مأساة روز ✓

ArwaSoliman4 által

53.5K 3.6K 798

لا نختار حياتنا بأيدينا ولا نختار قدرنا.. بل نُولد لنرى أنفسنا في مكانٍ لا نتخيله، لا نريده، نتمنى لو نختفي... Több

اقتباس
مُقدمـة
2 - الجارة الجديدة
3 - مسألةٍ مُعقدة
4 - يعيش اللحظة
5 - مسافة الطريق
6 - لماذا قتلت!
7 - أمام وجهها
8 - تمّ الاعتداء!
9 - انفجار مدويّ
10 - رمىٰ القنبلة في وجهها
11 - ثمن الحساب
12 - تمّ خطفها
13 - خبرٌ صادم وعاجل
14 - فاقدًا للوعي
15 - ليست الحياة وردية
16 - من دمه!
17 - من جاء؟
18 - ما الخطوة القادمة!
19 - تزداد النيران
20 - هل ستكون النهاية؟
21 - من أنتِ؟
22 - الحياة ليست عادلة
23 - اتشاهدي على روحك
24 - بوليس الآداب
25 - سيُقتل!
26 - تتمنى الموت!
27 - آكلة لكلّ شيء
28 - على أي نحوٍ!
29 - بصدرٍ رحب
30 - صرخة فزِعة باسمه
31 - أريد خَبرُها
32 - ثمانية وأربعونَ ساعةٍ
33 - صورة بِـ عيون من تُحبين
34 - وَقعت بَين يَديه
35 - الأخير
الخاتمة
هـام "روايتي الجديدة"

1 - تمّ الإمساك به!

2.6K 159 69
ArwaSoliman4 által

.
«متنسوش الڤوت قبل القراءة، وأتمنى لكم قراءة ممتعة أحبّائي».
.
.

بدايةٍ جديدة.
رحلة جديدة.
أتمنى أن تكون ممتعة.

ـــ

صلّوا على رسول الله..

ـــ

«مأساة رُوز»
«أروى سُليمان»
«الفصل الأول "تمّ الإمساك به!"»

ــــــــــــ

باتت الحياة آلامًا يتذوقّها البعض رغمًا عنهم، منهم من يقدر على تحملّ تلك الآلام ومنهم من يقع وينتهي، الحياة ما هيّ إلا سِوى معارك تُقدِم على محاربتها لكي تقدر على العيْش، لأن الاستسلام ما هو إلا سِوى فِعل ضعيف، لا يفعله سِوى من لا يرى سوى فقدان الأمل، الحياة قاسية تضرب ولا تُبالي، بإمكانك الوقوف والصمود والدفاع عن نفسك، وبإمكانك الاستسلام وفقدان الأمل والموت.

صعدت درجات السُلّم حتى وصلت لتلك الشقّة لتدخل وتجد الجميع يعمل بكلّ جُهدٍ، تقدّم شُرطيًّا منها يناولها قفازات ناطقًا بعمليةٍ:-

"الجثّة جوا والإسعاف على وصول يا فندم!"

هزّة صغيرة صدرت منها وهي تهم بارتداء القفازات وتتحرك بحريّةٍ حتى دخلت للغرفة التي بها الجُثّة.. اقتربت من موضعها ورفعت الملاءة بهدوءٍ تتفحص المنظر بعينيها والدماء التي تملأ الفراش بأكمله وقد سال على الأرضية الناعمة، سارت بخطىٰ ثابتة في الغرفة تتفحصها بعينيها ثم هتفت بهدوءٍ مريب:-

"أكرم!"

جاء ذلك المدعو أكرم إليها ليجدها تنظر من الشرفة بتركيز فهتفت بهدوءٍ:-
"في أي دلالة أن حد عايش معاها هنا"

هزّ رأسه نافيًا وهو يتشدق بجديةٍ:-
"لا يا فندم، كل الحاجات هنا حريمي بس وشكلها بتاعت المجني عليها، وكمان الحالة انتحار يا فندم السلاح كان في إيدها وفيه كاتم للصوت كمان"

نظرت نحوه ليتقدم شابًّا آخر يناولها كيس بلاستيكي به سلاح الجريمة لتأخذه تنظر له بتمعن وتركيز علّها تصل لشيء وحكت محيط ذقنها بتفكيرٍ ثم قالت من جديد:-

"مين اللي بلغ عن اللي حصل؟"

"واحدة جارتها يا فندم، بتقول جت تخبط عليها الصبح زي كل يوم وتديها فطار ملقتهاش بترد وهي مش عادتها متردش جابوا الجيران كسروا الباب ولقوا الوضع وبلغوا"

فركت جبهتها بهدوءٍ مريب ثم سارت بهدوءٍ نحو الباب هاردةً بأمرٍ:-
"الجيران ميتحركوش من شققهم لغاية ما نحقق معاهم، حراسة على العمارة محدش يخرج أو يدخل منها يا أكرم، لغاية ما نتأكد هل ده انتحار ولا قتل.. "

قاطعها وصول شخصٍ ناطقًا بنبرةٍ عاجلة وهو يعلم أنها ستلقنه درسًا عنيفًا على تأخيره بتلك الطريقة:-
"والله الدنيا كانت زحمة عشان كدا اتأخرت"

نظرت في ساعةِ يدها ثم نظرت نحوه هاتفةً بنبرةٍ باردة بعض الشيء:-
"هنتحاسب في الإدارة، خصوصًا أنت والزفت التاني اللي اسمه كريم"

"حيلك حيلك.. هتشوفي نفسك علينا ولا إيه؟؟ مجتش من ربع ساعة اتأخرناها"

قالها ذلك المدعو كريم الذي قد وصل للتو، مررت أناملها على وجهها تحاول التحكم في أعصابها ثم نطقت بهدوءٍ مريب:-
"خلصوا واطلعوا على الإدارة، حسابنا هناك!"

ولم تنتظر كلمةٍ أخرى كانت تنزل درجات السُلّم بخطى ثابتة بها عَجلةٍ، نظر الآخر ويُدعى "أدهم" لـ كريم هاتفًا ببعض الخوف:-

"أختك هتولع فينا!"

لوّح كريم يده بعدمِ اهتمامٍ وهو يتوجه نحو الداخل ناطقًا بحنقٍ:-
"يعم أدهم اقعد بقى.. ولا هتعمل أي حاجة دي بق على الفاضي!"

هزّ أدهم كتفيه بجهلٍ لما يراه ثم تحرك معه ليبدأ في عمله بكل جديةٍ.

قد جاءت الإسعاف وقامت بحمل جثمان الفتاة وتملأ الصحافة والإعلام المكان ولكن تمنعهم عناصر الشرطة من التقدم من العمارة، نزل أدهم وكذلك كريم ليجدوها تقف مستندة بظهرها على سيارتها وترتدي نظارتها الشمسية وتتحدث في الهاتف بتعابير وجه جدية وجامدة، تقدم أدهم الذي قال:-

"باين عليها جريمة قتل مش انتحار يا رزان!"

إماءة صغيرة صدرت منها وهي تُنزل الهاتف تدسه في جيبها هاتفةً:-
"احتمالية 50 50، لسة مبدأناش في القضية.. معلومات عنها كلها يا أدهم وأهلها لازم تعرفهم النهاردة قبل بكرة"

ونقلت بصرها لـ كريم متابعةً بنفس هدوئها:-
"الكاميرات في العمارة والشارع والتحقيق مع الجيران عليك، جارتها القريبة منها واللي بلغت تجيلي يا كريم"

كاد أن يتكلم باعتراض واضح على تعابير وجهه فأوقفته بيدها هاتفةً بجمودٍ:-
"كلمة اعتراض هلبس إيدي في وشك"

ثم تحركت للناحية الأخرى وصعدت للسيارة تتحرك بها بسرعةٍ هائلة، نظر كريم لأثر السيارة نظراتٍ ناريّة وحاقدة بشدة ويقبض على يديه بقوةٍ، يمقتها بشدةٍ ويتمنى لو يقبض على عنقها ويقتلها لكي يرتاح من تسلطها عليه، قاطع سيل أفكاره الشنيع أدهم الذي نطق:-

"مش يلّا بينا بدل ما تزعلنا بجد"

تحركا بالفعل وبدؤوا بالعمل بكل جهدٍ ليصلوا لحل في تلك القضيّة التي لن تكون سهلة أبدًا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

في الإدارة.

" الوضع كله تحت السيطرة يا فندم، وهنبدأ التحقيقات والقضية حالًا"

هزّة صغيرة صدرت من اللواء الجالس مع ابتسامةٍ هادئة ونطق بجديةٍ:-

"أنا عارف أنك قدها يا سيادة الرائد، ابدؤوا وأنا عارف أنكم هتوصلوا لكل حاجة"

أدت التحيّة العسكرية بتعابير وجهٍ جامدة، ثم اتجهت نحو الباب لتخرج وأغلقت الباب خلفها تزفر بقوةٍ لتجد في وجهها قائدها الذي هتف بهدوءٍ يسألها:-
"عملتوا إيه؟"

تحركت بخطى ثابتةٍ وهو معها ونطقت بنبرةٍ جامدة:-
"لسة هحقق مع جارتها اللي بلغت واللي تقريبًا عارفة عنها حاجات كتير، ونشوف أهلها فين وعايشة لوحدها ولا لأ!"

دخلت المكتب لتجد السيدة الجالسة تبكي بشدة على المقعد ودخل معها القائد، اتجهت تجلس في مكانها والقائد الذي جلس على أريكة بعيدة نسبيًّا عن طاولة المكتب، ثم مررت يدها على خصلاتها تعيدها للخلف تتشدق بهدوءٍ لتبدأ في تحقيقها مع تلك السيدة ناطقةً:
"أكيد تعرفي اسمها؟"

ابتلعت السيدة ريقها ببكاءٍ وهي تومئ بإيجابٍ ثم هتفت بدموعٍ:
"رانيا توفيق.. جارتي بقالها ست شهور تقريبًا بعد ما عزلت عشان تسكن في العمارة"

عدلت رزان من وضعية القلم هاتفةً بهدوءٍ:
"كنتِ قريبة منها أوي.. يعني تشكي أنها انتحرت ولا اتقتلت"

مسحت تلك السيدة دموعها التي تهطل بغزارةٍ حزنًا على رحيل صديقتها وجارتها ونطقت بما تعرفه:
"أنا وهي صحاب من ست شهور، وكل يوم بنقرب من بعض، قليل لما بلاقي حد بيجلها عشان كانت بتيجي تحكيلي كل حاجة، أما بقى انتحرت أو اتقتلت، رانيا كانت بتتعالج بقالها شهر عن دكتور نفسي…"

نظرت رزان نحو القائد الذي أشار لها بعينيه أن تكمل فنظرت للسيدة من جديد تعدل من وضعية جلستها تميل على سطح المكتب بعض الشيء مستندة بمرفقيها قائلةً:
"طب تعرفي بتتعالج من إيه؟ الدكتور النفسي اللي كانت بتروحله مثلًا اسمه إيه؟" 

"رانيا كانت آخر شهر ده مبتخرجش من بيتها غير على الدكتور وتروح، مبقتش تكلمني زي الأول اتغيرت أوي، وسألتها كذا مرة ساعات انفعلت عليا فاحترمت رغبتها وعرفت أنها بتتعالج من بواب العمارة، أما بقى بتتعالج من إيه وعند مين أنا معرفش، لغاية ما جيت خبطت عليها النهاردة أديها الفطار زي كل يوم ما هو الجار للجار برضه.. وأكلنا عيش وملح كتير مع بعض.. شوفنا بقى اللي حصل!"

مسحت رزان على وجهها بقوةٍ ثم عاودت النظر للسيدة وهتفت بهدوءٍ شديد:
"متعرفيش حد كان بيجلها، اسم حد مثلًا منهم"

هزّت السيدة رأسها بنفيٍ، فسألتها رزان من جديد:
"مسمعتيش أي صوت مثلًا بليل يخليكِ تقومي تشوفي فيه حاجة ولا لأ؟"

هزّت رأسها بنفيٍ من جديد، فزفرت رزان بقوةٍ وهي تريح ظهرها للخلف بأريحية مشيرة لها بالذهاب قائلةً:
"تقدري تتفضلي يا أستاذة، ولو في أي مشكلة تانية هنستدعيكِ، وياريت أنتِ لو عرفتي أي معلومة تيجي تقوليها عشان هتنفعنا"

أومأت السيدة وهي تنهض لتذهب من أمامهم، ثم استرخت رزان في مقعدها أكثر قائلةً:
"لما سمعت اللي حصل، من رأيك انتحار ولا قتل؟"

نهض ذلك الجالس وتقدم من المكتب بهدوء جالسًا أمامها يهتف بهدوءٍ:
"لسة كله متقفل، بس لما قالت دكتور نفسي الوضع اختلف، جايز كانت بتتعالج من مرض يخليها تنتحر.. زي اكتئاب مثلًا"

نظرت له لثوانٍ قليلة، ثم أخرجت هاتفها قائلةً بجديةٍ:
"إحنا نجيب البواب لحد هنا، يمكن يعرف اسم الدكتور وده هيساعدنا جدًّا وخيط حلو أهو.. ولسة أدهم بيشوف أهلها وكل حاجة عنها"

أومأ الآخر ثم بعدها نهض يقول بهدوءٍ:
"أنا هروح أشوف العمارة أنا، وهشوف البواب"

نهضت رزان هي الأخرى هاتفةً:
"خدني معاك، الوضع كله هناك لغاية ما يجي أهلها ونبدأ نحقق!"

أومأ وتحركوا سويًّا لكي يؤدون عملهم بكل جهدٍ، في البحث عن الحقيقة ومعرفة الخيط الأساسي لتلك الجريمة.

ـــــــــــــــــــ

في مكانٍ آخر..

أغلق دفتره ثم ابتسم هاتفًا:
"وكدا خلصت الجلسة.. أشوفك بإذن الله الأسبوع الجاي في نفس المعاد"

ابتسم الممددة أمامه على المقعد العريض الذي يجلس عليه المرضى ثم اعتدلت ونهض هو واستمعت له يقول:
"أهم حاجة التمارين تكلمي عليها، تمارين النفس، اليوغا عشان تقدري ترجعي لحياتك الطبيعية وتتعافي تمامًا"

ابتسمت تلك الجالسة ابتسامة صغيرة ممتنة ثم نهضت تشكره بامتنانٍ على ما يفعله، فابتسم لها مجاملةً ثم رحلت ودخلت السكرتيرة ليردف هو:-
"حنين.. ربع ساعة ودخلي الحالة اللي بعدها، قبل ربع ساعة ملاقيش خبطة على الباب، فاهمة!"

قالها بحزمٍ وتهديد صريح لتومئ هي بطاعةٍ ثم رحلت وأغلقت الباب ليسير هو بخطىٰ مرِحة نحو الثلاجة الصغيرة التي في مكتبه يدندن:
"مخصماك، وابعد عني أنا مش طايقاك
سبني مش عايزة أبقى معاك،
متورنيش وشك تاني..
مخصماك"

فتح الثلاجة ليأخذ منها مشروبه المفضّل وهو ذلك "الميكس جهينه" بنهكة الشوكولاتة، فتح العبوة ثم بدأ بشُربها باستمتاعٍ وتلذذٍ واتجه نحو الأريكة الأخرى التي في مكتبه يجلس عليها ويمدد قدمه يتلذذ بشُرب ما في يده، نطق بابتسامةٍ واسعة يدندن من جديد وهو ينظر للعبوة:

"أنا لحبيبي وحبيبي إلِي، الحياة كانت هتكون عاملة إزاي من غير ميكس الشوكولاتة ده؟"

سؤالٍ سأله لذاته يفكر في إجابةٍ له ولكن لم يهتم بل بدأ بالاستمتاع من جديد ليقاطعه رنين هاتفه فابتسم يلتقطه وهو يردّ بمرحٍ:

"چو حبيب قلبي، في سهرة النهاردة ولا فاكس؟"

جاءه ردّ يُوسُف من الناحية الأخرى هاتفًا:
"وهو ينفع يعدي يوم من غير سهرة جامدة يا باشا ولا إيه؟ هنتقابل النهاردة إحنا والشلّة في النادي وهنلعب"

اعتدل الآخر في جلسته صائحًا بحماسٍ جليّ:
"أيوة يا چو، ابقى قول لشادي يجيب الكورة ومينسهاش"

ابتسم يوسف من الناحية الأخرى هاتفًا:
"أكيد يا حبيب قلبي، سلام بقى يا غيْث دلوقتي عشان عندي شغل زي حالاتك"

ابتسم غيْث ينهي مشروبه هاتفًا بمرحٍ:
"سلام يا أخويا، أنا لسة في البريك بشرب ميكس!"

"طب غور بقى عشان مفيش حد يعرف يشتريلي هنا والمدير مش طايقني، امشي"

وأغلق في وجهه بغيظٍ، لتعلو ضحكات غيْث تدريجيًّا وهو يرمي الهاتف بجانبه ويدندن بمرحٍ:
"شوف أنت جاي منين وأنا جاي منين،
شوف أنت قد إيه وأنا قد إيه؟"

طرقاتٍ على الباب تقاطع ما يفعله ثم فُتح الباب لتظهر حنين التي قالت:
"الحالة الجديدة مستعجلة يا دكتور وجاية من بدري"

تأفف غيْث بضجرٍ لا يحب من يقاطع مرحه واستمتاعه بمشروبه المفضل ولكن ابتسم بهدوءٍ:
"دخليها يا حنين!" 

أومأت حنين في هدوءٍ ثم خرجت فنهض لكي يبدأ في الحالة الجديدة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

في العمارة التي حدث بها الجريمة.

تحدّث حسن البواب بتوترٍ بسبب تلك الأجواء البوليسية والمثيرة للجدل وابتلع ريقه ناطقًا:-

"يا باشا، معرفش اسم الدكتور! الست رانيا مكانتش بتقول هي راحة فين! ولا جاية منين وأنا مبسألش في حاجة ماليش فيها"

فركت رزان خصلاتها وعنقها من الخلف تنظر نحو القائد الذي وضع كتفه على حسن وهتف بابتسامةٍ:
"اهدى كدا يا عم حسن مالك خايف ليه؟ سؤال بسيط وأنت جاوبت، سؤال تاني بقى؛ كانت بتبعتك أي صيدلية تجيب علاج، روشتة مثلًا!" 

اقترب أكرم من وضعهم بأكياسٍ بلاستيكيةٍ تحتوي على أدويةٍ وأوراقٍ، وهتف بجديةٍ:
"يا فندم!"

استدارت رزان وكذلك يونس ثم انتشلت منه الكيس الذي يحتوي على "الروشتة" ونظرت لاسم الطبيب هاتفةً بهدوءٍ:
"دكتور غيْث الشناوي طبيب أمراض نفسية وعقلية، معنى كدا يا يُونس أنها جايز تكون انتحرت متقتلتش"

نظر يُونس لها ثم أشار لأكرم أن يأخذ حسن ونظر لأسماء الأدوية هاتفًا بهدوءٍ:
"هتروحي للعيادة والدكتور" 

أومأت رزان ثم نطقت بهدوءٍ:
"أدهم لسة بيشوف عيلتها وكريم برضه لسة بيكشف على الكاميرات"

بعد عدة ساعات من العمل.
في الإدارة.

دخل كريم وبيدهِ ملف ثم رماه على المكتب أمام رزان الذي كانت واقفة تضع يدها في خصرها بتفكيرٍ ويونس الذي يجلس ينظر لسقف الغرفة، وأدهم الذي جاء منذ دقيقة، نظرت رزان للملف ثم عاودت النظر لـ كريم هاتفةً بهدوءٍ شديد محاولة التحكم بأعصابها من فعلته تسأله:
"ده إيه؟"

ارتمى كريم بإهمالٍ على الأريكة ناطقًا:
"سجل الكاميرات، اللقطات المشتبه فيها واللي بيبين أن فيه حد دخل العمارة من الساعة 12 صباحًا لغاية الساعة 3 الفجر"

فتحت الملف تنظر لصور اللقطات ومعها يُونس وأدهم فنهض كريم يتوجه نحوهم وهو يبدأ في شرح وتوضيح ما رآه وما توصل له:
"شايفين الجسم الأسود اللي في الصورة ده، ده دخل الشارع من الساعة 12 لغاية الساعة 2 بيلف في الشارع وبس لا قرب من العمارة ولا حتى وقف يبص عليها، الساعة 2 و11 دقيقة بالظبط اختفى من الشارع لا اتحرك ولا خرج ولا دخل أي عمارة ولا في أي كاميرا جايباه، زي ما يكون حد مش حقيقي أصلًا، حاجة مش معقولة مش كدا، بصوا في الساعة هنا كانت 1 و 59 دقيقة.. واللقطة اللي بعدها الساعة 2 و11 ده معناه أنه فيه لقطات ممسوحة من الكاميرا أو الكاميرا في الوقت ده مصورتش.. وزيه برضه الساعة تلاتة و23 الصورة دي.. صورة فاضية، والساعة أربعة.. ده معناه أنه مسح الوقت اللي دخل فيه وخرج فيه"

تأكد الجميع من قوله ونظروا بتمعن للصور ولكن لا فائدة منهم، لم يتوصلوا لشيء سأله يونس:
"الكاميرات اللي جوا العمارة فين؟"

"الكاميرات كلها متوقفة عشان في صيانة وهيتم تغييرها"

جلس الجميع ثم تحدّث أدهم بجديةٍ هاتفًا:
"لقينا أختها وجوز أختها وأمها، أبوها مسافر بقاله سنتين!"

أومأ يونس بهدوءٍ ثم تشدق بجديةٍ:
"بكرة هتروحي للدكتور النفساني يا رزان، وكريم يحاول يشوف الجيران من تاني، الوضع بقى نسبة القتل فيه أكبر من نسبة الانتحار، التحقيق مع أهلها والدكتور هو اللي هيكمل معانا، وأنت يا أدهم حاول تشوف أي حد كان قريب منها برضه، كله يشتغل يلّا! الأدلة اللي عندنا حلوة وخيوط ابتدت تتربط..!"

بدأ الجميع برؤية كل شيء ثم همهم كريم بضجرٍ وغيظٍ:
"اشمعنا أنا اللي أشوف الجيران تاني، واشمعنا هيّ اللي تروح للدكتور! ولا عشان أبوها هو اللواء"

اقتربت رزان من موضعه بهدوءٍ شديد ليقف محاوِلًا الثبات وعدم الخوف قالت بهدوءٍ مريب:
"اتأخرت ربع ساعة عن شغلك ومتكلمتش، ماشي تعترض في أي حاجة بديهالك ومتكلمتش، كريم فوق من لعب العيال ده عشان أنا لو صبري نفذ هزعلك، فاهم!"

قالت كلمتها الأخيرة وهي تربت على كتفه بحدةٍ طفيفة، ثم عادت للخلف وأردفت:
"هشوف الدنيا يا يونس، وعقل الواد عشان لو اتعصبت هزعله!"

ثم خرجت من أمامهم ليهدر كريم بغضبٍ شديد:
"وهي فاكرة نفسها حاجة عشان تتكلم معايا أنا بالمنظر ده؟ إحنا الاتنين في نفس الرتبة ولا عشان أكبر مني بتلت سنين يبقى تفرد جناحتها فوقي، لا تفوق بقى عشان جناحاتها دي أنا اللي هكسرهم"

رمى حديثه دفعةً واحدة وهو ما زال يرتفع صدره لأعلى ولأسفل بغضبٍ شديد، حاول أدهم تهدئته ونهض يونس يهتف بغضبٍ شديد من ذلك الأحمق هاتفًا:
"أنت اللي اعقل كدا، اللي بتتكلم عليها دي تبقى أختك وبنت خالتي، يعني وربنا كلمة زيادة هناولك باللي في رجلي"

كاد أن يهدر كريم بحدة فقاطعه يونس من جديد بغضبٍ أكبر:
"هتعلي صوتك عليا أنا كمان ولا إيه يالا؟؟"

وقف أدهم بينهم يبعدهم ويحاول الفكاك بين هذا لكي لا يحتد الموقف بينهم أكثر من ذلك وخاصة أنه يعرف يونس وغضبه الذي لا يظهر كثيرًا وإن ظهر معناه سيحدث شيء سيء هاتفًا:
"اهدوا يا جماعة ده سوء تفاهم، اهدى يا قائد، اهدى يا كريم بقى وتعالى معايا"

وجذب كريم من ذراعه رغم تسمّره بالأرض ولكن أخذه أدهم عنوة نحو الخارج، ليزفر يونس بقوةٍ يستعيد أنفاسه التي هُدرت في الغضب على ذلك الأحمق الذي يظلّ هكذا دائمًا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

مرّت ساعاتٍ أخرى.
حتى تسللت أشعة الشمس على المدينة من جديد وبدأ الجميع بالذهاب لعمله.

صعدت درجات السُلّم بملامح جامدة وخلفها مساعديها من الشُرطة المصريّة، وقفت أمام شقّة مفتوحة ثم دخلت نحو الداخل بخطىٰ ثابتة، نهضت السكرتيرة تتحدّث:-

"خير مين حضراتكم؟؟"

تفحصت رزان المكان بأكمله بنظراتها من أسفل نظارتها الشمسية السوداء التي تليق بثيابها السوداء والتي أعطاها مظهرًا مهيبًا وشامخًا، والجالسين يخافون بعض الشيء من ذلك الهجوم الذي احتل المكان، أزالت نظاراتها تنظر نحو السكرتيرة ناطقةً ببرود:-

"الدكتور فين؟"

أشارت لها على مكان الغرفة وهتفت بعدها بجدية:-
"مينفعش يا فندم؛ معاه حالة جوا"

أراها أكرم بطاقة تُعرفها ما عملهم فلم تنطق ثم توجهوا وبدون طرق دخلت الغرفة لينتفض الاثنين، تحدّث غيْث بغضبٍ بعدما نهض:-
"إيه الهمجية اللي داخلين بيها دي؟؟ أنتوا مين؟"

تحدّث ذلك المسطح أعلى المقعد هاتفًا برعبٍ وتوترٍ شديد ولأنه يعاني من التوتر من تلك المظاهر ومن أقل شيءٍ:
"يا دكتور"

أشارت رزان للمساعدين بصرف المريض، ثم نظرت نحو غيْث هاتفةً بجديّة:-
"دكتور غيْث الشنّاوي؟"

انفعل غيْث أكثر من ذلك الهجوم نابسًا:-
"آه دكتور زفت، عايز أعرف إيه الهمجية دي وإلا هطلبلكم البوليس!"

رفعت رزان يدها تحك بجوار أنفها ثم بعدها نظرت نحوه بعدما مررت يدها على خصلاتها نحو الخلف وهتفت بشموخٍ ونبرةٍ قوية:-
"مش محتاج تطلب البوليس يا دكتور.. معاك الرائد رزان مدبولي من مكافحة الجرايم"

وقف غيْث بابتسامةٍ بلهاء هاتفًا بمرحٍ وتراجع:
"أحسن ناس.. أحسن ناس شرطة بلدنا، والشرطة في خدمة الشعب.. "

قاطعته بانزعاجٍ من ثرثرته تلك ونطقت بهدوءٍ:
"إحنا جايين في كلمتين وهنمشي علطول.. تقعد وتسمعهم بأدب… ولا.. "

قالت الأخيرة وهي تخرج سلاحها من جيبها هاتفةً:
"ولا تسمعهم بقلة الأدب"

ابتلع الآخر ريقه ثم ابتسم ينظر لها نابسًا:
"هنسمع بالأدب يا حضرة الظابط!" 

وضعت سلاحها في جيبها الخلفي من جديد، وسحبت مقعد جالسةً والباقي يقف ينتظر أوامرها، وأشارت لغيْث بالجلوس فجلس أيضًا.

أخرجت صورة فتاة من جيبها ثم ناولتها له هاتفةً:
"تعرف البنت دي؟؟"

تمعن غيْث النظر في الصورة سرعان ما نطق بهدوءٍ:
"أيوة يا فندم عارفها.. دي جاتلي العيادة فترة لغاية ما قعدت من غير ما أقولها إنها لسة متعالجتش"

حكت رزان بجوار ذقنها بتفكيرٍ ثم هتفت تسأله من جديد:
"كانت جاية تتعالج من إيه؟؟"

هزّ غيْث رأسه برفضٍ لإفشاء أسرار مريض حتى لو كان للشرطة ناطقًا:
"أسرار مريض مقدرش أطلعها يا فندم حتى لو لمين!"

فركت جبهتها بهدوءٍ مريب، ثم بعدها نهضت وهي تنظر له هاتفةً:
"شكرًا لتعاونك.. هنكمل كلامنا في التحقيقات بعد ما نستدعيك وبالإجبار"

وقبل أن ترحل قال غيْث بتراجعٍ ومرحٍ:
"إيه يا حضرة الظابط، الخلق ضيّق ليه؟ ده مش كويس علفكرة"

استدارت له من جديد فهتف هو بجديةٍ بعدما تخلّى عن المرح فتلك هي تفاصيل مرضاه:
"يا فندم دلوقتي مينفعش أقولك المعلومات دي، معلومات سريّة المرضى أمنوني عليها مقدرش أتكلم غير لو لسبب قويّ"

اقتربت من موضعه ثم استندت بكفيها على سطح المكتب تميل قليلًا هامسةً بنبرةٍ لم يسمعه سواهم:
"لو قولتلك إنها اتقتلت..!"

هبّ غيْث مبتعدًا عنها ليتشدق صائحًا:
"اتقتلت! يا مصيبتي السودا، طب أنا دكتور نفسي جايين تلبسوني الجريمة ليه؟"

مسحت على وجهها تحاول التحكم في انفعالاتها ثم كورت قبضتها تضرب على المكتب بقوةٍ تزامنًا مع قولها الحاد:

"صوت تاني عالي والله العظيم لهحبسك!"

ابتسم غيْث بمرحٍ كعادته هاتفًا:
"اهدي يا أستاذة روز؛ العصبية مش حلوة عشان حضرتك، بصي حنين برة تقدري تحجزي وتجيلي وهنعالج مشكلاتك النفسية كلها"

أغمضت رزان عينيها بغضبٍ شديد تحاول ألا تفتك بذلك الأحمق، فهتف أكرم لأنه يعلم قائدته جيّدًا:
"يا دكتور، اسمع الكلمتين اللي جايين عشانهم دي مسألة حياة أو موت"

أشار لها غيْث بالجلوس من جديد يهتف بابتسامةٍ:
"تشربي إيه يا حضرة الظابط؟"

زفرت بقوةٍ ثم نظرت له تسأله:
"رانيا توفيق كانت جاية تتعالج عندك من مرض إيه؟؟"

"اكتئاب حاد"

قالها غيْث وهو يتجه نحو ثلاجته الصغيرة يخرج منها عبوتان من مشروبه المفضل، جلست رزان هاتفةً بهدوءٍ بعض الشيء:
"يعني أعراض المرض ده ممكن تخليها تنتحر"

اقترب من المقعد المقابل لها وجلس عليه يضع العبوتين متجاهلًا الخمس رجال الذين أتوا معها هاتفًا:
"آه، رانيا جاتلي أربع مرات بس كنت لسة بشخص فيها حالتها عشان نبدأ في العلاج ولما انتهى التشخيص وقولتلها أنه اكتئاب حاد وقولتلها شوية حاجات تعملها أدوية تاخدها عشان الاكتئاب الحادّ هو أشد أنواع الاكتئاب وتخليها تنتحر بكل سهولة، معاد الجلسة الجاية بتاعتها بكرة، ميكس جهينه بالشوكولاتة اشربي وطري على قلبك يا حظابط"

أنهى تلك الجملة بمرحٍ مشيرًا لها على المشروب الموضوع على الطاولة الصغيرة التي تفصل بينهم وهو يرتشف من عبوته، فكبح أكرم ضحكاته بقوةٍ ولكن ظلّ بتعابير وجهه الجامدة لكي لا توبخه رزان، نظرت نحو العُلبة ثم له من جديد وتجاهلت ما قاله نهائيًّا لكي لا تقتله قائلةً بهدوءٍ مريب:
"يعني أنت بتقول أنها انتحرت متقتلش؟"

نظر لها بعدم فهمٍ هاتفًا:
"مين دي؟؟ أنا مقولتش حاجة أنتِ اللي بتقولي، وبعدين مش بتقولي اتقتلت، إزاي؟"

مسحت على وجهها بقوةٍ من ذلك التعقيد فلو لم يجدوا دليل قويّ يدل على أنها قُتلت، بذلك الدليل ستُغلق القضية انتحار؛ ولكن ما زالت شكوكها الحائرة في أنها قُتلت ولم تنتحر، قاطع أفكارها من جديد قوله:
"علفكرة فيه بالفراولة والموز لو مش بتحبي الشوكولاتة؟"

وللمرة الثانية تجاهلت رزان حديثه الأبله من وجهة نظرها ونهضت تهتف بجديةٍ ونبرةٍ جامدة:
"شكرًا لتعاونك معانا يا دكتور؛ بإذن الله لو في أي حاجة تانية هنستدعيك"

نهض غيْث أيضًا ناطقًا بحزنٍ زائف وتعابير وجهه رسمها ببراعةٍ حزينة:
"كدا يعني يا أستاذة روز متشربيش حاجة، على العموم الشرطة في خدمة الشعب وإحنا برضه في خدمتكم يعني، أنتوا اللي بتحموا البلد.." 

"رزان"

اتكأت على حروف اسمها تقاطع حديثه الثرثار مصححة اسمها له بنظراتٍ مشتعلة من ذلك الذي رفع غضبها في أقل من ثانية، ثم سارت وخلفها مساعديها تاركة الجميع في حالة ذهولٍ من هؤلاء الذين جاءوا وذهبوا في مظهرهم المهيب والخاطف للأنفاس وكأنهم لم يأتون من الأساس.

دخلت حنين للمكتب وهي ما زالت تنظر لأثرهم هاتفةً:
"أنت عملت حاجة يا دكتور تخليهم يجوا؟"

جلس غيْث أعلى سطح المكتب يرتشف من مشروبه هاتفًا بعدم اهتمام:
"وحتى لو عملنا يا حنين، مبنخفش إحنا من البوليس، روحي ونص ساعة دخلي الحالة اللي بعدها لما استريح من الخضة اللي خدتها النهاردة"

سارت حنين نحو الخارج تتشدق بسخريةٍ ومرحٍ:
"مبتخفش من البوليس؟"

"في فرق بين الخضة والخوف علفكرة، ويلا يا حنين عشان مرفدكيش"

ضحكت حنين على قوله المغتاظ وهي تغلق باب المكتب، فهتف غيْث بمرحٍ:
"بس جمدان، سُلطة وكلمة، ياه لو كنا بوليس؟"

جلس يتخيّل ذاته لو كان شُرطيًّا، يعيش في أحلامه الوردية حتى انتفض من مكانه بفزعٍ بعد دخول أحدٍ فجأةً ناطقًا:

"حضرة الظابط!!!"

أغلق يُوسف الباب ناطقًا بعدم فهمٍ:
"ظابط مين يالا اللي نطرك من مكانك كدا، ده أنا؟"

أمسك غيث عبوة فارغة من العبوات المتواردة على الطاولة والذي لا يرميها في سلة المهملات وقذفها عليه هاتفًا بغيظٍ:
"يعم خضتني.. تعالى أقولك اللي حصل دلوقتي معايا؟"  

قال تلك الجملة وهو يجلس من جديد بحماسيةٍ شديدة وكأني سيحكي أحد مغامراته، فسحب يوسف مقعد أمامه جالسًا فوقه يضحك على صديقه هاتفًا بابتسامةٍ:-
"احكي يا باشا"

ــــــــــــــــــــــــــــــ

"أنتِ عارفة يا چيهان أني مش هعرف أنزل مصر دلوقتي، ومبحبش لعب العيال بتاعك ده!"

ردّت عليه بغضبٍ هاتفةً:
"اتكلم بأسلوب أحسن يا باسل، أنا بتحايل عليك بقالي سنة تنزل مصر وكل مرة تقول مش فاضي، مش هعرف، هنتجوز إمتى طيب؟ الشقة وكل ده؛ أنت بتلعب عليا يا باسل؟"

جاءها صوت باسل ببرودٍ شديد غير مباليًا لها ولغضبها:
"سلام يا چيهان ولما تعقلي كلميني، وقولتلك مرة أني عندي شغل.. مش عاجبك كل واحد يروح لحاله يا بنت الناس"

لم ينتظر رد منها بل أغلق المكالمة في وجهها، نظرت للهاتف بأعينٍ دامعةٍ ورمته على الفراش بإهمالٍ ونزلت دموعها على تلك العلاقة السامة وتكمل فيها فقط لأنها تحبه، ولا تعلم أن بذلك هي تؤذي نفسها كثيرًا، طرقات على الباب فمسحت دموعها سريعًا لكي لا يراها أحد وأذنت للطارق بالدخول، فدخلت شقيقتها هاتفةً بابتسامةٍ:
"چيچي.. مالك؟"

اقتربت منها حتى جلست مقابلًا لها على الفراش الوثير لتكمل بمرحٍ ونبرةٍ حماسية:
"بابا وماما هيسافروا كمان أيام لشغل، وهنفضل أنا وأنتِ وغيث بس لمدة أسبوع"

صفقت چيهان أيضًا بحماسٍ وهي تحرك يدها بعشوائية وحماسية شديدة قائلةً:
"هوبا بقى وهنولعها أنا وأنتِ وأخوكِ يا چيما"

نظرت لها چُمانة وهتفت تسألها بترقب ونظرات ثاقبة لرؤية الدموع الجافة بعينيها:
"باسل زعلك تاني؟"

أومأت چيهان بحزنٍ فهي لا تخبئ شيءٍ على شقيقتها، وأخبرتها بما حدث، همهمت چُمانة بضيقٍ واضح هاتفةً:
"انهي أم العلاقة دي يا بنتي، هو كدا كدا بايعك والله! لما يجي غيْث قوليلوا يا چيهان"

زفرت چيهان بقوةٍ ثم ابتسمت تطمئنها هاتفةً:
"اهدي يا چيما وأنا هشوف الموضوع، ولو عمل حاجة تاني أنا هنهيها فعلًا"

ابتسمت چُمانة بمرحٍ ونهضت تراقص كتفيها بحماسٍ:
"تيجي نروح النادي دلوقتي، ولا الجيم نفرغ طاقة؟"

نهضت چيهان وأيدت حديثها بحماسٍ:
"الجيم بقى ونوري أخوكِ أن مش هو بس اللي رياضي"

صفقوا بحماسٍ وذهبت چمانة لغرفتها لتستعد وكذلك چيهان.

ـــــــــــــــــــ

في المساء.
في مكانٍ آخر.
منزل يدلّ على راحة قاطنيه الماديّة،
فيلا طرازها هادئ وجميل.

اقتربت سيدة من موضع زوجها وجلست مقابلة له ناطقةً بضجرٍ فور جلوسها:
"نبيل عايزة أقولك حاجة؟"

أنزل نبيل هاتفه يتأفف بضيقٍ من الثرثرة اليومية التي لا تنتهي ولكن هتف بهدوءٍ:
"نعم يا زُهرة؟"

هزت قدميها في مكانهم بضجرٍ وحقدٍ دفين هاتفةً:
"أنا مش عاجبني تصرفات بنتك يا نبيل"

رفع نبيل إحدى حاجبيه بتعجب هاتفًا:
"بنتي مين؟ نادين!"

نظرت له نظراتٍ نارية وكأنه سبّ ابنتها هي الأخرى وأردفت بحنقٍ شديد:
"نادين بنتنا ومبتعملش حاجة، أقصد تصرفات بنتك رزان اللي هي مش بنتي"

رفع إحدى حاجبيه من جديد هاتفًا بتعجبٍ شديد:
"ورزان عملت إيه وهي مجتش من امبارح بسبب إنها سهرانة في الإدارة عشان الشغل!"

زفرت بقوةٍ بحقدٍ دفين ونطقت بغيظٍ:
"أنت مدلعها زيادة عن اللزوم، إزاي تبات برة كدا ومن غير ما حد يعرف كمان، ولا عشان فاكرة نفسها كبيرة"

ابتسم نبيل بهدوءٍ وعقلانية هاتفًا:
"لا هي مش فاكرة نفسها كبيرة، هي فعلًا كبيرة عندها 28 سنة، وأكبر من عيالك كمان، وبعدين هي مش لوحدها في الإدارة معاها كريم أخوها ويونس ابن خالتها"

دخل ابنهم في ذات الوقت هاتفًا بحدةٍ ومقتٍ:
"ولو مينفعش تبات برة البيت حتى لو للشغل؟"

"وأنـتَ مـالـك يا إياد؟"

قالتها رزان التي جاءت للتو خلفه، ووضعت يدها في جيبها تتشدق ببرودٍ:
"محدش له دعوة بتصرفاتي منكم أنتم الاتنين، اللي يتكلم هنا هو بابا وبس أما أنتِ تتكلمي ليه من الأساس؟ وأنت بص لنفسك وبعدين تعالى أحكم على تصرفاتي يا إياد"

هبّت زُهرة من مكانها تهدر باندفاعٍ وهجوم قائلةً:
"اتكلمي عدل يا بنت، أنتِ لازم تحترميني حتى لو بعمل فيكِ إيه؟ أنا مهما كان مرات أبوكِ يعني مكاني في مكان والدتك بالظبط"

تأتأت بنفيٍ مع هزة رأس بطيئة يمينًا ويسارًا ثم هتفت بعدها بابتسامةٍ:
"تؤتؤ مش في مكانة والدتي ولا هتكوني فيها يا زُهـرة"

نهض إياد في ذات الوقت يتحدث بحدة وغضبٍ:
"اتكلمي عدل مع أمي يا بت أنتِ بدل وأقسم بالله أوريكي النجوم في عز الضهر"

شعرت بانزعاجٍ شديد من كل تلك الأصوات والثرثرة العالية فهتفت تنظر لوالدها:
"بابا أنا طالعة أنام ساعتين عشان لسة عندي شغل كتير، هديهم يا سيادة اللواء عشان عندي صداع"

ثم تركتهم يتحدثون بحدةٍ ويثرثرون، واتجهت تصعد للأعلى، نهض نبيل يهتف بحزمٍ:
"بس، بس كفاية بقى!"

حلّ الصمت لثانيةٍ قبل أن يهدر إياد بحدةٍ:
"بابا، فهم بنتك أن الأسلوب ده مش نافع، مش عشان هي أكبر مني بسنتين يبقى تتعامل بالطريقة دي"

أيّدت زهرة حديث ابنها هاتفةً:
"وكمان مينفعش تتكلم معايا بالطريقة دي يا نبيل، ينفع تعلي صوتها عليّا قدامك كدا؟ وتقولي زهرة من غير احترام؟" 

شعر نبيل بصداعٍ يداهم رأسه من تلك المشاجرة اليومية التي تتكرر مئات المرات في اليوم وهتف:
"إياد روح نام شكلك جاي تعبان من الشغل، معلش يا زهرة حقك عليا هي جاية من الشغل تعبانة ومش نايمة بقالها يومين اعذريها" 

ثم تركهم هو الآخر واتجه نحو مكتبه وطلب من الخادمة كوبًا من القهوة لكي يعالج صداعه، نظر إياد نحو والدته هاتفًا بغضبٍ مكتوم وحقدٍ يشع من عينيه:
"مينفعش كدا، لازم نطفشها عند أمها"

همهمت زهرة بتأييدٍ لحديث ابنها ثم سارت تفكر في طريقة لكي تتخلص منها وتبعدها عن والدها الذي يعاملها أفضل منهم رغم أن ذلك لا يحدث.

ـــــــــــــــــــ

في منزلٍ آخر لا يقلّ رُقيًّا عن منزل "نبيل مدبولي"
فهو منزل المستشار أنيس باهر.

دخل كريم بخطى ينبعث فيها انزعاجه وحنقه وجلس فوق الأريكة بإهمالٍ ينبس بحنقٍ فور رؤيته لوالدته:

"ماما، لمي بنتك عنّي عشان وربنا لو اتعصبت مش هحلها من تحت إيدي؟"

همهمت والدته بضيقٍ من طريقة حديثه الغير مهذبة قائلةً:
"اتكلم بطريقة أفضل يا كريم، مش عشان بتتعامل مع أشكال بيئة ليل نهار في شغلك تتكلم زيهم"

زفر كريم بحنقٍ ثم بعدها نطق بضجرٍ وضيقٍ نابع في قلبه:
"ماما بعد إذنك لمي بنتك عشان لو اتعصبت هزعلها مني"

دخل والده في ذلك الوقت وجلس على المقعد المجاور للأريكةِ نابسًا بابتسامةٍ هادئة:
"مالك يا كريم متعصب ليه؟"

غلغل كريم يده في خصلاته بقوةٍ وقد نزلت شقيقته أيضًا تستمع لما يحدث بعد جلوسها بجوار والدتها وهتف كريم بحنقٍ:
"رزان عمالة تقل أدبها كتير في الشغل وفاكرة نفسها عشان أكبر مني بتلت سنين تفرد جناحتها علينا وماشية تعصبني"

أنهاها بضيقٍ واضح لتتحدث شقيقته بغيظٍ شديد هادرةً:
"والله مش بتنزلي من زور أساسا ومش بطيقها، معرفش دي أختنا إزاي بجد؟ الحمدلله إنها مشيت تعيش مع أبوها مش ناقصين أشكال Local"

تحدّث أنيس بنبرةٍ هادئة:
"عيب يا كارمن اتكلمي بطريقة أحسن دي مهما كان أختك الكبيرة حتى لو مش موجودة معانا"

نظرت نيّرة لابنها نابسةً:
"بص يا كيمو.. حاول تتجاهلها خالص، إحنا مش عايزين مشاكل وأنت عارف أن محدش بيقدر عليها"

نهض كريم يتمتم بحنقٍ واضح متشدقًا بسخريةٍ ونزقٍ:
"بنتك ومش هتقدري عليها، شوية شوية تلاقيها جاية تمد إيدها عليكِ ولا عشان أبوها اللوا يبقى تتكلم كدا، بس مش عليا يا ماما وأنا هعرفها مقامها"

واتجه يصعد للأعلى سريعًا ليرتاح قليلًا قبل أن يذهب للعمل من جديد في تلك القضية المُعقدة.

نهضت كارمن تنطق بضيقٍ واضح أيضًا:
"ياريت تصرفي نظر عن إنك تعزميها تيجي هنا، مش ناقصين يا ماما بجد"

واتجهت تصعد خلف شقيقها بخطى ينبعث فيها حنقها من أختها، زفرت نيّرة بقوةٍ فاقترب منها أنيس يلتقط كفها يربت عليه بابتسامةٍ قائلًا:
"هيحبوها أكيد في وقت من الأوقات، كتري من العزومات عشان يشوفوا بعض كتير"

همهمت نيرة بحنقٍ ونهضت أيضًا قائلةً:
"حد يقولي قللي وحد يقولي كتري، اسمع كلام مين؟ سبني دلوقتي يا أنيس عشان أعرف أفكر"

نهض أنيس يقف قبالتها ناطقًا بهدوءٍ مريب يصرّ بطريقةٍ غريبة على ذلك ولا نعلم لماذا:

"نفكر سوا يا نيرة، بنتك لازم تيجي كتير عشان يقعدوا سوا"

شعرت نيرة بحيرةٍ كبيرة وهي تحاول التفكير في علاقتها المضطربة بينها وبين ابنتها، وبين ابنتها وأولادها، لا تعلم ماذا تفعل؟

ـــــــــــــــــــــ

دخل إلى الشقة يسير بخطى بطيئة بتسحبٍ لكي لا يسمعه أي أحدٍ أو يمسكه متلبسًا، ظلّ يسير بنفس خطاه في الظلام حتى وصل لغرفةٍ، ودخل وهو ما زال حاملًا في يده تلك الحقائب البلاستيكية، أغلق الباب بهدوءٍ شديد لكي لا يصدر صريرًا ثم ما أن لبث أن فتح ضوء الغرفة حتى استمع لصوتٍ يقول:

"والله واتقفشت يا حلو؟"

………………. يُتبع.

انتهى الفصل
مستنية رأيكم فيه وأتمنى أن ينال إعجابكم.
متنسوش الڤوت -النجمة-

انتظروا الفصل القادم ♡.

دُمتم سالمين

«مأساة روز»
«أروى سُليمان»

Olvasás folytatása

You'll Also Like

17.1K 1.3K 16
تحكي الروايه عن كرم الذي التحق بكليه التجاره بجامعه الزقازيق، كرم يبلغ من العمر 18 عاماً فهو شاب يتحلى بالاخلاق ويعرف الطريق إلى الله جيداً ولكنه إلى...
978K 30.9K 33
Exactly what the title says :)
116K 9.7K 44
- King Card #jikookau King of twilight , Alpha hybrid vampire Júngkōōk , who cant have a mate because no one wants to be his omega , met Omega Prin...
11.8K 247 13
Kane a hellhound for hire a free agent of his own just like every other damned soul in hell trying to survive and make a buck but his next imployer (...