مكيدة عشق

By lmillyl1

278K 11.9K 5.1K

قيلَ بأنَّ هناكَ نوعًا منَ الرجالِ، إن كانَ سيرغبُ بامرأةٍ، ولو للحظةٍ قصيرةٍ، فإنَّهُ سيذهبُ إلى أقاصي الأرض... More

مُقَدمَة
الْفَصْلُ الأوَل|محَادثة مسائية
الْفَصْلُ الثَاني|امرأةٌ روكشاير
الْفَصْلُ الثَالِث|جَميِلةٌ فِيرتهَايِمر
الْفَصْلُ الرابِع|رَجلٌ إنتِحاري
الْفَصْلُ الخَامِس|مَوعِد عِداء
الْفَصْلُ السَادِس|لعبةٌ الإغَواء
الْفَصْلُ السَابِع|أمرأة الأَلف رَصاصة
الْفَصْلُ الثَامِن|طَريِقة حِيَاديِة
الْفَصْلُ التَاسِع|بِطاقة ذَهبيِة
الْفَصْلُ العَاشِر|عاطِفةٌ ودَاع
الفَصْلٌ الحَادِي عَشْر|فَوضى الفَضول
الفَصْلٌ الثَانِي عَشْر|نتيِجةٌ العَبث
الفَصْلٌ الثَالِثٌ عَشْر|غَيبوبةٌ وعِي
الفَصْلٌ الرَابِعٌ عَشْر|مأدبة حرائِق
الفَصْلٌ الخَامِس عَشْر|صَفقَةٌ مُنفَعَة
الفَصْلٌ السَادِس عَشْر|إِمتنَان خاطَئ
الفَصْلٌ السَابِعٌ عَشْر|صَوت المنطِق
الفَصْلٌ الثَامِنٌ عَشْر|ظِل مُهجَة
الفَصْلٌ التَاسِعٌ عَشْر|قَفزة قَلبِية
الفَصْلٌ العِشْرينْ|خَسَاَرة عَشِقَية
الفَصْل الواحِد والعِشْرين|ضَوء عَتَمة
الفَصْلٌ الثَانيْ والعِشْرين|طمَأنينة منبِهر
الفَصْلٌ الرَابِعٌ والعِشْرين|وَرطَة أَبَدِية
سؤال

الفَصْلٌ الثَالثٌ والعِشْرين|اِنتِقَام مُعجَب

5K 417 211
By lmillyl1

أن الوقوع فِي الحَبَّ شيء كمَا التعَاوِيذ السَحرِية، وقدرة المواد الأفيونية أن تحَجب عنك وسِيلة الشعور و العاطفة..

الحَبَّ له أن يصَنَع فَوضى فِي عاَلمك، يُشعل حَرائِق ويخلَق زوابَع، يثير مِئة عاصِفة فِي نَفسك، له أن يجعَل البَشر أحياءً موقظًا من خَلاله جمِيع وحوشهم الصغيرة..

يحدث أن يجعل الأعتيادِي مُعجزة، يحَدث له أن يثير أوتَارك القَلبية، ويخلَق اهتِزَازات في كِيَانك لها أن تُفسد جمِيع عواطِفك دَفعة واحِدة..

ذَلك هو الحَبَّ من يجعَلك أكثر جُنونًا، أشد تهَورًا، شخصًا دون مَنطِق أو عقلانّية، شخصًا يشهَدُ النُجوم و يشعر الزُهور لأول مَرة..

كَانت تَرجو لو تشعر ذَلك، لا أن تَقرأه مِن بَيّن الكَلِمات فَقَط، لا أن تشَاهده عَبر فيلم وقِصة..

تمتَلك صَفًا مِن الكُتب والرِوايات إلى مكتَبتها، تمتَلك ألف شِعر عن تِلك العَاطفة، لكن لم يسبَق لها أن شَعرت بها يَومًا..

رغم ذَلك لم تشَاء أن تستَقبل أدنى عَاطفة قد تُقَدم إليَها لتشَعر شيئًا مُشَابهًا، وربَما ذَلك ما دَفع رِفاقها إلى مُناداتها بالفَتاة المتحَصِفة..

كاتيانا روستشِيلد كَانت دومًا مرءً يبحَث عن العَتمة فِي الأخريَن، لطَالما النَور هو ما تجَدَهم يَسعَون إلى إِظهاره..

تحَبذ رؤَية شخص مُظلم لا يَجتهد فِي إِظهار شَيء بدَاخله عَدا ذَلك، تحَبذ فَكرة أن لا يَكترث رأي العَالم بشَأن ما هَو عليَه، وهي تَعَلم شخصًا كذَلك دَفعها إلى مُرَاقبة السَاعة الشاهِقة فِي السَماء، بينَما تدس يَديها إلى معطَفها..

شَخص دَفعها أنَّ تقطَع تَذكرة قبل موعِدها فقط لتتَأكد بَأنها لن تخضَع لعبَث مَرء مِصاب بلوثَة العِداء..

تتساءل إن كَان عليَها مفاجأة شَقيقتها بشَأن وجودهَما أرضًا واحِدة، لكن تِلك الأخبَار مَن تغطِي الصَفحة الرئيسية للجَرائد بَدت لها كإشَارة تأجَيل واضِحة..

تتَأمل الخَبر عبر كِشكُ الجَرَائِد والمجَلات دون أنَّ تَخَفي ابتسَامَتها، تَقرر شِراء تِلك الجَريدة قَبل مغَادرتها إِلى عَمِلها..

إِنها تمتَلك تَرخِيصًا لتَعمل فِي مشَفى، وذَلك يَعود إِلى تدَربها مُنذ أن كَانت فِي السَادِسة عشَر لأن تصَبح مُمَرضة أو رُبما طبِيبة..

لقَد حصَلت على قَبُولها مُنذ خَمسة أيَام، لكنها لم تشَاء إخبار شقيِقتها عَن ذَلك، ليَس إن كَان هنَاك عَقَبة تدعى فولكوف فِي الأمر..

تعَلم أنَّ مَا يَقوم بَه فِي هَذه اللحَظة هو ثَأر طَفولي، وقد أكَد لهَا ذَلك كارتر سكرتيره الخَاص مَا أنَّ أخبَرها حاجتَها لقَاءه..

لقد أرسَل لها إِشعار مِن الجامعَة يبَلغها بَأنه إِنَّ كَانت تَرجو موافقَةً لتَبدء صَفوفها عليَها مراجَعة بلاكويَل لطَالما هِي الشَركة الممَولة لمِنحتهَا..

مِما سَمعت فأن المقاعد المُتَاحة للطَلاب الأجَانب قَد أَخُذت مِن قِبَل شَركة بلاكويل بالكَامل..

كَان عليَها البَحث عن عَمل مؤقَّت حتى تجد حَلاً لهَذه المُشكِلة، وقد حصَلت عليه مُنذ يوميَن فِي مشَفى قَريب إِلى السَكن الجامعِي..

تأخذ الطرِيق الأقَصر سَيرًا فِيما تفَكرَ إِن كَان عليَها التخَلَي عن فِكرة كامبردج، والعودة إِلى موطِنها..

إنها تمتلك خيَاران إِما التذَلل لفولكوف أو التذَلل لوالدها، وهي لا تفضل الأثَنان على أي حَال..

لا يأخذها وقت طَويل حَتى يسَتقبلها العَاملين هنَاك بلطَف وود قَد تمكنت زَرعه به إليِها، بينما تتجَه إلى خزانتَها..

-توماس لم يَحضر اليوم، يَبدو بَأن عليَنا تقَاسم أسرته..

تحدثت مِن خَلف باب خزانتَها سمانثا وهي تستَند قريبًا منها؛ فِيما يَلحفها الضَجر ثم تَردف..

-إِنه يوَمكِ الثَالث هنَا وهَا نحن ذَا..

لاتَعلم هذه الفتَاة لوقت طَويل، لكن مِن السَهل أنَّ تجَدها مرءً ودودًا وهمَا تتجهَان نَحو المخَرج إلى غَرفة الطوارئ..

الجمِيع يدَرك إِزدَحام غرفة الطوارئ أيَام الأثنين لذَا فهي لا تجَد نَبرة الحنَق فِي صوت سمانثا شيء يَجب أنَّ تنتقَد لأجَله..

-لابأس أنَها ليست المرة الأولَى لي لأعلم بأن الحظ وأنا لانتفَق..

تبسَمت فِي وجه سمانثَا أثنَاء انتشَالها لوح الحَالات المرضَية مِن على الطَاولة قبَل إصغاءها اماندا وهي تخبَرها عالقةً إلى سمَاعة الهاتِف..

-كاتيانا، رجاءً هل يَمكنك البَدء بالسَرير الرابع قَبَل وصَول حادَث السَير إلى هُنَا؟..

اومأت تتفقَد المَعلومات عبَر اللوح بَين يَدها، هنَاك الكثيَر من الحَالات كمَا لها أنَّ تتوقع، وذلك سيتطَلب منَها جهدًا إضافيًا..

تجَد معلومات السَرير السابع فارغة حَتى نبَست سمانثا، وهي تضَع قلم الحِبر أعلى اللوحَ..

-السرير الأول حادثة دراجة هوائية، السرير الخامس يشتبه بأنه إلتهاب زائِدة دوديَة، والسابع يَبدو كمَا لو أنه قَد خاض شِجار..

تبادلتَا النظَرات لبَرهة، إِنَّ الاسوأ مِن إزدحَام يوم الأثَنين هو أخذ معلومَات مِن شَخص مشتبَه بخَوض شِجار..

ذلك يكَلفهم عادةً مشَاكل عديدة لطَالما يسَعى صاحبه أنَّ لا تطَلب قسم الشَرطة، وهو سيَفضل أن يتعفن على أنَّ يعُلن شَيء عن هَويته..

تكتم الشَتيمة التَي كادت تطَلقها قَبل تومأ لسمانثا ما أن أشَارت لها سَوء حظَها وهي تربَت أعلى كتَفها..

إِن كان عليها لعَن أحدهما فهي ستتَأكد بأن ذَلك الرجل سيحَصل على نصَيبه مِن الأمَر..

تقَف للحظَات أمَام السِتار المنسَدل بينما تضَع ابتسَامة ودودة تتهيأ لمواجَهة فظاظة أي كان قبل أن تسحَب السِتار جَانبًا استعددًا للمشَاكل..

ثانيَة، ثانيتَان وتسقَط ابتسامتها بذات السَرعة التي أتت، كان عليَها أنَّ تطَلب مليونًا، ستتذَكر المرة القَادمة بأن تطَلب مليونًا إِن كَان أمر تحَقق ذَلك ممكِنًا..

تحتفَظ محيَاها هادئًا؛ فيما تتأمَل الرجَل إلى المقعَد يستَعد ليِشعل سِيجارة مكَثت بينَ شفتيِه المتضَررة..

تراقَب خَلال ثوانًا تِلك الفوضى التي هو عليَها، الدمَاء العالقة إلى وجهه النازِف، مفَاصل يَديه المتضَررة، وخصلاته الذهبيَة الملطخَة بالأحمر..

-تَعلم بأن التدخيِن هُنَا ممنُوع، أليسَ كذلك؟..

شَهدته يَرفع بَصره ليَتأملها للحظات تتبع خَلالها مظهَرها قَبَل أنَّ يعَيد قَداحته إلى جِيب بنطَاله دَون رد واحِد إليَها أو علامة إدراك..

لا تخَطأ نظَرته تِلك ما أنَّ وضَع سيِجارته جَانبًا، بينما تَنمو ابتسَامة تمَكنت مِن إثارة شياطِينها تجاهه..

لاح إليَها متعته مِن وجودها أمَامه عبَر تِلك الابتسامة رغم ذلك فقد كبَحت ذَاتها عَن وضَع بصمتها أعلى وجهَه..

تتأمله يَرفع حاجبيَه لهَا مرحبًا على هيئة كادت للحظة تفقد خلالها إنضباطها، لكنَها فضَلت تجَاهل ذَلك وهي تتقَدم مِنه لتخَبره بلهجةٍ ساخرة..

-تبَدو بِصحة جَيدة اليَوم سيَد فولكوف..

مكثَ يَتأملها لا يزيح تِلك الأبتسامة بَل يمَيل رأسه قليلاً متفقدًا إياها حتى نبَس يضطَرها إلى كَبح قبضتها..

-صحة مَالية!، نَعم..

يَمكنك لكَ أن ترى بقرةً ناطقة،لكن لا يمكنكَ أن ترى سيزار فولكوف لا يستفز أحدهم هذا ما وثقت به، وهي تتبع مظهره قَبَل أنَّ تخبره..

-من الجَيد معرفة ذَلك، رغم ذَلك هنَاك بَعض مِن الأسئلة يَجب أن تجيَب عليَها قَبل أي اجراء علاجِي لذا أرجو تعَاونك سيد فولكوف..

أبدى لهَا تعاونه بإِشارة صَامتة، وهي تدرك بَأنه يَدبر مكيَدة لها أو أسوأ مِن ذَلك أنَّ يشَمت رفضَها مقابلته..

تجَده حال أن رفَعت قلمها قريبًا إلى اللوح يَطلق سؤالاً بلهجةٍ لها أن تسقط رغبتها فِي التهذيَب معه..

-ألم يَصلكِ إِشعار بلاكويَل؟، أنسة روستشِيلد..

تَعلم ما يَسعى إليِه بسَؤاله، إن كَان يرغب بأن يحضى متعته مِنها فعليه إدراك عواقب ذَلك..

كاتيَانا روستشِيلد مرء لايجَدر بَك العبَث معه أو أستفزاز عواطفَه فدومًا ما ينتهي الأمر بكارثة أو أفضَل مِن ذَلك فوزها..

تتأمَله في غمرة تساؤلها إنَّ كان هنَا متتبعًا إيَاها لطالما قَد اطلق سؤاله جليًا، لكَن شاءت أن لاتلعب دور الشخصيَة الرئيسية وأن تثِق بالقَدر..

-ذلك ليَس من شأنك، سيد فولكوف..

تردف تحيَل دَون حديَثه عالقةً إلى اللوح أمامهَا تدون الأشيَاء الأساسية إلى أن وجدت شيئًا ممتعًا لتقَوم بِه..

-الاسم؟، بالكامل رجاءً..

إن بَدى يَرجو أخذ حقَه مِن المتَعة عن طَريقها فيجدر بَه أن لا يأَمل طويلاً فهي لن تتيح له ذَلك دون مقَابل..

تَرفع حاجبَها له تستوقِفه عن محَاولة قول شَيء عدا ما طلبت مِنه، تجَده يعتدل جلوسه قبل أن يَجيبها..

-سيزار أوزريك فولكوف..

لم تكن بحاجة لأن تعرف أي شيء عنه، إنها تمتلك عدداً كافًا من المعلومات لعدو كسيزار فولكوف إلا أنها لا تجد مشكلة في رد له ذات سمَية اغاضته إياها..

تتريث فِي إطلاق سؤالها التَالي أثناء محاولتها أنَّ لا تشي متعتها من ذَلك عَقب وضَعها نظَرة جِد خالصة أعلى محياها..

-الجنس؟..

وثقَت بأن سؤالها قد يأخذه وقَت ليَرد عليه فيما يتَأكد أنَّ كَانت نظرة الجِد تِلك حقيقةً أم عبّث، لكنه لم يَأخذ ثانيةً ليَرد عليها بسؤال ..

-هل ترغبين بالمعرفة؟..

لاحت لحظة صَمت بينهَما تراقبه يميل برأسَه متفقدًا رد فعلها، لقد بَدى صَوته يحمل فضولاً ازاء ردها حتى نبَست بلا أكتراث قد يَحفزه لمتابعة خوض هذه المحَادثة..

-لا، سأضع تخميني فِي ذَلك..

أنه فِي حالة سَيئة رغم مكوثه متزنًا إلا أن ذَلك القَطع أعلى حاجبه شاقًا طريقه حتى المنتصف بَدى نازفًا يسيَل ليصنع خطًا مِن الدمَاء حَتى فكه..

لم تَرغب أن تقدم له نوع مِن الشَفقة أو الأهتمام ليس إنَّ كَان يقَدم لهَا هذا الصِنف السَاخر مِن العنَاء..

تشَيح ببصرها عنه ما أنَّ وجدته يَدرك تنبهها إِلى جَروحه، وهي تكمَل جولة اسئلتها بنبرةً لا توحي عبثَها معه..

-العمر؟..

لا يَسعها أن تفكر بِشيء يَدفعه طلبَه مقابلتها منذ خَمسة أيَام عدا سَعيه إفسَاد مِزاجها، لقد خسَر فرصة مروادة شقيقتها عن مكوثَها إلى روكشَاير مُنذ يومان على الأقَل..

تدرك بأنه على معَرفة سابقة بأن محاولته إستمالتها أخضاع شقيقتها هي فِكرة واهيَه، لم ينجح فِي ذلك مَن هم أعتى وأشد كيدًا ليِتمكن هو مِن ذَلك..

-ثَلاثين..

أدلت تعليقها إزاء عَمره، بينما يمكث بصرها إِلى اللوح أمَامها دَون أن تكشَف له رغبتَها فِي إطلاق ابتسامة قد تجتره لمواجهتها..

لم تشَعر بالأغراء لسؤاله عن سَبب حادثه اولاً، بدى إليَها أمر تعرضه لشجَار شيء مسَلم بِه، أنه يجتر الآخرين لشتَمه، وهي لا تجد ذاتها استثناءً..

إن واتتها الفرصة ربَما قد تضربه بلوحها لمَا وضعها بَه، ولما تعمد اغاضتها بِه..

-كهل للغاية..

لا يأخذه وقت ليَرد على سخريَتها بلهجةً هادئة دون نبَرة إنزعاج واحِدة إلا أنه قد حرص أن تطَالها..

-أنتِ صَغِيرة للغاية..

شَرزته بنظرة سَاخرة تتظَاهر بأن ذَلك لم يضَرب وترًا في نفسَها، ليَس أول من يقولها ولن يكون الأخير، لكنه يتعمَد مضايقَتها..

-هذا ما يقَوله كبَار السِن..

تبسمت فِي وجهه حتى راقَبت دماء جرحه ترتشَح إلى بِنطَاله الأسود، تُرغِم ذَاته سَحب كومَة مِن المناديَل ومِن ثم تقدمَها إليِه، بينما تشيَر نحو حاجبه..

تتأمله أشَد هَدوءً كمَا لو أنه مُكره لأن يمكَث فِي المشفَى رغم سوء حَالته إلا أنه لا يحدث فَوضى بَل ينتظَر بَصبر..

يتطلعَان إلى بعضَهما ثوانًا دفعت بِها إلى إرتشَاف شعور اللِين تجاهه قَبل أن تسأل ثم تجيب على سؤالها دون أن تتيح له فرصة ذلك..

-حالتك الأجتماعية؟، دعنِي أخمن عانس على الأغَلب..

لاحَظت نظَرةً مِن ود علقت إلى عيِنيه أثرًا لسَخريتها دون أن يعلق على قولها معترضًا، بَل يستنَد إلى كرسيَه مراقبًا إيِاها بصمَت..

يمكنَها أن تشعر مَدى عنَاءه وعجزه عن إحكام قبضته حول حرجه، لكن إن كَان لم ينقل بَعد إلى الغَرف العليَا فهو ليَس حالةً حَرجة..

-ما مُبَرر إصاباتك؟..

ألقت سؤالها أثناء ادعائها عدم إكتراثها بأجابته حَتى سأل ملقيًا كومة المناديل إلى السلة بجَانبه ما أجبرها مطالعتها لبرهة تتفقَد بَها تشبعها بالدَماء..

-مُبَرر؟، ألم تَكن سَبب؟..

أطلقت زفيرًا واضحًا تتخلى فكرة استياءها منه، إنسانيتها لا تزال تفرض عليَها أن لا تدع عواطفها تدخل في أمر كهذا..

يَمكنها شَتمه لاحقًا ما أن تلقَي به خَارج باب الطوارئ، لكَنه هنَا مريَض تحت عهَدتها، وهي تَعلم تمامًا بأنه يَجدر بَهم تقطيب جرحَه..

-سيد فولكوف، قد لا تدرك ذَلك لكن يجَب أن تحضى بالعلاج لهذا النَوع مِن الأصابات..

تَعلم بأنه تفضَل لكزه بالكلمَات على أن تقوم بَشيء لمسَاعدته إلا أن هذا هو الجانَب المتضَارب مِن هويتها..

لقد امتلكت إهتمامًا نحَوه وهي لا تنَكر بأن الشَد والجذب بيِنهما يَروقها لطَالما فِي النهاية هي من سيَربح جَولة الأهانات..

رغم ذَلك فقد ظَهر إليَها كما لو أنه فِي هذه اللحظة سيقَدم لَها جولة فَوزها دون محَاولة وذَلك شيء لا تقبَل بَه..

تراقَبه يتأنى إدلاء ردَه عالقًا إلى محيَاها ثم أجاب دون أن يسَقط عيِناه عنَها مشيرًا نحو جبينه..

-عراك أيدي وطرف كرسي مكسَور..

تقدمت خطوة مِنه تترك اللوح إلى السَرير ثم تتفقَد جرحه دون أن تصنع تلامسًا معه قبل سؤالها إيَاه بنبرةٍ حذرة..

-كُسَّر قَبل أن يَصلك أم بَعد ذلك؟..

كان عليها التأكد بإنه ليس ملوثًا إلا أنها ستقدم له جرعة وقَائية فِي كِلتا الحَالات..

تشعره يتأمَلها ما أن عقدت حاجبيَها بوضوح أثرًا لعمق الجَرح، وأستمراره بالنزيَف حتى أجابها دافعًا إياها إلى التراجع..

-كُسَّر بعد أنَّ ضربته بَه..

لقد كانت تسَخر ذاتها حيَنما قررت أن تشَفقه، تكبح رغبتَها فِي الضَحك وهي تتأمله بأسى لثانَية ثم تخبَره بنبرةً جادة..

-أرجو سَلامة مَن تعرض للضَرب..

راقبته يشَير إلى ذاته متظاهرًا بالبَراءة، وللحظَة كَادت تضَربه بلوحها ما أن استعادته مِن على السَرير..

-سَلامتي؟..

تجَاهلت الرَد تتأنى فِي قرارها أن تسأله سَبب وجوده هنَا عدا بالطَبع كَونه مصَاب، لكَنها أحدثت تغييرًا فِي خططها حينمَا سألته..

-كيف يَبدو شَعور المرارة تجاة الخَسارة سيد فولكوف؟..

أدعى التفكيَر بالأمر تزيَح بصَرها عنه لتملأ الورقَة أمامها منتهيةً مِن معلوماته الأساسيَة قبل أن تصغيه يخَبرها..

-لقد كنَت سأسألكِ ذات الشَيء، أنسة روستشِيلد..

أطلقت ابتسامة فِي وجهه لا يثير غيضَها قَوله فهي بطريقةً مَا كَانت ترجو أن تتواصَل مع الجامَعة إلى حَل مرضًا لا يتضمَن خوضَها معمعة فولكَوف..

ربَما قد فكرت بأنه أحد خيَاراتها المتاَحة، لكَن جزء مِنها كان يسَعى أن يَجد حلاً ريثَما تعيَل ذَاتها بشَكل مؤقت..

ترفع كتفيَها لَه تفقد قَدرتها لمبادلته العداء، وهي ترمِي إليَه بكلمة منخفضة الحدة ربما قد تعنيه ،ولا تعنيه ايضًا، ووحده من يتخَذ قرار ذَلك..

-لعين..

بادلها ابتسامة ود مزيَفة بدت إليَها شيئًا يدفعها نحو إستمرارية العَداء بينهما حتى ختمها نابسًا..

-سليطة لسَان..

كَادت تقترب مَنه لتوجه تحذيرًا بشأن قضيتهما إلا أنها أصغَت صوت سمانثَا وهي تكشَف الستَار متحدثةً..

-هل أنتهتِ كاتيانا؟..

تراجعت خطوة إلى الوراء تصَب جَل أهتمامها صوب سمانثا من ألقت تحية مهذَبة إلى سيَزار ثم وجهَت ملفًا إليَها مردفةً..

-هنَاك شَيء عليكِ أن تريَه، المعذرة سيَدي..

تجَد سمانثا تسحبها بعيدًا، وهي تتباطئ ذراعها قبل أن تمده بأعتذار مهذب أضافي ثم تغَلق الستارة خَلفهما..

-ماذا؟.

سألت كاتيا ما أن وجدتها تشيَر لها أنَّ تقرأ الملَف الكامن بيَن يَدها إلا أنَّ سماثنا عادت لتوجه بصَرها صوب الملَف دون كلمة أضافيِة..

تعقد حاجبيَها بوضوح تتفقَد السِتار ثم تعود لقتَح الملف مراقبةً اسمَه أعلى الملف، ومعلوماته كَاملةً كمَا لو أنه عضَو دائم فِي المشفى..

-أنه سَيزار فولكوف..

رفعت حاجبَها تتظاهَر بأنها لا تدرك مقصَدها، أنها لا ترغب بأي شَيء قد يربطها بذَلك الرجل، وهذا يتضمن أن لا يَعلم أحد فِي المشفَى بأنها تمتلك علاقة ضغينَة معه..

-أنه أحد رجَال العائلات الثَلاث..

همهمت تتجاهَلها، وهِي تتفقد الملف، وعدد الزيَارات التِي يقوم بِها خلال الشَهر، وذلك الرقَم بَدى لها شيئًا شاذًا، وغريبًا..

-أتدركين ما اتحدث عنه؟، أنه بوصلة أمان، كاتيانا..

اومأت أثناء انشغالها فِي تقليب الملف،بينما تسخَر الفكَرة فِي رأسها، هذه الفتاة لا تعلم بأن سيزار فولكوف بوصلة نعم، لكِن إلى قعر الجحَيم..

تستوقفها لحظَتها تلك المعَلومة خَلف زيَاراته المتَكررة، وسبب مكَوثه فِي المشَفى معظم وقَته إن كان لَها أن تقرأ صحيحًا..

تقبض كفها حَول الملف، بينما يخاجلها شعور داكَن لا تحبذه إزاء ما قرأته، لا تصغي حديث سمانثا المتشَبع بالأحلام الوردية الواهيَة آنذاك..

توجه بصَرها صوب السِتار ما أن طالها شعور بالأنزعاج مكترثةً حينها إلى من يقبَع خلفه..

****
لا يَعلم البَشر اين تنتهي آلامهم أو اين تبتدء سعادتهم، وقد يأخذهم الأمر دهرًا ليدركوا هلاكهَم فِي أنتظار اللحظة..

كَانت تعلم بأنها أمرأة هالكة، وبأن اللحظة لن تأتي لتنتظرها، بأنها إما أنَّ تحيَا لذاتَها أو تموت للآخَرين..

لم يكَن مِن السَهل العبَث في أفكارها، لم يكن من السهل جعلها تطلق قراراتها بناءً على كلمة، وفعل..

حدث أنَّ تخلت عن هويتها، رغم المخاطر التي شعرت ذاتها تترصدها في قرار كالمضي قدمًا إلى جانب ذَلك الرجل..

إلى الرجل الذي يستقر خاتمه أعلى المغسَلة، بينما تتأمل مظَهرها مراراً عبر زجَاج المرآة أمَامها..

فستانهَا الفضِي اللامَع، خصلاتها المسَرحة بطريقةً أنيقَة؛ ومحياها المتشَبع بحمرةٍ طفَيفة إثر تَوترها..

يمكنَها أن تغادر هذه اللحظة، وأنَّ تخبره جَنون الأمر، أنَّ تعدل عن قرارهَا طالما تجِد القَضية ساخرة لتبدء بَها..

أنه مُعجَب بَها ذلك ما تعرفَه، وهو على أتَم الأستَعداد ليَقدم لهَا ما شَاءت كي تضَمن حقها فِي الحَرية..

أنه مُعجَب بَها هذا ما استوقَفها آنذاك قَبل أن تطَالع خاتَمه، لقد اعتقَدت بأنها ستقَوم بَهذا لتغيَض والدها، ولتضَمن حقَها فِي شَركتها السَابقة..

رغم ذَلك، وبَعد خوضها أفكَارها جزء مِنها يَقوم بذلك فضولاً بَه، ربما لهذا السَبب تمامًا شَعرت حاجتها أن تغَادر هذا المبَنى..

خلال ثلاث أيام لقد وافقت على عدد مِن المفاجأت التَي مدها بَها، أنَّ يحصلا على جلسة تصَوير لأعلان خطبتهما رسَميًا..

جزء مِن ذلك يَعود إلى إزابيَلا، وإصرارها أنَّ يعلم العَالم لِما إيڤلين روستشِيلد تمكث لدى عائِلة فيرتهايمر قبل الحفل السَنوي..

كان عليها أنَّ توافق رغم رفَض إيريك مئات المرات إلا أنه رضخ لرغبَتها حَل هذه المعضلة فِي النهاية..

ها هي هنَا تختبئ فِي دورة المياه منذ عشرين دقيقَة شعرت أثناءها بأن ما تقوم بَه هو عبث ساَذج..

يمكنها أن تغيض والدَها بألف طريَقة، ويمكنَها أن تتخلى عن شَركة قد لا تنفعَها الآن إن كَان بالفعل هوڤر قد تأكد من ذَلك..

تزفر بشدة، تتراجع إلى الوراء لتَرى مظهَرها، تسعى بذلك تجَاهل الخاتم، وحاجتها إلى ارتدائه..

ما يفزعهَا فِي هذه اللحظة هو جنَون قرارها وجنون عدولها عنَه، وجنون الرجل الماكث فِي الخارج إن أخبرته بأنها لا ترغب بصلة إليه ..

يمكنها تخمين موافقَته، أنه يوافقها كَل شَيء وأي شَيء، هذا ما أخبرها به رالف عندما عادت إلى العمل منذ يَوم..

خلاف ما كانت تعتقد؛ فلا أحد تجرأ ليصَدر نميمة واحدة عنَها، أسبوع من غيَاب وفضيحة إلا أن حضورها لم يَخلق أي نوع مِن التوتر فِي اجواء الشَركة..

عدا دعابات آدم، صمت آرثر بنظراته الهادئة إليها، وسخرية سوزان فلا شَيء حقيقي قَد تغير سِواها..

يَخرجها من شَرودها طرق البَاب دافعًا بها مطالعته ثم إلى الخَاتم الذي بَدى إليها، يَلمع هزءًا أسَفل الأضاءة المنخفضَة..

-إيڤلين!..

أصغت صوته الدافئ على نحَو تمَكن خلالها خلق ابتسامة طفيفة نحو شفتيها، تثَق بأنه بطريقة مَا يصنع بدَاخلها شعورًا غريبًا مِن الألفة..

لا يَمكنها أن تقدم تفسيَرًا واضحًا، لكن أنها لم تشعر يومًا بالألفة لأحد كمَا تشعر بَها تجاهه رغم كافة الفوضى التَي يحَدثها بَداخلها..

تلتقط الخاتم من علبته تلفه بيَن كفها قبل أنَّ تتجه صوب البَاب لتفتحه، بينما تحكم قبضتَها خفيًا إزاء مظَهره الفاتِن..

تتأمله يعلق طويلاً إلى محيَاها كَما لو أنَّ مظهرها الأنيَق شَيء مسَلم به، لكن كَان لها أنَّ تشهَده يفتتن بَها خفيًا ما أن جز فكَه للحظة..

-يمكننَا المغَادرة..

أيقظها من جولة أفكارها قوله حال سيَرهما في البَهو الضَيق، وللحظةً شاءت الضَحك إلا أنَها تبسمت فِي وجهها بود قبَل أن تجيبه..

-يمكننا ذَلك، ويمكننا أنَّ ننتهَي مِنه ايضًا..

اومأ برضَى رغم مكوثه جادًا بشَأن المغَادرة حتى أسقط بصره صَوب يدها يراقب خلوها مِن خاتمه، وكما له أن يفعل فهي قد ردت له ذلك بتحديقها نحو يده أيضًا..

من السَهل أن تجابهه، وأنَّ لم يكَن يحمل مقدار ذرة رغبةً لأن تفعل ذَلك، تجده يبتسم متفهمًا موقفها دون أنَّ ينبس بكلمة ثم يسحب خاتمًا من جيب معطفه..

يتوقف كلاهَما على بعد مسَافة مِن البَاب إلى غرفة التصَوير، تتبَع ببصَرها محياه قَبل أن يَمد الخاتَم إليَها..

لم يسبَق لها أن ارتدت خاتمه، ليس عن طريق الخطأ حَتى وهذه هي ثالث مرة لها لتراه بَها قبل أن تنتشله من علبته الليلة..

تلتقط خاتمه من بين يده، تجده بطريقة مَا يشابه العالق إلى كفها عن طَريق قطع صغيرة للغاية من السافير حُفرت كجزء منه بهيئة أكثر ورجولية..

تعيده إليَه: فيما يعلق الصمت بينهما حَتى ارتداءه أسَفل أنظارها قبل أن يرفع كفه ليوازي محياه كي تشهده واضحًا..

لا تعلم لمَا رؤية ذَلك الخاتم إلى أصبعه دفع بشعور داكَن صوب فؤادها إلا أنها وجدت حلاً لتنتزعه عنه ما أن نبست بلهجةٍ أقل عبثًا..

-أعتقد بأن ما بين كفي يناسبك أكثر..

تأملته يبتسم برضَى حيَال دعابتها، وهو يسقط كفه ليعانق محيَاها بهيئة رقيقَة شَاءت لو يمكث هناك طويلاً..

تلتقط أنفاسها بوضوح ثم تطلق سراح الشدة حول يدها ليتجلى مظهر الخاتم بينه، تراه يتأمله كحَالها قبل أن يتراجع خطوةً إلى الوراء متحدثًا..

-يمكننا أن نتبادل!..

عجزت عن كبح ضحكَتها، تطلقها بهيئة عذبَة على الرغم من التَوتر بداخلها، تراه يبدو للحظة جادًا دافعًا بكم من السَرور إلى فؤادها..

أنَّها تفضل سَخريته ودعاباته، لقد كان يأخذ حذره معَها لوقت طَويل، لكن لطالما كان شخصًا بالغ العبث، ومتشبع بحس دعابة ممتَع..

-لا بأس أُفضل الذي أمتلكه..

تراقبه يتقدم منَها، يلتقط الخاتم حينما مدته إليَه، لا يأخذه وقتًا ليحتوي كفها بين يَده، وكم بدى إليَها دافئًا، متشبعًا بالقوة واللطف في الآن ذاته..

يعلق بَصرها إلى عينيه حينما حمل تفهمًا إزاء شَعورها، شاءت أنَّ تسأله لمَا لا بأس لديَه حيال كذَبة ،لكن كانت تعلم الأجابة مسبقًا..

هو لا يحمل مقدار كذَبة شعور بداخله إليَها، وعلى نحو ما ذلك يَفزعها..

تشعره يمسح بلطف ظَهر أصبعها أثناء مراقبته إيَاها بنظرةً كادت تسلبها أنفاسها،تجده يضع ذلك الخاتم إلى موضعه، إين كان لها أن تشعَر بالأختناق حقًا..

تتنامى هالة تَوتر واضحة فِي الأجواء ما أنَّ لف كفه إلى يدها، تعي اضطراب نبضَها، والشدة إلى حواسها عندما ودت لو يتخلى حذره معها..

ربما أن فعل فهي ستفكر به عوضًا عن المشاكل، والورطة التي وضعت ذاتها بها إلا أنه سار بَها صوب غرفة التصوير محكماً قبضته حول كفها..

تستقبلهَما إزابيلا بنظرة عتَاب، وهي تنهي محادثة عبر هاتفها؛ فيما بدى المكان ناصعًا البياض، ومجهز بمعدات ثمينة لألتقاط صورة واحدة..

-لقد تأخرتما..

أعتذرت بتهذيب خلاف من رمى إلى شقيقته بنظرة هادئة، يوحي عدم إكتراثه قبل أن يغادر جانبها لتفقد العاملين في المكَان..

تعلم اين يوجد خلل في علاقة ما، وهي تعلم بأنهما ليسا الأشقاء المحبين كما فِي القصص، لكنه يكن لإزابيلا نوع من الأحترام أنَّ لا يَرد..

تجد إزابيلا تتفقَدها بنظرة أعجاب حقيقة ثم تنظر لشقيقها لبرهة قبل أن تعود لتأمل محياها بذات النظرة التي وجدتها تلقي بها إليها أول مرة..

-هل قدم لكِ إيريك هذه الأقراط؟..

تنبهًا إلى ما سألته فقد صعدت أناملها لتفقد الأقراط الماسية، تتذكَر بأنه قد طلب منَها ارتداءهما على نَحو خاص..

تشعر بالقلق لثانيَة، لم تتذكر وجودهمَا في خزانتها حتى أشَار لها ذَلك، وإن كانت مجنونة بما فيه الكفاية فقد شاءت أن تعيدهما إليه..

-نعم، هل هناك مشكلة؟..

اومأت إزابيلا أن لا بلطف، بينما تقدم لها ابتسامةً حقيقة ثم تتراجع إلى الوراء كما لو أنها تسعى تفقدها تمامًا مجيبةً..

-لا، أنهما يناسبانكِ جيدًا..

قدمت إليَها ابتسامة شُكر قبل أن تعود لتمكث جانبَه منشغلان لبَعض الوقت في الاصغاء إلى ذلك المصَور، وتوجيهاته بهيئة فائق الأخلاص إلى عمله..

بعض مِن الايماءات هنَا، وبعض من الملامسة هناك دَون أن يَبدو الأمر بالغ الأبتذال، شيء راقًا كأن تتباطئ ذراعه، كي يظَهر ذلك الخاتم مَن شهقت أثر وجوده سوزان..

لقد ألحت أن تعلم نهايتهما، كان عليها المكوث كصديقة وفية لذا أرسلت صورة لسوزان بناءً على إلحاحها..

أنه صَنف خاص إلى جانب مبلغه الهَائل؛فهي ترتدي في أصبعها راتب سنة أو أكثر من ذلك بكثير..

تشعر للحظة بأنه يناسبها قياسًا دون أن يخنقها جسديًا أو يتدلى من بين أصبعها، وأن سعت معرفة سبب ذلك، ربما سيطلق لها أحد اعذاره..

يخاجلها رغبة فِي معرفة شيء ما كان يدور ذهنها منذ مدة لذا سألته، وهي تراقب المصور يتفقد كاميرته لبعض من الوقت..

-ما كان شَرط ألكساندر؟..

ألقت إليه بنظرة تشعر لحظتها بفارق الحجم بينهما، وهو يحيطها بتلك الهيئة مقدمًا إليها نظَرة فارغة دون أن يوحي محاولته التفكير بشأن سؤالها..

لا تتساءل أن كان عملهما قد ذهب سدى، وأمر حصولهما عليها كان مشروطًا بموافقة ألكساندر فهي تعلم ذلك مسبقًا، لذا لم ترغب بأن تشعر شيء عدا فَضولها تجاة شروطه..

لقد وضَعت فضَولها أحد أول أولوياتهَا رغم ردَه سابقًا بِشأن ذَلك إلا أنها وجَدت الأمر ناقِصًا، وهِي ترجو أجابة كامِلة تمكِنها مجابهة ذَلك الرجَل..

-امرأة تؤكد بأننِي لسَت عاجزًا، وزيِارات متكَررة إلى نعيِم عائِلة فيِرتهايمر..

بدت كَل كلمة ساخَرة إلا أن محياه الصَلد لم يتغير مقدار أنملة، بل مكث يطَالعها كما لو أنها لم تلكز شيئًا يبغضه..

لا تحبذ تلك الشدة التي يجز بها فكه غضبًا، لكنه لا يقدم لها نوعًا من الأنزعاج، بل يبقيه لذاته لذا سألت بنبرةً جادة..

-هل أنت عاجز؟..

رجت أن يلتقط الدعابة من بين شفتيها عوضًا عن ميله إليها لبرهة متفقدًا عينيها ثم عاد لهالة العبث تلك نابسًا..

-يمكننا أختبار هذه النظرية..

لم يخبرها أن شاءت، بل كان اعلانًا اسقط كافة رغبتها لأطلاق الدعابات بجانبه، ربما شاءت أن يخبرها الحقيقة خلف مكوثه بعيدًا عن النساء..

ربما كان عليها أن تصمت لطالما لاتستطيع مجابهة جانب واحد مِنه، وهو سعيه أن يجول كافة أفكارها ووعيها..

-لقد كانت دعابة، إيريك..

أسقطت هيئة مزاحها بنظرةً توحي مدى خيبة أملها مِن مكوثه ساعيًا إلى اغواءها، كل كلمة يلفظها بعد أعلانه إعجابه بها بدت أشد اغواءً من أي شيء قد تعرفه..

ها هي نظَرة الجد، والهزل تتشبع محياه بطريقةً تود لو تبتسم لها، لكنها تعلم مخاطر ذلك ثم علق على قولها بذات لهجته..

-ليَس لي، لقد أخبرتكِ سابقًا ما هي نتائج دعاباتكِ، جلالتكِ..

كانت ستتخلى عبثها، وأن تلتزم تهذيبها لطالما لا تستطيع مجابهته إلا أنَّ الهيئة التي ينبس بها لقبها كانت تثير غيضها لذا سألت بلهجةً أكثر مرحًا، وتحديًا..

-لكن لنكون أكثر صدقًا هل أنت عاجز حقًا؟..

لها أن ترجو أن لا تصغي ذاتها في الماضي ما تنبسه به فِي الحاضر، ترجو أن لا يعلم أحد بأنها تتحدى لا تتخلى كما هي عادتها..

أنها ليسَت مراهقةً في السابعة عشر لتطلق سؤالاً لا تعلم عواقبه، ليست حمقاء بما فِيه الكفاية، كي تشد أوتار رجل تعلم مدى الثبات الذي يسعى خوضه معها..

ربما هي تفعل ذلك لأنها قد فقدت رشدها حقًا لرجل ينتظر أن تفعل ذلك له..

تجده لا يزيح بصره عنها، لا يزيح عينيه عن الأزرق في عينيها، بل يمكث هكذا لبرهةً متجاهلاً كافة التوجيهات، وصوت المصور الثاقب معلنًا استعدادهم للجلسة..

يتراجع معتدلاً في وقوفه حينما سعت أن تكبح شعورها بالتفوق عليَه، كما لو أنها قد شدت وترًا حد انقطاعه ثم تصغيه يخبرها بلهجة تهديد واضحة..

-سترين ذلك بنفسكِ..

لا تعلم لما يرضَيها صَبره رغم سعيها دومًا أن تدوس مواطئ ثبَاته، تظَمر إبتسامتها حتى وقع بصرها صوب إزابيلا من كانت تراقبهما بنظرةً لا تجد لها تفسيرًا..

خلال مكوثها فترة قصيرة إلى جانب عائلته، يمكنها أن تجد فجوة عميقة؛ فيما بينهم، قد يبدو ماثيو عطوفًا، لكن نظرة الغضب وهي تلتحف محياه، رغم شدة الأصابة التي تعرض لها شقيقه بدت تثير تساؤلها..

لها لطالما كانت عائلتها الصغيرة هي المكان الذي تلجئ إليه في أسوأ حالاتها، ولهذا السبب تمامًا، وجد ذاتها تقف في صف العائلة على أن تكون عدوًا لها...

تصغي لوقت طَويل إرشادات المصَور بعد عدة لقطات كانت تشعر خلالها بالأعياء؛فيما مكثت تتبعهما بنظرها إزابيلا من على مقعدها..

ربما اعياءها يعود إلى توترها ومكوثها فِي وضع مشدود طوال الوقت، وربما ذلك بسبب وقوفهما لأكثر من ساعة ونصف..

لا تعلم أي منهما دفعها أن تزفر بوضوح، لكن ما تعلمه هو التقاطه خاصرها قريبًا إليه ثم اطلاقه إشارة توقف إلى المصور حال إدراكه ذلك..

كادت تعترض وهي تضع يدها إلى ذراعه بلطف، لكنه بدى ل ايكترث ذلك كما لو أنه يدرك إصرارها أن تخوض عناءً ليست مرغمةً على فعله..

يتركها لتجلس بجانب إزابيلا من وقفت لتتفقَد أن كَانت على ما يرام، كان عليَها أن تصاب بالمرض مرةً إلى جانب هذا الرجل ليعلنها آنئذ عاجزةً كليًا..

-سنغادر هذا كافًا..

وجه حديثه إلى إزابيلا، وهو يراقبها تمد إليها علبة مياه مِن على الطَاولة دون أن يصغي رغبتها في الأعتراض..

-تدرك بأن ماثيوس وساندرا قد اخذ كلاهما ثلاث جلسات لأنهاء هذا؟..

شهدته يبتسم لشقيقته، ويمكنها معرفة أي نوع من الدعابات سيطلقها حتى نبس داسًا يديه في جيوب بنطاله..

-هل ابدو كساندرا وماثيوس؟..

وقفت تحاول أنَّ تشيَر له ألا يغيضه شقيقته بتلك الطريق، مَن تدفع المرء لأن يرغب في شتمه، وهي تقول شيئًا بدى أشد اغاضة مما كانت تعتقد..

-لا بأس، أثق بأن الصحافة تمتلك قدرًا كافًا من الصور لنا معًا..

واجهت نظرة إزابيلا الثاقبة لها، تجَد الأمر لا يجب أن يتهاونا به، ربما إليهما هذا هزل فاخَر، لكن للعالم فهذا شيء أساسي كما لعائلة فيرتهايمر..

تصغي قول إزابيلا، بينما تطلق تنهيدة طويلة أثناء تنقل بصرها بينهما متتبعةً شيئًا بدى كَما لو أنها تسعى إدراكه..

يمكنها أن تعلنه في ذَهنها هو سبب توافقهما أو سبب قبَولها رجل ممتلئ بالشتائم، والأعداء..

-إيڤلين، رجاءً لا تعززي من نزعته لأن يكون لامباليًا..

اومأت لها موافقة على مضض، ليس وكأن نزعته لأن يكون لامباليًا قد تتبدل فقط لأنها أخبرته ذلك..

ترى تخلي إزابيلا موقفها من مكَوثهما بعد دقيقة نزاع تبادلا به نظرات التحذير ،والأنزعاج قبل أن يتجهان إلى المخرج الرئيسي؛ فيما يساعدها على إرتداء معطَفها..

-يمكن لي أن أفهم لما مكثت اعزباً حتى هذا الوقت..

تحدثت بجدية فائقة وهي تسير بمحَاذاته، تتذكر بأنه قد إتفقا أن تمكث في منزل عائلته، إنَّ كانت ترجو المشاركة في ترتيب الحفل السنوي..

لقد أخذه الأمر ساعتان كاملة يشرح لها لما لا يجب أن تبقى في شقتها، وعلى الرغم مِن انزعاجها ذلك، لكن في نهاية الأمر وجدت ما أخبرها به منطقيًا..

كل عام تجتمع عائلة فيرتهايمر في ملكية والده كنوع من عادة، وكل طرف أو علاقة وإنَّ كانت نزوة حتى، تقوم العائلة بأخلاء جناح كامل لهَم للأقامة..

ساندرا لم تكن ذلك اليوم هناك بالصدفة أنها تمكث في جناح خاص بها، ازابيلا وزوجها ايضًا لا يقطنان ذلك المنزل، بل وجودهم هنَاك من أجل حضور المناسبة فقط..

تستقر إلى المقعد بجانبه دون أن يعلق على قولها، بدى كمَا لو أنه يجهز شيئًا ليغيضها بَه، وكما لها أن تتوقف فقد نبس دون هزل..

-لقد مكثت عازبًا لأنكِ لم تكوني في حيَاتي..

رمقته بنظرةً ثقيلة تخنق شعَورها المتعاظم بَه، أنها تحبذ جلد ذَاتها هذا ما تعرفه ففي كل مرةً يخبرها شيئًا كهذا شهقةً دفينة تطال وتيرة تنفسها لتخنقها..

قد يبدو لوهلة يعبث معها، قد يبدو كما لو أنه يسعى أن يغيضها، لكن جزء منها كان يخبرها بأن كل قول يخبرها به يتضمن سلب حواسها، كان شيئًا لا يبتدعه بل يشعره..

تخبره آنذاك أثناء ارتداءها حزام الأمان، واعتدالها جلوسها دون أن تقي بنظرة إضافية صوبه، مخافة أن لا تتمكن خنق شعورها تجاهه..

-لا يجب عليكَ أن تنتقم بهذه الطريقة..

أن الرجل الذي هي معجبة به يخبرها بأنه معجب بها، لكن عوضًا عن ذلك تخوض دور المرأة صعبة المنال..

عليها إيجاد حل لمشاكل الثقة التِي تزعزع كَافة عواطفها، وما تشعره حقًا، قد يعلنها العالم خطًا أحمرًا زاهيًا، ومرءً لعوبًا إلا أنها قد حصلت على كفايتها..

كل علاقة تعرفها، كل علاقة تقرأ عنها، كل علاقة خيالية في القصص والكتب دومًا ما ينتهي الأمر بألم أحدهم، وإن كان هناك فرج في النهاية..

أنها الشخص الذي ل ايعلم متى يغلق أبواب ريبته، ومتى يطلق سراح عواطفه، وهي تبغَض حذرها هذا..

-ذلك لم يكن انتقامي، إن كان هذا ما تشعرين بالفضول نحوه..

همهمت تنظر للطريق أمامهما تحكم قبضتها حول حزام الأمَان، تجد في لهجته صِدقًا تمكن مِن بث شعور الرهبة إليها..

أن تركت له فرصةً لأن يمتلكها فقد لا تستعيد أي شعور ريبة أو حذر بداخلها إليه، ليس أن وجه لها ألف أذى حتى..

تضع يدها حول مقبض البَاب توجه بصَرها إليه، ويمكن لها رؤية ابتسامته، بينما بوجه بصره صوب الطريق ما أن نبست بصدق دَون هزل..

-يمكنك أن تقف جانبًا أستطيع طلب سيارة أجرة..

إن كانت حمقاء بما فيه الكفاية فهي ستخبر ذاتها بأنها تشعر بالآمان إلى جانبه رغم تهديداته، بأنها بطريقة ما تفضل مكوثها بقربه، وتأمل كافة تفاصيله..

-يمكنكِ ذلك، لكنكِ لن تذهبي إلى أي مكَان دون أن أحصل على قصاصي منكِ، لومينوزا..

لومينوزا، الضوء المتألق هذا ما قرأته عن المعنى خَلف لقب قد أطلقه عليها في لحظةً بدت خلالها ترجو كذبة..

"أنتِ تضيئِين بيِنما كل طَرف منكِ مليئ بالعتَمة"، هذا ما أخبرها به بعد أن لفحها بلقب لم يكن عبثًا إليه..

ترتخي شدة قبضتها، بينما تتأمله لحظَتها قَبل أن تطلق سؤالها بنبرةً رقيقة..

-لِما أنا لومينوزا؟..

شيء بَها كان يخمن جملةً ليغيضها بَها أو ربَما شيئًا لن يبدو بذلك القَدر من الدفَئ الذي مده إليها ما أن نبس مطالعًا إياها..

-لأنكِ تضيئين عتمتي..
____________________

سَلام.

الفصل تقريبًا كان أربع مشاهد كتعويض عن رمضان، لكن عالعادة الجامعة صارت كتمة نفس استغفر الله لذا قسمت الفصل عشان أحتمال كبير يكون عندي امتحانات السبت الجاي..

رجاءً رجاءً ادعوا لي حتى بالسر مو شرط تكتبوا لي بالفصل لأن الملازم اللي معي صارت متراكمة لو ضربت فيها يهودي أسلم..

ما أعرف ايش بالضبط ممكن افسر لكم عن الفصل صارت عادة سيئة افسر كل شي بأنستا بس دائمًا اقول بدون كاتيا وسيزار علاقة إيريك وإيڤلين رح تضل قائمة على الصورة المثالية اللي كل شخص منهم يتعمد يقدمها للآخر..

بأختصار كاتيا وسيزار يطلعوا أسوأ ما فيهم وحقيقي أحب ثنائيهم لأنهم عسل ومشاهدهم تعكس فروقات الشخصيات داخل الرواية..

دمتم سالمين دومًا وابدًا اعزائي..♥️

Continue Reading

You'll Also Like

68K 5.9K 29
عِنْدمَا تُلطْخُ دِمَاءَ الَحربِ ، دِمَاَء الُحبْ ، عِنْدَما تَخْطِفُ الحَرْبُ مِنْكَ كُلَ شَئ ، وتَتْرُكَك بِلا أيْ شَئْ ، عِنْدَما تَقعُ فيْ حُبِ ع...
2.2K 199 10
بداية حكايتي كانت من بعد فراقه . مكتملة
522K 29.7K 24
بعد علاقة عاطفية فاشلة قررت سوريل تغير نمط حياتها..بعد ان كانت تعمل معلمة، قررت تعمل مربية في أبعد مكان عن لندن لتنسى! ولكن حياتها تغيرت تماماً بعد ا...
12.1K 928 14
بين جنبات الجمال ينمو ظلام غامض يتغذى على أرواح تائهة ونائية عن الوطن؛ تتساءل: لماذا غادر الماضي الأبيض يا ترى؟ وكيف استحال الحاضر إلى هذا؟ وأين يكون...