الفصل الثانى

351 14 1
                                    

الفصل الثاني ....
صورة وصوت!

عندما ازاح فوهة المصباح عنها ببطء انزلت ذراعها وتراءت امامها هيئة رجل ضخم البنية بلحية كثة لم تتمكن من رؤية تعابيره وملامحه بسبب الظل الذي يغطي وجهه لكن الذي جعل قلبها يطرق بشدة البندقية التي كان يحملها!
لا تستطيع ان تصف كمية الذعر الذي تملكها من وجود ذلك الغريب في بيتها وهو يشهر سلاحه كأنه رجل محارب!
كرر السؤال بنبرة اقل حدة لكن يشوبها الارتياب والاتهام ودون ان تستطيع ان تميز معالم وجهه: "من انت؟ ماذا تفعلين هنا؟ كيف اقتحمت البيت؟"

اجابت بتلعثم وهي تنحني وتمسك ركبتها المتوجعة وبنبرة مستخفة بعض الشيء: "من تراه يفكر ان يسرق شيئا من ذلك البيت السحيق؟ انا .... انا صاحبة هذا المكان"
ساد صمت حتى فاجئها بنبرة اتهام أخرى: "صاحبة المكان!"
ارتبكت عندما وجدته يخطو ببطء نحوها واجتاحها الارتياب ربما هو اللص الذي يتحدث عنه او قاطع طريق وسيستغل كونها وحيدة ويعتدي عليها بطريقة ما!
هواجسها زادت من قلقها وراقبته بحذر وهو يضغط على ازرار الانارة وبادرت: "انها معطلة تماما"
حدقت بجانب وجهه الذي اتضح امامها وقد أوحى لها بأنه يمتلك تقاسيم حادة وقوية وربما قاسية!
التفت اليها وقال بنبرة خافتة: "ومن يضمن لي إنك صاحبة البيت كما تدعين؟"
ازعجتها ريبته ووجدت نفسها غير ملزمة بالتبرير له وقالت وقد جعلت بينها وبينه مسافة مناسبة: "ولماذا عساي ان اكذب؟ وجودي بقلب البيت وبمفتاحي الخاص لا يفسر لك حقيقة الامر؟"
كانت واضحة امامه بكل تفاصيلها لانه يسلط المصباح ناحيتها اما هو بقي شكله غامض بالنسبة لها سوى هيئة رجولية كظل جبل جاثم!
هو وبصراحة مزعجة: "وجود فتاة هنا بهكذا ساعة وبهكذا ظرف وتبدو بكل هذا الاضطراب له تفاسير عدة سقط منها كونها لصة"

تملكها شعور غريب حيال صوته ونبرته واسلوبه بغض النظر عن انه متهكم لكنه مختلف!
اتسعت عينيها بصدمة عندما واصل بنبرة لاذعة: "اشك بالأمر .... ربما جئت مع أحدهم وانت الان بالانتظار"
لم تجد ما تقوله وبقيت تتطلع نحوه مستغربة إصراره على تكذيبها حتى قال وهو يضع المصباح على الطاولة ليغرق شكله في ظل معتم: "خذي هذا لعله ينفعك الليلة هذا كل ما أستطيع ان أقدمه لفتاة .... هاربة"

امتعضت من عبارته .... هاربة!
ما الذي أوحى له بذلك؟ كيف علم انها بالفعل هاربة؟ قرأ افكارها ام قارئ فنجان؟ اخبرته انها صاحبة المكان ويخبرها انها هاربة! .... أي حدس هذا بداخله؟ حيرها ذلك حتى ظنت انه يعرفها بطريقة ما وقد ارعبتها مجرد الفكرة .... يعرفها؟

شعرت بالامتنان نحوه ليس لشيء سوى لأنه انصرف واختفى تاركا مصباح الشحن الضخم لها واسرعت مهرولة نحو الباب الذي تركه مفتوح خلفه واغلقته بقوة وأقفلت بالمفتاح مرتين فربما يتراجع ويعود اليها من يدري.
من زائر الليل هذا؟ تراه أحد رجال الحراسة المتجولين هنا؟ انه يحمل السلاح وهذا ما أوحى لها بذلك؟ لكن يبدو ان قلبه قوي حتى يفكر ان يهاجم لص مقتحم بكل شجاعة!
المساعدة التي قدمها لها تبدو باهظة الثمن بهكذا ظرف عصيب انه المصباح .... المصباح أكثر ما تحتاجه الان

اغوار جارى لكاتبة هند صابرWhere stories live. Discover now