12/09/1956
لم يخفي الحارس دهشته و هي تريه بطاقتها و تكشف عن هويتها ، تطلع على وجه جوني و بدى له أنه ليس السيد رومان فهو يعرفه جيدا ليقول باحترام : و السيد ؟
ابتسمت رينا بمكر و هي تطالعه : إنه ضيفي الليلة ...
دخلا كلاهما و صدم جوني بالعالم الذي دخله للتو ، إنه حتى لا يشبه ما يراه في المسلسلات و الأفلام ، إنه أكبر و اكثر جرأة ...
كان هناك نساء يرقصن على عواميد فولاذية في المنتصف بينما يحطيهم مئات المتفرجين ، الأضواء خافتة و حمراء ، هناك بار في المنتصف ممتلأ على آخره ، تبع رينا في هدوء إلى أحد الطاولات .و جلسا ...
كانت تراقب ملامحه المندهشة كطفل يزور الألعاب لأول مرة ، كان صوت الموسيقى صاخبا و مثيرا لتقترب من اذنه و تقول : أتراهن أنه قبل أن يأتي مشروبنا الأول سوف تطلب منك إمرأة الرقص ...
قال بسخرية : ليس معي سوى خمس اورو في جيبي
ضحكت بقوة : لا بأس سوف آخدها ...
اخرجها من جيبه واضعا إياها على الطاولة و هو شبه متأكد أنها مخطئة مطالعا إياها بتحدي بادلته هي نفس النظرات ليجد يدا توضع على كتفه من الخلف من فاتنة شقراء هامسة له باغراء: ألن ترقص معي ؟
حملت رينا ورقة خمس يورو في يدها و قالت بانتصار : أعتقد انها لي ،إذهب معها ...
و هو ما فعله على الفور ، راقبت لغة جسده المتوترة و الخائفة ، يبدوا أنه لم يراقص إمرأة منذ عصور..
بدأت الفكرة تتبلور في رأسها أكثر و أكثر ...
إنها تعلب بالنار حقيقة لكنها لا تهتم ...
ما لم تعرفه أنها أثناء تفرجها على جوني و هو يراقص تلك الفاتنة ، كانت ذات نفسها تخضع للمراقبة من الطابق الأعلى حيث كبار الشخصيات جالسون ، كانت قد أثرت إهتمام مجموعة من الرجال بشدة ، و خاصة أن قائدهم قد شد لها بطريقة غريبة إلا أنه رفض ذلك بقوة ، لا يستطيع المخاطرة ليس بعد أن إقترب من طموحه و بقيت شهور قليلة ، لكنها قطعة من الكمال و كأنها حورية هربت من الجنة ، كان يقاوم الرغبة فيها ، و من أجل التخلص من هذا الشعور الذي يلازمه كلما تطلع إلى الأسفل ، أشار لأحد رجاله بأن يضاجعها ...
راقبه و هو يقترب منها شعر بنار تشتعل في صدره و هو يراها تضحك على نكته السخيفة و قبل أن يدرك الأمر كانت تحاوط ذراعه كي تخرج معه ، حاول إقناع نفسه أنها مجرد رخيصة وجد أحمقا يدفع ثمنها ، ثم من هذه المرأة أصلا حتى تأخد من تفكيره , مثلها مثل الللواتي سبقنها من قبل ، فاتنات يبهر بهن في اللحظات الأولى ثم يختفي ذلك الانبهار ... و الأمر سيان بالنسبة لهذه الفاتنة أيضا لكن هذه المرأة سوف يقاوم رغبته بها ..
+++++++++++
على الجانب الآخر وصلت رينا مع آيرس أحد رجاله إلى السيارة و الذي كان مهذبا كفاية كي يفتح لها الباب ..
عندما ركبت السيارة معه ، و أغلقت الأبواب شعرت فجأة أنها في معزل تام عن العالم ، أصبحت الضوضاء شبه منعدمة ، و بدا لها أن العالم قد إختلف تماما ، سمعت صوت الرجل من ورائها يتحدث بثقة : إختلف كل شيء أليس كذلك ؟
تنهدت بقوة : يبدوا العالم أكثر هدوءا ...
و طرأ في رأسها أن تعبثت قليلا ، أن يكون هذا اختبارا لمدى قوتها و صلابتها فيما تريد فعله ..
كان صوته هادئا لكنه قويا بعض الشيء : لا أحب الضجيج على أي حال ....
أراحت ظهرها و إنطلقت السيارة ، لتسأله : ما كان عمره أصغر حبيبة لك ؟
في الحقيقة كان قد توقع الكثير من الأسئلة منها أولها أن تكون إلى أين سوف يأخدها او عن اسمه لكن سؤالها كان مفاجأ جدا ليقول بتذكر : أعتقد كان 22 سنة ربما لا أعلم حصل هذا من وقت طويل ...
عادت و سألته : و انت كم كان عمرك أنذاك؟
قال بكذب: ربما 30 أو 31 سنة
سخرت منه : كلا كان عمرك أكبر من ذلك
شعر بالاهانة من اتهامها له بالكذب و لكن هناك احتمال ان تكون تعرفه و ازعجه ذلك بقوة : كلا ذلك كان عمري.
تأملت قسمات وجهه الغاضبة و ضحكت : لا تغضب الغضب علامة العجز ، كيف انتهى الأمر ؟
+ لقد اردنا أشياء مختلفة في الحياة و كل منا رحل في طريقه
فسر الأمر باقتضاب و هو يحاول التركيز في القيادة و التفكير في مهرب من هذه المجنونة التي ورطه بها زعيمه
ضحكت بقوة : النساء في ذلك العمر لا يرحلن بل يهربن ..
أصابه نوع من الدهشة من المرأة التي تصاحبه الليلة فهي ليست مثل اي واحدة مرت عليه في حياته ، من أين لها الجرأة باصدار الأحكام هكذا ..
حاول السيطرة على زمام الحديث قائلا : انت مخطئة ف...
قاطعته بملل : أنا لم أسألك بل اخبرك .
سألها بحدة خفيفة : و كيف لك أن تعرفي ذلك ؟
ابتسمت ابتسامة ساحرة : أقرأ أحيانا و اسمع قليلا و أعيش كثيرا ، أعتقد أن الأمر كافي .
.......... .........
لتعود هي و تسترسل بصغية مستفزة : أذكرك بها أليس كذلك ، الرجال يحبون أن يختاروا امرأة تربطهم بها صلة من ماض بعيد ...
شعر بالدم يتجمد في عروقه ، كيف لها أن تعرف مثل هذا الأمر و هو لم يبح به لأي أحد فهي فعلا تشبه فاتنة مرت في حياته .. و هو جعله يقبل مباشرة حين عرض عليه الزعيم مضاجعتها ...
ثم أردفت بنبرة حانية: أنت تنظر لي و كأنك تطل على نافذة الماضي لم يكن من الصعب قرائتك ...
تنهد بقوة فما يعيشه مع هذه المرأة ما هو إلا ضرب من الجنون ، ففي في دقائق كادت أن تصيبه بنوبة قلبية
اوقف السيارة و قال بصراحة : لقد تقربت منك كي أضاجعك الليلة ، لكنني لا أستطيع فعل ذلك الآن ، أنت امرأة غريبة و مجنونة ...
قالت بسخرية :كلا ، أنت خائف مني ، خائف من أعرف المزيد من اسرارك في نوبة من سكرك ، لكنك لست رجلا مهما على النحو الذي تظنه يا عزيزي ، و لكن القدر سيكون كريما معنا و لنا لقاء آخر ، الآن ارجعني إلى الملهى...
/////
جحظت عيناه في دهشة و هو يراها تدخل الملهى مجددا ، ضيق عينيه و هو يرى رجله يعود إليه و على وجهه علامات الضيق ، لم يحصل عليها هذا ما استنتجه ...
رأها و هي تقترب من ذلك الرجل الذي أتت معه المرة الأولى و هو جوني و تهمس له بشيء ، و تضع في جيبه ورقة ما ..
نهض من مكانه و التف حوله الرجال يتبعونه مع ابقاء مسافة خطوة يسبقها بيهم ، قرر العبث قليلا فمر من جانب حلبة الرقص حيث كان جوني يقف مواليا ظهره لها و هي مقابلة له ، دفعه بكتفه و هو يمر فاختل وزن جوني بينما حولت رينا نظرها الى الرجل الذي فعل به ذلك فوجدت جيشا يتبعه ، لكنها تبينت مظهره من الخلف و بقيت ملامحه مخفية ، كونه طويل القامة و عريض المنكبين ، و جحظت عيناها أكثر و هو ترى الرجل الذي أرادها قبل قليل مع اتباعه ...
علت ابتسامة وجهها بينما لمعت عيناها كقطة وجدت فريستها ، لم تعرف سبب الابتسامة و لا تعرف هوية الرجل لكنها بطريقة ما تعرف أن الحظ الذي هرب منها عمرا كاملا على وشك الوقوف بجانبها آخيرا و هي ليست امرأة تضيع الفرص يكفي ما ضاع من عمرها ...
خرجت رينا مع جوني و معهما الشقراء بعد جولة أخرى من الشرب ، حشرت مجموعة من الأوراق النقدية في صدرية المرأة قائلة : اجعليه يشعر بالنعيم الليلة ..
فهم جوني ما ترمي إليه و رغم سكره عارض : لا أريد ، لا أريد النوم معها ...
ابتسمت له رينا : عليك النوم معها اذا كنت تريد رؤيتي مجددا ...
لم يستوعب عقله المثقل بالسكر و لكنه وجد الشقراء الفاتنة تجره الى سيارة أجرة اوقفتها و جعلته يركب رغمل عنه ، شاهد رينا هذا المنظر إلى أن اختفت سيارة الأجرة ، شعرت بأنها مراقبة و أعجبها الأمر يبدو أن هناك من يظن أنها مثيرة للاهتمام ..
ركبت سيارتها التي احضرها السايس و إنطلقت و هي تتأمل مرأتها الجانبية و ترى مراقبها ...
الغريب في الأمر أن الخوف لم يتسلل نهائيا إلى قلبها رغم كل شيء ....
ما حدث اليوم فقط من أحداث يعادل ما عاشته من عمر ، لما تتصرف بهذا البرود و اللامبالاة ...
الحقيقة أن رينا شعرت أنها فقدت نفسها منذ وقت طويل ، فقدت الشعور بالسعادة و الحزن ..
لم يعد هناك ما تخسره فقد خسرت بالفعل كل شيء قبل أن تصل إلى هذه النقطة و الآن و قد وصلت لا مجال للعودة حتى لو أرادت ذلك ...
ركنت سيارتها و رمت المفاتيح للسائق الذي يطالعها بدهشة فلم يسبق لسيدته التأخر ، رغم شربها إلا أنها حافظت على توازنها بشكل رائع ، دلفت البيت و ما إن كادت تصعد إلى للاعلى حتى سمعت صوته ، صوت زوجها : أين كنت ؟
استدارت و هي تطالعه بملل : إسمها مساء الخير رومان .
زم شفتيه في غيظ : حسنا لو كنت أعلم أين كنت لكنت ألطف خاصة أنك تعلمين أنني قادم ...
تصنعت الصدمة : اللعنة لقد نسيت تماما أنه يوم العشاء ..
اعاد سؤاله : أين كنت ؟
قامت بخلع كعبها بملل : هل نسيت أنه ليس من حق أي طرف سؤال الآخر عن مواعيد خروجه ، لكني فعلا أعتذر عن تغيبي عن عشائي معك كنت أريد اخبارك بشيء ما رأيك في القدوم غدا و سوف نتحدث ، الآن انا متعبة و مرهقة و لا قدرة لي للحديث ، تصبح على خير ..
لم تنتظر رده بل إنطلقت إلى غرفتها و رمت نفسها على سريرها و هي تتنفس بقوة ، لأول مرة منذ سنوات تشعر بأنها حية ... بأنها على قيد الحياة ...
كل ما فعلته كان ضربا من الجنون لكنه بطريقة ما منطقي للغاية ...
---------
1956/09/13
نامت بعمق شديد و في الصباح أتت مديرة الخدم كي توقضها : سيدتي الساعة 11 أرجوك انهضي ..
صاحت رينا بغمغمة : سوف اطردك ايتها العجوز اللعينة ..
نزعت عنها نيلا الغطاء : تقولين ذلك منذ سنة سيدتي ..
فتحت رينا عينيها و ردت بنعاس : لا داعي لتذكريني حتى بكسلي في طردك ..
لكنها فجأة تذكرت أمرا مهما و قالت : نيلا بسرعة احضري لي كل الجرائد و المجلات الموجودة في السوق
و احضري لي دليل الهاتف أيضا
استغربت نيلا طلبات سيدتها لكنها أمرت الخدم بأن يقوموا بالأمر بينما ساعدتها على النهوض و تجهيز نفسها
قضت رينا نهارها في معاينة الأخبار و الوجوه السياسية و حتى رجال الأعمال على أمل أن تجد الرجل الخفي لكنه غير موجود ...
بقي احتمال واحد أن يكون من من تجار الممنوعات و هذا أمر لا تستبعده ....
حل المساء و جهزت نفسها من أجل العشاء و إلقاء القنبلة النووية التي جهزت لها منذ مدة طويلة ...
---------
على طاولة العشاء جلس كلاهما مقابلا للآخر تحدث رومان و هو يتناول طعامه بشهية كبيرة : اسمعي يا رينا ، انا لا أهتم اذا خرجت أو حتى سهرت خارج البيت أريد فقط أن تحترمي مواعيدك معي كما أفعل أنا معك ...
تجرعت قليلا من النبيذ و قالت باقتضاب و بنبرة حاسمة :سوف أضاجع أحدهم الليلة ..
لم يتوقع رومان أن يسمع مثل هذه الجملة من زوجته الجميلة الخلوقة التي لا تتجرأ حتى على التدخين ، صحيح أنهما تزوجا فقط من أجل المصلحة و كان بينهما إتفاق أن من حق أي من الطرفين القيام بالعلاقات الجنسية كما يريد لكنه لم يدرك أنها سوف تريد ذلك فعلا ، و حقيقة كان الأمر مرضيا لرجولته المريضة ان يحصل على كل شيء ، الثروة و المتعة و الزوجة المحترمة التي تعتبر واجهة إجتماعية رائعة دون أن تطالب بحقها ..
قال بصدمة من تصريحها ذلك خاصة أنها قالت جملتها بطريقة عادية : حقا!! حسنا أنا لم اتوقع ذلك ..
ثم أردف : هل أعرفه ؟
هزت رأسها نافية و هي تأخد قضمة كبيرة من طعامها : لا ، لا أعتقد ذلك .
زم شفتيه محاولا السيطرة على نفسه فهذا الموقف جد مخزي بالنسبة له : أخبريه أنه يجب عليه أن يستخدم حماية ما لا أريد ..
قالت رينا بخبث و هي تناظره بحدة : لا بأس أنا أتناول حبوب منع الحمل ..
قام فكه بالتشنج من فكرة أن هناك رجلا سوف يشعر بداخل زوجته بمعنى الكلمة لكنه قد ابرم اتفاق و عليه الالتزام ، خاصة أنه خلال سنة من الزواج لم يرها سوى مرات معدودة اذا لم يحتسب هذا العشاء الأسبوعي ، فيما ضاجع هو عاهرات بعدد شعر رأسه و لم تجرأ هي على محاسبته حتى ، كان يتمنى بداخله لو أنها ثارت عليه و لو مرة واحدة ربما كان خضع لها لكنها إختارت الصامت الذي قاتله ببطئ و الآن الضربة القاضية..
ركز نظره على طبقه مكملا طعامه في صمت مرير و هو يبتلع مع كل قضمة العار الذي سوف يلحق برجولته و هو يرى زوجته ترحل لتنام مع رجل آخر ، نهضت من مكانها كي تخرج ليوقفها قائلا بتردد: كوني حذرة ..
كانت عيناه ترجوها من أجل البقاء و الاثناء عن هذه الخطوة لكنها قد قررت بالفعل و قالت : سأكون .
.......
لا تنسوا التصويت يا حلوين 💚