روحك التي بداخلي

Start from the beginning
                                    

أما عما يحدث داخل هذا المنزل الكبير عديد الطوابق الخاص بعائلة آركان فقد كان كلاً من جولاى وأحد الأطباء العجائز يقفون على جانبي الفراش في غرفة دينيز بينما كان الاخير يحتضن الحمراء الفاقدة للوعي بين ذراعيه و قد فهم أخيراً سبب فقدانها للوعي بعدما قرأ لتوه ما قرائته...لازالت الدماء تغلي تحت جلده كلما تذكر حرفاً مما قرأه...يشعر أنه طُعن في قلبه بهذا الإتهام المشين لها و له...الغضب يتطاير من عينيه...يفهم جيداً ما الذي دار في رأسها...يعرف حساسيتها تجاه ماضي أبيها فماذا لو إتهمها أحد بأنها ناتج لقذراة من قذوراته...تتسائل رأسه ألف سؤال..من فعل؟ لمَ فعل؟ كيف عرف؟ إلى مدى ستخلق أكاذيب ذلك الأخرق صدد؟ و الأهم هو كيف يوقف تلك التسوماني قبل أن تنطلق كثقب نيران في كومة قش ؟
- الآنسة كان لديها هبوط حاد في الدورة الدموية لذا فقدت وعيها...أنا حللت الأمر الآن و قمت بتحليل عينات الدم منها و النتيجة جيدة...بالسلامة
حينئذٍ فهم الشاب أنه عليه أن يخرج لإيصال هذا الطبيب إلى الخارج كما فهمت الأمر نفسه جولاي فإقتربت من الفراش لتأخذ أدا بين أحضانها هي بينما علقت عيون دينيز بها و هي يتابع يدها تنزلق من على جسده بإستسلام عاندته خصلات شعرها التي اشتبكت مع ذقنه في حميمية و كأنها اخبرته أنه لا يحتضنها أحد بدفء مثله أبداً و لن تحتاج شيئاً بقدر إحتياجها له الآن أبداً
و من دون أن يشعر القبطان العاشق يهذا أثارت نظراته و تحركاته الحذرة مع حبيبته الحمراء شغف المعالج العجوز ليتابعهم عن كثب ممتناً لإسلوب الشاب و حذره المفرط في التسلل بجسده منها و من ثم يحرك أنامله برفق لكي يبعد خلصة علقت في ذقنه...يميل برأسه طابعاً قُبلة صغيرة على جبينها ثم يترك السيدتان و يسبق الطبيب بخطوتان نحو الخارج قبل أن يتبعه العجوز بخطواته الأبطئ نسبياً و التي بفضلها سنحت له الفرصة لرؤية الشاب يمسح على وجهه مرات عديدة بغضب عارم تارة و يدلك مؤخرة رقبته بكلتا يديه تارة أخرى و يتفقد هاتفه و كأنه ينتظر مكالمة طارئة من شخص ما تارة ثالثة و بهذه الحالة الغاضبة التي كان بها الرجل لم يكن أمام الطبيب إلا ان يتنحنح مرات كي يجذب إنتباهه له مجدداً
- دينيز بيه...حالة الفتاة مستقرة و لكن ربما لأنها لم تتناول الطعام كما أخبرتني جولاي هانم أن يكون خدث هبوط في الدم
في الحقيقة كان حديث السيد العجوز لم ينتهي هنا بعد و لكن حركة دينيز للوصول إليه و كلماته المقتضبة المقاطعة حرمته من إمكانية إكماله لثرثرته عديمة النفع هذه
- و إن كان السبب نفسي ؟ هل يختلف الامر ؟ فوراً يعتصر المعالج العجوز شفتيه و تزداد علامات كبر السن على وجهه بزوغاً في مقدمات فهم شاه السمر بفضلها إنه كان محقاً في ظنونه أن الأمر سيصبح أكثر خطراً لو كان هناك دخيل نفسي على المشهد الذي يتحدث عنه و بالفعل لم يبخل عليه الطبيب أبداً و بدأ يعد له الإحتمالات الممكن حدوثها
- لو كان الأمر نفسي كما تقول فبفقدان الوعي تكون البداية...العقل أولاً يخدر سائر البدن لفترة حتى يستوعب الأمر ثم حينما يعود الجسد للعمل و يرسل العقل إشارات لأجهزة الجسم تفدي بمصداقية ما حدث تأتي التوابع حسب شخصية الفرد...ربما حُمى أو حالة هيسترية من البكاء.. صمت مطبق أو رفض تام للجميع...حسب الشخص و طريقته في التعبير
مباشرةً يطأطأ الشاب برأسه بأسى و هو يفكر بأسى حول تلك الحمراء الرقيقة كالماس و فاجعة قذرة بقباحة ما يُشاع عنها و عن عرضها ثنائي سيُحدث تصادمهم علة تهلك جسدها النحيل و قلبها البريء مؤكد و لكنه على أية حال يضطر إلى رفع رأسه و إعلان تفهمه لنصائح الطبيب بنبرة جافة تماماً و عبارات قصيرة مودعة قبل أن يرحل الطبيب تاركاً الشاب وحيداً في المكان
نار الغضب تميز و تموج في روحه غيظاً..مياه ريقه تزيدها هياجاً...يمسح على وجهه و يدلك رقبته مراراً عله يهدأ فلا يحطم كل ما هو قابل للكسر في المكان...كلمات التغريدة لا تفارق عينيه ولا تتوقف عن طعن ظهره...أجرى العديد من المكالمات ليعرف هوية تلك الحقيرة و يمحو إكذوبتها من فوق سطح الأرض و للآن لم تأتيه الإجابة...حالة من الخوف على حبيبته الغائبة عن الوعي في الداخل تخنق رئتيه...تساوره الشكوك حول كل من يعرف ماضي أبيها دون إستثناء و يشعر بالغضب منهم جميعاً بلا إستثناء أيضاً "
- Hadi bi
" هيا يا هذا "
صرخ الرجل في هاتفه الصامت بغضب جام و كأنه يطلق و أخيراً صرخة العجز العالقة في حلقه...هو الوحيد بين كل هذا الجمع الغفير الذي عليه أن يتألم بما حدث و مع ذلك لا ينهار على ركبتيه خائر القوى و لكن قبل أن يحطم الهاتف من فرط غضبه إهتز الهاتف فوق راحته مُعلناً ورود الإتصال المنتظر من المارشال
- Bitirdik mi ?
" أنهينا؟ "
هكذا تكلم الشاب ذو العيون الفحمية فوراً و من دون حتى أن يسمع عبارات التعبير الإعتيادية و رغم فظاظة إسلوبه النسبية إلا أن القبطان العسكري لم يبد أي نوع من أنواع الإمتعاض أبداً و إنتقل مباشرةً إلى بشرته السارة التي حمل إياها على عاتقه
- أنهينا الأمر يا بطلي الشاب...أغلقنا الحساب الناشر للتغريدة و كل من نشرها من بعده و سترفع منظمة الصحة العالمية دعوة قضائية ضد الناشرة و لكن بشكل سري و بعد موافقة الآنسة أدا طبعاً...أساسا لم تنتشر التغريدة بشكل خطير البتة...مجرد رمي عملة معدنية في المحيط
إبتسامة عريضة شقت طريقها الممهد إلى شفتيه و نظرة إنتصار تلألأت في سماء عينيه السوداء خاصةً عندما أكمل الرجل كلامه بأن التغريدة لم تحقق صدى أبداً و بات يمكنهم القول أنهم مروا من بين الرياح سالمين
خبر تمنى سماعه و إرتاح له قلبه كثيراً حتى مع بقاء ملامحه على صلابتها و إلتزام إسلوبه بطريقته المقتضبة
- من فعلها...؟ من تجرأ و ظنها ستمر ببساطة؟ و للمرة الثانية يرتفع صوت الشاب عن حد التأدب الإعتيادي الذي كان يحادث به المارشال في السابق إلا المستمع العجوز لتلك الكلمات لم يطوف بداخله أي بوادر إنزعاج حول إسلوب الرجل أبداً متجاهلاً عن تعمد صوته المرتفع الأقرب للصياح و عاد ليقول بنفس وقاره المعتاد و نبرته الهادئة الرزينة
- سنعرف…لا تقلق أعدك أنني لن أترك طرف الخيط قبل إعادة حقك كامل مكمل يا إبن صديق عمري
و لكن للمرة الثانية لا تجدي محاولات المارشال المستميتة في تهدئة شاه السمر أبداً و لم يحصل منه إلا على همهمات مقتضبة بأنه هو من سيعرف و بعدها وعد بتكرار الإتصال ثم أغلق رامياً هاتفه المحمول داخل جيب بنطاله و بعد ذلك مال بجذعه حاصلاً على مفاتيح سيارته و منزله مندفعاً كما الرعد نحو الخارج محدثاً إغلاقه للباب إرتطام بعدها
مدوي سمعته جولاي المحتضنة لأدا كما سمعت حديثه كاملاً لذا السبب إستغلت رحيله عن المنزل و قررت ألا تقف مكبلة اليدين و هي تتابع بدموع الأسى في عينيها حبيبة وحيدها تذوب وتذبل كسقوط شمس النهار في بحر الغروب
و على الفور تزيح من بين ذراعيها جسد أدا الهامد برفق شديد و تنسحب خارج الفراش ملتقطة هاتفها خارجة إلى تراس غرفتها فسيح المساحة و قد فتحت كاميرا الهاتف بالفعل ملتقطة فيديو قصير المدة للحديقة المليئة بالورود و أصوات الطير الذي يحوم يالقرب منها صادحاً
تنتظر ثلاثون ثانية ثم تغلقه كي تضيف عليه لمستها الأخيرة بإستقطاعها إحدى المقاطع الغنائية من التراث الشعبي التركي القديم و بالتحديد من تراث قبائل الشركس الذين تمتد لهم جذور عائلة أدا مثل جميع أصحاب الرؤوس الحمراء في تركيا

Aşk AdasıWhere stories live. Discover now