١٣| مرآةٌ زجاجيةٌ

307 25 14
                                    

أرتَطم الفُولاذ بالمعدن، وتَجلجلتّ الأصوات الصاخبة عالياً في ساحة تدريب الجيّش العَسكريّ، وهُناك كانت هايزل تُبعد خصلات شعرها المتناثرة والمُلتصقة على وجهها بسبب تعرُقها، عيّنيها بَدت غائرةً من فرط الأرهاق وهي تُحاول جاهدةً إلتقاط أنفاسها الهاربة. وعلى الرُغم من ذلك كان يقِفُ القنطّور مُنتصباً أمامها، بهالته الطاغية، ضَجّرٌ داخلياً ولا نية له بالتهاون ولو قليلاً معها، وعندما لاحظ تشتُتها الذي دام لهنيهةٍ قام بضرب كاحِلها الأيسّر بسيّفه الخشبي، وبسبب ذلك سقطت أرضاً وأفلتت سيفها الخَشبيّ الذي أرتمى بعيداً عنها.

إنبَثق صوت غيّهب بسُّخرية لاذعة «لم تستطيعي الصمود أماميّ لعشر دقائق حتى..»

في تلك اللحظة جمحتّ برأسها للأعلى، وتكرمش وجهها بأزدراءٍ «هذا لأنني لا أحتاجُ سيفاً غبياً لأطيح بك، أستطيع أستعمال نيراني وستُصبح عندئذٍ حصاناً مشوياً!»

مقلتيّه المُعتمتيّن ذات النظرات الباردة توسعت لثوانٍ معدودة بسبب ردها الساخر الذي لم يتوقعه، ومن الجُرأة التي تمتلِكها تلك الصغيرة، فالجميع هُنا يهابهُ، ولا أحد يستطيع أن يرُد عليه أو يعصيّ لهُ أمراً.

ضحكةٌ باردٌ متكلفةٌ هربت من بيّن شفتيه "في المرة القادمة رُبما يجّدر بكِ أستعمالُ عقلكِ أكثر من لسانكِ السليط، الأمرُ لا يتعلقُ بقوتكِ، يجبُ عليكِ التفكير جيداً ودراسة كل حركة يقوم بها خصمُكِ قبل الإقدام على أي خطوة، هذا سيجعل فُرصتكِ في الفوز أكبر.." هز كتفيه مُتمللاً «تذكري.. الأغبياءُ يخسرون دائماً...» وبعدما أنتهى من كلامه مد يدهُ نحوها ليساعدها على النهوضّ، ولكن الجالسة أرضاً لوت شفتها بتفكيرٍ وهي تُحدق بيده الممدودة نحوها، وفي نهاية الأمر تجاهلتهُ ونَهضت بمُفردهاتم.

تمايلت عندما داست على قدمها اليُّسرى بسبب شعورها بألمٍ طفيفٍ غزى كاحِلها، تأوهت ولكنها حافظت على ملامح وجهها المُتمردة والغير مُبالية، فهي لا تُريد أن تبدو ضعيفةً خصوصاً أمامهُ.
قالت وهي تنُفض التراب عن ثيابها «أنا لستُ غبيةً!»

نظر الآخر نحو يدهُ المعلقة في الهواء التي تمّ تجاهُلها تواً، ولم يستطع منع تلك الأبتسامة الغامضة التي رُسِمت على شفتيه، أعاد يدهُ وخللها داخل خُصلات شعره الطويلة جاذباً إياها إلى الخلف قليلاً «ضعي قليلاً من الثلجّ على كاحلكِ؛ لئلا يتورم.»

ولم ينتظر القنطور أن يسمع ردها فأستدار مُغادراً «يُمكنكِ أن ترتاحي قليلاً، أراكِ غداً يا صغيرة.»
غمغت هايزل بكلمات مُبهمة وساخطة، ولكن في قرارة نفسها كانت تعلمُ أن كلامهُ صحيحٌ كُلياً، فهي لم تستطع الصمُّود أمامه أو حتى صدّ ضربات السيّف الخشبيّ التي تركت عدة كدماتٍ ورضوض في أنحاء عديدة من جسّدها، آنذاك مررت أنامّلها على ذراعها، أسنَدت ظهرها نحو جِدارٍ حجريٌّ خلفها، وزفرت هواءً كان يخّنقُ رئتيّها.

ڤيكسن | أنثى الثعلبWhere stories live. Discover now