أريد تذكرةً كي أعود أدراجي ، أريد ان اعانقك كثيرا في الماضي ، أريد آسف و أحبك كلها بقلمي ومن إخراجي ، أريد سفرًا للبعيد ، أريد نومًا و ماءً و أريدك أنت تكون زادي .
Koza Baibars.
........
أبحث عن بعض خواطرنا ، عن أشلاء قلوبنا ، وعن نزعات آلامنا ، أبحث عن بقايا كلماتنا ، وعن أجنحتنا و بقع دمائنا ، أبحث في طريق تيه ، و آثار توهمني بالوصول ، و اذا به الوصول لوحة كتب عليها المنكسرين .
صوت الإسعاف يصر بصخب في الأجواء ، حديث الاشخاص من حوله ، و الممر الطويل امامه هو كل ما يرى ، ليس حلمًا ولكن الرؤية لديه كالحلم ، وقف بعد ان تبين له شرطي من القسم واقفًا في اخر النفق ، ركض ممسكًا بياقته
" ماذا حدث مارك ، اين كنت انت!!! "
" إحترامي سيدي "
قال منفزعاً بعد ان داهمه بيبرس بتلك السرعة وهو يدق التحية واضعًا يده فوق جبهته واقفًا باعتدال ليسترسل مجيبًا بحزم
" لقد كنت أراقب السيد الصغير ، لم أعلم بأن جده خرج للجبل "
أفلت بيبرس ياقة المتحدث بعد ان رحلت ملامحه تتجمد بصمت و بفزع ، ابتعد خطوتين و كأنه غير مصدق اياً مما يحدث ، جثى على ركبتيه فهو يعي حجم الآلم الذي قام بإلحاقه بتايهيونغ ، يلوم نفسه قبل كل شيء بإنه السبب في مقتل جده ، يشعر بألم كبير في صدره ، كالخناجر في حلقه و رئتاه .
تذكر كل شيء وكانه يعرض في سينما أمامه ، كيف استقبله آول مرة و رحب به ، كيف وثق به على حفيده ، نظر يمينًا و يسارًا ليعود طيف تايهيونغ الى عيناه ومخيلته لاعناً نفسه الف مرة ، بإي ذنب هدمت عائلته ، سلامه و أمانه ، غطاءه و فراشه ، منزله الدافئ و قصصه و حكمه و روياته ، كل شيء بدا بضرب بيبرس فوق المعصم المؤلم .
" بيبرس !"
صوت لوثر خرج من خلفه مما جعله يستقيم ملتفتاً بحزن ، تنهد لوثر أمامه بحزن أيضا ، يعلم بإن الأمور عندما تسوء تظهر على وجه لوثر ، كان الوضع كارثيا حقًا
" كيف حدث ذلك ؟ واين أبيل و جدته ؟ "
" لقد توغلوا على السيد سو وهو في قلب المدينة ، قاموا بقتله برصاصتين لم تكن في أماكن خطرة ولكنه نزف كثيرًا وهو كبير بالعمر لم يحتمل كثيرًا ، وحدث أمر الرب "
قال وهو يتقدم ممسكًا بيد بيبرس ليجلسا على احد المقاعد الطويلة ، أخبره ليضع بيبرس كفيه فوق وجه مغطياً عيناه وهو يستمع لحديث الأكبر الذي بدأ يكمل
" أبيل أتى مع جدته إلى هنا رافقتهم وقد أخبرتهم بأنني سأهتم بالأمر و ...."
صمت قليلًا مما جعل بيبرس ، ينظر اليه وهو يمسح دمعته بخشونة
"لقد أخبروا أب... تايهيونغ بكل شيء ، و قاموا بتخوفيه"
" كيف....بماذا... أخبروه ؟ "
" أنت ، كوزا الذي يكون والدك ، العصابة والخ "
استقام بيبرس ويبدو غاضبًا يتحرك يمينًا و يسارًا ، يضرب الحائط أمامه واضعًا يديه فوق الحائط مسندًا رأسه عليه ، ليصدح صوت من خلفه وكانت والدته مما جعله يلتفت
" أقسم لك بني لا علاقة لنا بهذا الرجل "
ألتفت بيبرس يتحرك ليرى تايهيونغ يدفع والدته خارج الغرفة الأخيرة ويصرخ في وجهها بغضب ، ركض بيبرس و لوثر إليهما وما ان وصلا حتى تجمدت الدماء في وجه تايهيونغ ، صُعق عند رؤية بيبرس وبكل سذاجة أتى الى هنا ؟ هو لا يعرف القصة بأكملها لذا يتصرف هكذا إتجاه والدة بيبرس .
امسك لوثر و زوجته بالسيدة غايا ليخرجوها لتجلس أمام الغرفة فوق الكرسي الطويل ، أبتعد الجميع من بينمها فقط رجال الشرطة المحيطين بالمكان من أجل حماية تايهيونغ و جدته ، بقي بيبرس ينظر إلى أبيل وكأنه يعتذر و لكنه لا يصل اي اعتذار ، شيئا ما بينهما انبتر بشكل مفاجئ.
اقترب تايهيونغ من بيبرس ليصفعه بقوة مما جعل والدته تشهق بصوت مرتفع ، صفعة اخرى و من ثم دفعة ارضاً بقوة و من دون أي مقاومة من الفتى الأطول ، وقع أرضًا ليمسك الشرطة بتايهيونغ الذي بدأ بالصراخ ، ليرفع بيبرس كفه لهم مما جعلهم يفلتون الأخير و يتراجعا .
يرفع رأسه وجذعه العلوي من الأرض بساعده الذي يضعه تحته ، مسح الدماء التي سالت من فمه بأطراف أصابعه ، تقدم تايهيونغ ليبدأ بضربه فوق معدته و بشكل متكرر دون توقف مما جعل بيبرس يلتوي على نفسه بألم عندما قام لوثر بسحبه منه
" يالك من وغد و سافل و قاتل مخادع ، سأجعلك تندم على كل فعل فعلته لي و كل كلمة تفوهت بها امامي وأنت تنظر الى عيناي بذلٍ يشبهك "
أبتعد عنه ليدخل مغلقًا باب الغرفة يبكي بصمت خلفه ، يبكي بحرقة كادت ان تفطر قلبه ، عيناه تآبى التوقف عن ذرف الدموع و وجنتاه اصبحت مشتعلة من عدد المرات التي قام بمسحها ، أنزل رأسه بين ركبتيه جامعًا إياها الى حجره
" تاي ، صغيري أين انت ؟ "
استقام بسرعة وهو يمسح دموعه ليدخل مسرعًا الى جدته وهو يتظاهر بالقوة و هو منسكر تمامًا
" انا هنا ياجدتي هنا "
قال بحزن لوجه جدته التي منذ ان علمت بخبر وفاة زوجها و رفيق عمرها احتضنت الأرض لها فراشاً وكيف لا تفعل وهي تفقد شريك عمرها لوقت طويل ، والان فقدت تلك الشراكة الصافية الصالحة التي لا تشوبها شائبة ! .
جالسًا في فوق الكرسي في الممر ذاته وقد رفض ان تضمد حرج شفته الممرضة ، في رأسه نار تشتعل وقلبه باردًا و يغلي و ينزف و يكاد ينفجر في الآن ذاته ، أقتربت والدته ممسكةً بساعده ليستقيم دافعًا إياها بيده
" توقفي ، فقط توقفي ... توقفي عن كونك امي لا أريد أما كاذبة ، لا أريد أمًا تربي أبنها تحت سقف رجلًا ليس والده ، لا أريد أما لا تشبهني "
" جونغكوك أرجوك اسمعني بني "
صاحت به أمه بعد صرخ في وجهها وهو يستقيم خارجًا بغضب يكتسح كل خلاياه ، خرج دون رد ، دون رغبة في الالتفات فقط كان يتالم من قلبه و جسده و عقله ، كل الذين أحبهم خذلوه ، به شيءً عميقًا مؤلم ، كـ غصة البكاء القاتلة .
يهرول الى سياراته و بغضب يتطاير من عيناه ، دموعه تذرف و لكن دون صوت ، يريد الانتقام يريد ان يطيح بوالده ، يريد ان يمزق كل من قام بذلك الفعل الخليع ، عقله يضع خطط لا نهاية لها
" بيبرس....بيبرس....بيبرس توقف "
صوت لوثر خلفه جعله يبطئ من سرعته ليقف دون الإلتفات ، حتى أمسكه بيده ليقابله وجهاً لوجه ، نطق بحديثه وهو يلتقط أنفاسه ، أنفه أحمر و عيناه غاضبة و يبدو انه يشعر بما يشعر الأخير
" إلى أين! "
" لن أتوقف لوثر ، ان لم تأتي معي لنسحب كل أولائك الكلاب والا فدعني أذهب "
نطق بيبرس وهو يتقدم ناحيته كشيء من التهديد ، نبرة صوته قريبة لصراخ ، أغمض عينيه ليمسك بكتفا الأصغر متحدثًا كعادته و رزانته المعتادة
" أسمع....أعلم ان ما حدث في الفترة الاخيرة كان صعبًا انا أرى هذا ، و لكن لما لا تصبر قليلًا بعد ! لما تتصرف وكأن مافعلنا طوال السنوات الماضية كان لا شيء وانت اكثر شخص عانى ! "
" ولأنني أكثر شخص عانى لا يمكنني الوقوف والانتظار ، لأنني سئمت من هذه الدوامة التي خلقت و ترعرت بها لا أستطيع الصمود ، لا استطيع الهدوء كما تفعل أنت ، لا أستطيع لا أستطيع "
رد بصراخ في وجهه ليدفعه بعدها متمتماً باستطراد
" ان كنت ستخونني و تبقى دون ان تساندني فلا بأس أستطيع ان حل الأمر بمفردي "
ذهب بيبرس دون ان ينتظر ردة فعل الأكبر ، ركب سيارته و غادر بسرعة ، ليعود لوثر راكضاً الى بوابة المستشفى ، تقدم رجاله الى الأمام ليتحدث
" مارك أبقى هنا و اخبر الجميع بأن يتوخوا الحذر وانت ثيو تعال معي بسرعة "
ركب لوثر و ثيو سيارة رجال الأمن لينطلقا ، رفع لوثر سماعته ليتحدث بسرعة أمرًا
" الفريق ركن من قوات الامن الخاصة لوثر ، قوموا بإيقاف المازيراتي السوداء ، الحاملة للوحة *** ، تهمني سلامة الفرد بداخلها "
كان يعلم جيدًا بأن بيبرس لن يتوقف ولن يستطيعون إيقافه لإنه ولأول مرة يراه بهذا الاندفاع ، كان الخوف والغضب يعتلي كل ذرة من كيان لوثر خوفًا من ان يُفضح بعد كل شيء و خوفًا من ان يحدث شيئا لبيبرس .
بعد عدد من الإنذارات الخاصة و التعليمات الخاصة تم رفع خوارق الطريق في طريق المدينة مما تسبب في تعطيل الطريق بأكمله ، بسرعات جنونية وقف لوثر و ثيو لينزل لوثر راكضاً ليفتح باب سيارة الأصغر ليمسكه من الخلف ليبدأ بالصراخ عليه
" أكان يجب ان اقتلك لكي تتوقف !أي جنون هذا الذي تقوم به ، ان كنت تخليت عن قضيتك من أجل حياتك فهذه القضية هي كل حياتي ، أفهمت! أسمعتني ايها الطفل ! "
لم ينطق بيبرس بشيء لإنه كان يحاول تدارك مالذي حدث ، فعندما كان مسرعًا بدأت السيارة بالتخبط ليرتطم وجهه في المقود مما تسبب في رعاف لأنفه ، بقي ممسكًا بأنفه مستمعًا للذي يصرخ به .
جالسًا في منتصف الطريق امام سيارة الاسعاف ، واضعاً يديه امامه وبين ساقيه ، أنفه به سدادة من الشاش ، إضاءة الشرطة و الإسعاف تحيط به ، لوثر يتحدث مع رجال الشرطة ، بيبرس منزعجًا و لكنه يدرك انه على خطأ ، نظر إليهم ليتقدم اليه لوثر ، جلس أمامه قبل ان ينطق ، أنزل رأسه وكأنه يعتذر له ، أغمض عينيه ليتحدث
" اعلم ان الأمر صعبًا جدا و لكن يجب ان نكمل سويًا "
" لا رغبة لدي لفعل أي شيء ، لن أكمل بشيء لوثر "
" حسنًا هذا هو المطلوب لن تفعل شيء ، فقط ستذهب إلى القاعدة "
أبتسم بيبرس بشبح إبتسامة ، ليتنهد لوثر بيأس
" أعدك فقط أيامًا قليلة ، ربما انا أكثر شخص يشعر بألمك و أكثر شخص يفهم ما تعيش الآن ولكن هذا لايعني النهاية "
انزل بيبرس رأسه ، نظر ليديه وكأنها شيء مهم بدأ يحرك أصابعه دون رد ، مايقوله لوثر حقيقة و ما يشعر به بيبرس ليس سهلًا على الإطلاق .
بين الوحدة و الخسارة كان بيبرس يحارب ، كمقاتل قُتل كل جيشه ، كـ ملك خذله شعبه ، كـ طفلًا يتيم ، شيء محزن و مؤذي لكل من يراه ، ولكن الحقيقة ان هذه الظروف هي التي تصنع الأبطال.
.......
ليراني الجميع سرابًا ، لأكون منسيًا لدى الآخرين ، لأدفن تحت التراب و تتقطع أنفاسي ولكن.....لتتذكرني عيناك ، و تفتقدني يداك ، لأبقى فراغًا في ذاكرتك ، فأنت وحدك غايتي .
⌛︎