" شجن "

By Nadeen_Elf

16.5K 1.2K 904

علّمني حبّك أن أحزن وأنا مُحتاج منذ عصور لأمرأة تجعلني أحزن لامرأة أبكي فوق ذراعيها مثل العصفور لأمرأة تجم... More

" شجن " المقدمة
الفصل الاول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرين والأخير

الفصل الرابع

360 53 89
By Nadeen_Elf

هنالكَ خمسُ دقائقْ
بها أطمئنُّ عليكِ قليلاً
وأشكو إليكِ همومي قليلاً
هنالكَ خمسُ دقائقْ
بها تقلبينَ حياتي قليلاً
فماذا تسمّينَ هذا التشتُّتَ
هذا التمزُّقَ
هذا العذابَ الطويلا الطويلا
وكيف تكونُ الخيانةُ حلاًّ؟
وكيف يكونُ النّفاقُ جميلاً؟

> نزار قباني <

داخل غرفة المكتب الواسعة تلك ؛ يجلس ذلك الرجل بصمت وشموخ خلف طاولة مكتبه منشغلاً بأعماله للحد الذي جعله يفقد أهمية الوقت
صوت طرقات الباب الناعمة ودخولها اليه بخطواتها المترددة اجبرته على رفع رأسه والنظر الى تلك التي اخترقت عزلته

تعجبت ملامحه وجودها وتساءل بهدوء : انسة ميشا ؛ أهناك مشكلة ما ؟

حركت رأسها نافية بلطف وتكلمت بشيء من الخجل جعله يمعن النظر اليها : انه وقت استراحة الغداء لكنك لاتزال هنا تعمل !

نظر الى ساعته قبل ان يتكلم بصدق مطلق : لم ألاحظ الوقت !

اضاف بلباقة وهو يعيد نظره اليها : اشكركِ ولكن اعتقد انني سألازم مكتبي فلدي الكثير من العمل ، يمكنك الاستمتاع بوقت غدائك

قدمت له حافظة الطعام وابتسامة رقيقة تزين محياها بينما تكلمت بنعومتها التي جبلت عليها : قد تكون هذه كافية لاشباع جوعك ؛ تخطي وجباتك ليس صحياً وانت بحاجة للطاقة حتى تتابع عملك

نظر الى فطيرة التفاح التي وضعتها امامه مطولاً قبل ان يعتذر بلباقة : لا يمكنني قبولها انسة ميشا فانا لا اقبل شيئاً من الموظفين ، اعتذر .

ارتبكت في مكانها واعادت خصلات شعرها القصيرة خلف اذنها هامسة بتردد : اقبلها ارجوك ؛ ليس كموظفة لديك ولكن ..

ترددت اكثر واحمرت وجنتيها خجلاً بينما ينظر اليها منتظراً ما ستقوله فتعلثمت حروفها وهي تتراجع عن قول ما كان يدور في ذهنها خوفاً وتمهلت : نحن أشبه بالعائلة ؛ لقد تم تحضيرها منزلياً .

تنهد بقلة حيلة وتكلم مستسلماً : اشكركِ على لطفك ؛ سأقبلها هذه المرة لكن اتمنى ان لا تحرجيني في المرات القادمة ، لنترك علاقة العمل بعيداً عن علاقاتنا خارجه .

حركت رأسها موافقة باستحياء وقلبها ينبض أملاً ؛ لقد قبلها منها بشكل خاص في النهاية !
كما انه طلب منها ان تحافظ على علاقتهما الخاصة خارج اطار العمل ؛ وذلك يعني ضمنياً ان هناك علاقة خاصة تجمعهما مهما كان عمقها ..

اما هو فكان بعيداً كل البعد عن احلامها التي نسجتها بقلبها الغض ومشاعرها العذراء ..
تأمل تلك الفطيرة وشيء من الذكريات اخذ يعبث بمخيلته ويراقص مشاعره التي ظن انه تمكن من اخمادها
اعتادت في السابق ان تحضرها له بكل مناسبة منذ علمت انه يحبها ، ومنذ رحيلها لم يأكل منها ابداً !

كل شيء حوله يعيده الى نقطة الصفر ؛ اليها ....!

حاول الضغط على مكابح مشاعره وايقافها قبل ان تبحر به بعيداً الى بحار حبها العقيم وتناول شيئاً من الفطيرة بسكون
لكن مبتغاه بدا بعيد المنال حالما تذوقها ؛ لا يمكنه ان يخطئ هذا الطعم ابداً ، لا يمكنه ان ينسى هذه النكهة التي تذوب في فمه بحلاوتها وهشاشتها
انها هي دون شك ..

تساءل متعجباً يحاول تقصي أثرها ليقطع الشك باليقين : هل انتِ من صنع هذه الفطيرة بنفسك ؟؟

ارتبكت نظراتها واشارت نافية : في الواقع ، يونمي هي من قامت بصنعها

اشار لها موافقاً بصمت وتاه في دوامة اخذته بعيداً عن مدى ادراكه ؛ كما توقع تماماً ، هي من صنعتها !
لكن لماذا ؟؟
ما الذي تعنيه بفعلتها هذه ؟
ماذا عن تصرفها صباحاً عندما تركت اثر احمر شفاهها على كوب القهوة خاصته عمداً ؟!

هل تحاول السعي اليه حقاً ؟!
أتتعمد بعثرة مشاعره والتقرب اليه وتشتيت نبضه ؟
ان كان هذا ما تسعى اليه فقد أفلحت بذلك ونالت مرادها بكل تأكيد ..!
صوت نبض قلبه الذي أخذ يقرع جرس الانذار يحدثه انها بسهولة وصلت اليه من جديد وانه على اتم الاستعداد لفتح ابوابه لها على مصراعيه ..

لكنه لا يريد ان يحبها من جديد ؛ لا يريد لها ان تدخل قلبه عنوة كما فعلت من قبل ثم تهجره وتتركه خاوياً محطماً يتوق شوقاً اليها !
لقد عانى طويلاً في محاولته لتخطيها ؛ بذل كل ما لديه من شعور على ضفاف حبها بينما ابحرت هي بعيداً عن شواطئه دون تفسير
لقد تخلت عنه في السابق وجعلته يذوق اسوء انواع العذاب ، تركته جبلاً من جليد لا يشعر بغيرها ولا يميل لسواها
فهل سيتركها تخل بتوازن نبضه من جديد وتعبث بعدادات حياته ؟

ابعد تلك الأفكار عن عقله وأخفى رأسه بين كفيه محاولاً طرد خيالاتها ، لن يستسلم لها ابداً ، لا يمكنه ان يغفر لها ما فعلته به
قلبه ليس دمية لتلك العابثة المدللة ، كبرياءه الذي انتقصت منه يثور به متعالياً عن الرضوخ لأنوثتها الشقية التي تحاول محاصرته
لها .. هو لن يفتح أقفال قلبه ابداً ؛ رفعت الأقلام وجفت الصحف .!

صوت ميشا اعاد اليه ادراكه وهي تسأله بحذر : هل انت بخير سيدي ؟

نظر اليها بعينيه المبهمتين وملامحه الباردة ؛ غمغم على صوت قلبه وهو يجيبها : انا كذلك ، يمكنك المغادرة الان .

انحنت له باحترام وغادرت مترهلة الأكتاف عابسة الملامح من برود رده ؛ قابلتها يونمي عن الباب في الخارج وهرعت اليها تسألها بحماس : هل نجح الأمر ، لابد انه كان سعيداً بمبادرتك !

نظرت اليها بطرفها وتساءلت بغضب مكنون : هل انتِ واثقة انه يحبها ، يبدو انها لم تعجبه وانتهى به الأمر لطردي خارجاً رغم انه ابداً قبولاً في البداية !!

تلبكت يونمي بغير تصديق ونبست : لا يمكن ذلك ، انه يحبها بكل تأكيد !!

تنهدت ميشا بحزن ورمت عليها بكلماتها غضباً : مهما يكن ، لقد فشلت خطتك .

تركتها وغادرت المكتب بعد كلماتها تلك لتبقى يونمي واقفة في مكانها بغير تصديق ؛ أيعقل ان ذوقه تغير !
فكرت قليلاً قبل ان تطرق الباب وتدخل اليه حتى قبل ان يأذن لها ؛ فقابلها بوجهه الغاضب ونظراته المستعرة متكلماً : ما الذي تفعلينه داخل مكتبي دون اذنٍ مني ؟

قلبت بصرها بين فطيرة التفاح التي بقيت كما هي عدا قضمة واحدة منها وبينه لتسأله : ما الذي فعلته بميشا المسكينة ؟

اضافت وهي تشير الى الفطيرة : انظر لقد حضرت لك الحلوى التي تحبها بسبب قلقها عليك وانت جعلتها تغادر حزينة الملامح !

ضيق عينيه بفراسة ، ان كانت تريد العبث من خلف الستار فسيفعل المثل فهي لا تفوقه دهاءاً في النهاية !

تكلم بغير اكتراث : انها سيئة المذاق ؛ محترقة وبلا طعم ، لم تعجبني ، يبدو انها فاشلة في تحضير الحلوى .

قطبت حاجبيها بغير تصديق وأخذت الفطيرة تنظر اليها مدافعة بانفعال : ابداً لم تحترق ولو بقدر بسيط كما انها مثالية فأنا اعرف كيفية تحضيرها جيداً !!

ابتسامة ماكرة رفعت زاوية شفتيه بعد ان دفعها للاعتراف بخدعة صغيرة منه ، ابتسامته تلك جعلتها تدرك انها وقعت بفخه فعضت شفتيها تسكت حروفها ليتكلم هو : انتِ من صنعها .. ولهذا لا تروق لي .

بارتباك حاولت تخليص نفسها من الورطة التي وقعت بها : لقد صنعتها من اجلها لكنها ارادت تقديمها لك ، انها فتاة لطيفة وطيبة وقد بان القلق عليها عندما علمت انك تفوت وجباتك

تمتمت كاذبة بحروفها : ليس وكأنني ارتكبت خطيئة بمساعدتها ..!

بغير اكتراث اجاب : لا اريد شيئاً منكِ فلا ترهقي نفسكِ بلا جدوى

شدت قبضتها بغضب من بروده وعلقت : ان كانت مشكلتك معي فلا يجب عليك ان تغضب من صديقتي وتعاملها بطريقة سيئة
لا تجرح شعورها متذرعاً بأخطائي ؛ ان كان لديك اي اعتراض بشأني فاغضب علي انا وحدي ولا توجه غضبك وكراهيتك للاخرين الذين لم يقترفوا اي ذنب بحقك !

اضافت بفتور وصوت حزين غزا حواسه : انت تدين لميشا باعتذار ..

تركته بعد كلماتها تلك ليزفر انفاسه المختنقة بصمت ؛ قد تكون محقة بكلماتها ، ميشا لا تستحق معاملته النزقة لها
مشكلته مع يونمي وهي وحدها من يجب ان تدفع ثمن افعالها ، لا ذنب لصديقتها بخطاياها ..
لكن ماذا عنه هو ..؟
أليست تدين له باعتذار. !
ان كانت تطلب منه ان يعتذر لصديقتها ، ألا يجدر بها ان تعتذر له اولاً بعد ان حطمت قلبه بأنانيتها ؟!

يومين تخللهما الهدوء مرا بعد ذلك النهار العصيب ؛ يونمي تمهلت قليلاً بمحاولاتها لجمع دونغهي وميشا حتى يتخطيا ذلك الشعور المريب بينهما وتنجلي سحابة ذلك الموقف عنهما
ليلة هادئة اجتمعت فيها العائلة سوياً بعد تناول طعام العشاء ليتسامروا قليلاً .

وبعد انقضاء بعض الوقت يتجاذبون فيه اطراف الحديث اعتذر السيد لي بسبب حاجته الذهاب الى فراشه مبكراً بسبب الأدوية التي تجعله يصاب بالنعاس
ومع وقت مغادرته نهضت زوجته لتلحق به فهي لا تتخلف عنه ابداً ؛ وحدها من تعتني بكل امور حياته وتساعده ولا يمكنه الاستغناء عنها ولو للحظات قصيرة .

وبذلك بقي ثلاثتهم وحيدين في الصالة ؛ قلبت يونمي نظراتها بحذر بين دونغهي الذي كان يعبث بهاتفه وميشا التي كانت تنظر اليه خفية من بين اهدابها كأنها تنتظر منه فرصة صغيرة للاقتراب
وجدت نفسها ملزمة على منحها تلك الفرصة بحكم انها تسببت بهذا الجفاء بينهما لذلك نهضت من مكانها محدثة جلبة صغيرة لتلفت انتباهه اليها

تكلمت بلطف مبطن : أشعر بالنعاس أيضاً فأنا اعمل طيلة النهار دون توقف بسبب مديري المتسلط لذلك اعذراني سأنسحب اولاً

نظر اليها ببرود هيمن على كلماته : من غير اللائق ان تتحدثي عن مديركِ بهذا الشكل ، وفي حضوره يعد ذلك تعدياً واضحاً قد يتسبب بطردك من العمل !

بمكر اجابت : معك حق ؛ يجدر بي الاعتذار على عدم لباقتي ، على الانسان العاقل ان يعتذر عندما يتصرف بوقاحة مع الاخرين ..

تعمدت رمي كلماتها تلك مشيرة الى تصرفه السابق مع ميشا فزفر انفاسه بحنق وهو يراها تنسحب من بينهما بنظراتها النارية التي تقذفها عليه سهاماً
ازعجه كم انها فتاة متهورة تتحدث عن القيم والأخلاق وهي لا تجيد الالتزام بها !
حتى بعد ان زجرته وتحدثت عنه بالسوء للتو لم تعتذر منه ورغم ذلك تنتظر منه ان يعتذر لصديقتها !

لكنه بعكسها رجل مكتمل النضج واعٍ لما ارتكبه من اخطاء ويعرف حدوده جيداً ، ليس من أجلها لكنه بالفعل ملزم بالاعتذار لتلك الفتاة التي لم تقترف بحقه اي خطأ ليصب غضبه عليها ..
تنحنح بحرج وعدل من وضعية جلوسه وهو يتكلم بهدوء : اعتذر انسة ميشا على تصرفي غير اللائق معكِ في المكتب ذلك اليوم .

حركت يديها نافية بلطف : لا حاجة للاعتذار ، انا من يجدر بها الاعتذار على ازعاجك

باقتضاب اجاب : لم يكن خطأك ولم تتسببي بأي ازعاج .

ابتسمت بحب متخطية الحواجز الوهمية التي بينهما وما كان منه الا مجاراة احاديثها المتفرقة بلباقته المعهودة .

عدة أيام أخرى مضت بدون اي احداث تذكر حتى اتى صباح يوم الاجازة ؛ وعلى مائدة الفطور اجتمعت العائلة يتناولون طعامهم
من بين ذلك الصمت الذي سيطر على المكان خرج صوت سعال السيد لي مختنقاً فهرعت اليه زوجته بكوب ماء لتسقيه

وحالما استعاد انتظام انفاسه تكلم ممتناً : شكراً لكِ عزيزتي

ربتت على ظهره برفق محذره : تمهل في تناول طعامك .

ضحك بخفة يحاول تعديل الجو : ما العمل وطعامك شهي زوجتي العزيزة ؟

علق دونغهي ساخراً : تتصرف كالأطفال احياناً فتتسبب للخالة بالازعاج !

ضحك الجميع على تعليقه ذاك عدا والده الذي تكلم مدافعاً : انت تشعر بالغيرة فقط لانني امتلك زوجة محبة تعتني بكل اموري ، بينما لازلت وحيداً اعزباً حتى الان .

لوى شفتيه بغيظ من كلمات والده المبطنة بينما ضحك البقية عدا شخص واحد ؛ تلك الفتاة التي نظرت اليه سراً وداخلها يكتنز دمعاً جارياً كالنهر
لكم تواعدا سراً ان يعيشا تفاصيل حياتهما بحب كما يفعل والده والخالة ، وما كانت لتوفر جهداً لتجعله اكثر سعادة لو لم تحكمها ظروف الحياة وتجري رياحها عكس ما تشتهيه سفنها ..!

بدا لها وحيداً حزيناً عالقاً في متاهات الماضي التي هي نفسها لم تتمكن من النجاة منها بعد
لكنها لا تريد له ان يهدر حياته بهذا الشكل البائس ؛ لا تريد له ان يبقى معلقاً على جرف الهاوية كما هي حالها
ان كان عليها ان تموت في هذا الحب فهو عليه ان ينجو منه ..!

نظرت الى ميشا وفكرت قليلاً قبل ان تتكلم بعنفوان : ما هي خططك ليوم الاجازة ميشا ؟

حركت ميشا كتفيها بسكون : لا املك اي خطط معينة

بحماس رددت : لنخرج اذاً ونتجول في أرجاء المدينة ، انتِ حتى الان لم تملكي الفرصة للتعرف على جوانبها ، مدينة سيؤول جميلة جداً في الخريف

همهمت ميشا موافقة : لا مشكلة لدي ؛ اود حقاً الخروج للتنزه واغتنام هذه الاجازة بالتعرف على معالم المدينة !

تكلم السيد لي مؤيداً : فكرة رائعة ؛ انتم لازلتم في عمر الشباب فاستمتعوا بوقتكم .

نظرت بمكر نحو دونغهي الذي تجنب الخوض في هذا الحديث ؛ لكنها ما كانت لتتركه ينفذ بجلده من خطتها هذه لذلك رمت بشباكها عليه : لعل دونغهي ايضاً يرغب بالخروج معنا ؛ هو ايضاً لا يغادر المنزل الا نادراً كما ان التجول بالسيارة سيكون افضل في هذا الجو البارد

نظر اليها بطرفة ورفض ببرود : لن اذهب لأي مكان .

تكلمت ميشا برجاء : لنخرج معاً ونستمتع بوقتنا ارجوك .

تدخلت يونمي بمكر : كما ان الجو شديد البرودة فهل ستترك فتاتين بمفردهما تتجولان في الخارج باستخدام وسائل النقل العامة !

تدخل السيد لي متكلماً : رافقهما دونغهي ؛ لا يمكننا تركهما تذهبان بمفردهما فقد يصيبهما مكروه ، كما ان يونمي كانت بعيدة عن المدينة لعدة سنوات وقد تتوه لوحدها لذلك يجب ان ترافقهما

بداخله السيد لي كان يأمل ان تمسك يونمي بفكرة مرافقة دونغهي لهما بسبب مشاعرها نحوه
اراد ان يمنحهما فسحة من الوقت لعلهما يتمكنان من استدارك ما فاتهما واصلاح اخطاء الماضي ليبدءا من جديد
ومن ناحيته لم يتمكن دونغهي من رفض اوامر والده وانصاع لهما ملزماً فهو لا يملك خياراً اخر

انهى تناول طعامه ثم توجه الى غرفته ليأخذ حماماً دافئاً ثم اختار ملابس دافئة مناسبة ، ابتعد عن المظهر الرسمي الذي يتمسك به عادة واختار بنطالاً من الجينز الأزرق مع كنزة صوفية بيضاء وسترة عسلية ماثلت لون حذاءه الشتوي العسلي .
رش القليل من عطره واصبح جاهزاً للخروج بعد ان سرح شعره للخلف تاركاً شيئاً من خصلاته القصيرة تعانق جبينه .

نزل الى الطابق السفلي بعد ان اصبح مستعداً فوجد ميشا بانتظاره عند المدخل ؛ ترتدي تنورة قصيرة من الجلد الأسود مع كنزة رمادية دافئة وسترة سوداء خفيفة
شعرها البني القصير ينساب بنعومته الى اخر عنقها وعينيها العسليتين مبتهجتين تلائمان بوسعهما خدودها الممتلئة بشكل لطيف

بحث بنظراته عن يونمي متسائلاً : يبدو ان يونمي ليست جاهزة بعد !

تكلمت ميشا بلطف : لم تأتِ بعد ..

تدخل صوتها مرهقاً : انا هنا

اتسعت نظرات ميشا عجباً من هيئتها الرثة بينما ضيق دونغهي عينيه ببرود وهو يشمل تفاصيلها المهملة
من الواضح انها لم تستحم بعد ؛ ولازالت في ثياب المنزل البسيطة وقد اضافت سترة صوفية طويلة تصل الى منتصف ساقيها تضمها بقوة الى صدرها
ترفع شعرها بمحبس للأعلى بينما تناثرت بعضٌ من خصلاته بعشوائية حول وجهها الشاحب

تساءلت ميشا بعجب : ألم تستعدي بعد ؟

اشارت نافيه بيدها بينما تتظاهر بالمرض : اظنني لن اتمكن من الخروج اليوم ، يبدو انني اصبت بنزلة برد

قطعت كلماتها تدعي السعال قبل ان تضيف : اخرجا انتما ولا تفسدا نزهتكما بسببي ، ستتحسن حالتي اذا حصلت على بعض النوم

ترددت ميشا بقلق وهي تتقدم منها : كيف لنا ان نتركك وانتِ بهذه الحالة ؛ هل تحتاجين الذهاب الى الطبيب ؟

تجنبت محاولة ميشا لمعاينة حرارتها وتكلمت باصرار : لا حاجة للطبيب سأكون بخير بعد ان احصل على نوم وفير ، لا تشغلي نفسكِ بي فخالتي ستعتني بي

تدخلت الخالة بقلق : هل انتِ بخير حقاً ؟؟

اشارت موافقة ودفعت ميشا برفق نحو الخارج تكرر كلماتها : اذهبا انتما للاستمتاع بيوم الاجازة وسأكون بخير هنا

نظرت ميشا نحو دونغهي الذي كان يحدق بيونمي صامتاً ؛ بغير اقتناع يراقب حركاتها وداخله يعلم يقيناً انها لا تعاني من اي مرض
مرضها المزعوم هذا ليس سوى حيلة يمكنه بسهولة ادراكها فهو خير من يعرفها ويعرف ان ما تقوم به ليس سوى تمثيل متقن لبلوغ غاية في نفسها

لكن .. الغاية الوحيدة الواضحة من افعالها هي محاولتها لجعله يخرج برفقة ميشا لوحدهما !
لكن لماذا ؟
ما الذي ستجنيه اذا جعلتهما يخرجان سوياً بدونها وهي من خططت لهذه النزهة منذ البداية ؟!

هل كان مخطئاً طيلة ذلك الوقت ؟
هل كان احمقاً عندما ظن انها تسعى للتقرب منه واصلاح الامور بينهما ، ألم تكن كلماتها واضحة عندما طلبت منه ان ينسيا الماضي ويصبحا صديقين جيدين !!
كيف سولت له نفسه ان يظن ما تفعله محاولة منها للفوز بقلبه من جديد !
كيف غفل عن لعبتها الحقيقية حتى اللحظة بينما يدعي الذكاء وسرعة البديهة ؟

شد قبضته بغضب واشار على ميشا التي كانت تسأله بطرفها عما يجب عليهما فعله وتكلم بهدوء : لنغادر اذاً ؛ ستعتني بها الخالة .

استسلمت ميشا موافقة لرأيه وتقدمته مغادرة بعد ان طلبت من الخالة ان تعتني بها جيداً ثم تبعها دونغهي بصمت غائباً في افكاره التي لا حصر لها
هي تحاول ان تجمعه بميشا اذاً !
خططت لكل هذا الأمر برمته ثم تظاهرت بالمرض لتجعلهما يخرجان سوياً وعلى انفراد
حتى تلك الفطيرة التي صنعتها له تعمدت جعل ميشا تقدمها له ليس لانها ارادت التصالح معه ، بل لتفسح المجال لميشا في التقرب منه .

لكن لماذا ؟
هل يبدو لها الأمر ممتعاً وهي تلهو بقلبه ؟!

من الجهة الأخرى تنهدت بعمق حال مغادرتهما وارخت اكتافها براحة ؛ لكن كف خالتها التي هبطت على جبينها أجفلتها لتتراجع بخطواتها الى الوراء امام نظرات الخالة المستنكرة وهي تواجهها : انتِ لا تعانين من اي حمى ؛ هل كنتِ تكذبين للتو ؟؟

ابتسامة سخيفة علت شفتيها وهي تنحني بأسف : اعتذر على التسبب لك بالقلق خالتي ..

حدقت فيها الخالة بصمت للحظات فحاولت التهرب من سياط نظراتها قبل ان تتكلم خالتها بحزم : هل تعمدتِ فعل ذلك ليغادرا سوياً بمفردهما !!

جفلت في مكانها امام نبرة خالتها الحازمة ونظراتها التي حاصرتها فاعترفت بانهزام : اجل ..

تبرمت ملامح الخالة وصاحت فيها بغضب : هل انتِ حمقاء ؛ أتحاولين دفعه ليبدأ علاقة جديدة مع صديقتك بنفسك ؛ هل قررتِ التخلي عنه حقاً بدلاً من استعادة قلبه ومشاعره ؟؟
اياكِ والكذب قائلة ان امره لا يعنيكِ فلن تنطلي علي هذه الحيلة أبداً ؛ اعلم انكِ مغرمة به فما الذي تحاولين فعله !

استكانت في مكانها لا تقوى على مجابهة نوبة غضب خالتها ؛ لا تعلم كيف الفرار من هذه الأسئلة المحدقة التي تضيق الخناق عليها !
حتى هي تحتاج للبوح ؛ تحتاج لتفريغ حمولة قلبها ومشاركة احدهم حرقة مشاعرها ولا جدوى من الهرب اكثر .،

بصوت تحشرجت فيه بحة البكاء وعينين اكتنزتا الدموع نبست : انا لست بخير يا خالتي ....


#انتهى
اتمنى يكون عجبكم
اول ما يوصل الفصل 30 فوت رح ينزل الفصل يلي بعده
الى اللقاء في الفصل القادم

Continue Reading

You'll Also Like

1.4M 129K 37
في وسط دهليز معتم يولد شخصًا قاتم قوي جبارً بارد يوجد بداخل قلبهُ شرارةًُ مُنيرة هل ستصبح الشرارة نارًا تحرق الجميع أم ستبرد وتنطفئ ماذا لو تلون الأ...
1M 40.6K 41
فتيـات جميلات وليالــي حمـراء وموسيقـى صاخبة يتبعهـا آثار في الجسـد والـروح واجسـاد متهالكـة في النهـار! عـن رجـال تركوا خلفهم مبادئهم وكراماتهم وأنس...
969K 26.6K 116
باختصار الرواية تحكي عن بنت ضاعت بين امها وابوها وهم ما متقبلينها لانو والد ريم تزوج امها عن طريق الانتقام وكانت بين الاسرتين عداوة قديمة ما تعرفها...
4.1M 61.5K 66
تتشابك أقدارنا ... سواء قبلنا بها أم رفضناها .. فهي حق وعلينا التسليم ‏هل أسلمك حصوني وقلاعي وأنت من فرضت عليا الخضوع والإذلال فلتكن حر...