الفصل الثانى ..🌸

291 19 9
                                    


"لن يلتقى ساكنان .. على احدهما التحرك .. وانا قد اتخذت قرارى ب"العدو" نحوك أميالاً .. فهل "مشيت" انت نحوى خطوة ؟؟!"
"يمنى"
====
هبط سفيان مع فيروز الدرج جنباً إلى جنب .. عيونهم فوق هؤلاء الذين يتبادلون البسمات و الضحكات .. و الفرحة بعودة رائد ..!
رائد الذى انصاع لرغبة جدته و أكمل تعليمه بالخارج .. ليمكث بعدها فترة لا بأس بها هناك .. لا لشئ سوى لرغبته بعدم العودة ..!
ولماذا لا يريد العودة .. ببساطة لانه يعلم عواقب عودته و التى ستكون بمثابة رياح عتية غريبة النشأة على ربيع روحه الرتيب ..!!!
و مع ذلك تأبى الرياح الا ان تجرى بما لا تشتهيه سفننا ..!

ظهرت فيروز أعلى الدرج جوار سفيان مما استدعى نظرة لامبالية من رائد الذى كان يجلس الان جوار جدته و أمه ..!
نظرة اشتعلت لأول وهلة قبل أن تخبو بحرافية وهو يجيد رسم تعبيراته التى أصابت قلبها ..!
فبقيت على خطواتها المتباطئة على الدرج .. إلى أن توقفت تماماً فى منتصفه .. بينما اكمل سفيان طريقه نحو اخيه الذى اشتاقه ..!
فاستقام -صاحب العينين الفاتحتين و الملامح الوسيمة التى لا تخلو من جدية- واقفاً وهو يستقبل سفيان محتضناً إياه .. وهو يهمس جوار اذنه :
_وحشتنى اوى .. يمكن اكتر حد وحشنى ف العيلة دى .

ربت سفيان على ظهره ثم قال بنبرة لا تخلو من عتاب :
_والله انت اكتر .. بس محدش قالك اقعد كل ده ف الغربة وانت عارف اننا مستنينك .

ابتعد رائد عنه ناظراً له بابتسامة ثم قال :
_عامل ايه يا سفيان .
_الحمدلله .. اهى الحياة ماشية .

نظر له رائد نظرة فطِنة .. سبر بها اغواره قبل أن يربت على كتفه بحزم حانى .. ليجلسوا متجاورين بعدها و ينشغلوا وسط دفء العائلة التى احاطهم ..!
غافلين عن تلك التى رمقها رائد بنظرة اخيرة مُختلسة لم يلاحظها أحد ولا حتى هى ..!
قدماها اللتان كانتا تسابقان الرياح لتتخطى تلك الخطوات البسيطة التى تفصل بينها وبينه .. صعدت نفس تلك الدرجات ولكن عكسياً هذه المرة ..!
تصعد نحو الأعلى دون أن تستدير بل عينيها معلقتين بالمشهد أمامها .. و خاصة لرائد الذى حتى لم ينظر إليها نظرة واحدة -على حد قولها- ..!
اخيراً استدارات لتصعد .. مهرولة فوق درجات السلم .. تناشد غرفتها الآمنة لتنجدها من كل هذا الذى تحياه ..!!!
وبالطبع .. تلك الحرب الصامتة لم تخفى عن عينى جدتهم التى كانت تقبع فوق كرسيها المتحرك الان .. و عينيها فوق الجميع .. لا تترك فيهم ثغرة سوى و اقتحمتها ..!
كل نظرة مختلسة .. كل عتاب .. كل شئ لاحظته بعقلها الفطِن .. قبل أن ينتهى كل هذا بصعود فيروز الدرج ..!!
هنا اغمض رائد عينيه بشدة .. كمن يقاوم حملاً جاثماً فوق صدره .. ومن ثم ....
فتحهم لينخرط مع الجميع وكأن شيئاً لم يكن ...!!
=====
_تعالى يا حبيبى .
صدرت عن والدة رائد بترحاب شديد وهى تمسك بيده ليدخل معها غرفتها .. ومن ثم جلسوا فوق طرف الفراش .. لتمسك هى بكفيه وهى  تتطلع لملامحه باشتياق جارف .. لتقول بعدها بصوت مختنق بكاءً :
_وحشتنى اوى يا رائد .. وحشتنا كلنا يا حبيبى .. كنت عامل ايه طول السنين دى بعيد عننا .

ربيع بلا وردات | دنيا محمد Where stories live. Discover now