وضع ذراع التحكم جانباً ليقول بمكر : هو في ايه، مالك المرة دي خسرت جولتين وعادي..دي اول مره تحصل..
تظاهر مالك بالتعب فقال : شكلي عاوز انام، تصبح على خير.
اجلسه فارس بقوة مرة أخرى ليقول بمكر : هاكرر تاني انا ليه شامم ريحة مش عاجبني، هو في ايه يا مالك ؟ مش ده كان كلامك قبل ما تتجوز ندى.
توتر مالك ليقول : وانا كان كلامي ايه بقى ؟!.
اعاد فارس حديثه مقلداً اياه : هاعملها برسمية ، مش هبات معاها بنفس الشقة ، ولا هاعملها حلو..
صمت لبرهة وعاد يُكمل حديثه بنبرة جادة أكثر : لكن اللي بيحصل عكس كده، خلى في بالك الموضوع ده استحالة يكمل.
ابتلع مالك تلك الغصة بحلقه قائلاً بحزن : ليه يا فارس، ليه ميكملش..
لمس فارس نبرة الحزن بحديث صديقه فتحدث بعقلانية :  علشان هو هايفشل من جميع الجهات، من ناحية وعدك مع عمها، من ناحية امك واهلك اللي متعرفش، ومن ناحية.......
قاطعه مالك قائلاً : هاحارب علشانها، هاقف في وشهم..
عقد فارس ذراعيه امامه ليقول : وهاتقدر تقف في وش ماجي، امك يا مالك، هاتتصدم صدمة عمرها فيك.
نهض مالك يقول بعصبية : امي هاتقدرني وهاتحس بابنها، هافضل وراها لغاية ما ترضى عني..
نهض فارس أيضاً ووقف امامه ونظر بعيناه مباشرةً : وندى يا مالك، ندى اللي عايشة في كذبة كبيرة أوي، صعب انها تتقبلها، صعب يا صاحبي الجوازة دي تكمل، محكوم عليها بالفشل من كل النواحي، متغرقش نفسك يا صاحبي.
جلس مالك مكانه بصدمة عندما استفاق على حديث فارس، وعاد ضميره من جديد يعذبه بقوة بعدما اخمده بعشقه لها، ولكن عذاب ضميره هذه المرة كان أشد وأوجع، وضع رأسه بين يديه واغلق عيناه بتفكير، رفع رأسه مرة اخرى يهمس لفارس بحزن : مفيش حل يا فارس؟!..
هز فارس رأسه بنفي، فخرج عن مالك آه تعبر عنه وما يشعر به من الالام تغزو قلبه عندما تجسدت أمامه ملامح الفراق.
.........
وضعت ايلين بفراشها بعدما أبدلت ثيابها، ورقدت بجانبها تحتضنها لتستمد منها القوة والدفئ، وبدأت تتخيل عمار وهو يكسر باب الشقة عليها، دب الرعب بقلبها، لم تعلم من اين لها تلك السرعة عندما جاءت واخذت ايلين، وابدلت ثيبابها واغلاقها باب الشقة باحكام ، وفي اثناء شرودها ارتفع رنين جوالها بوصول رسالة نصية ، اعتدلت في الفراش وجلست تقرأها بخفوت : فاكرة اني هاسيبك، ماشي يا خديجة ، هـ حاسبك على الليلة الي باظت دي.
لم تهتم لتوعده لها بقدر ما اهتمت بتلك النقطة الإيجابية في حد ذاتها، نجحت في فشل تلك الخطبة المشؤومة ، قفزت على الفراش بسعادة ، فتململت الصغيرة بنومها، جلست خديجة مرة اخرى تبتسم كالبلهاء وبداخلها سعادة كبيرة، لاول مرة نجحت بشئ ما، الامر ليس صعباً، ان تحافظ على حبيبها بكل قوتها ليس صعباً، يحتاج فقط لهدوء وذكاء.
..........
دلف لشقته بعد منتصف الليل بخطوات بطيئة وعاد الجمود لملامحه مرة أخرى وذلك بعدما قرر بالانصياع لعقله و اخماد مشاعره نحوها، وجدها تغط في نوم عميق، وجدها فرصة كبيرة ان يستغل الليلة في التأمل بها والتقاط صور عديدة لها، يستغل الليل في البوح بمشاعره لعلها أخر مرة يتحدث بها مع نفسه عن حبه وعشقه لها، رقد بجانبها واحتضنها بقوة مستمتعاً بذلك الحنان الذي ينبعث دوماً منها حتى أثناء نومها، طبع قبلات عديدة على شعرها واغرق وجهه به مستمتعاً بكثافته وعبيره الرائع، جذب جواله والتقط لهما العديد من الصور معاً، لعلها تظل هذه الذكرى لديه ويُمنى نفسه بها في بُعدها عنه..
قضى الليل بأكمله مستقيظاً ولم تغفو عيناه للحظة واحدة ، رأى نور الصباح احتل جزء كبير من الغرفة ، نهض بصعوبة عنها وبدء في جمع متعلقاته واشيائه بحقيبته فاستقيظت هي على صوت جلبة خفيف، فتحت عيناها بصعوبة وراقبته بنعاس، انتفضت من فراشها عندما ادركت انه يجمع ثيابه، اقتربت منه تهمس بقلق : مالك رايح فين، بتلم هدومك ليه؟!.
استدار نحوها قائلاً : اتصلوا بيا وطلبوني، لازم اروح الإدارة فوراً.
تجمعت الدموع بعيناها : يعني انت هاتسيبني ؟ طيب هتتأخر عليا قد ايه ؟
اقترب منها واحتضنها رغم وعوده لنفسه بأن يعاملها ببرود وجفاء، لثم وجنيتها بحنو قائلاً بحزن وكأنه يودعها للمرة الاخيرة : انتِ أكتر واحدة عارفة شغلنا، انا معرفش هارجع امتى ..
عانقته بقوة وهي تبكي : خلي بالك من نفسك، وحاول متتأخرش عليا..
دفن وجهه بعنقها يسرق من الزمن ما يستطيع، لا يعرف ستكرر هذه اللحظة ام لا، حسناً فـ ليستمتع بها بقدر الامكان، هو  وحده من يعرف انه الوداع الاخير..

أغلق باب شقته ولم يستطيع اغلاق قلبه، استمع لبكائها، فحزن أكثر، وضع جبينه على الباب وبداخله صراع قوى بين قلبه يحثه على الدخول واحتضانها ضارباً بمخاوفه عرض الحائط، وعقله يحثه على  الاستمرار في قراره بالابتعاد عنها ... امتثل لعقله واتجه صوب شقة فارس ودق الجرس حتى فتح فارس وأثار النعاس على وجهه، فتحدث بصوت أجش : في ايه، رايح فين على الصبح.
هتف مالك باقتضاب : ماشي هابدأ في تنفيذ كلامي، خلى بالك منها لو حصل حاجة قولي، انا نبهت عليها لو عازت حاجة تقولك، مش هاوصيك عليها، انا ماشي...
التفت لكي يغادر فمسك فارس يده ليقول : طيب انت مروح بيتك ولا رايح فين؟!.
هز مالك رأسه بنفي قائلاً:  لا هاقعد في اوتيل، لغاية ما عمها يتصل، خلي بالك منها يا صاحبي..
____

قلوب مقيدة بالعشقWhere stories live. Discover now