فتحت سيلينا الغرفة التي خصصت لأبنتها و فتحت انجلينا فمها بانبهار و هي تتطلع الى هذه الغرفة الراقية التي تعكس مدى الترف و الرخاء
جلست على السرير الكبير ذا الاغطية البنية اللامعة و قالت و هي تمرر يدها عليه: "لا اصدق اني سأنام هنا!"
سيلينا و بسرعة: "لا تحلمي يا انجلينا سوف نغير الاثاث لك سننقل الاثاث الى الطابق الثالث و سترتب لك الغرفة بما نستحقه هنا جميعنا نحن معشر الخدم"
نظرت الى كل ما حولها و وضعت يدها الناعمة على شفتيها الزهريتي اللون
الستائر المخملية و السجاد الوثير و الافرشة الناعمة الحريرية و الخزانة السوداء و مكتبة صغيرة مذهبة و اللوحات العريقة و المصابيح الخافتة ثم المرآة السوداء المزينة بكل الادوات الغريبة كل هذا لا تصدقه عينيها!
قالت ببهوت: "يالها من غرفة بديعة ليتها تبقى لي"
التفتت بسرعة الى الباب عندما دخل ياسر و هو يتأبط زوجته تريشا التي قالت: "كيف الاحوال هنا؟"
نهضت بسرعة و احنت سيلينا رأسها احتراما , قالت انجيلينا بتركيز: "انا اسفة لأني جلست على السرير ظننته سيبقى هنا"
ضحكت تريشا و نظرت الى ياسر الذي قال بابتسامة خفيفة: "ستبقى الغرفة على وضعها لك"
و عندما تغيرت ملامح تريشا قال مواصلا: "بصورة مؤقتة يمكنك استخدامها لحين ان تجهز غرفة لتنقل الاثاث"
ضحكت بسعادة قائلة: "حقا؟ شكرا لكما"
تريشا و بتأمل: "المهم ان تكوني عند حسن ظننا يا انجلينا و اعتقدك فتاة مهذبة"
سيلينا و بنبرتها المتملقة: "انا و ابنتي في خدمتكما بدون مقابل فأن افضالكم علي طول عشرة اعوام تجعلني مدينة لكم طول حياتي"
اومأت تريشا بابتسامة رقيقة ثم خرجا.
انجيلينا و بغبطة: "تبدو سيدة طيبة و كريمة احببتها و كذلك السيد ياسر"
امسكت سيلينا ذراعها قائلة: "هكذا هم دائما كرماء سوف نبذل قصارى جهدنا حتى لا نزعجهم ابدا هذا القصر و هذه العائلة هم السبب ببقائي مكتفية طيلة الاعوام التي مضت و كذلك بكرمهم اكملت تعليمك جدك كان فقيرا و بالكاد يوفر طعامه اما انا فكنت ابعث له شهريا ايجار منزله و اقساط مدرستك ام ظننت انه تمسك بك من اجل الحب و العطف هه ام كان هذا العجوز يخدعك ويوهمك انه يعيلك بدون مقابل"
قالت هي بصوت منخفض وباهت: "اعلم اعلم ذلك يا امي اخبرني جدي بما تفعلينه من اجلنا انه لم يخدعني بالعكس كان"
سيلينا و باستياء و بمقاطعة: "اعلم انه كان يعبئ راسك طيلة الفترة التي مضت و يخبرك انني غير جديرة بك و بوالدك صحيح؟"
هي و بنبرة دفاعية: "لا تتحدثي عنه هكذا ارجوك جدي رجلا ممتاز و هو لا يتحدث عنك بسوء كان يحدثني عن والدي كثيرا و انا فخورة به"
ابتسمت سيلينا بتوتر و قالت ساخرة: "فخورة بوالدك! انه السبب وراء شقائي و خدمتي في بيوت الناس كان بإمكانه ان يجعلنا نعيش مترفين لكنه غبي يتحلى بمثل غبية و ساذجة و يقنع نفسه انه على حق الا انه احمق ضيع الكثير من الفرص و ضيعنا جميعا"
ابعدت انجيلينا بصرها و قالت بانصدام: "كفاك دائما تشوهين صورة ابي امامي مع انك انت من تركه تركته و تركتني ايضا"
سيلينا و بتعاسة: "تركتك حتى اوفر لك لقمة العيش الم يخبرك جدك بذلك؟ ابوك كان عديما حتى الجوع امضى حياته عامل بسيط يرفض الهدايا و المساعدات من اصحاب العلاقة و بآخر المطاف و بسبب لسانه السليط طرد من المعمل و جلس في البيت كالنساء"
قالت هي بانفعال: "ابي كان يرفض الرشوة و لا يشجع الفساد و طرد لأنه على حق لأنه صوت الحق الذي يرفضه غالبية الناس لا تتحدثي عنه بهذه الطريقة لقد سئمت"
سيلينا و بعيون محتقنة: "تدافعين عنه باستمرار و ذلك بسبب جدك الذي يتفاخر به امامك و انا تعتبرينني ظالمة بحقه و بحقك و انا التي قضيت شبابي في العناء انظري الى يدي كيف جفتا و تعفنتا من الفقر و المشقة انظري كيف تشققت حتى تكبري انت و تجدي بيت يؤويك و يأوي جدك فعلت الكثير لجدك و لك تنكرين علي ذلك و تدافعين عن والدك الذي هجرك ورحل؟ اين هو الان؟ لماذا لم يبحث عنك؟ لماذا يرميك كحيوان"
اغلقت اذنيها و اغمضت عينيها الدامعتين و قالت بصوت خافت: "قلت كفى.... كفى"
سلينا و بعصبية: "تركك و انت لم تتجاوزي السابعة و مضى الى سبيله تخلى عن المسؤولية نفذ بنفسه تركني و انا شابة في الخامسة و العشرون قضيت ليالي افكر بك و كيف اوفر لك احتياجاتك بقيت سنتين ابحث عنه و اعمل اسوء المهن خدمت الكثير من العوائل الجيدة و الحقيرة تعرضت للإهانات و التحرش و احيانا الضرب و ابوك عاد بعد سنتين من الغياب و العربدة عاد حقيرا و سيء الخلق و سكير و احمق اكثر من السابق و اتكأ علي
اراد مني ان اوفر له مصدرا لرزقه ما كان امامي الا ان اتركه انا لا اريده بهكذا صورة تركته و تركتك عند جدك حتى اجتهد بالعمل و اتكفل برعايتك اما هو بقي اياما حتى رحل مجددا ليتخلى عن مسؤوليتك حصلت على الطلاق لاني اكرهه و اتيت الى هنا و عشت في هذا القصر طويلا و خدمت بقصارى جهدي حتى احافظ على مكاني بينهم كنت كالكلب المطيع و ما زلت حتى وضعوا ثقتهم بي و اصبحت مدبرة شؤون القصر و السيد ياسر يمنحني الان مرتبا جيدا انا اعرف كل صغيرة و كبيرة في هذا القصر و اعرف طباعهم و اسرارهم كان السيد زين يبلغ االسابعة عشر عندما اتيت و الآنسة جيجي كانت مراهقة ثلاثه عشر عاما و انا راعيت الجميع هنا و اهتممت بطلباتهم و راحتهم حتى تمسك بي الجميع و لا احد يريد الاستغناء عني و انت يا ابنتي ساعديني حتى ابقى هنا بقية عمري ارجوك ارفعي عني الحمل قليلا الا استحق ذلك؟"
اومأت انجيلينا برأسها ببطء و قالت بتأمل: "سأفعل"
عندما حل المساء شعرت انجيلينا بالنعاس و اعلنت عن رغبتها بالنوم الا ان روز قالت باهتمام: "هذا ممنوع لا يجب ان ننام حتى يناموا جميعا ما زال السيد زين بالخارج و السيد الكبير في الحديقة"
بعد ساعة تقريبا نظرت انجيلينا الى الساعة التي اعلنت الحادية عشر قبل منتصف الليل و سكبت اللبن الساخن و توجهت به الى الحديقة وضعته على المنضدة امام ياسر الذي قال لها بإمعان: "شكرا انتظري كم عمرك؟"
قالت بلطف: "اتممت التاسعة عشر لتوي"
قال و هو يتأمل وجهها و عينيها: "انت جميلة يا انجيلينا"
وضعت خصلات شعرها خلف اذنها و ابتسمت له بشفافية اخرج من جيبه مبلغ من المال و قال باهتمام: "خذي هذا لك غدا اشتري لنفسك كل ما تحتاجين اليه"
نظرت الى يده الممدودة اليها و اقتربت ببطء و هي تقول: "يا سيد ياسر هذا كثير جدا"
قال بتأمل و تحديق: "خذيه هيا"
تناولته بحياء و شعرت بيده تلامس يدها بعطف ياله من رجل رائع شعرت انه سيعوضها عن الكثير بحنانه هذا........
عندما عادت الى المطبخ قالت ماري و هي متأهبة للنوم: "اذهبي بكوب الشاي للسيد زين لقد وصل قبل قليل و طلب الشاي"
طرقت على باب غرفة زين و فتحت الباب ببطء ثم دخلت لتجد غرفته خالية منه و قبل ان تضع الكوب على المنضدة رأته يدخل من باب الشرفة و ارتبكت بشدة عندما رأت قميصه مفتوح الازرار كليا و ازداد ارتباكها عندما ركز بها و هو يسير بخطى بطيئة حتى توقف و تسمرت عينيه بها ابعدت بصرها بحياء و قالت دون ان تنظر بعينيه: "الشاي"
شعرت به يقترب و قالت باضطراب: "اسفة لأني دخلت غرفتك و انت تغير لباسك"
ساد صمت و تطلعت به لتجد ابتسامة عريضة مرتسمة على وجهه الساحر تحرك كوب الشاي على الاناء بيدها بسبب اضطرابها و
قال بصوته الجذاب: "انت التي رأيتك هذا الصباح ماذا تفعلين هنا؟ انت خادمة؟"
اومأت و هي لا تريد ان تنظر الى صدره العاري بتاتا......
قال بتفحص: " يالك من خجولة خداك مصطبغين حمرة"
مد يده الى الكوب و وجهته اليه و هو يرتجف بصورة خفيفة و بدل من ان يمسك الكوب امسك معصمها و عيناه تلمعان بتسلية شهقت و سقط الكوب من يدها و ابتعد هو ونظر الى الشاي المسكوب على السجاد و قالت بفزع: "اسفة اسفة"
و انحنت و حملت الاشياء المبعثرة و هو يتأملها بدهشة.
يا الهي ما الذي جرى لها لقد ارتبكت بشدة منه عندما امسك يدها و هو هكذا بقميصه المفتوح ياللخجل!
قالت باعتذار: "سأنظف ذلك فورا سأحضر لك اخر اكرر اعتذاري"
بقي يتأملها و هو مكتفيا بالصمت خرجت من الغرفة و تنفست الصعداء و مسحت جبهتها تبا لها كم بدت سخيفة امامه لكنها معذورة هو امسك يدها و اخافها جدا اعتقدت انه سيفعل بها شيئا مخلا.......
عادت بعد ان احضرت عدة التنظيف و كوب اخر وضعت الشاي على المنضدة و هي تتجنب النظر اليه ثم جلست على الارض و بدأت بتنظيفها كان هو جالس على الاريكة و كان يراقبها طوال الوقت نظرت نحوه بنظرة خاطفة ثم رأته يبتسم مجددا لماذا يضحك منها؟
نهضت و قالت بتهذيب: "ابحاجة الى شيء يا سيد؟"
قال و قد اغلق ازرار قميصه الابيض: "ما اسمك؟"
اجابته بسرعة: "انجيلينا انا ابنة سيلينا"
رفع حاجبه الاسود الكثيف و قال باستغراب: "ابنة سيلينا؟ انت؟ ابنة سيلينا!"
اومأت موافقة و قالت: "نعم ابنتها"
قال بتأمل: "لا تشبهينها مطلقا انتي اجمل منك بكثير"
ثم ابتسم و غمز لها بعينه ابتسمت و خفضت بصرها.
هبطت السلم و هي مبتسمة وسعيدة لرؤية زين هذا انه وسيم جدا.
اتجهت الى الرواق المؤدي الى غرفتها و تذكرته عندما امسك يدها و وضعت يديها على خديها الساخنين و دخلت غرفتها و هي مشغولة الفكر بكل لحظة قضتها مع هذا الرجل انه مختلف عمن رأتهم لقد ترك انطباع لديها لا تعرف ما هو لكنها تعرف فقط انه انطباع سعيد بداخلها.