مأساة روز ✓

By ArwaSoliman4

57.3K 3.9K 817

لا نختار حياتنا بأيدينا ولا نختار قدرنا.. بل نُولد لنرى أنفسنا في مكانٍ لا نتخيله، لا نريده، نتمنى لو نختفي... More

اقتباس
مُقدمـة
1 - تمّ الإمساك به!
2 - الجارة الجديدة
3 - مسألةٍ مُعقدة
4 - يعيش اللحظة
5 - مسافة الطريق
6 - لماذا قتلت!
7 - أمام وجهها
8 - تمّ الاعتداء!
9 - انفجار مدويّ
10 - رمىٰ القنبلة في وجهها
11 - ثمن الحساب
12 - تمّ خطفها
13 - خبرٌ صادم وعاجل
14 - فاقدًا للوعي
15 - ليست الحياة وردية
16 - من دمه!
17 - من جاء؟
18 - ما الخطوة القادمة!
19 - تزداد النيران
20 - هل ستكون النهاية؟
21 - من أنتِ؟
22 - الحياة ليست عادلة
23 - اتشاهدي على روحك
24 - بوليس الآداب
25 - سيُقتل!
26 - تتمنى الموت!
28 - على أي نحوٍ!
29 - بصدرٍ رحب
30 - صرخة فزِعة باسمه
31 - أريد خَبرُها
32 - ثمانية وأربعونَ ساعةٍ
33 - صورة بِـ عيون من تُحبين
34 - وَقعت بَين يَديه
35 - الأخير
الخاتمة
هـام "روايتي الجديدة"
حَلقة خاصّة

27 - آكلة لكلّ شيء

1.3K 99 15
By ArwaSoliman4

.

متنسوش الڤوت
أتمنى لكم قراءة ممتعة ♡

27 - آكلة لكلّ شيء

♡♡

كان يستمع لها وآذانه صاغيةٍ، لم ينتبه لدموعه التي تسري على وجنته وألمٍ كبير يشعر به لما عاشته وتعانيه، حاول كبح دموعه ولكن لم يقدر، فما يسمعه لا يُصدق، ما شعور الذي عاشته، عند آخر جملته قالتها أنها تتمنى الموت، قالتها باختناقٍ لينظر لها وقام باحتضانها بقوةٍ هاتفًا باختناقٍ:
"عيطي يا رزان"

انفجرت في البكاء بشدةٍ داخل أحضانه وتتمسك به أكثر، تشعر بقلبها يؤلمها، نبرة بكائها تقطر وجعًا وألمًا، تزداد في البكاءِ أكثر وتتمنى لو تصرخ بشدةٍ لعلّ قلبها يرتاح ولكن اكتفت بالبكاء داخل أحضانه، وكان يشدد من احتضانها يبكي بصمتٍ، بعد وقتٍ قد هدأت ابتعدت عنه تمسح عبراتها ليمسح دموعه هو الآخر فسألته بتعجبٍ:
"أنت بتعيط!"

"لا بعيط إيه! ذكرياتك دخلت في عيني بس"

أنهاها بنبرةٍ ممازحًا إياها، لتبتسم ابتسامةٍ صغيرة ثم بعدها نطق مغيرًا مجرى الحديث نهائيًّا لكي يجعلها تنسى ولو قليلًا قائلًا بحماسٍ:
"بما أننا بقينا على الكورنيش… يبقى ناكل درة ونشرب حمص ونشرب قهوة معاكِ نجربها لتاني مرة!"

ابتسمت تسأله قائلةً:
"متأكد من موضوع القهوة!"

"متأكد جدًّا يا حظابط!"

قالها غيْث بثقةٍ لتضحك بخفوتٍ على ثقته ثم وافقته على ما يريد فعله، فلتستمع بكل لحظةٍ لا تعلم ما الذي يتركه الغدِ لها، وللحقّ قد تعلمت منه ذلك الشيء.

♡♡♡♡♡

في مقهىٰ ما.

كان أدهم جالسًا على طاولةٍ ما يعبث في هاتفه ينتظر قدوم شخصٍ ما، وها هو قد أتى ذلك الشخص لينهض أدهم مبتسمًا له وقد صافحه ليبادله الآخر المصافحةِ قائلًا بنبرةٍ جادة:
"ممكن أعرف طلبت تقابلني ليه يا سيادة الرائد!"

ابتسم أدهم وأشار له بالجلوسِ هاتفًا:
"اقعد بس يا بشمهندس وهتعرف دلوقتي!"

جلس الاثنين وجاء النادل وفقًا لطلب أدهم ليهتف موجهًا حديثه لأنس:
"تشرب إيه يا بشمهندس؟"

"قهوة مظبوط!"

نظر أدهم للنادل وأردف:
"اتنين قهوة مظبوط!"

دون النادل ذلك ورحل بعدما تركهم باحترامٍ، لينظر أدهم لـ أنس قائلًا:
"طبعًا عايز تعرف أنا جايبك هنا ليه؟ وأنا هقولك من غير لف ودوران… أنا طالب إيد أختك إيناس وعايز أتجوزها"

"وأنا مش موافق"

قالها أنس بجمودٍ، ليبتسم أدهم بهدوءٍ وثباتٍ ناطقًا:
"ممكن أعرف مش موافق ليه؟ أنا بحب أختك وعايز أتجوزها!"

اشتعل قلب أنس بالغيرةِ على شقيقته ونطق بحدةٍ غير مبررة:
"وأنا قولت مش موافق"

قرأ أدهم تعابير وجه أنس التي تنطق بالغيرة، فابتسم مستندًا بمرفقيه على الطاولة مائلًا قليلًا ثم نطق بثباتٍ وإصرارٍ بان في نبرته:
"غيرتك على أختك مش هتزود أو تنقص حاجة… هي كدا كدا مسيرها تتجوز حتى لو رفضتني، بس أنا أولى بيها الصراحة عشان أنا بحبها، هقولك مشاعري صراحةً أنا أول ما شوفتها كنت معجب بيها بس مع الوقت تطورت المشاعر وبقيت بحبها، ومستعد أعمل أي حاجة عشان توافق وموافق على كل طلباتك مهما كانت إيه!"

لانت ملامح أنس بعض الشيء رغم ضيقه القليل ولكن عندما رأى إصرار أدهم على الزواج من شقيقته وصراحة مشاعره، قد ارتاح قلبه له، ليقول أنس بهدوءٍ:
"قبل ما أوافق أو أغير رأيي عن الرفض، أنت عارف أنها عندها السكر"

هز رأسه إيجابًا ونطق بثقةٍ:
"والله عارف كل حاجة عنها، عايزني أسمع؟"

أنهاها بمرحٍ ولمعة العبث في عينيه، ليزفر أنس بقوةٍ وقد جاءت القهوة وتم وضعها أمامهم فبدأ أدهم باحتسائها:
"أنت عارف أني رائد في الشرطة المصرية، بابا لواء في الجيش المصري، ماما متوفية من زمان ومعنديش أخوات بس عندي صحاب… مستني موافقتك وهجيب بابا وصحابي وهنيجي نتقدم بشكل رسمي، ها قولت إيه يا بشمهندس؟"

أنهاها بتساؤلٍ، ليزفر أنس من جديد وهو يحتسي قهوته، فهو مُصرّ وأيضًا يبدو من وجهه وتعابيره أنه بالفعل يريد الزواج بشقيقته ويحبها ولا يوجد به عيبٍ حتى الآن يجعله يرفضه، ليترك أنس الصمت متحدثًا باقتضابٍ:
"موافق تيجي تتقدم رسمي… ووقتها نشوف رأي إيناس، لو رفضت اعرف أن مفيش مجال تاني"

ابتسم أدهم بجانبيةٍ ونطق بثقةٍ:
"لا متخفش… مش هسيبها برضه حتى لو رفضت، معاد يناسبكم إمتى؟"

ردّ أنس على سؤاله الذي سأله في نهايةِ جملته:
"يوم السبت تقدر تنورنا أنت ووالدك وصحابك، ووقتها نتفق… بس كدا كدا الخطوبة بعد أسبوعين والجواز بعد سنتين"

"ده عندها"

قالها أدهم بهمسٍ حانق، فلم تصل الكلمة لمسامع أنس الذي أردف بعدم فهم:
"نعم!"

ابتسم أدهم من جديد ناظرًا له قائلًا:
"بقول نتكلم في الموضوع ده لما نيجي إن شاء الله!"

انتهوا من احتساء القهوة ونهض الاثنين وأخرج أدهم المال ووضعه على الطاولة ثم صافح أنس بابتسامةٍ ودودة:
"اتشرفت بمقابلتك يا أنس، وإن شاء الله نبقى صحاب"

بادله أنس المصافحة بابتسامةٍ ناطقًا:
"الشرف ليا، وإن شاء الله"

رحل كل منهما لسيارته واحدًا منهم قلبه يقفز سعادةً فلقد اقترب من الحصول على ما يريده، أن يتزوج بمن يُحبّ ولأجلها يحارب حتى لو كان فيها موته.

♡♡♡♡♡

في منزل جمال الهلالي.

دخل أنيس لبهو المنزل وصاح بغضبٍ:
"البت دي لازم تموت يا جمال! سواء هي ولا الكلب التاني أخو رزان!"

زفر جمال دخان سيجارته ببرودٍ:
"هيموتوا… اهدى بس على نفسك!"

دخل إبراهيم في ذات الوقت يهتف بخبثٍ:
"إيه رأيك في موتة حلوة للبت دي طالما عايشة لوحدها…"

ابتسم أنيس بخبثٍ ليستمع لإبراهيم وقد راقت له الفكرة ولجمال أيضًا، ليبدأوا بعدما في التفكير في الشحنة الجديدة القادمة من إسبانيا والتي تكون بمثابة الشحنة التي بها جميع أموالهم، فلو خسروا الشحنة سيُعلنوا إفلاسهم.

♡♡♡♡♡

لِتمر الليالي والأيام على الجميع وجاءت ليلةِ الخميس، اليوم الذي سيأتي فيه يونس ومعه والدته وكريم وكارمن لطلب يد چيهان.

في الليل.
في غرفة چيهان.

كانت ترتدي فستانًا باللون السماوي وتصميمه بسيط، وتركت لخصلاتها العنان ولم تضع في وجهها سِوى أحمر شفاه خفيف فقط، نظرت لچُمانة بتوترٍ قائلةً:
"أنا معرفش أنا متوترة ليه؟"

صاحت چُمانة بنبرةٍ على وشك البكاء:
"أنا متوترة أكتر منك.. بكرة كتب كتابي، ده أنتِ يدوب هتقعدي مع العريس"

لتغير نبرتها لأخرى حماسيةٍ وهي تحتضن شقيقتها قائلةً:
"عسل عسل ربنا يتمملك على خير"

دخلت جميلة وما أن رأت ابنتها حتى ابتسمت بسعادةٍ واحتضنتها بحنانٍ بالغ ناطقةً:
"ربنا يتمملك على خير يا حبيبتي، شكله شخص كويس"

"أي حاجة من ناحية رزان أساسا متبقاش وحشة"

قالتها چُمانة بمرحٍ، لتقول چيهان ضاحكةً:
"خِفي الطبلة شوية!"

ضحكت چُمانة بخفوتٍ، وطرَق الباب لتسمح چيهان للطارق بالدخول ولم تكن سِوى رزان التي ابتسمت ابتسامةٍ صغيرة هاتفةً:
"ده يا بخت يونس والله!"

ابتسمت چيهان بخجلٍ، لتقترب رزان منها وعانقتها بحنانٍ قائلةً:
"يُونس بيحبك علفكرة، وشاريكِ بجد… مش عشان ابن خالتي بقولك الكلام ده، لا يونس أصلًا مبيطقش البنات من ساعة أروى بس غيرتي رأيه واحتليتِ تفكيره"

خجلت چيهان أكثر تقول بابتسامةٍ:
"ربنا يخليكِ يا رزان، ويديمك لينا ولغيْث"

ابتسمت رزان لها بخفوتٍ، لتتركهم چميلة وتخرج لترى المتواجدين، لتقترب منها چُمانة تمازحها بعينين تماثل شقيقها:
"بس حلوة الإسورة… أكيد غيْث اللي جايبها مهي دي بتاعت الكابلز"

نظرت رزان للإسورة التي في يدها لتبتسم بخفةٍ ثم ربتت على كتف چُمانة:
"اتلمي يا چُمانة!"

ضحكت چُمانة تمازحها أكثر قائلةً:
"قولي بس… غيْث أصلا طول عمره رومانسي، أهبل آه بس رومانسي وعسلية كدا"

ضحكت رزان رغمًا عنها وكذلك چيهان، أما في الخارج… قد تحدّث يونس بجديةٍ موجهًا حديثه لأحمد:
"يشرفني يا عمي أطلب إيد بنت حضرتك چيهان… وجميع طلباتك مُجابة"

ابتسم أحمد وردّ بهدوءٍ ولطفٍ:
"الشرف ليا يا يونس يا ابني… أنا عن نفسي موافق لما سألت عنك رزان، وكفاية أنك قريبها لأنها ونعم التربية والأخلاق… إيه رأيك يا غيْث؟"

ابتسم غيْث بشجنٍ لوالده وفخرٍ لزوجته وطريقة تعاملها مع أهله وحديث والده عنها، ليقول بابتسامةٍ لطيفة:
"أنا عن نفسي موافق أنا كمان، أنا عارفك كدا كدا فالرأي الأول والأخير لچيهان!"

ابتسمت ناريمان وأردفت بلطفٍ وودّ:
"فين عروستنا الحلوة؟"

نهضت جميلة لتجلب چيهان وقد خرج الجميع وكذلك چيهان التي تفرك يدها بخجلٍ وجاءت لتصافح ناريمان وصافحت يونس الذي جاهد لكبح ضحكاته ولكن انبهر بجمالها وأعجبه أنها لم تضع أي مساحيق تجميل، لتجلس چيهان وجلست رزان بجانب زوجها الذي ابتسم لها بحبّ لتبادله الابتسامة بأخرى صغيرةٍ، ثم استمعوا لأحمد الذي قال:
"ها يا چيهان موافقة على يونس؟"

أومأت چيهان بموافقةٍ تهتف بنبرةٍ أعربت عن خجلها:
"موافقة يا بابا"

"يبقى على بركة الله… نقرأ الفاتحة ونتفق على معاد الخطوبة"

قالها أحمد ليبدأ الجميع بقراءة الفاتحة وما أن انتهوا حتى أطلقت ناريمان زغرودةٍ عاليةٍ وكذلك جميلة والسعادة تتبين على وجوه الجميع، ليهتف كريم ليونس:
"مبروك يا عمّ، عقبالنا"

ابتسم له يونس وبعدها اتفقوا على أن الخِطبة بعد أسبوعٍ، وتركوا العروسان سويًّا وانطلقوا لغرفةٍ بجانبهم…

ليقطع يونس الصمت قائلًا بمرحٍ يمازحها:
"عاملة نفسك مكسوفة وأنتِ هبلة يا چيهان!"

رفعت عينيها تنظر له بغيظٍ، ليضحك بشدةٍ ثم بعدها نطق بابتسامةٍ:
"قوليلي بقى موافقة على كلام بابا أن الخطوبة بعد أسبوع؟"

نظرت له بعدم فهمٍ ليكمل هو بعبثٍ ووقاحةٍ:
"أصل أنا عايزها كتب كتاب علطول عشان أعرف أحضن براحتي"

شهقت من وقاحته لتهتف بحنقٍ صائحةً:
"أنت قليل الأدب، أنا غلطانة أني وافقت!"

ضحك بخفوتٍ ثم بعدها غمز لها قائلًا:
"بس الفستان عسل… وأنتِ عسلين!"

تصاعدت الحمرة لوجنتها لخجلٍ، فابتسم ثم بعدها مال قليلًا نحوها قائلًا:
"أنا هعمل المستحيل عشان يبقى كتب كتاب! عشان أعرف أعاكس وأحضن براحتي!"

ثم عاد مكانه بأريحيةٍ وشعرت هي بخجلٍ كبير ونطقت بخفوتٍ:
"لما أوافق أصلًا!"

"ماشي ماشي"

قالها يونس وقد عاد الجميع واتفقوا على كل شيءٍ، ثم بعدها نطقت رزان بنبرةٍ هادئة:
"هصوركم يلا!"

نهض يونس وكذلك چيهان وأخرجت رزان هاتفها ليميل عليها غيْث هامسًا:
"الكاميرا فين عشان الصور تبقى ذِكرى!"

"في الشقة هناك!"  

ابتسم وربت على كتفها قائلًا:
"صوري بالموبايل عقبال ما أجيبها!"

وغادر بالفعل، لتبدأ بتصوريهم في وضعياتٍ مختلفة، قد دخلت معهم چمانة تحمل باقة الزهور وهي تضحك فالتقطت لهم رزان صورًا رائعة، ليعود غيْث وناولها الكاميرا ثم نطقت رزان بعدها موجهة حديثها ليونس وچيهان:
"اقفوا بقى كويس عشان أصوركم صورتين حلوين كل واحد صورة"

وقفوا بالفعل وچيهان بيدها باقة الزهور والتقطت لهم رزان صورةً، لتخرج الصورة والتقطت واحدة أخرى ثم ناولت لكل منهم واحدة، ليبتسم غيْث ثم أخذ منها الكاميرا قائلًا:
"اقفي أصورك صورة حلوة!"

هزت رأسها بنفيٍ هاتفةً:
"مش بحب أتصور بجد!"

مال لأذنها هامسًا بنبرةٍ مُحبّة:
"زَهرَةٌ غَريبَةٌ يا رُوز، ولكنّي أحبَبتها بكل صِفَاتِها، أحببتها لِغَرابَتها وكَونهَا مُميزة عَن الجَميع"

ابتعد عنها ثم رفع الكاميرا والتقط لها صورةً على غفلةٍ أنزل الكاميرا يمسك الصورة قائلًا بعبثٍ ضاحكًا:
"حلو الذهول ده؟"

حاولت تنظيم دقات قلبها والعودة لثباتها، لتتغير تعابير وجهها للحنق تمد يدها له فناولها الكاميرا غامزًا لها هاتفًا:
"الصورة بتاعتي!"

ليقترب من الطاولة وأمسك القلم ودوّن على الصورة جملته التي قالها ثم وضع الصورة في چيبه واستدار لها ليجدها ما زالت تطالعه بحنقٍ ليضحك بشدةٍ ثم اقترب منه يحاول مشاغبتها قائلًا:
"فكي بقى… مش أول مرة أثبتك يعني، وبعدين كنت عايز أصورك برضه!"

أنهاها بابتسامةٍ مرحة، لتزفر بضيقٍ هاتفةً:
"مش بحب أتصور، وبرضه بتصورني!"

كاد أن يرد ولكن انتبه لچُمانة التي تخبره أن يلتقط لهم صورة جماعيةٍ، ليوافقها وأخرج الهاتف وسحب رزان بجانبه هامسًا لها:
"خليكِ عسل بقى! مش هتبقي بومة بس!"

ابتسمت رغمًا عنها لينظر الجميع للهاتف وتمّ التقاط الصورة، ليميل من جديد عليها هامسًا بعبثٍ:
"غمازتك حلوة!"

ثم داعب وجنتها برقةٍ وابتعد عنها ليرى والدته التي تناديه، أما هي مكانها تشعر باضطرابٍ واهتزاز ثباتها ولكن لم تفكر كثيرًا، كان الجميع يستمع لصوت انفجارٍ جعلهم يفزعوا بشدةٍ وصرخت الفتيات بفزعٍ ولكن رزان هي التي توجهت سريعًا للشرفة وخلفها الجميع لتجد ما كانت تشكّ به، انفجرت سيارتها أمام منزلها و الجميع يصرخ في الشارع بهلعٍ شديد وفزع ويهرولون بعيدًا عن النيران، هدر يونس بحدةٍ يفيقهم:
"اطلب المطافي يا كريم بسرعة!"

هز رأسه بإيجابٍ سريعًا وهو يخرج هاتفه لينظر غيْث لرزان التي رنّ هاتفها لتضعه على أذنها تستمع لصوته البغيض:
"تعيشي وتاخدي غيرها يا رُوز.. أتمنى تكون الهدية عجبتك، واستني التقيل، باي باي"

أنزلت الهاتف وهي ما زالت تنظر للحريق بجمودٍ، لتتركهم وتهبط للأسفل فركض غيْث خلفها لأنه يعرف أنها غاضبة الآن، أما چيهان كانت تبكي برعبٍ ليحاول يونس تهدئتها قائلًا بحنانٍ:
"اهدي يا چين، كل حاجة هتبقى كويسة!"

وكذلك چُمانة التي تبكي في أحضان والدها ووالدتها تحاول تهدئتها، فلم يروا تلك الأشياء في حياتها والفزعة جعلتهم يرتعبون حقًّا، أما في الأسفل نظرت رزان للسيارة ليأتي غيْث هاتفًا:
"اهدي يا رزان، فداكِ والله الأهم أنك بخير!"

"هات مفتاح عربيتك!"

قالتها رزان بجمودٍ، ليهز رأسه نافيًا يقول:
"رجلي على رجلك، عايزة تروحي فين وأنا هوديكي… مش هسيبك كدا" 

حاولت التحكم بأعصابها وهي تهتف بغضبٍ مكتوم:
"هات المفتاح أنا هسوق!"

أخرج المفتاح لها رغم قلقه مما ستُقدم على فعله، ركبا السيارة ثم ربط الحزام بتأكيدٍ وانطلقت رزان بالسيارة بسرعةٍ هائلة فوق المعتاد… لينطق غيْث بحنقٍ:
"لو الردار لقط السرعة بالمنظر ده… المخالفة هتدفعيها"

لم ترد بل كانت تنظر للطريق بتركيز فهي تحاول تنفيس غضبها في شيءٍ لكي لا تتهور وتفعل شيءٍ تندم عليه، ليس بعد.. موته، لم يحن الوقت، صبرًا لكي تكون خُطوتك القادمة صحيحة، ليقطع غيْث أفكارها صائحًا:
"هدي السرعة يا رزان مش عايزين نتقلب يا حبيبتي، وقفي الزفتة دي وهاتي أسوق أنا"

أنهاها بغضبٍ بسبب تجاهلها له، لتهتف بهدوءٍ شديد ينافي غضبها الجامح:
"قربنا نوصل!"

نظر لها بتعجبٍ ولكن صمت ينظر للطريق إلى أن وصلوا لمكانٍ شبه نائي، ضوئه خفيف والظلام فيه حالك، ليجدوا سيارةٍ تقف فأوقفت رزان السيارة بجانبها ثم نظرت لغيْث:
"وصلنا"

نزلوا من السيارة ليجد غيْث شخصًا يشعر أنه مألوف له، يستند بظهره على السيارة بيده سيجارةٍ يشربها بهدوءٍ، ليبتسم فور رؤيته لرزان وأنزل السيجارة يرميها أرضًا ودعس فوقها ناطقًا:
"ليكِ وحشة يا رزان!"

"متتلم يا عمّ أنت! أنت تاني؟"

قالها غيْث بحنقٍ بالغ وغضبٍ فذلك لشعوره بالغيرة وعدم الارتياح لذلك الشخص، لتنطق رزان ببرودٍ:
"الحاجة فين يا وليد! وحسابنا بعدين على العربية اللي فجرتها دي!"

نظر لها غيْث بصدمةٍ ولوليد الذي ابتسم بخبثٍ:
"أنا مالي! جمال رئيسي قالي أعمل كذا فأنا عشان شغلي عملت كذا، وأنتِ قولتيلي اعمل كذا هعمل كذا عشان أنتِ البوص!"

تشنجت ملامح غيْث بعدم فهمٍ لتلك المعضلةِ هاتفًا:
"إيه ده!" 

أخرج وليد ورقًا من السيارة وناوله لها قائلًا بجديةٍ:
"أقوى حاجة ممكن تتعمل في جمال، أما أنيس… عايز يقتل أروى وبيخططوا كلهم لده"

زفرت رزان بقوةٍ وهي تنظر للأوراق أمامها ثم أغلقته ونظرت لوليد قائلةً بهدوءٍ:
"تمام يا وليد، أنت عارف بنتكلم إزاي! عشان تقولي اللي هيحصل… يونس؟"

"لسة جمال وأنيس بيفكروا… عشان يونس مش سهل برضه، ده يونس الشريف"

قالها وليد وهو يخرج سيجارةٍ أخرى يشعلها ثم نظر نحو غيْث الواقف قائلًا بابتسامةٍ:
"هلا يا كوتش!"

ناظره غيْث بغيظٍ شديد ثم نظر نحو رزان قائلًا:
"لو خلصتي يلا عشان نمشي!"

نظرت رزان نحو وليد وأردفت بجمودٍ:
"لازم نتقابل بس في المكان اللي هقوله وهتشوف الكل هناك… اللعبة قربت تنتهي!" 

ثم عادت خطوتين للخلف وصعدت للسيارة في المقعد المجاور للمقود ليصعد غيْث بجانبها وقام بالتحرك دون كلمةٍ واحدةٍ.

♡♡♡♡♡

في منزل الشناوي.

قد تمّ إخماد النيران وإطفاء الحريق، وتهدئة الجميع رغم عدم معرفتهم أين غيْث ورزان، ليأتي يونس من جديد قائلًا:
"رزان وغيْث جايين في الطريق، إحنا طولنا أوي… نستأذن بقى"

رغم محايلاتٍ من أحمد أن يظلوا ولكن رحلوا وقد أخبرهم يونس بمجيئه غدًا للاطمئنانِ عليهم، لتنظر چُمانة لوالدها ببكاءٍ:
"أنا عايزة غيْث يا بابا، كلمه قوله يجي!"

ضمها والدها له بحنانٍ يحاول تهدئتها قائلًا:
"هو في الطريق يا حبيبتي جاي!"

على الناحيةِ الأخرى، كان غيْث صامتًا وملامحه متهجمة جعلت رزان تسأله بهدوءٍ:
"مالك؟"

قبل نطقه بالرد ردت هي بسخريةٍ لاذعةٍ تقلد نبرته:
"ماليش"

كبح ضحكته بصعوبةٍ بالغة، ليهتف بجمودٍ رغم عدم حبه لتلك اللهجة:
"بعد إذنك اتكلمي كويس، وفعلا مفيش حاجة… ياريت تسكتي لغاية ما نوصل!"

كبحت هي ضحكةٍ على ما يقوله، ولكن نطقت بنبرةٍ لينةٍ:
"عايز تعرف إيه وأنا أعرفهولك!"

أوقف السيارة جانبًا فيما نطق بحنقٍ بالغ بعدما نظر لها ولقد سَئِم فيما تفعله وحدها:
"عايز أفهم يا رزان!! بتعملي إيه؟ وإيه اللي أنتِ ناوية عليه!"

"ناوية أفجر الشحنة الجديدة"

قالتها ببساطةٍ، وأكملت بما تنوي على فعله ليصمت بعدما مومئًا بهدوءٍ بالغ ثم انطلق بالسيارة من جديد.. لتسأله هيَ رغم أنها تتعجب من ذاتها وأنها تبالي لشخصٍ:
"طب أنت زعلان ليه طيب؟"

"مش زعلان"

قالها غيْث وهو ما زال ناظرًا للطريق، لتومأ رزان بهدوءٍ دون التفوه بكلمةٍ أخرى… قد وصلوا للمنزل ونزلوا من السيارة وقد رأت رزان سيارتها التي أصبحت رمادًا وهيكل محترق ولكن لم تهتم، توجهت نحو الداخل معه لتركب المصعد فضغط على الزر، زفرت رزان بقوةٍ تقبض بقوةٍ على يدها ثم بعدها فعلت ما جعله يتفاجأ بشدةٍ حيث اقتربت منه تعانقه بحنانٍ رابتةً على ظهره هاتفةً:
"متزعلش!"

تفاجأ بحقّ وقد تعالت ضربات قلبه، ولكن ابتسم وقبل ابتعادها بادلها العناق مستندًا بذقنه على كتفها هامسًا:
"بقيتِ تعرفي تحضني يا روز! بس برضه هقولهالك الحضن يبقى كدا!"

توقفت يدها عن تربِيتَها له تشعر بتسارع دقات قلبها، دفءٌ غريب وحنانٍ قد حُرمت منه، أمانٍ لم تجده في أي شخصٍ، مشاعر كثيرة تشعر بها الآن وفي كل مرةٍ يعانقها، لا يبخل عليها بشيءٍ أبدًا، توقف المصعد لتبتعد عنه بعدما استفاقت من شرودها، رفعت يدها تعيد خصلاتها للخلف وخرجت من المصعد تهتف بثباتٍ زائف:
"طمن أهلك أنا محتاجة أغسل إيدي ووشي!"

ثم تركته دون أن تنتظر ردًّا متوجهة نحو شقتها وقامت بفتحها وأغلقت الباب، ليبتسم هو متوجهًا نحو شقة والديه ودخل… ما أن رأوه بخيرٍ تهللت أساريرهم واقتربت منه چُمانة سريعًا تحتضنه وتبكي بشدةٍ ليبادلها العناق محاولًا تهدئتها:
"بتعيطي ليه بس أنا كويس أهو! حد قالكم أني مت!!"

أنهاها بمرحٍ، لتقترب منه چيهان هي الأخرى فاحتضنها بحنانٍ، ثم اقتربت منه جميلة تحتضنه قائلةً:
"ومراتك أخبارها إيه؟ هي فين!!"

"في الشقة هناك جيت اطمنكم علينا وأقولكم أن كل حاجة بخير محدش يقلق"

قالها غيْث بابتسامةٍ لهم، ابتسامةٍ لم تصل لعينيه ولأول مرةٍ، يشعر بشيءٍ غريب يحبها وبشدةٍ ويؤلمه قلبه على ما تعانيه، يشعر برغبةٍ مُلحّة في البكاء بسبب ما تشعر به، مُتعبٌ بشدة ولكن يجب أن يظل صامدًا ليُعطيها القوة، يكون موجودًا لكي يداوي جراحها، ووجعها، ولكن موجوع ومُتعب هو بشدةٍ بسبب ما يحدث لها وما عاشته وما تلقته وهي طفلةٍ ضعيفة هزيلة، شعرت والدته بأنه هناك شيءٍ حدث له لتردف جميلة بعدما أخذته نحو غرفته:
"غيْث أنت كويس يا حبيبي!"

نظر لها بأعينٍ شفافتين بسبب تجمع الدموع عليهما ونفى برأسه لتحتضنه والدته بقوةٍ قائلةً:
"مالك بس يا حبيبي!"

تشبّث بها بقوةٍ يشدد من احتضانه لها هاتفًا بنبرةٍ محشرجة ومختنقة من كثرة تجمع الدموع:
"تعبان يا ماما!! تعبان أوي… أنا عايز أعيط يا ماما!"

بكت والدته بصمتٍ وهتفت وهي ما زالت تحتضنه:
"عيط يا حبيبي عيط وخرج اللي جواك!"

بكى غيْث بشدةٍ داخل أحضان والدته، يتخيل مظهرها عندما كانت تبكي ولم تجد من يحتضنها، عندما توسلت لهم أن يتركوها وشأنها ولم يسمعون لها، يشعر بألمٍ شديد وقلبٌ موجوع عليها، يشعر بقهرتها ووجعها، سيُعوضها… يُوعد نفسه أنه سيجعلها ترى السعادةِ، الأمان، والحنان، ستُعوض عن كل جرحٍ وألمٍ عاشته، ابتعد عن والدته بعدما اكتفى ولأنه لا يريد أن يزيد على والدته في حين أنه لن يقدر على قول السبب لها، مسحت والدته دموعه بإبهامها ونطقت بحنانٍ بالغ:
"بقيت أحسن يا حبيبي؟"

أومأ لتربت على صدره هاتفةً بحنانٍ:
"بإذن الله كل حال هتبقى أحسن، ورزان هتبقى كويسة!"

أومأ من جديد ثم نطق بنبرةٍ محشرجة أثر بكائه:
"أنا لازم أروح دلوقتي وعشان حاسس بصداع برضه"

أومأت له فانحنى مقبلًا جبينها ثم تركها وغادر وهي تدعوا له براحةِ البال.

♡♡♡♡♡

في منزل مدبولي.

دخل إياد بعد عودته من العمل ليوقفه والده عندما نادى عليه، فاستدار إياد له بعدما توقف وأردف بجمودٍ:
"نعم يا سيادة اللواء!"

"تعالى على المكتب عايزك!"

قالها نبيل بنبرةٍ يشوبها الحزنِ واستدار ليدخل المكتب، فغير إياد اتجاهه متجهًا للمكتب متجاهلًا وجود والدته، دخل وأغلق الباب خلفه ونظر لوالده متسائلًا:
"خير يا بابا؟"

"اقعد يا إياد!"

زفر إياد ولكن تحرك وجلس على المقعد المقابل لوالده لينطق نبيل بنبرةٍ أعربت عن مدى حزنه وندمه:
"أنا آسف يا إياد!"

لم يفهم إياد سبب اعتذار والده وبدىٰ التعجب وعدم الفهم مرتسمًا على وجهه، ليكمل نبيل بنفس نبرته:
"أنا عارف أني ضيعتكم من إيدي وأكيد نادين ماتت بسببي، اهتميت بشغلي أكتر منكم، لغاية ما كلكم ضعتم مني… أنا آسف أتمنى تسامحني"

ضحك إياد بسخريةٍ ناظرًا له هاتفًا بنبرةٍ لم ينتبه أنها ستكون قاسية على والده:
"آسف على إيه؟؟؟ ولا إيه؟؟ ولا إيه؟؟ آسف على بنتك اللي ماتت وكانت بتشرب مخدرات؟ ولا آسف على بنتك التانية اللي رميتها لأمها وجوز أمها يتحرش ويعذب فيها ولا آسف عليا سايبني أنهش وأنصب على ده وده… أنت عارف يا سيادة اللواء!! لولا بنتك رزان كان زماني دلوقتي يا مسجون يا مقتول، أنت تعرف رزان أصلًا… أنا آه كنت زبالة معاها ولو فضلت أعتذرلها على اللي عملته مش هيوفي، بس برضه مين السبب في الشخصية الزبالة دي مش أنت وأمي! أنا آه لسة زبالة بس فوقت يا سيادة اللواء، فوقت كويس أوي… واعتذارك لا هيقدم ولا هيأخر شيء… لا اعتذارك هيرجع نادين الله يرحمها للحياة ولا اعتذارك هيرجع رزان ليك ولا اعتذارك هيرجعني برضه ليك، تصبح على خير يا سيادة اللواء عشان عندي شغل الصبح!"

وتركه وغادر، تاركه بين صدمته وندمه البالغ، تاركه بين وهنه وحزنه الشديد… رغبته في الاستقالة والتقاعد عن العمل، رغبته في التكفير عن كل ما فعله، بكى بشدةٍ ناظرًا للباب المُغلق، ضاع أولاده جميعًا، بأكملهم ضاعوا…

♡♡♡♡♡

في يومٍ جديد، يوم الجُمعة.
في الإدارة.

كان الجميع جالسًا يستمع لتعليمات اللواء الجديد بعدما أخبرهم نبيل أنه سيظل في مكتبه اليوم لأنه مُتعب، ليهدر اللواء بجديةٍ شديدة:
"طبعًا كلكم عارفين، كملنا تجميع الأدلة ودلوقتي محتاجين هجوم ونمسكهم متلبسين عشان ياخدوا حكم كويس، سواء سالم أو ثابت… اتفضل اتكلم يا يونس"

نهض يونس ليقف أمام الطاولة وهدر بجمودٍ وجديةٍ تامة:
"أثبتت الأدلة أن هيكون فيه تجمع للرجالة لتسليم مخدرات في ملهى ليلي يوم الأحد بليل… يعني لازم مراقبة بوليس أربعة وعشرين ساعة متخفية عشان نقدر نكون موجودين في المعاد ده، ده غير أن هيكون هناك جمال الهلالي وده يقدر يخليهم يخلعوا… إحنا مطلوب مننا سالم درويش وثابت درويش وإبراهيم مختار، الباقي منقدرش نقرب منه دلوقتي خالص"

حرك الجميع رؤوسهم بتفهمٍ ثم بعدها نطق اللواء بجديةٍ أخرى:
"وكدا انتهى الاجتماع وهسيبكم تشوفوا الموضوع سوى"

وغادر تاركهم سويًّا لينطق أدهم بجديةٍ:
"سالم يبقى خال إيناس بس قاطعين علاقتهم بأهلهم من زمان جدًّا بسبب أكل الورث، لأنه أكل ورثهم لما مات جد إيناس يعني مفيش أي حاجة تقدر تفيدنا منهم وغير كدا خليهم بعيد أحسن"

"مين يشهد للعروسة!"

قالها كريم بمزاحٍ، ليحمحم أدهم وهو يفرك خصلاته فضحك يونس أيضًا عليه، أما رزان ارتفع رنين هاتفها فنهضت وكادت أن ترحل ليوقفها كريم عندما نادى اسمها:
"رزان!"

استدارت تطالعه بجمودٍ شديد، فنطق بندمٍ وحزنٍ يعلوا قسمات وجهه:
"أنا آسف!"

"ماشي"

قالتها رزان ثم توجهت نحو الخارج وأغلقت الباب خلفها، ليشدد كريم على خصلاته بقوةٍ متأففًا بشدةٍ، حزن كبير بداخله عما فعله في أخته، فهي معها الحق وهو المخطئ والغبيّ دائمًا، ليهتف يونس بهدوءٍ:
"رزان هتسامحك… هي أصلًا مش زعلانة منك بس أنت تستاهل قلمين على وشك يظبطوك عشان أنت غبي وحمار يا كريم"

أنهاها بحنقٍ بالغ ليؤكد أدهم على ذلك، فصاح كريم بضجرٍ:
"متشتمش أنا مش كدا!"

"لا كدا، وجربوع كمان"

قالها يونس بغيظٍ منه وإصرار أنه كذلك، ليزمجر كريم بضجرٍ وحنقٍ ثم نهض تاركهم وغادر، ليقول أدهم ليونس:
"بكرة تيجي معايا، أنا كلمت أبويا وقولتله قالي هييجي… بس عايزك معايا"

أنهاها أدهم بمشاعرٍ حبّ تكنّ لصديقه وأخيه يونس، يريده معه في ليلةٍ كهذه لكي لا يكون وحيدًا، ليبتسم يونس بحنانٍ وقام بفرد ذراعيه ليتقدم منه أدهم فقام بمعانقته بحنانٍ ناطقًا:
"هاجي معاك طبعًا يا أدهم ده أنت أخويا، مبارك وربنا يتمملك على خير!"

ابتسم أدهم له بشدةٍ ثم ابتعد وأخبره أنه سيجعل هالة وطارق يرون الوضع، فوافقه يونس وتحرك هو الآخر.

أما رزان كانت تضع هاتفها على أذنها بعدما خرجت تستمع لغيْث يقول:
"يعني يوم الجُمعة وبرضه شغل!"

"والله يا غيْث شغل مستعجل وبعدين كان اجتماع بس ويوم الأحد الشغل بجد… أنا هشوف بابا وجاية! وأتمنى من قلبي كتب كتاب أختك ميكونش في قاعة"

أنهتها بضيقٍ دفين، ليضحك بشدةٍ ثم نطق يُطمئنها:
"لا متخفيش في البيت، ما عشان كدا أنا في المطعم عندي شغل برضه عشان العريس في البيت بيجهز فحِمل الشغل عليا"

ابتسمت رزان بعذوبةٍ ونطقت بلطفٍ:
"طب جهزلي أكلة حلوة بقى هكلم اللواء وهاجي"

اتسعت بسمته بشدةٍ ونطق بمرحٍ:
"ده المطعم هينور، مستينكِ يا حبيبي"

"سلام"

قالتها رزان وأنهت المكالمة معه، تجاهلت آخر كلمةٍ قالها هو ولكن قلبها لم يتجاهل حينما ارتفعت دقاته بقوةٍ تخبرها أن تكفي مُكابرة ولكن صارع عقلها عندما أخبر قلبها أن يصمت… ليس الآن فلتنتهي من الكابوس وتُعوضه عن ما رآه معها، ليقتنع قلبها بذلك ولكن ليس اقتناعًا كاملًا، توجهت لمكتب اللواء وطرقت الباب لتستمع لصوته الخافت يأذن لها بالدخول، فدخلت وأغلقت الباب ثم رفعت عيناها لوالدها وتقدمت منها تمد يدها لمصافحته ليبادلها المصافحةِ بشيءٍ من الوهن والحزن الذي يغلف وجهه، جلست وأردفت تتساءل بقلقٍ:
"حضرتك كويس؟"

رفع عينيه الباهتة ووجهه الشاحب، تعابير وجهه لا تدل أنه بخير، الندم يتملك منه والحزن يغلفه، ليهتف هو من جديد بنبرةٍ خافتة أعربت عن حزنه وندمه:
"أنا آسف يا رزان… ماليش حق ولا ليا عين أقول آسف بس أنا آسف… آسف على كل حاجة، آسف عشان مكنتش بعمل حاجة… دايمًا مهتم بشغلي وناسيكم، سبتك مع والدتك من أول ما اتطلقنا ومفكرتش كتير أخدك منها، قولت هتكون أحسن هناك… آسف وأتمنى تسامحيني"

"هكون أحسن هناك؟؟؟"

جملةٍ قالتها باستخفافٍ بالغ بعدما انتهى من حديثه، لم ترد أن تُكثر عليه حِمله فنهضت دون كلمةٍ وأردفت بجمودٍ قبل خروجها:
"عن إذنك يا سيادة اللواء!"

غادرت تاركة إياه، لم تقدر أن تأتي على راحتها وذاتها مرة أخرى لم تقدر، تمنت لو تضحك بشدةٍ على جملته تلك، تضحك ضحكًا هيستريًّا ينافي ألمٍ ووجعٍ كبير، صعدت لسيارتها وأعادت رأسها للخلف تغمض عينيها بقوةٍ ثم بعدها اعتدلت وأشعلت السيارة وانطلقت بسرعةٍ عالية، يعتذر ويطلب المسامحة، كل شخصٍ يفعل بها ما يريد فعله غير مباليًا لها ثم يعتذر ويطلب المسامحة وكأن شيئًا لم يكن، تراكم الكثير بداخلها لا تقدر على وضع عبءٍ أكثر فوقها فالحِمل ثقيل، تمنت أن تأكل الطريق لتصل له، هو فقط حيث تجد بالفعل من يُقدّرها، من يُحبّها دون شروطٍ، من يحاول معها ويحاول أن يجعلها بخير، اقتنع قلبها وعقلها براحتها معه رغم أن عقلها ما زال يُكابر في حُبّه…

أوقفت السيارة ونزلت منها لتدخل للمطعم، أطلقت نظرة سريعة على كل من بالمطعم ثم بعدها توجهت نحو النادل وسألته:
"غيْث فين؟"

أشار لها على مكانِ تواجده لعِلمه بهويتها وأنها تكون زوجة مالك المطعم، فسارت باتجاه المكان الذي أشار عليه ودخلت لتجده يدندن مع نفسه كعادته وهو يرتدي مريولًا وعلى رأسه قبعةٍ صغيرة وبيده قفازاتٍ ويعد الطعام بمهارةٍ عالية ليستمع لصوتٍ يعلمه جيّدًا:
"عـاش!"

ابتسم قبل أن يستدير ثم وضع ما في يده واستدار لها وقام بخلع القفازات قائلًا:
"منورة يا روز!"

ابتسمت بخفةٍ ثم أردفت بنبرةٍ هادئة:
"هستنى برة!"

أوقفها عندما أمسكها من ذراعها قبل أن ترحل هاتفًا بتساؤلٍ:
"مالك؟"

تنهدت بثقلٍ ونيرانٍ تتكاثر وألمٍ يتزايد فوق بعضه البعض، ثم حاولت النطق ولكن لم تقدر، لترتمي في أحضانه ورغم تفاجأه ولكن حاوطها بين ذراعيه يربت على ظهرها، لا يجد ما يواسيها به سوى أن يعطيها حنانٍ دفءٍ وأمانٍ، وهي لا تريد غير ذلك، أبعدها بلطفٍ يمسح على عينيها بإبهامه ثم نطق بحنانٍ بالغ:
"إيه اللي حصل يا روز!"

زفرت بقوةٍ ثم أخبرته بما حدث، ثم نطقت باختناقٍ وهي تفرك عنقها:
"مش عارفة أفكر!"

حاوط وجهها بين كفيّها بحنانٍ ونطق بلطفٍ:
"هنفكر سوا، أنتِ مش لوحدك تمام! هخلص اللي بعمله ونتكلم!"

أومأت برأسها ليبتسم فمال ولثم وجنتها ثم أردف مكملًا:
"استنيني برة بقى وأنا خلاص خلصت!"

غادرت بالفعل نحو الخارج لتجلس على طاولةٍ مطلة على الشارع، تفكر من جديد…

♡♡♡♡♡

في منزل مدبولي.

مجتمعين ثلاثتهم على طاولة الغداء، الصمت سائد بين الجميع والكئابة تحتل المنزل وتحاوطه من كُلّ اتجاه، كان المنزل ليس به دفءٌ من الأساس ولكن فقدانهم لابنتهم جعل الحزن يتزايد ويُكثر به التشاؤم والصمت، كان إياد يأكل بهدوءٍ بالغ وبيده هاتفه يتفحصه بمللٍ رغم تعابير الجمود المرتسمة على وجهه، لو كان بيده لكان ابتعد عنهم ولكن لن يترك والده وخاصة والدته التي تتلاعب بوالده وتفتعل أشياءً كثيرة، ارتفع رنين هاتف يقطع ذلك الصمت المريب ولم يكن سوى هاتف زُهرة التي أغلقته بتوترٍ بعد رؤيتها للمتصل فأردفت بابتسامة مُهتزة:

"ده واحدة صحبتي معرفة قديمة هبقى أكلمها بعدين"

لم يأتيها الرد من نبيل الذي نظر لطعامه بوجهه الشاحب فنقلت بصرها لابنها الذي كان ينظر لها بجمودٍ وتحذيرٍ لتبتلع ريقها من نظراته ولكن قد أشاح ببصره ناظرًا لهاتفه من جديد لتنهض هي قائلةً:
"أنا شبعت، سناء تيجي لمي الأكل بعد ما يخلصوا!"

ورحلت سريعًا من أمامهم، لينهض نبيل أيضًا تاركًا الطعام ذاهبًا لمكتبه وإياد الذي نهض أيضًا وتوجه لحديقة المنزل وجلس على مقعدٍ أمام حمام السباحةِ يرتخي فيه ناظرًا للسماء، يفكر كثيرًا فيما سيحدث وفي النهاية لتلك الأمور.

♡♡♡♡♡

في الليل.
في منزل الشناوي.

قد جاء الجميع والمنزل متزاحم فهذا عقد قران يُوسف وچُمانة والموسيقى تعلو بحماسٍ ويغني معها الحاضرين بسعادةٍ وبهجةٍ تملأ وجوههم، كانت ترتدي فُستانًا باللون البنفسجيّ وكان يصل لبعد رُكبتها، كان مظهره لائقًا بها بشدةٍ، وچيهان التي اختارت فُستانًا باللون القرمزي ولونه لاق بها وكذلك مظهره، كان غيْث مرتديًا بنطالًا باللون الأسود وفوقه قميصًا باللون الأبيض يعلوه سترة باللون الرماديّ، قد جاء يُوسف الذي صاح مع الموسيقى بشدةٍ ومعه جميع الأصدقاء والجميع في حالة سعادة، كاد غيْث أن يتوجه نحو الباب ليرى رزان ولكن وجدها قد جاءت وكذلك يونس الذي ابتسم لغيْث مباركًا له بعذوبةٍ، نطقت رزان بابتسامةٍ صغيرة:
"عقبالك يا يونس!"

ابتسم يونس بحبورٍ:
"كلها أسبوع وبس!"

ثم لمح چيهان واقفةً تتحدث مع أحدٍ فأردف:
"خليكم سوا يا شباب"

ورحل تاركهم لترفع رزان إحدى حاجبيها فنطق غيْث بحنقٍ ساحبها نحو جانبٍ بعيدًا عن الباب هاتفًا:
"فكك من يونس خالص، اتأخرتي ليه؟"

"كنت بلبس وبعدين باجي متأخر عشان مصدعش"

قالتها رزان بهدوءٍ، ليميل قليلًا أمامها ناظرًا لعينيها متسائلًا:
"طب أنتِ كويسة دلوقتي؟"

توترت بعض الشيء لتعود خطوة للخلف بتلقائيةٍ ونطقت معيدة خصلاتها خلف أذنها:
"آه كويسة"

ابتسم وكاد أن يرد ليستمع لصوت عمار يصدح:
"المأذون جه!"

ذهب الجميع وبدأ الشيخ بعقد القِران وانتهى على جملةٍ…
"بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير!"

صدحت أصوات الزغاريد المهللة والسعيدة، أما يوسف قد نهض وضمّ والدته وكذلك چُمانة قد ضمّت والديها بحبّ، وكذلك شقيقها الذي ابتسم مقبلًا جبينها بحنانٍ:
"مبارك يا حبيبي!"

ابتسمت چُمانة بحبّ له، ثم ابتعد عنها واقترب يوسف الذي ابتسم غامزًا لها :
"مُبارك يا حُب! مش هتنازل عن حضن عشان أبوكِ بقاله شهر بيغيظ فيا"

ضحكت بخجلٍ واقترب منها ثم عانقها بين ذراعيه هامسًا لها بحبّ:
"مُبارك يا حبيبي بجد!"

نزلت دموعها بسعادةٍ بالغة وهي تبادله العناق ثم ابتعد عنها ومسح دمعاتها ومال مقبلًا جبينها قائلًا:
"متعيطيش بقى أبوكِ يقتلني فيها!"

ضحكت بخفوتٍ ليبتسم ثم نطق بحبٍّ:
"قد غاصَ قلبي في غرامكِ… أقع دائمًا في كلّ مرةٍ مستسلمًا أمام عينيكِ، فلقد هيّمت بكِ وبعينيكِ عشقًا يا حبيبي!"

تأثرت بشدةٍ وقد لمعت عينيها وتضرجت الحمرة لوجنتها بخجلٍ ثم هتفت:
"علفكرة بحبك يا چو!"

اتسعت عيناه بصدمةٍ ولكن قد ابتعدت سريعًا عنه متوجهة نحو شقيقتها، وقد جاء أصدقائه ليرقصوا بمرحٍ وسعادة، أما رزان كانت تقف كعادتها تعقد يدها أمام صدرها، لتجد فتاة تقترب منها وتسألها بهجومٍ:
"أنتِ مرات غيْث!!!"

نظرت رزان للفتاة من أعلاها لإخمص قدميها ثم نطقت ببرودٍ:
"آه!"

نظرت لها الفتاة بغضبٍ وغيظٍ شديد قد تعجبت منه رزان ولكن ظلت محافظة على ثباتها ولم تهتم، اقترب غيْث من رزان مردفًا:
"عايزة قهوة!"

"إزيك يا غيْث عاش من شافك!"

قالتها نفس الفتاة التي كانت تقف لرزان ولكن بنبرةٍ رقيقة ومائعةٍ، جعلت رزان تناظرها بقرفٍ واشمئزاز رغم الجمود الذي ما زال مرتسمًا على وجهها، لينظر غيْث لها ثم قال بعدم اهتمامٍ:
"الحمدلله يا آيات!"

نطقت بحزنٍ ونبرةٍ بها دلالٍ:
"طب مش عيب تتجوز من غير ما تقول!! كدا ينفع يعني"

"مبعزمش ملزقين، ويلا روحي عمتو بتناديكِ!"

قالها غيْث بحنقٍ من تلك الفتاة المتطفلة، ورزان فقط تشاهد ذلك ببرودٍ ولم تنطق بشيءٍ فكادت الفتاة أن تعترض لتنطق رزان تلك المرة بجمودٍ:
"أنتِ واقفة هنا ليه أصلًا؟"

"وأنتِ مالك أنتِ؟؟"

قالتها آيات بهجومٍ شديد وغضبٍ لرزان، ليهتف غيْث بحدةٍ:
"اتلمي وروحي شوفي عمتو معاها حقّ… واحد ومراته واقفين واقفة هنا ليه؟"

"عشانك"

قالتها آيات بدلالٍ ووقاحةٍ، جعلت رزان تسحبها على غفلةٍ من مرفقها نحوها تضغط عليه ناطقةً بتحذيرٍ:
"مش عشان ساكتة وهادية يبقى فكراني طيّبة… بالعكس ساعات السكوت هيبقى فايدة ليكِ وأني مطلعش سلاحي أفرغه في دماغك… اتظبطي وروحي لأمك بدل ما أظبطك أنا"

ثم دفعتها في نهاية جُملتها وكادت أن تقع ولكن تحاملت على ذاتها وقبل أن ترد بغضبٍ أزاحت رزان طرف سترتها ليظهر السلاح جعل آيات تعود للخلف بذعرٍ وهي تركض سريعًا نحو موضع والدتها، لتزفر رزان بقوةٍ وهي تعود لعقد يدها أمام صدرها وكأن شيئًا لم يكن، ليناظرها غيْث بفخرٍ:
"عـاش!"

ثم مال نحوها هامسًا لها بعبثٍ:
"بس حلوة الغيرة اللي طالعة من عينك دي! مكيفة قلبي ومدشدشاه"

"مش غيرانة!"

قالتها دون أن تنظر له، ليهمس لها من بين ضحكاته:
"كدابة، عينيك فضحاكِ"

أطبقت على يدها بقوةٍ ونطقت بغيظٍ شديد ينافي اضطراب قلبها ودقاته العالية من كلماته ناطقةً:
"امشي من قدامي يا غيْث!"

اعتدل غامزًا لها بخبثٍ:
"همشي، هروح لآيات بنت عمتو!"

رفعت إحدى حاجبيها ناظرةً له ليضحك بشدةٍ مبتعدًا عنها قائلًا:
"وتقول مش غيرانة"

أدارت وجهها بعد رحيله تضحك بخفوتٍ على ما يفعله، ثم زفرت بقوةٍ لعِلمها بما هو قادم في مصير عملها ومصير انتقامها وخُطوتها القادمة ولكن لترى ما سيحدث أولًا.

♡♡♡♡♡

فات اليوم، وجاء موعد طلب يد أدهم لإيناس.
في منزل عائلة إيناس.

قد وصلوا للمنزل ورحبّ بهم أنس بحرارةٍ وودّ بشدةٍ، وقد جاءت هالة من الداخل التي رحّبت بهم أيضًا وجلسوا في غرفة المعيشة، لينطق يونس مائلًا قليلًا نحو رزان التي جاءت رغمًا عنها وقد جاء غيْث معها أيضًا وهمس لها:
"مهو ناس حلوة أهو… أدهم عامل مناحة على أخوها ليه!"

همهمت بغيظٍ وهتفت من بين أسنانها:
"ملكش دعوة بيا!"

كبح غيْث ضحكاته ومال هو الآخر هامسًا لها:
"افردي وشك شوية… ناقص تقولي للناس إنك مش طايقاهم"

تحدّث فارس أولًا بعدما تنحنح أدهم هاتفًا:
"أنا جاي النهاردة أطلب إيد بنتكم إيناس لابني أدهم وبإذن الله كل اللي تقوله عليه مجاب"

هتف أنس بابتسامةٍ قائلًا:
"ليا الشرف طبعًا يا عمي، هو الرأي في الأول وفي الآخر لإيناس أختي… ناديها يا ماما!"

"تعالي يا كتكوتة معايا!"

قالتها هالة موجهة حديثها لرزان التي لم تنتبه من الأساس، ليلكزها غيْث مشيرًا لها فرفعت عينيها بتشنجٍ لذلك اللقب ولكن لم تبدي ردة فعلٍ بل نهضت معها لترى إيناس هاتفةً بنبرةٍ هادئة ينبعث فيها احترامها للسيدة:
"اتفضلي يا طنط"

ابتسمت هالة وأخذتها معها وهي تقول بعذوبةٍ:
"أنتِ أخت أدهم؟ شكلك عسل أوي"

ابتسمت رزان ابتسامةٍ صغيرة ونطقت بهدوءٍ:
"لا مش أخته، أنا صديقته وزميلته في الشغل بس صداقتنا قوية شوية قريبة للأخوات.. عشان كدا أنا هنا النهاردة!"

ابتسمت هالة بحبورٍ لتلك الفتاة ووصلوا للغرفة فطرقت هالة الباب وأردفت:
"أنا معايا حد يا إيناس!" 

فتحت هالة الباب لتجد ابنتها أمام المرآة تهندم ثيابها بتوترٍ بالغ وقد تصبب العرق على جبينها ولكن أخرجت منديلًا تمسحه وهي تستدير لوالدتها ولم تنتبه لوجود رزان هاتفةً:
"ماما أنا خايفة أوي ومتوترة!"

هُنا ردّت رزان بابتسامةٍ هادئة تطمئنها:
"لا متخفيش خالص يا أناناسة ولا تتوتري دي قاعدة عادية"

ابتسمت إيناس بسعادةٍ أن رزان تواجدت هُنا ولم تقدر على تقليل حماسها ناطقةً:
"بجد جيتِ!! أنا مش مصدقة، بجد فرحانة أوي أنك موجودة"

ابتسمت هالة لها وأردفت:
"أنتِ عارفاها؟"

هزّت إيناس رأسها بإيجابٍ، لتبتسم رزان بعذوبةٍ ونطقت:
"تسلميلي يا حبيبتي، يلا بقى أدهم اتسلق برة.. وعلفكرة هو بيحبك جدًّا فاهدي عليه مش هيبقى أنتِ وأخوكِ"

فركت إيناس يدها بخجلٍ لتبتسم هالة بحب وحنانٍ لابنتها واقتربت تعانقها هاتفةً:
"بنتي كبرت وبقت عروسة قمر اللهم بارك!"

ترقرقت العبرات في أعين إيناس تنظر بحبّ وحنانٍ لوالدتها ناطقةً:
"ربنا يديمك ليا يا ماما!" 

كانت رزان تشاهد ذلك لعددٍ من المرات، في كُلّ مرةٍ تشعر بألم قلبها ولكن دائمًا ما تتجاهله وتتظاهر بالجمود، فلن يتغير أي شيءٍ حتى لو تمنت ذلك، انتهوا وخرجوا ليبتسم أدهم فور رُؤيتها مُعلقًا أنظاره بها ليلكزه يونس لكي ينتبه، فنهض أنس وعانق شقيقته بحنانٍ وحبّ مقبلًا رأسها لتجلس معهم وجلست رزان من جديد بجانب غيْث الذي سألها هامسًا:
"أنتِ كويسة؟"

أومأت له بهدوءٍ، ليبدأ أنس بالحديث في محور الموضوع هاتفًا:
"أدهم طالب إيدك وعايز يتجوزك يا إيناس… وأنا قولتله الرأي رأيك وأنا عن نفسي موافق"

أنهاها بحنقٍ ناظرًا لأدهم الذي يطالعه باستفزازٍ قصد إياه، لتبتلع إيناس ريقها بتوترٍ ناطقةً بخجلٍ:
"وأنا موافقة"

تهلل فارس ونطق:
"على بركة الله نقرأ الفاتحة!"

بدأ الجميع بقراءة الفاتحة وما أن انتهوا حتى أطلقت هالة زغرودة عالية بسعادةٍ، ليهتف فارس بابتسامةٍ:
"نسيب العرسان لوحدهم شوية!"

نطق يونس وهو ينهض قائلًا:
"نسيبهم منسبش ليه!"

وتوجهوا لغرفةٍ مجاورة فكان أدهم يكبح ضحكاته بشدةٍ، ثم بعدها حمحم بهدوءٍ ناظرًا نحو إيناس:
"بتاخدي أدويتك بانتظام؟ حصلك أي حاجة في الوقت اللي سيبتك فيه!"

هزت رأسها نافيةً ليبتسم بارتياحٍ ناطقًا بعذوبةٍ:
"شطورة يا أناناسة بتسمعي الكلام وبتاخدي بالك من نفسك… كملي بقى كدا لغاية ما نكتب الكتاب!"

رفعت عينيها سريعًا بصدمةٍ، ليقول أدهم ببراءةٍ:
"عشان ناخد راحتنا يا نوسة، وأعرف آخد بالي منك كويس… وبعدين متشليش همّ أخوكِ قال الخطوبة بعد أسبوعين… هجيب مأذون وأنا جاي في إيدي مش هاجي بإيدي فاضية"

كبحت ضحكةٍ على تعابير وجهه وهتفت بحنقٍ:
"مش شايف أنه استعجال"

تأتأ نافيًا لتزفر بغيظٍ فضحك بخفوتٍ وهتف بحنانٍ:
"عشان الخطوبة فيها ضوابط ولازم نحط حدود عند حدّ مُعين.. وكتب الكتاب ناخد راحتنا وأعرف أخد بالي منك كويس وميبقاش فيها أي حاجة حرام"

أنزلت رأسها بخجلٍ تفرك يدها بتوترٍ فابتسم قائلًا:
"مفيش أي ريأكشن ولا كلمة خالص! أنا اللي بتكلم.. موافقة ولا لأ!"

"موافقة"

قالتها بخجلٍ وقد تضرجت الحمرة لوجنتها، ليكمل هو مردفًا:
"اتقلي على التُقل اللي أنتِ عملاه ده!"

وانتهت الجلسة وقد اتفقوا على كل شيءٍ وغادروا.

♡♡♡♡♡

في منزل أروى.

قد أخرج عود ثِقاب وأشعله ثم رماه على الأريكة التي اشتعلت بسبب المادة المُشعلة التي وضعها ولم تكن لها رائحة لكي لا تشعر بشيءٍ، بدأت النيران بالانتشار في الشقة بأكملها وقد هرب هو قبل أن يراه أحدًا مثلما دخل، لتخرج أروى من غرفتها وهي تسعل بشدةٍ ولكن قد التمهت النيران كل شيءٍ والدخان قد تكاثف في كُلّ مكانٍ ولم تعد تقدر على التنفس أو ترى شيئًا أو حتى تصرخ وتهرب، لتقع فاقدةً للوعي والنيران حولها تحوم آكلة لكل شيءٍ.

#يُتبع

ــــــــــــــــــــــــــــ

فصل خفيف أحبائي ❤
مستنية رأيكم في البارت

إلى اللقاء في الفصل القادم ♡

دُمتم سَالمين

#مأساة_روز
#أروى_سُليمان

Continue Reading

You'll Also Like

246K 12.4K 92
Being flat broke is hard. To overcome these hardships sometimes take extreme measures, such as choosing to become a manager for the worst team in Blu...
261K 5.9K 57
❝ i loved you so hard for a time, i've tried to ration it out all my life. ❞ kate martin x fem! oc
4.1K 91 11
𝐀𝐌𝐈𝐍𝐀 𝐊𝐀𝐍𝐄, The perfect daughter, the perfect soldier. The perfect role model for the citizens on the Ark. She had to be perfect. She's Marc...