الفصل الخامس عشر

179 8 0
                                    

الفصل الخامس عشر ..........

(أبواب الحيرة)

بقيت تتقلب بالسرير طوال الليل وتضايقها كوابيس كأن جثة خليل قرب البركة كما حدث مع صاحب متجر البقالة!
استيقظت على إثر رنين الهاتف وتطلعت بالشاشة لتجد ميرال المتصل.

قطبت جبينها وعضت على شفتها وهي تستمع الى صوت ميرال البعيد وهي تهمس بتحذير: "راجعي نفسك يا سحاب .... عودي الى بيتك .... أه صحيح كيف أحوال جارك؟ يبدو مهتما .... ترى ان علم حقيقتك سيبقى مهتما؟"
أغلقت سحاب الخط ورددت بحزن: "كفى .... كفى ارحميني انا ابنتك ابنتك"
اخفت وجهها بيديها وشعرت بالحقد على والدتها التي تريد ان تفضح امرها امام بارع واي رجل يقترب منها
لا تستغرب منها ذلك التصرف ولا تلك القسوة فتلك هي ميرال وذلك هو منطقها التهديد والابتزاز والضغط ما دام كل ذلك يصب بصالحها ويغدق عليها بالملذات والترف .... ميرال لم تكتف بقتلها لتمارة ولم يرف لها جفن فجاء الدور عليها لتقضي على حياتها وتدمرها .... كيف وجدتني من اخبرها من ارشدها؟ الى اين اذهب؟ فررت بجلدي ولم اتدبر حالي ليتني سرقتهم وامنت نفسي منهم
دخلت المطبخ بتكاسل وحالما وقع بصرها على نافذة المنزل المجاور مرت ذكريات الليلة الماضية امام عينيها كشريط فيديو معطل ومتقطع وكأنها لا تقدر ان تجمع الاحداث مع بعضها من مطاردة خليل الى ظهور المسعف الى زيارة بارع ووو هزت رأسها بحيرة وقلق ترى ماذا حصل؟ معقول تسببت بإزهاق روح خليل كما فعلت مع البقال!
بارع! بارع وذلك الأثر على معصميه!
كيف تجاهلت وتغاضت واستقبلت السفاح بكل ترحيب دون ممانعة؟
كيف استطاع ان يقنعها انه بريء ومنقذ ومعالج؟
لا يا سحاب لا تنجرفي وراء حسن نواياك وتستحسني أفعال بارع المجرم المنبوذ الخطير انها واثقة انه من ظهر لها وأنقذها من يدي خليل ليس لأنه انسان وشهم بل لتعطشه للدم وولعه بنحر القرابين البشرية كعادته لإرضاء الشيطان الذي بداخله ....
تناولت قهوتها اللاذعة بتسارع عليها ان توقف كل تلك المتاعب برأسها ولا تتردد هذه المرة بالتبليغ عنه .... انه قتل خليل مستخفا بعواقب افعاله وهذه المرة هي الشاهدة على جريمته بغض النظر عن كونه أنقذها فذلك ليس مبرر للقتل
انه يتمادى لانه مطمئن من ناحية الأهالي وشبه واثق من عدم قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم امامه.
غضب كبير بداخلها واستنفار وتأنيب لنفسها على تهاونها مما جعلها تخرج من بيتها مسرعة متجاوزة كل العقبات التي اختلقها لها رأسها لتجعل صوت الضمير هو الغالب بارع يجب ان ينال عقابه ....
كانت تسرع الخطا وبداخلها إصرار كبير لكن دموعها كانت تنهمر رغما عنها وكأن قلبها رافضا للفكرة ويعرقل عزيمتها ونداء من اعماقها يخبرها ان تتريث لكن لن تستمع هذه المرة.

كان الهدوء يعم الارجاء والطقس دافئ وساحر والشمس تبعث بأشعتها الذهبية على الوادي كالأم الحانية والأطفال يلعبون بمرح وبهجة كخلايا نحل مبتهجة والرجال مسترسلون بالعمل باطمئنان وكأن شيء لم يحدث! كأن السلام يعم في المكان والسعادة تغمر الانحاء! لا اثر لجلبة لثرثرة لارتباك لوجوه شاكية للغط! ماذا عن خليل والجريمة!
جذب انتباهها صبي يلاحق جرو صغير وبقية أصحابه ينادون خلفه ويحذرونه مما استوقفها كلامهم وجعلها تبطأ الخطى وتغير مسارها ناحيتهم حتى حالت بين الصبي واصحابه مما جعلهم يتجمعون قربها محتجين واستطاعت ان تفهم تحذيراتهم لصديقهم بأن يترك الجرو ولا يؤذيه كي لا يحصل له ما حصل للأطفال الذين عذبوا القطة!
ووضعت يدها على جبينها ودعكته بحيرة وهي تستمع الى كلامهم عن الساحر! الساحر الذي اخذ منهم القطة واكلها! عقولهم اوحت لهم بذلك
المقصود هنا بارع ومن هنا عرفت حكاية القطة المعذبة اذن بارع لم يفعل وليس كما توقعت لم يؤذ ويداوي .... وكأنها تسرعت؟
بقيت تسير ببطء والحيرة في عينيها وكانت تقصد دار فوزية وكأنها لم تفهم الدرس جيدا .... كل همها ان تعرف مصير خليل.

اغوار جارى لكاتبة هند صابرWhere stories live. Discover now