رمت نفسها على كتفه لا شعورياً، و غرقت في نحيب طويل لا تدري في اي قاع كانت قد حبسته، افرغت كل ما في جوفها، لا تدري كيف فعلت ذلك؟ كيف تجرأت و رمت نفسها هكذا و تنازلت عن غرورها، ولا يدري متى أمسك بها؟ و تنازل ليشفق عليها و أصبح يواسيها كالأحمق، لماذا ضعف أمام دموعها؟ هو كان قد قطع على نفسه وعداً ان لا يشفق عليها فهي لا تستحق الشفقة في نظره، لا تدري سبب شعور الأمان الغريب هذا، ربما لأنها تفتقد أخيها بشكل لم تتخيله، تفتقد حنانه و لطفه، اعتادت ان تختبئ خلف أخيها في طفولتها ان شعرت بالخوف، كان هو سندها من بعد والدها هو من يقف في ظهرها دوماً. يا لها من مثيرة للشفقة فاليوم هي تبحث عن أخيها الذي فقدته بأفعالها الدنيئة عند الغريب، استوعبت تصرفها الغبي رفعت رأسها بهدوء لم تكن تريده ان يشعر بتوترها و انزعاجها، ساعدها على المشي، لم تمانع فقد كانت قد نزفت بعض الدماء و تشعر ببعض الدوار و الصداع يقتلها فهي لم تشعر بالدماء التي راحت تصب من رأسها!

بقيا يعبران الشوارع الهادئة و كأن العاصفة التي قبل قليل لم تحدث، فقد كانت باندورا لا تزال تحت تأثير الصدمة، كان الصمت رفيقهما، كان صوت تنفسها المتقطع يملأ الأرجاء، و لكن اذنها لم تلتقط سوى صوت دقات قلبه المنتظمة، و ذلك بحكم قربه منها فهو كان يساعدها على المشي، هذا الصوت جعلها تسترخي بشكل غريب، وصلا اخيراً لمنزل الطبيب،  طرق والتر الباب عدة مرات حتى فتح الطبيب الباب و هو يحك عينيه بشعره الأشقر المبعثر، نظر لهم بصدمة، و خرجت من فمه :" يا إلهي" و بعدها أكمل و هو يفسح لهما المجال للدخول و قال:" ادخلها بسرعة"
راح الطبيب يفحصها و هي تنظر له براحة، كانت في داخلها بدأت تشعر ببعض التحسن، كانت سعيدة لأنها كانت قريبة من الطبيب فمنظره و قربه كانا كافيان لتشعر ببعض الأمان.
"والت كيف حدث هذا؟" سأله بقلق
"لست متأكد يا جوهان و لكن يبدو انني وصلت في الوقت المناسب" قال بهدوء و هو ينظر لجرحها بقلق من مكانه فقد اتخذ مقعداً في الزاوية  بينما الطبيب يفحصها
نظرت لهم بإنزعاج و قالت بسرعة:" أنا هنا أستطيع ان اجيبكم"
"أنا آسف أعتذر منكِ يا آنسة دالتون ظننت ان التعب قد تمكن منكِ و ليس بمقدوركِ الكلام" قال بلطف و ابتسامته قد رسمت على وجهه الوسيم
"لست بذلك الضعف" قالت بسرعة و هي تدافع عن كبرياؤها المهدور
"حقاً و لكن يبدوا ان ويل دائماً هناك لنجدتكِ" قال الطبيب بضحك
نظرت له بإستغراب و لكن قاطعها كلام الغراب قائلاً:" ما الذي دفع الرجل لفعل ذلك يا آنسة؟ "
نظرت له بإنزعاج و صاحت فيه بتعب:" هل أنت غبي؟! هل نسيت انني جئت و طلبتك ان ترد حقي منه فهو قد..."
توقفت في اللحظة المناسبة فهي لم تكن تريد ان تتكلم أمام الطبيب ثم ان صراخها هذا سيشوه صورتها أمامه
رمقها والتر بنظرة ذات مغزى كان قد بدأ يشعر بتأنيب الضمير فعلاً! فهو قد يكون سبباً من الأسباب فقد طرد الرجل حينما فتحت ويلامينا عينه على الحقيقة! انه عامله السابق يستطيع ان يصل له، عليه ان يوقف الرجل عند حده،
"لا تشغل نفسك بالأمر كثيراً أستطيع الإعتماد على نفسي" قالت بهدوء و كأنها قد قرأت أفكاره
"كأنه سيقف عند هذا الحد انه لن يتوقف" قال و قد بدأ ينزعج من غرورها
"ما دخلك في شؤوني ؟" قالت بإنزعاج
"لا تستطيعين ان تحمي نفسكِ، اليوم كان حسن حظكِ انني مررت من ذاك الشارع و لكن لست موجوداً كل يوم في تلك البقعة" صرخ بإنفعال
"لست لقمة سائغة و أعرف كيف أضع له حد" صاحت بصوت أعلى
"صحيح اذهبي للورد ليزيد الطين بله" صاح فيها و قد تمكن منه غضبه
"آنسة دالتون" قال الطبيب مقاطعاً إياهم، التفتت له بلهفة و هي تنظر له بحماس
"عليكِ ان تبقي في العيادة لدي لمدة أسبوع يجب ان اتأكد ان رأسكِ بخير، اما ذراعكِ فهي بخير تماماً جرحها بسيط" قال الطبيب و هو يبتسم لوالتر و الذي فهم مقصده
نظرت للطبيب بانزعاج و بعدها قالت:" و لكن العمل..."
"لن تستطيعي العمل بهذه الذراع في الفترة المقبلة"قال بهدوء لطيف
نظرت بإستلام و اختارت ان يكون هذا الأسبوع هو فترة إجازتها لترتاح من كل شئ، و الأمر الجيد انها ستبقى في عيادة الطبيب كانت سعيدة جداً بهذا الأمر بالرغم من كل ما مرت به.


————————————————————
مرحباً يا أصدقاء

اتمنى ان ينال الفصل على إعجابكم

هنا مساحة للتعليق

دمتم بود

باندورا في الريفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن