_ الفصل الحادي عشر _

6.8K 191 2
                                    

أخترق صوته مسامعهم كالرعد ، ولكن الكلمات كان وقعها أكثر كالنفخ فى الصور الذى احياهم فى لحظة واماتهم فى لحظة اخرى ، او أشبه بوقف الزمن !! :
_ لا بقت مراتى !

لحظات من الصمت هيمنت على الجميع ، تهجمت ملامح ليلى وأسمى وأختلطت الصدمة بالثوران الهائج وهو يستمعون الى كلمة " مراتى " أذانهم تحاول تكذيب ما يلقى عليها ، أصبحت ليلى كجمرة نار متوجهة وأسمى أكتفت بتعابير وجهها الثورانية وكان السبق لليلى فى الصياح قائلة :
_ مراتك ايه !!! ، انت بتهزر صح ! ، لا مهو مش معقول توصل معاك لكده يا أُسيد .. هو ده اللى كنت خايفة منه دلوقتى وضحت نيتها كويس اوى الله اعلم قالتلك ايه واقنعتك بده ، مهى حرباية ليها كذا شكل ولون وبتمثل دور الغلبانة والبريئة

غامت عيناها بالعبرات الحارقة فتلك الكلمات ثقيلة على القلب ، الى متى ستظل بهذا العذاب ، أفرت هى من بطش نيرة وأكرم لتقابل زوجة خالها وابنتها ، سمعت صوته الرقيق هامسًا بجانب أذنها :
_ اطلعى على اوضتى فوق انتى عرفاها

اماءت بموافقة فى أعين دامعة وهرولت مُسرعة إلى اعلى وسط نظراتهم النارية التى تكاد تحترقها أرضًا  ، فتعود مُجددًا ليلى لصياحها الغاضب :
_ مش واضح زعلك على مراتك ، رايح تتجوز وهى مكملتش لسا ست شهور ، لا ورايح تتجوز مين أاااا .......

صرخ بصوت جهورى أهتزت له أركان المنزل أيقظت البركان الخامد بداخله بذكرها زوجته ، جعلهم يقتلعون عن الكلام فورًا فى خوف :
_ جوازى من ملاك ملوش اى علاقة بحزنى على مريم ده حاجة وده حاجة ، قسمًا برب العزة وادينى بحلف اللى هيدايق ملاك بحاجة هتشوفوا أُسيد اللى انتوا عارفينه والكلام بذات ليكى يا أسمى هانم .. بقت مراتى خلاص واللى هيوجه اى اهانة ليها كأنه بيهنى انا وصل الكلام يارب اللى حصل دلوقتى ده ميتكررش تانى

سمعت صوته فى الغُرفة ، أرتعدت اوصالها وفقدت القدرة على التحرك ، كان هذا أخر شئ تود حدوثه أن يرفع صوته على والدته واخته ، ستفتر العلاقة بينهم بسببها ، عاتبت نفسها وأنبها ضميرها ، أين كان عقلها حين وافقت على هذا الزواج الذى لن يجدى نفعًا لاى من أطراف البيت وبالاخص هى ، كان بأمكانها أن تطلب منه المساعدة فى تخلصيها من هذا العذاب ولكن عن طريق ترك البلاد ، ترك كل شئ خلفها تعيش فى مكان جديد بحياة أفضل لعلها تجد فى تلك البلد الشخص المناسب لها الذى يخرجها من الظلمات ، تكاد الشجون تشق صدرها وتقسع اضلاعها .. خالطتها فكرة مجنونة وهى أن تطلب منه الطلاق بمجرد قدومه !!!!!

بالاسفل تقدمت ليلى ناحية ابنه تتطلع اليه بخيبة أمل وأسف لتهتف بصوت يخالطه البكاء :
_ هتعمل ايه يعنى يا ابن ياسر لو زعلت ست الحسن لتكون هتمد ايدك عليا ، مهو ده اللى ناقص فاضل ايه بعد ما تعلى صوتك وتهددنى ، روح خليها تنفعك اللى بتعصى امك علشانها دى

لتسدير وتتجه نحو غرفتها والعبرات تنهار على وجنتيها  لترمق أسمى اخيها نظرة غاضبة ولا تختلف كثيرًا عن نظرة والدتها ، ثُم ركضت تلحق بها وكذلك الاخير صعد الى غرفته ليفتح الباب على مصراعيه ويدفعه بعنف ليصدر صوتًا أهتزت له أركان الغُرفة ومعها جسدها الذى أرتجف رعبًا من هيئته المخيفة وعيناه التى تحولت الى كتلة دماء أوشكت على الانفجار ... راقبته وهو ينزع سترته عنه ويلقيها بعنف على الفراش بجانبها ثُم يتجه ليجلس على الاريكة الوثيرة دافنًا وجهه بين ثنايا قبضتى يديه ، ساد الصمت لدقائق طويلة بينهم حتى خرج صوتها المبحوح الذى يغالبه البكاء :
_ كل ده بسببى ، صدقنى لو كنت اعرف أن الامور هتوصل لكده مكنتش وافقت على الجواز ده نهائى انا توقعت انها هتتعصب فعلًا وهتحصل مشكلة بس مش للدرجة دى !

رواية ( أشلاء القلوب ) لندى محمود توفيقWhere stories live. Discover now