روحك التي بداخلي

ابدأ من البداية
                                    

و في نفس التوقيت بالضبط على الجهة الأخرى من ضفاف مضيق البوسفور كانتا كلاً من إستيرا و تلك الشابة العشرينية ذات الشعر الأشقر المصبوغ القصير المدعوة بينار يجلسان على مقاعد طاولة القهوة في غرفة إستيرا الفندقية الفاخرة و أمامهم على الطاولة بخلاف أقداح القهوة جهاز الهاتف الخلوي الخاص بالصغيرة و مجموعة من الأوراق البحثية التفصيلية عن المعمار والفن العثماني في القرن الثالث عشر الميلادي و الذي كانت تطرق إستيرا فوقه بقلمها المغلق بعصبية و هي تتسائل بنفاذ صبر بعدما مر على إتفاقهم أكثر من ساعة و تلك المرتعبة لم تنشر التغريدة إلا من دقيقتان
- ألم نكن قد إتفقنا منذ ساعة يا هذه؟ لماذا أضعتي كل هذا الوقت؟
بل في نظر إبنة. عم الأسمر الوسيم هي فقط لم تهدر ساعة كاملة عبثاً بل إنها تثير حول نفسها التساؤلات فمنذ أن نفذت المطلوب منها و هي تخفي رأسها بين راحتيها بفزع و كأنها إرتكبت خطأً فادحاً بل ليس هذا فقط فقد سيطر الخوف عليها لدرجة أن حروف كلمات إجابتها خرجت مغلفة بطبقة رقيقة من الأسى على ما سيتبع تلك الشائعة من متاعب لتلك المسكينة
- عمر تلك التغريدة قصيراً فبمجرد إنتشارها ستخرج منظومة الصحة التركية و منظمة الصحة العالمية للدفاع عن ممثلتهما لذا يجب عليك إختيار أكثر وقت يستخدم فيه الأتراك الإنترنت كي تسبقي تلك المنظمات بخطوة
و رغم حالة الإمتعاض التي كانت لازالت تعتلي قسمات وجهها إلا أنها لم تجد طريقة ما تنفي بها حقيقة إقتناعها بما قالته بينار فلجأت إلى عقد جاجبيها بملل و هي تقول من بين أسنانها بضجر
- Hadi bakalm daha ne kadar sabir edeceğiz
" هيا لنرى إلى متى سنصبر بعد "
و من دون أن تدرى إستيرا بذلك فقد أثارت جملتها الريبة والشك في نفس العشيرينية الشقراء كما أشعرتها بتوتر شديد من إحتمالية أن تقوم ذات العيون الخضراوتين بفعلة هوجاء تؤدي بهما إلى التهلكة فقالت بتوجس صريح
- إياكِ أن تعيدي نشر التغريدة...لا تدخلي في الصورة أبداً...أنا أساساً لا أفهم كيف لا تشفقين عليها
عندئذٍ تنتشر في المكان ضحكات هيسترية متقطعة من شفاه إستيرا ثم تتبعها بالتصفيق الحار و كأنها تشاهد إحدى المشاهد الكوميدية المضحكة على إحدى المسارح مكررة بسخرية كلمة الشفقة ثم تنهض تاركة بينار المتعجبة جالسة على طاولة القهوة بينما هي نهضت جالبة من حقيبتها إحدى لفافات السجائر لتشعلها و تنفخها في الهواء
- لتحترق دنياها فوق رأسها و لن أشفق عليها...لم يكن عليها أن تفعل هذا و تتباهى أيضاً...لنرى إذا كانت ستستطيع رفع عيونها في الناس بعد الآن
و لأن المسكينة الشابة لا تفهم ألغاز إستيرا العجيبة تلك أبداً و لأن كل ما تعرفه عن أدا هو أنها طبيبة نفسية فالخطأ الوحيد الذي قد تكون إرتكبته في حق إبنة عائلة آركان هو فشلها في معالجة شخص قريب من إستيرا
- ألهذه الدرجة لم تنجح ؟
- بل نجحت نجاحاً باهراً...نجاح لم أرى مثله طوال حياتي... سرقت حلمي في رجفة جفن و تباهت به و هي تنظر بعيني...صدقيني يا يبنار لا يستحق الشفقة أحداً بقدري في هذه اللعبة
هذا هو تماماً ما صرخت صاحبة غابتي الامازون مبدية لنفسها كامل الحق في الإنتقام ممن بدأت و تسللت من أمام عينيها سارقة رجلها بلا إهتمام أو فضول لأجوبة آخرى أومئت الشابة برأسها ببطء ثم نهضت لتجمع ثمن فعلتها التي نفذتها و تضع الأوراق البحثية داخل حقيبة الظهر الخاصة بها ثم يتبعها هاتفها الخلوي قبل أن تغلق السحاب و ترفع الحقيبة الخلفية إلى ظهرها إستعدادا للرحيل حتى إنها كانت قد سارت عدة خطوات نحو باب الغرفة لو لم تعود معلومات أدا التي عرفتها تجري أمام عينيها مجدداً و بالتحديد ذلك الحبيب الذي قرأت صديقتها تتحدث عنه في إحدى التعليقات و توقعاتها التشاؤمية حول كم ستفجر تغريداتها القنابل في الوسط بين هذان الإثنان
- سمعت أن لها حبيباً أيضا و الرجال في عالمنا التركي غضوبة للغاية يعني لكي لا ينفصلا هما بحاجة إلى معجزة
و بعدها مباشرة فتحت الباب ببطء كي تعبر منه إلى الخارج مغلقة إياه ورائها تاركة المجال أمام أفكار ذات الشعر البني في التصاعد الهيستيري نحو خيالات شديدة الحميمية تجمعها بدينيز...سيرقصا سوياً على شاطيء البرازيل ثم يطيرا إلى إحدى الملاهي الليلية في أميركا و بعدها سيركع ليطلب منها الزواج من فوق قمة سانت موريس بإيطاليا...ستصرخ بالموافقة ثم تذهب و خاتمه في يدها يتلألأ إلى منزل أدا...ستنتقم بحق كل كلمة أحبك نطقها لغيرها...ستجعله يحفر إسمها وشماً على صدره...ستتغير حياتها كلها بعد هذه التغريدة
- لكي لا ينفصلا هما بحاجة إلى معجزة...و نحن لسنا في زمن المعجزات!
...............................................................

Aşk Adasıحيث تعيش القصص. اكتشف الآن