الفصل السابع : الثقة

ابدأ من البداية
                                    

- وأنا اليزابيث ...تشرفنا

- من الواضح بأنكِ شخصية خجولة.

استطرد دانتي قائلاً بهزل ومداعبة: ((خجولة!! هي ليست كذلك البتة يجب أن تنتبهي للسانها السليط، لن تسلمي منه ابداً))

أحّمر وجهي من الارتباك والخجل، لاحظت السيدة صوفيا صمتي عن الكلام، دفعت دانتي من بين الأطفال وقالت له بحزم: ((اذهب إلى غٌرفتك وارتاح قليلاً ...))

وعند ذهابه أتبعه الأطفال، وتوقفوا عند أمر السيدة صوفيا: ((دعوه ليرتاح أنتم لا تريدون ان تؤذوه صحيح؟))

لا أعلم كم هي كمية المشاعر التي يحملها الأطفال لدانتي ولكنها عميقة ... عميقة جداً، فقد تفرقوا عند سماعهم لكلمة الاذية، ومن جموع الأطفال قالت الصغيرة بانفعال:

- أستاذ هل تألمت؟؟؟ هل انت بخير ... انا اسفة

- لا يا صغيرتي لقد شُفيت برؤيتكم.

ثُم طلبت السيدة صوفيا منهم ان يعرفوني بأنفسهم، وفي هذه اللحظة كُنت محط الأنظار

.

وجهت السيدة صوفيا بعض الاوامر فقالت: ((والان اريدكم ان تشكروا السيدة اليزابيث وتعرفوها بكم))

كُنت قبلة الأنظار وكأنهم يلمحونني للتو، تقدمت طفلة مُمتلئة الجسد، ذات شعر أسود طويل مُظفر، ظهرت علامات الانفعال على وجهها، كتفت يديها ثُم قالت بثقة:" لا نُريد ... فنحنُ لا نلقي تحيات للغُرباء"

قرصت السيدة صوفيا الفتاة بخدها الأيمن فقالت بقلق واضطراب:( (بيل اعتذريِ لضيفتنا الان ...من أين جئتِ بهذه الكلمات!!! أنها صديقة وليست غريبة))

صمتت عن الكلام، مُجنبة السيدة صوفيا الإحراج بعد أفعال هذه الطفلة، لستُ مُندهشة فقد مرت بي هذه المواقف بل الأسواء، فقد شغلت مهنة التدريس المنزلي لفترة معينة ومن هذه التجارب خالطت جميع أنواع الأطفال، البكّاء... المُشاغب...الملول...الهمجي...شارد الذهن...والكثير الكثير

قطبت بيل حاجبيها ورفعت صوتها بانفعال: ((اسمعوا... لن نُقدم اسماءنا لها ولن نعتذر، اليس كذلك؟))

ترافعت الأصوات مِن حولها: ((نــــعـــــــــــم))

خمدت مظاهرة الأطفال بظهور دانتي، فقال مُدعياً القلق: ((هل تعلمون بإن ما تفعلونه الان يُحزنني، ان لا ترحبوا بصديقتنا))

تغيرت ملامح بيل الغاضبة سابقاً إلى الخجل والاستعطاف فقالت بهدوء:

-ولكن يا أستاذ...

- بيل، ليس هذا الذي علمتكم إياه ... الانسة اليزابيث ليست غريبة بل صديقة لنا والصديق إذا جاء إلينا اكرمناه وسعدنا بزيارته.

وجهت بيل نظراتها لي، محمولة بالشر والاستهجان، فقالت بعد ان زفرت الهواء من رئتيها: ((أنا بــيــل))

ثُم أشارت للأطفال متولية التعريف عنهم دون أستاذان وأكملت بثقل: ((هذه لورا... وهذه سونيا... وهذا جيوفاني ... وهذا سيباستيان ...وهذا لويس ... وهذه جيني))

قُلت مُبتسمة: ((تشرفت بكم))

انفرجت شفتا دانتي بابتسامة لطيفة:( (والان يُمكنني ترككم بِسلام ... سأذهب لتغيير ملابسي))

وبخته السيدة صوفيا قائلة: ((اذهب وارتـــاح ... لا اريد ان اراك هنا))

في غُرفة الجلوس

لحظات صامتة ونظرات مُربكة هي التي توسطت جلستِ مع الأطفال، غابت السيدة صوفيا عنِ لرؤية دانتي وانفردت انا مع الأطفال في جلسة مُريبة ...

ظهرت السيدة صوفيا بعد اختفاء طويل، وقفت بِشكل مُفاجئ فقلت:

- السيدة صوفيا، سأستأذنكِ الان يجب أن اذهب

- لا مُستحيل لن تذهبِ إلى أي مكان ... يجب أن تتغدي معنا

أردت الرفض فيكفيني ما وجدته من نظرات الأطفال، أمسكت يدي بِشكل مُفاجئ وقالت:

- تفضلي بالجلوس

- ولكن لا يُمكنني

- لا يُمكنك أخذ كلام هؤلاء الأطفال بجدية، لقد تصرفوا هكذا لأنهم لم يعهدوا الزيارات اللطيفة

- لا أبداً لم أفكر هكذا

استطردت بيل قائلة بسخط:" لتأخذه على محمل الجد فقد أطالت زيارتها"

شدت السيدة صوفيا بنظراتها لبيل، لم تكن تهتم بالعتاب المتكرر منها إلى سُمع صوت دانتي مُعاتباً: ((ألم أقل لكِ يا بيل أن تٌعاملي صديقتنا باحترام))

وكالعادة صامتة لا تسعفني الكلمات، لذلك تركت مهنة التدريس لإنِ لا اجيد التعامل مع البشر وأخص بذلك الأطفال

وهم مثلي تماماً ... لا يثقوا بأحد

يُتبع

بائعة الرسائل Letters Seller "النسخة العربية" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن