتعدت عن المكان اللي فيه خالد عشان ما يكشفها ...يطلع لها هذا ...ماتبي التعب اللي تعبته يروح من غير فايدة ..أكييد بيقول لـخالد وكل اللي سوته وتعبت عليه لحد الحين بيطير في الهواا...


ماافي مجااال تنكررر...شاف الاسم وتمقل فيه وخلص...انا غبية المفروض رميت البطاقة من الأول ...!
جمال حس ان فيها شي واللي تسويه له سبب....سأل بعفوية : قلتي لي خالد ما يدري إنك موجودة ؟
ناظررته برعب وهو مو عارفه شلون تلملم الموقف...وكأنه جااي بس عشان يفضحها ...بلعت ريقها وهي شوي وتببببكي ...

حس جمال برعشة يديها اللي تحاول تسيطر عليها ... ما فهم ليش مررتبكه هالكثر ..
مشاعل نطقت وصوتها يرجف وكأنها بتصيح : .... لا .... لا تقوله !

استغررب جمال اكثر واكثر ...يوم لمح الارتعاش بصوتها .. فيها شي مو طبيعي هالبنت !!
مشاعل ودمعتها تنزل ما قدرت تحبسها .. يمكن يحن عليها : ..لا...تقول..لخالد...
اللي خلاه يركّز أكثر ..وبجدية خفيفة يبي يفهم شي : ..ليش؟....خالد ضد جيّتك هنا ..؟؟

توّها بتنطق...لكن صار اللي ما توقعته ... حسّت بجيّة أحد...وحركة عند المدخل الزجاجي...
التفتت هي..ومعها جمال ... وانصدمت زوود يوم شافت خالد يطلع وهو مكشّر شوي من هبة هوا باردة ...وكأنه جاي يتوجّه لناحيتهم ..!!
لااااااااااا...!! ... التفتت لـ صديق خالد برعب وارتباكها يزيد..والحروف طااارت منها ....كان خالد توّه بعيد ما يقدر يسمعهم ...

خالد اللي طلع من الباب يوم لمح وقفة جمال عند المسبح... قال وهو يمشي من بعيد : وش تسوي عندك ؟!
زادت نبضات قلبها وهي تعد خطواته ناحيتهم ...كان يقرب بهدوء ..وهي تنهار بهدوء ... وخفقان قلبها واصل أقصى مراحله... هالليلة مصره ما تعدي على خير ...!!
جمال اللي حس بتغيّر حالة البنت اللي قدامه... التفت يناظرها لقاها ترتعشش من قلب ..ووضعها أبدا مو طبيعي ...
رجع يطالع خالد اللي كان يمشي ناحيتهم وابتسامته ناحية جمال..لكن ابتسامته بدت تخف يوم لمح البنت المتوسطة الطول واقفه قريب ...
وصلت لإذن جمال.. نبرتها الخااايفه ..تهمممس ببحة مخنوقة : ...لا...تقول ...له !
التفت لمشاعل من جديد وهو مو فاهم شي....
وكررت تترجاااه بهمس قبل يوصل خالد : ....الله يخليك !
جمال وهو عاقد حواجبه : على هونك !.. مافيه شي يخوف !
حسّت انه مو فاهمها ..وزااادت عبرات البكى بصوتها : ..حلّفتــــك بالله لا تقووووله !!
ارتاااع جمال زوود من نبرة صوتها ..وكلمتها ... ولقى نفسه يستجيب : ... مارح أقوله !..لا تخافين !
وسكت وهو مو فاهم سبب خوفها ...ورجع يطالع بخالد اللي كل ماله يقرب ..وهو يحاول يفهم سبب رغبتها ان خالد ما يدري.....يجوز يكون خالد ضد فكرة حضور بنت عمه لمؤتمر مثل هذا !...بس ليش !؟
على انه عطاها كلمة ...إلا انها لا زالت تردد بهمس وخالد يقرب وكأنها مو واعيه على نفسها: ..لا ..تقول.... بليز...لا... يدري....لا...تق..ول..

ابتسم جمال لـ خالد اللي وصل لهم ..ونظراته تمر ببطء على البنت الواقفه قريب ...ومشاعل كأن احد جالس يكب على راسها موية باردة ببطء... لأن خالد كان يقيّمها بنظراته من فوق لتحت..بصمت يررربك ..
كانت قد قلبت البطاقة على وجهها عشان تخفي الاسم ولأنها ما لقت الوقت حتى تشيلها من صدرها ...
وتمسكت بشنطتها اللي على كتفها وهي تحاول تتشبث ببقايا قوتها وثقتها بنفسها ....والتزمت الصمت وقررت ما تقول كلمة !
خالد بهدووء يملا تقاسيم وجهه ..وهو ينقل نظره من البنت اللي لفتت نظره بوقوفها ... لـ جمال : .. وش تسوي ؟
جمال بابتسامته المعرووفة .. لقى نفسه يدخل بالتمثيلية ولا يدري ليش : .. ولا شي...طلعت اشم هوا قلت لك..
خالد وهو يرمي نظره جانبية للبنت اللي تحركت خطوتين ورا..وتراجعت عنهم...وكأنها تعطيهم المجال مع بعض ..!..ورجعت تجلس بالكرسي القريب اللي كانت جالسه عليه.. على بُعد خطوات منهم ....ما كانت تبي تترك المكان كله لأنها جد اذا سوّتها بتثير شكوك خالد..هروبها بهالموقف ...بيزيد الطين بلة ...وخالد لمّاح ما يفوت شي بسهولة ...خصوصا اذا أدرك إنها نفسها اللي قابلها عند باب القاعة ... لازم تقوى وتثبت...وتقنعه إنها فعلا ما تعرفه ..وإنها أول مرة تشوفه ..!
جمال اللي راقبها وهي تجلس...والهدوء كاسيها ...احتار اكثر يوم شاف حالها انقلب من التوتر العارم للهدوء الغريب ...

اقترب خالد بجسمه...وهمس بجديــة : إنت ما تجوز عن طبايعك ؟..
التفت جمال مرتاااع .. كان خالد يناظره بجدية ..وارتبك.. لا يكوون عرف وزعل..!
وقال لا شعوريا : ..ما اعرفها...شفيك !!
خالد وحواجبه معقودة : أدري انك ما تعرفها ... انت ما تتحمل تشوف وحدة الا نسيت نفسك ...متى تثقل !؟
جمال عصب شوي : خلينا الثقل لك...
ومشاعل تسمع همسهم وهي متوترررة ..تسمع كلمات من هنا وهناك ولا تدري وش يقولون ...ياااااارب...عدّيه على خير ! ما فيني أطيح من أول خطوة ..مافيني أنتهي وانا توني ما بديت ..!

خالد بهمس : اعنبوك خل بنات الناس في حالهم !
جمال بحمق : وجعتين خويلد...لا تخليني أهفففك داخل هالمسبح ..قالولك متوحش...شفتها واقفه وزميلة لنا بالمؤتمر قلت اسألها عن رايها ..
خالد : لاه ؟...ما تعوق معك اشوف..
ابتسم جمال يضيع السالفة : .. انت وش اللي قاهرك الحين ؟

خالد وهو يلتفت للبنت اللي كانت مدنقه تناظر جوالها ..وكأنها بعالم ثاني ما تسمعهم ولا تشوفهم ..!
قال ونظراته عليها ..: ..مو هذي...ام شنطة كحلية كبيرة على قولتك !
انتفضضت مشاعل وهي مدننننقه عند هالكلمة ...ومسكت اعصابها بقوووة ...وهي تحس بنظرات خالد تلسعععها ..كانت تحس انه يكويها بنظراته اللي تمر عليها ببطء ..وهي تحاول تثبت وتلهى بجوالها ..
وجمال حس ان البنت في حالة مو زينة من التوتر ...جمودها مو طبيعي ..وعشان ينقذ الموقف...ويساعدها دامه وعدها إن خالد ما يعرف ...وما يدري ليش أخذ هالوعد جــد...!
قال بدون تفكيير : ايه .... دكتورة سارة ..

رفعت مشاعل راسها ناحية جمال مصدومة ...من اللي قاله .. وشلون طرى عليه ...
طاحت عينها بعين جمال...اللي غمز بعينه لها ...وكأنه أخذ الموضوع لعب ..وشكله استمتع بهالتمثيلية ..
خالد اللي ترك البنت ..وطالع بجمال باستغراب : ..وشوو ؟..دكتورة ؟
جمال وهو يألّف قصة من راسه : .. اللي عرفته منها ..انها طالبة امتياز...وبتتخرج قريب...

سكت خالد لحظات من الخبر..وبعفوية التفت مرة ثانية للبنت اللي جالسه بهدووووء وسكينة ...يتأملها ..!!
فيها هااااالة غريبة تحاوط فيها ...فيها شي.. مشوّش عليه أفكاره ..ومو قادر يمحيه !

مشاعل اللي قررت تكمّل التمثيلية...استجمعت شجاعتها كلها ...هذا هو الحل الوحيد..وصمتها الزايد عن حده ..مو في صالحها...ودامه صديق خالد بدا الكذبة...هي بتكملها ..عالأقل تشيل من راس خالد أي شكوك حطتها براسه من بداية السهرة ...!

قامت واقفة وهي تشيل شنطتها ...وقالت بنبرة مياعة ..نفس النبرة اللي قالتها لخالد عند مدخل القاعة : .. مضطرررااه آآآآآآمشي...فورسة سعيدة دوكتور جمال...
جمال ارتااع من نبرتها ...وخالد تأكد انها نفسها اللي بغى يدعمها قدام الباب ...........يا الله وش هالمياعة !!
وتحركت وهي ترفع الجوال لإذنها وكأنها بتكلّم أحد ...وابتعدت عن المكاان وظاهرها الهادي غير باطنها المعتفس !

راقبها خالد بنظراته الجادة الين دخلت مع الباب الزجاجي....وأخيرا التفت لجمال...لقا وجهه احمـررر وماسك ضحكته بالقوووة !
خالد بحيرة : شفيك ؟
جمال وهو ماسك نفسه لا ينفجججر: ..ولا شي...
خالد وهو يطالعه بجددددية تخوف : ... هذي طلة دكتورة ..؟؟؟؟ بالله عليك...وش هالمياعة !!!!
جمال ما تحمل : ههههههههههههههههههههههه....(مسك نفسه ).. وشفيك مو مصدق ؟؟!
خالد : هذي اللي بغيت ادعمها عند الباب ..
جمال : ايه ادري...
خالد باهتمــام : وش تكلمتوا عنه ؟؟
جمال ابتسم ومايدري ليش حس بمتعة غييير شكل مع كل هالتمثيلية وخصوصا ان مشاعل ختمتها بحركة ما توقعها : ابد...عرفتها بنفسي...وعرفتني عن نفسها ...اسمها سارة ..طالبة امتياز بجامعة سعود ... وجت هنا مع وفد طالبات الجامعة ..
خالد باستعجاب : ممداك تركتني !!......دقيت سالفة بهالسرعة..
جمال سكت ...وفضوووول عارم بدا يداهمه...ما نسى توترها الكبير واررتباكها اللي ما يخفى على احد ..!.. يبي يعرف السبب اللي يخلي بنت عم خالد ما تبغاه يعرف انها موجودة...معقولة خالد ضد فكرة تواجد احد من اهله هنا...بس خالد مو من هالنوع !!
خالد : ما ترد ؟؟
جمال انتبه : وش تبيني اقول...قلت لك اسمها ..
خالد وعيونه تضيق : ..مابي اسمها ...ولا همني اعرف...يلله ما ودك نرجع يقولون فيه صحافة جاية تسوي شوية مقابلات ..
جمال : خلنا شوي هنا ..عاجبني الجو...
:

عند مشاعل اللي اول ما دخلت للممر ... راحت وجلست على اقرب كرسي شافته وهي تحس رجولها ما تشيلها ...وقلبها مو راضي يهدددى ..
ان شاء الله تكون أنهت الموقف بسلام...وقدرت تشيل شكوكه...بس ولووو... خالد يخوف !!... وأحيانا يظهر عكس ما يبطن !!...وهذا اللي مخوفها !
لا...مستحيل...قالت مستحيل يخليه يعرفها ...

- مشاعل !..
رفعت راسها مرتاعه .. وشافت رنا قدامها ...زفرررت براحة ..
قامت واقفه بسرعه ومسكت يدها : اسمعي ...لا تناديني هنا بمشاعل ....
رنا باستغراب : ..........!
مشاعل : اسمي سارة ...ناديني سارة ...لا تقولين مشاعل ..
رنا بروووعة : ليش؟؟؟؟
مشاعل : كذا...سوي اللي اقولك...الحين بيدخل هذاك الرجال اللي سوى عرض ..اللي اسمه زي اسمي...انتي بس ناديني سارة ..!
رنا زادت شكوكها ..وحست ان مشاعل تخفي شي : ليش؟؟؟...تعرفينه ؟؟
مشاعل: مو وقته اسألتك ...اذا شفتيه حولنا على طول ناديني سارة ...
رنا : مو فاهمه ..!!
مشاعل عصصبت : مو لازم تفهمين ...
رنا بروعة : طيب ..بس ترا بتقولين لي السالفة ..
مشاعل وهي ترجع تجلس على نفس الكرسي : مو الحين ..يا ويلك تناديني مرة ثانية مشاعل...سااامعه ؟؟؟
رنا ما فهمت شي..بس شافت عصبية مشاعل ..ووافقت ..
::

قريب من مكان مشاعل ورنا ... طلعت ياسمين وصديقاتها عقب ما خلصووا عشاء ..
ومروا من قبال الباب الزجاجي اللي يطلع للمسبح ...لمحت ياسمين بشكل سريع...وقوف اثنين من بعيد.... دققت فيهم بسرعة وشكت انهم دكتور خالد ودكتور جمال ...
ياسمين التفتت لـ صديقاتها : بروح شوي وبجي...اسبقوني للوبي..
هند بنظرة تحقيق : وين بتروحين ؟؟؟
ياسمين ضيعت السالفة : بروح دورة المياه .. اسبقوني عشر دقايق وجايه ..

وما سمحت يحققون..راحوا قدامها وهم يمرون من قدام مشاعل ورنا اللي كانوا منشغلين مع بعض ...أما ياسمين ..انطلقت مباشرة وهي تدفع الباب لبرا ...
تقدمت بهدوء من الاثنين اللي كانوا واقفين وهي ترسم ابتسامة ناعمة على وجهها ..
كانوا يسولفون بهدووء ... وهي تناظر بـ خالد اللي كان مدخل يديه بجيوب بدلته الرسمية السودا اللي لابسها ..واللي كانت عاكسه على لون بشرته البرونزية ..كاااان أنييق وجذاب .. يزيد جاذبية مع الأيام ..ومع انها خذت وعد على نفسها يظل زميل ..لكنها مع الأيام تحس ان مشاعرها تتمكن منها ..وما قالت لأحد...حتى لصديقاتها ... ولا تبي تقولهم ...لأنها ما تدري وش بيصير لو دروا...!

اللي انتبه لها بالبداية جمال... التفت بهدوء يوم حس باقتراب جسم ناحيتهم ....التفت معه خالد بعفوية ...لقاها بنت د. نايف...
ياسمين بهدوء وابتسامة : مرحبا ...
ابتسم خالد ابتسامة صغيييرة ..جانبية ...فيها كمية ثقل مو طبيعية ... من عرفته وهو كذا يبتسم معها ومع صديقاتها...ومباشرة تذكرت اللي صار الصبح معه ...وبسببه كساها احمرار خفيف ..
جمال رد : اهلين دكتورة ..

ياسمين بهدوء : كيف كان العشاء ؟
تكلم خالد بهدوء : ماشي حاله ...
ياسمين ناظرت جمال اللي كان يتأملها بجرأته المعهودة ..وبارتباك خفيف رجعت لخالد : دكتور ..خالد ..جيت ابي اتكلم معك ..
خالد باهتمام ..وهو يطلع يده من جيب بدلته : آمري..

قال جمال فجأة : انا برجع الحقني عقب شوي ..
وراح عشان يخليهم ... وخالد رجع لـ ياسمين بابتسامته الجانبية الصغيرة ..وكأنه كان عارف هي ليش جت ...واثنينهم ما نسى اللي صار الصبح : .. كيف كان ؟؟
ابتسمت ياسمين لأنه فهم هي ليش جت : .. بنظري كنت الأفضل ..
ابتسم بزوود : .. مشكورة ...تشجيعك لي اليوم الصبح...كان له دور..
ضحكت بحبور : الحمدلله...كنت اشوفك متوتر اليومين اللي راحت.. قلت اساعدك ..
خالد وهو يحك خده فوق غمازته بالضبط : ... مو عادة اتوتر...لكن لأن الوقت كان ضيق عشان استعد..ودكتور نايف ما عطاني خبر اني بمسك العرض إلا متأخر..كنت شوي حذر... وأبي الموضوع يمشي مثل ما كلنا نتمنى ..

ياسمين بمباركة : جيت ابارك لك...لأن بصراحة والكل يشهد...انت غطيت عالباقين ...ما شفت كيف الكل كان مشدود معك..وكثير حبوا يناقشون الأفكار اللي انت طرحتها ..
خالد ويده ترجع لجيبه : ..الحمدلله ... مساعدتك لي اليوم الصبح..ساعدتني كثير...مشكورة دكتورة ياسمين ..

اسمها بلسانه له رنيين غييير..خلتها تنزل راسها والخجل يملا وجهها ..ولأوول مرة تتغير ملامحها لهالدرجة قدامه...
وخالد ابتسم بزود يوم شاف التغير الأحمر على وجهها .. وما قدر يبعد عيونه عن وجهها اللي كان يهرب بنظراته للأرض..
أول مرة يشوفها هالشكل ..والارتباك ماخذها بزيادة... طول الفترة اللي راحت كانت طبيعية معه بس من الصبح وهو حاس انها متغيره ... يمكن بسبب التقارب اللي صار ..!
ابتســم ابتسامة ألـــم وهو يشوف كيف ياسمين مرتبكه ...
ليت مشاعل عندها ربع اللي عندك...كان الحين أنا مو تعبان ومنهدّ ..!
غمض عيونه يوم طرت صورتها بباله... واستمر على هالحال ما فتحهم ..!
ومشاعر وجع داخله..تعصر أطراف قلبه... مو قادر ينسى آخر مرة جرحها فيه.. ما كان طبعه .. ما كان..،

رفعت ياسمين راسها يوم شافت صمته ... واستغربت يوم شافته مسكر عيونه..وعقدة حواجبه تشبه للألم ..،
باهتمام : دكتور خالد ؟

فتح عيونه ببطء وهدوء..وطاحت على وجهها .. وابتسم يمحي طيفها ..
ياسمين : عسى ما شر ؟
خالد بابتسامة رجع لوضعه الطبيعي : ما شر...بس كأني بديت أصدع ..
ابتسمت : سلامتك..
خالد : خلينا ندخل ...

مشت معه لداخل ... وبالنسبة لخالد كان ناوي يتصل بجمال يشوف وينه ...وهو يمر جنب بنتين جالسات وياسمين تمشي وراه ..
- ايوه سارة ..وشرايك نطلع..المؤتمر خلص..
- لحظاااه بشوف الدرايفر وينه ..يقلع بليساااه.. دايم ما يسمع الكلام ويحب يتأأخار ..اووفف ! ( بدلع ماصخ مخلوط بعصبية مايعه )
وقف خالد لا شعوريا ..وطالع بالبنت اللي كانت تسولف ويا صديقتها ..نظرات صامتة عميقة... وهي على أعصابها ...ثانيتين ومال براسه بعيد عنها ..وكمّل طريقه بنفس الهدوء من دون ما يقول كلمة ..

وهو يرجع للوبي...سمعته ياسمين يهمس لـ عمره : استغفر الله ..اعوذ بالله من الشيطان ..
ياسمين باستغراب : شفيه دكتور خالد ..؟
التفت عليها ..وشافت بعيونه حييرة وكأن فيه شي شاغله ومو لاقي له جواب : .......ولا شي...لا تشغلين بالك ..!
ياسمين بابتسامة : اوكي اجل انا بروح..حبيت ابارك لك بس...تستاهل ..
ابتسم للودّ اللي ينبع من ملامحها : .. ما قصرتي ..يعطيك العافية ..

راحت عنه ناحية صديقاتها ..أما هو فرك جبينه ..ومو فاهم سر الشعور اللي يداهمه من بداية السهرة ...
نفض راسه وللمرة الألف يقول لنفسه...ان اللي يفكر فيه ..مستحيل ..!

رنا بصددمة : يمه!...ليش تكلمتي بمياعة ؟؟..حومتي كبدي !
مشاعل وقلبها يخفق من نظرته الأخيرة : .. ما كان قدامي الا كذا...
رنا : ترا مافهمت شي..علميني وش القصة ...

قررت مشاعل تقولها دامها دخلت بالسالفة : ... هذا اللي شفتيه قبل شوي ...يصير ولد عمي ..
رنا بصدمممة : ..نعععم؟؟... ولد عمك ؟...ولد عمك على طول ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
مشاعل : ايه...ولد عمي على طول... ابوه أخو ابوي ...
رنا وهي مو فاهمه شي :..طيب ليش ما علمتيني من البداية ...ليش قلتي انك ما تعرفينه !!؟
مشاعل : لأني ما توقعت انه بيكون موجود...ولو كنت ادري ما كان حضرت المؤتمر أساسا ..
رنا بحيرة : ليش؟؟
مشاعل : قصة طويلة ..أهم شي طول ما احنا هنا ..ناديني سارة ... وانا بكلم اخوي محمد...اخاف يتأخر ..مافيني أجلس هنا أكثر..أحس اني مراقبة ومفضوحة ..!!
رنا للحين ما فهمت شششي أبد : ...يعني انتي ما تبينه يعرفك ؟؟...ليش؟؟...هو ضد وجودك هنا يعني ..وتخافين يسوي مشكلة لو درى؟؟؟
مشاعل : ايه...مابيه يدري...بيعصب لو درى اني فيه..وانا مابي مشاكل ..

وبلحظة خاطفة ..لمحت الدكتور نايف وهو يمشي مع رجال ثاني من عمره ..يسولف وياه...عرفته وتذكرت انه هو مدير المستشفى اللي يشتغل فيه خالد.. رمت شنطتها على رنا وفززت واقفه : دقيييقه ...!
رنا بخرعه : وين؟؟

راحت بسرعه ناحية الدكتور نايف عقب ما أخفت بطاقتها .. وقالت وهو تجمع ثقتها بنفسها : دكتور...نايف؟؟
التفت الدكتور نايف لها وهو يوقف مع الرجال ...وقالت بهدوء : ممكن...؟..أبيك بموضوع !
ابتسم د.نايف بأدب.... والرجال اللي معه قال : بسبقك أجل ..

وراح...أما د.نايف عطاها كل اهتمامه : آمريني يا بنتي ؟
مشاعل وقلبها مضطرب..قالت لازم اكسب الفرصة من الحين ..مارح تفشل ..يعني مارح تفشل ..
نطقت برزانه.. والجرأة الفطرية بصوتها واضحه وضوح الشمس : .. بغيت أطلب منك طلب...
د.نايف باستغراب : طلب؟... (وبهدوء مستفسر ) ...انتي جايه للمؤتمر ؟
مشاعل وهي تصفصف الحكي : ايه ..تبع معهد التمريض .. وسمعت عرضكم ..كان مرة جميل..عجبتني اهدافكم ..ودوركم بالمجتمع فعال...وبغيت أكون جزء منكم..
ابتسم لا إراديا من اندفاعها : تبين تكونين جزء منا ؟
مشاعل : ايه..سمعت انكم ما تاخذون أي احد..وانا من البداية كنت اتمنى اشتغل بهالمستشفى ..حلم من أحلامي ..وجيت اطلب منك تساعدني..وما تردني اذا جيتكم ..
د.نايف على ابتسامته : مارح نرد احد قادر انه يثبت نفسه ...وانا دايم احب الشباب الجاد اللي يبون يقدمون اقصى ما عندهم ..
ابتسمت : ..انا اذا ما اشتغلت بهالمستشفى..ما اظن بقدر بغيره...قلت لك ان مستشفاك حلم من احلامي...وان شاء الله ما تحطمني..
ضحك لا شعوري لأنها كانت تستميله : .. وش اسمك يا بنتي ؟
بلعت ريقها ..وقالت : .....مشاعل ..
د. نايف : مشاعل ؟
مشاعل وتجنبت تقول اسم العائلة : ..ايه ...مشاعل عبداللطيف...
( ابتسم ) : والنعم ... كم باقي لك يا مشاعل ؟..ووش تدرسين ؟
تشجعت اكثر واكثر : .. ادرس تمريض... تمريض اشعاعي ..
رفع حواجبه باعجاب : حلوو... وكم باقي لك ؟
مشاعل : باقي لي شهر...وأبي اتطمن من الحين...أبي أبشر اهلي...لأنهم مرة حاطين امل علي..
ابتسم بحنية : ما شاء الله .. وان شاء الله مستواك حلو ..؟
مشاعل بدون تردد : طبعا ... انا بالشغل مافيه مني..
ضحك من ثقتها المفرطة : ..بس شغل مستشفانا صعب.. مو مثل ما تتخيلين..غير كثير مستشفيات حكومية ..
مشاعل : انا عارفه... وادري انه متعب... وانا احب التعب... واليوم لما سمعت خطابكم.. حبيت ادخله اكثر من قبل..اتمنى ما تردني دكتور..اتمنى..
د.نايف : ما اقدر اعطيك كلمة الحين... لأني حريص على توظيف اللي يستاهل..
بغت تصيح... وزادت من نبرة الرجاء : .. وانا مصره اجي عندكم .. ممكن تعطيني رقمك ؟
استغررب من طلبها : ليش يا بنتي؟؟
قالت باصرار : ابي اكلمك اذا خلصت دراستي...مابيك تنسى اسمي...ابي وعد من الحين... وانا واثقه من الحين اني بكون قد المكان...
د.نايف تعجب زود من انفعالها اللي اول مرة يشوفه على طالب ..شاف مجموعة طلاب الليلة وتناقش مع البعض بس اول مرة تكلمه طالبة هالشكل وبهالاندفاع والاصرار اللي بصوتها ..
ابتسم وما قدر يرد طلبها : اوكي..ولا يهمك يا بنتي...خذي رقمي...وما اظن اني بنسى اسمك لأن كلامك يلفت..
ابتسمت بارتياح وهي تشوفه يطلع بطاقته الخاصة...عطاها اياه ..
وهي بتطييير : .. يعني ان شاء الله ما تردني..
د.نايف : اذا جيتي ناجحه ان شاء الله كل خير...

وراح عنها ...رجعت مشاعل لرنا وهي حابسه أنفاسها من الفرحة...
مشاعل وهي تجلس : شكلي ضمنتها رنوو...ضمنتها !!
رنا اللي ما سمعت شي : وش قلتي له؟...
مشاعل : خذيت منه وعد انه يوظفني عندهم ..اهم شي انجح ..
رنا بتعججب : ما صعبت عليك ..بسم الله عليك الله لا يضرررك ..
مشاعل بضحكة : ههههههههههه صبر ... ( وبمكر وهي تتوعد خالد بقلبها ) .. انا قررت استغل اسم خالد بالموضوع.. بس مو الحين... انا ما قلت له اسمي الكامل ...واذا قدمت ملفي عندهم ذيك الساعة بيعرف اني اصير لـ خالد ... بخلي اسم خالد واسطتي .. حلفت على نفسي ..ادخل هذاك المستشفى .. مارح اتخلى عن هالهدف لو كان آخر يوم بحياتي ..
رنا توها تلاحظ : ايه صحيح...توني انتبه....انتي تبين تشتغلين بالمستشفى اللي يشتغل فيه ولد عمك ...!
مشاعل : هذاك فهمتي ..
رنا بحيرة : وشوله هالحوسة كلها اجل....كان من الأول تطلبين من ولد عمك...بدل لا تكلمين مدير المستشفى بكبره..
مشاعل : انتي وش فيك متنحه...ولد عمي ما يدري اني داخله التمريض اساسا ..وانا ابي اشتغل بهذاك المستشفى ..
رنا وقف مخها ما عاد صارت فاهمه شي.....وقبل لا تسأل ...كان جوال مشاعل يدق ..
قامت واقفه : هذا اخوي محمد... اكيد وصل ... (شافت ساعتها ) ... الساعة عشر إلا ... تبين اوصلك؟
رنا : لا ...اكيد سيارتي بالطريق..
مشاعل : اجل اشوووفك...مع السلامة ..
رنا : مع السلامة ..

وراحت مشاعل ناحية اللوبي ....وردت على محمد ..
مشاعل : هلا محمد ..
محمد: ها خلصتي ...انا جايك..
مشاعل : ايه...اسمع... (وعينها تطيح على خالد مع جمال جالسين في وحدة من الجلسات باللوبي ) ..
محمد : ايش؟
مشاعل : لا تجي عند الباب....بجيك ..قولي وين انت وبجي..
محمد باستغراب : ليش؟
مشاعل تدور سبب..وهي بالأساس ما تبي خالد يلاحظه ولا يلاحظ خالد : ..بس...عشان زحمة ..كل الناس قامت تطلع..انت قولي وبجي ..
محمد : طيب دقيقتين وبكون عند البوابة الرئيسية..يبيلك تمشين دقايق
مشاعل : خلاص مو مشكلة ..

سكرت وتوجّهت للمدخل مباشرة بدون ما تلفت نظر خالد لها ... لكن اللي لاحظها هو جمال...اللي كان جالس ووجهه ناحية المدخل ...وخالد معطي الباب ظهره ...عرفها عن طريق شنطتها المميزة...وابتسم من جديد عالموقف اللي صار...ولو ان فيه أسئلة كثيييرة ملت راسه عن هالبنت..وجيّتها اليوم...ورغبتها ان خالد ما يدري...
نزل بنظراته لـ خالد اللي كان يقلب بجواله واهتمامه مركّز فيه ... وش سبب تصرفها ذااك ؟.. ليش ما تبيك تعرفها يا خالد ؟؟
رفع خالد راسه لقى جمال يتمقّل فيه.... وبهدوء : شفيك تطالعني؟
جمال بهدوء مقابل : .. مو شي مهم ..
خالد شاف ساعته : يلله ..خلنا نمشي..أنا تعبان ..وحيلي مهدود ..
وقام واقف...وتحرك..وجمال كان يشوف على وجه خالد تعب يتزايد مع الدقايق ... تجي لحظات يحس فيها جمال ان خالد شايل شي كبير بقلبه ..ماهو واضح !.. رغم انه يرجع طبيعي بسرعة...لكن ما يدري..تجي لحظات ..يشوف في ملامحه قلق..وشرووود...! والأيام الماضيــة ..كان متقلّب بعض الشي ..!
قام وراه ..عشان بيرجعون سوى....من دون ما يفتح موضوع بنت عمه...أو يقول شي بخصوصها...!



مشاعل اللي طلعت من الفندق ..راحت للمكان اللي فيه سيارة محمد...واول ما ركبت سلمت ..وتوّها تحس الحين انها بسلااام وابتعدت عن مكان الخطررر...
كان محمد مدنق لجواله ..ويطقطق فيه بيديه الثنتين ...
مشاعل وهي تسكر الباب : .. تأخرت؟
محمد وهو يطقطق بتركيز : لا ..
مشاعل باستغراب : مين تكلم ؟؟
محمد عقب ما انتهى نزل الجوال..وبيده حرّك السيارة : ارسل رسالة لـ عمي بروسيا ..كان مرسل لي شي يستفسر عن شي بالشغل وكتبت أرد عليه..

من يوم طرى عليها روسيا ..تذكرت سحر...اللي من راحت ..ما كلمتها ..
ولا شعوريا زفرررت وهي تهمس بحرارة : وحششتني الكلبــة !
التفت عليها محمد وهو ساكت يوم استوعب انها تقصد سحر...وبدون ما يقول شي رجع للطريق ..
مشاعل وهي تكمل بحررة : لو بيدي رحت لها هناك..وقطّططعععت شعرها تقطييييع ...
محمد ما قال شي...رغم ان أحداث آخر مكالمة بينهم ..رجعت تهاجمه..وتألمــه،، مع انه يبي ينسى هالحركة اللي سواها بالغلط..واللي ما كانت بوقتها أبدا...ليتها تسامحـه.. ليتها ..
وعشان ينهي طاريــها : شخبار المؤتمر ؟..كيف بشري ؟
مشاعل ابتسمت ولو ان رعشة الارتباك من كل شي مرت فيه للحين ساكن اطرافها : ..كان حلو...
محمد : تعشيتي ؟
مشاعل اللي نغزها جوووع : ..الصراحة....لأا..
ناظرها باستغراب : وليش؟؟
مشاعل وهي تقلب بفمها من الضيق : فجأة انسدت نفسي ..(التفتت عليه وهي ترمش بعيونها بغنج...لعلها تستعطفه ) ..شرايك تشتري لي على حسابك....تراني والله ميتة جووع واحس انا بطيح من التعب..طاقتي كلها راحت..
محمد بسخرية : وش ماسكك...احد يدخل مثل هالفندق ويفوّت عشاه..جد حمارة ..!!
عصبت عليه : وجعه لا تسب ...ترا موب ناقص منك شي..لو دفعت لي عشرين ريال على همبرقر ..
محمد بابتسامة ساخرة : ..وش اللي سد نفسك طيب ؟؟
مشاعل وطيف خالد يرجع لها بعننننف : ... مدري...انسدت نفسي...وقلت وانا راجعه ..اشتري لي أي شي...وخلنا نشتري لـ شادن معنا..
محمد ما عارض ..ولقى نفسه ينحرف بالسيارة على اول مطعم وجبات سريعة قابلهم ...

عقب فترة رجعوا للبيت ...وقبل ينزلون ..دق جوال محمد جنبــه ..ويوم شاافه ..تغيّر وجهه ..كانت خطيبته بسمة اللي تحاول تتصل فيه ..وهو متردد يجاوب ..هذي ثالث مرة تتصل فيه من أول مكالمة رد عليها بالشركة.. وهو ما يرد ... ما يدري شلون يستأنف هالعلاقة ..ويقتنع ..انها ..خطيبته..!..ولازم يتجاوب معها !!
مشاعل لاحظت انه ما يبي يرد : ..مين؟
محمد نزّل الجوال وهو يتنهد : محد مهم ..
مشاعل : اجل انا بنزل .. بتروح مكان ؟
محمد : لا بجي وراك ..

نزلت قبلـه وراحت وهي شايله كيسة أكلها معها ...عشان تتعشى هي وشادن سوى ..
أما محمد ..جلس مكانه.. كان يتأمل الجوال..ورغبته تجاه هالعلاقة مقتووووولة من بدايتها ..هدأ رنين الجوال ..
لكنه رن من جديد...بس هالمرة مسج ... فتحه بهدووء ولقاه منها ..
"لازم أتكلم معك....بليز رد علي "
وجعه قلبــه ... متى تفهمين اني ما فيني ..ما فيني !!....
رفع راسه للسقف وهو يسنده .. وأفكار جوفاء تملا مخه ....
وعشان ينهي الحاحها الليلة ...قفل الجوال مرة وحدة ..ونزل من السيارة ...!


عقب فترة رجعوا للبيت ...وقبل ينزلون ..دق جوال محمد جنبــه ..ويوم شاافه ..تغيّر وجهه ..كانت خطيبته بسمة اللي تحاول تتصل فيه ..وهو متردد يجاوب ..هذي ثالث مرة تتصل فيه من أول مكالمة رد عليها بالشركة.. وهو ما يرد ... ما يدري شلون يستأنف هالعلاقة ..ويقتنع ..انها ..خطيبته..!..ولازم يتجاوب معها !!
مشاعل لاحظت انه ما يبي يرد : ..مين؟
محمد نزّل الجوال وهو يتنهد : محد مهم ..
مشاعل : اجل انا بنزل .. بتروح مكان ؟
محمد : لا بجي وراك ..


نزلت قبلـه وراحت وهي شايله كيسة أكلها معها ...عشان تتعشى هي وشادن سوى ..
أما محمد ..جلس مكانه.. كان يتأمل الجوال..ورغبته تجاه هالعلاقة مقتووووولة من بدايتها ..هدأ رنين الجوال ..
لكنه رن من جديد...بس هالمرة مسج ... فتحه بهدووء ولقاه منها ..
"لازم أتكلم معك....بليز رد علي "
وجعه قلبــه ... متى تفهمين اني ما فيني ..ما فيني !!....
رفع راسه للسقف وهو يسنده .. وأفكار جوفاء تملا مخه ....
وعشان ينهي الحاحها الليلة ...قفل الجوال مرة وحدة ..ونزل من السيارة ...!


عقب ما بدّلت مشاعل ملابسها لبجامة النوم ... أخذت كيسة الأكل..وقررت تروح تتعشى مع شادن اللي ما طلعت من غرفتها من صار لها اللي صار مع عمر ...مشاعل كانت قلقانه عليها طول الأيام اللي فاتت..وهي شاكه ان اللي فيها أكبر من الاصابة اللي براسها.. دقت الباب بهدوء ودخلت ..وهي مبتسمة ..ناسيه كل شي صار لها الليلة مع خالد ..أو مع صديقه ..!
لكن اللي شافته..منظر ما توقعت تشوفه .. كانت تتخيل ان شادن نايمه وبتصحيها تتعشا معها وتغير مودها المكتئب...اللي كانت تتوقع انه بسبب اختفاء عمر المقلق عنهم ..وللحين ما لقوا عنه خبر ..
لكن شادن ما كانت نايمة ..كانت صاحية...بس بوضعية غريبة ... جالسه عالأرض وظهرها متسند للسرير ..درج الكومدينا مفتوح جنبيها ...راسها طايح على ركبها المرفوعة ..وشعرها الفوضوي طايح من كل الجهات لدرجة ما تشوف وجهها...والأهم واللي لفت نظرها ..الألبوم المفتوح اللي عند رجولها العارية ..والصور المتناثرة بكل مكان وبعضها كان مشقق ومتمززق ..!!
قلقــت علييها ...واقتربت بسرعة وهي تنزل كيسة الأكل عالأرض....ونزلت عند شادن بخووف : شاادن ؟... شفيك صايره تخوفيني عليك !
ما ردت ..ومافيها تررد..

مشاعل دنقت للصور اللي بعضها ممزق...رفعت جزء مشقق تشوفها ...وباستغراب وقلق...لقت وجه عمر فيها... أكثر من صورة مشققة لـ عمر ..!
خاااافت من حركة شادن ...ورفعت راسها لاختها بـ سرعة : ...ليش شققتيــــها ؟؟
جاها صوتها بعيييد ومكتوووم ..مو صوتها : .. مابيها ..!
مشاعل هوى قلبها ...هذي مو شادن ...مو شادن...شادن تعيش وتموت في عمر...وتتنفس عمر... وتحيا فيه ..!
شادن الكنز اللي كانت تتقوى فيه خلال سنوات غيابــه ..هو صوره...وذكرياته اللي تركها لها ...!..اه لو يدري باللي تركه وراه ..!
هالصور كانت ..ولازالت ثروتها اللي ما تبدلها بـ شي من كنوز الأرض ..!
مشاعل بانفعااال : تكلمي ...ليش شققتيها ؟؟...وش صاير بينكم ؟؟...انتي تعرفين وينه ؟؟..(توها تستوعب هالنقطة) .. إلا انتي تعرفيييين وينه وحالتك هذي مو عالفاضي..تكلمي وش صاير ..!
شادن بكتمــة ..وبدون حراك : ...ماعرف ..!
مشاعل بجدية : ..وش مسوي المجنون هالمرة ..!! ..حالتك هذي مو عشانه مختفي وما ندري وينه...بديت احس ان فيه شي صاير بينكم...وانتي ما تبين تقولين لأحد...

هاللحظة دبت الحياة في جسد شادن..بعد ما كانت أشبه بالجثة الجامدة والميتة ..استجابت ..ورفعت راسها ببطء شديد ..لوجه مشاعل اللي ارتعبت ألف مرة من المنظر...كانت ملامحها مو ملامح شادن...عيونها جاحظة ..ونظراتها شاخصة..وشعرها مشعث من اهمالها الأيام اللي فاتت ..ووجهها اسوود من اضرابات نفسية عنيفة تعيشها ... كانت فزااااعــة.......مو شادن ..!! أبدا مو هي ..!
ومشاعل طاح قلبها في بطنها ..وهي تحس ان اللي جالسه قدامها.....انسانة ...ببساطة مجنونة ..!
وبصياح رعب : وشفيك؟؟....لا تناظريني كذا !!
شادن بهمس.. ولسان ثقييييل خرع مشاعل : ان....انا....
مشاعل بدت تبكي من وضع شادن اللي يخرع... كلماتها مو ضابطه...ونظراتها يملاها الضياع ...ورعشة مسيطره عليها ..
لا شعوريا نطت مشاعل عليها وحضنتها : ..شفييييك شفيييك.... علميني شفيك ؟؟..شادن لا تسوين فيني كذا...مخوفتني من كم يوم..كلميني...
وشادن تزيد نفضتها وكأن ذكرى اللي صار...عصــرها.. ورماها بدون روح ..
مشاعل قامت تصيح من مشاعر الرعب ..أول مرة بحياتها تشوف انسان بهالمنظر الغير طبيعي ..ِشلون لو كان اختها ..
مشاعل وهي تبكي : علميني وش فيك... انتي فيك بلوى ...انتي مستحيل تصيرين كذا من غير سبب...شادن لا تسوين كذا ترا والله اخاف........
حست أخيراً بـ يد شادن على ذراعها ..وهمس مقتول : مش..اعل...
تراجعت مشاعل شوي لين صارت مواجهتها بوجهها : ..قولي..اسمعك...
شادن وهي تواجه صعوووبة بالكلام : أبي...أشو..فـــه...
ابتسمت مشاعل بألم وهي تتمسك بيديها بقووة :..بتشوفينه ان شاء الله..
دممعت عيونها وهي تنطقها : بس...هو..ما يبي... ما ..يحبنــي ..
مشاعل باهتمام : لا تقولين كذا ...عمر يمووت فيك ..يمكن أشغله شي وبيرجع بعد كم يوم..
شادن رجع لها الموقف بحذافيره...ذاك الموقف العنيف....وهاللحظة حست ان اللي قدامها..هو عمر..مو مشاعل ...وصوته وهو يقول ما يبيها ولا يبي هالزواج...يتردد بآذانها وكأنه يتردد بين جدران هالغرفة ... صار خياله ما يفارقها وكأنه قدامها ويعيد كلامه مثل شريط المسجل...
شهقت بععععنف .. ومشاعل ارتعبـــت قدامها..وهي تردد : .. ما يبي يشششوفني..يكرهني...يكرررهني....رماني ..

"يكرهني !!!"
كملة أرعبت مشاعل حد الصميييم... مسكت شادن بقوة وحضنتها ..وأعصابها ذاااابت من الرعب والخوف عليها ..
يكرهني !!..؟....... مستحيل اللي تنطق فيه شادن ...!
وصارت تبكي على كتف مشاعل بعنننف ما قد صار ...بخوف ما قد صار .. من يوم صار الموقف مع عمر...أول مرة تبكي بالعنف المضاعف على كتف أحد......ومشاعل حاضنتها وهي تنتفض...مو عارفه وش تسمي الحالة اللي فيها شادن الحين ..
صارت تمسح على ظهرها ودموعها تنزل : خلاص ..شادن حلفتك بالله لا تسوين كذا ...وش صاير بالله عليك تكلمي ...
شادن وهي منهارة آلااام : مش..ااعل...أنا تعباااانه...
مشاعل قامت تسمي عليها وهي حاضنتها بقوووة ...وقامت تقرا عليها آية الكرسي ..وشادن تنتفض بكــى يتفجـــر من كل ذرة احساس فيها .... كل ذرة احساس ..متشبّعة فيه ومنه...كل ذرة احساس عاشت سنوات وهي تفيض مشاعر نقيــة له... وشلون يرميها بهالسهولة !...وشلون يرميها وراه عقب كل هالسنين ..!!..
مشاعل وهي تشهق غصب : اهدي..بسم الله عليك..اهدي الله يخليك....
وشادن ذايبـه من البكــى وجسمها مرتخي على مشاعل مافيها تشيل نفسها ..
مشاعل مافيها الا تقرى عليها قرآن..طال عليهم الوقت ..مرت دقايق ودقايق..وشادن تعاااني أكبر معاناة ...الين مرت ثلث ساعة ارتخت فيها تدريجيا ..وتبخررت كل قوى تسكن جسمها .. مافيها عصب واحد يقوى ..
حست مشاعل ان شادن خبى صوتها..وظنّت انها نامت ...لكنها ما نامت ظلت عيونها جاحظة وشاخصة على نقطة فراغ...نزلتها بهدوء للأرض..وشعرها لازق بوجهها من دموع غزيرة غسلته...حطت تحت راسها الوسادة ..وسحبت غطا السرير وغطتها ..هـدت بس الرجفة لازالت تنفض اطرافها.. وقررت تتركها شوي لكنها بترجع تشوفها..ورغم تعبها من هاليوم ..وحاجتها للنوم إلا ان كل ذرة للنوم طارت من وضع شادن .. مافيها تنوم وتتركها بهالحالة ..تخاف ممكن يصير لها أي شي بالليل......قامت ..وطلعت وقلبها معصووور ومقهوور ..
دخلت غرفتها ..وبسرعة الإعصااار مسكت جوالها ومشاعرها الغيوورة على شادن تحررقها ..كلام شادن ما يطمّن وما تدري ليش بدت تقتنع إن الموضوع أكبر مما يتصوورون... وإن غياب عمر .. وراه سبب ما يعرفونه..
دوّرت على رقم عمر وصدرها يطلع ويهبط من الانفعال والقهر...ومن اللي مرت فيه مع شادن ..
اتصلت فيه ...ولقت جواله مغلق مثل عادته من يوم اختفــى... وبدون تردد فتحت صفحة الرسايل وقهههرها وعصبيتها يحررركونها ..
كتبت رسالة طويـــلة عريضة ..وأرسلتها وهي تعض على شفاتها ...لازم توصل له...ولازم يدري وش اللي تعيشــه شادن من عقبه...لازم يرجع بسرعة وينهي هالحالة !!..وهو أكثر واحـــد بهالدنيــا....فاهم وعارف .. ان شادن ما تقوى ابتعاده ..!!

::

بين جبـــال الجنوب .. وبرودة الليل القارصة بذيك المناطق..
في وحدة من الفلل القديمة..المستقره على وحدة من سفوح الجبال ...طلع عياف من الباب الخشبي وهو معصب ..وعادل وراه ..
عياف بغضــب عنييف : هالآدمي تحمّلته واجد..لكن الظاهر بيجبرني أتصرف معه بأسلوب ثاني ... (وهو يتلفت بالظلمــة ..ويناظر بخيالات الشجر بينهم ) ..وينـــه الحيـووان ؟؟
عادل : شفته طلع من ساعتين ..سألته وين بيروح لكنه تفــل بوجهي ..!
عياف بغضب مزمجر وعيونه تلمع احمرررار : أنا أوريـــــــه تصرفاته صايره تستفزنــي...تغيّر ومعاد صار مثل قبل... هالتمــــرد اللي فيه بعرف شلون أكسره ... أنا محد يتمرد علي..
عادل بابتسامة جانبية حقيرة : ..من أول كنت أقولك ..هالانسان ماله أمان...لكنك ما سمعت !
عياف بنبرة حااادة : اسسسكت .. مدري وش اللي صاير له..من راح الرياض وهو منقلب مية وثمانين درجة...لازم أعرف وش وراه...
عادل بـ سخرية : وتتوقع بيفتح لك قلبه مثل قبل ؟....ياااا زعيم لازم تعرف إن عمر الحين مو عمر اللي عرفته قبل أربع سنين ...انا من الحين اقولك ..عمر خطر علينا كلنا ..وخطره أكبر من خطر حسن اللي انمسك...هذي نصيحة اعطيها لك وانت عاد بكيفك...
التفت عياف على عادل بعنف...وبدون مقدمات مسكه من ياقة بلووزته بعنف أشد.. وقساوة عيونه تسطع شرار : ابلع لسانك احسن لك...ولا تجيب شي من راسك...اثنينكم كلاب وانا بعرف شلون أتفاهم معكم ..
عادل بنظرة حمقانة ..مسك كلام كان بيطلع من عصبيته ..
عياف بنبرة قوووية وهو يناظر عادل في وسط عيونه : ايييه لا تطالعني كذا أو تبيني أذكرك بتهبيبتك الأخيرة ...واللي ما كنت بعرف عنها لولا عمر اللي نقل لي أخبارك... ترا أنا نسيت اللي سويته بمزاجي ولا من زمان ذابحك على حركاتك القرعه ..يا كلب..!
عادل بعصبية تتفاقم : .. لولا حركاتي القرعه على قولتك...كان ما عرفت هالناس اللي مستعدين يساعدونك ويساعدون شلتك بهالورطة اللي طايحين فيها...لا تنسى اني احاول اساعدك يا زعيم..لكن انت للحين معطي عمر أكبر من قدره...متى تفهم انه واحد مهوب مثل ما تتخيله...هذا واحد مستعد بأي لحظة يدوسك وينساك...ولا يهمه شي... أعرف هالصنف زين أنا ..
عياف صررخ بزمجره..وأعصاااابه ثايره بما فيه الكفاية ..ثايره من مشكلتهم..ومن عمر ..ومن عادل اللي جالس يزيده بكلامه : .. ولا حرف يا حيوان قلت لك ابلع لسانك لأذبحك !
دفه بعيد وهو يترك ياقته..وعادل اللي كان بيطيح...تعدّل بوقفته وعيونه تنضح شرار ... وعصبيه ..وحقد...!
عادل : من اليوم وطالع ببلع لساني...لكن لا تجي مرة ثاني تطلب مساعدتي ..او شوري...
عياف اللي كان وده يطق أحد...يذبح أحد...وأعصابه تلفانه من التعقيد اللي وصلوا له...التعقيد اللي كان السبب الأول فيه...هو عمر...وعصيانــه !
كان بيروح لـ عادل يفررغ حرّة عمر فيه ....بس قبل يوصل له ..سمعوا حس سيارة تقرب ...التفت عياف لورا ..ومن بين الشجر المنتشر بكل مكان ...والليل الأسود... لمح سيارة تقرب وصوت كفراتها وهي تمشي على الحصى والتراب ملا الجوو...لأن الطريق كان وعــر وبعيد شوي عن أي طريق معبّد ...!
عرفها مباشرة ...سيارة عمر !.... لملم مشاعر الغضب المنفجر ووقف مكانه وهو يراقب السيارة اللي كانت تقرب بهدووء ..ونورها اللي يسطع بالعيون لدرجة انهم ما يقدرون يشوفون عمر ..!
وقفت السيارة قريب منهم...وانفتح بابها ...ونزل عمر بطوله الفارع وهو لابس جكيت أسود طوويل لحد آخر فخذه يدفيه عن البرودة الفضيعة بهالمكان...على هيئته الهدووء .. والصمت ...طاحت عيونه على عياف وعادل وهم واقفين جنب بعض ويناااظرووونه ..سكر باب سيارته وهو يصد..كأنه ما يعرفهم ..وتحرك بخطواته الثقيلة ناحية الفيلا من دون ما يقولهم كلمة..أو يبرر غيابه...وكان هذا بنظر عياف ...اعلان صريح للعصيااان ..!
صرخ عياف يوم شاف عمر وصل الباب من دون ما يعبّرهم : تعااااااال يا كلـــب ..!
وقف عمر عند الباب ..والتفت ويديه داخل جيوب جكيته ..بنظرات.. وهيئة.. أشبه بثلج الصقيع البحت ..وحالة العصيان والتمرد تزداد على هيئته مع الساعات والأيام اللي يمضيها هنا ..!
عياف وهو يمشي له بسرعة صاروخية وغضب يتفجر : .. مهوب أنا اللي تسوي فيني كذا ..!
عمر كان يتابع اقترابه بهدوء اعصاب ونظرات ميتة ما فيها حياة... وهالبروود استفز عياف اكثر واكثر لأن عمر ببساطة ما كان يظهر أي لمحة خوف ..!
وصل عياف وبدون تراجع مسك عمر من ياقته وهو مندفع ودفه للجدااار اللي جنب الباب وعيونه تشتتتتتعل لهيييب : .. حذرتك مليون مرة من اسلوبك وهذا آخر تحذير...لا تختبر طولة بالي ولا تختبر معزتك ترا بيوم وليلة ممكن ارميها ..
عمر كان يطالع عيون عياف بذات النظرات الميتة واللي ما تعبر عن أي شي...
عياف ركبه مليون شيطان ثاني : .. لا تتعامل معي بطريقتك ذي..تدري فيني ما أواطنها ..تكلم انطق يا حيوان ..وينك من ساعتين .. مو قلت لكم محد يترك الفيلا بدون اذني ..ومحد يطلع بدون ما يعطيني خبر..وينك منقلع ؟؟؟؟؟
أخيرا استجاب عمر...بابتسامة جانبية ..تنضح استفزاز وسخرية ..بنبرة نااايمة من هدوءها : ليش؟؟...خايف..أخونك ؟
شد عياف بقبضته تحت رقبة عمر ..وهو يتوعد : .. لا تستهبـــل علي وتسوي فيها !
عمر بنظررااات هادية فيها حدّة فطريـة : .. شيل.... يدك !
عياف بوعييييد : عمر أحسن لك تكلم وينك منقلـع من ساعتين !!؟
عمر على بروده : ......ماهوب ..شغلك !
عياف وهو يهزز عمر من ياقة صدره لأنه طلع من طوره كلييييا..وبصراخ غضب : .. بتتكلم غصببببن عليييك !!
وبدون مقدمات...طلّع السكينة الحادة من جيبه ..وصار نصلها قريب من رقبة عمر...وعمر يطالع بعيون عياف ..وهدوءه يعلن لا حياة لمن تنادي ... وعياف يهدده وعيونه تشتعل لهييب .. عياف اللي كان اليومين الأخيرة ..منقلب حاله...وطالع من أطواره تماماً...فاقد شخصيته...وصاير عصبي والغضب متملكه أغلب الساعات..
عمر ببرود : ... بتذبحني؟... (ابتسم ببرود ) .. ماعندي مشكلة ..اذبحني...عالأقل أفتــك من غثاك..
عياف طنننقر زود..وفمه قام يتقلب...مرة يعض على لسانه..ومرة يعض على شفاته ..والسكينة كل مالها تقرب من رقبة عمر بارتعاشة غضب تهز يده هززز....
وقبل يزداد الموقف سوء ...طلع واحد من الشباب من الفيلا بسبب صراخ عياف ..ولقى عياف قابض عمر والسكينة بيده...ركض برعب وسحب عياف بسررعة وهو يصرخ بصوت عالي : .. شفيييكم مو كذا يا شباب ...عياف اهدى انت مو حاس بنفسك...لك كم يوم على هالحال .. (التفت لـ عادل اللي كان يراقب الموقف من بعيد ..وبعصبية ) .. وانت !!... عاجبك الوضع !!! ليش ما فكيتهم !!!
عياف بغضب وهو يفك نفسه منه : اتتتركني...ذا يبي له تربية من جد وجديد !!
استعدل عمر بوقوفه..وابتعد عن الجدار ونبرته الجامدة الواضحة هي هي ما تغيرت ولا اهتزت : ... اللي يحتاج تربية من جديد..هو انت !
عياف المنفجر غيييض ..كان بينقض على عمر انقضاض الوحش المفتررس..بس الشاب اللي اسمه مطلق تمسك فيه بقووة خارقة وهو ينادي باقي الشباب بصوت عالي مفزووع...
طلعوا البقية وهم يركضون يوم سمعوا أصوات هوشة تعلى وتعلى ... ولقوا عياف متحوّل لوحش كاسر ..يبي يفترس أي أحد وأولهم عمر...اللي كانت شغلته استفزاز وتطنيش !
ركضوا اثنين زوود يساعدون مطلق...ومسكوه بقووة وهم يحاولون يبعدونه عن المكان...صاروا ثلاثة ماسكينه وبالموت قادرين ..!
جا واحد لـ عمر يترجاه : ..عمر الله يهديك...ادخل جوا ..ماله داعي اللي تسويه..يعني ما تعرف عياف له يومين مو على بعضه زين منه ما ذبحك ..!
عمر ناظر بالولد وعيونه تلمع ببريق شر..وحقد..وقال بنبرة ما يسمعها غيرهم : .. باقي ما خذت منه...ما خذت منه اللي خسرته انا ..
الولد بخوف وقلق ..لأنه ما فهم اللي يقصده عمر : وش تقول انت..؟ مو وقته تتمشكل وياه ..شوفه طالع من طوره...وش اللي بيهديه الحين..
عمر بنبرة ساخرة وهو ناوي يدخل جوا : ..لسا ما شاف شي...
قالها ..ودخل مع الباب...والولد ارتبك أكثر وأكثر ... عياف وعمر... الاثنين اللي يعتبرون عصب المجموعة ...والشخصيتين اللي يُعتمد عليهم بكل شي صايرين في حالة نفور من بعض...ومشاكل ونزاع.... بالنسبة للشباب هالوضع يوتررر...ويخووف.... لأنهم أول مرة..يشوفون عمر..وعياف ...بهالنزاع اللي يزداد عنف....أول مرة لأنهم كانوا بالنسبة لهم مثــال للصاحب وصاحبه الوفي ...!...

دخل عمر غرفته ..وضرب بالباب ضربة رجّت البيت رررج.... فصخ جكيته وعيونه تلمع بشرار أسود..وحقد ..
ايه نعم ..لسا ما شفت شي..!...ما شفت شي يا عياف ..! ان ما خليتك تعيش بخوف وذعر ماكون عمر...لسا باقي بينا مشوار طويل وحسابي معك لازم أصفيه..!... الخداع...والاستغلال ..اللي اكتشفتها فيك من تالي ....وحياتي الطبيعية اللي خسرتها...حياتي...اللي انقلبت وفقدت فيه أبسط سعاداتي..!..مارح أسكت عنها ...مارح أسكت عنها ...!
تحرك للسرير وهو يفتح ازرار قميصه العلوية .. وجلس على طرف السرير وهو يصدر صريير يدل على انه قديم ومهتريء ...تأمل بالمكان اللي لهم خمس أيام جالسين فيه...وقبلها ظلوا أسبوع جالسين في ذاك البيت الموجود بهجرة ما يذكر حتى اسمها ... وصلوا لهالفيلا اللي تعتبر أيضاً من املاك عياف واللي ما عرفوا عنها الا متأخر... خمس أيام جديدة ..قضاها هنا وكانت لياليها كوابيس...كوابيس بالمنام...!.. كوابيس تصحّيه الليل والفزع يملاه عليها ..على دنيتـه اللي تركها ..!
شادن ..! صارت كابوسه هالليالي....بعد ما كانت أجمل أحلامه وأنقاها ....تحوّلت لكابوس يزوره يوميــاً..!
يسمع نحيبها...بكاءها ...وصرخاتها....تماما مثل ما كانت بآخر لقاء حامي جمعهم ... ذاك الموقف اللي جمعهم بغرفته....! بقد ما صرخت بوجهه...وبكت ...وترجّت... بقد ما هي تزيد عليه الحين بهالكوابيس..!
رمى راسه لورا بكامل ثقله والسرير يهتز من تحته...اصابعه استقرّت على عيونه وهو يتذكر موعد زواجه اللي هرب منه... كم مر الحين !!...كم صار من يوم الحين ؟...كم فات على يوم زواجه اللي من المفترض يكون !؟.. ثمان ..او تسع ..أو عشر أيام؟؟
كم يا شادن؟...كم يا روح عمر ؟
فتح عيونه وهو يتذكر إنه قطع كل وسيلة اتصال ..فيها..وفي عايلته اللي احتوته ،،
وماله الجرأة انه يفتح الجوال اللي تركه مغلــق من يوم طلع من ذاك البيت ..!..ماله الجرأة وخايــف ..! وأكبر جزء من خوفه.....هو عليها .!
يا ترا وش الوضع هناك؟؟... وش اللي يفكرونه عنه الحين؟؟...وش صار يوم تجاهل قرار أبوها...وانسحب من هالزواج..هالزواج اللي سعى له بكل ما يملك !!.. ترك البيت عشانه...وتغرّب عنها عشانه ...واشتغل عشانه...وبالأخير...........!
أي زواج كنت تقدر تحافظ عليه يا عمر...وانت صرت...مجرم...ومطلوب... أي زواج طبيعي بيقدر يستمر مع واحد مثلك !!

حاول ينام لكن الكوابيس لازالت مستمرة معه ...صحى عقب ساعتين وهو يتنفس بصعووبة ...صدره يطلع وينزل والعرق يتصبب منه رغم برودة الجو...وضعه يزداد سووء...وعمره ما وصل لهالمرحلة ...مرحلة عجز فيها حتى عن النوم...حرمته شادن النوم...حرمته وحلفــت ما يرتـاح...دامها تزوره كل مرة بكابوس أفضــع من الثاني !!
سند جسمه على ظهر السرير ..ورمى راسه لورا وهو يبلع ريقه من ضيق وكتمــة مسيطرة عليه..!..
تعبت منك ... ! ...وشقيت عشانك..وشقيت بسببك !..

رمى الغطا الخفيف اللي ما يحميه من برد هالمنطقة بالليل.. وقام من السرير وفنيلته لاصقه بصدره من العرق ..راح للحمام ..ورش على وجهه موية باردة...ورش أكثر على رقبتـه لين صار مثل المتسبح حتى صارت القطرات تنزل على ظهره من ورا ...وصدره..!
رجع للغرفة والساعة كانت حول الـ 3 الفجر.. والبيت اللي هم فيه هااادي والشباب كلهم نيام...وما فيه صووت واحد.. دخل الغرفة وهاجس شادن أررقـــه لأبعد حد...وكوابيسها ما رحمتــه أبداً... قضّت مضجعه وأنهكت قووااه من أولها لآخرها ..!
لا شعوريا جلس يدوّر الجوال .. بين أغراضه القليلة وبجيوب ملابسه...وهو ناسي وين حاطه لأنه نساه الأيام اللي فاتت أو بالأحرى..تناساه وأجبر نفسه ينساه..عشان ما يصطدم بأحد...أو يتواجه مع أحد ...!
ما يدري ليش قام يدوره رغم انه يدري انه مارح يقدر يستخدمه... وبعد دقيقتين بحث داخل جيوب جكيته وبنطلونه اللي يلبسه ما لقاه..!
تذكر السيارة ...مارح يكون موجود الا هناك...هو آخر علمه فيه كان بالسيارة ذاك الوقت ومنطلق للشرقية ..من ذاك اليوم ما لمســه.. كم مر .... بيكمّل أسبوعين من ترك الرياض ،!
لبس جكيته فوق فنيلته ونزل لتحت ...وتحرك للباب الخشب القديم بدون ما يحس بوجود شخص بالصالة ما بعد نام..
طلع واتجه ناحية سيارته... وهناك ..لقى الجوال مثل ما رماه ..مرمي بالسيت الخلفي بكل اهمال ..
اخذه بيد..وباليد الثانية سكر الباب....وهاللحظة سمع صوته الكريه وراه : ... وش عندك بهالليل ؟؟
التفت عمر بسرعة ...ولقى عادل واقف على بعد خطوات منه..وسيجارته بيده واليد الثانية بجيب جكيته ..
صد عمر عنه بتسفيييه..ومشى عشان يرجع للبيت ..
عادل كرر بذات النبرة الاستجوابية : وش عندك طالع هالوقت ؟..ليكون ناوي تنحاش!!
عمر وهو رايح بهدوء : .. خلك مع نفســك .!
فهم عادل انه يقصد.. (مهوب شغلك) ....وتحرك وراه : ليش ما نمت... وش اللي تخطط له ؟؟؟؟
وقف عمر..والتفت عليه وملامح السخرية الباااالغه على وجهه : ... هالسؤال يتوجّه لحضرتك... اللي ما نام للحين... ( وهو يطالع السيجارة اللي تحترق بيده ).. الظاهر الحشيش مسهرك ما تقدر تنام إلا ما تاخذ جرعة ..
عادل احتقن وجهه من الدم دليل الغيض والغضب...لكن هالمرة ..حافظ على هدوء اعصابه ونبرته : ..مهوب شغلك...الا ان كان تبي جرعة قلي ماله داعي هالمصخرة اللي بوجهك...
عمر وهو يقلب وجهه بملامح سخرية من تفكيره وطبعه ...مشى من غير ما يطوّل نقاش مع واحد مريض مثله...دخل جوا وعادل لحقه ...
عادل بــحدة : عمر !
وعمر ما عطاه وجه مشى يبي يرقى الدور الثاني ..
عادل بغضب : كلمني أحاكيك !
عمر سفهه ..ورقى فوق وكأنه اصمخ ..ما بقى الا هالسقيــم يعطيه أهميـّة !..هالدنيء الخبيث...السكير ..المحشش راعي المخدرات !!
عادل وقف بنص الصالة وهو يشتعل من الغيض !!.. الحيوااان ..!!!!

دخل عمر غرفته وقفل الباب ..وكثير أفكار تراوده عن الخلاص من هالمهزلة اللي يعيشها ...هالوحل اللي انغمس فيه..ولطخه بكل مكان..! لطخات وصلت حتى لـ روحه !.. يحتاج الخلاص من هالمجموعة ..بكل ما فيها ..من دناءة أخلاق..وفسوق ..وضياع ..!!
رمى الجوال المطفي على السرير ...وهو يطالعه من بعيد..ما فيه يلمسه ويفتحه!...لأنه اذا فتحه يمكن ما يتحمل ويتصل فيها ..ويشوف اخبارها..! ..افكار كثيرة تهاجمه...لو الود وده..يعرف حالها ..فيه لهفــة يدري وش اللي صار من عقبه ..!..تحملتي أفعالي...ولا ما تحملتي !!.. طاب الجرح ؟...ولا بعد يا شادن؟؟
نفسيته تأثّرت من خيالاتها اللي تلاحقه وين ما يروح ؟!...والتعب والانهاك تمكنوا منه ... مافيه يفكر ..ومافيه يتذكر..!!
اللي سواه فيها أقسى من إنه يسويـه أكبر متوحش بالعالم .!
رجع يرقد.. وترك الجوال عند راسه نفس المكان اللي رماه فيه...تقلب وتقلب وكل ما يغمض عيونه ترجع له روعة الكابوس ..!
اللي إنت فيه ..عقوبة يا عمر ..عقووووبة !!

مسك الجوال وهو مو قادر يكبح اشتياقه اللي يدمرره...مشاعره اللي تنهي كل عصب احساس ... هو مع كل يوم يمر..جالس ينتهي ...ينتهــي ...وينتهــي..!... ماله حياة يتخيلها... مجرد انسان يتحرك ..!
فتح الجوال ودق الأرقام السرية ...كان ناوي بس يفتح حافظة الصور ...ويشوف صورتها المحفوظة عنده...الصورة اللي اخذها كذكرى اخيرة ...يمكن هالصورة تعالج الجروح الروحية اللي يحس فيها ..ويطفي لهيب الشوق اللي يدمــره ببطء وتعذيب ..!
فتح الصورة الوحيدة لها...واللي التقطها بآخر مرة كانت عنده وبغرفتــه...التقطها بدون علمها ...كانت نايمه بعد الشجاااار العنيف بآخر ليلة بات فيها هناك...!..الشجار اللي صار عند المسبح...وطاحت فيه ذيك اللحظات..كانت بتغرق يوم صدمها بقرار الغاء الزواج بكبره...اغمى عليها وشالها على غرفته..ونامت هناك ...صوّرها ببجامتها المبللة..وشعرها اللاصق بوجهها ..وملامحها التعبااانه ودموعها اللي ما جفت ولا ثانية ذاك اليوم...اخذ هالصورة وكأنه مصر على نفسه يزيد عذاباته...اخذها عشان يذكّر نفسه بفعايــله فيها ..!!..ليه يا عمر !..ليه سويت بنفسك كذا ؟!
طق نفسه بوكس على صدره حقد على نفسه ..والجوال كان بيقذف فيه عالجدار اللي قباله من حقد يتزايد على نفسه وعلى وضعه وعلى عياف !!
لكن قبل لا يرميه ..وصلت لجواله رنات متتالية ..كل رنة يفصلها عن الأخرى ثانيتين... كانت دليل ان فيه رسايل جالسه توصله...رسايل انرسلت له من زمان وقت ما كان جواله مسكر.. وتوّه الحين يستقبلها ..!.
فتح الجوال وقلبه يدق...رنات ورا بعض خلته يتوتر ..!.
أول رسالة كانت من....محمد ... كلها قلق ..وتاريخها من أيام..
"عمر وينك...قلقتنا عليك ،
شادن بالمستشفى صار عليها حادث
وحالتها مقلقه ..لازم تجي "

هوى قلبــه لأسفـــل بطنه ..وهو يحس بروحه تتشتت منه...انفاسه اضطربت وصدره قام يطلع ويهبط بانفعال..وبدون شعور بنفسه ..!
المستشفى ؟؟..
نبض قلبـــه ؟؟
خنقتـه العبرة وكل المخاوف هاجمته...
ليه يا شادن ...ليه؟؟....وش تبين بواحد مثلي!!
أنا سافل ..وحقير...وحيوان...! ......ليه يا شادن ليه ؟؟؟

مسك الجوال بيديه الثنتين ..ببداية عصبيــة ..وتوهان !
وفتح الرسالة الثانية وهو خااايف..ودموعه تتجمع بعيونه ..وهو اللي نادرا ما تطلع دموعه !..هالمرة تشتت ومشاعره تتمكن من كل خلاياه ..،
كانت رسالة من مشاعل .. تشبه محتوى رسالة محمد..وبنفس التاريخ..
"عمر وينك ...الله يخليك لا تتأخر تعال شادن بالمستشفى...
وضعها مو طبيعي وتسأل عليك "

روحه انعصرت أكثر وأكثر.... وتألم اكثر واكثر.. فهم انهم للحين ما يدرون باللي صاير بينه وبين شادن ..
ومن كلامهم واضح انها ما قالت لهم عن رغبتـه ...وما عندهم خبر عن أي شي............
ليه يا شادن ؟
كافي تتمسكين فيني ...كافي ..

فتح الرسالة الأخيرة ..واللي كانت ايضاً من مشاعل..والواضح انها انرسلت قبل ساعات ..يعني من قريب...
فتحها وروحه وصلت لبلعومه ..صاير يتخيّل أسوأ الأخبار وماهو عارف يسيطر على شعوره ..وقلبه قابضه للأخير..
كانت هالرسالة مختلفة ...حااادة ..وهجوميــة .....من مشاعل ..

" إنت وينــك ؟.. رد علينا أو أقلّــها كلم هالبنت اللي طايحه على فراش المرض بسبتك... تدري لو صار لأختي شي بسببك يا عمر والله ما أسامحك لا دنيا ولا آخره...أنا ما أدري وش صاير بينكم لكن اذا فيه مشكلة ياليت ترجع وتتفاهمون ...شادن تموت قدامي ولا أدري وش فيها ..اختي مريضة وعقلها مو معـاها ...تفهم يعني شلون عقلها مو معـــاها ؟؟؟...يعني بتنجــن بأي لحظة وأقولها جادة ... وإنت حضرتك ما فكرت حتى تسأل عليها .. اذا كنت حي يا ليت تكلمها أقلها تطمّنها إنك بخير..واذا كنت زعلان فك هالزعل الماصخ ولا تخلي اختي ضحيتك .. عاشت معاناة اربع سنين اعتقد يكفي فلا تزيد همها حرام عليك.. اذا كنت حي وبخير يا ليت ترد لها عقلها ..اقولك شادن تعبانه حد الموت وانت مو هامك...عالأقل رد علينا "

هالرسالة كانت قاصمة للظهر ..!...قاصمة لظهر عمر بكل المقاييس ..! شهق شهقة وحدة بس...ومن بعدها وهو يبكي بصمت.. كانت مجرد دموع ... دموعه وهو يقرا كل حرف ..!
وكرهه لنفسه يتجدد...ويتجدد ..ويتجـــدد...!
"تفهم شلون عقلها مو معـاها ؟؟؟"...
ايه افهم ...افهم وشلون ما افهم ..!!..
شلون ما يفهم ويعرف ويحس ...وهو عارفها..وفاهمها ...وخابزها ..وعاجنها...من يوم كانت رضيعة بالمهد..!
يفهم معنى هالكلام زين...ويتخيّـله زين....ويتعجب شلون ما ماتت بحسرتها لحد الحين ..!
ويتعجب شلون ما ذبح عمره...عقب ما سوى اللي سواه ...!

رمى الجوال بعيد وهو منهار داخلياً...منهار نفسيا ومعنويا ..
أجــرم بحقها..أجرم جُرم مارح يغفره لنفسه أبداً..!...ولازم يصلّــحه مهما كلّفه الثمن ..!!




في موسـكو ...

كانت سحر نايمة .. بساعات الليل الأخيرة لكنها كانت تتقلب يمين ويسار ..وهي تعاني بالمنام ..
قفزت قاعده وهي تشهق وأوصالها ترتعش من شي مجهول ... حطت يدها على رقبتها من قدام وهي تحس فيه ناشف..! كانت تحس بالدم يضرب راسها من الخوف...وأنفاسها عالية ..
سمّت بالله الرحمن الرحيم ..وتعوذت من الشيطان وهي ترفع يدها من رقبتها لجبينها..
كابوس !... هذا كابوس !..
قامت بسرعة من السرير ..وراحت تغسل وجهها وهي تسمي بالله .. شعور مخيف يرعش أوصالها ..!
ما تدري وش الحلم اللي حلمته ... حلم غريب ..! ..ما فهمت منه شي...بس كان يخوف ويربك ..!
طلعت بعد ما توضت وصلت الفجر يوم شافت الساعة تشير لدخول الفجر ... وعقب ما خلصت جلست على سجادتها تدعي ربها يطمنها ... الحلم غريب...بس مخيف...وفيه رسالة تحذير لها ...تحذير لها من شخص ما قدرت تشوف وجهه ..أو حتى تعرفه...كان لابس قنـاع غريب ، يخفي فيه وجهه !...وصوته غريب مو كأنه صوت انسان طبيعي .. وكأنه مركب جهاز تغيير أصوات .. حاولت تتعرف عليه لكن كان القناع يغطي من أعلى وجهه لتحت أنفه...ما عدا فمه ...قدرت تشوف فمه... كان يبتسم...بس ابتسامته بعد غريبة ... غامضة.. وناعمة..وساحرة....ومخيـفــة بنفس الوقت......ابتسامة تحذير !!
كذا قرأتها بالمنام ،
كان يحذرها بكلمات غريبة ..ما فهمتها......بس الأغرب.....إنه كان يحذّرها من نفسـه !

يــارب ... ليش خفت لهالدرجة ؟..يا رب طمّن قلبي..
رفعت راسها ناحيـة السماء اللي تطل عبر نافذتها الكلاسيكية ..لازالت بنفسجية ببدايات شرووق بطططيء.. تبي النهار يطلع عشان تطمئن..
نزلت راسها وهي تتفكر بالحلم من جديد..ومو قادره تنزعه من راسها ...
بالحلم ...كانت واقفه بالضبط عالرصيف المقابل للقصر الروسي اللي هي جالسه فيه الحين ..كانت الدنيا ليــل حالك...والسما غيــم ...بس مافي مطـر.. وتسمع الرعد من بعيد ..وهي واقفه بهدوء هناك تنتظر قدوم شخص معيّن ...كأنها بذيك اللحظة كانت بحالة انتظار لمجيء هالشخص حسب اتفاق معين ما بينهم ..عشان ياخذها لمكان ما.. بس لحد اللحظة ما تدري وش كان المكان اللي بيروحون له !.. كانت بهذاك الرصيف لحالها والهدوء ساكنهـا رغم الغيم اللي مغطي السماء.. والرعد اللي يدوي من بعيد..ينذر بعاصفة شديدة عالأبواب..!
أخيراً.. شافت شخص يقبل على نفس الرصيف ..بخطوات يملاها الهدوء ..وشي من الثقة.. خطواته متقاربة ويمشي ناحيتها مباشرة .. ركّزت فيه بدون ما تتحرك..وحاولت تشوف ملامح وجهه وخوف مجهول بدا يدبّ في أوصالها ببطء تدريجي... ما كانت تعرفه..!!... مو اهو الشخص اللي تنتظره !
وصل عندها وهو صامت.. وهاللحظة..بدا الهدوء يتلاشى من داخلها .. كان لابس جكيت أسود يلف كتوفه وصدره العريضين..وقناع أسود مزخرف بخطوط رمادية رفيعة.. يغطي الجزء العلوي من وجهه.. ما قدرت تشوف الا فمه والابتسامة المربكة تعتليه... ما قالت له كلمة ..بدا يتكلم معها بلغة غريبة مو لغتها ..لغة اول مرة تسمعها بالعالم بس الغريب انها كانت تفهمها .. وهالشيء اللي زاد خوفها... ماعرفت مين يكون هالشخص وهيئته يعتليها الغموض الكامل... كان يحذرها.. بكل هدوء يحذرها ، وبكلمات غريبة ورسائل زادتها خوف وتشوش ..يحذرها من نفسـه !
وعقبها صحت وهي تشهق من مشاعر الرعب اللي حستها .. صحت وهو يتكلم ما وقف ولا ثانية ..
تعوّذت من الشيطان الرجيم..وفكت حجاب الصلاة وقامت وهي تشوف الشمس بشكل خفيف بين الشجر.. قرأت آية الكرسي وهي تتناسى الحلم .. اللي أيقنت انه من الشيطان وان شاء الله كل خير..!

غيرت ملابسها ..ونزلت تحت ومباشرة على المطبخ...اتجهت لمكينة القهوة شبكتها بالكهرباء.. وملتها موية عشان تسوي لها قهوة تركية سريعة ...اللي تحتاجه الحين قهوة تصحصحها وتطيّر كل ذرة من الحلم السخيف اللي شافته ..!
وهي جالسه تنتظر ابريق القهوة يصفر..ناظرت ساعتها ..كانت تقارب على الـ 5 والنص صباحا..
ابتسمت من استيقاظها بدري اليوم...العادة تمطها لما 9 وعشر...وبالموت تقوم بعد الا عقب ما تزعجها صوفيا .. راحت تدوّر واحد من الأكواب الكبيرة اللي يكون عن كوبين ..بس قررت تحطه بالمق عشان ما يبرد لأنها قررت تشرب قهوتها برا..وتشهد شروق الشمس الكامل ..!
تتذكر انها شافت مق جديد موجود بس وين بأي درج... فتحت الأدراج اللي فيها الاكواب ما لقت شي... اتجهت لواحد من الادراج العلوية...بس قبل تفتحه...تذكرت اللي صار قبل أيام....مع وليد..والعنكبوت اللي طلع من هالدرج بالذات ..!
صابتها قشعريرة مرّت بظهرها ..وتراجعت بخوف من منظر العنكبوت ذاك... عُقدة ..! مافيها تطيح عينها على حشرة مثل ذيك ..تخاف وهالعقدة من الطفولة !
مسحت على ظهر يدها اللي صابتها قرصة قديمــة وذكرى الموقف اللي صار هنا بالمطبخ مع وليد تداهمها ...ابتسمت باستغراب لا شعوريا يوم استوعبت انه عرف نقطة جديدة من نقاط ضعفها..العناكب..! ،.. سمعت الابريق يصفر...ركضت للمكينة وسكرتها بسرعة.. وبحذر قررت تفتح الدرج العلوي بشويش عشان لا ينط في وجهها شي ..وشافت المق موجود بالرف ..سحبته بسرعة بارتيااح ..وغسلته وأخيرا حطت القهوة فيه ..!
شالته وطلعت من الباب الخلفي اللي هو باب المطبخ أسرع لها من الباب الأمامي... لفت الشال على راسها بقوة واحكام ..ومشت وهي تلم ملابسها الثقيلة عليها ..هالأيام رجع البرد يداهم موسكو بعد ما مرّ كم يوم كلها دفا ربيعي ..!
الشمس ما أشرقت إلا أطرافها ونور الكون خافت..وهالشي خلاها تبتسم وهي تتجه للجلسة ..لكنها ما جلست هناك..سحبت أحد الكراسي وراها وراحت للتل الخلفي اللي يطل على منخفض متوسط من الريف... يسمح لها برؤية شروق الشمس بكل وضوح..من دون حواجز ولا أشجار ... جلست وهي تحضن كوبها الكبير بين يديها وابتسامة خفيفة على وجهها ناسيه كل همّ..وكل مشكلة ..وكل شي يعكر صفو الحياة.... ما قدامها إلا ريف ممتد...وشروق بطئ يسحر !
وهي تحتسي قهوتها ببطء واستمتاع...سحبت جوالها من جيب جكيتها البني ..تناظر الساعة اللي كانت تشير الا اقترابها من الـ 6 .. ابتسمت مرة ثانية يوم راحت افكارها لبسمة اللي صار لها يوميــن ودخلوا بالثالث وهي ما أرسلت لها رسالة ازعاج وحــدة ....مو عادتها ...يكون عقلت؟؟.. أو عرفت حدودها ؟!..
على طاري بسمة ، رفعت عيونها بهدوء ناحية الكوخ القابع على يسارها بامتداد عشرين متر ... تأملت شكله من بعيد وهي تستشعر الهدووء الكامن فيه...والظلمة اللي تطل من نوافذه.....وليد نايم !؟....وليد الـ ...فقير.....وليد اللي صار يشبـه الصديق لها الفترة اللي راحت...صديق...ما تدري شلون اصلا تحوّل لهالمكانة بيوم وليلة !
ما تدري سوى إنه تحول لشي يشبه مسمى صديق بنظرها...لمجرد إنه اطّـلع على أكبر سر بحياتها تحاول تخفيه...وتنساه....وتدفنه مع ذكريات الحب الأول اللي قتل كثير أحاسيس حلوة كانت تعيشها ..
صديق بعد ما كان أكبر لغز تحاول تلقى له حل...صديق من دون موافقتها ..! صديق انجبرت عليه...وهو اللي جبرها عليه ولقت انها صايره تتقبلـه ..!
أبعدت عيونها عن الكــوخ الحجري اللي كان بالسابق واحد من أجمل أماكن خلوتها بنفسها ... واضطرت تتخلى عنه بسبــب وجوده معهم .. وابتسمت بهدوء من هالتغير اللي يصير بحياتها... رغم بقايا الألم داخلها..إلا إن الأيام الأخيرة ..تغيّر روتين حياتها بشويش والسبب هو... والتغيّر ما تقدر توصفه إلا ان شي في نفسيّتها جالس يتغيّر.. عالأقل عقب ما واجهت بسمة بكل ذيك القوة اللي ما تخيلت إنها بتفجرها بيوم من الأيام ..!
::

على الساعة 6 وربع ... تقلّب تركي بالصوفا يمين وشمال بعصبية وهو يسمع رنين جواله بإلحاح ..شوي ويفجر راسه ..!
مسك الجوال المرمي عند راسه بعصبية ..ورفع راسه عن الوسادة وشعره المموج منكوش من ورا بسبب نومته الغلط .. وجاوب : نعــم ؟؟
جاه صوت إختـه الطفولي اللي عرفت إنه معصب.. : ... خييير ليش نايم؟
تنهّد من سمع صوتها...ومسك أعصابه يوم دقق بساعة الجوال ولقاه لسا بدري : .. وش تحسين فيه يوم تدقين الحين ؟
جنى بشقاوة تقهره : .. كذا ..لبست مريولي بدري وضبطت شعري..وباقي عالباص نص ساعة ..قلت أتصل اسولف..
رمى راسه عالوسادة مرة ثانية وهو فاهم تلكّعها عليه : .. قدامك نص ساعة روحي كلي فطورك احسن..
جنى : كلت وخلصت ولبست وما بقى شي ما سويته...باقي اسمع صوت النصاب ..
فتح عيونه بقوة وهو يناظر السقف .. صايره تطلق عليه هالكلمة كثير بالآونة الأخيرة ..
تركي بصوت مبحوح من النوم : جنى مو وقته خرابيطك ..خليني انام وراي دوام طويل اليوم !
جنى بفضـول : دوام ايش؟
تركي : شغل من الصباح.. الحين الساعة (ناظر ساعة الجوال مرة ثانية .. ورجع ).. 6 وربع وانا تعبان أبي انوم..
جنى بعناد : أحسن ..حتى احنا عندنا الساعة 6 وربع وش زودك عني ..خلنا نسولف.... إلا إنت ملاحظ انك ما قلت لي وين مسافر ؟؟
تركي وهو يسكر رموشه بـ استسلام : ما سألتي امي وتعلمك ؟
جنى : ما سألتها ..كنت زعلانه الصراحة وماهمني أعرف ذاك الوقت..
تركي تنهد لعله ينتهي من ثرثرتها بسرعة لعلمه انه ما اتصلت لشي مهم..واضح تبي تسولف وبس: مسافر روسيا ..
جنى : اوفف..وش عندك هناك ؟..مرة بعيدة !
ابتسم بـ كسل سرعان ما أخفت ابتسامته : مو بكيفي...خلصت سالفتك ؟
جنى : لا..
تركي وهو يتنهد ويطوّل باله ..والنوم للحين منتشر بخلايا جسمه : عندك شي مهم بتقولينه ؟؟
جنى بقهر خفيف يوم حست انه يبي يسكر : أبي أسولف معك !
تركي : اوكي ما منعتك..بس اتصلي بوقت صاحي..مو فجر الله..
جنى : خلّص الفجر عندنا ..طلعت الشمس من وقت.. وبعدين هذا الوقت المناسب لي... اكون توني صاحية وما عندي دراسة ولا شي...
ابتسم عليها غصب : .. اذا رجعتي من المدرسة كلمي أكون توني طالع من الشغل .. وكلميني وقولي اللي تبين..
جنى : بس أنا أطفش الصباح بلحالي..امي تكون رجعت تنام..وانا ما عندي احد مالي الا أكلمك..
ابتسم ورأفـة قلبه تزيد تجاهها...صحيح هذي اختك ، الوحدة النفسيـة بتقتلها.. وتلقائيا حط ذراعه على الصوفا ورفع جسمه لما صار جالس على حيله وظهره لمسند الصوفا حق اليد ..
وبتلقائية : وهذاني صحيت عشانك ؟.. يلله تكلمي يالبربارة ..
شهقت بحمق خلته يضحك ببحة : ..انا بربارة ؟!!...أصلا انا من كثر ما انا هادية بالفصل.. مسميني البنت المثاليـة ..!
تركي بابتسامة جانبية : ما تلعبين والله !
جنى : تتمسخر يا خايس؟
تركي بضحكة مبحوحة وهو يميل براسه للمسند بكسل : أمدحك يا تنكـة !
انقهرت اكثر وأكثر..من زمان ما اطلق عليها هالألفاظ : تنكـة بعينك يا درج !

مات ضحك غصب وكل الكسـل اللي بعيونه طار...لدرجة ان سحر اللي كانت جالسه برا سمعت ضحكاته العذبة.. والتفتت تناظر الكوخ وهي مستغربة من الصوت ..!

جنى بقهر : ..انا مو تنكــة !.. انـا اصلا بدرس وأصير أحسن منك..مو انت لحالك اللي تاخذ من الأوائل على دفعتك..حتى أنا محد ينافسني ..
هالمرة قال وبنبرته غرور مقصود عشان يطفّر بها ..وما يدري ليش تملكته هالرغبة..من زمان ما ناقرها من يوم بدأ بشغلته مع أبو خالد.. حياته اختلفـت من حينها..ابتعد عن اخته وانشغل..أما الحين لقى نفسه يرجّع شي من اللي كان : انا تخرجت من كندا مع مرتبة الشرف ..أتحداك تسوينها !
جنى بحمق : مغرور !
ضحك وهو يحك شعره المعفوس من ورا بكسل .. وأردف : اذا وصلتي للي وصلته ذيك الساعة من حقك تغترين..!
جنى وهي فاهمه إنه يبي يحفّــزها بس طريقته تقهر وترفع الضغط : أنا أصلا دايما الأولى على فصلي..وما قد صرت مغرورة مثلك..كل البنات يحبوني..
تركي بغرور مستمر : ورينا شطارتك بالجامعة ..مو الحين ..المدرسة مهيب مقياس..
جنى بقهر : لسا باقي عالجامعة فوق الثلاث سنين ..توني بدخل الثانوي السنة الجاية ..
تركي وهو يمط نبرته من طول الفترة : أأأأييييــه ..الله يحيينا...توك بزر وحاطه راسك براسي..
جنى صرخت بإذنه بقهررر..فجرت راسه : علــــــى ترررررررراااااب ...
أبعد التلفون عن اذنه لا شعورياً وهو مكششر من صوتها الحاااد...ورجع بعصبية : لسانك ذا بيجي يوم وأقصه لك....توك تقولين اهدى وحدة بالفصل...نافشه ريشك علي يالبزر..
جنى : تستاهل ..مالت عليك من أخو...

محى عصبيته..ورجع يضحك وهو يفرك عيونه بهدوء : لبى قلب كتكوتي اذا عصب..!
جنى بعناد : أنا مو كتكوتك..
تركي : كتكوتي غصبٍ عليك..
جنى : كيفي ما أبي أصير كتكوتك..
تركي: مهوب بهواك...انتي كتكوتي من يوم كنتي في بطن أمي..
جنى : خايس !
تركي ضحك : هههههههههههه طيب عرفت اني بنظرك خايس وحمار ومغرور .. وغيره !..من يوم رجعت من كندا وانا كذا بنظرك...
جنى : لأنك تستاهل..وشوي عليك..
تركي ببال وسييع : ادري اني استاهل.. بس انتي بتظلين كتكووتي لين تموتين..عجبك ولا ما عجبك..
جنى شافت ساعتها وعشان تقطع كلامه اللي يقهر : .. طيب بسكر شوي ويوصل الباص بروح اجيب شنطتي وعبايتي..
تركي بنعاس : أخيراً بتعتقيني ..
جنى عرفت انه يحرق أعصابها وسكرت السماعة بوجهه .. نزل تركي الجوال وهو يضحك والبحة بصوته من هالطفلة اللي متعلقه فيه أكثر من تعلقها بأبوها المريض..!
رجعت لطبيعتها معه عقب ما كانت زعلانه وأغلب الوقت تبكي اذا كلمته بسبب ابتعاده..هالأيام كأنها متحسنـه معه ويدعي تطول وما ترجع لوضعها الأول..
رمى راسه عالوسادة من جديد.. لعله يسرق النوم بالنص ساعة الجاية ...لكنه تقلب يمين وشمال بلا فايدة ... جنى طيّرت عنه النوم كليـاً ،!

برا ..وين ما كانت سحر جالسه تراقب ارتفاع الشمس البطيء... لحظات صباح حلوة وهاديـة مع زقزقة عصافير بكل مكان.. ليت هالسلام يستمر على حياتها للأبد... ما تتمنى غيره ..
رمت بنظرها للكوخ من جديد ورنين ضحكات وليد يتردد ببالها...مستغربة هل كانت تتخيل صوته ؟.. وشكّت انه يتكلم بالتلفون لأن ضحكته كانت عالية ومستحيل جالس يضحك مع نفسه ...
ذيك اللحظة كانت تفكر تروح للكوخ عشان تتأكد وتسمع..لكنها تراجعت وجلست..مو حلوة فجأة يطلع ويلقاها واقفه قريب تتسمع له ..!
نست الموضوع كله ورفعت المق لطرف فمها ترتشف قهوتها اللي لازالت محتفظه بسخونتها... وبعد دقايق سمعت صوت انفكاك الباب حق الكوخ ... التفتت بهدوء وهي بمكانها وشافت وليد ينزل العتبة الأولى..ويوقف عليها بكسل وهو يرفع يديه الثنتين بالسما..يتمطط من قلبه ..وعفويا لمحت طرف ظهره يبرز من تحت البلوزة اللي ارتفعت مع حركته لا إراديا..كانت منعفس من فوق لتحت واضح توّه قايم من السرير.... صدّت بشويش وهي تسوي نفسها ما شافته..!
أما تركي نفض راسه بقوة وهو يحس ان الدم يجري بجسمه..وشعره للحين منكوش من ورا بشكل عفوي حلـو..وما تعّب نفسه عشان يرتبه ..طلع عشان يشم هواء وهو يحس ان الجو اليوم غير أمس..!
طاحت عينه على سحر اللي كانت جالسه على كرسي ..وتطالع قدام متجاهله النظر فيه مع علمه إنها اكيد حسّت بخروجه..
نزل العتبة الثانية وهو يسحب بلوزته لتحت بيد وحدة عشان يواسي عفستها.. وابتسم على جنب يوم لاحظ إنها تتجاهل النظر فيه..
تنحنح وظلّت البحة بصوته يوم قال : ..صباح الخير يا آنسة ..!
التفتت هالمرة وطاحت عينها على ملامحه المشعة بـراحة وروقان....
بادلته بابتسامة صغيرة ..وصوت هادي : صباح النور ..
تركي وهو ملاحظ المق اللي بيدها واضح انها جالسه هنا من فترة : .. متى صاحية ؟
سحر وهي حاطه رجل على رجل والمق بين اصابعها : من أكثر من ساعة ..

اقترب تركي ..وبدون مقدمات رمي بجسمه عالعشب قريب من الكرسي حقها .. ومدد رجوله باسترخاء ... وأردف وهو يناظر الشمس : مو عادة اشوفك لما أصحى !
والتفت يناظرها من تحت..من مكانه المنخفض ... وهي تناظره بالمقابل..وأرسل ابتسامة ناعمة : صباحي هالمرة غير !
رمشت بعيونها كذا مرة ...ما قدرت تتجاهل كلامه المفاجيء وتخفي التأثير لا يبان عليها..لأن وجهها تورّد لا شعوريا وهي تنزّل نظراتها للكوب..
تركي يوم شافها سكتت...بهدووء : جد .. هالمرة غير !
ابتسمت يوم حسّت إن قصده يرفع معنوياتها عقب التجربة القاسية والفاشلة اللي مرت فيها...تجربة صعبة حطمت كثير اشياء داخلها... واللي مثلها يحتاج لـ كلمات حــلوة تعزّز الثقة اللي تدمرت فيها..ووليد كان فاهم هذي الناحية ..وصارت تطمئن إليه..
تركي وهو يميل براسه لقدام عشان يطل بوجهها ..ببحـة تسحر القلب : ليْكون خربت صباحك !
رفعت عيونها لوجهه المنخفض من جديد.. كانت أطول منه لأنها جالسه عالكرسي وهو عالأرض.. وجاوبت لعلها تردّ له حلاوة كلامه..بنيـة بريئة : .. حتى أنا صباحي حلو ..!

رفع تركي حواجبه من كلمتها ..ومن ابتسامتها..ونبرتها الهادية اللي طلعت منها... كان يتوقّع منها الصمت على كلامه العسل..لكنها ردّت وتفاعلت معه.. وش كثر تغيّرت ناحيته..وش كثر قدر يكسر الحاجز اللي كانت بانيته بينها وبينه ..!
ابتسم من جديد ..ابتسامة ناعمة هربت سحر منها وناظرت قدام : .. واضح الراحة عليك... ما تشكين من شي اليومين اللي راحت ؟
فهمت وش قصده..والتفتت بهدوء لوجهه مرة ثانية : لا...ما صار شي ..الحمدلله..
هز راسه وهو مستند بثقله على يديه اللي ممددهم عالعشب من وراه .. وهمس : حلو ..!

قالت بعد لحظات..بكل هدووء : بس متوقعه منها أي حركة جديدة ..بأي لحظة !..يعني لحظات الراحة هذي..ما أظن بتدوم..
تركي بابتسامة جانبية وعيونه على الشمس اللي لا زالت قريبة من الأرض : ماهي مشكلة ..أهم شي عرفتي أصول اللعبة .... وما أظنك ( التفت يناظرها ) .. محتاجتني بعد اليوم ..!
رفعت صدرها بنفس عميق : ما أدري مو عارفه وش ناويه تسوي بعد ..
ابتسم : مهما كان اللي بتسويه... انتي مو لحالك ..واللحظة اللي تحتاجين ظهر فيها..أنا قريب ومارح أبعـد..
التفتت له..وابتسمت لأنها تأكدت من هالجانب الحلو فيه....وعشان تقطع الموضوع اللي بنظرها يغثّ ...قالت بعفوية وهي ترفع المق بوجهه : ودك بكوفي ؟
تركي وهو يطالع الكوب الطويل ..ويطالعها : ..انتي سويتيه ؟
سحر وهي تهز راسها بنعومة طبيعية : ايه..قهوتي الخاصة ..محد يقدر يسوي مثلها..
ضحك وهو يفرك وحده من يديه على فخذه الممدود يوم حس بنبرة غرور بآخر كلامها : .. بس انا ذوقي صعب بالقهوة... مو أي قهوة ( وهو يدق راسه بأصبعه ) ..تفك راسي...
ابتسمت وخذتها تحدي : مستعد تجرب.....تحب المرارة بالقهوة؟
زم فمه لا شعوريا : أأوه ..هذا السر اللي يدوخني !
قامت واقفه وهي تنزل كوبها على الكرسي..وتركي يتابعها بصمت ..
قالت : خمس دقايق وبتجيك أحلى قهوة ..بتدمنها !
وراحت من قدامه وهو جالس يتابعها بعيونه .. اختفت من الباب الخلفي اللي يودي للمطبخ مباشرة ... ولقى نفسه يبتسم من الانجاز اللي أحرزه معها... ، رمى ظهره للأرض وصار منسدح ..وشعور الاسترخاااء التااام يداهمه .. من يوم تغيّرت سحر تجاهه.. تخلّص من شعور الحذر بسببها..ولازم يحافظ على هالوتيرة مهما كلّفــه...

سحر بالمطبخ...صبّت القهوة بكوب عادي وحطت سكر خفيف مثل المقدار اللي تسويه لنفسها...شالته وطلعت من الباب وهي تحس برواق وراحة نفسية غريبـة.. الهدوء اللي عاشته اليومين اللي راحت ..انعكس عليها ايجابيا وتدعي ربها يدوم عليها... محتاجه لهالراحة تطول وتطول ..
وصلت لـ وليد بهدوء ..واللي كان منسدح على ظهره وهو مغمض عيونه... غافــي معقولة ! .. ابتسمت بسخرية خفيفة توها تاركته من عشر دقايق...وشلون ينام عالارض كذا .. مو مريحه ابداً..!
قربت منه لين صارت واقفه فوق راسه.... تأملت وجهه المسترخي من الأعماق... عيونه المسدولة بأثيرية..رموشه اللي راسمه ظلال خفيفة على أعلى خده...أنفه الدقيق..وشفـاته المكتنزه اكتناز خفيف.. شفته السفلية مكتنزه أكثر من العلوية ...ملامحه عذبــة .. مهما أنكرت..ملامحه غيـر..وفيها عذوبة ما شافتها بأحد...رغم الجديـة اللي تظهر أحيانا...وتختفي أحيانا..!
ورغم خلفيتــه الفقيرة اللي تعرفها...إلا إنها معطيته ألق أكثر..،
ابتسمت وبراسها تسوي فيه مقلب صغير.. ما عرفت وشلون تصحيه أو تناديه...وجتها رغبة غريبة انها تسوي حركة فيه ...خلت القهوة تاخذ الدور...انحنت فوق راسه شوي... وحطت قاع الكوب الساخن فوق جبهته ..أقل من ثانية ..وتركي يفز وراسه يرتفع لا إراديا بألم : آآح ..
رجعت سحر على ورا بسرعة وهي عاضه على شفتها السفلية ..وهي تمسك الكوب لا ينكب على وجهه ...بتهور !
تركي وهو ينزل يده عن جبينه بألم..ناظرها باستغراب من حركتها...ثانيتين وهمـس : ..وش ...تسوين؟؟؟
سحر ابتسمت تضيّع الموقف : ..قهوتك !
لا زال يحس بحرارتها بجبهته ..قام يتأملها عقب حركتها الغريبة..يحاول يفهم السبب !
سحر توترت شوي من عيونه : .. مو قصدي!...عورتك ؟؟
مسح على جبهته مرة ثانية وهو يعتدل جالس : .. أبـداً باردة زي الثلج !

يتمسخر !... ابتسمت بعباطــة لا شعورية ..تبي تضيّع الموقف اللي سوّته...
ومدّت الكوب له : آسفة بس شفتك نمت قلت مافيه الا كذا ..
تركي بنظرة ساخرة نوعا ما ..من حركتها اللي ما استوعبها للحين : ومالك لسان تناديني فيه.. ما نمت أصلا انتظر قهوتك الخطيرة اللي وعدتيني فيها ..
سحر لفت عنه بسرعة وجلست بالكرسي بدون ما تناظره .. هو وسخريتــه ..!
قالت تنهي الموضوع : قلت آسفة ..

تركي سفهها ..ورفع الكوب لأنفه وهو يستنشق ريحة القهوة اللي بدت تششق راسه .. ارتشف جرعة صغيرة ..وسحر ما تناظره... تعاتب نفسها على الحركة اللي سوتها...مجنونة وش كانت تفكر !!
جاها صوته يملاه الرضا : عرفتي تفكين راسي..!
التفتت له ناسيه افكارها...وكان يبتسم لعيونها : .. معقوله هذي قهوتك ؟!
وهي رافعه حواجبها باستهزاء خفيف : ليه طايحه من عينك ؟!
تركي بصرااحته المعهودة : .. بدون زعل .. ما توقعتك تحسنين شي أبداً..
تغيّرت نظراتها من الهدوء ..للحمق والعصبيـة ... ما علّقت على كلامه اللي يستنقص منها...واختارت تهاجمه بالنظررات...والنظرات أحياناً تغني عن الكلام..!
من الأشياء اللي كانت ولا زالت تقهرها فيه...هو صراحته المزعجة .. ما يقيس الكلمة أبداً واللي بقلبه على لسانه... وهالشي يستفزها فيه ..
تركي لاحظ نظراتها والشرارات الصغيرة اللي ترسلها... ما خاف.. بل أرسل لها نظرات من نوع آخر...نظرات استهزاء : هذا رايي وتعلّمي تتقبلينــه !

هالمرة أوامره !!.. أسلوب الأوامر حقه.. واللي يوجهها لها..مو بس صراحته ...اثنينهم يرفعون لها ضغطها ..!
تركي يراقب تعابيرها المنزعجة : .. ها..؟...ماعجبك كلامي أشوف؟
سحر وهي تصد عنه : ..ما طلبت رايك فيني أساساً ..!
ابتسم على نبرة الكبرياء ..ابتسامة جانبية ... وببرود وهو يهز كتف وحدة : أوكي.. !

وصار يرتشف القهوة باستمتاع واضح...ما حكت معه أكثر...وهو ما حكى معها ...اثنينهم خذاه سكوون ...بس سحر داخلها قهر يتجدد من أسلوبه المتقلّب معها ... وليد له ميــة أسلوب..وكل ساعة أسلوب ..ساعة قمة اللطف..ساعة قمة الوقاحة...ساعة قمة الاستفزاز... ساعة قمة الهدوء...وساعة قمة التجاهل.....
والمشكلة انها تدري إنه هذا أسلوبه عشان يقوّيها ويساعدها...هو قال ذيك المرة ..لا تتضايقين وتنهارين من أي شي أقوله أو أسويه... يعني كل اللي يسويه..وتقلباته السريعة ..لها هدف وهو مصلحتها...بس مع كل هذا...لا زالت تطير بعجّة بعض تصرفاته... وتعصّب من بعض ردوده وتعليقاته ..!

وعشان ما تخليه يحس إنه يأثّر عليها بطريقته...قامت واقفه عقب ما خلصت قهوتها : أنا راجعه ..
رفع يده وهو يحتسي قهوته بصمت .. بدون ما يقول شي.. وبدون ذرة اهتمـام ..
تحركت بسرعه من عنده وهي تحس انها مشوشة من أسلووبه..مع انه أعلن من قبل عن طريقته معها بس ولووو.. انها تعيشها وتواجهها .. شي يستفززز ..،
أول ما عبرت باب المطبخ... رن جوالها بجيب جكيتها الشتوي ...طلعته باستغراب تشوف مين يتصل بهالصبح... وكانت هي !... بسمة تتصل....تنهّدت من قلبها..ليتني ما طريتها عند وليد..قلت البنت عقلت وعرفت حدودها ..الحين تتصل...
ما تتمنى الهدوء يخترب على هالصبح الرايق..وعشان كذا ضغطت الزر وقفلت الجوال كله .. دسته بجيبها وهي تتحرك من جديد..إلا صوفيا تدخل للمطبخ ..
صوفيا باستغراب : ما هذا ؟..أنتي مستيقظة؟
سحر ابتسمت : نعم..منذ أكثر من ساعة ..
صوفيا : أوه جيد .. ولكن مالذي حدث لتستيقظي مبكرا ؟
سحر : لا أعلم ... لقد قررت تناول الافطار مع أبي...لم أفعلها مذ أتيتُ إلى هنا..
صوفيا بابتسامة وهي تتجه للثلاجة تستعد لتجهيز الفطور : رائع..
سحر وهي تتحرك للباب : سأذهب لآخذ حماماً سريعا ريثما يستيقظ والدي..
صوفيا : حسنا ..

طلعت سحر لفوق عشان تاخذ فيه حمام تضيع الوقت فيه فيما يصحى أبوها ..نست اتصال بسمة وما شغل بالها لأنها بالفعل تبي تكمّل هالصباح الحلو مثل ما بدأ..بدون ما يعكر صفوها شي... وصوفيا انشغلت بتجهيز الفطور كالعادة ..لأن ابو خالد ..ووليد وراهم أشغال..
::


 



لبس تركي ملابسه ..بنطلون جينز ازرق غامق..وهاينك رمادي ..وفوقه جكيت أسود له أزرار كبيرة ..تركه مفتوح وهو يدخل أغراضه بشنطة الظهر اللي اعتاد ياخذها..شالها وطلع ناحية الفيلا عشان يتناول فطوره كالعادة مع أبو خالد .. ، طلع الدرجات الحجرية لين وصل المدخل ..ومثل كل يوم دقه بهدوء ..وفتح الباب بشويش وطاحت عينه على ابو خالد بالصالة الجانبية على يسار الباب...
وصله صوت ابو خالد : ادخل وليد..
دخل تركي وهو يرسم ابتسامة تعوّد يرسمها ولو كانت ماهي من قلبـه..كلها زيف... سكر الباب وتقدم وهو يشوف ابو خالد منحني قريب من المدفئة.. يشعل النار ..
تركي : صباح الخير..
ابو خالد: صباح النور والسرور... (وهو يرمي ورق زايد من أوراقه جوا النار عشان يكبر اشتعالها ) .. لا إله إلا الله...اليوم برد ..
تركي بضحكة : هههههه ما أشوفه يموت لهالدرجة ..
قام ابو خالد بعيد عن النار : درجة الحرارة 5 ونازل وتقول مو برد..
تركي وهو يرمي بجسمه على الصوفا : يعجبني هالجو يا عمي..
ابو خالد ناظره وهو يجلس بالصوفا المقابلة : هالبرد مو مثل برد الرياض.. لا تحسبه يشبهه ..
تركي : ما علينا شر ..

دخلت صوفيا وهي شايله صينية القهوة اللي يتناولونها قبل الافطار...حطّته عالطاولة وبدت تصبّه بالأكواب..
قال تركي بكلمات انجليزية بسيطة : نو ثانكيو ..

ابو خالد رفع عيونه باستغراب : ما تبي تتقهوى ؟
تركي بابتسامة وهو يتذكر قهوة سحر اللي للحين مرارتها بفمه : تقهويت وخلصت ..
ابو خالد : تقهويت؟؟..متى ؟

تركي وهو يبي يشوف ردة فعلــه : ..بنتك... قهوتني..
وضحت ردّة الفعل على وجه أبو خالد..وهو رافع حواجبه : بنتي؟..سحر؟
تركي وهو ممدد يديه على ظهر الصوفا باسترخاء : ايه تكرّمت علي ..ونسيت أشكرها..
ابو خالد ما فهم ..وابتسامة تساؤل على فمه : متى ؟
تركي وهو يتابع وجه أبو خالد بدقة : كانت جالسه برا بعد الفجر بروحها...شافتني ومن نفسها عزمتني .. بس ودي اني شكرتها ما امداني..

قبل يعلّق ابو خالد ..التفت لناحية الدرج اللي ما يقدر يشوفه من مكانه..يوم سمع صوت خطوات تنزل ..
دخلت سحر بهدوء وهي مبتسمة على بالها أبوها لحاله ..وطاحت عينها على تركي وهو جالس بنص الصوفا الكبيرة ومسترخي وراسه مرمي على المسند... التفت يناظرها بصمت.. وما ابتسـم.. قطعت تواصل العيون ورمت نظرها ناحية أبوها اللي كانت ناويه تروح له وتضمه بحرارة...بس وجود تركي ألغى هالخطوة ..وراحت لأبوها بهدوء انحنت عليه..وحبت راسه ..
سحر: صباح الخير..
ابو خالد بابتسامة وسيعة وهو يشوف تغيّر ملامحها عن الأيام اللي طافت ..كأنها متحسنه عن أول ..ولو إن فيه لمحــة حزن عميقة بعيونها للحين ما يفهم لها سبب : صباح الأنوار ..
جلست جنبه وهي ودها فعلا تضمه محتاجه لحضنه ...بس مع وجود وليد قريب ما تقدر تسويها ..
ابو خالد بنبرة تساؤل : يقول لي وليد انك عزمتيه على قهوة ..؟.. وش القصة ؟
رفعت عينها لأبوها من سؤاله... ولفت لـ تركي اللي كان على نفس جلسته المسترخيه ويطالعها من تحت رموشه الهادية ... هالمرة منقلب للهدوء ومكتفي بالنظرات ..
تجاهلت نظراته ..وهي ترمش بغرور خفيف ما كانت تقصده : .. أسوي فيه حسنة ..!

ابتسم أبـو خالد بتساؤل : زين كذا ! ..بتخليني أتقهوى لحالي ألحين !
ضحكت بعفوية : ولا يهمك أنا أتقهوى معك وش تبي فيه...
والتفتت على وليد وكأنها ترد له استفزازاته اللي يفاجئها فيها بكل مرة ...وتركي ابتسم بجانبية وعيونه ما زاحت عنها...بدون أي تعليق..
سحر ترجع لأبوها : ولّا ما اشتقت للصباح معي ؟
ابتسم وهو يحوّط ذراعه حول كتفها من ورا ويضمها على خفيف...ولا شعوريا حطت راسها على كتفه بحركة عفوية وهي محتاجه ..لو ثواني بسيطة يحتويها ..وغمضت عيونها.
ابو خالد : إلا اشتريها بكنوز الأرض..
ابتسمت وراسها يستريح على كتفه بدلال .. فتحت عيونها ومن دون ما ترفع راسها...تطيح عينها من جديد بعيون وليد اللي يراقب من مكانه ..وعيونه فيها لمعان مختلف..ونظراته مغلّفة بشي وملامحه اكتساها جديّة غريبة ..فيه شي كان يدوور بملامحه ..وهو يناظرهم بصمت تام .،

تبعثر سكونها بسبب ذيك النظرة الغير مفهومة.. ورفعت راسها بسرعة يوم استوعبت انها خذت راحتها .. وبابتسامة لأبوها عشان تقطع الجو الغريب من ناحيته : .. ما ودك نفطر ونتقهوى مرة وحدة ؟؟
ابو خالد : اللي تبينه ..
قامت معه ناحية طاولة الطعام اللي بالجهة الأخرى من الصالة الكلاسيكية واللي كان الفطور موجود عليها.. مشت للطاولة من دون ما تدري عن حجم الغضب الكبير..والحنق..والألم اللي أثارته بنفس تركي...
كانت بتجلس عالكرسي يوم سمعت صوت وليد.. يغلفه جمود غريب : ..أنا أستأذن ..!
التفت عليه أبو خالد وهي معه باستغراب ... وشافت على هيئته وجووم..وجدية .. ما فهمت سبب تغيّره ..
ابو خالد باهتمام : وين افطر قبل !
تركي وعيونه على أبو خالد لحاله بنظرات يملاها الوجوم ..تسطع شررار خفي : لا ما أقدر..تذكرت اني لازم أوصل بدري للمعهد..
ابو خالد باهتمام : كِل فطورك قبل...ما يصير تطلع جايع بهالبرد.. تدوخ أو يصير فيك شي..
تركي : مارح يصير شي.. عن اذنك يا عمي ..

أخذ شنطته المرميه على الصوفا..تحت أنظار سحر اللي تراقب حركاته بصمت...وخروجه من دون ما يسمع لطلب أبوها..
رمشت وهي تناظر أبوها اللي هز راسه بأسف ...وقال : بيذبح عمره من الحماس !
سحر بهدوء ..وجموده ذاك أثّر فيه بشكل غريب : شفيه حسّيت انه فجأة مو طبيعي !
ابو خالد وهو يهز راسه دليل عدم معرفته : مدري الله يصلحه ...أحيان ينقلب موده وهو معي ..بس مسرع ما يرجع طبيعي ..
سحر سكتت وهي تشوف ابوها يسمي بالله..ويبدا فطوره.. ووجه وليد الواجم رسخ ببالها ..نظرته المغلفة بشي غريب ..ليش حسّت فيها بذاك الشكل..!
ابو خالد : يلله كلي..
انتبهت لحالها...وصبت لها عصير قبل تبدا تاكل : تبي عصير ؟
::

طلع تركي وخطواته تحكي عن مدى غضبـه اللي تفجّر... وجوومـه اللي يتنامى ويوضح على ملامحه..!.. ما يدري وش اللي صار له سوى إنه منظرها مع أبوها بذاك الشكل...حرّك الرماد داخله وزاده أشتعال ..
ما يدري ليش !.. لكنّـه مباشرة تذكّر إختـه... طفلته اللي ما جاوزت الـ 15 سنة .. واللي عاشت فاقدة لأبسط معاني الأبـوّة ..فاقدتـه طول الـ 15 سنة مع إن أبوها عايش وقريب منها..بس ما حست يوم فيـه !
قام يتنفس بصوت مسموع لعله يهدّي من الثورة الجديدة بداخله .. أنفاسه تحرق ذرات البرودة المتشبعة بجو موسكـو..

وصل لمحطة الباص بسرعة غريبة من كثر ما كانت خطواته واسعة وسريعة من الغضب .. والحقد اللي اشتعل بثانيـة بعد ما كان ساكن وخامد سيطر على شكله..! ،
ما رح أطلّع حق أبوي بس.. مارح أطلّع حقه عن طريق حلالك وشركاتك بس...
لكن بطـلّع حق أختـي من عيون بنتــك .!
أبو خالد ...فيك حقارة الدنيا كلها... إنتْ حقير ... وخاين.. وسافل ...ولو فيك خير ما نسيت اللي صار قبل 15 سنة ... لو فيك خير ما نسيت تركي ..وأبــوه..!
ما نسيـت صديقــك اللي كان أقرب من هالدنيا لك ..!..
كيف تجرأت بس قولي كيف تجرأت ..تنسى ...وتسلى ...وما طاوعك قلبك حتى ترفع التلفون وتسأل عليه..!

قطع عليـه أفكاره الغاضبة والمليئة بالحقد ..رنين جواله ..ناظر الشاشة بنظرات يملاها لمعان مخيف من هيجان تجدّد وغضب يوديه ويجيبـه ..
ردّ على المتصل اللي كان ثامر : ..جيت بوقتك !
ثامر بضحكة : صباح البرد ..وش الأخبار توني كنت اشوف الأحوال الجوية بالتلفزيون ..يقولون برد يذبح عندكم..عساك بس لابس قبل لا تطلع للمعهد ..!
تركي بصوت مشحون بـ بحة كُره : ما أحس بهالبرد يا ثامر..أبد ما أحس فيه..
ثامر باستغراب من صوته المشحون : خير عساه خير !؟
تركي بإقدام : مارح أنتظر هالست شهور تخلص... أبيك تبدا اللي مخطط عليه عنــي...
ثامر خاف عليه لأن صوته مكتوم بشي : وشفيك تروك... بلاه صوتك مخنوق ؟
تركي وهو يغمض عيونه من مشاعر ألم ممزوجة بحقد تسيطر عليه..وأسنانه ترّص على بعض على وشك يطحنها : يذبحني يا ثامر يذبحني... تجي لحظات ما أقدر أسيطر فيها على نفسي..
ثامر بقلق وهو يلمس هالنبرة الغريبة بصوته : مو عادتك أسمع هالضعف بصوتك.. كأن قوّتك تبخرت .. من متى يبان قهرك بصوتك.. وش فيك تركي؟
تركي وهو يفرّغ شي تكدّس جواته من يوم جا لهالبــلد : ما تدري وش كثر يصعب مع الأيام تمثيل المحبة له .. الأيام تمشي والتمثيلية تزيد صعوبة ..أنا مو قادر اسيطر على روحي أكثر... ست شهور أمثل عليه وقدامي ست شهور ثانية على بال ما أرجع.. حط نفسك مكاني وانت كل يوم تضطر تفطر معه ..تسولف معه .. حتى الضحك تفتعله وتجبره يصدّق إنه من قلبك.. ماني قادر استحمل انتظار ..أبي أبدأ الجــد معه من اليوم !

ثامر اللي أنصت لكلامه ..ما يلومه أبداً...
وباهتمام : وش تبي تسوي !؟
تركي : أبي ابدأ شغل الشركة الوهمية اللي قلت لك عليها...ابي أستخدم هالورقة اللي مجهّز لها من زمان !
ثامر بهدوء ..يخاف عليه يتسرع ويندم : انت تدري إني معك...بس اللي أعرفه انك مأجّل استخدامها لين رجعتك...كنت ناوي تستخدمها أول ما تترقى بشركته وتاخذ منصب مؤثر ...متأكد إنك تبي تستعجل فيها !
تركي : إيه..مارح تضر..بالعكس خلها تاخذ مفعولها لين يجي وقت رجعتي الرياض..
ثامر : بس تدري ان فكرة هالشركة مقلقتني من البداية ..
تركي : هالشركة بتتحول بيوم لشركة حقيقية... بس استمرارها وهميـة بيخدمني كثير.. لا تعلمني أصول شغلي يا ثامر ..!
ابتسم ثامر على كلامه وثقته العجيبة اللي تشع من صوته...صادق يا تركي!..وشلون أعلمك أصول شغلك وانت اللي تخرجت من جامعة كنـدية بمرتبة شرف ..وبتخصص اسمه استراتيجيات .. واللي تسويه الحين ..تطبيق فعلي لاستراتيجياتك الخاصة ... تخرجت بمرتبة يحسدونك عليها الناس.. وشلون أعلمك وانت كنت بيوم بتصير واحد من أهم المدراء بشركة كندية معروفة..!

تركي بترقب : وشفيك سكتّ !..تراك بتسويها..
ثامر بابتسامة : تدري اني موافق..
تركي يتحرك عالرصيف ما يقدر يقرّ من النرفزة والغضب اللي ما خفّ : ... أول خطوة أبيك تسويها قبل كل هذا .... إنك تجمع كل معلومة ممكنة عن تحركات شركتــه... أنشطتهم..وخططهم بالسوق...كل معلومة صغيرة يا ثامر ..كل معلومة ..!
ثامر ابتسم وما يستغرب هالخطوة الكبيرة منه : لك اللي تبيه.... من اليوم بسوّي قروب بحث..يحصي كل عملياتهم وأنشطتهم خلال ست شهور مضت وإلى هاليوم.. وبتكون مجموعة سريّـة باسم شركتي.. وش تبي غيره إنت بس تدلل..
تركي ابتسم لأن ثامر الوحيد اللي يفهم أفكاره : .. ما يحتاج أوصيك بس أثق بطريقتك..
ثامر : أفا عليك ..من اليوم بسوي اجتماع مع قسم الأبحاث والتطوير .. ومع أفراد أثق فيهم..ونبدا شغلنا...انت بس ارقد وآمن... والتقارير بتوصلك أول بأول ..
تركي بنبرة امتنان عميقـة : انتظر تقارير تبرد الخاطر..
ضحك ثامر وودّعــه لأنه بيطلع لشركته..وتركي ركب الباص اللي وصل وعيونه تلمع أصرار تضاعف مليون ضعف ..! وهو يحاكي أبو خالد بنفسه..
كنت برحمك وأعطيك ست شهور تعيش فيها بسلام .. لكن معصــي طوّلت بالي وضاعفت صبري ..وعشان أبوي واختي ... بنهيـــك !

::

دخلت صوفيا غرفة سحر ..وشافتها جالسه على كرسي قبال النافذة ورافعه رجولها على كرسي ثاني.. وتقرا بروايـة..
صوفيا وهي تقترب : ما بكِ ؟.. مذ تناولتِ الفطور مع والدك.. وأنتِ جالسة هُنا.. لقد مرت ساعتين ! ألا تودّين الخروج ؟
سحر وصوتها واطي : لم أعد أعرف ما أريد ..!
صوفيا بنعومة اسندت جسمها على طاولة قريبة تشيل فوقها ما يشبه التحفة الغريبة ..وبحنيـة : عزيزتي ما بكِ ؟.. لا تبدين على خير ما يرام ؟
ما ردّت سحر وهي تحاول تشغل نفسها بالأسطر اللي تقراها ..كانت رواية رومانسية لكن الغريب انها ما حست بطعمها ...مع ان هالرواية لقتها مدفونة بدرجها من سنوات وكانت من أحلى الروايات اللي قرأتها بمراهقتها أيام سكنهـم هنا ..
نزّلت الرواية بإحبــاط : .. كنتُ أحبها جداً... لمَ أكرهها الآن ؟
صوفيا باهتمام وهي تقرا عنوان الرواية اللي كان مكتوب بالانجليزي..ابتسمت : كنتِ تقرأينها عشرات المرات...ما بها الآن .!؟
سحر وهي ترميها على الطاولة جنب صوفيا من بعيد...بنغمـة أسفْ حزيـن : لا أعلم... لا أحس بنفس الشعور عند قراءتها.. تبدو فاترة ..!
اقتربت صوفيا وانحنت عليها ..وشافت عيونها تلمع بحزن مجهول .. ابتسمت بحنان : ربما لأنك كبرتِ قليلاً.. والرواية تصلح للمراهقين أكثر..

رفعت راسها لـ صوفيا..وعيونها تلمع بدمعة تكوّنت.. لعلمها أنه ماهو السبب... هي خسرت شي...وشي كبير..! واللي خسرته هي أحاسيسها... مشاعرها...أول كانت تتأثر بأدنى الكلمات المرهفة .. تعيش الأحاسيس بحريـة...أما ألحين ..أحاسيسها ميـتة... مافيه شي يحركها وهالشي يؤلمهـا ، وهي تستشعر الصقيع اللي بجوفها !
نزّلت راسها للأسفل : ليتكِ تعلمين !
صوفيا باهتمام ويدها ترتاح على كتف سحر : تكلّمي.. ما الأمر؟..أهو سر ؟

رفعت راسها مرة ثانية لـ صوفيا اللي كانت ملامحها مهتمّـة..ونفضت راسها تطرد فكرة البــوح من راسها...يكفي وليد الفقير..يعرف بسرها... ومارح تستفيد شي لو عرفت صوفيا .. والمفروض ما تحكي فيه وهي تحاول تتشافى من هالجرح..

صوفيا يوم لاحظت انها ما تبي تتكلم : حسناً كما تريدين.... أنا خارجه بعد قليل.. لدي عملٌ أقوم به ..
سحر : لا عليكِ..
صوفيا : ألا تودين التمشي قليلاً بالمدينة ...يقولون بأن هناك مهرجان كبير سيقام خلال هذا الأسبوع في وسط المدينة..ألا تودين رؤيتـه..
سحر وهي مو عارفه وش تبي : لا أعلم..لا أشعر حقا برغبة في الذهاب ..
صوفيا تنهّدت من وضعها...مع ان أعصابها صارت أكثر هدوء من أول الأيام اللي جت فيها...لكن هالسكون والحزن اللي يلفها.. غريب ومحيـّر ..
طلعت منها عشان تروح تشوف شغلها ..
وسحر استدارت بوجهها للنافذة اللي تطل على الريف الهادئ .. تتأمل وتفكر.. بأفكــار مالها هدف...!

لحظات وفتحت صوفيا باب الغرفة.. توّهـا ما طلعـت ..
سحر باستغراب : مالأمر ؟
صوفيا وهي تقلّب فمها يمين وشمال : هناك صديق يريدك على الهاتف !
سحر بحيرة : مـن؟
صوفيا : طلب مني عدم اخبارك !
قامت سحر باستغراب .. ونزلت للصالة ..وهي ترفع السماعة كانت صوفيا طالعه من الباب وصارت لحالها..
سحر باستغراب ما كان على بالها أحد : هيلو ؟
جاها صوته ..اللي يشع اندفاع وجرأة : كذا تسوين !

بسم الله !!..ما توقعت أول كلمة تسمعها هذي..هجوم ... رمشت كم مرة لأربع ثواني وهي تحاول تستوعب اللي قاعد يكلمها ... وما طال تفكيرها يوم نطق من جديد ..
: أنا يزيـد يا هبلـة ..
حطّت يدها على راسها لا شعوريا والابتسامة العبيطة تنوّر وجهها : .. آآه...أهلين يزيد.. ما توقعتك..
يزيد قبل لا يسألها عن أخبارها ..بصوته المفعـم بالحيويـة : وينك ؟... توقعت بشوفك أكثر من مرة بالكوفي...بس من ذاك اليوم ما شفتك..كم مرّ ألحين؟؟؟..أسبوعين !
ابتسمت لأنها ما راحت للكوفي عقب ذيك المرة : .. ماجيت له عقب ذيك المرة...
يزيد : توقعت اني بشوفك هناك مرة ثانية...بس يوم لاحظت انك مختفيـه ومالك نية .. قلت خلني أتّصل ..خفت صاير لك شي وانتي لحالك لأنك قلتي عمي مساعد مشغول كثير.. بس لقيت جوالك مسكر واضطريت اتصل على الفيلا...عاد شوفيني جلست أدوّر رقمها ساعة ..وما لقيتها إلا بمكتب أبوي بين الأنقاض...ساعتين على ما لقيته..حتى تأخرت على الجامعة ..
ابتسمت على اندفاعه بالكلام اللي ما تغيّر... هذا هو من عرفـته...كبر وكبرتْ...بس ظل هو يزيـد..رفيق آخر سنوات الطفولة والمراهقة بالغربة واللي نسـته يوم رجعت السعودية.. لكن ألحين صوته رجّعها لذيك السنين...شعور حلو اللي تحسه ألحين..شعور حلوو كثييييير خلّا العبرة تخنقها...وكأنه الزمن دار على ورا ورجعت لذاك العمر..
يزيد باستغراب : وشفيك ساكتة؟..لا يكون أزعجتك !
سحر بابتسامة تحارب عبرتها : بالعكس...مبسوطة إنك دقيت..
ضحك ضحكته الحيوية : صوتك مو طبيعي ..(بتلكّع مهضوم ) ..جد مبسوطة بسماع صوتي؟؟ والله أخق على أخوياي الحين ..
ضحكت مع شهقة مو طبيعية خلّت يزيد ينتبـه لها ..
سحر تحاول تلملم الموقف لا يحس: شكلك بالجامعة .. !
يزيد اللي تغيّرت نبرة صوته ..لأكثر هــدووء : إيه بالجامعة .... سحر ؟
ما دامه قال اسمها يعني حس... وبهدوء : هلا..
يزيد : اسمعي...أول ما أطلع من الجامعة...بجيك..
ارررتبكت...لأنه ما سأل وش فيها..بس كلامه دليل إنه حس بشي..
ابتسمت : ما يحتاج يزيد..
يزيد بسرعة : ما شاورتك... يلله باي الحين بدخل الكلاس..
وسكر بسرعة وهي مو عارفه ليش صوته خلّاها تحن ودمعتها تطلع... يزيد يعتبر من الزمن الجميل والبريء اللي عاشته...والحين تتمنى ذاك الزمن يرجع..
رجعت لغرفتها وهي تحاول تحافظ على ابتسامتها اللي انرسمت بسببه ..


يُتبـــع ..

  

Continuar a ler