٣ | طيور الهاربيز

1.7K 139 78
                                    

الفصل الثالث

وتيرة دقات قلبه تسارعت بشكل ملحوظ لتصبح وكأنها مطرقةٌ حديدية تضرب جسده بعنف، وأزداد مستوى ضخ الدم في عروقه، وسرعان ما تجعدت ملامحه المُرتخية بأنزعاج طفيف ثم حرك جفونه لتتلقى ضوء الشمس الذي تسبب في منعه عن الرؤية لعدة لحظات. ما إن أعتادت عينيه على درجة الضوء حتى حرك جسده، ورفع جزئه العلوي بثقل، أستطاع أن يُجيل النظر حوله، ولكنه لم يلبث أن عقد حاجبيه وضيّق عينيه بتشوش وأضطراب وهو يرى البحر الأزرق المُمتد أمامه.

أناملهُ لمست الثُرى الدافئ أسفله، فرفع يده ببطء مُحدقاً بالتُراب الذي علق بها. وفي تلك اللحظة شهق فجاءةً لشعوره بذلك الألم الحاد الذي باغته وأخذ يفتك بكل خليه تقبع داخل عقله، الذكريات تدفقت إلى عقله سريعاً وعصفت برأسه تماماً كسرعة ضخ الدم بعروقه لتسري بعدها رعشةٌ خفيفة على طول عموده الفقري.

«لا زلتُ حياً..» همس بصوت آجش إثر أستيقاظه تواً «لم أمُت..» أسترسل مصدوماً وهو يحاول أن يستوعب ما حل به، فَرَقَ ما بين شفتيه قليلاً وهو يُحدق بأشعة الشمس الحارة المُنعكسة على مياه البحر الزرقاء. رمش عدة مرات مُتسائلاً بأنفعال «آري؟...» ألتفت برأسه يميناً ثم يساراً يتنقل بقزحتيه في الأرجاء باحثاً عنها وحينئذٍ جَحُظَتّ عينيه بصدمة فقد كانت آري ترقُد بجانبه، مُضجرةً بدمائها القانية التي لوثت ملابسها، أنفاسها بدت ثقيلةً جداً وكأنها تُعافر لأجل إلتقاط بعض جُزيئات الأكسجين، وجنتيها تكسوها حمرةٌ خفيفة.

نقل نظره نحو بطنها، تحديداً الجهة اليسرى من خصرها، حيث كان مصدر الدماء المُتدفقة. أزدرد لُعابه وهو يَمُد يده نحوها ليُزيح ثيابها قليلاً بحذر ليكشف عن جُرحها والذي ما إن رأهُ حتى صعق تماماً! صاح مشدوهاً «سُم الزينيف!»

ذلك الجرح كان عبارة عن أربع خطوط غائرة طويلة تسببت بها مخالب الزينيف الباترة التي تحتوي سُماً قاتلاً، أقترب منها وضغط بأصابعه على الجلد السليم المجاور للجرح مما تسبب بتدفق اللون القاني منه مجدداً. أنكمش فكه عندما رأى ملامحها المُرتخية التي تجعدت بألم جراء حركته.

قام بهزها برفق، وحاول إيقاظها مُنادياً أسمها عدة مرات، صفع وجنتها بلُطف مُردفاً «آري، هل تسمعيني؟» ولكنها لم تستجب له.

«سحقاً!» أبتعد عنها غاضباً وخلع معطفه الأسود الطويل ذا الطبقات الجلدية ورماه جانباً، ثم قام بتمزيق كُم بدلته الكشميرية الداكنة، وضع قطعة القماش على جرحها، وضغط بيده عليها قليلاً ليوقف النزيف. لَمَسَ جبينها بيده الأخرى ليستشعر تلك الحرارة المُنبعثة منها، وقد شعر أنها تحترق حرفياً «هذا سيء!»

أنتصب واقفاً من مكانه بصعوبة فجسده يؤلمه بشدة، تلفت حوله ماسحاً المكان بسرعة كبيرة، لعله يستطيع معرفة المكان الذي هما فيه. ولكن ذلك لم يُجدي نفعاً إذ أنه لم يجد شيئاً مُميزاً فعلى ما يبدو أنهما على جزيرة مُتطرفة، تقع في منتصف البحر وتلفها المياه من جميع الجهات.

ڤيكسن | أنثى الثعلبDonde viven las historias. Descúbrelo ahora