المطارد

By user07883351

266K 6.9K 339

حلمت به، شعرت بألمه، خطت ملامحه في ورقتها من قبل ان تراه ، وكان قلبها تنبأ بمجيئه، وهو المطارد، المنبوذ، الم... More

اقتباس
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الحادي والعشرون
الفصل الثاني والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصل الخامس والعشرون
الفصل السادس والعشرون
السابع والعشرون
الثامن والعشرون والاخيرة

الفصل السادس

9.9K 256 11
By user07883351

الفصل السادس.

بداخل غرفة الفتيات كانت يمنى جالسة بجانب أخواتها سمر وندى اللاتي يصغرنها في العمر بعدد من السنين، تشاهد معهن المسلسل العربي على التلفاز، باندماج مع أبطاله والأحداث المتوالية فيه ، حتى أجفلت على سؤاله شقيقتها ندى، التي يبدوا انها لم تكن متابعة معهم:
- عاملة ايه مع الراجل الغريب يا يمنى؟ ولا هو نفسه بيعاملك كيف ؟
اللتفت اليها يمنى قاطبة الحاجبين باستفهام :
- عاملة ايه في إيه بالظبط؟ مش فاهمة السؤال انا !
تركت ندى المشاهدة والتفتت تعتدل بجذعها نحو يمنى تسألها باهتمام :
- يعني مثلًا، أنتي مبتخافيش منه لما بتدخلي عليه اؤضته ؟
تركت يمنى مشاهدة المسلسل أيضًا ، والتفتت تواجهها ناظرة اليه وردت بسؤال:
- وأخاف منه ليه بقى؟ أنا واحدة ممرضة ودي شغلانتي اني اعالجه وهو مريض، زي أي مريض في الدنيا، هايعمل معايا آيه؟
ندى وهي تجحظ عيناها بدهشة:
- هاا,لهو نسيتي انه كان يخطفك؟ حد عارف كان هايعمل ايه معاكي؟
شهقت سمر واضعة كفها على فمها، اما يمنى فانغقد لسانها لعدة لحظات ناظرة بصدمة نحو شقيقتها التي تفوهت بالكلمات دون ان تعي بخطورتها، حتى خرج صوتها اَخيرًا:
- أحترمي نفسك يا ندى وفكري كويس في كلامك قبل ما تطلعيه من حنكك.
أردفت سمر هي الأخرى بملامح ممتعضة نحو شقيقتها:
- سيبك منها يايخيتي، دي باينها اتجننت ومعادتش فاهمة معنى للكلام اللي بتذلفه بلسانها؟
عوجت ندى زاوية فمها بإستنكار وهي ترمق الاثنتان بنظرات غير مبالية وقالت :
- أنا برضوا اللى اتجننت عشان بسأل سؤال عادي زي ده؟ ولا أنتوا اللى بتستهبلوا وعايزين تطلعوا نفسكم كويسين وبس على حسابي ؟
هتفت يمنى بغضب وقد اخرجتها شقيقتها عن طورها :
- احنا برضوا بنستهبل يا ندى؟ مش واخدة بالك انك مزوداها قوي معانا ؟
قالت سمر هى الأخرى:
- لا هو أنتِ فاكرة، ان كل الناس بقى زيك ياست ندى ولا إيه؟
هتفت ندى وهى تضع يدها على خاصرها :
- وأنا مالي بقى إن شاء الله يا ست سمر؟ ايه العيب فيا ومش عاجبك؟
- وشك مكشوف وجريئة، وباين روحتك للمدرسة الفنية زي ما أثرت عليكِ في شكلك، لما بقيتي تلبسي المحزق والملزق، وتحطي على وشك المكياج الخفيف عشان يبان وشك وكأنه جمال طبيعي، كمان اثرت على عقلك ، فبقيتي شايفة كل الناس ضميرها زفت.
اردفت بها سمر رغم صغر سنها الذي لا يتعدى السادسة عشر ، مما اثار حنق ندى التي تكبرها في العمر بسنتين، فقالت غاضبة:
- وشى مكشوف وجريئة، عشان بلبس على الموضة زي بنات المدينة لجل مابقاش اقل منهم، الزمن بيتطور ياماما، وحكاية عقلي، فا انتِ عارفة كويس اني زكية وبفهمها وهي طايرة ، يعني مش غريبة عليكِ

هدرت يمنى عليها بعد ان فاض بها:
.- خلاص يا ندي، فوضيها سيرة بقى وبطلي تفرضي علينا وجهة نظرك، احنا فاهمين كل حاجة، وكل اللي تقصديه كمان بس دا مايمنعش اننا ناخد بالنا من الكلمة اللي بتطلع مننا، وان كان على الراجل اللي بتتكلمى عليه،
فهو كان غرضه العلاج والطلقه اللي ف كتفه تطلع منه، يعني مافيش داعي لتحليلات وتكهنات مالهاش محل من الإعراب.
صمتت ندى وهي تتبادل النظر بلا مبالاة نحو شقيقاتها الغاضبات، ثم مالبثت ان تردف باقتضاب:
- ماشي بقى انتوا أحرار واعملوا ما بدالكم.
قالتها بكل برود، وهي تهز أكتافها، لتلتفت مرة أخرى لمشاهدة التلفاز غير مبالية لغضب الفتاتنين المذهولتين من طريقتها في فتح النقاش ثم غلقه بمنتهى السهولة وكأن شيئًا لم يكن، أخرجهم من شرودهم، فتح باب الغرفة عليهم ،دون استئذان ، لتدلف والدتهم فجأة لداخل الغرفة سائلة بعجل :
- ابوكم راح فين يابنات؟ حد منكم عارف هو قاعد فين دلوقت ؟
ردت عليها سمر.
- انا شوفت ابويا من نص ساعة وهو طالع فوق عالسطح، تلاقيه بيتسامر مع عمى يونس كعادتهم ، ماانتِ عارفهم.
أمرتها نجيه قائلة بلهفة :
- طب اطلعي حالًا وروحى اندهيلوا بسرعة ، وقوليلوا امى عايزاك تنزلها ضروري فاهمة؟
- فاهمة يااما فاهمة،
قالتها سمر وهي تنهض على الفور تنفيذا لطلب والدتها، دون التفوه باستفسار لم تقدر على كبته يمنى التي تقدمت الى والدتها تسألها:
- مالك يامّا شكلك مايطمنش، و عايزه ابويا في إيه بالظبط؟ هو حصل حاجة؟
- يابنتى الجدع ده اللي اسمه صالح، مصمم انه يمشي وهو مش قادر يصلب طوله ولا يقوم من مكانه.
اردفت بها نجية بتوتر ، وخرج رد يمنى بذهول:
- يمشي ازاي ؟ دا مابيقدرش حتى يحرك راسه، يبقى هايمشي ازاي بس ؟ تعالي معايا يا اما، هانروح نشوفه انا وانتِ علي ماينزل ابويا.
أوقفتهم ندى قبل أن يخرجوا من الغرفة قائلة :
- ماتسيبوه يمشي ، مش يمكن يقدر؛خليه يحل عنينا بقى، احنا مش ناقصين نصايب.
خاطبتها نجية بحدة قائلة:
- نصايب ايه يابت دلوقتي كمان ؟ هو انتِ ناوية تعملي كمان زي عمك يونس؟
- وماله بقى عمي يونس يااما ؟ ماهو بيقول الصح، الراجل اللي جوا ده قعدته في البيت هنا معانا، ممكن تجيب فوق راسنا مصايب وبلاوي ، احنا في غنى عنها.
اردفت ندى فأثارت الغضب لدى والدتها التي همت لترد بكلمات تنهرها بها ولكن يمنى اوقفتها:
- سيبك منها ياما وخلينا نروح نشوف الراجل التعبان جوا، لا تجراله حاحة من الحركة العنيفة:
اومأت لها نجية مقتنعة وهي ترتد عائدة معها للخروج من الغرفة، فسمعوا خلفهم ندى :
- اللحقوه اللحقوه، امال لو مكانش راجل سوابق ووش اجرام كنتوا عملتوا ايه بس ؟
اللتفت رؤسهم نحوها الإثنتان بنظرات ممتلئة العتب، قبل أن يتخذوا قرارهم، بالتجاهل وعدم الرد عليها ، ثم خرجوا على الفور
لعلمهم جيد انه لا فائدة من الجدال معها.
.........................

دلفت يمنى مع والدتها نجيه، لتجده مازال يحاول الوقوف وقد تمكن منه الأجهاد والألم، وشحب وجهه بدرجة مخيفة، صوت انفاسه الحادة وتعرق بشرته البرونزية، مع تغضن ملامح وجهه وهو يضغط بكفاح أظهروا جميعهم، مدى حجم الألم الذي يشعر به، اقتربت منه يمنى تستوقفه
بيدها على تردد وخجل :
- براحة شوية على نفسك حضرتك، انت كده بعمايلك دي بتأذى نفسك!
رفع انظاره اليها يردف بصوت ضعيف وبالكاد مسموع :
- ساعدوني اقوم، انا حاسس انىةي هاقدر اكمل وامشي.
سألته نجيج بلوم وعتاب:
- يابنى انت ليه راسك ناشفه كده؟ هو احنا قصرنا معاك في حاجة ؟
برقت عيناه تأثرًا بكلمات المرأة الطيبة وهي تتكلم بمودة وكأنها نست فعله معهم في الأمس، اسبل جفنيه خجلا قبل ان يهم ثانية برفع نفسه ويطلب برجاء :
- ابوس ايديكم سيبوني امشي، انا مااستهالش منكم الكرم دا كله،
كفايه بقى لحد كده.
- ويعنى احنا اللي ماسكين فيك!
قالها سالم وهو يدلف لداخل الغرفة ثم اكمل بعدها ؛
- بس انت اصلب طولك الأول، وبعدها انا بنفسي اللي هاقولك امشي
رد صالح :
- عمي سالم انت راجل واشد منهم، ساعدنيداقف على رجلي، واحاول عشان اقدر امشي، ياجماعة انا بطلب منكم بس تساعدوني، ممكن؟
- أساعدك انا.
التفت انظار الثلاثة نحو الذي تفوه بها ومنهم صالح الذي نظر للواقف على الباب امامه ليساله بدهشة:
- انت مين؟
يونس وهو يتقدم لداخل الغرفة:
- انا اخو سالم واسمى يونس، وانا شباب زى ما انت شايف كدة يعنى عودي اشد منهم كلهم، وانا اللي هاقدر اساعدك.
قالها يونس وهو يتقدم بخطواته دون انتظار الجواب من صالح، امام نظرات اخيه وزوجته وبنت اخيه المعترضه، ودهشة صالح التى ازدادت اكثر حينما لف يونس زراعيه على خصره بقوة ليوقفه على أقدامه المرتخية ثم يسير به عنوة..
دارت الأرض بصالح، الذي ازدادت اَلاَم رأسه أضعاف، حتى فقد القدرة على الشعور واسودت الدنيا بعيناه ، وقبل ان يخطوا خطوتين، وقع ارضاً مغشيا عليه، فلم يسمع صرخات يمنى ووالدتها.
زفر يونس بتأفف وهو يسب ويلعن حظه بغيظ، ليفاجأ بأخيه سالم وهو يصيح عليه من الأسفل بغضب:.
- شيل معايا يا يونس بدل ما انت واقف كده.
نظر اليه يونس من علو ليجد اخيه يتحامل مع زوجته وابنته ليرفعوا صالح عن الارض، فاردف وهو يجز على اسنانه:
- بس لو كان اتحامل على نفسه دقيقتين بس؛ على ماكنت طلعتوا من عتبة الباب، وبعدها يغور في اى مصيبه
هدر سالم عليه بغضب ونفاذ صبر:
- ماتخلص يا يونس مش وقت كلامك ده، الراجل تقيل والحريم مش قادره تشيل معايا.
زفر ثانية قبل ان يهم بمساعدة اخيه في رفع صالح واعادته الى فراشه ثانية، امام نظرات نجيه المشفقة، وشعور يمنى بهذه القبضة المؤلمة بداخل صدرها، دون أن تعلم لها سبب!
................ .................

بعد قليل وبردهة المنزل الفسيحة كانت الجلسة على كنب المنزل الخشبي ، تجمع بين سالم وزوجته ويمنى ابنته، ويونس شقيقه والذي كان يضرب بكفيه بحسره وضيق متمتمًا بالكلمات:
- دا انا كنت خلاص هاطلع بيه، وبعدها ارميه في اى حته ونخلص منه ومن قرفه، مكانش قادر يتحمل يعني الخطوتين الصغيرين دول، ولا اكنه بيستهبل ابن ال.... ولا استحلى القعدة والناس تخدم عليه وتعالجه، ابن الفرطوس ده، أكيد بيمثل انا متأكد .
فاض بيمنى التي لم تقوى على السكوت اكثر من ذلك، فهتفت على عمها بانفعال :
- هايستهبل ولا يمثل كيف بس ياعمى؟ دا المخ اللي اتصاب، ودا الجزء المسيطر على كل أجهزة الجسم، يعنى لو هو في مستشفى حاليا؛ كان اتعملوا اشعه عشان تبين ان كان عنده ارتجاج ولا حاجه تانية اكبر من كدة.
- لو في المستشفى يابت سالم ، لكن هو قاعد هنا في بيتنا، وكاتم على نفسنا وجابرنا بالعافية اننا نراعيه ونداويه.
اردف بها يونس فردت يمنى :
- بالجبر ولا بالذوق، في الحالتين نشد على الراجل في حالته الصعبة دي، وهو مسكين ماقدرش يصلب طوله حتى.
ًاللتفتت لها يونس مائلا برقبته يتكلم بنبرة متهكمة:
- افندم ياست يمنى، انت بتلقحي عليا بالكلام وعايزة تجبيها فيا وتطلعيني انا العفش بعد دا كله، طب افتكري حتى ان لولايا انا بس، كان زمان اللي بتقولي عليه مسكين جوا ده، خطفك في الجبل عنده وياعالم كان هايحصل ايه ساعتها.
- ماخلاص فوضها بقى يايونس.
صاح بها سالم في بغضب مقاطعًا أخيه بحدة واكمل ببعض التعقل:
- يُمنى لا بتجيب ولا بتودى في الحديت ولا تقصد انها تلقح عليك، هى بتقول اللي حاصل ، وانت شوفت بعينك كيف الراجل حاول وضغط على نقسه، وماقدرش يكمل لحد اما وقع سطيحه على الارض، وماحاطش منطق.
تدخلت نجية بالحديث معهم قائلة بتأثر وحزن :
- ايو والنبي صح يا ابو محمد، دا انا قلبي وجعني لما شوفته مرمي على الأرض بلا حول ولا قوة .
يونس مستنكر ا :
- قلبك وجعك برضوا يامرة اخوي! طب اللي بتتكلمي عليه ده وصعبان عليكي، مش بعيد لو هو بصحته دلوقتي ، لكان قطعنا احنا حتت ولا اثرنا فيه نهائي!
فغرت يمنى فاهاها قائلة باندهاش :
- مش لدرجادي ياعمي
اوما يونس برأسه ساخر ا
- لا لدرجادي ياروح عمك واكتر من كده كمان، بس انتوا اللي مش عايزين تصدقوا وسادين ودانكم ، رغم انكم عارفين ومتأكدين انه راجل مجرم ومش بعيد عليه يعمل أكتر من كدة كمان .
صاح سالم بملل من مواصلة حديثهم:
.
- ماتخلصوا انتو الاتنين وفضوها، الواحد مافيهوش دماغ للهرى
بتاعكم ده.
- طب انت رسيت على ايه في النصيبة اللي احنا موحولين فيها دلوقتي دي؟
سأل يونس بصوت متزن بعد الشئ وكان رد أخيه سالم بصوت يحمل في طياته الهم :
- ودى فيها قرار برضوا؟ احنا هانستنى بس يقوم على حيله وبعدها بقى نبقى نمشيه على طول.
رجع يونس بظهره للمقعد وهو يردف بضيق:
- ماشى يااخويا، خليك انت بقلبك الحنين ده، لحد اما يقوم هو بصحته ويخلص علينا، أو نتورط معاه في نصيبة هو عاملها .
نفض سالم جلبابه متأفافًا وهو يميل بجلسته للجانب الاَخر بعيدًا عن أخيه، وقد مل الجدال معه في هذا الأمر الثقيل على قلبه ولكنه مضطر لفعل ما ضد رغبته في تحمل هذا الرجل حتى يستطيع أن يرحل ويريحه من همه.

.......................
في اليوم التالي .

خارج جدران المدرسة الفنية وبعد أنتهاء اليوم الدراسي، خرجت ندى ومجموعة من الطالبات زميلاتها من أهل المدينة وصوت ضحكاتهن يصدر مع كل همسة تهمسها واحدة منهن، فيلفتن انظار البشر حولهن، مع مايرتدينه من ملابس مدرسية لكن مُجسمة على تفاصيل أجسادهن الغضة الصغيرة، مستمدين الثقة من أنفسهن بأسلوبٍ تتبعه عدة فتيات في مثل أعمارهن للفت الانتباه اليهن، بالإضافة للحرية التي يكفلها هذا السن والعالم الوردي، الذي يعشن فيه قبل أن يصطدمن بالواقع، ندى كمعظم الفتيات القرويات الاَتي يدرسن في التعليم الفني، دائمًا مايكن اقصى أحلامهم في هذه الفترة المدرسية هو الزواج سريعًا في هذا السن الصغير؛ فهي لم تكن متفوقة في الدراسة كأخواتها ، يمنى و سمر ، بهرتها حياة المدينة وتصرفات الفتيات زميلاتها في المدرسة، فا أصبحت تقلدهن في كل شئ، طريقتهم في الحديث وارتداء الملابس والتزين بحرفية. حديثهم المسلي عن الشباب وقصص العشاق، كانت تتشارك معهن الحديث هي ايصًا عن الفتى الذي يقف لها دائمًا في شرفته كي يراقبها في رحلة الذهاب والإياب الى المدرسة، والذي غالبًا ماتجده في هذا الوقت، ولكن للعجب لاول مرة لم تراه اليوم في شرفته، اكملت طريقها معهن هذه المرة دون ان تجد تسليتها ككل يوم ، ولكن حينما تركت الفتيات ؛ لتستقل سيارة اجرة توصلها الى موقف المحافظة العمومي ، حتى تستطيع استقلال احدى وسائل المواصلات التي توصلها لقريتها، وزميلاتها من فتيات المدينة يكملن طريقهم بالسير على اقدامهم حتى منازلهم ، كانت لاول مرة تشعر ندى بمن يراقبها وخطواتٍ تتبع خطواتها، في البداية شعرت بالخوف ولكن حينما التفت برأسها ورأت من يتبعها وهذه الأعين المعلقة بها؛ فعلمت انه نفس الشاب الذي يقف لها بالشرفة، قطبت قليلًا ثم هدأ التوتر
لديها قليلًا فهيئته لا تُظهر انه خطر او شخص مريض، حينما اعتلت ندى السيارة الأجرة الخاصة بقريتهم، فوجدته يلحقها أيضًا، عاد اليها الخوف ولكنها ذكرت نفسها بانها محاطة بعدد كبير من اهل قريتها في السيارة ، ولكن مع تحديقه بها لفت انتبهاها همسه مع أحد الرجال الذي التفت عيناه نحوها، أصبح خوفها يشوبه التوتر خصوصًا مع ابتساماتهم وغمغماتهم بكلمات لا تصل اليها، حتى تفاجأت بإحدى النسوة تلكزها بخفة ثم تغمز لها بمكر هامسة :
- واخدة بالك !
قالت ندى بعدم فهم للمرأة:
- واخدة بالي من إيه ؟انا مش فاهمة .
تبسمت المرأة وهي تقترب منها توشوش لها في أذنها:
- يابت ياخايبة، مش شايفة الجدع الحليوة ده وهو بيسأل ويشاور عليكِ للراجل الكبير اللي جمبه ده.؟ دا الجواب باين من عنوانه ومش محتاجة زكاوة
رمقت ندى الرجلين بنظرة سريعة قبل أن تعود للمرأة تسألها باستفسار:
- جواب ايه اللي باين من عنوانه ياخالة؟ عشان انا مش فاهمة حاجة ياخالة .
تفاجأت بلكزة أخرى من المرأة الغريبة ، لتردف بابتسامة متسعة وتصنع للخجل :
- يابت افهمي،بقى، دا باينه عريس وعجبتيه وبيسأل عليكي عشان يعرف انتِ مين .
رغم امتعاضها من المرأة المتطفلة لكنها لاتنكر الزهو او السعادة التي شعرت بها، ولكنها فضلت الا تعطي للمرأة رد فعل على كلماتها والتفت تنظر للفتى جيدًا بخبث قبل أن تعود لوضعها وكأنها لاتعلم شيئًا، ولكنها انتفضت مجفلة على لكزة أشد قوة من المرأة، وتسألها بسماجة :
- صح ماقولتليش ياعسل، انتِ بت مين في البلد وامك اسمها إيه؟ يمكن اعرفها!!
............................

بعد أسبوع

طرقت يمنى على باب الغرفة قبل ان تدلف للداخل حاملة على يديها الاثتنان صنية الطعام، وجدته مستيقظ وهو يحاول أن يعتدل بجزعه على الفراش بصعوبه وبطء، القت عليه التحية:
- صباح الخير.
ردد خلفها التحية ، وهو يراقبها تضع الصنية على الطاوله قبل ان تقربها اليه وهى تساله:
- عامل ايه النهاردة، كويس الجرح اللي في راسك ولا التاني اللي في كتفك؟
تبسم اليها بإشراق وهو يرد عليها :
- الحمدلله ياستي، الجرح اللي في كتفي حاسه ابتدى يلم والألم اللي فيه تقريبًا اختفى، أما بقى في موضوع راسي فاانا دلوقت رغم الوجع والدوخة اللي فيها لكن احسن من الأول بكتير، على الأقل بقيت قادر احركها، حتى لو بالبطئ بس فيه تقدم، وطبعًا البركة فيكي
تورد وجهها خجلا وهي ترد عليه:
- البركة فيا على ايه بس؟ دي جات كدة معايا صدفة لما اديتك من العلاج اللي بياخدوه المرض اللي زى حالتك، والحمد انه جاب نتيجة، كنت خايفة قوى ال ماينفعش معاك.
- خوفتي عليا؟
قال بابتسامة متسعة زادت من خجلها اكثر، فاتجهت لتغير مجرى
الحديث كعادتها في هذا المواقف فخرج صوتها بارتباك:
- اا انا جيبتلك الفطار اهو، هاتقدر تفطر بيدك بقى؟ والا افطرك بنفسي
انتعش بداخله من طريقتها في التهرب من مداعبة بريئة معها، ود لو يكمل، ولكنه لم ُيرد زيادة خجلها فقال:
- لا كفايه بقى لحد كدة، بقالكم كام يوم انت والحاجة معذبكم معايا، اكل وشرب ومراعية وعلاج، دا انا وشي بقى في الأرض منكم، انتِ بس حطي الصنية على الفرشة جمبى عشان تبقى اقرب ليا، وانا بإذن هاقدر اكل من غير مساعدة.
فعلت ما طلبه منها، وأكملت وهي تقرب الصنية منه :
- طيب بقى لو لقيت صعوبة ماتتكسفش وانده على واحدة فينا، وانا بعد ماتخلص ان شاء الله هاديك علاجك، همت للذهاب ولكنه بمجرد أن استدارات عنه اوقفها قبل ان تكمل للخروج من الغرفة، هاتفًا باسمها:
- يمنى!
التفتت اليه برأسها ناظرة باستفسار فتابع قائلًا :
- ممكن قبل ماتطلعي المرة دي تجاوبيني على سؤالي؟
التفت بكليتها وارتسمت الحيرة على وجهها تساله:
- سؤال ايه بالظبط اللي عايزني أجاوبك عليه؟
مش هاتقوليلي بقى ازاى رسمتى عيونى من غير ماتشوفينى؟
وقفت أمامه مترددة وهي تريد التنصل من أجابته وهو شعر بذلك؛ فكرر السؤال مرة اخرى بترجي:
- ارجوكى يا يمنى جاوبيني وريحي قلبى!
خرج صوتها المتردد:
- ماشي هاجاوبك بس بشرط ماتضحكش عليا، ولا تفتكرني بأللف واحور عليك.
رد صالح بصدق ظهر جليا بعينيه:
- ابدًا يا يمنى مش هاضحك عليكِ، ولو قولتي اي حاجة هاصدقك!
وكأنه سحرها بصدقه، فجاوبته على الفور دون تأخير:
- في الحلم .
- في الحلم!
قال بدهشة أصابته من اجابتها، وهي اكملت:
- كنت دايمًا بشوف راجل بملامح مش واضح فيها غير عنيه بس وهي اللي اتكررت معايا بكذا حلم بنفس الوضوح، والراجل ده.. يااما تعبان، يااما في ضيقة، يااما بيطلب مني مساعدة! وفي
كل مره اصحى من النوم ونظرة العنين دى ماتفرقنيش نهائي
برقت عيناه ولمعت امامها دون ان ينطق ببنت شفاه فسألته؛
- إيه مالك ساكت كدة ليه ومسهم؟
أجابها صالح بصوت متحرشج من ثقل مايشعر به:
- عشان انا فعلًا كنت في ضيقه وتعبان، وربنا بس اللي عالم بسري، انت بقى عرفتي منين؟!
أجفلتها كلماته فطرقت برأسها تتهرب بعيناها منه كالعادة بتوتر ثم ما لبثت ان ترتد بأقدامها للخلف وهي تستأذنه للخروج :
- طب اسيبك انا بقى دلوقتِ تفطر وبعد شوية ان شاء الله هارجعلك بالعلاج، عن اذنك!
قالت ثم خرجت بسرعة من أمامه، لتتركه في حيرة من امره، وهو يعيد رأسه للخلف بشرد، ناظر ا لسقف الغرفة ويتنفس بخشونه، ليطلق اَخيرًا العنان لهذه الدمعات الحبيسة بداخل حدقتيه، لايدري سببًا لهم، او يدري فقد وجد اَخيرًا من يشعر بجرحه الغائر واَلامه التي حبس عليها داخل صدره منذ سنوات، غير قادر على البوح بها أمام مخلوق من البشر.
...................................

دلفت يمنى لداخل غرفتها سريعًا وغلقت الباب خلفها، لتجلس على طرف الفراش شاردة ماحدث معها منذ قليل، وهذه الأشياء العجيبة التي تشعر وكأنها تربطها بهذا الشخص الغريب، تنفست بعمق وهي تحرك رأسها كي تنفض عنها هذه الأفكار الغريبة وتحول مشاعرها اتجاهه من كره الى أشياء اخرى لا تجد لها تفسير، هي لابد انها شعرت بالتعاطف نحوه، ولكن حتى هذا التعاطف لا يجوز مع رجل مثله؛ ليس لديها معرفة بكم الجرائم التي ارتكبها، ولكن لما تشعر باالألفة بوجوده وكأنها تعرفه منذ زمن طويل؟!!
مسحت بكف يدها على جانب وجهها بتعب وهي تخبر نفسها كي تفيق :
- اصحي يا يمنى وفوقي كدة، بلاش الإحلام العبيطة دى بتاعتك، ولا انتي باين قراية الرويات اثرت على مخك ونستك الواقع اللي احنا عايشينه، اصحي يايمنى وفوقي .
ظلت ترددها حتى أجفلت على طرق باب الغرفة، ووالدتها تستأذن كي تدلف لداخل الغرفة اليها.
..........................
بعد قليل كانت نجية جالسة بجانب يمنى على طرف الفراش بصمت وملامح وجهها تعبر بوضوح ان بداخلها كلام، رمقتها يمنى بريبه تسألها:
- عايزه ايه ياامى.. في حاجة صح!. قولي ماتتكسفيش قولي .
نظرت اليها نجية بتفحص وهى ترجع بأناملها بعض الخصلات
المتمردة من شعر يمنى لخلف اذنها، والأخرى تنظر اليهل بترقب في انتظار ماستخبرها به، ثم ما لبثت ان تتحدث كي تخرج ما بجعبتها :
- عندي ليكي خبر حلو وان شاء الله توافقي عليه عشان نعجل على طول ومانستناش اكتر من كدة
- ماتستانيش ايه؟ وخبر ايه بالظبط اللي انتِ عايزاني اوافق عليه.
سألت يمنى بريبة فردت نجية وعيناها تراقب رد فعل ابنتها
- سعد ابن خالك عايز يرجعلك تاني يايمنى، امه اتصلت وطلبت نحدد موعد الفرح.
- اااه قولي كدة، تصدقي ياما انا قلبى اتقبض من قبل ماتتكلمي وحسيت على طول كدة ان هاتبلغيني بخبر عفش.
شهقت نجية مجفلة من رد يمنى الصادم :
- قلبك اتقبض ليه يااختي؟ هو انا جيبتلك سيرة قباض الارواح ؟دا ابن خالك خطيبك يعني مش عفريت وهاياكلك.
هتفت يمنى ترد بغضب:
- مش خطيبي ياما، دا كان مجرد ربط حديت وانا فضيته وخلصنا، يعني لا عاد خطيبي ولا اعرفه.
- لا يااختي تعرفيه وهايرجع خطيبك من تاني .
- لا ياما مش هارجع خطيبي من تاني، عشان انا مش موافقة وماصدقت اني خلصت منه، ايه رأيك بقى؟
قالت يمنى بتحدى ممأ اثار غضب والدتها التي ردت:
- يعني ايه يايمنى؟ يعني لو انا اصريت انك ترجعيلوا هاتكسري كلمتي؟
- ايه يااما بقولك مابطيقهوش، يعني ماصدقت ان خطوبتي تتفسخ منه، عايزاني ارجع بقى للهم من تاني؟ يساتر يارب دا كان دمه يلطش .
صاحت بها يمنى مما جعل نجية تكاد ان تفقد صوابها من تعنت ابنتها فاضطرت أن تحاول مرة اخرى بمحايلة:
- يابنتى متخليش الشيطان يسوقك! وادى فرصه لابن خالك، دا مهما كان برضوا من دمك واللي نعرفه احسن من اللي منعرفوش.
يمنى بأصرار اكبر:
ُ- لا ياما بقى، مع البني اَدم ده يبقى الغريب احسن، ياستي انا ايه اللي يجبرني اتجوزا من الأساس وانا مش طايقاه؟ اعوذ بالله .
قالت يمنى متأففة فكان رد نجية المبهم.
-بقى فيه اللي يجبرك يايمنى، عشان بس تفوقي من اولها كدة وتصحي لنفسك.
ضيقت عيناها تسالها بتفسير:
- ايه بقى اللي هايجبرني عشان اتجوزا ويخليني افوق لنفسي ياما؟.
اقتربت برأسها منها أكثر نجية تجيبها وعيناها على خاصتيها :
- اللي يجبرك ياعين امك ، هو ان اختك الصغيرة العرسان بقت رايحة جاية عليها يطلبوها للجواز، وان احنا رفضنا النهاردة حد منهم؛ بكرة بقى ماينفعش نرفض عشان مانوفقش حالها .
تكلمت يمنى بحدة:
- وافرضي ياما العرسان بقت تيجي تطلب اختي، انا مالي بقى؛ ما انتوا لو عايزين تجوزوها، انا مش هارفض بل بالعكس، انا عمري ما اكره الخير لاختي، لو اتقدملها عريس زين ويستاهلها.
هتفت بها نجية بغضب :
- انتِ هاتجنيني يابت، عايزانا نجوز اختك الصغيرة قبلك عشان حالك يوقف وتقعدي بعدها سنين على ما يجيلك نصيبك، بعد ماتكوني كبرتي .
- امال عايزاني اعمل ايه بس ياما؟
هدرت بها وهي تنهض مستقيمة عن التخت وتايعت:
- ماهو جواز من سعد ابن اخوكي مش هاايحصل ياامي، وان كان على ندى اختي انا برضوا بكرر قدامك اهو لو جوزتيها من بكرة انا مش هاعترض ولا هازغل، عشان بس مايبقاش انا حجتكم في الرفض.
نهضت خلفها نجية وهي وتردف من تحت اسنانها:
- يعني انتِ بتعانديني يابت سالم ومش هامك كلامي، ماشي يامحروسة، اما نشوف بقى كلام مين اللي هايمشي؟
لكزتها على ذراعها تزحزحها عن طريقها كي تخرج وتغادر الغرفة، فتركت يمني تدلك بيدها على ذراعها متالمة من لكزة والدتها وقد ساورها القلق من حدة والدتها وإصرارها على الزواج من سعد ابن خالها.
.......... ..............
وفي الغرفة المجاورة الخاصة بالفتاتين، كانت ندى تتمايل بميوعة امام شقيقتها الصغيرة سمر التى كانت مكتفة ذراعيها وتنظر اليها بامتعاض :
- عشان بس ماتبقيش تتريقي ولا تعيبي عليا، اديني جيبت العريس على ملا وشه ورايا، من مجرد بس ما شافاني في عريية الأجرة والراجل وقع على بوزو .
أردفت بها ندى بابتسامة متبخترة، قلبت سمر عيناها قبل أن ترد عليها بابتسامة مستخفة :
- ايوة ايوة، ما انا عرفت؛ جمالك الطاغي هو اللي خلى الراجل يجي وراكي زاحف مش لبسك الضيق والمكياج اللي محمر خدودك وشفافيك عشان يبانوا واكنهم طبيعي قدام الشباب الغلابة اللي مايفهموش حاجة في خبث البنات.
عضت ندى على شفتيها غيظًا وقد ازعجتها كلمات شقيقتها:
- على فكرة بقى، انتِ بتقولي كدة عشان غيرانة مني، عشان انا أحلى منك ومن يمنى كمان
- ياشيخة!! والنبي صح مصدقة نفسك؟ بقى انتِ احلى من يمنى كمان؟
اردفت بها سمر وهي تشير نحوها بسبابتها، جعلت الغيظ يتمكن من ندى التي تخصرت قائلة:
- يانعم بقى ياست سمر، هو انتِ طالبة معاكي تتمهزقي عليا ولا تفتني مابيني وبين يمنى؟
- لا ياحبيبتي انا لا بتمهزق ولا بفتن بينك وبين يمنى، انا بس عايزاكي تعرفي ان اسلوبك في البس والمكياج اللي انتِ فرحانة بيه ده، يمكن صح بيجيب العرسان، بس ياحبيبتي كل البنات بتتجوز لكن بقى الرك على اللي يقدر يسعدك ويصونك، مش يفرح بحلاوتك يومين وبعدها تشوفي وشه التاني.
- بركاتك ياشيخة سمر، خلي نصايحك لنفسك
قالت ندى بسخرية وهي تتحرك نحو الخزانة كي تبدل ملابسها، نظرت في أثرها سمر تهز رأسها غير راضية عن التغير الذي طرأ لشقيقتها منذ أن التحقت للمدرسة الفنية، وازداد أكثر حينما بعد ان وصلت للسنة الدراسية الأخيرة وقد فتنتها بهرجة المدينة واسلوب الفتيات زميلاتها في الإيقاع بالشباب دون أدنى اهتمام بالدراسة ولامستقبلهم في التعليم، تحمد الله ان شقيقتها مازالت محتفظة ببعض حيائها، رغم كل هذه البهرجة الواضحة في مظهرها الخارجي وادعائها الحرية .

......يتبع

فصل طويل بصالحكم بيه اهو عشان انشغلت امبارح عن التنزيل، ياريت تفاعل بقى يستحق

Continue Reading

You'll Also Like

2.9M 144K 39
وَدُون أن أَدرِي ، كُنْت أَهوَى بِـ كلمَتي لِنَفس اَلموْضِع اَلذِي هوى إِلَيه إِبْليس حِين رأى أَنَّـه خَيْر مِن آدم . لا احـلل اخذ الروايـه ونشرهـا...
36.1M 2.1M 57
غرفة مظلمة صراخ لا يعلم سببه ما بعد سكون الجميع يظهر وجعه هي فقط تستطيع ان تسمعه وتتسأل من هذا ومن ذا الذي يعذبه يتناثر فضولها للمعرفه تخطئ بالسير نح...
1.2M 58.7K 68
سنكتشف الحقيقة معآ...🤝
238K 12.3K 43
دخلت للغرفه مسحت على وجهي تقربت منها كنبصت گدامها, اردفت :- هم زين گعدت الاميره شلون حاسه روحج؟ .رفعت عيوني من حظني نضرتلو بكل كره تهجمت علينو مسك...