ارض زيكولا

Par arl_otaku

81.7K 431 32

تتحدث القصة عن شاب عشريني دخل الى نفق ليجد نفسه في عالم ٱڅڑ تماما. سيكون ه̷̷َـَْـُذآ العالم مليلأ بالغرابات س... Plus

الجزء 1
الجزء 2
الجزء 3
الجزء 4
الجزء 5
الجزء 6
الجزء 7
الجزء 8
الجزء 9
الجزء 10
الجزء 11
الجزء 12
الجزء 14
الجزء 15
54

الجزء 13

3.1K 30 2
Par arl_otaku

- 13 -

هكذا استطاع خالد أن يحرّك عقول عمال زيكولا، وأن يقنعهم بألا يدفعوا تلك الوحدات مقابل حمايتهم مجددا.. حتى صاحوا فرحين بأنهم لن يدفعوا، وتراقصوا فرحًا بذلك، وزادت سعادة أسيل ويامن بما فعله .
***

في اليوم التالي اتجه خالد مبكرا إلى عمله فوجد عشرة ممن يأخذون وحدات الحماية يقفون بطريقه كعادتهم، واقتربوا منه كي يأخذوا ما يريدون فابتسم وواصل سيره حتى أوقفه أحدهم بعنف، وصاح به:
- هيا.. ادفع وحدتيك ..
فابتسم مجددا، وواصل سيره فأوقفه الرجل مرة أخرى ، وطالبه بالوحدتين من جديد.. فرد في برود:
- أنا لن أدفع..
فظهر الغضب على وجوههم وضحك أحدهم ساخرا :
- لن تدفع؟!!
فأجابه: نعم..
فقال الرجل غاضبا
153

- أتعلم ماذا سيحدث لك؟
فرد خالد مبتسما:
- لا ..
فزاد الغضب على وجوههم جميعا.. وهمّوا أن يضربوه حتى فوجئوا به يشير تجاه غبار كثيف بالجو.. وضحك:
- انظروا..
فنظروا إلى ذلك الغبار بالأعلى ثم نظروا إلى أسفله فوجدوا المئات من العمال، وبأيديهم فؤوسهم وآلاتهم اليدوية.. يقودهم يامن، ويقتربون عدوا تجاههم.. حتى قال خالد:
- عليكم أن تهربوا وإلا ستدفعون الكثير اليوم..
فصرخ زعيمهم إلى أحدهم:
- اذهب لتجلب الآخرين..
و لم يكمل حديثه حتى اقترب العمال، وألقى أحدهم بفأسه إلى خالد فابتسم ولوّح بها، ثم تحدث بصوت عالٍ إلى العمال:
- إنهم لا يصدقون أننا لن ندفع لهم من اليوم..
ثم أكمل بعدما لمعت فأسه :
- علينا أن نثبت لهم ذلك ..
ثم ضرب بفأسه أحدهم، وما إن فعل ذلك حتى صاح العمال ثم انهالوا على بقيتهم بالضرب، وكأنهم كانوا ينتظرون ذلك اليوم.. حتى من ذهب ليجلب بقيتهم توارى بعيدا وهرب مع الآخرين حين وجدوا زملاءهم يُضربون كمن وقع عليهم جبلا من الفؤوس والعصي.. حتى هدأ العمال مرة أخرى ، وسالت الدماء على وجوه آخذي الوحدات.. فسألهم خالد:
154

- أمازلتم تريدون الوحدات؟ فلم ينطقوا..
فنظر إلى بعض العمال:
- إنهم مازالوا يريدون ..
فواصلوا ضربهم مجددا.. حتى صرخوا:
- إننا لا نريد شيئا.. إننا لا نريد..
فصاح يامن غاضبا:
- حسنا.. عليكم أن تتركوا تلك المنطقة إن لم تعملوا.. إن رأيناكم هنا مجددا فلن نكتفي بما حدث اليوم..
فصرخ أحدهم:
- حسنا.. حسنا..
ثم نهضوا مسرعين يهربون بعيدا، فصاح العمال فرحين، وبدأوا يتراقصون ، ويغنون :
- سنأكل الدجاج.. سنأكل الدجاج.. نحن أقوياء..
ثم احتضن يامن خالدا، وهمس إليه:
- ربما يأتون ببقيتهم غدا..
فضحك خالد :
- معتقدش.. هما خلاص عرفوا إن انتوا اتحدتوا.. والمرة الجاية ممكن تقتلوهم.. شفت اليوم الوحيد اللي استخدمتوا فيه الذكاء.. وحمل فأسه، وجذبه من يده:
- هيا يا صديقي، لدينا الكثير من العمل..
فضحك يامن:
- أصبحت تتحدث مثلنا..
155

فضحك خالد، واستعاد لهجته مرة أخرى :
- خلاص أنا بقيت من أبناء زيكولا..
ثم عاد إلى لهجة زيكولا:
- هيا، سأنافسك اليوم في العمل.. وسأعمل ضعف ما تعمل.
فضحك يامن:
- أرى أنك تحلم..
فرد خالد ضاحكا:
- أحلم ؟!! سترى .. ثم أسرع إلى مكان العمل جريا، فتبعه يامن مسرعا: انتظر..
***

بدأ خالد يعمل بقوة.. لا يشغل تفكيره شيء سوى أن يوّفر ثمن كتابه.. يمر اليوم تلو الآخر، يعلم أن عمله شاق للغاية، ولكنه يدرك أنه العمل الأكثر ربحا في زيكولا.. يحاول أن يحفز نفسه بأن ينافس يامن كل يوم في تكسير تلك الصخور.. ويضحك حين يجد فتاة أو أخرى تنظر إلى جسده القوي اللامع تحت أشعة الشمس.. فيكمل عمله، ويترك يامنا ليداعب تلك الفتيات.. حتى ينتهي من عمله فيذهب إلى ذلك المطعم كي يتناول غذاءه.. ويبتسم حين يجد الكثير من العمال يأكلون الدجاج بينما أصبح هو الوحيد الذي يأكل خبزا.. ثم يعود إلى البحيرة فيلقي بجسده في مائها ثم يستلقى على شاطئها.. ويخرج أوراقه وأقلامه ليسجّل ما حصل عليه من وحدات، وما تبقى له على ثمن الكتاب، وما تبقى له من أيام.. حتى تأتي أسيل فتجلس بجواره لبعض الوقت ثم تعود إلى بيتها بينما يظل هو ساهرا حتى يغلبه النعاس.. فينام حتى صباح اليوم الذي يليه. حتى جاء يوم وانتهى من عمله.. ففوجئ بفتاة تقترب من بعيد ودق قلبه صاخبا حين وجدها تشبه "منى" - الفتاة التي أحبها لسنوات طويلة قبل أن يأتي إلى زيكولا-
156

حتى مرّت بجانبه فوجدها تختلف عنها قليلا.. واندهشت حين وجدته ينظر إليهافي ذهول ، حتى يامن أصابته الدهشة هو الآخر.. فسأله مداعبا له:
- هل تعجبك؟!.. إن كنت تريد أن تتزوجها، أخبرني فقط ..
فضحك خالد:
- لا.. شكرا..
بعدها غادر ، ولم يتجه إلى المطعم تلك الليلة كعادته بل ذهب إلى شاطئ البحيرة، وعقله منشغل بتلك الفتاة التي تشبه منى.. وكأنه تذكر سنوات مضت، و حدث نفسه :
- منى؟! ثم أكمل:
- يا ترى اتجوزتي الدكتور ولا لا؟!
ثم جلس على شاطئ البحيرة أمام نار أوقدها، وأخرج ورقة من أغراضه.. نصفها العلوي مليء بكتاباته.. وبدأ يكتب بنصفها السفلي:
- لم تعد سوى أيام قليلة على إتمامي الشهرين، وأذهب كي آخذ كتابي.. ولكنني قد قابلت اليوم فتاة تشبه منى التي أحببتها ست سنوات.. وكانت أمنية حياتي أن أتزوجها ذات يوم.. لولا أبوها المجنون .. ثم صمت مفكرا قليلا ثم أكمل كتابته:
لا أعلم ما سر أن أجد تلك الفتاة اليوم.. هل لأتذكر منى بعدما لم أفكر بها منذ دخولي زيكولا.. حين انشغل عقلي بالبحث عن كتابي.. لا أعلم..
ثم توقف، ونظر بعيدا إلى البحيرة، وأخذ نفسا عميقا وأخرجه ببطء.. ثم نظر إلى الورقة والتي امتلأت بالكتابة عدا جزءًا صغير بأسفلها، فكتب به:
- ما أعلمه جيدا أنني لم أحب غير منى طوال عمري.
وانتهت الورقة التي يكتب بها، فأخرج ورقة أخرى ونظر إلى الورقة السابقة حيث انتهى ثم أكمل:
157

- لم أحب غيرها طوال عمري قبل أن آتي إلى زيكولا..حتى وجدت أسيلا التي يزداد شعوري كل يوم بحبها لي.. أما أنا فأشعر تجاها ب...
حتى شعر بأقدام تقترب من خلفه..فوجد أسيلا تقترب، فضحك ثم أخفى أوراقه بين أغراضه.. واقتربت منه، وسألته:
- ماذا تفعل؟
فابتسم:
- ولا حاجة..
فصمتت ثم أكملت:
- كنت أتوقع أن أجدك تتناول طعامك بالمطعم.. وذهبت إلى هناك فلم أجدك.. يبدو أنك توّفر طعامك..
فقال ضاحكا: لا.. أنا مش بخيل للدرجة دي.. أنا فضلت إني آجي للبحيرة..
فابتسمت أسيل:
- إن البخل ليس عيبا هنا في زيكولا كما تعلم.. لقد بدأ أهالي زيكولا يدخرون ثرواتهم بالفعل بعدما شعروا باقتراب يوم زيكولا إن كان مولود الحاكم ذكرا.. ربما يكون بعد ثلاثة أشهر أو أكثر بأيام قليلة.. من يدري ؟!
ثم أكملت مبتسمة: لولا تلك الوحدات التي وفرها الكثيرون من آخذي وحدات الحماية لما أكلوا دجاجا حتى انتهاء ذلك اليوم.. وضحكت وأردفت:
- أتوقع أن يكون فقير هذا العام لديه أكثر من مائتي وحدة..
فضحك خالد :
- وأنا نفسي أسيب زيكولا قبل ما أشوف الفقير بيُذبح.. ثم سألها: وانتي مش عايزة تسيبي زيكولا؟
158

فأجابته:
- إن تركي لزيكولا قد يكون أصعب قرار بحياتي.. لا أعتقد أنني سأتخذ هذا القرار حتى يكون لدي مبرر قوي للغاية.. ثم نهضت:
- هيّا عليك أن تنام.. أما أنا فسأعود إلى بيتي لدي أيضا الكثير من العمل باكرا..
فابتسم خالد، وكأنه يقلدها:
- مبرر قوي للغاية؟!!
فضحكت أسيل:
- للغاية..
***

غادرت أسيل، ومرّ الليل، وأتى ما بعده من نهار.. وخالد يواصل عمله، ويتمنى أن تمر الأيام المتبقية سريعا.. وتوالت الأيام يوما بعد يوم.. وخالد يوفر ما يستطيع توفيره من وحدات.. ولا يترك يوما دون أن يعمل..لا ينفق من أجره شيئا سوى وحدة واحدة حين يأكل الخبز.. حتى إنه كان يوفرها بعض الأيام.. وقد يمّر يومان دون أن يضع لقمة بحلقه.. حتى جاء اليوم الأخير من الشهرين وكان بعمله مع يامن، والذي حدثه مبتسمًا:
- لقد انتهت المهلة اليوم..
فحمد خالد ربه ثم قال:
- أخيرا.. كنت مستني اليوم ده بفارغ الصبر.
فسأله يامن:
- كم جمعت من الأربعمائة وحدة؟
فصمت خالد مفكرا، وكأنه يحسب ما جمعه بدقة:
159

- أعتقد إني جمعت حوالي 350 وحدة.. وهضيف لهم خمسين وحدة من مخزوني..
فقاطعه يامن:
- تقصد مائة وحدة.
فرد خالد مندهشا: مائة؟ !
أكمل يامن :- نعم.. هل نسيت أنك ستستأجر الحصان مرة أخرى .
فضرب رأسه بيده.. وكأن ذلك الحصان لم يكن بحسبانه.. حتى صمت وأكمل:
- أنا كنت هشتري حصان أوفر لي.. ثم تابع:
- مش هتفرق خمسين من مية.. المهم إني آخد الكتاب..
فضحك يامن:
- حسنا.. سأوّفر لك الحصان مجددًا.. وسأنتظرك حتى تعود.. إنني أريد أن أرى أغلى كتاب بزيكولا.. أعتقد أنها ستكون لحظة تاريخية لي..
فضحك خالد :
- وأتمنى إنها تكون تاريخية لي أنا كمان.
***

في صباح اليوم التالي، امتطى خالد الحصان الذي أحضره يامن.. وكان نفس الحصان القوي الذي استأجره المرة السابقة حين ذهب إلى المنطقة الشمالية.. وانطلق نحو تلك المنطقة.. تعلو وجهه ابتسامة أمل لم يشعر بها من قبل.. يأمر حصانه أن يسرع.. هيّا.. إلى الأمل.. إلى خروجي من زيكولا.. يشقّ الطريق بقوة.. ويتطاير قميصه مع الهواء لتظهر عضلات جسده القوية، وذراعه القوي الذي يمسك بلجام حصانه بإحكام.. ينطلق بحصانه، ويخشى أن يتأخر عن موعده فيمزق هلال المجنون صفحة واحدة من كتابه.. ويأمره بأن يزيد من سرعته.. ويمرّ الوقت، وتتحرك الشمس.. ويواصل طريقه دون أن يستريح.
160

حتى وصل إلى أطراف المنطقة الشمالية مع غروب الشمس.. فأسرع ينطلق في شوارعها، والتي كانت خالية إلا من القليل من الأشخاص الذين بدأوا في الخروج مع حلول الليل، وبعض فتيات الليل اللاتي خرجن إلى شوارع تلك المنطقة.. وأكمل طريقه نحو بيت هلال.. أخيه.. صاحب الكتاب.
***

وصل خالد إلى بيت أخيه، فترجل مسرعا.. وعقل حصانه بجوار بابه.. ثم أعطى فتى يجلس أمام هذا البيت وحدتين مقابل أن يحمي حصانه حتى يعود.. ثم طرق بابه ففتح هلال ووجده أمامه،فضحك قائلا:
- المجنون الذي يريد الكتاب..
فصمت خالد ولم يرد ثم دلف معه إلى داخل البيت.. فوجد رجلين تبدو عليهما القوة، ويظهر الشر بأعينهما.. حتى تحدث هلال:
- لقد جئت في موعدك تماما.
فرد خالد:
- إنني أريد الكتاب الآن.
فابتسم هلال ابتسامة خبيثة :
- بالطبع يا عزيزي ، لقد جئت إلي من السماء.. إنني كنت أخشى أن أذبح يوم زيكولا.. أما بعد ذلك الكتاب فلن أعمل عاما على الأقل.. إنني اليوم أحترم أبي كثيرا.. ثم نظر إلى خالد:
- يبدو أنك على استعداد الآن لتعطيني الخمسمائة وحدة مقابل الكتاب.
***

161

فصاح خالد في غضب :
- خمسمائة؟!!
فضحك هلال، وكأنه مندهش:
- نعم.. أنسيت اتفاقنا؟!
فصاح خالد مجددا:
- كان اتفاقنا أربعمائة وحدة..
فصمت هلال ثم تحرك خطوات.. و تحدث إلى أحد الرجلين :
- إنه يقول أربعمائة.
ثم نظر إلى الآخر:
- إنني لا أتذكر ذلك..
ونظر إلى خالد:
- ربما لم تفهم قصدي وقتها.. ربما كنت أقصد أن تعطيني أربعمائة وحدة إن أخذته قبل شهرين..
- أما بعد تلك المدة فلابد أن يزيد الثمن.. لا أعلم سر هذا الغباء في زيكولا.
فشاط خالد غضبًا، وكاد يلكمه.. ولكنه تمالك أعصابه حين نظر إلى هذين الرجلين، وما يخفيانه من شر.. ثم تحدث في هدوء:
- لسه بقول إنك أخي..
فضحك هلال ونظر إلى الرجلين:
- لقد أخبرتكم أنه مجنون .. ثم نظر إليه:
- اعتقد أنك تملك الكثير.. لن تصبح فقيرا إن أعطيتني المائة وحدة الإضافية.
162

ثم تحرك إلى إحدى الغرف، وعاد وبيده ذلك الكتاب و حدث الرجلين:
- إن الوقت يمر، و مازال صديقنا يفكر ..
حسنا، سأمزق آخر ورقة بالكتاب.. وهمّ أن يمزقها فأمسك خالد بيده، ونظر في عينه بقوة:
- أنا موافق إني أشتري الكتاب مقابل الخمسميت وحدة.
فضحك هلال:
- حسنا.. وأنا أعطيك الكتاب.
فانتزعه خالد في غضب، واحتضنه بين ذراعيه، و تحدث كأنه يتحدث إلى الكتاب:
المهم إن الكتاب معايا.. الوحدات اللي فقدتها أقدر أعوّضها قبل يوم زيكولا إن شاء الله.. لسه تلات شهور على يوم زيكولا لو كان المولود ولد.. لو عملت زي الفترة اللي فاتت أقدر أوّفر حوالي خمسميت وحدة.. وأستعيد كل مخزوني وأكتر.. ثم نظر إلى هلال، والذي بدأ يشرب الخمر مع الرجلين وقال:
- أتمنى إنك متكونش أخي فعلا.. وأكمل :
- لأنك عار..
فضحك هلال ببرود:
- هيا.. اخرج من هنا أيها المجنون قبل أن نأخذ منك الكتاب مجددا..
فر د خالد:
- وقتها.. اقتلوني أولا..
ثم أخذ كتابه، وخرج، وأغلق الباب خلفه بعنف.. ثم امتطى حصانه، وأسرع به يغادر ذلك المكان.. وتناسى ما دفعه من وحدات إضافية.. وأصبح همه أن يقرأ ما بهذا الكتاب.. حتى وصل إلى مكان لا يوجد به الكثير من أهالي تلك المنطقة، وجلس بجوار عمود أنيرت فوقه نار للإضاءة.. وأخرج كتابه مسرعا، و بدأ يتصفحه،
163

و يقلب صفحاته في لهفة.. ويقرأ بعينيه سطوره مسرعا.. ينظر إلى صفحاته الصفراء.. و ما كتب بها بخط اليد، وكأنه أمل انتظره لسنوات..
***

وجد خالد صاحب الكتاب يذكر في بدايته أنه قد كتب هذا الكتاب في القرن الثامن عشر.. وأن تلك النسخة هي النسخة الثانية له، بعدما ضاعت نسخته الأولى دون أن تكتمل.. فتذكر خالد صفحات الكتاب العشر البالية، والتي تحدثت عن سرداب فوريك، وقرأها قبل أن يأتي إلى زيكولا حين أعطاها له صديق جده.. مجنون السرداب..
ثم قلب خالد صفحات الكتاب في سرعة.. فوجد تلك الصفحات العشر فتجاوزها، حتى وصل إلى تلك الصفحة والتي انتهت بأنه اكتشف ما هو أهم من كنوز فوريك..فكانت مثلما توقع خالد بأنه سيتحدث عن اكتشافه لأرض زيكولا..
ثم قلب بعض الصفحات،فوجده يتحدث عن أهل زيكولا، وعن تعاملهم بوحدات الذكاء، ويوم زيكولا، وذبح الأفقر كل عام، وما تركه ذلك من طباع على هؤلاء الناس.. فقلب تلك الصفحات مسرعا.. وكلما قرأ شيئا يعرفه تجاوزه.. لا يريد أن يضيع ثانية واحدة.. حتى وجد صفحة مكتوب بها..
(( لقد أفنيت عمرى أبحث عن سر تلك الأرض.. ولكنني لم أجده حتى لحظة كتابة كتابي هذا.. ولكنني أعلم تماما أنني لست المصرى الوحيد الذي أتى إلى تلك الأرض..لقد عثرت صدفة على بعض المخطوطات، والتي أخبرتني بعضا من الحقائق التي وضعتها نصب عينيّ ..))
فاندهش خالد.. وأكمل قراءة:
(( لقد ذكرت المخطوطات البالية أن الكثيرين قد أتوا إلى تلك الأرض بعد بناء سرداب فوريك.. فبعدما شيّد ذلك السرداب ببراعة معمارية لم يكن لها مثيل .. أعجب به ((فوريك)) ذلك الثري، كثيرا، ووضع به كل ما يملك من كنوز وثروة لم
164

يكن لها مثيل في ذلك العصر.. حتى طمع الكثيرون بها فاتجهوا إلى السرداب كي يسرقونها.. وحين علم فوريك بذلك أمر حراسه بأن يغلقوا أبوابه.. فظلوا بداخله دون أن يجدوا مخرجا.. حتى مات بعضهم، وظل الباقون يبحثون عن مخرجٍ حتى وجدوا ذلك المخرج إلى تلك الصحراء.. والتي لم تكن بها سوى تلك المدينة، وسورها القوي الذي لم يكن قد اكتمل وقتها.. فاستقروا بها، وظنوا أن تعاملهم بوحدات الذكاء ما هو إلا عقابا لهم على نزولهم السرداب ومحاولتهم سرقة كنوز فوريك..
وبعدها كثر عددهم.. وعاشوا مع سكان زيكولا الأصليين.. وتكاثروا بينهم..
(( وتقول المخطوطات إنهم لم يتذكروا شيئا عن حياتهم السابقة، سوى تقويمهم الذي كتبوه على سور زيكولا منذ دخولهم إليها.. ولغتهم العربية والتي بدأوا يعلمونها سكان زيكولا.. حتى إنهم نسوا دينهم، وأصبح الكثيرون منهم من الكسالى الذين اتجهوا للمنطقة الشمالية في ذلك الوقت قبل قرون.. حيث يكسبون ثرواتهم دون أن يعملوا بجد..))
وواصل خالد تصفحه لصفحات الكتاب متعجلا.. وكأنه لا يهمه ما فاته مما ذكره الكتاب.. يبحث عن هدفٍ واحدٍ لا يريد غيره.. وأخذ يقلب حتى وصل إلى تلك الصفحة التي قرأها منذ شهرين و كتب بمنتصفها:
"- الطريق إلى سرداب فوريك .."
فأخذ يقرأها متلهفا.. حتى وجد الكاتب يقول :
- إنني جئت إلى زيكولا مرتين.. و أعلم جيدا الطريق إلى ذلك السرداب، ولكنني أحببت العيش هنا.. ولن أغادر حتى أموت..
ثم قرأ خالد بعض السطور مسرعا.. ووصل إلى سطر يقول :
- حين سرت بسرداب فوريك لأول مرة، وبدأ انهياره.. وأسرعت هربا خوفا من ذلك الانهيار.. لم يدر بخلدي وقتها أنه يدفعني إلى طريق يريده السرداب ... فتذكر خالد نفسه حين كان بالسرداب وحدث الانهيار، وأكمل قراءة:
165

- ولكنني تذكرت بأن هناك طريقا آخر قد أبعدني عنه انهيار السرداب.. وأدركت أنه طريق العودة مجددا.. بعدما انهار طريق مجيئي.. واختفى بالصحراء..
فدق قلبه بقوة، وأكمل:
" - إن جاء أحد من بعدي، ولم يقرأ كتابي.. سيظن أنه لابد أن يخرج من زيكولا كي يعود إلى مصر مجددًا.. وهذا الغباء ذاته.. من يأتي إلى تلك الأرض ويريد أن يعود إلى دياره، وأن يصل إلى سرداب فوريك مجددًا.. لابد أن يدخل زيكولا.. ويكون كالشمس، وينحت في الصخر.. فيجد باب السرداب الآخر أمام الرأس مباشرة.. "
وانتهت الصفحة، ومعها انتهت صفحات الكتاب.. فأعاد خالد القراءة مرة أخرى بعدما لم يفهم شيئا :
- من يريد أن يصل إلى سرداب فوريك، لابد أن يدخل زيكولا، ويكون كالشمس، وينحت في الصخر. سيجد باب السرداب الآخر أمام الرأس مباشرة..
ثم سأل نفسه:
- أي شمس؟! وأى رأس؟!
ويقصد إيه بالنحت في الصخر؟ !!
أي رأس؟!!
و قلب صفحات الكتاب مجددًا.. وسأل نفسه.. وسأل الكتاب.. أي شمس؟.. أي رأس؟.. ثم نهض وتحرك مسرعا، ودخل مكانا به الكثير من أهالي المنطقة الشمالية.. يشربون الخمر، ويتراقصون .. فصاح بأحدهم، وأشار إلى تلك الصفحة بكتابه:
- هل تفهم ذلك؟
- كيف أنحت في الصخر أمام الرأس؟!
فضحك الرجل :
166

- هل أنت مجنون ؟!
فسأل آخر فلم يجبه.. فسأل غيره فلم يجبه.. وظلّ يسأل كل من يقابله عما قرأه، كالمجنون فلم يجبه أحد.. ثم جلس على إحدى الطاولات.. وبدأ يقرأ تلك السطور الأخيرة.. ويكررها بصوت عالٍ .. ولكنه لم يفهم منها شيئا.. حتى وجد أمامه كأسًا من الخمر فشربه دون أن يدرك أنه خمر.. وشرب منه مجددًا.. وظل يقرأ ويفكر دون أن يصل لشيء.. وكلما انتهى ذلك الكأس أمامه ملأه النادل من جديد.. حتى ظهر تأثير الخمر عليه.. فوقف فوق الطاولة التي كان يجلس عليها.. وأمسك زجاجة الخمر بيده، والكتاب بيده الأخرى ..
ثم صاح ضاحكا في سخرية إلى من يجلسون بذلك المكان:
- ظللت أحلم أن أجد هذا الكتاب.. وأبحث في كل مكان بتلك المدينة اللعينة.. ثم شرب قليلا من الخمر، وتابع:
- وحين وجدته.. ظللت أعمل، وأعمل، وأعمل.. لا آكل.. ولا أنام حتى أحصل عليه..
ثم صمت، وضحك مقهقهًا، وأكمل:
- وقد حصلت عليه اليوم.. مقابل خمسمائة وحدة من ذكائي..
فنظروا إليه.. وكأنهم لا يصدقونه فأكمل، وقد احمر وجهه من الخمر:
- لا تندهشوا.. لو طلب مني ذلك المعتوه.. الذي قد يكون أخي، أكثر من ذلك لدفعت.. ثم شرب كثيرا من الزجاجة، وأكمل بعدما ترنح فوق الطاولة، وبدأ لسانه يتلعثم بالحديث:
- وفي النهاية علمت لماذا لم يستطع أبي الخروج من هنا، ومعه هذا الكتاب.. فسأله سكيرٌ يجلس على طاولة بعيدا:
- لماذا أيها المجنون ؟
فأشار إليه خالد ضاحكا ثملا:
167

- سأخبرك أيها السمين.. لابد أن القصة قد أعجبتك.. سأخبرك..
- يبدو أن صاحب هذا الكتاب اللعين خشى أن يذهب أحدكم إلى ذلك السرداب..
لا أعلم لماذا خشى أن تذهبوا إلى هناك.. ليت أهل زيكولا يذهبون إلى بلدي فيجعلونهم يعملون .. ولا يعتمدون على غيرهم، مثل زيكولا.. ثم ضحك عاليا:
- لقد وضع لغزا بآخره..
ثم جلس على الطاولة ، ووضع رأسه بين يديه.. ثم رفعها مجددا، وضحك ضحكة يشوبها ألم كبير:
- كان يعلم أنكم تتعاملون بالذكاء.. كان يعلم أنكم أغبياء..لن تستخدموا ذرة ذكاء واحدة لتفكروا في هذا اللغز.. وهدأ صوته:
- ويبدو أنني سأظل مثل أبي.. طوال عمري أبحث عن ذلك المخرج.. إنني غبي مثلكم.
ثم نهض مجددًا فوق الطاولة.. ورفع الكتاب بيده ، وصاح بصوته السكير:
- والآن.. من يريد أن يشتري هذا الكتاب مقابل عشر وحدات من الذكاء؟
***

Continuer la Lecture

Vous Aimerez Aussi

1M 37K 49
تقدمت عليه واني احس الخوف والرعب احتل كل جسدي وقلبي أحسه توقف واني اشوفه جالس گدامي مثني رجله وخال عليه ايده والايد الثاني ماسك رأسه متوجع قربت عليه...
20M 650K 160
بريئة اوقعها القدر بين براثن شيطان لا يرحم ، حاول ايذائها فتأذي هو
241K 5.1K 68
عندما لم استطع ان اكتبهم ابطالًا اصبحو اعـداء ربما كان من الأفضل ان اتوقف عن الكِتابة عند الجزء الذي كانو فيه سُعـداء .. الكاتبه| رَهاوج • تمّت بتا...
144K 4.4K 54
معزوفتي الاولـى : « بكره توقف من اللهفه على بابي » نفسك من الشوق والحرمان منتله روايه تجمع مابين { الغموض ، الكره ، الاكشن ، والعفويه ، والحب } ...