اغوار جارى لكاتبة هند صابر

By AyaMostaffa

6.2K 323 6

اغوار جارى More

الفصل الاول
الفصل الثانى
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادى عشر
الفصل الثانى عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الحادى والعشرون
الفصل الثانى والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصل الخامس والعشرون
الفصل السابع والعشرون والاخير

الفصل السادس والعشرون

172 12 0
By AyaMostaffa

الفصل السادس والعشرون .........

(نشوة انتقام)

شهقت سحاب وتمنت ان تفعل أي شيء يكفر عن ذنبها ويصلح الامر لكن الذي حصل كان اسوء شيء يمكن ان يحصل لها اذ فتحت اخته حقيبتها واخرجت منها ظرف مغلق وسلمته له قائلة: "انا ذاهبة يا اخي شكرا لانك اهنتني وضربتني .... يبدو انه جزائي لأنني اتيت لأنقذ اخي من براثن الوساخة"
بدأ قلب سحاب يخفق وتتسارع نبضاته وبارع يتطلع بأخته التي ركبت سيارتها وشغلتها ثم ابتعدت

بدت شاحبة كأن لا قطرة دم بوجهها وعينيها متسمرتان بالمغلف الذي بيده والقلق قد اخذ منها مأخذ جعلها تتغاضى عن إهانة اخته لها وتفكر بما هو أكثر إهانة وخزي!
عندما ادار وجهه اليها تمتمت بخفوت رغما عنها محاولة تبرير موقفها قبل ان يكتشف بنفسه شيء مشين عنها وبعينين حمراوين ونبرة مرتعشة متمنية بداخلها ان تحصل معجزة تمنع الكارثة التي ستحل على قلبها: "بارع .... يجب .... يجب ان ارحل .... انا"
قاطعها وهو يخطو نحوها وبملامح مستاءة وعينيه تتجولان بوجهها المحتقن كأنه يريد ان يخفف عنها ويواسيها: "لا تؤاخذيني بما تفوهت به اختي .... اسف جدا على ما بدر منها .... صدقيني لا اعرف كيف اجبر ما كسرته بداخلك واعلم ان كلمة اعتذار مني لا تغني ولا ترد لك كرامتك لا افهم لماذا تصرفت على ذلك النحو اكيد هناك سوء فهم كبير"

كأنها لم تسمع شيء مما قاله وبقيت نظرتها متسمرة بالظرف الذي لم يعيره اهتمام بالغ وبدى بالها مشتت امامه وقبل ان تقول شيئا بادر وبتبرير وتردد: "اما عن البيت .... اضطررت ان أخفي عنك الامر ليس لشيء سوى لرغبة بداخلي ان تبقين قريبة صدقيني ليس لي غرض سوى ان تبقين"
تطلعت بعينيه كالمتهمة الماثلة امام منصة العدالة ولا تفهم عما يتحدث الان! كل الذي يشغلها بهذه اللحظات ويجعل القلق والخزي ينساب في عروقها كزيت ساخن هو الظرف وما يتضمنه .... ياويلي!
ماذا يوجد داخل الظرف؟ معلومات تخصها؟ تدينها امامه؟ امر يتعلق بماضيها؟ او ربما دليل على زواجها؟
لكن ما علاقة اخت بارع بالموضوع؟ كيف وصل الامر ليدها؟
أفعال من هذه يا ترى؟ من الذي يريد ان يدمرها؟ .... أه .... بهذه اللحظة تذكرت خليل وما حصل معه الليلة الماضية مثل امام عينيها بوضوح ملون وأضعفها
انها محاصرة من كل جانب والضغوط تحيط بها وتضيق عليها حتى بدأت تعتصرها وشعرت انها أضعف مما ستواجه وسرعان ما خفقت اهدابها بدهشة من توالي الصدمات عندما واصل بارع برفق وهو يلمس خصلة متدلية من شعرها: "انه بيتك يا سحاب مهما حصل هو بيتك لا تخشين .... ظرفي وظرف والدك اجتمعا بوقت عصيب على ان يحدث ما حدث كل منا اضطره ظرفه على ابرام اتفاق ربما ضيع على كلينا حقوقه هو كان يعاني ضائقة مالية ملحة في الوقت الذي أشهر افلاسه بصورة علنية وانا كنت بحاجة الى هذين البيتين معا فاضطررت ان ادفع له مقابل تسليم المفتاح على وجه السرعة .... صحيح انني دفعت ثمنه قبل خمسة أعوام تقريبا لكن البيع تم وفق اتفاق بيننا دون ان يوثق بأوراق رسمية مجرد ورقة تعهد لا قيمة لها الان .... كانت يد الموت طائلة اذ حصل وان وافته المنية قبل ان نقدم على الخطوة التالية وهي توقيع عقد البيع بشكل رسمي يضمن حقي .... بعد ان علمت بوفاته فضلت ان يبقى الوضع كما هو عليه تعرفين لماذا؟ لأنني سبق وعرفت منه ان وريثته الوحيدة لهذا البيت هي بنته الوحيدة وكان يفكر ان يتركه لها ملجأ وملاذ قد تؤوي اليه يوما ما لكن ظرفه المادي كان قاهر مما اضطره ان يتصرف به رغما عنه ليكمم افواه الدائنين .... لا تخشي يا سحاب بحياتي لن أفكر ان اخرجك منه لأي سبب كان انه ملكك واما عن الورقة فبإمكاني تمزيقها امامك .... كأنني كنت انتظرك طوال سنوات .... كنت اتوق لرؤية تلك الوريثة يوما ما .... كأنني احببتك قبل ان اراك"
تدفقت الدموع من عينيها وهي لم تستوعب حجم المفاجأة التي فجرها بوجهها بعد!
حتى هذا البيت يا ابي؟
لم تمنحني لا الحماية ولا الأمان ولا المال بحياتك وبعد مماتك أيضا؟ كنت اظن انها حسنتك الوحيدة اتجاهي!
يالسخرية الأيام يا سحاب!
طوال الفترة التي مضت وانا أقيم ببيت دفع ثمنه بارع!
الان فهمت سر المفتاح الذي كان بحوزته وسخرت من نفسها على غفلتها وغرورها
كم مرة وصفته انه رجل محاط بالغموض والاسرار وكم من مرة وضعته داخل حلقة الاتهام والريبة ووصفته بالكاذب المنافق! .... الان ما موقفها؟ حتى البيت ليس ملكها! ياله من موقف مضحك ومبكي بالوقت ذاته!

تطلعت بعينيه وتمنت الهرب من نظراته ومن اهتمامه ومن كمية التعاطف والرفق بملامحه
تمنت ان تختفي قبل ان يفتح المغلف ويرى ما مخبوء تحته.
عندما امسك يدها قائلا: "تعالي معي الى بيتي و"
توقف عن إتمام كلامه لانها شدت يدها بقوة قائلة بفزع: "لا أقدر"
هتف بانفعال: "كيف اتركك واقفة هكذا حافية القدمين لا تملكين مفتاح؟"
تراجعت هامسة: "ستتركني .... ستتركني حتما"
قال بنفاذ صبر: "سأذهب واجلب لك نسخة من المفتاح انتظري"
واثناء توجهه الى بيته تمنت ان تأتي سيارة الشرطة وتقتادها الى المخفر وستعترف بجريمتها انها قاتلة .... قتلت خليل.... السجن ارحم لها من المواجهة القاسية

عندما دخل الى بيته توجه فورا الى غرفته وسحب جرار الخزانة وهو يهز برأسه وبينما كان يبحث عن نسخة المفتاح رمى المغلف على السطح وذهب بالمفتاح اليها مسرعا لكن سرعان ما ابطأ خطواته وعقد حاجبيه .... اين ذهبت!
رجع الى بيته وبسرعة غير ملابسه لأنه قرر ان يبحث عنها ويردها الى بيتها وقبل ان يغادر الدار استوقفته أصوات وحركة صادرة من القبو مما جعله يعدل عن قراره ويتوجه مسرعا نحو القبو!

استدارت سحاب وخرجت من خلف بيتها او بالأحرى بيت بارع حيث كانت مختبئة في زاوية عنه وكان بنيتها ان تختفي بهدوء من هنا لكنها أدركت ان الاختباء او الهرب لم يجدي نفعا بعد اليوم وعليها ان تواجه مخاوفها وتذهب اليه بقدميها وتعترف له .... تخبره كل شيء وبلسانها ولتتحمل عواقب الأمور لان هذا قدرها.

اقتربت من البيت بخطوات ثابتة لكن كل نبضة بقلبها كانت مترددة وخائفة وتقنعها بالأعدال عن الاعتراف كي لا تضطر لمواجهة نظرات النفور او القرف في عينيه وبدى الاعتراف امامه أصعب عليها من الاعتراف امام الشرطة عن جريمتها لكن قلبها يلزمها ان تبوح بكل شيء له لأنه يستحق ان يعرف ولا يجب ان تتركه بدون تبرير.
عندما وقفت قريبة من الباب نادته بصوت خفيض خجول وحدثت نفسها ان تتراجع لأن فرصة الهرب مازالت قائمة ومتاحة لكنها تغاضت وتقدمت وبإصرار دخلت وكررت النداء الا انها لم تسمع جواب وكأنه لا يسمعها!
بحثت عنه في ارجاء البيت ببطء وهي تهيأ برأسها الكلمات التي ستنطقها امامه "بارع انا اسفة انا .... انا امرأة متزوجة .... اسفة لأني اخفيت عنك"
هزت رأسها بعدم تقبل ما هذه الفجاجة لا .... عليها ان تصوغ الكلام بطريقة أفضل ...."بارع علي ان اعترف لك بشيء طالما اخفيته عنك لأني .... لأني كنت خائفة ان اخسرك و"
مسحت جبينها المتعرق وهمست خلف باب غرفة النوم: "بارع يجب ان نتكلم ارجوك"
لابد انه فتح المغلف داخل الغرفة والان مستغرق برؤية او قراءة ما به وربما سيظهر لها بأي لحظة وبعينيه نظرة نفور او عتاب!
بعد ان كررت النداء اقتحمت الغرفة بتحدي مستجمعه شجاعتها للمواجهة لكن سرعان ما خاب ظنها وابتعلت ريقها اين ذهب!
وقبل ان تخرج من الغرفة لمحت الظرف ملقى على سطح الخزانة!
تلفتت يمينا وشمالا واقتربت كاللص ومدت يدها بتردد وحياء وكانت نيتها تسول لها إخفاء الظرف طالما انه مغلق وعلى حاله نعم يجب عليها ان تخفيه وينتهي الامر وترحل دون ان تترك ذكرى قبيحة بداخله.

لم تمض الا ثواني حتى خرجت من الغرفة وكانت خطواتها متثاقلة ووجهها بائس.... لا أحد يستطيع ان يغير الواقع او يمحو الماضي لا أحد يقدر ان يحرف الحقيقة لأنها اقوى من الأكاذيب والاوهام مهما مر الوقت او حتى الأيام والأشهر لذلك تركت كل شيء على حاله ولم تخف الظرف ليعرف ما يجب ان يعرفه انه قدرها.

.................................................. .............................
اتسعت عينين سحاب وسرت قشعريرة رعب بأوصالها وهي واقفة عند فتحة القبو وابتلعت ريقها امام ما تسمعه من أصوات غريبة في الأسفل .... لا بد انه سر بارع الذي يخفيه!
رباه ماذا يوجد بالداخل ولماذا باب القبو مفتوح والنور مضاء في الأسفل والاصوات الغريبة تبدر من هناك؟
وقفت اعلى السلم وكانت ساقيها ترتعشان وقلبها يطرق وفضول هائل بداخلها يدفعها ان تنزل همسا لترى بعينيها ماذا يحدث!
هبطت السلمة التالية وعينيها تبحث بتوجس واذنها ترهف السمع
كان النور اصفر فاقع بالداخل وكانت الأصوات جدا غريبة وجلبة وفوضى

عند أسفل السلم انهارت سحاب وتهاوت ببطء حتى جلست على اخر سلمة وشبكت يديه بمحجر السلم واسندت جبينها عليه ودموعها تتهافت امام مرارة الذي رأته بعينيها الان.
هذا ما تخفيه يا بارع؟ شخص مريض مختل تقوم برعايته! تخفي الامر وتترك الناس يتكلمون وينسجون الاقاويل والقصص حولك .... مشعوذ ساحر ممسوس مغتصب قاتل مريض!
والحقيقة شيء اخر! الحقيقة أسمى وأجمل بكثير مما قيل ووصف .... الحقيقة ان تحت البيت ردهة عناية مركزة .... سرير نظيف وشاب معاق عقليا محاط بكل لوازم الرعاية الطبية ورجل رائع يحقنه متحمل منه كل ذلك الهياج ويحاول السيطرة عليه بقوته العضلية واعصابه الهادئة الباردة
بقيت تتأمل بإحساس كبير من الشفقة والحب بارع وهو يحتضن الشاب الذي يضرب به ويعض بكتفه ويخدش ويصرخ ويركل
يحتضنه بكمية هائلة من مشاعر الحب والحرص والإخلاص رغم هياجه ولحظات جنونه!
بدأ الشاب يهدأ بين يديه بعد ان أدمى معصميه وبارع لم يشعر بوجودها ومراقبتها له لأنه منهمك بالسيطرة على الشاب الذي يبدو يمت اليه بصلة ما لا تعرفها بعد ....
عندما بدأ هياج الشاب الحليق النظيف يهدأ تدريجيا راقبت بارع وهو يعيده الى سريره برفق بالغ ويمسد على رأسه ويقبل جبينه ويرتب قميصه ويغلق ازراره وشعرت ان الحب والعشق تفاقم بقلبها لإنسانيته واخلاصه وايثاره وصبره إضافة الى كل ميزاته التي عرفته بها
حالما رفع الشرشف ليغطي جسد الشاب لمحها جالسة تراقب كل شيء بدموع وشفقة وتغيرت ملامح وجهه وكأن وجودها اثار انفعاله!
اذ عقد حاجبيه وقطب جبينه وأدركت انه مستاء من وجودها او ربما محرج وبقي الصمت مخيم على الارجاء وبارع اشاح بصره عنها وشعرت به عرفت انه متضايق ومحرج لأنها كشفت سره معتقدا ان ذلك سيقلل من شأنه بنظرها او يضعفه لا يعلم انها فخورة جدا بما رأته وان عنايته بذلك الشاب المعاق وسام شرف يتقلد صدره.
نهضت واتجهت نحوه وتطلع بها بارع بنظرات جامدة وهي تقترب من الشاب وتغير تعبير بعينيه عندما وجدها تمسد على شعر أخيه النائم برفق وعطف وهمست بنبرة ودية: "يقرب لك صحيح؟"
قطب جبينه وبجفاف: "اخي .... لا اريد ان يعرف أحد عن مرضه ولا عن وجوده هنا .... ان يوسف خطير وقد يؤذي أحد والناس لا ترحم أحدا .... مضطر ان اخفيه كي احميه"
اومأت برأسها موافقة ثم ابتعدت وصعدت السلم واعتقد بارع انها تركت المكان وأنها ستبتعد أكثر عنه لدى رؤيتها ليوسف لكن لم يعلم انها بقيت تنتظره.

عندما اقبل الى الصالة رفع حاجبه حالما رأى سحاب جالسة على الاريكة بانتظاره وقال مستخفا ومنزعج: "اعرف لماذا انت هنا وماذا تريدين ان تقولين .... لماذا يا بارع خدعتني؟ لماذا اخفيت عني؟ صدمتني بك لم أتوقع ان اجدك مرتبط بشقيق مختل عقليا .... اعذرني لا أستطيع ان اتقبلك كصديق او حبيب او زوج بسبب وجود ذلك الأخ المريض بحياتك"
هزت رأسها مستنكرة وبدموع وخفوت: "بالعكس مستحيل ان اتفوه بذلك .... انت صدمتني بالفعل لكن بصورة أخرى .... فاجأتني حقا بقابليتك النادرة على العطاء والايثار .... انت انسان نادر الوجود .... لكن لماذا يا بارع تضع نفسك بمواضع التهمة والشك لماذا تظلم نفسك وترضى ان تكون مجرم بعيون من حولك لماذا تخفي خصالك الحميدة كان من المفترض ان تجعل من نفسك قدوة يحتذى بك انك تؤدي رسالة سامية تجعلك كبير بأعين الاخرين .... انا بالفعل حزينة لأنك تتركهم يظلمونك ويعتقدون انك سفاح القرية"

اقترب منها وقال بجدية: "لا يهمني كل شيء سوى سلامة اخي يوسف ونجاته من ظلم البشر والسنتهم .... يجب ان تصدقينني عندما اخبرك انني مستفيد من عزلتهم وخوفهم .... الخوف يجعلهم مبتعدين ولا يفكرون بالاقتراب ولا التدخل بحياتي .... انا من خططت رسم هالة الغموض حول بيتي وحول شخصيتي مستفيدا من عقولهم التي تروج لهم المخاوف والخرافات .... صدقيني يا سحاب لا مجرم ولا سفاح حقيقي بالقرية وانما هناك مستفيدون من تلك الخرافة
العقول الساذجة والمخاوف التي لا أساس لها هي من بنيت لهم صنم السفاح وجعلت كل ضعيف النفس ولص يستفيد من ذلك الصنم ويفعل الحرام والجرم تحت عباءته .... كل سارق يسرق تحت غطاء سفاح القرية وكل دنيء يعتدي ويغتصب تحت عباءة سفاح القرية المجهول وكل قاس وغليظ يؤذي ويسفك دم في ظل وجود السفاح .... هناك مستفيدون يستغلون عقول الناس البسيطة ويعيثون الفساد في القرية وينفذون مآربهم .... لا أنكر انني أيضا مستفيد من ذلك التمثال الذي صنعوه بأيديهم لكن ليس لغاية سوى تحصين داري بسور منيع وحماية اخي المريض .... والان استطيع ان اخبرك عن السبب الذي دفعني ان اشتري بيت والدك ان مرض اخي جعلني اتجنب مجاورة الناس كي لا يكتشفون الحقيقة ويبقى الغموض يحيط بي ونجحت بالفعل وخدمتني الظروف هنا وجعلتني اتقبل ان أكون سفاح القرية مع ان لا شائبة تشوبني ولا دليل ضدي مجرد الوهم غلفني من امام اعينهم وجعلهم يهابونني ويخشونني انت الوحيدة التي كسرت الحاجز وفهمتني وتقربت مني وذلك ما شدني اليك شجاعتك وعقلك المتفتح الواعي"
ارتجفت شفتيها وقالت بصدق عميق: "انا احبك"
تغيرت تعابيره وقال بتحديق: "رغم ما رأيته لتوك؟ رغم ما سأقوله لك الان؟ لدينا مرض وراثي يا سحاب وهناك احتمالية كبيرة لانتقال المرض بالوراثة لأبنائنا انا واخوتي انا طبيب واعرف جيدا ان نسبة انتقال المرض بالوراثة كبيرة وواردة الحدوث ولا ارغب ان اخدع الانسانة التي أفكر الارتباط بها .... هذه الابتلاء دفع اختي نادين ان تقدم على خطوة قاسية جدا .... انها تخلت عن حقها بالأمومة الى الابد .... نادين اجرت عملية استئصال للرحم خشية من ان تبتلي بطفل مختل عقليا مثل يوسف ومثل عمي شقيق ابي ومثل حفيد عمي .... ستثبتين على كلامك يا ترى؟ تركتني خطيبتي لهذا السبب ولا الوم خوفها وحرصها انها حرة باختيار الشريك المناسب .... والان ما زلت على رأيك يا سحاب؟"
خفقت اهدابها الرطبة واجابت بأنفاس مضطربة: "اسفة .... احبك واسفة لأني أقول لك ذلك"
ضاقت عينيه وقال ببرود: "اسفة! اسفة لأنك تحبيني؟"
أبعدت خصلات شعرها البرتقالية بأنامل متوترة وقاسية وقالت بحرج كبير: "نعم .... اسفة لأني جبانة .... ان كنت اخفيت عني مرض يوسف فأنا لدي ما هو أكثر حرجا بكثير .... ان كان يوسف برأيك عائق امام حبنا فالذي لدي أكبر بكثير ويجعل حبنا مستحيل"
قطب جبينه واقترب خطوات وبعينيه نظرة استياء وعدم اقتناع وقال بنبرة جليدية: "قبل ثوان كنت تخبريني عن حبك والان أصبح هناك عائق! بأي حجة تريدين ان تتذرعين؟ الصراحة أشرف بكثير من المراوغة .... قولي ان العائق هو يوسف اخي والمرض أفضل لك من المراوغة بالكلام .... اذهبي يا سحاب .... اذهبي وابتعدي عن عالمي وعن حياتي وعن واقعي"
نهضت ومسحت انفها ودموعها وقالت بجدية وهي على وشك الانهيار: "بالفعل سأبتعد.... والسجن مصيري ربما بعد دقائق سيكتشفون امري ويقبضون علي و"
ابتسم بمرارة واضحة وقال ببرود: "اطمئني لا أحد سيكشف امرك .... اطمئني"
وراقبته بحيرة وهو يتجه الى المكتبة الضخمة ويخرج من احدى خاناتها كيس وبهتت عندما قدم الكيس لها قائلا: "خذي .... ان كان هذا ما يدينك امامهم"
فتحت الكيس واخرجت حذائها والحقيبة! وقبل ان تنطق بشيء قال: "المفتاح في الحقيبة والبيت لك لا تتوقعي ان مصارحتك لي بعدم تقبلي يدفعني لإزعاجك ومضايقتك وطردك .... ابدا لست من يفعل ذلك"

انزلت الحذاء الى الأرض وارتدته واخرجت المفتاح من الحقيبة وقالت وقلبها يتوجع: "امهلني الليلة فقط وسأرحل يا بارع وصدقني غير مأسوف على غيابي بالعكس البعد عني راحة لك ونجاة وان كنت تتساءل عن سبب كلامي هذا افتح الظرف يا بارع و .... وستعرف ماذا اقصد"
وابتعدت من امامه مسرعة وهي تحبس العبرة بصدرها وهرولت الى البيت المجاور.

دخلت بيتها ودخل غرفته .... اخفت وجهها وتناول هو الظرف بتجهم وتساؤل.

اجهشت بالبكاء واتسعت عينيه بصدمة كبيرة عندما اخرج ما في المغلف
اسرعت الى خزانة المطبخ واخرجت قنينة المهدئات وسكبت الأقراص كلها بيدها وتناثرت الصور من يديه الى الأرض وتحركت يده باحثا عن شيء يسنده واتكأ وأغمض عينيه.

.................................................. ..............................

كان التجمع كبير في احد بيوت القرويين وعقد اجتماع سري وصدرت فتوى من قبل مشايخ القرية بالاقتصاص من الظالم وانزال العقوبة على سفاح القرية وإنقاذ الناس من بطشه خاصة بعد ان جاهرت والدة الصبية المعتوهة باعتدائه على براءة ابنتها واستغلال مرضها وانتهاك شرفها مما اثار غضب جماعي وسخط كبير بين القرويين وجعلهم يجمعون على احاطة بيت بارع واضرام النار به بمن فيه وحددوا اليوم الموعود والساعة التي يتم بها العقاب.

.................................................. ..............................
انزل بشير مرادي فنجان القهوة ببطء الى الطاولة قائلا بابتسامة ثقيلة: "الصور كفيلة بإنهاء كل شيء وقتل أي مشاعر مهما كانت جامحة"
ميرال وبنبرة متملقة: "احسنت صنعا لكن .... أرى ان خطوتك التالية قاسية بعض الشيء .... برأيي الشخصي ان .... ان تكتفي الى هذا الحد .... الصور كانت بادرة ذكية احييك عليها لكن .... تأجيج القرويين ضد الرجل وتلفيق قصة الاغتصاب اليه ودفعهم الى قتله ربما ظالما بعض الشيء"
تلاشت ابتسامته وقال ببطء: "بالعكس .... ذلك الطبيب يجب ان ينال جزاء يرضيني وكل شيء يسير وفق ما رسمته بالحرف .... السيدة نالت المبلغ الذي يغنيها مدى حياتها الباقية وسحاب ستتلقى صفعة موجعة تأديبية على تمردها على بشير مرادي وتجاهله والاستخفاف به .... الصور مجرد لسعة لكليهما لكن العقوبة ستكون الحرق وحرق قلب سحاب غايتي .... اريد ان يتحول قلبها الى رماد جزاء على نبضه بحب رجل اخر"

اشاحت ميرال ببصرها بابتسامة باهتة واشعلت السيجارة ببطء هامسة: "كما تشاء"
.................................................. ............................
خبر موت خليل انتشر بسرعة البرق في القرية مما جعل السيدة والدة الصبية المغتصبة تفرك بيديها بتوتر وتتلصص بعينيها ونظراتها وتهمس مع نفسها: "لست نادمة .... لست نادمة .... لقد ضربت عصفورين بحجر .... انتقمت لشرف بنتي من مغتصبها وثأرت للقرية كلها من بطش السفاح كل منهم نال جزائه .... لا يمكن ان اترك حق ابنتي لا يمكن انا فلاحة .... ودمي ساخن ولحمي مر

انتهى الفصل

Continue Reading

You'll Also Like

341K 27.3K 55
من رحم الطفوله والصراعات خرجت امراءة غامضة هل سيوقفها الماضي الذي جعلها بهذة الشخصيه ام ستختار المستقبل المجهول؟ معا لنرى ماذا ينتضرنا في رواية...
5.5K 296 9
يفضل القراءة بخلفية سوداء للمزيد من التشويق؛ قراءة ممتعة✰
228K 3.4K 18
تم نقلها من منتدى روايتي الثقافية للكاتبة (زهرة نيسان84)
494K 23.7K 35
احبك مو محبه ناس للناس ❤ ولا عشگي مثل باقي اليعشگون✋ احبك من ضمير وگلب واحساس👈💞 واليوم الما اشوفك تعمه العيون👀 وحق من كفل زينب ذاك عباس ✌ اخذ روحي...