اغوار جارى لكاتبة هند صابر

By AyaMostaffa

6.3K 323 6

اغوار جارى More

الفصل الاول
الفصل الثانى
الفصل الثالث
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادى عشر
الفصل الثانى عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الحادى والعشرون
الفصل الثانى والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصل الخامس والعشرون
الفصل السادس والعشرون
الفصل السابع والعشرون والاخير

الفصل الرابع

259 13 0
By AyaMostaffa

الفصل الرابع ....

يبدو بخيلا!

وهي تتسلق التل المؤدي الى بيتها وبيدها تحمل الرغيف وكيس الخضار كانت مهمومة وشاردة .... لماذا لا أحد يريد ان يخبرها شيء؟ لماذا عليها المغادرة؟ .... هناك امر مبهم لم تتوصل اليه.
عندما أدخلت الأغراض التي ابتاعتها تنهدت ولم تعد تحتمل ان يمضي يوما اخر وهي بلا موقد ولا شاي ولا قهوة وليس لديها خيار سوى ما فكرت به الان ورغما عنها اتجهت الى المنزل المجاور!

اسرعت بخطاها غير آبهة بالوقت اذا كان مناسب ولا بمظهرها ان كان لائقا للزيارة ولم تبالي الان بمن عليه المبادرة بالتعارف أولا؟ كل همها الحصول على حاجتها كأنها حصرت كل تفكيرها في زاوية واحدة وهي طلب المساعدة
عندما اقتربت من المنزل رفعت رأسها متأملة البناية وبدت لها شاهقة كالقلعة مع انها ليس كذلك
لكن شيء ما مبهم أوحى لها بذلك الإحساس واعتراها شعور بالضيق عندما تطلعت الى قارعة الباب الحديدية المذهبة التي غزى الصدأ معظمها
اقتربت بخطوات منكمشة وبسطت يدها نحوها بقليل من الثقة حتى لمستها ثم رفعتها بتردد ووجدتها ثقيلة للغاية كأنها تابعة لباب زنزانة قديمة!

قرعت مرة واثنان ولما لم تجد استجابة انتظرت لثواني حتى قرعت مجددا لكن هذه المرة بثقة أكبر
وما ان تسربت الى اذنيها أصوات وقع اقدام منبعثة من الداخل تراجعت خطوة وبدأ قلبها يطرق بسرعة ايقاعية كالتي تنتظر اعلان نتيجة ما وقد غمرها إحساس بعدم الثقة الكافية كعادتها عندما تقابل ناس جدد وبدأت بمحاولة ترتيب الكلمات برأسها: " اريد ان استعارة انبوبة غاز الليلة فقط"
لا ذلك أسلوب سمج للغاية نابع من حاجتها الماسة الى كوب من الشاي الساخن
"من فضلك سيدتي ارغب بأنبوبة غاز ان كان بالإمكان .... انا جارتك في المنزل المجاور"
ووجدت نفسها تشير كالبلهاء الى بيتها البالي حتى اعتدلت بسرعة عندما فتح الباب ببطء غريب وكأن رافعة اثقال سحبته الى الداخل!
وكأن الذي خلفه لا يرغب بمقابلة أحدا مباشرة حتى يعرف من خلف الباب ويتحقق من هويته!
رمشت عيناها المهدبتين برموش جميلة عندما مثل امامها رجل!
شهقت بسرها هيئته مألوفة لديها وكأنها رأته من قبل نعم نعم انه .... انه هو .... حارس القرية صاحب البندقية! رغم انها لم تتبين وجهه بالكامل الليلة الماضية الا انها بدت واثقة من ذلك لكنها لم تتوقع ان تكون عينيه بهذا الشكل!
اذ ان الشمس التي نزلت لتعلن انتهاء جولتها لهذا اليوم سلطت اشعتها مباشرة على وجهه واكسبت عينيه لون لامعا
ان عينيه نمريه حادة النظر بلونها الأخضر الداكن وكأنها تتطلع بكهفين يوجد داخل كل منهما وحش كامن!
كان يتطلع بها بصمت دون ان يتأمل تفاصيلها وملامح وجهها بل مخترقا عينيها فقط وكأنها المتهمة ذاتها التي أوحى لها بذلك الليلة الماضية! وكأنه يريد اختراق داخلها من خلال محجري عينيها!
إحساس مرتبك سيطر عليها وقالت بحذر وكأنها تتضاءل تدريجيا امام هيئته الضخمة: "ظننتك مجرد حارس لم اعرف إنك جاري"
أدركت كم عبارتها غبية وتفتقر الى اللباقة وتخيلت بلادة ملامحها امام نظرته الثاقبة وتمنت ان تعود ادراجها وتتنازل عن رغبتها بالحصول على الانبوب
أنزل اهدابه التي تشبه عتمة السماء عندما تسدل بستار الليل على الارجاء بالتدريج كأنه أطلق سراح عينيها ليدين جسدها وبدأ يتأمل به بإمعان كأنها طالبة فنون جاءت لتعرض موهبتها امام لجنة تحكيم لتقيمها وأدركت مع نفسها ان ربما لباسها يستفزهم هنا!
كانت ترتدي كنزة قصيرة بيضاء تصل الى سرتها لتنتهي بسروال زهري ضيق جدا ينتهي عند ركبتيها والمسافة الشحيحة بين الكنزة والسروال قد تعري جزء من خصرها عندما تحرك يديها ويبدو ان ذلك ليس مناسب هنا
قال بصوته الخشن وقد بدت مخارج الحروف لديه صريحة وحازمة: "نعم اعرف"
استغربت كلماته البخيلة وقالت بشيء من الاعتداد: "اتصلت بمتعهد الصيانة وأخبروني انه سيصل غدا وكما تعلم بحال البيت التيار الكهربائي معطل بالكامل ومنذ الليلة الماضية لم انعم بكوب شاي لعدم توفر أنبوب غاز"
لم يكن بالغلاظة التي استوحتها من مظهره ولا بالحدة التي توحي بها عينيه اذ طلب منها ان تسبقه الى الدار وسيرى الامر وبنبرة لا بأس بها بثت شيء من الاطمئنان بداخلها

في طريق عودتها لامت نفسها لانها لم تبادر بشكره على المصباح الذي خدمها وتملكتها اختلاجات متناقضة بين مدى تقبلها لوجود هكذا جار قربها او ان وجوده سيشكل مصدر قلق وازعاج لها .... لم تستطيع تحديد سنه فقد اخفت معالمه الشرسة كل الحقائق عن هويته وكأنه لغز يتطلب منها إعادة ترتيب قطعه المتناثرة كقطع لعبة ميكانو صعبة التركيب لعدم وجود دليل الارشادات معها.
بصراحة تامة لا تستطيع ان تتجاهل صدمتها الداخلية برؤيته مجددا وفي ذلك الدار القريب جدا ولا تقدر ان تتغاضى عن احساسها بشكله فقد بدى لها رجل مختلف كأنه ينتمي الى عالم غامض
بدى لها رجل جبلي الشكل وبعيونه النمريه المختبئة وسط غابة من الاهداب بث بداخلها شعور خفي ومبهم يشبه احساسها عند سماعها نباح الكلاب .... مزيج بين الخوف والأمان ....

بقيت تراقب من نافذة المطبخ وكانت بحالة انتظار حرمتها من الاستقرار تريده ان يأتي ويقدم لها العون وبنفس الوقت خائفة من مجيئه ورأسها يضج بالأسئلة الفضولية .... ترى لماذا لم ينادي لها زوجته ويقترح عليها الدخول لضيافتها؟ شعرت به كأنه أرادها ان تذهب بأسرع وقت وكأنه لا يريد ان يشعروا بوجودها من هم بالداخل!
لم تمضي الا دقائق حتى رأته يتقدم نحو منزلها حاملا انبوبة الغاز الضخمة بيد واحدة وبدون جهد كأنه يحمل قنينة ماء صغيرة وفرحت بذلك بالفعل.

عندما فتحت له الباب فوجئت به يقتحم البيت ويتجه الى المطبخ فورا كأنه يعرف المكان جيدا!
تجاهلت ذلك الإحساس وتبعته قائلة: "اشكرك على صنيعك .... للمرة الثانية تسدي لي خدمة ثمينة بالنسبة لي بهكذا ظروف"
لم يجيب او يعلق بشيء بل انحنى منشغلا بتركيب الانبوبة ولم يعجبها انه لم يبادلها الحديث ويتجاهل امتنانها يبدو بخيل بالكلام!
وقبل ان يعتدل تماما رمق ساقيها بنظرة خاطفة لكونها قريبة منه مما جعلها تتراجع خطوة وراقبته وهو يخرج قداحة من جيب بنطاله الداكن ويجرب عين الموقد وإذا بها تتقد بنار زرقاء متوهجة
التفت اليها وقال بهدوء: "يمكنك استخدامها الان"
هي وباندفاع: "نعم نعم سأعد ابريق قهوة فورا .... سأسكب لك فنجان فاخر"
وبينما هي تبحث بين الأغراض متخبطة ومحدثة ضجة التفتت اليه بإحباط لتجده يلف ذراعيه حول صدره ويراقبها وكأنه يخفي سخرية ما وبادر بالقول: "لا تمنحي الوعود قبل ان تكوني واثقة من امكانياتك"
ابتلعت ريقها الذي جف فجأة لعبارته الغريبة ورفعت كتفيها قائلة باعتذار: "يبدو انني تسرعت .... لا بن ولا سكر ولا شاي"
خجلت من نفسها امام نظراته التي توحي لها بأنها متطلبة وبادرت: "سأخرج لابتاع كل ما احتاجه .... المهم ان الغاز متوفر"
اومأ ببطء واستنكرت موقفه فمن الذوق ان يدعوها الى بيته ويعرفها على عائلته ويقدم لها ما تحتاجه فذلك من حسن الجوار لكن يبدو انه بخيل ليس بالكلام فقط
تبعته وهو يخرج من المطبخ بصمت ورغم رغبتها باعتزال الناس والميل الى الوحدة الا انها تمنت ان تتبادل مزيد من الحوار معه كأنها سئمت من قضاء اليوم وحيدة كأنها بكماء
لكن اليس هذا ما جاءت من اجله؟
قالت قبل ان يخرج وبسرعة: "أمس سمعت أصوات غريبة جدا اثارت قلقي"
التفت اليها وتطلع بعينيها كأنه يبحث بين ملامحها عن تكملة ما بدأته

اضافت وهي تدعك معصمها ببطء: "لكن سرعان ما اختفت وكأنها ليس لها وجود أساسا حتى شككت بنفسي"
بقي يرمقها بنظرة صامتة ليست لها تفسير حتى همس بنبرة خافتة قد بثت الرعب بأوصالها "ربما البيت مسكون .... الم تسمعي بالبيت المسكون؟"
أطلقت شهقة واتسعت عينيها على اشدهما لتكتسي ملامحه تعابير التسلية وبدى ثقيل الدم بمزاحه حتى هتفت: "لست مضحك مزاحك ثقيل"
تلاشت ابتسامته الخفيفة وهمس: "ومن قال انها مزحة؟"
استدار وخرج ليتركها غارقة بالقلق ماذا يعني؟ أهو يعني ما يقول؟
واجفلت بوضوح عندما عاد قائلا وهو يتفحصها وكأنه استمتع بذلك الفزع بعينيها: "احتاج الى رقم شركة الصيانة لدي مشاكل في الدار"
خفقت اهدابها واتجهت الى الطاولة وقد بحثت في سجل هاتفها عن الرقم ورددته له بشيء من الاضطراب لكونها خائفة من تلميحاته السابقة ثم رفعت بصرها اليه عندما قال: "ليس لدي قدرة على الحفظ .... سجلي عندك رقم هاتفي وابعثي لي برسالة .... الهاتف ليس معي الان"
اومأت بتجهم واتجهت الى الباب لتغلقه خلفه لكن قبل ان تغلقه تغيرت تعابير وجهها وتسمرت وهي تراقبه يبتعد عندما لمحت في جيب بنطاله الخلفي جزء لامع .... ان هاتفه في جيبه! لماذا يدعي انه ليس معه؟
غريب! .... غريب!

تهاوت على الكرسي ولففت ببصرها حولها وتأملت الجدران والأرض والسقف .... الم تسمعي بالبيت المسكون؟
نهضت بسرعة وهرولت الى الغرفة حيث حقيبتها اليدوية واخرجت المصحف وضممته الى صدرها وقالت مع نفسها: "اعلم انه مزاح .... مجرد مزحة لا أكثر"
ثم بحثت عن المصباح لأن الشمس اوشكت على المغيب وبدأت الظلمة تسدل استارها لكنها سرعان ما توقفت وامتعضت عندما سمعت نقر على الباب الخارجي!
اتجهت الى الباب وقد اتخذ القرع صوت ايقاعي مميز وعندما فتحت الباب تنهدت وهتفت: "ليس من الشهامة ان تفزعني وانا وحيدة هنا .... بيت مسكون؟ انت جاد؟"
انزل بصره الى يدها التي تحمل المصحف ثم رمق عينيها بنظرة غامقة قائلا: "لا تأخذي كل ما يقال على محمل الجد"
خفقت اهدابها وتطلعت الى يديه حيث كان يحمل لها ثلاثة علب صغيرة واومأت عندما قدمها لها قائلا: "احضرت لك شاي وسكر وبن من بيتي"
ابتسمت ببهوت رغم ان مبادرته هذه لم تغفر له ما فعله بها فقد أسقط قلبها من وسط اضلاعها
تناولت منه العلب واثناء ذلك كادت ان تسقط احداهن مما جعلها تلتقطها بنفس الوقت الذي حاول هو أيضا ليحيط كفه يدها التي تمسك بالعلبة ويضغط عليها مما جعلها تضطرب ثم ابعد يده ببطء قائلا: "انتبهي"
استندت على الباب وهي تحضن العلب والمصحف عندما غادر.... ان ما حصل ضايقها .... ضايقها جدا.
عندما امسك يدها شعرت انه يعني ذلك وكأن حركاته مدروسة!
أه ربما هي تظلمه وسبب ارتيابها به انه كذب عليها بشأن الهاتف فضعفت ثقتها به ....
وضعت العلب على الدرج في المطبخ وشرعت بغسل الابريق البالي وهي شاردة الذهن
لقد اتهمته بالبخل وحكمت عليه من مجرد موقف وها هو يحسن صورته بنظرها بتقديم المساعدة عليها ان تتوقف عن سوء الظن ربما يتصرف معها بعفوية مطلقة وهي حساسة اكثر من اللازم حتى الهاتف ربما غاب عنه انه في جيبه واعتقد انه تركه في البيت لتأخذه على المحمل الجيد فهو بالاخر جارها وحتما ستحتاج اليه وربما تصبح صديقة العائلة ورفيقة لزوجته فيما بعد ويزول ذلك القلق
بالطبع انه يمزح واراد ان يتسلى بأثارة مخاوفها وعليها كفتاة راشدة وعاقلة ان تتجاوز هكذا مخاوف لا أساس لها من الصحة و

قفزت بقوة وكل ذرة بجسدها ارتعدت فزعا حتى نزلت الى الأرض وشبكت ساقيها المرتجفتين عندما سقط الكوب على الأرض محدثا ضجيجا وتهشم الى أجزاء متناثرة بفعل حركتها وهي تزيح الأغراض قرب الموقد .... وضعت يدها على جبينها وسخرت من ضعف اعصابها الليلة ولم تجد امامها الا ان تبتسم ساخرة من الذي حصل يبدو ان جارها نجح باستدراج خوفها

انتهى الفصل

Continue Reading

You'll Also Like

18.9K 346 16
الرواية عبارة عن نوڤيلا للكاتبة الجميلة بامبولينا صاحبة سلسلة "مغتربون في الحب" وهادي ثاني كتاباتها بعد الجزء الأول من السلسلة.. نقلت الرواية من منتد...
7.8M 384K 73
" سَــتَتركينَ الـدِراسة مِــن الــغدِ.. لَــقد سَـحبتُ مـلفاتكِ مِــن الـجامعةِ بـالفعل ..! " " مـالذي تَــهذي به..!؟ " " هــذا مــا لَـدي... لاتَ...
254 55 21
غفا الحبر على الاوراق ...فلُطخت اوراقه ..وتبعثرت الكلمات..
111K 2.4K 33
"مكتملة" #المقدمة.. تركض في غياهب الظلام.. -تستمع إلى حفيف فستانها الكريمي الرقيق- تائهة، ضائعة، مشوشة، مضطربة، خائفة.. لا تعرف أين هيّ، أو لماذا جا...