مأساة روز ✓

By ArwaSoliman4

57.4K 3.9K 817

لا نختار حياتنا بأيدينا ولا نختار قدرنا.. بل نُولد لنرى أنفسنا في مكانٍ لا نتخيله، لا نريده، نتمنى لو نختفي... More

اقتباس
مُقدمـة
1 - تمّ الإمساك به!
2 - الجارة الجديدة
3 - مسألةٍ مُعقدة
4 - يعيش اللحظة
5 - مسافة الطريق
6 - لماذا قتلت!
7 - أمام وجهها
8 - تمّ الاعتداء!
9 - انفجار مدويّ
10 - رمىٰ القنبلة في وجهها
11 - ثمن الحساب
12 - تمّ خطفها
13 - خبرٌ صادم وعاجل
14 - فاقدًا للوعي
15 - ليست الحياة وردية
16 - من دمه!
17 - من جاء؟
18 - ما الخطوة القادمة!
19 - تزداد النيران
20 - هل ستكون النهاية؟
21 - من أنتِ؟
22 - الحياة ليست عادلة
23 - اتشاهدي على روحك
24 - بوليس الآداب
25 - سيُقتل!
26 - تتمنى الموت!
27 - آكلة لكلّ شيء
28 - على أي نحوٍ!
29 - بصدرٍ رحب
30 - صرخة فزِعة باسمه
31 - أريد خَبرُها
33 - صورة بِـ عيون من تُحبين
34 - وَقعت بَين يَديه
35 - الأخير
الخاتمة
هـام "روايتي الجديدة"
حَلقة خاصّة

32 - ثمانية وأربعونَ ساعةٍ

1.2K 94 13
By ArwaSoliman4

.

متنسوش الڤوت
وأتمنى لكم قراءة ممتعة ♡

32 - ثمانية وأربعونَ ساعةٍ

♡♡

هـا نحن نعبر نحو النهاية، فكيف ستكون؟

♡♡

"أنا عايز خَبر رزان يا طارق في أسرع وقت، اقتلها يا طارق وليك الحلاوة"

قالها أنيس بغلّ وحقدٍ بالغ، يريد أن يتناولها في الغداء قبل أن يكون هو وجبةِ العشاء لديها، ليأتيه قول طارق بهدوءٍ:
"عنيـا يا باشا، يومين كدا وهتلاقي جثتها"

"في أسرع وقت!"

كررها أنيس ثم أنهى المكالمة يرمي الهاتف جانبًا، جلس على المقعد تزدرد لُعابه برعبٍ منها، فهي ليست تلك الفتاة الضعيفة بل أصبحت أسدًا مفترسًا في ناظره سيأتي ويلتهمه في وجبة، مثلما كان يلتهمها في كل الوجبات، وضع وجهه بين كفيه في حيرةٍ من أمره، هل يهرب من مِصر! ولكن لا يضمن أن تكون المطارات غير مُراقبة، فسيتم حبسه! فهو قاتل، هل يُكلم ابنه لينجده!، لن ينجده هو يعلم ذلك حقًّا.

♡♡♡♡♡

في منزل عائلة إيناس.

كانت تتحدث في الهاتف ناظرَةً للمرآة وبيدها شيء ما هاتفةً:
"هعملك مفاجأة بس يارب تعجبك!"

ابتسم أدهم باتساعٍ يهتف عبر الهاتف:
"طالما منك يبقى هتعجبني، أجي أخدك من عندك؟"

"لأ، أنا هاجي للمطعم عشان المفاجاة متبوظش"

قالتها بابتسامةٍ رغم خجلها، ليبتسم هو مرددًا:
"ماشي يا ستي!"

أنهوا المكالمة لتنظر إيناس لذاتها في المرآة، ثم ارتدت الحِجاب فوق ثيابها، ولفته حول رقبتها كتلك اللفات السريعة، فقد ارتدت بنطالًا فضفاضًا بعض الشيء "بوي فريند" باللون الثلجيّ، وفوقه سترة شتوية باللون الورديّ الفاتح فهي تحب تلك الألوان الفاتحة، وارتدت حجابًا باللون الأبيض وحذاء أبيض، نظرت لذاتها برضا تامّ وسعادةٍ بالغة، فهي منذ زمنٍ وهي تريد أن ترتدي الحجاب ولكن لم تجد من يشجعها، وعند تواجد أدهم شعرت أنه سيدعمها في ذلك الشيء، خرجت بعدما أخذت حقيبتها الصغيرة، لتطالعها والدتها بصدمةٍ وسعادةٍ ناطقةً:
"بجد؟"

هزّت إيناس رأسها عدة مراتٍ بسعادةٍ لم تستطع إخفاءها، لتقترب منها والدتها وقامت بمعانقتها بقوةٍ وهي تبارك لها وتدعوا لها بالثبات، ابتعدت عن والدتها تقول:
"أنا نازلة عشان أروح لأدهم لو أنس جه بدري متقوليلهوش عايزة أفاجئه!"

ابتسمت هالة ونطقت بعذوبةٍ وحنانٍ:
"ربنا يثبتك يا حبيبة قلبي، أدهم اللي قالك؟"

سألتها هالة في نهاية جملتها، لتهز إيناس رأسها بنفيٍ وهتفت:
"أنا كان جوايا نفسي أوي فجت كدا، هعملها لأدهم مفاجأة! يلا باي عشان أوبر جه"

قالت إيناس الأخيرة وقبلت وجنتها ثم رحلت سريعًا، لتظل هالة تدعوا لها بالثبات وراحة البال.

وصلت إيناس للمطعم ودخلت تبحث بعيناها عنه رغم توترها، إلا أنها ما أن رأته تشجعت وذهبت نحوه وهتفت:
"مساء الخير!"

رفع أدهم عيناه من على الهاتف، لتتسع أعينه بعدم تصديقٍ وانبهارٍ في ذاتِ الوقت لينهض هاتفًا:
"أوه!! ده بجد؟"

حركت رأسها عدة مرات إيجابًا، ليضع يده على فمه بانبهارٍ وسعادةٍ بالغة ثم اقترب منها وعانقها هاتفًا:
"مُبـارك يا حبيب عيوني، ربنا يثبتك يارب!"

ابتعد عنها وجلسوا لتجلس بخجلٍ فهتفت بابتسامةٍ:
"حلوة المفاجأة؟"

شدد على خصلاته بقوةٍ صائحًا:
"حلوة بس!! قلبي هيقف من الفرحة! شكلك عسلية بالقشطة والله يا أناناسة!"

ضحكت بخفوتٍ وخجلٍ ليهتف هو بابتسامةٍ:
"تاكلي إيه بقى؟ وبمناسبة المفاجأة الحلوة دي هفسحك برضه!"

رفعت يدها تعدل وضعية حجابها بتوترٍ وخجلٍ وهي تومئ، لينادي النادل لكي يطلب الطعام.

♡♡♡♡♡

في مكانٍ صحراويّ.

توقفت رزان بالسيارة في مكانٍ ما، ليطالعها غيْث بعدما نظر للمكان هاتفًا:
"قوليلي بس، طمعانة في كِليتي اللي فضلالي؟"

كبحت بسمةٍ مُسلية هاتفةً بعبثٍ:
"انزل بس!"

نزلوا من السيارة لينظر غيْث للألواح المتواجدة فتيقن من ما ستفعله، وقد صدق حدسه عندما سمع لتعمير السلاح ثم أشهرته على لوحةٍ، تضغط على الزناد لتدخل في منتصف اللوحة، فنظرت بعدها له وناولته السلاح بابتسامةٍ عابثة:
"جرب!"

التقط منها السلاح بحماسٍ جليّ وأشهره على اللوحة لتقول رزان بعدما وضعت يدها في چيبها:
"لازم إيدك تثبت خالص، عينك على الهدف وهو منتصف اللوحة… تركز كويس جدًّا ثم تضرب!"

أطلق رصاصةٍ فذهبت في مكانٍ آخر بعيدًا عن اللوحة، لتردف رزان بهدوءٍ:
"عادي، دي أول رصاصة تضربها في حياتك فأكيد ستُخطئ"

أشهر السلاح مرة أخرى عازمًا، لتخرج رزان يدها من چيبها واقتربت منه فحركت يده قليلًا وثبتتها قائلةً بهدوءٍ ولم ترفع عيناها وهي تضبط له ذراعه بطريقةٍ صحيحة:
"عينك على اللوحة يا غيْث!"

ضحك غيْث بشدةٍ وهتف بعبثٍ:
"يعني ينفع نسيب الحلاوة ونبص للوحة؟"

رفعت عينيها له وهتفت بثباتٍ:
"على اللوحة ومتحركش إيدك"

نظر للوحة وكذلك هي بجانبه تضبط يده بدقةٍ وعينيها على اللوحةِ هي الأخرى هاتفةً:
"عينك تركز كويس، كأن مثلًا حد أنت متضايق منه ونفسك تقتله تخيله هو نص اللوحة و.. اضرب"

أطلق الرصاصة لتأتي في منتصف اللوحةِ بسبب مساعدة رزان فابتعدت هي عنه ونطقت:
"عـاش!"

"هجرب لوحدي بقى!"

أشارت له بـ هيّا وقامت بوضع يدها في چيبها لتراقبه، حاول مرة أخرى وجاءت في اللوحة ولكن بعيدًا، أخبرته أن يعيد فأعاد خمس مراتٍ حتى جاءت السادسة في منتصف اللوحة، ليقفز بسعادةٍ صائحًا فأخرجت يدها تصفق له بخفةٍ بسبب ألم ذراعها الأيسر بابتسامة فخرٍ:
"عـاش!"

أنزل السلاح وناوله لها قائلًا بابتسامةٍ:
"كانت تجربة ولا أروع!"

أخذت منه السلاح وقامت بوضعه في چيبها الخلفيّ هاتفةً بابتسامةٍ:
"مبنساش أي وعد وعدته يا غيْث!"

ابتسم لها وأخذ نفسًا عميقًا ثم زفره قائلًا باقتراحٍ:
"تاكلي شاورما؟"

أومأت إيجابًا ثم ترجلوا إلى السيارة وانطلق غيْث تلك المرة ورزان بچانبه، لتسأله بهدوءٍ:
"بتعرف تسوق موتوسيكلات؟"

ردّ بمزاحٍ:
"هتشتريلي واحد في عيد ميلادي ولا إيه؟ على العموم يا ستي آه… قبل ما أشتري العربية كنت بسوق موتوسيكل لحد ما بعتها وكملت واشتريت عربية!"

أومأت بابتسامةٍ ثم عاودت النظر نحو الطريق بشرودٍ، ليبدأ هو في الدندنة كعادته بمقطعٍ يُعجبه:
"ساموراي رحّال
وقالولي محال
دي الدنيا في حال
وحبيبتي في حال

عندها جناحات… أمسكها تطير
غاوية الترحال… وأنا نفسي طويل
جمالها رهيب… ولما تغيب…
تسونامي رعد وبرق وجو بيبقى غريب
بس أنا مش خايف أنا ساموراي
بدل السيف أنا بعزف ناي
راكب أوبر… من طوكيو وجاي
ترفضني إزاي! وأنا الساموراي"

أكمل دندنةٍ ناظرًا للطريق بتركيزٍ لكي لا يشرد هاتفًا:
"وهفضل ألف ألف ألف
وراكِ هلف هلف هلف
والدنيا تاخدني تلف تلف
لحد ما أشيب أو عقلي يخف

وهفضل ألف ألف ألف
وراكِ هلف هلف هلف
ومهما الدنيا تاخدني هلف
أنا مجنون مش عايز أخف"

"طب يا مجنون بعد إذنك وطي صوتك عشان عايزة أرد على الموبايل!"

قالتها رزان بنبرةٍ هادئة مع ابتسامةٍ صغيرة سَمجة، فلم يردّ عليها بل أكمل دندنته باستفزازٍ قصده ناظرًا للطريق، فزفرت بقوةٍ وهي ترفع الهاتف على أذنها تجيب:
"ألو أيوة!!"

جاءها الردّ لتهتف بابتسامةٍ صغيرة لم تكن عاديةٍ:
"تمام تمام!"

أنهت المكالمة تضع الهاتف جانبًا ثم ابتسمت بخفةٍ، ليهتف هو بتساؤلٍ:
"حصل إيه؟"

طالعته بحنقٍ ونطقت بجمودٍ:
"أحفظلك أغنية دلوقتي أغنيهالك ومردش عليك عشان تعرف إيه هو الاستفزاز؟"

ضحك بشدةٍ ثم رفع يده يقرص وجنتها بمشاغبةٍ هاتفًا:
"قلبك أبيض بقى يا بومة!"

نزعت يده بحنقٍ بالغ فهي تكره تلك الحركات، ليهمهم من جديد:
"بومة بومة!"

رفعت حاجبيها ليغمز لها بعبثٍ كعادته:
"بس بومة عسل"

ابتسمت رغمًا عنها فهي تحب ألقابه الذي ينعتها بها، ليُكمل بذاتِ العبث:
"غمازتك حلوة!"

ابتسمت باتساعٍ ناظرة للطريق، ثم هتفت بهدوءٍ خبيث غامض بشدة:
"هيبقى فطار مش عشا"

لم يفهم جملتها لتكمل هي:
"هتفهم بعدين!"

♡♡♡♡♡

في أحد الملاهي الخاصة بألعابِ الأطفال وأحيانًا الكِبار.

انتهت من تلك اللُعبة المرتفعة ومعها كريم الذي طالعها بحنقٍ بالغ، أما هي كانت تضحك بصخبٍ رغم أنها تتنفس بصعوبةٍ بسبب كثرة لُعبها، ليهتف بحنقٍ بالغ:
"ناكل بقى، لعبتي وانبسطتي ناكل بقى عشان مش طايق نفسي"

داعبت خصلاته بمرحٍ ومزاحٍ تنطق بمشاغبة:
"خُلقك ضيّق ليه يا كيمو؟ أنت منبسطتش ولا إيه!!"

همهم بحنقٍ يسير لتسير خلفه وهي ما زالت تضحك عليه، وصلوا لأحدِ السيارات التي تبيع تلك الشطائر الكِبدة والسجق، فهي متواجدة بجانب مدينة الملاهي ليهتف كريم صائحًا:
"اتنين كبدة واتنين سجق مدخن واتنين لحمة يا عمنا"

"صاروخ يا باشا!"

قالها البائع بصوتٍ عالٍ ليسمعه كريم، فهتفت ضحى بعدم تصديق:
"مكنتش أتوقع الصراحة أنك تبقى عارف عربيات الكبدة وأكل الشوارع"

"بحب الأكل وبحبه باستمتاع، في مهمات كتير جربت أنواع كتير فمش عشان ساكن في التجمع أبقى مش عارف كل ده!"

قالها كريم، لتضحك ضحى مردفةً:
"لا أنا من أول ما عرفتك كنت فكراك من حواري شبرا بالألفاظ بتاعتك دي"

همهم بغيظٍ وضجرٍ هاتفًا:
"هيبقى أنتِ ويونس عليا ولا إيه؟"

ضحكت ضحى وقد انتهى الطعام ليجلسوا على طاولة متواجدة بجانب السيارة وبدأوا بتناوله باستمتاعٍ وتلذذٍ، فهتف كريم باستمتاعٍ:
"ده أنا هاجي كل فترة آكل من عم صبحي ده!"

وافقته وهي تمضغ الطعامِ قائلةً:
"أكله جامد فعلًا!"

ابتسم وأكملوا تناول الطعام في جو مرِح لم يخلوا من استفزاز كريم وحنق ضحى والعكس.

♡♡♡♡♡

في يومٍ جديد.
في المستشفى.

انتهى نبيل من ارتداء ملابسه لكي يذهب لمنزله، فلقد كُتب له على خروج من المستشفى ولكن يجب عليه أن يظلّ محافظًا على صِحته ويعتني بها، خرج من الغرفة ليقوم إياد بإسناده للأسفل حيث سيارة رزان المتواجدة، صعد نبيل في المقعد الخلفيّ وصعد إياد في المجاور لرزان التي كانت تتحدث في الهاتف بجديةٍ، ثم أنهت المكالمة ونظرت للمرآة نحو والدها بابتسامةٍ:
"حمدلله على السلامة يا سيادة اللوا!"

ربت على كتفها بحنانٍ قائلًا:
"الله يسلمك يا حبيبتي"

انطلقت رزان بالسيارة ناظرةً للطريق الصمت سائدًا، حتى قطعه ارتفاع رنين هاتف إياد الذي وضعه على أذنه مجيبًا:
"أيوة يا ماجد!"

أخبره ماجد بالقضية الجديدة التي سيبدأ بها، ليقول إياد بهدوءٍ:
"تمام، اظبط كل حاجة وشوف الخِصم مين وكلمني وأنا جاي بكرة"

أنهى المكالمة ناظرًا للطريق، حتى وصلوا للمنزل وأوقفت رزان سيارتها ودخلوا نحو الداخل، كان نظيفًا بسبب سناء، فلقد أخبرت رزان سناء أن تنظفه تمامًا من كل شيءٍ حتى غرفة نبيل تنظفها من جميع أغراض زُهرة ليعود المنزل نظيفًا بشدةٍ، فهتفت رزان بابتسامةٍ:
"نورت بيتك يا سيادة اللواء!"

جلس نبيل على الأريكةِ ليرتاح وجلس إياد أيضًا بجانبه، لتقول رزان وهي ما زالت واقفةً مردفةً:
"الأكل هيوصل كمان ساعة، أنا مضطرة أمشي وهبقى آجي تاني!"

سألها إياد بتعجبٍ:
"راحة فين؟"

"ما تقعدي تتغدي معانا!"

قالها نبيل، لتهز رزان رأسها نافيةً وهتفت بهدوءٍ:
"عندي شغل، وغيْث مستنيني فلازم أمشي!"

رحلت بالفعلِ تاركة إياهم، لينظر نبيل نحو إياد هاتفًا بتساؤلٍ:
"هي رزان عملت حاجة في أمك يا إياد؟؟ شايفها مجتش لا المستشفى ولا موجودة هنا!"

زفر إياد بقوةٍ من تلك السيرة، ليهتف بغيظٍ:
"آه يا بابا عملت، وخير ما عملت أحسن ما أنا اللي كنت أعمل"

وسرد له ما فعلته رزان في زُهرة وتهديدها الصريح لها لذلك لم تظهر خوفًا ورعبًا من رزان، لِيتنهد نبيل بقوةٍ هاتفًا بخفوتٍ:
"يلّا الحمدلله!"

ربت على فخذه بلطفٍ ثم نهض قائلًا:
"هريح شوية عقبال ما الأكل يجي عشان تعبان!"

ابتسم له إياد ابتسامةٍ صغيرة ثم نهض هو الآخر ليكلم ماجد ويرى قضيته الجديدة.

♡♡♡♡♡

في مطعمِ غيْث.

قد وصلت رزان ودخلت تجلس على طاولتها التي تعتاد الجلوس عليها، بجانب النافذة المُطلة على الشارع، تراقب السيارات التي تسير، الناس والأشجار المتواجدة، محلّ الزهور المتواجد مقابلًا للمطعم، الحياة اقتربت من كونها رائعة، ولكن لا تعلم هل ستحيا من جديد أم ستقابل مصيرها بعد هذا، زفرت بقوةٍ وهي تتلاعب بالمنديل أمامها شاردةً، تتمنى من داخلها أن تعود، تريد العودة لأجله، لن يُفيد إنكارها لن تهرب من شيء، ليست بذلك الضعف، أضحت تُحبه وتريد العيش لأجله، كانت تتمنى الموت بعد نهاية كل ذلك ولكن جعلها راغبة في الحياة، راغبة في بدأ سطورٍ جديدة معه، بداية قصةٍ ولكن لا تعلم هل سيحدث ذلك أم لا، استفاقت من شرودها فزعةٍ قليلًا بسبب شرودها على صوت غيْث الذي ضحك فور جلوسه هاتفًا بعبثٍ:
"أكيد سرحانة فيا!"

تنهدت بعمقٍ ناظرةً للنافذة من جديد ناطقةً:
"جايز ليه لأ!"

وضع مرفقيه يستند بوجنته عليهم مردفًا بعبثٍ:
"يعني ده تصريح من الحظابط أنها كانت بتفكر فيا.. وفي حلاوتي"

أنهاها غامزًا لها، لتبتسم تلقائيًّا بخفوتٍ ثم هتفت بنبرةٍ هادئة:
"لا مش تصريح، أنا قولت جايز في حاجات كتيرة شاغلة بالي برضه!"

أنزل يده مائلًا قليلًا ناطقًا بلطفٍ وحُبٍ:
"وإيه اللي شاغل بالك بقى!! فاضل خُطوة واحدة وينتهي كل الكابوس وأنا معاكِ ومكمل يا روز"

تنهدت بثقلٍ ثم نطقت بابتسامةٍ تُلطف الأجواء وتغير الموضوع:
"الأكل فين بقى ولا مش ناوي تغديني!"

نهض من المقعد هاتفًا:
"اهربي اهربي بس مش عليا، والأكل خمس دقايق ويجهز لعيونك الحلوين!" 

أنهاها بعبثٍ، لتبتسم مُديرة وجهها ليهتف بعبثٍ:
"شوفتها برضه"

"هي إيه دي؟"

"غمازتك!"

ابتسمت باتساعٍ مرة أخرى تشعر باضطرابِ قلبها وتسارع دقاته، أما هو تركها وتوجه نحو الداخل ليرى هل الطعام انتهى أم لا!

♡♡♡♡♡

انتهى اليوم وجاء يومٍ جديد، يومٌ مليء بالحيويةِ والشغف.

في مكتب إياد.

ابتسم بخبثٍ شديد ناظرًا لورقِ القضيةِ مستمعًا لماجد الذي يخبره عن الخِصم الذي سيكون أمامه، مردفًا:
"وبس يا سيدي المحامية اللي بلغت عنك أنك بتتاجر في الكوكايين هي اللي قصادك في المحكمة بكرة!"

نطق إياد بعدما وضع الأوراقِ قائلًا بخبثٍ شديد:
"هات قهوة يا ماجد عشان أعرف افوق للقضية دي عشان الخِصم حبيب قلبي من جوة!! عارف يعني إيه من جوة يا ميجو؟"

ضحك ماجد ونهض هاتفًا:
"يعني البت دي هتروح معيطة بكرة"

"بالظبط يلا طير!"

قالها إياد ليرحل ماجد فيما ابتسم إياد بخبثٍ ناظرًا للملف:
"تعاليلي يا بطة!"

♡♡♡♡♡

وصلت رزان للمنزل وصعدت عبر المصعد ثم توجهت نحو الباب وطرقت، فهي شقةِ حماتها وليس شقتها.. ثوانٍ وفُتح لها الباب لتظهر چُمانة التي قالت:
"رزان يا هلا.. تعالي ادخلي!"

ابتسمت رزان بلطفٍ ناطقةً:
"تسلمي، بس أنا عايزة غيْث بسرعة!"

أومأت لها هاتفةً:
"حاضر هناديه!"

اختفت في الداخل ليظهر فيما بعد غيْث الذي طالعها بتعجبٍ:
"في إيه يا رزان مدخلتيش ليه!"

أخرجته وأغلقت الباب ليطالعها بريبةٍ فيما هي نظرت له من جديد ورفعت يدها لخصلاتها بتوترٍ قد استشفه هاتفةً:
"أنا عايزة أقولك حاجة!"

نطق بتعجبٍ من توترها نابسًا:
"حصل حاجة ولا إيه؟ أنتِ كويسة!"

أرجعت خصلاتها للخلفِ تحمحم بحرجٍ فهي ليست شخصًا من ذلك النوع، ثم هتفت بعدها بهدوءٍ:
"أنا جبت حاجة تحت! غيّر هدومك وهستناك تحت!"

ولم تترك له مجالًا للردّ كانت تهبط بسرعةٍ على درج السُلمّ، ليطالع أثرها بريبةٍ ولكن هز كتفيه ليفعل ذلك وبالفعل توجه نحو الشقة ليبدل ثيابه ويهبط للأسفل، وهبط ليجدها مستندةً على دراجة بخارية مصفوفةٍ أمام العمارة، وما أن رأته اعتدلت ليقترب هو منها بنظراتٍ توحي عدم فهمه، فنطقت هي بعدما أخذت نفسًا عميقًا:
"أنا أجرت موتوسيكل عشان نلف بيه، حاجة كان نفسي أعملها من زمان، ينفع ولا اخده وألف أنا؟" 

أنهتها بنبرةٍ عاجلة تُعبّر حِنقها من توترها ذلك، ليبتسم هو ابتسامةٍ واسعة:
"ينفع طبعًا، ينفع الحظابط يطلب طلب وإحنا نقوله لأ!"

ابتسمت بخفوتٍ وبعدها صعد هو لتصعد خلفه فهتف بعدما أشعل المحرك قائلًا:
"واثقة فيا!!"

"وهو أنا لو مش واثقة فيك كنت خليتك تسوق، اطلع بقى"

قالتها رزان بمرحٍ، ليضحك هو ثم انطلق بسرعةٍ قياسية في بادئ الأمر ثم بدأ في الإسراعِ، لتنطق رزان بصوتٍ مرتفع بعض الشيء:
"سرع أكتر يا غيْث يإما هات أسوق أنا!"

"ولما نتقلب بقى بالموتوسيكل هترتاحي؟"

قالها بصياحٍ، لتقول هي من جديد:
"وإحنا راجعين أنا اللي هسوق، بس سرع شوية!"

ابتسم وأسرع في القيادة، لتبتسم هي تتطاير خصلاتها خلفها، ثم تركت يدها تفردها تاركة الهواء البارد يلفح بوجهها، تستشعر كل نسمةِ هواءٍ، تشعر بقلبها يكاد يقفز من بين أضلعه من فرط السعادةِ التي تشعر بها، فهي منذ زمنٍ كانت تتمنى ذلك ولأول مرة تفعل شيئًا تتمناه، فهي دفنت كل أحلامها الصغيرة وكل أمنياتها بسببهم، لأولِ مرةٍ يخرجون للنورِ، رغم أنها يتبقى لها خطوةٍ كبيرة يمكنها أن تقتلها ولكن لتُجرب شيئًا قبل أن تفعل ذلك الشيء الخطير المتبقي، وصلوا لنهرِ النيل بعد لفٍّ كثير وتوقف بالدراجة، ليهبطوا وتوجهت نحو السور وهو معها، هتف بابتسامة بعدما تنفس الصعداء:
"والله تجربة ولا أروع!"

ضحكت تنظر لمياهِ النيل ثم ابتسمت مردفةً:
"رائعة فعلًا!"

استند على سورِ الشُرفةِ قائلًا بابتسامةٍ محبّة:
"أي حاجة نفسك تعمليها، أنا معاكِ فيها!"

"طب عايزة قهوة بقى!"

ابتسم بعبثٍ قائلًا:
"وهو ده ينفع يعني!! نكون على الكورنيش ومناكلش كشري ولا ناكل حمص ولا ناكل درة، مهو جنان بجنان بقى!"

ابتسمت وهزت كتفها هاتفةً:
"تمام جدًا"

وساروا بالفعلِ نحو مطعم كُشري متواجد أمام النيل، ليجلسوا على طاولة وأردف غيْث صائحًا:
"طبقين حلوين زيك كدا يا عمو عادل!"

كبحت ضحكةٍ كادت أن تفلت منها ثم انتهت الأطباق وجاء عادل الذي ابتسم فور رؤيته لغيْث قائلًا:
"وحشني يا دكترة!! كدا الغيبة دي كلها!"

ابتسم غيْث بعذوبةٍ وصفاءٍ لذلك الرجل الذي يحمل قلبٍ طيب هاتفًا:
"وأنت كمان يا عمي والله، الشغل كتير بقى"

وجه عادل بصره نحو رزان التي كانت تتابع الأمر بهدوءٍ ليبتسم غيْث مشيرًا نحوها:
"رزان مراتي، ده عمو عادل صاحب المطعم وبحبه جدًّا"

قال جملته الأخيرة ناظرًا لرزان مشيرًا على عادل الذي ربت على كتفه بابتسامة واسعة قائلًا:
"الله يعزك ويبارك في عافيتك يا غيْث، إزيك يا مدام!"

ابتسمت رزان ابتسامةٍ صغيرة تردّ عليه:
"الحمدلله، إزاي حضرتك!"

ابتسم عادل ونطقَ بحبورٍ:
"في زحامٍ من النعم، ربنا يريح بالك يا بنتي، تعرفي أنك اتجوزتي أحن وأطيب قلب ممكن تشوفيه في حياتك"

ابتسمت رزان بسمةٍ لطيفة قائلةً:
"عارفة يا عمو ومتأكدة كمان من ده!"

ابتسم لها غيْث بحبٍّ، فيما أردف عادل بابتسامة:
"أسيبكم بقى تاكلوا وتقوليلي رأيك في الكشري بتاعنا!"

ابتسمت له دونَ إجابةٍ وقد رحل هو، ليتبقى غيْث ورزان، ليهتف هو بابتسامةٍ واسعة وهو يُقلب طبقه:
"قلبي يرقص مرفرفًا من السعادة يا روز!"

"يارب دايمًا!"

ابتسم بخفةٍ ثم أشار لها على طبقها لتتناوله، فطالعته بترددٍ ثم بدأت بفعل ما يفعل وتناولت قضمةٍ منه، تمضغه بصعوبةٍ ولكن تحاول إظهار الثبات، ليضحك هو بشدةٍ وهتف:
"لما أنتِ مش بتحبي الكشري بتقولي تمام ليه؟!!"

هتفت بحنقٍ بعدما ابتلعت ما في جوفها بصعوبةٍ ناطقةً:
"أطفي حماسك يعني ولا إيه؟"

ضحك بشدةٍ لتكمل هي بهدوءٍ:
"هو حلو بس تقيل، فمش هاكل عشان نعرف نكمل اليوم!"

"هشتريلك سندوتش شاورما!"

أومأت له موافقة وهي تمسك منديلًا لتمسح فمها، انتهى اليوم بين لطفهم ومرح غيْث وعبثه، ضحكات رزان ولو لم تكن كثيرة ولكن ضحكت من قلبها.

♡♡♡♡♡

ليمـرّ الليلِ وقد أتى الصباح وسطعت الشمس تنير المدينة وينعم الجميع بدفئها في تلك الأجواءِ الشتوية الباردة.

في قاعةِ المحكمة.

قد دخلت أروى بخطىٰ ثابتةٍ حتى وصلت لمكانها وما أن رأت إياد حتى غمزت له بخبثٍ شديد، ليبادلها الابتسامة الخبيثة مراقصًا حاجبيه باستفزازٍ، لتنظر بعدها للأمامِ وقد دخل الجميع وقد جاء القاضي والمستشارين لبدء القضية…

"محكمة"

كان الجميع واقفًا احترامًا للقاضي، ثم طرق بمطرقته بهدوءٍ ناطقًا:
"اتفضلوا اقعدوا!"

بدأت المرافعة في ثناءِ حربٍ بين إياد وأروى، حتى هتفت أروى صائحةً بنفاذِ صبرٍ:
"أقسم بالله أنت ما اتربيت"

نطقَ إياد ليأخذ نقطة لصالحه قائلًا بخبثٍ:
"ها يا سيادة القاضي، بتهزقني قدامك وقدام السادة المستشارين والحاضرين في القاعة، هل يمكن ذلك سيدي القاضي!"

أنهاها بدراميةٍ استفزتها بحقّ، ليطرق القاضي بمطرقته هاتفًا:
"سكوت يا سادة، وأنتِ يا أستاذة ياريت تتعاملي بأسلوب أحسن بدل ما أطردك"

أخذت نفسًا عميقًا تحاول الهدوءِ ثم ابتسمت من جديد ابتسامةٍ زائفة، لن تفوز اليوم ولكن لا نفوز نحن الاثنين ولِتفسد قاعة المحكمة وتتأجل القضية، وضعت يدها على رأسها تشعر بدوارٍ، أتقنت التمثيل أخرجت منديلًا تجفف عرقها هاتفةً بخفوتٍ:
"هكمل يا سيادة القاضي!"

طالعها إياد بشكّ، أما القاضي سألها:
"أنتِ كويسة يا أستاذة!"

أومأت له إيجابًا بصعوبةٍ، ثم بدأت بالحديث من جديد:
"سيـ…."

لم تكمل جملتها بسبب ارتطامِ جسدها على أرضيةِ القاعة فاقدةً للوعي وقد ارتفع صوتِ الشهقات والهمسات والهمهمات، اقترب منها إياد ونزل القرفصاء يضرب على وجنتها بخفةٍ:
"أروى، فوقي يا أروى سمعاني!"

طرق القاضي بمطرقته بقوةٍ:
"لو مفاقتش هيتم تأجيل الجلسة للأسبوعِ القادم!"

حاول إياد إفاقتها ولكن لا تستجيب ليحملها إياد بين يديه فيما أشار لماجد أن يجلب أشياءه، خرج من القاعةِ حاملًا إياها وتمّ تأجيل المرافعة للأسبوعِ القادم بسبب ذلك الحدث، وضعها إياد على مقعدٍ في الخارج وأردف لماجد:
"هات إزازة ماية يا ماجد!"

ناوله زجاجةِ مياهٍ كانت في يده، ليقوم إياد بفتحها وسكبها بأكملها فوقها، لتشهق بفزعٍ وقد اعتدلت تضع يدها على وجهها بسبب دخول المياه في أنفها واستنشاقها بطريقة خاطئة، مسحت وجهها ثم رفعته ناظرة لهم:
"اتأجلت، حلو أوي يلا يا زياد من هنا!"

ونهضت لكي تركض سريعًا ولكن يد إياد كانت أسرع في إمساكها من ثيابها وسحبها من جديد لتكون أمامه، لتبتسم ببلاهةٍ فيما هو هدر بغضبٍ:
"حلو اللي هببتيه جوة ده!! ننادي دلوقتي القاضي ونشوف اللي مغمى عليها عشان المحكمة تتأجل!"

سحبت يده ونطقت بغضبٍ:
"وأنت مالك باللي أعمله! فاكر يعني لما تروح تنادي القاضي هخاف أنا كدا يعني ولا إيه!! ما تغور!"

سحبها من سترتها من جديد يضغط عليها هادرًا بغضبٍ:
"بت أنتِ!!! قولتلك قبل كدا إنك شبر ونص يتفعص تحت رجلي، فاتلمي بدل ما ألمك!! ولا تكوني فاكرة أن لو المحكمة اتأجلت أنتِ اللي هتفوزي!"

نزعت يده من ثيابها وابتسمت باستفزازٍ:
"لما نشوف!"

ثم رحلت من أمامه ومعها مساعدها الشخصي، ليقبض إياد على قبضته بغضبٍ شديد وتوعد لها أكثر ولكن صبرًا أيتها الكلب الأجرب.

♡♡♡♡♡

كان يجلس في غرفته ينتظر مكالمة طارق بأنه انتهى منها، نهض لكي يرحل وفتح الباب ليجدها في وجهه مما جعله يهرع للخلف صارخًا بفزعٍ من تواجدها، لتبتسم هي بعدما دخلت وأغلقت الباب خلفها توصظه هاتفةً:
"مالك بس يا أنيس!"

التفتت له تقول بابتسامةٍ صغيرة:
"اوعى تكون اتخضيت لحسن أزعل!"

سارت بخطى بطيئة نحوه مردفةً:
"فاكر يا أنيس ولا حابب أني أفكرك! شكلك عايزني أفكرك"

أنهت جملتها وهي تلكمه بقوةٍ ليترنح للخلف، ولم تصمت بل لكمته لكمة أخرىٰ، ليتراجع للخلف بعدم اتزانٍ على الكومود، لتسير رزان في الغرفة بحريةٍ هاتفةً:
"تحرش، ضرب، جلد، إهانة، محاولات اعتداء… وحاجات تانية كتير، أنت عارف بسبب كل ده، أنا مبنامش، كوابيس بقى طول الليل، آه ما أنت لازم تعرف اللي فيها قبل ما تقابل ربك!"

ازدردَ لعابُه بصعوبةٍ فيما اشتّم رائحةٍ لم تعجبه، تلك رائحة دخانِ حريقٍ وقد وصل للغرفة ليتيقن أنها قامت بحرقها قبل دخولها لهنا، إذًا يا قاتل يا مقتول، توجه نحو الباب وقام بفتحه ليجد النيران التهمت كل شيءٍ، ليضحك بشدةٍ هاتفًا:
"غبية!"

اقترب يحاول ضربها ولكن صدت الضربة بقوةٍ واحتد الشجار بينهم، فيما التهمت النيران كل شيءٍ ووصلت إلى الغرفة، وكأنها التهام النيران في عشبٍ به مادة مُشعلة، أما أمام المنزل كان ينفي غيْث برأسه وكاد أن يركض نحو الباب الداخلي ولكن أمسكه يونس وأدهم بقوةٍ، يرون النيران بدأت بالتهامِ المنزل بأكمله لم تترك شيئًا، صرخ غيْث بقوةٍ ينفي ذلك وقد نزلت دموعه، لن يسامحها على ذلك فلم يكن يعلم بتلك الخطوة التي يمكنها أن تؤدي بحياتها للأبد:
"أنتوا أغبيا، ابعدوا عني رزان جوة!!"

لم يتركوه وقد نزلت دموعه يرى النيران أشعلت المكان بأكمله، وقد ارتعب الآخرين ونزلت دموعهم خوفًا بشدةٍ من أن تكون لقت مصيرها، أما رزان تيقنت من محاولته الخبيثة في دفعها نحو النيران لتعكس ذلك وقامت بدفعه بقوةٍ لتتمسك به النيران وبدأ بالاحتراق يصرخ بقوةٍ وألمٍ شديد، لتبتسم وقد نزلت دموع السعادةِ وهي تراه يُعذّب مثلما كانت تتعذب في حياتها، يحترق مثلما كانت تتحرق ولكن الآن هو يحترق بالمعنى الحرفيّ، بدأت النيران بأن تصل نحوها ونحو الشُرفة، صرخاته ما زالت تطرب سمعها لتركض هي سريعًا نحو الشُرفة وقفزت في حمامِ السباحة، وآخر ما سمعته قبل أن تغيب عن الوعيِ صرخة غيْث باسمها وقفزُه خلفها…..

♡♡♡♡♡

في المستشفى.

قد خرج الطبيب بعد فترةٍ وجيزة في الداخل يفحصها، ليقترب منه غيْث بلهفةٍ وكذلك الباقي هاتفًا:
"أخبارها إيه"

نطقَ بنبرةٍ عمليةٍ رغم أسفها قائلًا:
"للأسف هي دخلت في غيبوبة، متأذاش شيء عضوي فيها بس واضح أنها استنشقت دخان حريق كتير، بس ده مش سبب الغيبوبة، سبب الغيبوبة سبب نفسي ودخلت فيها لهروبها من الواقع أو أنها ترتاح منه بسبب حاجة جايز تكونوا عارفينها، هتفوق إمتى لسة الله أعلم، عن إذنكم"

رحل تاركهم في تعجبهم عدا غيْث الذي علم السبب، سببًا نفسيًّا فهي ترتاح من الواقع لبعض الأيامِ لكي تقدر على العودة مرة أخرى، نظر يونس نحو غيْث متسائلًا بقلقٍ:
"يعني إيه غيبوبة يا غيْث؟ ونفسية!"

تنهد غيْث ونطقَ بنبرةٍ خيّمها الحزنِ هاتفًا:
"بترتاح من الواقع وبتهرب منه شوية بالغيبوبة دي، بعد كل اللي حصلها قالت تريحلها يومين تلاتة.. عن إذنكم"

وتركهم ورحل هو الآخر، وانفضّ المكانِ فوجودهم ليس له داعٍ وهي لن تستفيق الآن.

♡♡♡♡♡

بعد مرورِ الساعات.
في شقةِ رزان.

دخل غيْث غرفتها ثم فتح الضوء ناظرًا لها، دائمًا غرفة مرتبة ونظيفة، ابتسم بخفةٍ رغم ألم البسمةِ، فهو فوضوي وهي مُنظّمة ولكن سيتم مُعالجةِ الأمر، لمح مكتبها وذلك الدفتر الصغير الموضوع على سطحه، ليقترب منه وقام بفتح أولِ صفحةٍ، ليجدها فارغة، قلّب الصفحة ليجد العُنوانِ …
"أشياءٍ أتمناها ولكن أُخفيها فلا يمكنها التحقق على أيةِ حالٍ"

قلب صفحة أخرىٰ…
"هل بدأ أم لَا!"

جلس على مقعد المكتب مستندًا بيده على سطحه وقلّب صفحة أخرى ليجدها دوّنت أعلاها…
"مع من أحبّ! إن جاء ولأنني أعلم أنه لن يأتي وأنني لن أحقق شيئًا فسأكتبها، على أيةِ حالٍ فالموت هو أكثر شيءٍ أتمناه الآن"

طالع تلك الجملة بألمٍ وقد فرّت دمعة من عيناه، ليجد بعدها رقم واحد وبجانبها طلبٍ...
"صورة بعيون من أحبّ، ولأنني ليس لديّ حبيب ولا تتحقق أمانيّ ولا أحب التصوير فهذا ضعه جانبًا"

"عِناق ممن أحبّ، عِناق ليس به شوائب أو قيود، ليس به أي شيءٍ قديم، عِناق جديد، وأكرر ذلك لن يأتي هذا العناق، فـ نيّرة أخبرتني أنني لا أستحق"

"يوم چنونيّ مع من أحبّ، حسنًا لن يتحقق ذلك، فأنا لست فتاة مجنونة ولكن يمكن أن يكون من أحب كذلك فيتحقق ذلك، ولكن بعدها تذكرت أنني ليس لديّ من أحبّ"

"ركوب الدراجة البخارية مع من أحبّ، ونطير مثل الطير بها، ولكن هل سأطير بها وحدي؟"

بجانبها دُوّن علامة صح وملاحظة صغيرة…
"فَعلت ذلك مع من أحبّ ولكن لا أعرف هل سيتحقق الباقي أم لا! فأنا يمكنني أن أموت غدًا، لا يهم.. فلقد فعلتها.. ومع من أحبّ"

انصدم بشدةٍ بعدما كانت تسري دموعه على وجنته، هل فعلت ذلك لأنها لم تكن تعرف أنها ستعيش، والأهم من ذلك هل تحبه؟. نظر للدفتر من جديد وقرأ ما دُون..
"سفر مع من أحبّ، لست فتاةً تحب حفلات الزفاف وتلك الموسيقى الصاخبة التي تزعجني، أحب السفر ولكن يمكن أن ينتهي بِي الحال مُسافرة وحدي أو مُسافرة وحدي، فبينهم اختلاف"

علم ما هو الاختلاف فالأولى تسافر وحدها حول العالم، والأخرى تسافر وحدها لخالقها، ونزلت دموعه يُكمل ما دونته…
"تناول قهوة في الشُرفة مع من أحبّ، فلقد سئِمت من ارتشافها وحدي يوميًّا ولكن… نحن نعلم ما بها!"

"طبخ أكلة لطيفة مع من أحبّ، ولكن أنا فتاة لا أهوى الطبخ ولا أعرف كيف أطبخ وبالتأكيد لو أتى من أحب لن يكون هاويًا للطبخِ، فهذا لن يتحقق، ولكن إن جاء من أحبّ يهوى الطبخ فسيُعلّمني ولأنه لن يأتي من أحبّ، فهذا لن يتحقق"

"بيحبه يا روز بيحب الطبخ وبيحبك!"

قالها غيْث بنبرةٍ تختنق بالدموعِ وهو يقرأ تلك الأشياءِ البسيطة التي تريدها، فبالنسبة لها كبيرة إلى حدّ كبير، قرأ آخر ما دوّن…
"هُناك أشياء كثيرة ولكن قد كتبت بالفعلِ ما يريده قلبي، ولأنني أعلم أن قلبي ليس بخيرٍ فسأتغاضى عن ما دَوّنه، فعلى أيةِ حالٍ نحنُ في بدايةِ الطريق، أعلم جيدًا أنني إن بدأت الانتقام ستكون نهايتي الموت فأنا وحدي لا يوجد من يمدني بالقوة ليجعلني أنتهي من الانتقام على قيد الحياة، ولأن الموت شيءٌ أتمناه أكثر من كل هذا فسأتحرك خلفه لعلّي ألقاه"

نزلت دموعه فيبدو أنها كتبت كل ذلك قبل أن تقابله، وقبل معرفته بها، قلّب الصفحة ليجد مكتوب بخطّ منمق كبير قليلًا….
"هل سيأتي من أحبّ، بالتأكيد لا"

وبالأسفلِ كُتبَ حديثًا…
"أضحى أنه قد أتى"

قلّب الصفحة….
"سأحاول جاهدة، لا يمكنني أو أعهد لكَ بشيءٍ يمكنني رغمًا عنّي أن أخالفه، ولكن تأكد أنني أحاول جاهدة وسأحاول أن أكونَ بخيرٍ وألا أركض نحو الموت لأجلك، فسأحاول أن أحيا لأجلك يا غَيْث"

انفجر في البكاء وهي يضع يده على سطح المكتب يدفن وجهه في ذراعه، يبكي بشدةٍ على كل ما عاشته، كانت سترحل لولاه فلو لم تكن تحبه كانت تركته هو مُعذّبًا ووحيدًا، كم كان قلبك قاسي يا رزان، انتهى من بكائه ورفع وجهه وهو يغلق الدفتر وقام بوضعه جانبًا، ثم مسح عبراته هاتفًا:
"فوقي بس وكل أحلامك وأمنياتك هتحقق، واحلمي تاني وأنا موجود هحاول أحققها لك بكل ما أوتيت!"

♡♡♡♡♡

بعد مرور ثمانية وأربعون ساعةٍ.

#يُتبع.

ــــــــــــــــــــ

استعدوا يا أبطال فـ نحنُ اقتربنا من الوصول لمحطةِ النهاية ♡

إلى اللقاءِ في الفصل القادم ♡

دمتم سالمين

#مأساة_روز
#أروى_سُليمان

Continue Reading

You'll Also Like

334K 9.7K 47
Yuki is a normal ninja but she has a huge secret that she is hiding from everyone. she is just like Naruto but she doesn't know it. She is now the da...
63.8K 426 22
Heyy so this is my first book so sorry if its not the 'best' Dont be a ghost reader, likee comment request and stufff bc that helps plus I love seei...
262K 5.9K 57
❝ i loved you so hard for a time, i've tried to ration it out all my life. ❞ kate martin x fem! oc
8.9K 78 11
What would happen after Belly & Jeremiah canceled their wedding? Would Belly and Conrad finally find their way to each other? It's always an infinit...