٢ | كائنات الزينيف

2.2K 197 101
                                    

الفصل الثاني

«موندهيلو، المَرفأ البَحريّ.»

سار بمُحاذاة الطريق الغير مُبعد المكسّو بذرات الثلج مُمتطياً ظهر حصانه الأسود، وما أن لاحت له غايتهُ حتى قام بشَّد لجام حصانه ليُبطئ من سرعته وعندما توقف تَرَجل من على ظهره وربط لجامه لأحدى جذوع الأشجار الجافة والتي تبدو دائماً كغيلان قبيحة عارية في ذلك الوقت قارص البرودة من السنة.

رفع ذراعيه وأزاح قلنسوته السوداء التي كانت تُخفي ملامحه الحادة المُتعبة وخصلات شعره الفضيّة المميزة، مسح وجهه بكفه الأيمن، ثم عايّن ميناء 'خُوريو' بعينيه الزرقاوتيّن الجامدتين، والخاليتين من الحياة. كان الميناء مزدحماً بالمسافرين وأمتعتهم، المراسي مُمتلئة بالسفن والباخرات المصفوفة والمتراصة بنظام بالقرب من الأرصفة الخشبية، إذ كانت تستعد بعضها للمغادرة، فيما كانت سفنٌ أخرى تقوم بتفريغ حمولتها من البضائع أو الركاب.

تنقل بنظره بين البحارة اللذين يرتدون سراويل رمادية قصيرة فضفاضة تصل إلى أسفل الركبة مباشرة، وجوارب طويلة من الصوف، وقمصان رمادية مصنوعة من الكتان ذات ياقة قصيرة زرقاء بحواف بيضاء اللون، وقبعات بيضاء دائرية تعتلي رؤسهم.

كان المتواجدون في الميناء ينظرون نحوه بنفور وخوف أستطاع رؤيتهُ في أعينهم بسبب لون شعره الذي يُعتبر خَطِيئةً في نظرهم، تنهد مُنزعجاً، رفع القلنسوة لتُغطي خصلات شعره مجدداً، وأشاح وجهه بعيداً متجاهلاً كم النظرات الكارة الموجهة نحوه، أغمض عينيه لثويناتٍ وسحب نفساً عميقاً يستشعر الهواء الذي أحس به بات نقياً وخفيفاً، أستنشق رائحة البحر الباردة المُحببة إليه والتي ضخت في جسده جرعة من النشاط رغم كونه مُتعب، جائع، ونَعّس.

فقد أستغرقت رحلته ستاً وعشرون يوماً وليلة للخروج من مملكة موندهيلو والوصول لمرفأ خوريو البحري، كانت رحلتهُ متعبةً، وقد إستنزفت مُعظم طاقته. ورغم ذلك كان يعلم في قرارة نفسه أن الكثير من المتاعب تنتظره خلال رحلته القادمة.

رفع يده اليسرى نحو سماء الشروق عندما أستشعر كنسات الثلج التي بدأت بالهطول وملامسة بشرة وجهه العارية، ضيق عينيه وهو ينظر نحو الأفق البعيد، كانت الشمس لا تزال مُنخفضة، تنشر خيوطها البرتقالية في السماء، وعلى نحو غريب قد بثَّ قشعريرة خفيفة سرت على طول جسده بدت سماء شروق هذا اليوم مشبعة باللون الأحمر القاني.

وأثناء إنغماسه في تأمل ذلك الشروق صوتٌ أنثوي أمتلك بحةً مميزة قد قطع حبل أفكاره مُعيداً أياه للواقع «السماء الحمراء في الليّل تكون مدعاة للبهجة، والسماء الحمراء في الصباح تُنذر بالخطر.» أنهت حديثها بأبتسامة زينت شفتيها المُكتنزتين «مرحباً أيها الغريب، أُدعى آري، كيف أستطيع مساعدتك؟» مدت يدها نحوه لتُصافحه، ولكنه لم يصافحها بل نظر نحوها متفحصاً إياها من رأسها لأخمص قدميها، كانت ترتدي ثياباً صبيانية مُشابهة لما يرتديه أولئك البحارة.

ڤيكسن | أنثى الثعلبWhere stories live. Discover now