نفيص

6 2 2
                                    

2

"استنى يا نفيص استنانا!"

توقف نفيص و رجع إليهم هذه المرة أيضاً،كاتماً غضبه.

بقو يناظرون بعضهم في تساؤل، فمن سينزل في البئر و يحضر الماء؟

زفر نفيص في ضيق متوقعاً ما سيحدث في كل مرة.

"نفيص.. أنت انزل.. أنت خفيف و تقدر تركب في السطل و يسدك برا خوي" قبض فكه في امتعاض ثم ركب به و أنزلوه داخل البئر و لحسن الحظ لم يكن عميقا، بقي يملئ الدلو و أخوته يأخذونه ثم ينزلونه ليعيد ملئه و هكذا.
شرب نفيص و روى ظمأه، ثم عم الصمت فجأة!
نظر للأعلى مناديا على إخوته و لكن ما من رد.

لعن تحت أنفاسه، لقد فعلوها مجددا و هربوا! بقي ينادي، يصفر، و يصرخ و لكن ما من جدوى.

بعد مدة ليست بطويلة، عندما كانت الشمس في الأفق،سمع صوت خطوات وثم قابله من الأعلى قرنان ورأس جدْيِه،ليخطر في باله فكرة لامعة بقي يطرق على الدلو، خدعة قد علمها لِجَدْيِه عندما يحين موعد الطعام فجذب الجدي الحبل و ركب نفيص فيه حتى وصل القمة و قفز خارجا ليعطي الماء لحيوانه  و بعض من الطعام عنده و ينطلق وراء آثار الخيل الخاصة بإخوانه.

وصل ورائهم و كان الغضب على محياه واضحا و قام بتجاوزهم بسرعة، ليقول أحد من إخوته :"حيي! نفيص أنت سبقتنا؟"
التفت باقتضاب و قال :"ماكم أنتم خليتوني في البير!
تظاهروا بالتفاجؤ :" احنا؟ نحسابوك لحقتنا! "

" اي ماهو بنطير".

*****

عمت الظلمة المكان و لكنهم بقو يتحركون قليلا ثم قال نفيص :" ليل تو خلونا نكملوا الصيد الصبح و نباتوا حتى في الخلاء هنا.. "
فرد أخوه البدين خالد :" لا لا أنا ما نبيش نبات في الخلاء امبكري شفت فتيلة والعة غادي هكي."
فاعترض نفيص :" لا يا ودي كيف! كيف نمشوا لناس ما نعرفوهاش نباتوا عندها؟علاش اسمنا رجالة كان ما نقدروش نباتوا برا و اهو معانا الخيل! "
رد خالد:" برا بات انت بروحك احنا بنمشو ووين تدري مرات يديرولنا حتى عشاء. "

توقف نفيص في بقعته ينظر إلى إخوانه بهدوء و يفكر عن ما إذا كان هناك أدمغة في رؤوس إخوته أم لا، تنهد و تبعهم.

بعد المشي لمدة نصف ساعة وصلوا أمام بيت من الطوب مضاء بمصباح زيتي طرقوا الباب و فتحت لهم عجوز تخفي وجهها لا تظهر إلا عينا (مغمزة) فأهلت عليهم ثم قالوا لها :" يا أهل البيت!"
فقالت: "زوزو!"
"وين راجل الحوش؟"
"أعطاكم عمره! متوفي"
"الله يرحمه.."
"شنو يا وليدي؟"
" والله احنا جايين من بعيد ليل علينا الليل و نبو نباتو.."
"اهاا مرحبتين بيك! يا مرحبا بالضيف! قداش أنتم؟ "
"احنا سبعة"
"اهاا مرحبتين بيكم!"
استقبلتهم العجوز في الصالة و نفيص بقي ينظر لكل شيء بشك و يلاحظ تفاصيل المنزل و عندما قدمت العشاء لهم امتنع عن الأكل عكس أخيه خالد الذي بدأ بالفعل، و طلب منها أن تعطيه فول ليأكله قائلا أن معدته لا تتحمل الأكل الثقيل.

إلى الأساطير..حيث سنطير.. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن