_الفصل الأول _

19.8K 291 17
                                    

أنتفضت فى نومتها بفزع ونظرات مُرتعدة عندما رأت زوجها يقف امام وجهها كالوحش الكاسر ويصرخ بها قائلًا :
_ الساعة 11 ياهانم هنفطر على العصر أن شاء الله ولا ايه !؟

جلست على الفراش بخوف وهى تطالعه بنظرة مُنكسرة هامسة بضعف :
_ حاضر يا أكرم هقوم احضر الفطار ! 

أنفجر بها كالغول وهو يجذبها من ذراعها صائحا بصوت جهورى ، ليدفعها بوحشية للامام يجبرها على التحرك :
_ حاضر من مكانك يعنى ، قومى اخلصى يلا غورى على المطبخ هتصحى نيرة تكونى خلصتى الاكل مفهووم

تلألأت العبرات فى عينى تلك المسكينة واجابته  فى خفوت بصوت يعطى بحة مريرة :
_ حاضر !! ، حاضر !

رمقها شرزًا ثُمّ غادر وتركها متصلبة مكانها بأعين سابحة بها العبرات ، أوشكت على أن تفرط بروحها بالفعل من هذه الحياة .. ولكن ليس عساها شئ سوى قول " حسبى الله ونعم الوكيل " حيثُ هو وحده القادر على اخراجها من هذا الوحل الذى تلطخت به ولا تستطيع الخروج منه ! ، أرتدت ملابسها وغلست وجهها وذهبت لتقوم بتحضير وجبة الأفطار ....................

                               ***
كان يجوب الطرق ايابًا وذهابًا وقِسمات القلق والتوتر بادية على وجهه ، يفرك يداه ببعضهم فى محاول لتخفيف التوتر عنه قليلًا وتارة يمسح على وجهه وهو يزفر بحرارة وتارة يعود لفرك يداه مجددًا ، يتدلى من وجهه نظرات خوف بل هلع ورعب خشية على زوجته وطفله الذى على ابواب قدومه الى الدنيا ! ............

أقتربت  منه امه مرتبة على كتفه هامسة بحنو اموى :
_ اهدى يا أُسيد ياحبيبى أن شاء الله هتقوم بالسلامة ، انا اتوترت معاك اكتر ما انا متوترة !

بقلب يسحق تحت الأسى والشجن همهم :
_ أهدى ازاى يا امى انتى عارفة الموضوع كويس ، ربنا يقومها بالسلامة يارب

_ امين ياحبيبى امين !!

دقائق مشحونة بجو مُتذبذب يحمل ذبذبات تبعث فى نفس كُل من الموجودين رجفة شديدة لعلمهم بوضعها ! ... واخيرًا بعد دقائق طويلة خرج الطبيب وهو ينزع قفازات يده عنه فى وجه عابس وحزين بشدة  ، أقترب منه أُسيد اولًا هاتفًا بصوت رجولى مُترقب :
_ طمنى يادكتور خير !

طالعهم الطبيب بأعين مُتأسفة وفى نبرة أسى غمغم  :
_ احنا عملنا اللى علينا بس ده عمرها وقدرها مقدرناش ننقذها للاسف بالاخص انها من البداية كان الحمل خطر عليها !

لملم أشلاء قلبه التى تمزقت للتو على موت رفيقة دربه بعد أن القمه الطبيب بهذا اللفظ حجرًا لم يكن عساه سوى أن يصمت لبرهة من الوقت وهو مغمغض العينين ليهمهم بصوت شبه مُتردد ، يخشى السؤال فيسمع ما يمزق ماتبقى من قلبه :
_ طيب والطفل يادكتور !

فى حزن شديد وألم اجابه :
_ للاسف حتىَ الطفل نزل ميت من رحم والدته !

أحس وكأن ثقلًا يهبط على صدره حتىَ أن انفاسه ضاقت به وكأنه أصبح لا يرى شئ امامه سوى الظلام الدامس ، فكيف لهذا القلب الذى فى حجم قبضة اليد تحمل كُل هذه الصدمات المُتتالية الا يحق له التوقف عن العمل لكى يريح نفسه من النزيف المستمر ! ...............

رواية ( أشلاء القلوب ) لندى محمود توفيقUnde poveștirile trăiesc. Descoperă acum