نظرت ليديها الملطخة بالحبر ببرود، دعت في داخلها ان تصل رسالتها، لقد راوغتهم و تركت بصمتها! ظنت ان خطتها ستفشل و ذاك المحامي بعدما يقرأ الرسالة سيرميها في وجهها و لكنها وجدته يبتسم و هو يقول:" لقد أضفتي لمستكِ الخاصة هذا جيد، يبدو ان تهديدي كان نافعاً"
تتذكر منذ أيام كيف اقتحم المحامي غرفتها، حمل معه الاوراق والحبر و بمجرد رؤيتهم توجست، فهي تعلم انهم يريدونها ان تكتب رسالة ثانية حيث دخل بهدوء بوجه فارغ عكس المعتاد و قال :" لم آتي اليوم للقتال"
كانت ترى التعب بادي على ملامحه! كانت تعلم انه قد وصل حده من كل هذا و قد تقصدت ان تزيد همه
"مرحباً يا ابن عمي " صاحت بخبث بعدما رفعت صوتها، و أكملت بخبث :" يوم آخر و رأسك لا يزال على رقبتك "
وجدته يقاوم غضبه انه يحلم بالتخلص منها ولكنه يصمت بالتأكيد من أجل المجنون الآخر، لكي لا تفشل خطته، اما هو فقد رسم خطته لقتلها و للتخلص من البقية من آل دالتون و لكن لينتهي منها اولاً، كان يتحمل اهاناتها بصبر
"ليس اليوم" رد بهدوء و بعدها قال قد ضاق ذرعاً من تمردها و قال:" هيا ستكتبين رسالة تودعين فيها الجميع زفافكِ سيكون قريب"
نظرت له بإستغراب و لكنها سرعان ما استوعبت مقصده فقالت بضحك:" أنت محق ان أهل القرية يجهزون لزفافي منذ فترة"
"وجهي الرسالة لوالتر وايت" قال بأمر و هو يرمي العدة أمامها بوقاحة، بدى لها متعباً على غير العادة و كأن طاقته فرغت و كأنه خاض معركة ما، فهذا الوحش المحطم هو لقمة سائغة كانت تنوي ان تفترسها كانت تريد ان تستغل تعبه هذا و تضايقه فتزيد من تعبه!
"و كأنني سأفعل" قالت بوقاحة
"هل لا زلتِ تعتقدين ان وايت ينتظركِ" قال بحدة و أكمل:" لقد بدء يتعب من كل هذا لذلك وفري طاقتكِ و استسلمي"
"لا أصدقك" صاحت فيه، و أكملت:" لماذا استسلم و انا اعرف أنك تريد قتلي و أسرتي؟"
"لا أريد قتلكم فقط اريد ان أراكم مذلولين تموتون ببطئ و انتم صاغرون" قال و كأنه استعاد بعض من شخصيته السابقة!
"سنرى" قالت ببرود، و أضافت:" خذ أوراقك و حبرك و عد لسيدك المجنون و قل له ان ينسى خيالي "
"حقاً و بالطبع أنتِ هنا تعانين و حبيبكِ في الخارج يقترب من الفتيات" نظرت له بشك وجدته يكمل:" كان هناك تلك الفتاة ماذا كان اسمها"
" جويل هامبل" قال بخبث وكأنه تمكن من حبس الفأر في المصيدة، و لكنه متعب و يتخبط كالأحمق
فقد أشرق وجهها و ضحكت و هي تقول:" هل خدعتك أنت ايضاً بهراؤها"
وجدته ينفعل و هو يقول:" هي قالت" و لكنه سكت و قد استوعب ما أقدم عليه و هذا لم يفتها و علمت ان للغبية جويل يد في هذا!
وجدته يصيح فيها بغضب متعب و هو يقول:" سترين" و هو يخرج
نظرت للأوراق و الحبر و كانت اساساً تشعر بالملل فابتسمت لنفسها وراحت تلهو بهم! لم تعلم ما كانت ستواجهه
جلس وقد أصابته نشوة الإنتصار، فقد كان متعباً جداً في الأيام القادمة ظن انه سينفجر و يقتل اللورد، فهو قد رسم خطته و كان يراها بشكل واضح كان سيترك الأمر للورد، فهو من كان سيقتل كريستوفر لأنه وقف في وجه حبه لباندورا، و قد جهز خطة ليثبت خيانة جيزيل و الطفل الغير شرعي جون الصغير! و اخيراً باندورا و التي ستظل حبيسة اللورد و التي ستتنازل برغبتها عن حقها او ربما تموت او تنتحر لا يهتم، فهو سيراها و هي تتعذب أمامه!
أغلق عينيه براحة و هو يتذكر منظر اللورد حينما شاكاها عنده
"أخبرتك انها سترفض" قال اللورد بإنفعال و كأنه طفل صغير
" و لكنها لم ترفض بشكل طبيعي قالت اننا ان اجبرناها على الكتابة تلك ستكون رسالة حب لوالتر وايت" قال المحامي بخبث و أضاف:" انك تدللها كثيرا يا صاحبي يجب ان تكون اقسى معها فهي متمردة جداً"
"و لكني لا أريدها ان تكرهني أكثر " قال اللورد بيأس و أكمل:" تريدني ان أضربها مثلاً"
"لا ليس لهذه الدرجة فقط أخفها" قال الأخير بخبث
" و لكنك طلبت مني ان انتظر و لا اقابلها" قال اللورد
" كنت سأسوي الأمور لاجلك ولكن هل تعرف ما قالته"
"ماذا؟"
"قالت ان أخبرك ان لا تفكر بخيالها حتى" صرح الأخير
هنا تغيرت ملامح اللورد و كان قد بدء يتغير وجهه و يتلون بالغضب
شعر الأخير انه وصل لظالته، و
و لكن اللورد قال:" ما حاجتنا للرسالة سأتزوجها و سينتهي الأمر لن يجرؤ لا أخيها و لا صاحب المصنع البائس من الاقتراب "
هنا فقط عاد له تعبه فهو قد دخل في جدال طويل بما يخص هذه الرسالة سابقاً فقد كان اللورد يستنزف طاقته فالتحكم فيه سهل و لكن ليس بسيط وقد يخسر حياته في اي دقيقة مع رجل خطير مثله، فهذا الحقير كان لا يتوانى عن حمل السلاح في وجهه كلما انزعج منه!
يتذكر انه انهى الموضوع ب:" انت تريدها ان تنساه فالرسالة حل كما أخبرتك"
"و ماذا عن أخيها؟"
"تجد انت له حلاً يا صاحبي بمعرفتك، لقد هددك من قبل و أنت أعلم بمصلحتك"
كان هذا تلميحاً واضحاً لما يريده ان يفعله به، خرج الأخير و عيناه تصدعان غضباً و لا يرى أمامه سوى هدف واحد! و لم يرتح بال هذا الأفعى الا عندما عاد صاحبه الغبي محمل بالبشارات، كتبت الرسالة و كانت مثالية لدرجة انه ذهب إليها ليهنئها على هذه الرسالة !
بالرغم من انه أرسل الرسالة و اقترب من أهدافه، و لكنه لم يكن مرتاحاً فقد غاب في الشك بسببها و بسبب ما تفوهت به، يتذكر كيف دخل عليها ذاك اليوم بغضبه و انفعاله و عيناه بالكاد ترى الخير، وجدها تنظر له بإستهتار، لم تعد نظرة الخوف بعينيها اختفت تماماً! لم يفهم سبب هذه الشجاعة و الحياة التي لمعت في عينيها، يذكر جيداً انه طلب من بران ان يقنعها بالزواج منه لا ان يزيد تمردها عليه! وجدها قد لعبت بكل الأوراق و الحبر رسمت و كتبت عليها كلها! كانت تتحداهم بهذه الحركات الطفولية مسك أعصابه و قال بهدوء:" لقد اشتقت لكِ"
"و انا لم أفعل و أعتقد ان خادمك العزيز اخبرك بذلك" قالت بسخرية
" انسي امره، كل ما يهمني هو أنتِ" قال و قد اقترب منها، هنا فقط وجدها تقفز و ان حاولت ان تخفي خوفها عنه! و أكمل:" اكتبي الرسالة"
"لماذا أفعل ذلك لقد اخبرتك انني لن اتزوجك" قالت بهدوء و أضافت:" الآن اخرج قبل ان ارميك بأقرب تحفة"
هنا فقط وجدته يمسكها من ذراعها بقسوة و عينيه على بقايا الجرح و قال وهو يصرخ:" ستفعلين ذلك"
"ارني كيف ستجبرني" صاحت فيه بتحدي
وجدته يقوم بخنقها، لقد باغتها! كانت تعتقد انها مستعدة للموت، و لكن ليس بعد فهي لم تنقذ أسرتها من المحامي، لم تودع والتر و لم تخبره كم هي تحبه للمرة الأخيرة، لم تسمع حكايات ويلا للمرة الأخيرة و أصدقاؤها و أهل القرية، انها تريد الحياة و تحب الحياة و هذا ليس عيباً و لا ضعفاً
من بين أنفاسها نطقت بأحرف متقطعة بصعوبة:" سأفعل"
وجدت ملامحه ترتخي و تتحول للحزن و هو يمسك بوجهها و هو يقول:" أرجوكِ لا تجبريني على فعل ذلك مجدداً أنا أحبكِ و أكره ان أراكِ في هذه الحال"
وجدها تنظر له بحقد، بوجه مبعثر و شعر أشعث، علم انه وصل لمبتغاه، فهذه النظرة كانت بالنسبة له نظرة خسارتها و إنتصاره عليها، فقال و هو يرتب نفسه ليهم بالخروج:" جيد سأرسل لك المزيد من الأوراق و الحبر و سيأتي السيد بران لإستلام الرسالة منكِ"
كان سيخرج و لكنها استوقفته لتقول:" هل تثق به لهذه الدرجة؟"
"ماذا تقصدين؟ انه صديقي منذ زمن بعيد"
" هل تعلم انه تقدم لخطبتي في الماضي" قالت ببرود
كانت نظرته صدمة مطلقة! خرج من تلك الذكريات و لكنه حاول ان يتجاهلها فهو ليس غبي لتلك الدرجة! انه يثق في المحامي أكثر منها!