الفصل السادس والعشرون

169 12 0
                                    

الفصل السادس والعشرون .........

(نشوة انتقام)

شهقت سحاب وتمنت ان تفعل أي شيء يكفر عن ذنبها ويصلح الامر لكن الذي حصل كان اسوء شيء يمكن ان يحصل لها اذ فتحت اخته حقيبتها واخرجت منها ظرف مغلق وسلمته له قائلة: "انا ذاهبة يا اخي شكرا لانك اهنتني وضربتني .... يبدو انه جزائي لأنني اتيت لأنقذ اخي من براثن الوساخة"
بدأ قلب سحاب يخفق وتتسارع نبضاته وبارع يتطلع بأخته التي ركبت سيارتها وشغلتها ثم ابتعدت

بدت شاحبة كأن لا قطرة دم بوجهها وعينيها متسمرتان بالمغلف الذي بيده والقلق قد اخذ منها مأخذ جعلها تتغاضى عن إهانة اخته لها وتفكر بما هو أكثر إهانة وخزي!
عندما ادار وجهه اليها تمتمت بخفوت رغما عنها محاولة تبرير موقفها قبل ان يكتشف بنفسه شيء مشين عنها وبعينين حمراوين ونبرة مرتعشة متمنية بداخلها ان تحصل معجزة تمنع الكارثة التي ستحل على قلبها: "بارع .... يجب .... يجب ان ارحل .... انا"
قاطعها وهو يخطو نحوها وبملامح مستاءة وعينيه تتجولان بوجهها المحتقن كأنه يريد ان يخفف عنها ويواسيها: "لا تؤاخذيني بما تفوهت به اختي .... اسف جدا على ما بدر منها .... صدقيني لا اعرف كيف اجبر ما كسرته بداخلك واعلم ان كلمة اعتذار مني لا تغني ولا ترد لك كرامتك لا افهم لماذا تصرفت على ذلك النحو اكيد هناك سوء فهم كبير"

كأنها لم تسمع شيء مما قاله وبقيت نظرتها متسمرة بالظرف الذي لم يعيره اهتمام بالغ وبدى بالها مشتت امامه وقبل ان تقول شيئا بادر وبتبرير وتردد: "اما عن البيت .... اضطررت ان أخفي عنك الامر ليس لشيء سوى لرغبة بداخلي ان تبقين قريبة صدقيني ليس لي غرض سوى ان تبقين"
تطلعت بعينيه كالمتهمة الماثلة امام منصة العدالة ولا تفهم عما يتحدث الان! كل الذي يشغلها بهذه اللحظات ويجعل القلق والخزي ينساب في عروقها كزيت ساخن هو الظرف وما يتضمنه .... ياويلي!
ماذا يوجد داخل الظرف؟ معلومات تخصها؟ تدينها امامه؟ امر يتعلق بماضيها؟ او ربما دليل على زواجها؟
لكن ما علاقة اخت بارع بالموضوع؟ كيف وصل الامر ليدها؟
أفعال من هذه يا ترى؟ من الذي يريد ان يدمرها؟ .... أه .... بهذه اللحظة تذكرت خليل وما حصل معه الليلة الماضية مثل امام عينيها بوضوح ملون وأضعفها
انها محاصرة من كل جانب والضغوط تحيط بها وتضيق عليها حتى بدأت تعتصرها وشعرت انها أضعف مما ستواجه وسرعان ما خفقت اهدابها بدهشة من توالي الصدمات عندما واصل بارع برفق وهو يلمس خصلة متدلية من شعرها: "انه بيتك يا سحاب مهما حصل هو بيتك لا تخشين .... ظرفي وظرف والدك اجتمعا بوقت عصيب على ان يحدث ما حدث كل منا اضطره ظرفه على ابرام اتفاق ربما ضيع على كلينا حقوقه هو كان يعاني ضائقة مالية ملحة في الوقت الذي أشهر افلاسه بصورة علنية وانا كنت بحاجة الى هذين البيتين معا فاضطررت ان ادفع له مقابل تسليم المفتاح على وجه السرعة .... صحيح انني دفعت ثمنه قبل خمسة أعوام تقريبا لكن البيع تم وفق اتفاق بيننا دون ان يوثق بأوراق رسمية مجرد ورقة تعهد لا قيمة لها الان .... كانت يد الموت طائلة اذ حصل وان وافته المنية قبل ان نقدم على الخطوة التالية وهي توقيع عقد البيع بشكل رسمي يضمن حقي .... بعد ان علمت بوفاته فضلت ان يبقى الوضع كما هو عليه تعرفين لماذا؟ لأنني سبق وعرفت منه ان وريثته الوحيدة لهذا البيت هي بنته الوحيدة وكان يفكر ان يتركه لها ملجأ وملاذ قد تؤوي اليه يوما ما لكن ظرفه المادي كان قاهر مما اضطره ان يتصرف به رغما عنه ليكمم افواه الدائنين .... لا تخشي يا سحاب بحياتي لن أفكر ان اخرجك منه لأي سبب كان انه ملكك واما عن الورقة فبإمكاني تمزيقها امامك .... كأنني كنت انتظرك طوال سنوات .... كنت اتوق لرؤية تلك الوريثة يوما ما .... كأنني احببتك قبل ان اراك"
تدفقت الدموع من عينيها وهي لم تستوعب حجم المفاجأة التي فجرها بوجهها بعد!
حتى هذا البيت يا ابي؟
لم تمنحني لا الحماية ولا الأمان ولا المال بحياتك وبعد مماتك أيضا؟ كنت اظن انها حسنتك الوحيدة اتجاهي!
يالسخرية الأيام يا سحاب!
طوال الفترة التي مضت وانا أقيم ببيت دفع ثمنه بارع!
الان فهمت سر المفتاح الذي كان بحوزته وسخرت من نفسها على غفلتها وغرورها
كم مرة وصفته انه رجل محاط بالغموض والاسرار وكم من مرة وضعته داخل حلقة الاتهام والريبة ووصفته بالكاذب المنافق! .... الان ما موقفها؟ حتى البيت ليس ملكها! ياله من موقف مضحك ومبكي بالوقت ذاته!

اغوار جارى لكاتبة هند صابرWhere stories live. Discover now