٧ | الأخوات جِرايّ آي

930 85 21
                                    

بعيداً جداً حيث لا صوت يُسّمع، ولا نور يَسّطُع.
حيث الظلام هو السيد والنار هي الإله المُقدس.

هُناك في أعماق الأرض، في جوفها حيّثُ نَعتقدُ أن الجحيم مُتأججّ ومُسّتَعر النيران، مملكةٌ صغيرةٌ تقبعُ في أعمق الظُلمات وأقذر المراتب، تُغطى السماء فيها بلون الليّل الأسود الداكن، ولا يهطِلُ المطر عليها أبداً.

وعلى الرغم من أن فترة الظهيرة لم تنقضي بعد كان قرص الشمس يكاد يختفي خَلف أكوام من الغيوم الداكنة الكثيفة، وكان القصر المَنشود يرقُد تحت ملاءات من الضباب الأزرق والأشعة الصفراء، هُناك حيث تتلاشى ملامح الحقيقة خلّف ستار الخديعة، ويتربع الجحيم بحلته المشعة وجماله الكاذب.

كانت ”عينٌ عملاقةٌ زرقاء تحملها أجنحةٌ بيضاء هي الشعار الذي يلوح في الأفق مُكتسيةً كل شبر من أسوار القلعة ذات الجدران الصخرية شاهقة الأرتفاع، وحولها أنتشرت هالةٌ مُرعبة تَبُثّ رعباً عظيماً في النفس، وقشعريرةً باردة تسري على طول عمودك الفقري.. تَزحفُ لأعلى.. ورُبما لأسفل.. وبسبب العتمة التي تكتنف زوايا القصر تبدأ الرَجفة تُصيب جسدك ببطء.

ومن ثُّم تَتسائل...

ما الشر الذي يكمُن تحديداً داخل أسوار تلك القلعة؟

يُقال أن «الشر غذاء للشيطان والشيطان منبع للشر.» ولكن هُنا في هذه المنطقة الأمر مختلف كُلياً، هُنا مَنبعُّ الشر ليس الشيطان بل السـاحرات جِراي آي، قيل أنهُنَ أخبث من وجد على الأرض وأكثرهن تمرداً وفُجوراً، حتى شيع أنهن التجسيد المُطلق للشر.

يتغذيّن على الكُره، الحقد، الحسد، الخيانة، الخداع والآف المشاعر السيئة والسوداء.

هُنَّ ثلاث شقيقاتٍ عُميّ يُغطين أعينهن بعصابة قماش بيضاء، ومعهن "عيّنٌ زرقاء" واحدة يحملونها في كل مكان يذهبن إليه، كانت العين تمر بينهن في استخداماتها، سر تلك العين أنها تعد مصدراً لكل المعلومات في الماضي والحاضر والمستقبل على حدٍ سواء. وبسببها لهن كافة المعرفة عن السحر والشعوذة وكذلك لديهن معرفة كبيرة بجميع أسرار العالم والمخلوقات السحرية.

كان قصر الرعب يقبع رابضاً على أرضٍ واسعة تملاؤها الحشائش الصفراء وتحيط به أشجار الزيزفون والسنديان كأنها حراسٌ أشداء منذ قرونٍ مضت. الفوانيس الصفراء المُعلقة في أنحاء المكان قد أنعكست أضوائها على النباتات الخضراء التي أصطفت بأنتظام على جانبي ممرٍ حجري يؤدي إلى بوابة القصر العملاقة بينما الرياح الباردة قد جمدت مياه النافورة الرخامية التي توسطت الحديقة وحولتها لصقيع، والنوافذ الزجاجية العملاقة مغطاةٌ بطبقةٍ رقيقةٍ من الثلج المُتطاير في الهواء.

وبالقرب من النافورة كان يقف غُرابي الشعر بملامح غير مقروئةٍ واضعاً عصابةً رماديةً على إحدى عينيه، كان يُحدق نحو الخواء شارداً، بينما ينزلقُ العرق البارد على جبينه، جحوظ عينيه عبر عن رعبه وكم هو خائفٌ ومذعورٌ. خلل أنامله الشاحبة داخل خصلات شعره، وجذبها للخلف قليلاً، أغمض عينه مُستمعاً لتلك الأصوات الخافتة التي تتناهى على مسامعه، رأسهُ ثقيلٌ ومنهك، يشعر أنه لا يستطيع فتح عينه، بدأ شريط ما حدث بالدوران داخل رأسه المنهك، أنه ليس بحاجة لتذكر هذا الآن، لقد فقد عيناً بسبب المتثعلبة التي يسعى خلفها، ورغم كونه فشل في القبض عليها للمرة الثانية إلا أن هذا ليس سبب أنزعاجه، فظهور توأمها الروحي هو ما يكدر مزاجه! لم يكن ينبغي أن تقابل توأمها الروحي مطلقاً.

ڤيكسن | أنثى الثعلبWhere stories live. Discover now