مكيدة عشق

Af lmillyl1

279K 11.9K 5.1K

قيلَ بأنَّ هناكَ نوعًا منَ الرجالِ، إن كانَ سيرغبُ بامرأةٍ، ولو للحظةٍ قصيرةٍ، فإنَّهُ سيذهبُ إلى أقاصي الأرض... Mere

مُقَدمَة
الْفَصْلُ الأوَل|محَادثة مسائية
الْفَصْلُ الثَاني|امرأةٌ روكشاير
الْفَصْلُ الثَالِث|جَميِلةٌ فِيرتهَايِمر
الْفَصْلُ الرابِع|رَجلٌ إنتِحاري
الْفَصْلُ الخَامِس|مَوعِد عِداء
الْفَصْلُ السَادِس|لعبةٌ الإغَواء
الْفَصْلُ السَابِع|أمرأة الأَلف رَصاصة
الْفَصْلُ الثَامِن|طَريِقة حِيَاديِة
الْفَصْلُ التَاسِع|بِطاقة ذَهبيِة
الْفَصْلُ العَاشِر|عاطِفةٌ ودَاع
الفَصْلٌ الحَادِي عَشْر|فَوضى الفَضول
الفَصْلٌ الثَانِي عَشْر|نتيِجةٌ العَبث
الفَصْلٌ الثَالِثٌ عَشْر|غَيبوبةٌ وعِي
الفَصْلٌ الرَابِعٌ عَشْر|مأدبة حرائِق
الفَصْلٌ الخَامِس عَشْر|صَفقَةٌ مُنفَعَة
الفَصْلٌ السَادِس عَشْر|إِمتنَان خاطَئ
الفَصْلٌ السَابِعٌ عَشْر|صَوت المنطِق
الفَصْلٌ الثَامِنٌ عَشْر|ظِل مُهجَة
الفَصْلٌ التَاسِعٌ عَشْر|قَفزة قَلبِية
الفَصْلٌ العِشْرينْ|خَسَاَرة عَشِقَية
الفَصْل الواحِد والعِشْرين|ضَوء عَتَمة
الفَصْلٌ الثَانيْ والعِشْرين|طمَأنينة منبِهر
الفَصْلٌ الثَالثٌ والعِشْرين|اِنتِقَام مُعجَب
سؤال

الفَصْلٌ الرَابِعٌ والعِشْرين|وَرطَة أَبَدِية

5.8K 450 365
Af lmillyl1

تَلَوح إلينَا خيبَاتنا فِي كَل مرةٍ نسَعى بَها إِلى المُضِي قدمًا، تَسَلبنا حَقنا فِي الحَيَاة، تَرغّمَنا خَوض الحَذَر والتَرصَّد للفَجائِع..

كَانت لهَا الفجَائِع دومًا ما تُستَقبل على بِساط أحَمر، لطَالما هِي شَيء اعتيادي فِي حياتَها..

لا يسَعها أن تقَلب أوراق حيَاتها دون أن تجَد بَين صفحةٍ، وأخرى مُصِيبة، وذَلك لم يَعد شَيء يؤلمَها..

لقَد تألمت بمَا يَكفي لهَا أنَّ تتَعلم، أن خَلف كل عاصِفة يَقبع نَسيم مُنتظَر، عليَها فقَط أنَّ تنتظَر، وقَد أتى انتظَارها بطريقةٍ مَا على هَيئة رجُل ينظَر إليِها كمَا لو أنَّها حَبل نَجَاته..

تَعلم بأنَّها على القَدر الكافِي من السُلطَة أنَّ تنَجو دَون رجُل، كَانت تَعلم بأنَّ كَافة نجَاتها هَو قرارها أنَّ لا تَترك فَرصة للعالم أنَّ يبتلعها بين عواصِفه..

كَان عليَها أنَّ لا تتَرك ذَاتها تقَع للَحظة، أنَّ لا تَمكث ساكِنة دَون أنَّ تصَنع لذَاتها خطَة نجاةٍ تلحَق تِلك الزَوابع..

تظَمر شُعورها آنذاك، بينما تتَأمل ساندَرا تَبحثَ عَن قِطعَة مِن المَلابس قَد تناسِبها لَيلة الحَفَل السنَوي..

لقَد مَضَت خَمسَة أيَّام مُنذ أنَّ بَدأت تقَطن ملكَية عائِلة فيرتهايمر، وخَلال تِلك الفَترة وجَدت فِي ساندرا صَديقةً ودودة تشَاركها النَميمة حَول جَنون أفراد تِلك العائِلة..

كَان عليَها أنَّ تعَلم مَدى ثَراءه حيِنما شَهدت الطَريق المؤَدي إلى مَلكيَّة عائِلته، ثَم إلى ذَلك المنزِل الذَي بَدى إليِها أسفَل ضَوء النَهار آية فِي الجمَال والدَهشة..

لا تَعلم المسَاحة التِي كَان يأخذَها مِن المنطَقة بأسَرها، لكِن ممَا أخبرتَها به سانَدرا، ورئيس العَاملين لوثر؛ فأن الملكيَّة تحتوي سَبعة مبَانًا مختَلفة..

أنَّ تقطن المبنَى الرئَيسي فِي جنَاح كَان ملكًا له، وقد بَدى كَما لو أنَّ وجودهمَا أسَفل سَقف واحِد يُزعَج إِزابيلا بشَكل خَاص..

ساندرا تَمتلك غَرفةً فِي جنَاح آخر عَن ماثيو، وإنَّ كَان لهَا أنَّ تسَخر فأن عائِلته متزَمتة بَعض شَيء؛ فِيما يَخص مكَوثهما معًا..

ليَس كمَا لو أنهَما يقطنَان ذَات الغَرفة، لقَد حرصَت إزابيلا أنَّ تحذَره مئَات المَرات أنَّ لا تسَوله نفَسه لتعدي مساحتَها الخاصَة..

لم تثِق بَأنَّه قَد يصغِي إِلى شَقيقته بذَلك القَدر مِن التفانِي، خَمسَة أيَّام مكثَت بَها فِي منزَل عائِلته دَون أنَّ تحَادثه لمرةٍ واحِدة حتَى..

ليَس إنَّ كَان هنَاك نَوع مِن محَاولة اغاضته دارت بيَن أفراد عائِلته عَن طَريق الجلوس إِلى جانبَها على طَاولة العشَاء فِي كَل مرةٍ كان يحاول بَها فَعل ذَلك..

بَدى الأمر سَاخرًا حينما ابتدأه ماثَيو، ثم سَاندرا، يلحَقها كولتن، قبَل أن تعتقد بأن إزابيلا ستختتمه، لكن فِي اليَوم الخَامس وجَدت بَه ألكسانَدر يشَارك ذَلك..

كَان عليَها أنَّ تشهَده بَصبر يجز على فَكه دَون قَول شَيء، ثم يقعَد أمَامها مطالعًا إياها كمَا لو أنَّه تبَعد عنَه ألف ميِل..

رغم ذَلك فهَو لم يَفي مواعيِدهما، ثَلاثة مَرات فِي الأسَبوع بَدت شيئًا ثقيلاً، ولا يَمكنها مَعرفة إنَّ وجَب عليها الشَعور بالراحَة لذَلك أم شَيء آخر لن تحبذ بَوحه علنًا..

لم تكَن جَدته موجودةً فِي المنزل نتيجة سَفرها لحضَور حَدث خارَج المَملكة، ولا أحد بَعد مِن عائِلة فيرتهايمر قد حضَر عدا سِتة أفراد، وهِي الساَبعة على الطَاولة..

خِلاف نظَراته لهَا؛ فهو لم يُقدم لهَا شيئًا اضافيًا سوى ابتسامة مَودة قَبل أن يَغادر طاولة العشَاء دومًا فِي عجلةٍ مِن أمره..

لا أحد يَعلم ما العَمل الجليِل الذَي يَدفع بَه أن يَمضي خَمسَة أيَام بعيدًا عن الشَركة، منزَله وهِي..

كَانت تقعَد على الكَرسِي الصغَير بَالقرب مَن طَاولة للمشَروبات أثنَاء مراقبَتها ساندرا، وخوضَها فِي جَولة أفكَارها..

بَدى ذَلك المنزل لا يَنتهي إليها على الرغَم مِن محَاولتها أخَذ جَولة حَول المكَان كي تفقَد كافة الفَن المعماري الذي وجَدته عليَه، وفِي مرحلة مَا أخبرتها ساندرا أنَّ تتخَلى عَن ذَلك..

كُل شَيء مضَى بهَدوء خِلاف ما كَانت تعتقَده، تمكَث معظم وقتَها فِي العَمل، وعنِد المسَاء تقود سيَارتها نَحو ملكيَّة عائِلة لتنَاول وجبَة العشَاء، ثم قضَاء سَاعة واحِدة إلى جانب ساندرا وإزابيلا فِي الحديقة الخَلفية..

لم تخضَع إلى تحقيَق مفَصل أو محَاولة إستمالة وفَضول، بل لبثَت خِلال تِلك الأيَّام تناقَش مَع ساندرا وإزابيلا تفاصَيل الحَفل السنَوي..

الكثَير مِن العمَل لتنجَزه، كُل قِطعة فِي ذَلك المنزَل الملتحف بالهيبية والثَراء، كَان لا بَد أنَّ يَخضع للتَغيير تبعًا للفَكرة الرئيسية التَي ستَختارها جَدته..

-ذَهبي أم فِضَّي؟..

سَألت ساندرا وهِي تزيَح خصَلات مِن شَعرها القرمزي الداكَن لتُظهر زَوجًا مِن الأقراط المختَلفة..

تشَير إلي الفِضَّي قَبل أنَّ تعتَدل جَلوسها، ثم تستفيَق مِن غيبوبَة أفكَارها، لقد مضَت ساعة مُنذ أنَّ جَالتا مراكَز التسَوق الكبَيرة بحثًا عن مَلابس ومجوهَرات للحَدث..

تُفكَر بشَأن نميِمتهما، لم تكَن شيئًا خاصًا بَدت كقضَية عَامة تتشًارك بَها كافة النسَاء حيَال شَركاءهن..

ودت أن تَعلم عنه مَن شَخص أكثَر قربًا، لَكن لم تشَأ المخاطَرة وسؤال إزابيلا لطَالما بَدت إليَها كشَخص حَذر أو أنَّ تستمر فِي الحفَر بيَن مقالات لا تَعلم صِحتها..

-مُنذ متَى تعرفين إيريك؟..

تجَلى سَؤالها هادئًا كشَيء عادي لا يَحمل ذَلك الفَضول البَالغ الذي كَانت تشَعره، تنظَر صَوب ساندرا مَن مكثَت تُقَلب صندوق المجَوهرات الهائِل إلى جانَب أحد العامَلات فِي المتجَر..

-مُنذ أنَّ كان فِي الثَالثة عشَر، رُبما..

ظَهرت عقدة حاجِب طَفيفة أعلى مَحي ساندرا تسَعى تخمين إن كَانت قَد أصابت ذَلك، ثَم تَابعت حديثَها..

-فِي الواقَع مُنذ أن كَان فِي الخَامسة، لكِن ذَلك لا يَحدث فرقًا فلا أحد يَعلم إيَريك حقًا..

كان لَها أنَّ تشَعر بالتفاجؤ، إن عقدين ونِصف ليَس زمن بضئيل إلا أنَّها مكثت تتَبع سَلاسة الحَديث مع ساندرا دَون أنَّ تقَلق بشَأن سؤال مُضاد قَد يُرمَى إلى شَبكتها..

تّرفع حاجبيَها صوب ساندرا ما أن تنبهت إِلى حَديثها، حين أردَفت..

-إنَّه ليَس رجَل الكلمَات، لم يَكن كذلك حيِنما كان صَغيرًا ولا اعتقد بأنَه سيصبَح الآن، لكِن إنَّ كنتِ تبحثين عَن بئَر أسراره الدفيَنة، رُبمَا خيَاركِ الأمثَل هَو سيزار..

كَانت لتخبَرها أنَّ لا شكرًا، ثم تَعلن لهَا بأنَّ ما سيمَدها بَه سيزار بشأن خطيَبها هو المئة وسيَلة لقتلَه عوضًا عن أسَراره الدَفينة..

إِلا أن قَولها بَطريقة مَا أعاد إليَها كافة لقاءاتها بسيزار، وكافة كَلماته بشأن صَديقه المقَرب دافعًا بشَعور مُر أنَّ يعلق إلى فؤادها..

إنَّ كَان مصَدر المعلومات الأكثَر دِقة هَو سيزار فمَا مدها به لم يَكن شيئًا حسنًا قَد يَدفعها إلى تخَلي حذَرها..

-أعتقد بأنَّ سيفضل إخباري إين له أنَّ يدفنَه عوضًا عن إين دَفن بئر أسراره..

علقت بلهجةٍ صَريحة وهي تَرى ابتسامة لطَيفة تشق طَريقها نَحو شفتَا ساندرا القرمزيَتان قَبل أن تخبَرها..

-يَمكن لي أنَّ اخبركِ بأن نزاعهمَا لن يطَول؛ فدومًا ما يَجدان طَريقهما إلى الصُلح، لقد أعتدنا الأمَر وعليكِ ذَلك..

تردِف وهي تعود إلى إرتداء قرطين آخَرين بدى ثمنَهما مخيفًا إِلى عيِنيها..

-إين لإيريك أنَّ يَكون هنَاك دَومًا سيَزار، وخلال خلافَاتهما العَديدة ستجديَن لحظَة إهتمام خَفية، أنهما ذَلك الثنَائي حيث لهمَا أنَّ يقلبا حياة الآخرين رأسًا على عقَب، ثم حينما ينتهِي اليَوم يناما أسَفل غطاء واحَد..

لم تحبَذ ما صنعته مخَيلتها بشأنهمَا، لا ترغب بالضَحك، لكِن تركت لذَاتها حُرية زرع ابتسامة سَخرية معلقةً..

-إذًا، أنا هِي العجلة الثَالثة فِي علاقتهَما!، هل هذا ما ترغبيَن أخباري به؟..

بَدى الأمر على نَحو ما طَريفًا، وعلى نَحو آخر مزعجًا، إنَّ كَان لهَا تخمِين الغَرض ممَا نبَست به ساندرا؛ فهي لن تخطأ الأمَر كمحَاولة لتزيَح بعضًا مِن عداءها تجاة سيَزار..

لكنها لا تَعلم عداءها مَعه بدء مُنذ أول مشَروع كَان عليَهم النزاع مِن أجله، بَدى إليَها رجُلاً لعينًا، ومتلاعبًا دون هَدف حقِيقي..

-ليَس حقًا، لكِن لا أحَد قد أقتَرب مِن إيريك بمَا يَكفي ليَعلم ما يَجول رأسَه سَوى سيزار، إنَّه يَمتلك عددًا من الأصَدقاء، لكنه يسَعى دومًا ليمتَلك اعداءً، ولأكون صَادقةً معكِ أنَّه يحَبذ ذَلك كثيرًا إلا أن لا صَديق يغفَر له جرائَمه عدا شقَيقي الأَرعن ..

مكَثت تقلب تِلك الكَلمات فِي ذِهنها طَويلاً، تشَعر بالفَضول شَأن جرائِمه، أنَّها حقًا تَرغب مَعرفة لمَا الجَميع يسَتمر بتحذَيرها مَنه على هَذه الهيَئة..

تشَعر بالإنزَعاج لحظَتها ما أن اطَالت الصَمت حتى وجَدت ساندرا تمَدها بإبتسامة متَفهمة، بينما تعقد بجَانبها تنتظَر العامِلة كي ترتب لهَا مشتَرياتها..

تتأمل مَحي سَاندرا يتشَبع بشَعور مِن الآسى إزَاء رد فَعلها، تجَدها تسَعى أنَّ ترتب حَديثها جيدًا قبَل أنَّ تبوح بَه ثَم نبسَت..

-لا يَمكن لي أنَّ اخبركِ بأنَّه رجُل رائَع وخَلف جرائِمه يقَبع شخص طَيب القَلب، ليس بَعد هذا الزمَن؛ فمهما سَعى الجميَع لأن يَعلموا ما يظَمره، إننا في نهاية الأمر نفشَل جميعًا، أعلم تمامًا بأنني لا أمتلك الحَق لأن أبوح لكِ بذَلك، لكِن مَن نتحدث عنَه هو إيريك..

ودَت أنَّ تخفف مِن حَدة الموقَف إلا أنَّ ساندرا بَدت كَمن يَمتلك هدفًا لمَا تخبرها به حيِنما أردفت..

-إِنَّه يحصَل على ما يَريد، لا يكتَرث بالعَواقب قَط، ودوماً ما سيَسعى أنَّ يَدوس على اعصَاب الآخريَن، وإن حدث أنَّ رد له أحد الغضَب نتيجةً أفعاله اؤكد لكِ بأنه سيفتَح أبواب الجحيَم لمن يفَكر بذَلك حتى، لِذا أرجو أنَّ تدركِ ما أقصده ..

برزَت ابتسامة طَفيفة إِلى شَفتيها ما أنَّ ادركَت سَبب حَديث ساندرا، لقد بَدى الأمر كتَحذير مِن العواقَب، تِلك التِي لا يَكترث أمرهَا..

إنَّها تخبَرها كمَا لو أنَّها تعلم وجَود مصَيبة تنتظَرهما بأن ذَلك الرَجُل وأفعَاله شّيء ميَؤوس منَه، ورُبما إنَّ إنتَهى بَه الأمر يَدوس على قَلبها؛ فليَس عليها التفاجَؤ..

ليَس عليَها أنَّ تستخَدم سَلطتها لتحصَل على ثأرها مِنه، ما يَخيف ساندرا هو السَلطة التِي تمتلكها عَن طريَق لقَبها..

"دَوقة غراسيَا"

ترفَع كفَها إيَن مكَث خاتَمه لامعًا، جميلاً على أصبَعها ثم سَخرت بلهجةٍ ودودة..

-كان عليكِ أخبَاري ذَلك قَبل أنَّ اوافِق عَرضه..

شَهدت الجَد فِي أعيَن ساندرا قَبل أن تبتسَم لسخريَتها ثَم تتخَلى عَن هدفهَا؛ فيمَا لاح ذَنب طفيف فِي كلماتها حين نبسَت..

-أرجو بأنَّ الأمَر لا يَزعجكِ حقًا، لكِن خَلال عشرة سَنوات، اعتقَد الجمَيع بأنه سيَموت أعَزبًا، ووجودكِ يَجعل الأمَر معجِزة..

لطَالما تعلم الهَدف مِن الحَديث فأن الأمر لا يزعَجها حقًا، إِنَّه يَقدم لهَا عاطفةً كامِلة تخشَاها، يقَدم لهَا احترمًا يشَك الجميَع فِي صَحة وجَوده بَه للآخرين، ستثِق بأفعَاله حَتى تتبيَن صِحة كلماتَهم عنَه..

يلوح إليَها سؤَال ساخِر ودَت أنَّ تطلقه، لكِنها عدلت عَن ذَلك ما أن رفعت حاجبيَها دون ابداءها إن كَان الأمر سخَريةً أم سؤَال طلبًا لحقَيقة..

-أعزبًا لا بتولاً؟..

أصغَت قهقهة ساندرا بطريقةً ساخِرة إزاء سؤالهَا تشاهِدها تلف ساقيَها فَوق بعضهمَا، بينما تحتسَي محَتوى علبة المياه إلى يَدها مجيبةً..

-تمامًا، أعزَب لا بتول، كَان عليه أنَّ يحضر شريكة إِلى الحفل السَنوي، ويمكن لي أنَّ أضمن لكِ بأنَّه لم يَكن يَعلم اسماءهن حَتى..

إلتقطت نبَرة الإنزعاج مِن بيَن شفتي ساندرا؛ فيما تراقبَها تصنع تكشيَرةً واضحَة حيَال نهاية حَديثها..

بدى كَما لو أنَّ ذِكرى مزعَجة للغايَة قَد تصاعدت إلى ذِهن ساندرا ما أن ختمت حديثها وهي تهز رأسَها أسِفةً..

-مِن الجيَد بأنَّ يَعلم ما هو اسمي أو رُبما يَجب أنَّ اسأله اليَوم ذَلك..

لقد ودت أنَّ يبدو كل قَول تنبَس به هزلاً حقِيقًا كِي لا تفضَح أفكَارها بشأنَه، بشأن ذَلك الرِضى الساذجَ الذي عبَر إلى فؤادها شأن قَول ساندرا..

تجَد بأنَّه مِن الجيَد أنَّ لا يَعلم أحد ما تكَنه الأنفسَ لكَانت الآن تُنتَقد لرضَاها كطِفلة تحبَذ أنَّ يَصب الجميَع اهتمَامه صَوبها..

تُردِف أثنَاء إطلاقهَا زفيرًا ثَم مُراقبتها صَف الحقائِب الباذِخة إلى أمَامها..

-اذًا، دور مَن اليَوم ليَدوس على أعصابه؟..

أشارت إِلى لعبتهَم الصغِيرة، إنَّ لم يبدو منشَغلاً فِي شَيء لا يَعلمه أحد، وإنَّ كَان حديَث ساندرا عنَه حقيقيًا؛ فهو على الأغَلب كَان ليكسر تِلك الطَاولة على رأسَهم..

-رُبما ماثيو لطَالما هو مَن أقتَرح ذَلك..

تبادلهَا إيڤلين بنظَرة سُخرِية، تتَريث فِي اطَلاق حكمَها ثم تسأل..

-لا بأس أنَّ يَدوس الجميَع على صَبره، لكِن إنَّ فعَل فهو مذَنب؟..

لم تعتقَد بأن ساندرا قَد تَرد على قَولها بنظَرة أندهاش وضِحكةٌ حقَيقية قَبل مكَوثها تتأمَلها ثَوانًا متحدثةً..

-مِن الجيَد معَرفة بأنَّه يقَدم لكِ صورةً حسنةً عنَه، حقًا لم يسَبق لِي وأنَّ رأيت أحد يَقف فِي صَفه..

رَقت بكتفيَها، تتذَكر نظرةً الاندهَاش وهِي تعلو محي أوسكار كليسَتر حينما وقفَت إلى صَفه، ترجو لو تبوح لهَا ساندرا بَعضًا مِن آثامه إلا أنَّها تحدث عن شَيء جذب فضَولها..

-ومن الجيَد بأنَّه يمتَلك عمَلاً ليقَوم به؛ فإنَّ لم يَفعل لرُبما رأيَت ما أعنيَه، إِنَّه يأخذ هذا العمَل على محمل الجِد رغم كونه شَيء لم يَرغب بَه يومًا..

عَلَت نظَرة فضَول محيَاها ما أنَّ وصلهَا شيء لم يَسبق لأحد إطَلاق النميَمة عنَه، ليَس إنَّ كان بشَكل كلي يَقطن الشَركة، ويفرط فِي العمَل..

لا يَمكنها إعَلان ما يَقوم بَه إِفراط، بَل هَوس تعدَى حَدود المنطِق، هَوس نتيجته أنَّ اصبَحت روكشاير فِي القمة، بَعد أن أوشك المركز الرئيسي إِعلان التخلي عنَها..

تسأل أثناء اعتدالها فِي كرسيها لتقَدم جَل إِهتمامها صَوب ساندرا، رغم بقَاء نبَرتها جافةً تخلو مِن التطلع الذِي كان تشعر بَه فِي داخَلها..

-وما الذِي كان يرغب بَه؟..

شَهدت تأنِي ساندرا ثم ابتسامتها اللطيَفة وهي تنشَغل فِي تقليَب ذِكريَاتها، تبدو آنذاك راضيةً عَن بوحها شَيء دفع بالدهشَة إلى حَواسها..

-لا شَيء حقًا إلا أنَّه كَان يَرسُمُ بإفرَاط، لقد اعتقد ماثيو بأنَّه قد يختار شَيئًا يتعلق بمَا يحبَه لطَالما مضَى لوقت طويل يهتم لذلك، لكِن كمَا قلت لا أحد يَعلم ما يَجول رأسه..

رُبما إنَّ اخبرها أحد بأنَّه قاتِل متسلسل لم تَكن لتشَك فِي ذَلك، لم تكَن لتفكِر بَذلك طويلاً كما لهَا أنَّ تفعل فِي لحظَتها هذَه..

تعقد حاجبيَها بوُضُوح، لا تتذَكر لمرةٍ واحِدة خلال مراقبتها إيَاه أنَّ كان منشغلاً بشَيء عدا العمَل..

لقَد بدى إليَها مجرد رَجُل يحبذ قضَاء وقته فِي وئد ذَاته بيَن أوراق الشَركة على أنَّ يمتلك شيئًا جميلاً كمَا الفنَّ..
****
أنَّ يقَع أحدهم فِي حُبكَ كَما لو أنَّ يَضع خنجَرًا إلى عُنقك، لكِن أن تقَع أنتَ فِي حُبه كَما لو أنكَ تخبره ايَن يمَزقك بخنجَره..

لقَد قَدمت إليه زاويةً جَيدة، ايَن له أنَّ يؤَلمها، وايَن له أنَّ يغَرز نصَله فِي عُنقها..

رُبمَا تثِق بأنَّها مُحصَنة مِن جَرائِمه، بأنَّه لَن يَكون إليَها يومًا مَا يخشَاه الآخريَن به..

شَخصًا يحَبذ الآذِية، شَخصًا يسَعى دومًا أن يَحصل مُراده، شَخصًا يَأخذ دون عَطاء..

جَال حديَث ساندرا ذِهنها لوقّت أطَول مِنا كَانت تسَعى أن تتَركه ليَعبث فِي حواسَها، جال وقتًا حَد شَعورها بأنَّ كُل فِعل قَام بَه كَان نتِيجة رَغبة..

إنَّها مَرء يختَبئ خَلف الريَبة، يختَبئ خَلف الحذَر، لكِن بطريقةً مَا سمحَت لذَاتها أن تَكون مَكشوفةً إليه..

لم يَكن يَجدر بها أنَّ تشَعر بالأفتتَان نَحوه، لم يَكن عليَها أنَّ تتيَح له مكامِن ضعفَها، وأنَّ تخرج عَن استقَامة ثبَاتها..

حَدث ذَلك، وحَدث بَعده كُل شَيء كَانت تبغضَه، أنَّ تجَلس وحيدةً إلى مائَدة عائِلته، بينمَا تحَدق إلى كُرسِيه الفَارغ..

سَعى ألكساندر على غَير العَادة أنَّ يلكزها بَالكلمات عنَدما سَأل ايَن هو خطَيبها المنشَود، كَانت تَعلم بأنَّها لا تَروقه، لقَد بدت إليه كحَقيقةٍ لا يُمكن له تزيَيفها..

كَان جوابَها آنذاك بسَيطًا بأنَّه يمتَلك عَملاً مُهمًا، عملاً لا يَعلمه أحَد، ليَس كارول أو رالف حَتى..

شَهدت ألكساندر يتأمَلها بشَيء مِن عَبَث، خِلال خَمسَة أيَام تَرك مسافةً بينَهما عدا حَين جَلس إلى جانبَها لَيلة البَارحة..

كَما للجميَع على الطَاولة أنَّ يعتقَد وجودهَا لهَدف ما، بَدى لا يَشذ عن القاعِدة ايضًا..

-أي نوع مِن العمَل؟..

سَؤال إنَّ راجعَته طَويلاً يُمكنَها إصغَائه ساخِرًا، تتأنى فِي رَدها أثنَاء مراقَبتها عيِنيه وهو يُقَدم لَها اعجابًا ملموسًا..

إنَّه يُدرك بأنَّها سترد لَه عَبَثه بطريقةٍ قَد تلجَمه كلمَاته، يُمكنها الشَعور بذَلك ما أنَّ ارتقَت ابتسامة هادِئة صَوب شَفتيه..

-هل تناقِشون أمور العمَل على مائِدة الطَعام؟..

بَدى الجميَع منشغَلاً فِي تنَاول طَعَامه، وتبَادل حَديث، ليَس بذلك القَدر مِن الأهميَة حتى سؤالها الذَي جذَبهم جميعًا لمطَالعتهما..

-لا نفعَل..

رَد مُختصَر فِي ثَانيةٍ لحقَت إدراكَه بأنَّها لا تَعلم اين مَوضع خطيَبها، رجَلها أو مَا يُمكنَها أنَّ تثِقه، رجُل المكَائِد..

لقَد كَاد لعَائِلته، للرجُل السَاعِي أنَّ يُفسَد مزَاجها هَا هنا، وعلى نَحو مَا بَدى كَما لو أنَّ الجميَع يَعلم ذَلك مُسبَقًا..

تتسَاءل إِنَّ كَان يَثق الجميَع بأنَّه سيَموت وحيَدًا، وبأنَّهما رُبما ليَس على عَلاقةً حقَيقة تستدعِي أنَّ تختنِق بخَاتمه؛ فإذًا مَن هو الذَي يتَعرض لهَذه المكيَدة؟..

تومأ له تفَهمًا ساخِرًا ثَم تعود لإنهَاء طَبقها قَبل أنَّ تغادِر المائِدة لتختَلي بَذاتها، شَاءت أنَّ تهَاتفه، بينَما تتأمل اسَمه يضيء شَاشة هاتفَها..

تعَدل عَن رغبتَها وهِي تَرمي بهاتفَها إِلى السَرير المزَدوج بَشيء مِن الإنزَعاج، إنَّها تبَدو كَما صَمام الأمَان ليَخرس رغبَات عائِلته..

تَتأمل الغَرفة الواسِعة مِن حَولها، إِنَّ كَان لهَا مقارنَة شِقتها بَها؛ فعلى الأغَلب لن تَحمل فرصةً للمنَافسة حَتى..

سَرير مزَدوج مَريح، أريَكة وثيَرة إلى أمَامها تحيطَها طَاولة زجَاجية، وبضع ارائك صغَيرة للجَلوس..

تجَلت كُل قطعةٍ فِي الغَرفة بهيئةٍ عصَرية ممتزجةً بيَن الأبيَض والبني، ومَا يُشكل اختلافًا هِي الشَرفة الواسِعة وبَابها الزجاجِي..

لقَد تركَت بابَها منفرجًا ليَسرب الريَاح البَاردة فِي ارجاء الغَرفة، بينما تضطجع إلى سَريرها مَراقبةً السمَاء مِن موضَعها..

مُزدانة بكُل لَون عاطِفة؛ فيما تضَيء النَجوم السَماء كوشَاح يمكَن له أنَّ يَلف سائِر آلامك عِند النظَر إليه مطَولاً..

تديَر جسَدها بَعد أن شَعرت حَاجتها أنَّ تخلد إِلى النَوم مراقبةً بَابًا يَؤدي إِلى خَزانة الملابَس البَاذخة، وآخر نَحو غُرفة الاستِحمام..

تعَود صَوب ملابسَها، شَيء اعتيَادي دَون إلتفاتة، دون بَاذخ كَما الملابَس خَلف بَاب الخَزانة الأبَيض..

شَيء بَها ود أنَّ يستكَشف ذَلك الجَزء مِن الغَرفة، لطَالما كَانت ترتدي مَلابسها الأعتيَادية دَون أن تلمس قِطعةً واحِدة منَها..

تسيَر إليَها ثم تطفئ ضَوء الغَرفة الأسَاسي قَبل أن تتَأمل تلقائية ضَوء الخزانة يُنير ما أن خَطت إليَها..

تشَهد حقيبتَها تستقر فِي الزاويَة كَشيء شَاذ لا ينَاسب المكَان، إنَّها ليست المرة الأولى، لكِن هي المرة التِي تصب جَل تركيزها فِي هذه الغَرفة..

صفان مِن الخزائن على كُل جَانب يتوسطهَما خزانَة زجاجيَة للمجَوهرات، كَانت تلمع أسَفل الإضَاءة الهَادئة..

تراقَبهما بعيِنيها، كَافة صيحَات الموضَة، كافة العَلامات التجَارية، كُل حِذاء تعتقد بأنَّها قَد رأته فِي المتاجَر اليَوم بجَانب ساندرا..

لقَد أمضت وقتًا طَويلاً فِي عيَش حياة عَادية بَسيطة، تعمَل إِلى جانِب إيثان فِي بنَاء المسارح المتنَقلة، مجَالسة اطَفال الحَي، ومئَة عمل إضَافي لتتَمكن عائِلتها من تغطيَة النفقَات الأسَاسية..

وجَب على والدَها تقديَم نفقة الطَلاق، لكِن لم يَحدث ذَلك حتى بلغَت عامهَا الثَامن عشَر، وقد غَادر المنَزل حينما كَانت فِي الثالثة عشَر مِن عَمرها..

قانونيًا لمَ يكن عليَه سوى أن يُقدم نفقة عَام لإيثَان وثمَانية لكاتيا، لقَد غَادر دَون اكتِراث، دَون إلتِفَاتة، وكَان عليهم جَميعًا تَحمل ذَلك..

لم تَرتدي يَومًا قِطعة باذَخة، لم تحيَا الثَراء، ليَس حتى بَعد أنَّ أرغمهَا جدها أنَّ تصَبح الدَوقة مِن بَعده..

كانت تَرتدي مَا يقَدمه إليَها أوليڤر دون أنَّ تكتَرث شَيء عدا أنَّ تنتهِي مِن تَلك الأمسيَات الثقَيلة خِلال ثَلاث سَنوات كانت بَها دوقةً لغراسيا بَعد وفاة جدَها..

لا تشَكل تهَديدًا، لم تَكن تسَعى أنَّ تثأر مِن أحد أو لأحَد، ولم تَكن تمتَلك قَدرةً أنَّ تنسَحب مِن دَورها لطَالما خَالها كَان يعمَل جاهدًا أنَّ يجعَل حياة والدَتها جحَيمًا..

تطَلق تنهيدةً طَويلة تمَرر يَدها بين الأقمَشة البراقة، تشَعر خشَونتها أسَفل أنامِلها قَبَل أن ترتدي شَيئًا مناسبًا لتنهِي بَه يومهَا..

لم تشأ أن تَفكر بَه، لم تشَأ أنَّ يَعود حَديث ساندرا إلى ذِهنها، عادةً ما يتحدث الآخرين بصورةٍ حسَنة عن غيَرهم فِي اللقَاءات الأولى مخَافة تعَرضهم للمواجهة، لكن فِي حالة ساندرا بَدت لا تَكترث ذَلك..

لا تتسَاءل لِما، بَل تغادر الغَرفة بَعد أن تأكدت اغَلاق بَابها جَيدًا، وحينَما عادت لتَأمل الغَرفة مِن حولهَا داهَمها ظِل إلى الأريَكة بَاعثًا فَزعها..

يتعَثر مِنها زفيَر تفَاجؤ وهِي تراقَبه يضطجَع إلى الأريكة دَون إِشارة حيَاة منَه عدا تَموج النيكوتيَن مِن حَوله، وسيجَارة بيَن شَفتيه..

كان عليَها أن تتقَدم خطوةً إلى الأمَام لتجَده يحَدق بَها أثنَاء انتشَاله السيجَارة وقَول بصَوب خافت..

-عشَرون دقيقةً لترتدي مَلابسكِ؟..

لم تَعلم بأنَّه كَان يَعد الدقائق، لكِن ما تعلمه آنا له أنَّ يقعد إلى أريكَتها دَون أن تدركَه فِي المكَان أو تصَغي صَوت البَاب..

تتقَدم مِنه حين اعتدل فِي جلوسَه، بينما تسأله وهِي تراقبه يَطفئ سيجَارته ثَم يرتقِي ببصره صَوبها..

-خَمسَة أيام لتتحَدث؟..

تنقَلت بيَن باب غرفتَها ومحياه، تتأمَله يطَالعها لثانيةً حَال أن ألجَمته، لم تشأ أنَّ يشَهد إنزعاجها بسَبب مكوثَه بعَيدًا لذا ابقت محياها خاليًا مِن إمارات الإنزعاج..

-كيَف وصَلت إلى هُنا؟..

لقَد اختَارت أن لا تسأله كَيف له أنَّ يَدخل إلى غَرفتها، إنَّ فعلت رُبما؛ فهو لن يَفعل ذَلك مجددًا ابدًا..

تعلم بَأنه يَعلم غضَبها مِنه، يَمكنها أن تشَهد ذَلك ما أنَّ وقَف دافعًا بَها أن تقبَض كفها خَفيًا أثرًا لهيئة تَطلعه إيَاها..

كَانت تَرجو ألا يثَير حفيظَتها بكَلماته، ليَس الآن حينَما تعلم بأنَّه يفضَل عداء الآخرين لَه عوضًا عن تقديمهم لَه المحبَة..

تراقَب مظَهره، ربطَة عنقه المتدليَة حَول كتفيَه، قميصَه الأبيَض وتشميره إياه ما أن ارتقى بكفه ليَلف خصلةً مِن شَعرها حَول اصبَعه..

-امتَلك وسائِلي..

اعترضَت أفكارها أن تزيَح بصَرها عنَه متتبعَةً كَفه، تجَده يتأمل الخصلة بَين اصبعه ثم يَعود إلى مَحياها حَال أن نبَست..

-مِن الجَيد مَعرفة ذَلك، لكِن اعتقد بأنَّ ازابيلا لن تسعَد بَوجودك هُنا..

تتساءل إن كَان عليَها سؤَاله اين كَان يصَب تركَيزه، رغم ذَلك فقد رفَضت فَضولها ايضًا..

تعلمه سيَرواغها، ورُبما يَلكز شَعورها حيَال غيَابه، لا تَرغب بمزيَد مِن الزيت فِي نيران غضَبها تجاهه..

ليسَت طِفلة لترغب وجوده كِي يعانق كَفها متصديًا للجميَع، لكِن لا تحبَذ بقاءهَا فِي مكَان يختنَق بمحَاولة تحذيَرها مِنه ألف مَرةٍ فِي اليَوم..

-لا أتذكر بأن سَعادة إزابيلا كَانت هَدفي يَومًا..

اومأت له بتفَهم ساخِر إلا أنَها مكثت خاليةً مِن الفكَاهة، تتأمله طَويلاً يسَعى أنَّ يلتقط خدهَا بكفه حَتى تحَدثت..

-لقد سَأل عنكَ ألكساندر على مائدة العشَاء اليَوم ، بَدى قلقًا..

كان قولها عَابثًا تلوح إليَه بنبرةٍ زائفة مِن تأثر، وقَد احكَمت قبضتَها حيِن اتسعَت ابتسامته، بينما يقَلص المسَافة بينهما..

أنَّه يدرك غضَبها، وذَلك يُرضيَه، يَمكنها أن ترى الرِضى فِي عينيه ما أنَّ مال برأسه إليَها في سؤال..

-ألكسَاندر وحَده؟..

مكثَت دَون جَواب، لكن كَانت تشَعره يعَبَث معَها وقد ودت لو بوسَعها شَتمه، لو بوسَعها فِعل شَيء آخر ايضًا..

تجده يَتخلى مَوقفه وهو يَكوب طَرف عنقَها، يمسَح برفَق ودجها النَابض دافعًا بإختِناق أن يلتحف أنفاسها ثم أردف..

-هنَاك عمل كَان لا بَد لِي إنجازه، المعذرة..

اومأت تسَعى أنَّ لا تمضي وقتًا فِي تفقَد عواطَفها، أنَّ لا تعيَد لذَاتها شَعور المراهقَة عِند لحظَة الأعجَاب الأولى، وأنَّ لا تتيح له فَرصة سَلبها حواسَها..

كلمَاته شَيء، افعاله شَيء آخر، تفَضل أنَّ يفعل على كلمَاته، لكِن ليس بهيئَة تضَعفها، ليَس بطريقةً لم يَسبق لهَا أن شَعرت بَها مِن قَبل..

-عمل مهَم؟..

سألت ترجو بقَاء نبَرتها متزِنة، بينما تشَهده يتأمل ودجها وهو يسبب لَها خدرًا هائلاً إلى اطَرافها..

تراه يَعود ببَصره إليَها ما أنَّ تراجعَت بهيئتها إلى الورَاء دون أن تزيح بيَنهما المسَافة، قبل أن يجيبها بلهجةٍ هادئة..

-للغَاية..

لا تزال غاضبةً على نَحو مَا لذَا كادت تترد حيِنما ارتقَت يَدها لتربت صَدره أثناء زرعها ابتسامة ود زائفة صوب شفتيَها، وهي تخبَره..

-حظًا موفقًا اذًا، وعمت مسَاءً..

غاضَبة لأنَه لم يَقدم لهَا اهتمامًا مطلوبًا بَعد صَدها إيَاه؟، نعم، هي كَذلك، كانت تود أنَّ لا يَترك لهَا خيار قَرار علاقَتهما طويلاً؛ فهي تَدرك النهاَية..

تدرك بأنهَما لن يَتقدما إلى أي نقطَة، ليس فِي القَريب العاجَل أو البعيد الآجل، ليَس إن كَانت تستمِر بخَلق اعذار لذَاتها بشأن مكَوثها فِي العَزلة..

تكاد تستَدير لتتجَه صَوب سَريرها، لكِن ضَحكتةً خافِتة صدرت مِنه إزاء موقفَها وهو يَعيدها إليَه نابسًا..

-لم أتي إلى هُنَا لكي ترجو لي مساءً جيدًا، إيڤلين..

تظاهرت عدَم إكتراثها حَتى وقَع بصَرها صَوب محيَاه مَا أنَّ اسقَط مظاهِر عبثه معَاها، وهو يجتذبها إليَه، بينما يَلف ذراعه حَول خاصِرها..

لم تعتَرض ولم تسَأل ايضًا حَال أن أشَار صَوب بَاب غرفتها، لكنها سَخرت أثناء تفقدها ملابَسها، وهو لا يَزال يحيطَها كمَا لو أنَّها قَد تتعثَر مِن بيَن يَديه..

-أرجو اذًا أنَّ يكون المكان الذي سنذَهب إليَه لا يحتاج هذه الأناقة البَالغة..

شهِدته يبَتسم لهزَلها دون أنَّ يجيَبها، بَل يتجهَان إلى المخَرج وقَد خيَم الهدوء أرجاء المكَان؛ فيما بَقيت الأضاءة سَائر المنزل هادئةً منخَفضة..

إنَّ شاءت التَخمين فهما لن يغَادرا المنَزل، إنَّ الوقَت متأخر لذَلك على أي حَال، وإن كَان لها أن تخَمن ايضًا فرُبما ما يجتذَبها إليَه هو موعَد..

تتبَعه بصَمت تطفئ غضبَها مِنه، وهي تتيح لذَاتها أن تشَعر ثقَل كفه حَول خاصِرها، بينما يَقودها إلى غرفَة كانت تَعلمها المكتَبة لطَالما قَد زارتها فِي يومها الثَالث..

تجده يسقَط يده عنَها أثنَاء دفعه البَاب؛ فتتجَلى ضخَامتها في الظَلام حَال أن أغلق البَاب خَلفه مقتربًا منَها..

لقد سَخرت مرةً فِي حضور إزابيلا بأن المكتبة تبَدو كمَخزون احتيَاطي من الكتَب فِي المملكَة، ولاحقًا علمت بأنَها إرث لعائلته منُذ ثَلاث عقود أو أكثَر..

لا يسَعها فِي حضَور هذا الكَم الهائِل مِن الكُتب أن لا تفكِر بشأن كاتيا و ولعَها بالروايات المبتَذلة، والفلسَفة الأدبيَة، إنَّ هذا المكَان ينَاسب كاتيا على أنَّ يناسبها..

تحب المطَالعة، لكِن ليس أن تقضَي موعدًا مع رجُل عابَث كما خطيَبها المنشَود ها هنا، تراقبَه يتأملها ثانيةً ثم يشَير لهَا على هيئة نبيَلة أن تتبَعه..

يقَفان أمام بَاب صغير لا يسَعى سِوى فَرد واحد فِي كل مَرة، تجده يَخرج مفتاحًا فضيًا مِن جَيب بنطَاله ثَم يفتَحه أسَفل انظَارها..

-أمي قَالت ليومًا أنَّ لا اتبع رجلاً غريبًا فِي الظَلام..

تتساءل لمَا خِلال فَترة إعلانه اعجَابه بَها قَد اختَارت أنَّ تسَخر دومًا!، تراقبَه يبقي ابتسامةً هادئة إلى شَفتيه بَعد أن لكزته بلقب الغَريب..

ترفَع لَه حاجبيَها مؤكدةً حديَثها، تتذَكر بأن آخر مرةٍ كانت بَها فِي منزَله قَد سَلبها جزءً مِن شَعورها، وإن لم يكَن ألفيردو وغدًا بما فَيه الكفاية لسَلبها شَيء آخر..

-إلى الدَاخل، لومينوزا..

صيغَة الأمر بَدت ودودةً ما أن يَلحقها بَلقب اصَبح يلسَع فؤادها فِي كل مرةٍ ينطَقه بها، لم تشَأ آنذاك التطَرق لعتَمته..

لم تَكن راضيةً عَن اصغَاء شَيء بَالغ الأهميَة فِي مساحةٍ مختنقَة كمَا لو أن ما يَقوله هَو شَيء دَون الشأن..

تتأمل السَلالم الضيَقة، والأضاءة الدافئة حَال أن أنَارها فَور تقَدمها لداخِل، يُحيطها جِدارين ملتصقَان إلى السَلالم الخشَبية متجهًا بها صَوب الأفق..

بعض خطَوات ثم ترتقِي إلى مساحة ضَيقة تبدو كمَا العليَة، متشبعةً بالخشَب الأبيض فِي كُل طَرف منَها، ومجموعةً مِن الأغطية أعَلى المحتويات القليلة فِي اطرَافها..

تستدير بجسَدها إليَه، تجَده يتنقَل فِي المكَان ما أن وقَفت فِي المنتَصف، تتأمل محيطَها بأعين متفحصَة، ويمكنها أنَّ تثق بأن المكان خاضع للتنظيف والعنَاية..

تواجهه ما أنَّ راقبَها، بينما يحَمل إلى يَده كوبين مِن الزجَاج وقنينة نبيذ وضَعهما على الطاولة الصَغيرة أسَفل فتحة في السقف بَدت تواجه السمَاء..

تنشَغل عنَه تتبع بعينيها الأغطيَة قَبل أن تجَد شيئًا ممتعًا أشرق بَعضًا مِن الزهو بَداخلها حينما إلتقطته مِن أسفل الأغطية..

صورة بأطار سميَك حمَلت فتًا صغيرًا لا يتعدى السَابعة إنَّ كان لَها التخميَن، تتفقدَها بَشيء مِن الفضَول وهي لا تخفِي ابتسامتها آنذاك..

لا تخطأ الخصَلات السَوداء أو الأعين الداكِنة، لم يَكن هنَاك شيء مميز فِي الصورة عداه بملابس كحلية اللون ودراجَة صغيرة بين كفه..

-يَمكنكِ رؤية كَم كنت طِفلاً جميلاً لاحقًا..

أصغَت صَوته قريبًا حد شَعورها بهزةً تصَيب فؤَادها، تشعَره يدنو إليَها لا يترك مسافةً بينهما ما أن أنتشَل تِلك الصورة مِن بيَن يدهَا..

خشَيت أن تستدير لتواجهه، إنَّ المكَان بالفعَل لا يسَعهما ليجَاورها بَهذه الطَريقة، كانت ستخبَره أن يتوقف عن اختبَارها فما يقوم بَه لا يعد شَيئًا عفيفًا يمكنها تجَاهله..

رغم ذَلك فقد يخرت بنبرةٍ هادئة وهي تستند بيديَها صوب الطاولة خلفَها؛ فيما تدير جسدَها إليه..

-هل كنَت طفلاً لئيمًا فِي صغَرك ايضًا؟، ألا تمتلك فترةً ذَهبية فِي حياتك؟..

لا تحبذ تِلك الهمهمة الثقيَلة وهي تصَدر مِنه بهيئةً بعثَت شعورًا غريبًا إِلى حواسَها، بَدى كمن يتفَقد اين لهَا أن تدركَ لؤمه وهو يقترب منَه..

إنَّه سيسَعى تحقيَق إنتقَامه سواءً فعلاً أم اخضَاعها إلى سَلطة اغواءه، تخبره حينَها لا تتيح له فَرصة اكتشَاف مَدى ليَنها إليه..

-لقَد سمعت بأنكَ ليوناردو دافنشَي!..

ظَهرت عليه إمارات الإدراك، يتفقد مكوثها متزنةً رغم بقاءها في الخفاء تشد كفها شديدًا إلى الطَاولة خلَفها..

-أقرب إلى فان غوخ مِن ذَلك،.

رد لها السَخرية، وعلمت حينَها بأنه قد تبَادر إلى ذَهنه ما ملئت ساندرا رأسها به، لكِن فهو لم يتراجَع ليترك لهَا فرصةً أنَّ تجابهه..

تبغض تأثيَره حين تمتلك شعَورًا منافًا فِي عقَلها لما يعتلج فِي فؤداها، أنه يحدث اهتزازًا بهما بطريقةً لا يسَعها أن تدركها..

لا تعلم لم كادت تضَحك ذَلك، لكن أنتهى بها الأمر تخبره، بينما تتظَاهر بالأهتمام البَالغ..

-إنتحاري ؟..

لقد رأت هذه النظَرة سابقًا، لقد رأته يقَدمها إليَها سابقًا حينما لسعت شخصًا آخرًا بالأنتحارية..

فان غوخ مأسَاة هذا ما تعرفه، وسخَريته مِن الأمَر لم يَكن مضحكًا إنَّ راقبته، يقدم لهَا ابتسامة هادئة ما أن أردفت..

-احبذك بأذنين على أي حَال..

زلت لسَان!، رُبما، قَول هامش دوَن ذَلك المعَنى الذَي سَبب اضاءةً داكنة أنَّ تطال عيناه، لا تعلم حقًا، إلا أنَّ ما تعلمه هو ميَله إليَها قريبًا دون مسَافات، دوَن أن يَكترث رفضَها عاطَفته على تِلك الهيئة، وما أن كادت تبتعد وجدته يتجه صَوب عنقَها..

ثانيَة، ثانيتان، ثَلاث، وربما دهرًا أو ابدًا، لا تعلم كم بقيَت تكتم أنفاسها حال أنَّ ارتقى كفه ليعانق عنقها ثَم يُقَبل ودجها فِي سؤال..

-تحبذينني؟، إيڤلين روستشِيلد..
__________________________
سلام.

اولاً ما في فصل السبت الجاي، لأن عندي أمتحان طب شرعي لذا دعواتكم..

دمتم سالمين احبائي..♥️

Fortsæt med at læse

You'll Also Like

679K 37.4K 27
لا أحتاج للحب .... فهو دليل على الضعف ... لا أحتاج اليه .... استطيع ان ابقى سعيدا بدونه مالفائده من تكريس نفسي لاجل شخص أحبه انه تماما كالعمل كخاد...
12.1K 928 14
بين جنبات الجمال ينمو ظلام غامض يتغذى على أرواح تائهة ونائية عن الوطن؛ تتساءل: لماذا غادر الماضي الأبيض يا ترى؟ وكيف استحال الحاضر إلى هذا؟ وأين يكون...
522K 29.7K 24
بعد علاقة عاطفية فاشلة قررت سوريل تغير نمط حياتها..بعد ان كانت تعمل معلمة، قررت تعمل مربية في أبعد مكان عن لندن لتنسى! ولكن حياتها تغيرت تماماً بعد ا...
33.7M 1.9M 47
اثناء دوراني حول نفسي بالغرفة بحيرة انفتحت عليه الباب، اللتفتت اشوف منو واذا اللگه زلم ثنين طوال لابسين اسود من فوك ليجوه وينظرولي بأبتسامة ماكرة خبي...