للرمق الأخير معك

Start from the beginning
                                    

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

في نفس الوقت الذي كانت فيه تتراجع بإقدامها حتى وصلت إلى خارج المنزل كانت يداها تراسل دينيز طالبة لقاؤه بالمقهى المجاور لعيادتها و لمفاجأتها لم يغيب الرجل في الرد على رسالتها البتة

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.


في نفس الوقت الذي كانت فيه تتراجع بإقدامها حتى وصلت إلى خارج المنزل كانت يداها تراسل دينيز طالبة لقاؤه بالمقهى المجاور لعيادتها و لمفاجأتها لم يغيب الرجل في الرد على رسالتها البتة..بل لم تتوقف دهشتها عند سرعة رده فحسب فقد كان هو أيضاً لديه ما يريد إخبارها به حسبما أفادت رسالته
- يا له من يوم مليء بالأحداث منذ الساعات الأولى فيه
.

...........................................................................

و طبقاً لوعد نطقت به الصهباء و كان مفعولاً بعد أقل من خمس وثلاثين دقيقة فقط كانت الطبيبة النفسية ذات الرأس البرتقالية تعبر من باب عبادتها الموجودة في الطابق الثالث إلى داخل صالة الإستقبال الفسيحة الواقفة فيها الشابة الإيرانية أفتاب و كما هي عادتها دائماً لازالت تعتصر حقيبة يدها بأصابعها المرتعشة و تدور بعينيها في المكان بأكمله دون توقف

- هل نبدأ فوراً أم أحضر قهوتك أولاً يا ٱنستي ؟
و رغم أن الطبيبة الصهباء لم يكن في نيتها تأجيل جلستها المنعقدة مع أفتاب أبداً إلا أن الإيرانية لم تحتمل إنتظار ردها أبداً و وجدت لسانها ينطق فوراً قافزاً حاجز حرية الإختيار
- الٱن من فضلك...بالكاد سرقت وقتاً...
و لم يمر على إندفاعها اللحظي هذا عشر ثواني حتى قبل أن تعود للإنكماش حول ذاتها مجدداً خصيصاً حينما رمقتها ليلى بنظرات منزعجة مسحتها ذات الرأس البرتقالية سريعاً بالتربيت على ساعد مساعدتها محاولة التعبير عن رضاها عن طلب الفتاة
- لا مشكلة العمل أولاً دائماً
بعد ذلك مباشرة تدلف أدا إلتوناي أولاً لغرفتها التي عطرتها الصغيرة ليلى و رتبتها مسبقاً كي تسحب كرسيها بعيداً عن الطاولة لكي تستطيع الجلوس قبل وصول أفتاب وراها إلى نفس الغرفة
- تفضلي يا آنستي أسمعك بكل سرور...
تقتعد الإيرانية فوق أقرب الكراسي لمكتب الطبيبة الصهباء ثم تعقد ذراعيها أمام صدرها في تقرب فهمته الحمراء فوراً مما سهل مهمتها في بدأ الحديث
- أييه أخبريني...أخمن أن هناك ما ترغبين بإخباري به قبل موعدنا المعتاد
و لكن سرعان ما فجأتها الشابة بتحريكها لرأسها دلالة على نفيها وجود ما تريد إخبارها ولا يحتمل التأخير حتى موعدهم الأسبوعي قبل أن تعود إلى توترها المعهود و شعورها الدائم بإن تصرفاتها جميعها خطأ بشكل جعلها تغمغم بصوت المذنب المرتعب أثناء تبريرها سبب وجودها
- لا شخص أعرفه في هذا البلد غيرك...و لا يوجد سواك ليسمعني أساساً
إمرأة متزوجة و ربما لديها أولاد حتى و مع كل ذلك تعتبر الطبيبة النفسية التي عرفتها من أربعة أيام فقط تقريباً هي الشخص الوحيد الذي تعرفه في هذه البلد...أي جفاء ذلك الذي يعيش بين هذان الإثنان ؟
- هل كان عليٌ الإتصال قبل مجيئي يا تُرى ؟ هل تصرفت بفجاجة مرة أخرى
تهز رأسها بالنفي مرات عدة قبل أن تعقد أصابعها ببعضهما و تريح يديها على سطح المكتب بادئة أولى جلساتها المنعقدة اليوم بسؤالها الذي دار في عقلها منذ قليل
- أخبريني يا أفتاب..هل لديك أولاد ؟ ماذا يعمل زوجك ؟
و كدلالة على الرفض القاطع والعصبية الزائدة الكامنون في الإجابة التي على وشك الخروج من فم المريضة الجديدة بدأت بالتلاعب بخصلات شعرها و محاولة جمعهم وراء أذنيها معاودة المحاولة في الرد بعدئذٍ
- ليس لدي أولاد...لا أريد أطفال.. شخصاً مثلي لا يجب أن ينجب
تلاحظ الطبيبة النفسية ذات الرأس البرتقالية سريعاً محاولة الفتاة تحسين صورة زوجها من خلال المرواغة أثناء الإجابة على السؤال التالي متعارضة طريقتها المقتنعة مع عينيها اللواتي بدأتن بالهرب
- و أيضاً زوجي رجل يعمل كسائق شاحنة رافعة..لمدة تسع ساعات يومياً و بالكاد يأتي بقوت يومه..من أين سيعول طفل ؟
تعقيباً على سمعته منها بدأت علامات التفهم المصطنعة ترتسم على جانب شفتي إبنة ألتوناي و هي تدون ملاحظات لغة الجسد التي أستنتجتها قبل أن تعود إلى أسئلتها مرة أخرى
- و كيف كانت طفولتك إذاً ؟ كيف كانت علاقتكما ؟
تعود أفتاب إلى النقر على الغزال النحاسية بشرود تام رغم أنها بدأت بالسرد بالفعل في صوت تحطم فيه التوازن تماماً و رجع التعلثم الواضح للطفو على سطح لغتها التركية كما هرعت أصابع يدها الٱخرى إلى الضغط على حقيبتها الصغيرة
- أمي كانت الأفضل في العالم القميء هذا...كانت مبدعة لدرجة لا تصدق...مرحة للغاية..هذا قبل ما فعلوه بها بالطبع
" ها هي تعود للغز الأكبر..ما فعلوه بوالدتها..من فعل ؟ ماذا فعل ؟ لأي درجة أثرت فعلته في تكوين الشخصية التي أمامها ؟ "
- كيف ماتت والدتك ؟
و قبل أن تستوعب الفتاة الصهباء ما تفعله مريضتها إندهشت و هي تراها تشرع في الغمغمة بكلمة صدفة بنبرة غاضبة مفخمة لا تشبه طبقة صوتها العادية البتة و تهز قدميها بعصبية واضحة و يزداد صوت نقرها على رأس الغزالة النحاسية علواً بشكل دفع البرتقالية سريعاً إلى النهوض والإتجاه ناحيتها و محاوطة كتفيها لتجبرها على التوقف و قد جثت على ركبتيها بجانبها فور نجاحها في هذا
- Dur Aftap..Dur
" توقفي أفتاب أفتاب "
بالرغم من أن المرأة الشابة توقفت عن هز قدميها و النقر على النحاس إلا أن الإيرانية لم تستطع أن تعود بطبقة صوتها الغاضبة إلى حالتها الطبيعية التي كانت موجودة مسبقاً
- لو قال الجميع شيء و قلت أنا شئ من ستصدقين ؟
في البداية نهضت الحمراء واقفة على قدميها و تحركت لكي تجلس على الكرسي المقابل للفتاة الإيرانية ثم زحفت بيديها لتمسك يد مريضتها ناطقة بلطف
- أنا هنا من أجل أن أصدقك...تلك هي مهمتي
و من أجل إشعارها بإستعادادها لتقبل أي شيء ستقوله البنت مهما كان غريباً أو شيء لا يشبه ما يقولونه الٱخرين عادت لتؤكد على كلامها من جديد مستخدمة الحكم والأمثال
- وأيضاً ماذا يقولون.. لا يمكن أن يكون هذا الطريق هو الصحيح فقط لأن الجميع يسير فيه
نظرة مستهزئة و ساخرة و أنامل تجولت برفق على يد المقعد و تحريك يمنة ويسرة للشفة السفلية...علامات واضحة وصريحة على عدم التصديق فهمتها المعالجة النفسية فوراً كما خمنت بنسبة كبيرة أن ما ستخبرها به أفناب أمراً سيكون صعباً عليها تصديقه
- يعني لو قال الجميع أنها أنتحرت وأنا قلت أنها قُتلت سوف تصدقيني ؟
في الحقيقة لا يمكنها الجزم بأن ما تقوله الإيرانية الٱن حقيقاً خاصةً أن الكثيرين من المرضي النفسيين يشعرون بأنهم مضطهدون و معرضون لخطر القتل... سواء هم أو أحبتهم
و لكنها كانت واثقة أيضاً أنها إذا كانت تريد معرفة المزيد يجب عليها ألا تحاكم اامريض على فعل أو قول..هكذا هي مهنتها في المقام الأول والأخير
- هل تمانعين بإخباري كيف ؟
ترفع عيونها الباكيتان نحوها ثم تهز رأسها بالنفي مرات قبل هتافها الساخر المستهزء
- و ما الذي ستقدمينه لو عرفتِ ؟ هل سيتغير شيء ؟
- ربما لن أستطع تغيير شيء فيما حدث بها..و لكن يمكنني أنقاذك..إنقاذك أمراً ضرورياً كذلك..ليس لأجل زوجة أباك ولا من أجل زوجك.. من أجل نفسك..من أجل أن بخرج الهواء من رئتيك دون وخز..ما قولك ؟ هل تسمحين لي ؟
تلك النظرة الهاربة نعرفها جيداً و هذه التنهيدات أيضاً تعلم معناها... تفهم أنها واففت على فتح باب الماضي دون أي حاجة إلى سماعها تقول هذا حتى و قد كانت ظنون الطبيبة محقة
- كل شيء حدث بسبب بيروز و بسبب جدتي وأبي..الجميع تسببوا في قتلها..
تعود أفتاب إلى النقر على يد المقعد و أسنانها تعتصر شفتيها السفلية بشكل يكاد أن يدفع الدماء إلى التقتطر منها ثم تسحب كارت شخصي و تبدأ في كحته بالمكتب بشكل سريع و متتالي قبل أن تعود إلى النطق مجدداً
- أمي كانت تدمن المخدرات...يعني جعلوها تدمن المخدرات
تبدأ إبنة ألتوناي الوحيدة في تدوين الملاحظات التي تستنجنها و تتوقعها الواحدة تلو الأخرى دون الحديث تاركة مريضتها تسترسل حديثها البائس دون مقاطعة
- شعور بالألم في العظام نتيجة الهشاشة...ثم رويداً رويداً يظهر أمامها المنقذ الوحيد على هيئة أقراص مسكنة من دواء أسمه الترامادول... شيء فشيء بدأوا يدسونه لها في الطعام و يزداد إدمانها له أكثر فأكثر...
لا تعرف البرتقالية كيف تحكمت في دهشتها.. غضبها..حيرتها أو فضولها...و لكنها بمعجزة ما أستطاعت صب جام تركيزها على التدوين والقراءة الصامتة لعلامات الجسد تاركة خلفها تلك المريضة الجديدة تستكمل سردها بعد ثلاث دقائق من الصمت
- حتى أصبح الترامادول بجميع انواعه و طرق تعاطيه متناثر في جميع أدراجنا...و حتى مع معرفة أمي أنها أدمنت لم تستطع التوقف..كان الوقت قد فات...أصبحت مرأة ٱخرى غير التي تربيت على يدها تغضب و تصرخ..تتذلل و تترجى...لا يهمها شيء إطلاقاً غير جرعتها و للأسف الشديد لا يمكنك الغضب منها أيضاً..
تأرجح الفتاة القلم بين أصابعها في تفكير عميق ثم تطرح عليها أولى الأسئلة التي تبادرت على رأسها محاولة إخراجه بشكل مهذب قدر إستطاعتها
- فهمت هل هذا يعني أنها.. في للنهاية تناولت جرعة زائدة من المخدرات ؟
على حين غرة تبدأ الفتاة في التخشب والأنين و تحريك الكرسي بشكل عصبي جداً لدرجة إحداثه صرير مزعج جداً للأذن و أحبالها الصوتية تصيح كالمظلوم المُقاد لحبل المشنقة
- لم تتناول..لا تتصرفي مثلهم...لم تتناول..لا يمكن أن تكون قد فعلت
و من أجل إيقاف كل هذا قبل تضخم ثورة الراوية أُضطرت الفتاة ذات الرأس البرتقالية سريعاً إلى النهوض والإتجاه ناحيتها و إحتضانها بقوة..تماماً كما إحتضنت نظرات الٱسى عسليتها
- لقد كانوا أدخلوها مصحة بالفعل..كانت قد بدأت تتعافى بالفعل..قد كانوا منعوا عنها جرعتها لفترة طويلة الأمد حتى بدأت أعراض الإنسحاب تظهر عليها...كان كل شيء سيكون بخير..ثم تدخل عليها شيطان يختفي وراء أجنحة الملاك..بجرعة زائدة أدت للوفاة..و في النهاية يقولون إنتحرت
في الواقع إجابات الإيرانية لم تكن تحل العقد أبداً بالنسبة للطبيبة بل كانت تزيد عليها الأمر تعقداً كما يزيد تخشبها وإرتجافاتها من إمكانية سؤالها عن هوية الفاعل التي تتحدث عنه مفضلة في نهاية المطاف إغلاق هذا الملف عند هذه النقطة..الٱن!
- ماذا عن والدك ؟ كيف تُوفى ؟
و على عكس ما أصابها وقت سيرة وفاة والدتها تلك المرة لم تغضب و لم تحزن و لم تتشنج بل إكتفت بالتهارب بعينيها عن نظر صاحبة التورمالين الثاقبة مهمهمة بخفوت متوتر به مسحة من الحزن
- وفاة طبيعية للغاية..هبوط حاد في الدورة الدموية
تفلتها صاحبة الشعر البركاني قبل دورانها للجهة الأخرى و مواجهتها سائلة بإبتسامة جانبية حاولت جاهدة كسب ثقتها من خلالها
- هل هذه الحقيقة أم ما يقولونه هم ؟
و كما خمنت مسبقاً تماماً حدث و دارت الإيرانية السمراء بوجهها الغاضب ماحية الطبيبة بعلامات مختلط فيها النكران و بالإمتعاض
- الله الله و لمٓ سأكذب عليكِ ؟ شيء محير...
- أنا لم أقل أنك تكذبين..قلت ربما هما فعلوا
تمتمت بنفس الإبتسامة البسيطة الهادئة و من أجل أن تشعرها بالقليل من الأريحية ضغطت على يداها برفق و لكن سرعان ما فجأتها الشابة بسحبها ليدها بسرعة والنهوض من مقعدها بعيون عالقة على ساعة الحائط المقابل لها للحظات قليلة قبل أن تبدأ في جمع أغراضها ناهضة على قدميها المرتجفتان بصعوبة شديدة
- Ben Artık Gitmem lazım..Geç kaldım
" أنا يجب أن أذهب.. تأخرت "
و كأنها مثلما هي من حددت يوم الجلسة و معاد بدايتها ها هي بفعلتها هذه تحدد وقت نهاية الجلسة التي بالكاد لحقت أدا في نهايتها أن تطلب من أفتاب إصطحاب زوجها معها الأسبوع المقبل
تتابع إبنة ألتوناي الوحيدة باهتمام كبير لحظة خروج مريضتها و الشكوك حول تلوث يدها بدم أبيها سواء بطريق مباشر أو غير مباشر تزداد بداخلها
- أتمنى ألا تضعين نفسك في مأزق الحيرة بين القاتل أم المريض النفسي يا أفتاب
.....................................................................

Aşk AdasıWhere stories live. Discover now