43

3.8K 39 3
                                    



بالمستشفى ..
شادن جالسه جنب أمها ومشاعل بهدوء.. ولكن التوتر بسبب راهي زاد عليها مع الدقايق اللي يقضيها هنا...كانت تحسب الثواني عشان يطلع ويختفي عن عيونها... لكن مرت عشر دقايق..وربع ساعة... وأبو راهي يسولف مع أبو محمد .. وراهي يسولف مع محمد دقيقة..ويسكت لدقايق .. وخلال دقايق الصمت كان يرمي عليها نظرات مغلّفة محد يفهمها كثرها... تفهمها بسبب المواقف الصعبة اللي صارت معه..! وكلها جابت مشاكل مع عمر !!
ما تدري ليش... بس شعور الخطر داهمها .. هالانسان يمثّل شي من الخطر عليها...تعامله معها مو مريــح !
مشاعل همست وهي تتأمل في راهي ..اللي يصير أخو بسمة : هذا أخو بسمة؟؟
شادن بقلب مقبوض : ايه...
مشاعل : أزين شي إنهم ما جابوا بسمة معهم...جد مالي خلقها ..
شادن سكتت وهي مو مهتمه لهالطاري ألحين... واللي رجع لخاطرها بهاللحظة هو موقف راهي وبسمة فيها... موقف ما تقدر تنساه !!
مشاعل بهمس : وش فيه يناظرنا كل شوي؟؟؟
شادن تلفت أعصابها ومسكت يد مشاعل : خلينا نطلع... حاسه اني مخنوقه..
مشاعل التفتت لـ شادن بهدوء .. وفهمت إن شادن متوتره بسبب نظراته...مثل ماهي بعد متوتره ولا فاهمه السر وراها..
قامت شادن وهمست لأمها تختلق عذر : يمه بنطلع لدورة المياه ..إذا راحوا الضيوف دقي علينا ..
امها بصوت منخفض : لا تبعدون ..

مشت شادن وهي تحط شنطتها على كتفها... تحس بنظرات راهي الخفية وهي تتابعها لين تجاوزته...وصلت للباب وهي شادّه أعصابها بدون شعور.. وما استوعبت وضعها إلا يوم طلعت ..قلقت بدون سبب.. حاولت ترتخي شووي...شي في نظراته مربـك.. وتخاف منه من أول يوم طاحــت عينها عليه فيه...في البر!
مشاعل وراها يوم طلعوا : وش عنده الأخو ؟؟
التفتت شادن بهدوء : وشو؟
مشاعل : ..هالأخو اللي جوا.. يطالعنا..
شادن بهدوء : مدري عنه... اقول خلينا نروح نجلس تحت لين يطلعون..
مشاعل : يلله... ( وطرت فيها بالها فكرة ) .. دام الضيوف شكلهم مطوّلين..وأبوي ما جبنـا له بوكيه ورد ..شرايك ننزل للمحل اللي تحت نشتري وحدة ..
شادن استساغت الفكرة خصوصاً إنها بتمرر الوقت : زين..

نزلوا تحت ناحية محل الورد الموجود قريب من المدخل الرئيسي للمستشفى ...كان خالي وريحة الورد تبعث عالاسترخاء..ومافيه غير الموظف الفلبيني المسؤول عنه.. ابتسمت مشاعل يوم طاحت عينها على باقة جاهزة ..وشكلها راق لها : .. شوفي هذي مو حلوة؟؟
جت شادن وهي تحاول تركّز بأي شي.. أي شـــي !!..غير أفكارها الحالية.. تركيز تحاول تجمعه بجهد ...وابتسمت وهي تسلّط اهتمام بسيط عالورد : حليوة...بس مو ذوقنا..
مشاعل : وش ودك الألوان تكون؟؟
شادن وهي تقلب عيونها بالأحواض : مدري..(وبدون تفكير).. انتي وش في بالك؟؟
مشاعل وهي تحوس فمها من قلب : اممم ...انا أخبر أبوي يحب الجوري..بس مدري أحسه تقليدي..
شادن مافيها تركّز : اختاري بنفسك..
مشاعل : ذوقك أحلى مني !
شادن : لا مو أحلى..اختاري..أنا بتفرج !

وتحركت شادن ناحية الاحواض بالركن الثاني من المحل..تاركه مشاعل اللي التفتت للموظف : صديق..!..ايش ورد جديد عندك؟؟.. أبغى شي بيوتفل.. نااايس..
ابتسم الموظف وأشار لها بالاتجاه المعاكس لمكان شادن .. راحت معه تشوف بعض الأنواع... ومرّ عشر دقايق وهم بالمحل ..شادن تسمع مشاعل وهي تناقش وتحاول تنسق..!..
مشاعل بطفش التفتت لـ شادن : تعاااالي ماعرفت أنسق.. اخترت الورد بس ماعرف وش لـون الكورنيش والشريطة اللي بحطها ..تعالي شاوري..
جت شادن مستسلمه ..وشافت اختيار مشاعل... باقة ورد ممزوجة ما بين البنفسجي والسكري ..وشكلها معقول !
مشاعل مو مقتنعه : حلوة ؟؟
شادن : ناعمة ..
مشاعل : لا قولي الجد..أنا ذوقي بالورد وع..
ابتسمت شادن لا شعورياً : وع !.. ليش تحطمين نفسك كذا...قلت لك ناعمة ..
مشاعل بعدم اقتناع : أحسك تعطيني على قد عقلي.. ماتبين تحطميني..
شادن تنهدت : ..لو مو حلوة..كان قلت لك... غلفيها باللون اللي تحبين..
مشاعل : طيب وشرايك.. الكورنيش ذهبي والشريطة نفس الشي..
شادن شافت اللي تقصد.. ووافقت : ايه حلو..
مشاعل التفتت للموظف وقالت له يكمّلها بالشكل اللي تبي.... وهي تحاسب ..طلعّت بوكها واكتشفت إنه فاضي.. مافيه الا عشرين ريـال ..وهالعشرين ريـال ما تجيب شي..
عضت مشاعل شفتها بورطـة : شدون ؟
شادن تتأمل بعض البراويز والبطاقات بالرف : نعم ؟
مشاعل : معك 100 ؟..مامعي.. توني اكتشفت إن بوكي فاضي..
التفتت شادن لها بأسف : ما معي غير خمسين..
مشاعل بورطة : يوووه وش السواة ؟
لاحظت مشاعل إن الموظف يناظرها بتساؤل.. وهو ناوي بيربط الشريطة : مافي فلوس؟؟
مشاعل حسّت إنه بيوقّف شغل : لا لا فيه... ( التفتت لـ شادن ) .. بروح آخذ من أمي لا يعصّب..
شادن : روحي وأنا بنتظر هنا...لا يقول طلبوا وانحاشوا..
مشاعل : زين... ( التفتت للمـوظف ) ..خمس دقايق يا صديق.. كمّل بوكيه أنا بروح أجيب فلوس وبجي..

وقبل تطلع من المحل..دق تلفونها وكانت أمها تتصل.. ردّت عليها ...قالت لها شي وسكّرت..
شادن وكأنها فهمت : الضيوف راحوا؟
مشاعل : ايه توهم طالعين ألحين...يلله بروح أجيب الباقي وأجي..
شادن فضّلت تبقى بهالمحل.. جوّه مريح نفسياً بعض الشيء.. ويرخي الأعصاب لعله يعالج التوتر المخيف اللي فيها .. بس ما درت..إن الاسترخاء بعيد عن منالها هاللحظة... لأن عقب ما طلعت مشاعل ومرت دقيقتين... لمحت عبـر زجاج المحل الشفاف واللي يكشف لوبي المستشفى.. راهي وهو يمشي مع أبوه ناصين البواية عشان يطلعون...
طاحت عيون راهي عليها بحركة لا شعورية.. انتفضت واستدارت بقوة تعطيه ظهرها..وهي تدعي إنه ما يعرفها... وتحركت للجهة الثانية من المحل وكأنها ما شافته... هالحركة نبّهت راهي عليها.. وقبل يطلعون استأذن أبوه بشغلـه معينة لدقيقة...
مرت نص دقيقة وهي تقلّــب في البراويز ومعطيه باب المحل ظهرها.. للحظة.. أيقنت إنه طلع من المستشفى وراح..وتوّها بتتنفس الصعـداء..
لكنها انتفضت بكهرباء يوم سمعت صوته المألوف قريب.. وراها مباشرة ..
: .. شادن ؟
التفتت بسرعة ساحقة ناحيته بدون ادراك...كان واقف عالباب ومـا دخل غير خطوة وحدة .. ونظراته مسلّطه عليها..وكأنه يحاول يتأكد إنها هي ..!
خااافت منّه.. هالولد ما تدري وش بيطلع منه... مرة تحرش فيها.. والمرة الثانية خدعها مع إخته وأجبرها تركب سيارته من غير علمها.. للحين تحس إن ذيك الحركة خدعـة منه !!
سكتت وما ردّت بتحسسه إنه غلطان في البنت .. لكنّه حطّم محاولتها قبل تنجح ..
: الحمدلله على سلامة الوالد..
ما ردّت وهي تحس إنه يحاول يلقى مدخل للكلام معها..
ابتسم وهو يمشي ناحيتها بهدوء.. وعند هاللحظة بدا خوفها يزيد..لأنه ما يؤمن بالحدود ..
راهي وقف يوم بقت خطوة : فرصة سعيدة شفتك اليوم..
شادن حاولت تتحرك بس هو قدامها ويسد الباب ..
قالت بخوف : وخر... قبل أسويــلك فضيحة ..
ابتسم مرة ثانية..ابتسامة كبت الموية الباردة عليها... ما يخاف.!!.. هذا ما يخاف من أي شي.. ويثق إنه يملك حصانة من أي شي..
قال بهدوء : حبيت أسلم .. ريلاكس شادن.. بغيت أتكلم معك...لأنك بكل صراحة شغلتي بالي ..
رفعت نظرها ناحية عيونه بصـدمـة كاسحة من كلمته.. وهي مو مستوعبـة اللي يقوله..
شادن بهدوء متماسسسك بصعوبة : قلت وخر ..!!
راهي دخل يديه بجيب جينزه الماركه.. وابتسامة غريبة على فمه.. كأنه مستمتع : .. مارح أوخر..قبل آخذ منك كلمة !
ناظرتـه مشدووهه مو فاهمه وش يبي..وليش لحقها.. صدرها قام يطلع وينزل من توتّر.. وخوف وقلق.. ما تعرف وش بيسوي..
شادن بصوت ثابت وهي من داخل تنتفض : ..وخر خلني أمشي.. ما يصير اللي تسويه.. احنا بنصير أهل..
زادت ابتسامته ..وشادن عرقها يتصبب .. وقال بنبرته الناعمة المنتعشة بشي : ..وهذا الشي اللي مريّحني..إننا بنصير أهل..
ناظرته مو مستوعبة المقاصد اللي يرمي لها..
راهي لاحظ سكوتها..وأردف بنبرة هاديـة عشان ما تخاف : يعني بشوفك كثير.. وبنتقرب من بعض..وأنا حاب أعرفك..
هالمرة عقب الموية الباردة اللي انكبت عليها.. تلتها مثل الموية الحارة المغليّة نزلت عليها وألهبتها.. وحرقت أعصابها .. والموقف كله صار مخيف ومقلق وهالولد الطويل اللي تقدّر عمره ب28 أو29 .. يتطاول عليها مو محترم علاقة النسب اللي نشأت بينهم..
راهي اللي حاس بتوترها ..قال بابتسامة جانبية وهي يتلفّت بالمحل : ..تلفتين النظر يا شادن.. مو قادر أنسى أول يوم طاحت عيني عليك.. راكزه في بالي..
بلعت ريقها وهي تلتزم الصمت ..
راهي أردف : ليش أحس إنك خذيتي فكرة غلط عني..ترا ما كان قصدي سيء ذاك اليوم..
يقصد يوم البر ..تذكرت هذيك الذكرى العنيفة معه..بكل مافيها من جو مشحون..
وشدت قبضتها على شنطتها وهي تنتظر اللحظة المناسبة للهروب من المكان..بس ترددت تمر من جنبه..لأنها ما تستبعد تمتد يده لها وتمسكها وهــو ممكن يسويها..
وقالت بسرعة تبي تنهي هالموقف اللي يطول : ما أعرفك ولا أبي أعرفك... ألحين وخر..
راهي بابتسامة : على هونك.. ماني من النوع اللي في بالك.. هدّي لا تخافين مني..
وتحرّك للحوض اللي على يمينه خطوة وحدة..وشادن تراقب بحذر وجسمها كله منكمش بردة فعلة دفاعية مستعدة لو تهوّر وقرر يسوي شي ، مع إنها تقول لنفسها مجنون إذا فكر يسوي شي بمكان عام مثل هذا ..
التفت عليها ووردة صفراء تلمع بندى بين اصابعه..وبابتسامة لها : بتقبلينها مني...لو هديتك..!!!؟
عيونها تعلّقت بهالوردة ..وكلّها توتر.. وانقباضات قلبها ما رحمتها.. وراهي مو راضي يبتعد..
راهي بهدوء : شادن؟
شادن برجاء أعصابها ما تتحمل أكثر : ..بعّــد..
راهي بابتسامة : شادن أنا جاد.. ما أفكر ألعب أبداً..
شادن وصوتهــا يعلى لا شعورياً من الربكة : ترا بسويلك فضيحة ..
راهي ابتسم : ما أظن ناعمة مثلك تقدر تسوي فضيحة.. طيب ممكن تقبلينها مني.. وصدقيني بروح..
شادن طالعته وشافت الجدية بعيونه اللي ما نزلت عنها..تحدّق فيها بجرأة وكأنه بيخترقها..
الموقف صعب عليها... وهذا تعتبره خطر من يوم شافته أول مرة.. وهي أعصابها مو ناقصـة شد وجذب أكثر من كذا !!
راهي باصرار على موقفه..بهدوء : ممكن تقبلينها..؟

شادن لاحظت إن الموظف يطالعهم ويبتسم ..توتّرت أكثر لأنه أخذ فكرة غلط عن الموقف.. أكيد حط في باله إنهم حبيبين متخاصمين والحين اللي اسمه راهي يحاول يراضيها... جتها لوووعة من هالفكرة.. قلبت أمعائها..!!
ارتفعت نظراتها لوجه راهي من جديد.. واصراره على موقفه.. وأيقنت إنه مارح يبعد إلا لما تقبلها منه... ودام هذي الوسيلة الوحيدة فمضطره تسويها..
امتدت يدها ببطء لساق الوردة .. ومسكتها فوق يد راهي بالضبط واللي فاجئها بلمسته ليدها...سحبت يدها مع الوردة اللي طاحت بسرعة وعرقها يزداد ..
ضحك راهي على ردة فعلها : آسف..
نزل للوردة وشالها.. ومدها لها.. وشادن بتنهار في مكانها .. ما قد تعرضت لمواقف مثل هذي من قبل وصعب تتعامل معها..خصوصاً إن كان مع واحد مثل اللي واقف قدامها ألحين !!
راهي بنعومة : خذيها !
أخذتها بنفس البطء والحذر ..لعلّه يطلق سراحها ويختفي ..
راهي بكلمة أخيرة : فكري بكلامي يا شادن ..

قالها.. وراح للعامل ودفع له عالسريع ثمن الوردة..ومرّ من قدامها وطلع من الباب..واختفى !
وهي ضايعه ومشتته من حركته...وش يظن يوم يطلب منها تفكر بكلامه.. وش ناوي بعد؟؟
الموقف زاد من لوعتها... ما تدري وش يبي منها ..وهي ألحين تكرهه أكثر من أول..!! وش يبي منها مـو هو سبب انهيار زواجها !...مو هو السبب ؟.!! ..إلا هو.... هو القشة اللي حطّمت كل شي عند عمر ..!!
لاحظت نظرات الموظف لها وابتساماته الصامتة وهو يشتغل .. وهي هنا كرهت عمرها أكثر... كرهتها على المنظر اللي كانت فيه..
نزلت عيونها للوردة الأخاذة بيدها ... ووجعها قلبها بألم يهدّ جبال.. وردة !.. من واحد.. صار أكثر مخلوق تكرهه بهالعالم !
إنها ماسكه هالوردة بيدها .. كـ قبول لهديته...فكــرة زلزلتها بقووة وهي تحس بأشياء كثير تتحطم بداخلها...
وينه؟..
وينه ليته يجي....ينقذ باقي الحطـام داخلها !؟
وينه ينقذ الباقي قبل ينهار كل شي !!
وهي... مو عارفه لأي حد من الاحتمـال بتوصل قبل ينتهي كل شي !!

سمعت صوت مشاعل وهي تدخل بسرعة : تأخخرت ؟؟؟
بسرعة وهي معطيه الباب ظهرها..دخّلت الوردة بشنطتها قبل تلاحظ..وبدون تفكير حتى ..
مشاعل : يلله عشان أبوي يسأل وين رحنا ..
استدارت شادن عليها بهدوء : يلله حاسبي عشان نرجع..
حاسبت مشاعل وشالت البوكيه .. وشادن تحاول تتناسى الموقف اللي صار بس نظرات المـوظف ما خلتها تنسى.. وكأن اللي شافه زي الفلم وعاااجبـه ..!

رجعوا للغرفــة .. وأبو محمد أول ما شاف البوكيه اللي مع بناته ابتسم..
مشاعل : هذي لك ولا عاد تتعوّدها ..
ضحك أبو محمد على مزاحها..
بندر اللي جالس .. قال يحارش : مين اللي مختار الألوان التحفة ذي؟..
رمت عليه مشاعل نظرة تحذّره فيها لا يتتريق..
بندر : أنا اخبر الورد للمريض.. أحمر.. أبيض.. واذا شطحوا حطوه أصفر ..بس وش ذا؟؟
مشاعل بحدّة : مهب شغلك !
ضحك بندر يوم عرف انه اختيارها : يعني هذا ذوقك المنحط مثل ما توقعت !
عصبت عليه ..وانقهرت اكثر يوم شافته يضحك ورجع لنقرتها من جديد : .. بندووره اعقل ومالك شغل بذوقي.. هذا تعبـت عليه على ما طلع بهالشكل ..
بندر : هههههههه.. تعجبني هالثقة اللي فيك واللي خلّتك تختارين هالألوان..
مشاعل : وبعدين ما تشوف الورد الأبيض هذا .. جد ما عندك ذوق !

أبـو محمد يقاطعهم : ماعليك منه إلا ورد يطيّح الطير على قولهم.. ما عليك منه هالأقشر..
بندر ضحك : يعجبني هالتعزيز يابو محمد ..
شادن قرّبت من أبوها بهدوء تلغي أي شعور مريب حولها.. : شخبارك الحين؟
ابو محمد بحنيـة : بخير والحمدلله... توه الدكتور مرّ قبل تجون ان شاء الله الليلة طالع للبيت معكم..
شادن بابتسامة : الحمدلله..

::

في موسكــو..
نزلت سحر لـ صالة الفيلا وهي تنادي صوفيا.. كانت للتو انتهت من مكالمة مع أبوها واللي طمّنها إنه وصل الرياض بالسلامة.. راحت للمطبخ وما حصّلتها ..قالت لنفسها يمكن طلعت .. رجعت للصالة ومعها قطعة خبز بيدها ..تسد جوعها فيها.. رفعت عينها للساعة واللي كانت تشير لـ عشر ونص الصبح..!
وقفت على النافذة تتأمل المنظر برا.. وطاحت عينها على صوفيا موجودة برا وهي تنظف الطاولة الخارجية... ووليد جالس هناك على الكرسي.. والسوالف ماخذتهم..
بلعت خبزتها بسرعة وتحركت لهناك عشان تنضم لهم..
طلعت من الباب ..نزلت الدرجات واقتربت من مكانهم القابع بين الشجر من غير ما يحسون فيها بسبب سوالفهم المستمرة ..
صوفيا رفعت راسها وهي تلمح اقتراب أحد بينما هي ترتب مفرش الطاولة عشان قهوة الصباح .. وابتسمت : أوه .. لقد جاءت...
تركي اللي كانت سحر جايه من وراه... ما التفـت ..ليـن وصلت وجاوزته.. ووقفت جنب الطاولة وهي تسلّم : صباح الخير ..
تركي رفع راسه لها والنظارة الشمسية على عيونه : صباح النور..
صوفيا : لقد أيقظتكِ مرتين وأنت لا تجيبي علي... لن أوقظكِ مرة أخرى..
سحر ابتسمت : معذرة ولكني سهرتُ البارحة قليلاً..

قال تركي وهو يلتقط فنجال قهوته..بنبرة استياء خفيـة : لو تأخرتي عشر دقايق.. كان أخذت الشقرا بدالك ..
نزّلت عينها ناحيته وهي مستغربة ..وطقّها شي من الفهاوة اللي تلازم الصباح أحياناً بسبب الجوع والكسل..
تركي بابتسامة جانبية..شوي ساخرة : ..لا تقولين نسيتي؟
رجع بالها للاتفاق اللي تمّ بينهم أمس...طقّت راسها بقوة ..وهي تجلس مقابل صوفيا وتركي بالجانب بينهم : اييه..ههه آسفة .. بس لا ما نسيت..
تركي بسخرية خفيفة : .. هذا وأنا قايل بنتظرك من بدري... تدرين كم لي صاحي وأحتري حضرة الآنسة تصحى من نومها وتتذكر إن وراها مهمّة حياة أو موت اليوم..!؟
عضت شفتها السفلية وهو يتابع ملامحها.. بعفوية : آسفة وليد.. مـا نسيت بس سهرت شوي أمس..
قالت صوفيا : تناولي شيئا قبل أن تخرجا..
سحر : سآخذ كوباً من القهوة وذلك يكفي.. ( التفتت لتركي اللي انشغل بقراية كتاب..) .. أكلت فطورك؟
تركي وعيونه عالسطور.. ببرود : اممم !

حسّت إنه ماخذ موقف منها.. ورفعت عينها لـ صوفيا اللي تبسّمت وهي تبدّل الفناجين..
وناظرت تركي مرة ثانية... وباستغراب : قلتْ آسفة !
تركي وهو يقلب صفحـة جديدة وعيونه بالكتاب.. وبنفس البرود : اعتذارك مو مقبول ..!
رفعت حواجبها بدهشة .. وش فيه على هالصبح معنفق ؟!
سحر : وليش؟.. أصلا تونا بدري.. الساعة حتى ما جت 11...
تركي من دون ما يناظرها : واحنا وش متفقين أمس؟!
سحر : أوكي فاهمه عليك... وللحين قدامنا الوقت ..
تركي رفع راسه لها..والنظارة تخفي نظراته : تدرين وش أكثر شي أكرهه ؟
سحر حسّت إنه ناوي يلعب لعبة جديدة معها اليوم.. والدليل أسلوبه ذا ، والمختلف عن أسلوبه أمس .. لأن مو معقول يزعل عشانها تأخرت نص ساعة !!...وسكتت تتابع..
تركي : أكثر شي أكرهه لما آخذ شي بجدية مع أحد.. والأحد هذا ما ياخذ جديتي بجدية..
عفطت ملامحها تحاول تستوعب : هاه ؟؟
تركي بابتسامة جانبية لاذعة ..وصّلت لها المعنى : كلامي واضح !
فهمت إنه يقصد اتفاقهم أمس.. وهي كــررت : وأنا ماخذه طلبك بجدية.. لو بلعب عليك ما عطيتك كلمة أمس...
وسكتت وهي مستغربة إنه جد ماخذ موقف.. أو ...يبي يلعب بأعصابها كالعادة..؟!..وهذا الأرجــح!
سألت بعد لحظة وهو ما يطالعها : إنت تخطط على شي؟؟
ابتسم بجانبية .. ورفع راسه مرة ثانية : مثل ايش؟؟
سحر وعيونها تضيق بعفوية..وبطريقة تحقيق : مدري... لعبة جديدة .. أو أقول درس جديد من دروسك اللي ما خلصت للحين !
تركي حط الكتاب على حافة الطاولة بيد وحدة.. والثانية رفع بها نظارته لشعره وكشفت عن عيونه اللامعة : مالك شغل بدروسي... وإيه اعتبريه درس على عدم الالتزام مع الفقير وليد..
ضحكت لا شعوريا من كلمته : وشفيك ؟.. خلاص ياخي إذا زعلان وما تبي ، عندك صوفيا ( تأشر على صوفيا اللي انتبهت لحركتها ) .. ذوقها حلو وصّها وبتجيب لك كل اللي تبيه..
صوفيا اللي ما فهمت حركتها : ماذا؟.. لماذا تشيرين إليّ؟؟
سحر ناظرتها توضّــح : وليد طلب مني البارحة مساعدته في التسوق..يحتاج بعض الحاجيات ولكن يبدو الآن بأنه لا يريد..
ضحكت صوفيا : أجل لقد أخبرني بالأمر هذا الصباح.. كنت أتمنى مرافقتكم ولكن لدي بعض الأعمال لأنجزها اليوم في الخارج.. أثق بأنك تستطيعين تولّي المهمة.. فوليد يقول بأنه لا يفقه بأمور التسوّق شيء..
سحر رمت نظرة جانبية لتركي الساكت.. بتقول له يقومون بدون ما تعطي كلمات اعتذار أكثر ..قالتها مرتين قبل دقيقة مع إن الموقف ما يستاهــل وهو يدّعي الاستياء..إن قبـلها ولا ما قبلها هالشي راجع له..!! ومارح تعطيه فرصة يطبّق درس جديد من دروسه الغريبة اللي كل مرة يفاجئها فيها ولا تدري عن طبيعتها إلا عقب ما تاكل المقــلب والدرس مثل الغبيـة بدون شعور !!
سحر : تبي اليوم خلنا نمشي..وإذا ما ودك بــراحتك..
تركي رمقها بسخرية هي بدت تفهم أهدافها.. يبي يوتّر لها أعصابها عشان يوسع صدره ..
وقال : تلوين يدي يعني؟؟
سحر بغرور عفوي : .. أنا للحين عند كلمتي وما تراجعت عنها.. إنت تبي تحسسني إني ارتكبت جريمة..ومارح تنطلي علي!
تركي شال ظهره من المسند عقب ما كان مسترخي.. ومال ناحيتها بشكل مفاجيء وعيونه تضيق .. وكأنه يتوعّد بشي من الجديــة والمزح.. وسحر صمــدت قدام حركته بدون ما يرفّ لها رمش وهو يردف : .. مستعدّة تتحمليني اليوم؟؟
سحر بصمود : إيه..
تركي وعيونه تنتقل بين عيونها ، وشدّتها النظرة الحاذقة اللي فيها : ..جوابك سريع !
سحر بعفوية : ..بركاتك !
ارتسمت ابتسامة جانبية جديدة على فمه.. ونظرته الحاذقة لازالت نفسها ..
وسحر شافت هالابتسامة اللي تتوعدها بأشيــاء ..أردفت بسرعة تردّ له أسلوبه : وبعدين .. أنا اللي بكرر السؤال وبسألك..مستعد تتحمل وحدة مثلي اليوم.. سألتك أمس وما أظن بتقدر..
تركي انتقلت الابتسامة لعيونه وضحكة عابرة تطلع مع خشمه...وارتدّ بظهره للخلف يزيد المسافة بينهم وهو يقول : صعبة أتعب من وحدة مثلك !
طلع لها فجأة قرن شيطاني صغير براسها ..من نبرتـــه ..قبـل كلمته... لأنه كالعادة متى ما راق له المزاج يبدا يحاول يستفزها..
وتركي لاحظ الحنق بوجهها.. وشفاتها المزمومة بعفوية ..
وابتسم : فيه شي بتقولينه؟؟
سحر قالت اللي خطر على بالها هاللحظة : أشك إن عندك انفصام شخصية !..كل شوي بحال معي !!
كتم ضحكتـه ، وحافظ على هدوءه : أعتبرها ميزة عندي.. وبعدين .. معك ما ينفع غير هالأسلوب يا آنسة.. وأظنك تعترفين بهالنقطة..

وجــع !!.. ضاقت عيونها عليه لأنها فاهمه قصده ..
وقالت : ومضطره أتحمّل.. ولا تتوقع إني بنهار من هالأسلوب .. بتشوف!
تركي وهو يقلب فمه على تحت بلا مبــالاة : طيب برافو عليك..
سحر قامت واقفه تنهي الكهررباء اللي يخلقها متعمّد : أنا بروح أتجهز.. عشر دقايق وراجعه..
تركي : لك خمس دقايق !
سحر بعناااد : باخذ عشر دقايق إذا مو عاجبك.. خلّص الموضوع بنفسك.....عطيتك وجه!
وتركت المكان وهي تمشي بخطوات سريعة فيها شويّة حدّة.. بينما تركي رجع للكتاب وهيئته تنضح عدم اهتمام بالموقف.. ينتظرها لما ترجع !
صوفيا اللي لمحت حالة سحر وهي رايحه..بابتسامة من الموقف : لماذا تزعجها؟؟
تركي وعيونه على السطور : .. لأرى ماذا ستفعل لو أزعجتها !
صوفيا ما فهمت : ماذا؟
تركي بابتسامة جانبية : لقد أزعجتني ولذلك أزعجتها..
ضحكت صوفيا وهي تحس إنه سواها من باب المتعة لا غير..وخصوصاً إنه قبل تجي سحر كان طبيعي ..بس واضح إنه يحب يتعامل مع سحر بأسلوب معين وغريب ..وهالشي يلفتها لأنه ينفع مع سحر ويخلّيها تعبّر عن انفعالها بشكل مضحك وعفوي...ورغم إنها ما تفهم الحوار إلا ان ردود الأفعال تقريباً تخليها تفهم الجو !
صوفيا بضحكة : كفاك تلاعباً بها.. إنها تتأثر بسرعة ..
تركي باقتضاب : أعلم ذلك..
صوفيا : يالك من غريب !

::

لا تبكــــيWhere stories live. Discover now