١ | الفَريسةُ تصطاد

2.1K 224 83
                                    

الفصل الأول

«الجُزء الجنوبي، موندڨيرانا»

يقف مُتأهباً، يحث خطواتهُ المُتثاقلة على التحرك ببطء وهدوء دون أن يصدر صوت فحاسة سمع عدوته قويةٌ للغاية. يُصغي بإمعان لكل صوتٍ طفيف يصدُر من حوله، توقف قليلاً، تأوه بألم وهو يجز على أسنانه، كَتفهُ اليمنى قد أُصيبت بجرح بليغ فتلك المُتثعلبة قد غرزت مخالبها عميقاً في عضلات كتفه وأحدثت ضرراً بليغاً بها أثناء إلتحامهما معاً.

إستند إلى جذع شجرة ما، أخرج نفساً حاداً، وضغط على كتفه المُصاب الذي لا يزال ينزِفُ دماً بغزارة، خلع معطفه الطويل ذا الياقة العالية الغليظة وقام بتمزيق قطعة قماش من المعطف ثم ألقاه أرضاً وربط كتفه بها ليوقف النزيف قليلاً. كانت بدلتهُ الكشميرية الخضراء مُمزقةً وملطخةً بدمائه وجلده المتضرر والمُمتلئ بالجروح ظاهرٌ من بين شقوق ثيابه المُمزقة، وخريطة من الدماء تغطي هيئته القذرة.

زفر الهواء من رئتيه وكأنه يريد أن يَلفّظ الألم الذي يفتك به خارج جسده، وأحكم إمساك بندقيه ذات الرصاص الفضيّ والذي سيُردي فريستهُ صريعةً فوراً أمامه كما يظُن.

تلك الثعلبة الماكرة!

هو صياد، ولكنه ليس صياداً عادي إذ لم تكُن فرائسهُ من الحيوانات المُفترسة ذات الناب. كلا، أن فرائسه في حقيقة الأمر مخلُوقاتٌ يظنها أغلب البشر أسطورة، فهو يستهدف الكائنات المتحولة التي تشكل تهديداً للبشر، ويسعى خلف الوحوش.

صاح بصوتٍ جهوري حتى تتمكن من سماعه «لا جدوى من الأختباء، أيتها الثعلبة، فعاجلاً أم أجلاً سأجدكِ.»

في تلك اللحظة سمع صوت تحرك أغصان الأشجار من خلفه، فأستدار سريعاً، ضيّق عينيه وهو يبحث عن مكان إختبائها. آنذاك باغتتهُ من خلفه بركلك قوية في منتصف ظهره جعلتهُ يفلت بندقيتهُ لتسقط أرضاً على بعد ما يقارب المترين ويهوي مُحتضناً أحدى الأشجار التي كانت أمامه، قوة ذلك الأصطدام كانت كفيلةً حتماً بكسر أنفه!

أخرج زمجرةً مُتألمةً وهو يشعر بأنه يكاد يفقد وعيه، فكل شيءٍ بات يدور من حوله. دنا نحو الأسفل ببُطء مُمسكاً رأسه بكلتا يديه، يجثو على ركبتيه وألمٌ فظيع ينهشُ خلايا جسده. حاول الوقوف على قدميّه، وما إن كاد يفعل حتى ركلته بقوة في منتصف صدره جعلته يسقط على ظهره مطلقاً صرخة حادة متألمة.

آنذاك قزحيته الكستنائيتان قابلت خاصتيها المُشتعلتين، حيث أصطبغتا بلون أحمر داكن مُخيف قد بثَ في نفس الصياد خوفاً عظيماً، علم أنها تشعر بالغضب، وذلك ليس أمراً جيداً البته!

جسدهُ بات يرتجِفُ، وتفكيره أصبح مُشوشاً، ورغم ذلك حاول تمالك نفسه وحرك أناملهُ المُرتعشة ببطء وحذر من أن تكشفه ليحسب سكينه الفضيّة من جيبه المُعلق على فخذه الأيمن، وفي تلك اللحظة دنت نحوه، وأبتسامةٌ ماكرة زينت شفتيها المُكتنزتين، بينما كان يتنفس بصعوبة جراء ضغطها على صدره بقدمها. خللت أناملها الطويلة بين خصلات شعره البُنية وفجأةً جذبتها بقوة حتى شعر أنها تكاد تقتلع فروة رأسه.

ڤيكسن | أنثى الثعلبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن