نفيص

30 6 2
                                    


نفيص: أو نصيف بمعنى النصف، وهي مُصغرة.
و تنطق الأولى "انْفِيصْ" .

_______________________________


نظر سالم إلى زوجه قائلاً :" أنا بنتزوج، نبي ولد يشد و ياخد الرزق بعدي.."
التفتت زوجه بحزن ثم اخفضت بصرها عنه، فهي لا تستطيع أن ترد عليه بعدما قالها للمرة الخمسين، وفي كل مرة خصام و جدال، كذلك هي تعرف أنه سينفذها على كل حال.

و تزوج الرجل! وكم كان فرحاً!
لكن، تلك أيضاً لم تنجب، فتزوج ثالثة، وهذه الأخرى لم تنجب.
فتزوج رابعة، خامسة، فسادسة، فسابعة!
و كلهن لم ينجبن له الطفل الذي يريده.

أُحبط الرجل كثيراً و بقي حزيناً لفترة.
وزوجته السابعة كانت سيدة رقيقة وفطنة ومثقفة في ذلك الزمن، ذهبت إليه حيث كان جالساً يتنفس الصعداء، جالس يناظر السماء على حافة الخيمة بحسرة و يأس، رأسه متكئ على يداه و هو شارد الذهن.

"احم اسمع يا سالم.. لقيت مرأة تداوي... نمشولها.. بالك ربي يقدرلنا و نجيبو ذرية تملالك البيت.."

" ومن قالك هي كويسة؟" التفت سالم قائلاً واليأس مكتسح عيناه البنية.

"النساوين.. و قداش من مرأة مقايلتلي عليها.. و مجربين دواياتها... هي نمشو نتوكلو انت شن خاسر هيا؟ "

" و أنتِ تعرفيها وين هادي المرأة؟ " سأل ورأت بصيص أمل في عينيه أخيراً!

هزت رأسها إيجاباً،" إي نعرف! "

هز رأسه قائلاً "خلاص غدوة نمشي، و نشوفها"

ابتسمت و قالت :" باهي باهي.. كويس"

و فعلاً، ذهب سالم إلى تلك المرأة الستينية بعد أن سأل عنها معارفه و لم يلقى إلا كل الشكر; نادى من خارج الخيمة فأهلت و سهّلت، و سألته عن سبب قدومه:"مرحبا بيك تفضل شن تبي؟"
رد قائلاً :"قالولي اداوي قلت نجيك و نشوف بالك عندك حل لمصيبتي؟"
ردت عاقدة حاجبيها:"إن شاء الله خير شنو مصيبتك؟"
فحكى لها حكايته، أمعنت النظر به قليلاً ثم قالت له بهدوء وبطئ :"باهي استنى.."
واستقامت من مكانها وذهبت لداخل خيمتها، وعندما عادت كانت تحمل سبع تفاحات في كيس قماشي، جلست و تكلمت بنفس نبرتها الأولى :" أنتَ لازم تسمعني كويس، شفتهم التفاحات السبعة اهما؟ كل وحدة من نساوينك تاخد وحدة بس لا تقسم و لا تعطي لحد منها و لازم تأكلها كلها بروحها، فهمتني و لا؟ و بادن الله يجيبولك.."
قام الرجل بشكرها وإعطائها تكلفتها وأخذ الكيس منها ثم عاد إلى بيته.

" جبتلكم دواء.. و اسمعوا كلامي كل وحدة تو بتاخد تفاحة و ماتقسمش منها و ما تعطيش منها بكل.. تأكلها بروحها باهي ولا؟ "

وأعطى كل منهن تفاحة و ذهب، كانت زوجه الأولى طماعة و جشعة وأكلت تفاحتها الأولى بسرعة وبشراهة قبلهن، وكان طعمها لذيذاً فالتفتت للثانية تطلب منها ولكنها رفضت، كلهن رفضن! و عندما سألت السابعة والأخيرة:" خويتي أعطيني غر شوية و الله جعانة! "

إلى الأساطير..حيث سنطير.. Where stories live. Discover now