الحلقة السابعـة | زواج

5.8K 248 29
                                    

الحلقـة السابِعـة| روُايـة عطـر الرُوحِ.

٧ | إعتذار وزواج

__

الساعة الواحدة والنِصف ظهرًا.

كانت فرح لم تعلم بما حدث من أحداث دِراميـة في حياة زياد، لأنه نسى أن يقص عليها ذلك، ولكنها ذهبت كما وعدتهُ أمس لتحدث مع أختهُ كارمـا ..
إلا أنها حين أنتظرتها وجدتها تتسلل إلى الباب الخلفي للمدرسة، وتصعد بسيارة أحد .. وكانت مع رَجُل غريب!

شعرت بالقلق، فهي لم يسبق لها أن علمت من كارما بأنها تحب شخص ما، ولكن ملامح هذا الشخص غريبة .. وَمُخيفة.
لتصعد بسيارتها وتسير خلف هذهِ السيارة بِكُل حذرَ حتى توقفت السيارة أمام بِناية كبيرة .. وهبطت معه كارما.
لاتعلم ماذا ستفعل؟ ولكنها أخذت رقم نُوارة من زياد
بعد إلحاح طُويل، لتقوم بمهاتفة نُوارة على الفور

_

كانت تجَلس بغرفتها تنظُر إلى سقف الغرفة تتحدث مع نفسها بهدوء:
- طب لُو سبت البيت محدش هياخُد بالهُ، لأ محدش أبدًا يعني ..
ثُم تنهدت:
- ولا حتى جاسر ..
وقبل أن تُعاتب نفسها على تذكُر ذلـك الوقـح! رن هاتفها برقـم مجهُول ..
لتتنهد وهي ترفع الهاتف وتُجيب:
- ألو .. أيون أنا، آه .. إيـه!
ثُم أكملت بقلق وهي تنهض:
- طيب قوليلي العنوان أو أبعتيه برسالة بسرعةَ.

__

وقف سائق التاكسي أمام البناية التي أخبرتهُ عنها نُوارة، لتعطيهِ أجرهُ وتهبط من السيارة تتلفت حول نفسها .. هي قلقت على كارما، لاتعلم ماذا تقول إلا أنها طِفلة، والخوف عليها واجِب!

_ إنتِ نُوارة ؟
أستدارت على آثر صوت أنثوي خلفها، لتجد فتاة متوسطة الطُول، ذات شعر بُني قصير، و وَجنتيها بهما حُمرة طفيفة من الشمس .. لتقول نوارة:
- أيون أنا .. إنتِ فرح ؟
- آه .. بُصي أنا كلمت البواب وقالي على شقة الراجل ده، بس أنا مش مطمنـة، الراجل سمعته وحشة وخايفة يكون عمل حاجة في كارما.
ليسقط قلب نُوارة من القلق والذُعر، لتهدأ قلبها بذكر الله، لتقول لـ فرح:
- تعالي نطلع وإن شاء الله ميكُونش حصل حاجة.

صعـدا سَويَّـا، وقبل أن يصعدا طلبتَ نُوارة من حَـارس البناية بأن يكون خلفهم، وإذا حدث شيء يستدعي أي شخص أو يتدخل هُو ليتقذ المُوقف.

دقت نُوارة الباب بخفوت، وحين لم يأتيها رد .. ظلت تضرب الباب بشدة فتح الرجُل أثرها، لتقول نُوارة على الفور:
- فين كارما؟
_ إنتِ مين ؟

تحدث معها بهمجيـة، لتبدأ بِمُناداة كارما بصوتً أعلى، لتظهر كارما خلفهُ، لتمسكها نُوارة بقوة من ساعدها .. ولكِن كارما نهرتها بقوة قائِلة:
_ أبعدي عنيّ.

ولكن لم تهتم نوارة بل جرتها خلفها، حتى خرجـا من البناية بأكملها، لتتنهد فرح قائِلة بقلق:
_ أنتِ كويسة ياكارما؟
لتصرخ بهما كارما بحدة؛
- أنتُ مالكُم؟ إيه اللي جايبكُم هنا! هـا.

لتقول نوارة بغضب:
- عايزة أفهم دلوقتي مين الرجل اللي كان فوق ياكارما؟
ثُم تسآلت :
- وإيه اللي كان بيحصل؟!

نظَرت لها كارما نظرات بلا تعبير، لتطلب نُوارة من فرح أن ترحل وتتركهما بمفردهما .. سارا سويًا وكانت نُوارة صامتة أغلب الوقت حتى وصلا إلى حديقة خالية من البشر.


طلبت منها الجُلوس، لتتحدث:
- إحنا بقينا لوحدنا، أتكلمي!
لا إستجابة، لتتنهد نُوارة قائلة:
- عارفة إني غريبة عنكَ ياكارما وأن وجودي عَمرهُ ماهيملي مكان مامتك، بسِ لغاية دِلوقتي تقدري تطمني، أنا عمري ماهأذيكِ .. ممكن تقولي كل حاجة وأوعدك كل اللي بينا هيبقى سر!

نظَرت كارمـا بحيرة إلي نُوارة ثم نظرت إلى الأمام، قائلة:
- بعد وفاة ماما، بقيت لوحدي، بالمعنى الحرفي لوحدي.. مبقاش حد جنبي، زياد مشغول في كليته، وأنا مكنش ليا صحاب .. ماما كانت كل صحابيِّ، وكانت الوحيدة اللي بيحكيلها كل حاجة ، بعد ما ماتت انا بقيتَ محتاجة أبعد، وكلمت واحدة معايا في المدرسة، عايزة أي حاجة تخليني أبعد، أكون آه وسط الناس بس مش معاهم برضُوا.
فـ قالتلي عن واحد بيبيع حبوب، بتخلي الواحد غايب عن الوعي في نفس الوقت فايق.
ثُم نظرت إلى نُوارة:
- كنت بغيب لما البنت بتوريني الحبوب، مكنتش باخد، وكنت مترددة جدًا، وفضلت أفكر كتير .. بس لما عمي جاسر ضربني إمبارح وملقتش حد جنبي أحكيلي إني مخنوقة، وأن أنا لوحدي .. فكرت إني عايزة أبعد ومش عايزة حد معايا ..

لتقول نوارة:
- هي الحبوب دي مخدرات صح يا كارما؟
أوُمأت، لتردف نوارة بعد برهة؛
- مكنتيش خايفة يحصلك حاجة ، مكنتيش خايفة يعمل فيـكِ حاجة!

- مبقتش فارقة معايا ..
لتقاطعهـا نُوارة:
- لازم تبقى فارقة معاكِ يا كارما ، كل خطوة بتعمليها لازم تفكري فيها، فكرك لو حصل حاجة ليكِ، إنتِ هتبقى راضية عن نفسكِ، أبدًا .. عمرك ماهتنسي أي حاجة وحشة حصلتلك إلا لو بدلناها بحاجة أحسنْ..

_ إنتِ صعب تفهميني أنا واحدة، أهلها ماتوا، ومكنش ليها حد خالص، أنا وحيدة ..
- مش مبرر يا كارما، مش مبرر إنك وحيدة تعملي في نفسك كده، كمان إنتِ مش وحيدة، ليه مفكرتيش تتكلمي مع جاسر أو حتى مع زياد .. زياد أخُوكِ وهيفهمكَ..

ثُم تابعـت:
- أوُ حتى أتكلمتي معايا، كأني شخص غريب هيمر في حياتك وهيمشي.
- مبفكرتشَ..

لتربت نُوارة على يـد كارما قائِلة:
- عارفة إني مضيقاكِ بس، أعتبريني عمود نور، وأتكلمي، جماد لاهيرد عليكِ ولاحاجة، هيسمعك وبس.
ثم قالت:
- فكِرك لو حصل معايا أنا كل ده، كان حد هيلحقني ويقف جمبي .. أنا مليش أهل، لا أب ولاأم .. ولا حتى أخُت! كلهم مشيوا .. قوليلي بقى مين اللي كان هيقول لـ نُوارة ده غلط، راجعـي نفسك ..محدش، لأنِي محدش معايا ولاجمبي زيكَ ..
لتقول كارما بآلم:
- لأ يانُوارة ، أنا كنت هقف جمبكِ .. كُنت هسمعكِ.
لتقول نوارة بحُـزن:
- ياريت الكلام ده كان جيه زمان يا كارما ، الواحد كان بيموت لوحده ومحدش كان بيحس بيهِ.
_ أنا آسفة على اللي عملته فيكِ .. مكنتش أعرف إنك كده يا نُوارة .. طيبـة.

__


سمَع جاسر صوت طرقات الباب، ليأتيهِ صوت سكرتيرته نهلة تتحدث:
- جاسـر بيه، الأستاذ دياب برا عايز يقابل حضرتكَ.
ليسندَ جاسر ظهرهُ قائِلاً ؛
- خليهِ يدِخُل!

دلف دياب عبد القادر، مستثمر في شركـة جاسر، جلس بعد أن صافح جاسر بحفـاوة، ليقول على الفور:
- أتكلـم علطول علشان نوفر وقت .. أنتَ فتحت الوصية ولا لسـه؟
- لأ، في شرط سخيف لازم أعمله وبعدها نفتحها.
ليقول دياب بهدوء وثبات:
- أنا مش عايز أعرف إيه هو الشرط، بس عايز أفكرك يا جاسر خطورة تأجيلك لفتحها.
- في إيه يا دياب؟ قلقتني؟
_ بُص، الشركة فيها بدل المُستثمر عشرة صح؟ وأخُوك أكرم الله يرحمه، كان علطول عادل خصوصًا أن في ناس، أشتغلت أكتر منك السنين اللي فاتت.
ليقُول جاسر بعد فهـم:
_ مش عارف أفهـم منك أي حاجة!
_ هوضحلك، لُو مكنتش الوصية مكتوبة، كُنا عملنا إجتماع وقررنا مين اللي هيشيل الشركة، وكنا هنشوف من خلال ورق وحسابات الشركة مين اللي قدر يرفع الأسهم وينجح الشركة السنة اللي فاتت .. واللي عمل كده كان عزيز .
ثُم. تَابع:
_ وعلشان كده لازم تفتح الوصية بأسرع وقت، علشان لو أكرم قرر أنك هتبقى المدير وصاحب الشركة يبقى تمام، بس لو في كلام تاني الأمور هتتغير وكمان .. متنساش فضيحة الساحل .. لسه معلقة مع المُستثمرينْ، أنا حبيت أجيلك بنفسي وأكلمك .. علشان تبقى الأمُور واضحة، لو جينا ومفتحتش الوصية بعد ١٠ أيام.

وغادرِ دياب، وترك جاسر يفكر في حديثه، رفع الهاتف ليحدث سكرتيرته:
- نهلة هاتيلي ملفات وصفقات اللي عملها عزيز المنشاوي.

وللأسف عزيز هو ابن عمَ جاسر، والذي لن يتزحزح عن السلطـة مثلهُ.

__

عاد جاسر من العمل وقد نسى كليًا أمر أن يصطحب كارما إلى المنزل، وحين رأها في المطبخ هتف:
- مين اللي جابك؟
هتفت بتلعثم:
- نـ نُوارة.
ليقول وهُو يتركُ حقيبته على الطاولة:
- طيب روحي أندهالي بسرُعة.
_ حـ ..حـاضر.

صعدت بسرعة وركضت إلى غرفة نوارة لتناديها، وحين أمتثلت أمامهُ طلب منها الجلوس، وأوُل ما جلست أمامه، هتف لـها:
- تتجـوزينـي؟


"يُتبع".

__ السلام عليكُم.

__ رائيـكُم في الفصل؟

__ هل نُوارة هتوافق لو سمعت كلام جاسر، طيب جاسر متوقعين يكـدب عليها ولا يقولها الحقيقة؟

_ أماني طارق.

عِطَر الرُوح✅ {١#سلسلة وصية}Kde žijí příběhy. Začni objevovat